المحاضرات المتعلقة بـ التوحيد

عدد النتائج: ٤

الأسئلة والأجوبة المتعلقة بـ التوحيد

عدد النتائج: ۱
السؤال: حجية اولياء الله و الفرق بن الولي و الامام و كيفية تشخيص الولي الالهي

الكود: ۵٦٦٩القسم: الأخلاق والعرفان
بسم الله الرحمن الرحيم، لقد قال العلامة الطهراني رضوان الله عليه في كتاب الروح المجرد الصفحة ۱٩٦(وذلك في النسخة الفارسية أما في النسخة العربية ففي صفحة ۲۰٦ (المترجم) )، وذلك بعد إثبات ولاية جناب السيد هاشم الموسوي الحداد رضوان الله تعالى عليه: إن فعل أولياء الله حجة.
و لقد تبادر إلى ذهني عدة أسئلة تتعلق بهذا الأمر، أرجو منكم أن تجيبوا عليها:
۱ ـ ما العلاقة بين مقام الولاية وبين مقام الإمامة، وهل يمكن لغير الأئمة المعصومين عليهم السلام أن يكون لديه هذا المقام؟
۲ ـ هل من الممكن أن يصدر عن شخص الولي أي خطأ من الأخطاء، بعد أن وصل إلى هذا المقام؟
۳ ـ هل كان هؤلاء الأشخاص الذين يطلق عليهم أولياء الله موجودين أيضاً، في زمن الأئمة المعصومين عليهم السلام، وكيف كانت علاقة ولايتهم بالناس، وبشخص الإمام المعصوم عليه السلام؟
٤ ـ ما هي الطريقة التي يمكن من خلالها تشخيص هكذا إنسان؟
بسم الله الرحمن الرحيم

إجابة السؤال الأوّل: إن النسبة بين مفهوم الولاية و الإمام – من الوجهة المنطقية – هي العموم و الخصوص المطلق. وذلك بمعنى وجوب تتحقّق الولاية لتتحقّق الإمامة، لا بالعكس. ولكي تتضح هذه النقطة، سنعمد إبتداءً إلى تعريف و توضيح الولاية: لقد اعتبر (المصباح المنير) ((وَلْيْ)) مثل ((فَلْسْ)) أنه بمعنى القرب. و كذلك في (صحاح اللغة) قال: كُلْ مما يَليكَ، أي مما يقاربك والوليّ يطلق على الشخص الذي يتكفل أمر شخص آخر، وفي (أقرب الموارد) قال: الـ((وَلْيُ)) حصول الثاني بعد الأول من غير فصل، وَلِيَ الشّيءَ وعليه وِلايةً و وَلايةً أي أنه أصبح مستولياً و مسلّطاً على ذلك الشيء، و من هذا الباب ((والي البلد)). وفي (مجمع البحرين) قال: أولى الناس بإبراهيم، يعني: أحقُّهم به و أقربهم منه، من الوَلْي وهو القرب.

إن التحقيق في المعنى اللغوي للولاية في الآية الشريفة {إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ} ، و التي يُعتبر مصداقها عند الشيعة و السنة أمير المؤمنين عليه السلام. و بناءً على هذا، تصبح ولاية الله على العبد صادقة أيضاً، لأنّه أقرب إلى الإنسان من حبل وريده {وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ} ، كما أن زمام أمور حياة الإنسان ومماته بيده، حيث يقول: {بيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ} ، وهي تصدق كذلك من العبد على الله ، حيث: المؤمن ولي الله، أو كما نقول في الشهادة: أشهد أن علياً ولي الله. التي تأتي هنا بمعنى قرب العبد من الله قرباً خاصاً، بحيث لا يكون هناك مجال أبداً لشائبة تركّب الغير فيه. ولذا قالوا في اللغة: الولاية حصول الشيئين بحيث ليس بينهما ما ليس منهما.

إن نتيجة هذا القرب الذي لازمه الوحدة، أن تتجلى آثار الشيء في الوليّ، وعندما يصل العبد في مقام العبودية إلى هذه الرتبة من خلال غلبة الجنبة العِليّة في حضرة الحق، فإن ذات العبد تتبدّل و تتحوّل إلى آثار و ظهورات ذات الله. و هذه المسألة هي معنى ومفهوم الحديث القدسي المعروف الذي يقول: ((ما يتقرب إلي عبد بشيء أحب إليّ مما افترضته عليه فكنت سمعه الذي يسمع به و بصره الذي يبصر به و لسانه الذي ينطق به ويده الذي يأخذ بها...)). في هذه الصورة التي يكون فيها قول و تفكّر ولي الله خارجاً عن الكيفية و الصبغة البشرية، وسيكون داخلاً في الصبغة الإلهية و الجوهر الربوبي. وقد ورد أيضاً في الحديث القدسي: ((عبدي أطعني حتى أجعلك مثلي فأنا أقول كن فيكون وتقول لشيء كن فيكون)) ، فهذا حقيقة ومعنى الولاية، سواءً الولاية من ناحية العبد أم من ناحية الله.

إذاً الولاية ليست بمعنى السلطة و السيطرة وهيمنة و الحكومة، بل هي بمعنى القرب، ولكن هذا التقرّب في الطرفين – العبد و الله – يتجلى بصورتين من الظهور مع الحفاظ على أصل الحقيقة و جذورها. فالولاية من ناحية العبد هي نفس فناء ذات العبد في ذات الله والتي توجب جلب و جذب وإنزال النفحات الجمالية وبارقات الأسماء و الصفات الكليّة للحق على قلب العبد. وهذه الولاية نفسها من ناحية الله تعني إفاضة رشحات آثار الجمال و الجلال على قلب و ضمير العبد، وسلب الاختيار و الإرادة منه لتحل إرادة الله و مشيئته محلها، والتي ستُمكّن العبد عندها من القيام بالأمور التي هي من شؤون إرادة و اختيار حضرة الحق.

يقول ابن الفارض العارف المصري العظيم رضوان الله عليه في هذا الصدد:

هي النفس إن ألقت هواها تضاعفت  ***  قِواها و أعطت فِعلها كلّ ذَرّة

أيّ: إذا تم مخالفة أهواء النفس و مجاهدة ومعارضة ما تشتهيه، فإن غِذاءها سيتزايد على الدوام إلى الحدّ الذي سيصبح لها استيلاءاً و سيطرةً و هيمنةً على ذرّات العالم كافة.

إن هذه المرتبة ستكون في متناول الأنبياء الإلهيين و حضرات المعصومين عليهم السلّام و كذلك الأولياء الإلهيين. وهي شرط الزعامة و الإمامة و القيادة، لأنّ الإنسان لن يستطيع أن يجعل مدركاته و ميوله و بروزاته و ظهوراه إلهية و ربوبيةً مئة في المئة، إلاّ أن يعبر عن ذاته و نفسه و أن يطوي مراتب الأهواء و الميول النفسانية حتى آخر المراحل و أعمقها؛ فكم هي كثيرة تلك التراكيب المكوّنة من الأهواء و من مقدارٍ من عالم الغيب، لكنّها لا تصلح لأن توضع في موقع الأسوة و القدوة.
وعلى هذا الضوء نجد أنه ورد في الآيات الإلهية:{وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ وَإِقَامَ الصَّلَاةِ وَإِيتَاء الزَّكَاةِ وَكَانُوا لَنَا عَابِدِينَ} ؛ أيّ: نحن جعلناهم أئمّة يهدون الناس و الخلائق بأمرنا و إرادتنا و مشيئتنا نحو الله تعالى و نحو الكمال ( لا يفعلون ذلك من تلقاء أنفسهم، و لا على أساس أهوائهم أو طبق ذوقهم الشخصي)، ولقد أوحينا إليهم أن يقوموا بفعل الأمور الخيّرة و أن يُقيموا الصلاة و أن يُؤتوا الزكاة، و هم بتمام شراشرهم وبنحو مئة في المئة يعيشون في مقام العبوديّة و الانقياد التام لنا. وقد أطلق بهذا اللحاظ لفظ الإمام و ولي الله في لسان القرآن عند حديثه عن عباد الله الخالصين على الأشخاص الذين يقال عنهم أنّهم طووا هذه المرحلة من عبور مرتبة إرادة و رغبة النفس.

بناءً على هذا، يمكن للشخص أن يعبر المراحل المختلفة لعوالم النفس، من خلال رعاية الضوابط الشرعيّة على النحو الأتمّ، ومن خلال القيام بالرياضات الشرعيّة، و السير و السلوك إلى الله ،و مخالفة الأهواء النفسية و الميول الدنيوية، و اجتناب البحث عن الرئاسة و التفوّق الطلبي، و من خلال الخشية، و بالانقياد التامّ والطاعة الكاملة لأوامر و دساتير الأولياء الإلهيين، وهذا الشخص سيصل إلى مقام و مرتبة الولاية الإلهية، وسيصبح وليّاً كاملاً لله عز وجل، لأنّ تحقّق هذه المرتبة في وجود هكذا شخص لم تكن اعتباريّة، وإنّما نشأت هناك جنبة تكوينيّة و واقعيّة، لا أنّها كسائر الاعتبارات الشرعيّة التي يكون وضعها و رفعها بيد الله.

إنّ شخصاً كهذا أصبح لديه القابليّة لإحراز عنوان الإمام، سواءً تعلّقت إرادة الله بأن يصل إلى هذا المنصب أو بأن لا يصل، وسواءً أُمر بالقيام بالهداية أم لم يُأمر. فعلى هذا الفرض، يصبح كلامه كلام الإمام عليه السلام، و فعله فعل الإمام عليه السلام، ولكن مع فارق: أنّه وبسبب كون النفس المطهّرة للإمام عليه السلام ذات سعة كليّة تحصي تعيّنات عالم الوجود كافة، فقد حمّله الله مسؤليتين و وظيفتين؛ الوظيفة و المسؤولية الأولى: إبانة الطريق و الهداية و الإرشاد نحو مراتب التعالي في المعرفة و الكمال، و التي هي نفس المعرفة الحقيقية و الشهودية لذات الله عز وجلّ، وذلك عن طريق بيان الأحكام و البرامج و التربوية و عن طريق التزكية. أمّا الوظيفة الثانية للإمام عليه السلام فهي: منح الفعليّة للنفوس ذات الاستعداد و القابليّة و إيصالها إلى المراحل و المراتب المتفاوتة للسعادة و الشقاء؛ حيث تعود هذه المسؤولية إلى الفعل التكويني و الولاية التكوينة التي للإمام عليه السلام.

أمّا ولي الله فليس لديه مثل هذه المسؤوليّة العظمى و العامة و الشموليّة، و إنّما تقع مسؤوليته ووظيفته فقط ضمن نطاق أفراد معيّنين، و بالطبع فإن حدود إرشاده و هدايته و كذلك تربيته و تزكيته للأفراد ستكون موسّعة تارة و مضيّقة تارة أخرى وذلك على حسب تشخيص ولي الله نفسه و ذلك من خلال الارتباط بالمبدأ الأعلى.


إجابة السؤال الثاني: إن البحث في الخطأ والاشتباه في فعل ولي الله يرجع إلى كيفية إرادته و رغبته بما يتعلّق بحوادث المحيطين به. و بالالتفات إلى النقاط المعروضة في السؤال الأوّل، سنجد أنّ أساس لهذا السؤال صار منتفياً، وذلك لأن الخطأ و النسيان عند الإنسان منشأه عدم العلم بحقائق الأمور أو الوقائع في المسائل الاجتماعيّة و الشرعيّة و الشخصيّة، و أمّا عند انكشاف الأُمور الغيبية و الحقائق المخفيّة في نفوس الأفراد العاديين مهما وصلوا إليه من مراتب علميّة، عندها لن يكون هناك أيّ معنى أو مفهوم للجهل و الإبهام في هذه الأمور.
وعلى هذا الأساس، سيكون الاشتباه منتفياً عند ولي الله فيما يتعلّق بالأمور الاجتماعية و الدستورات التربويّة و الأوامر و النواهي، وكذلك سيكون لديه قطع ويقين فيما يتعلّق بأحكام ومبادئ الشرع المقدّس، و الاطّلاع على ملاكات الأحكام، ومن هذه الجهة و بواسطة تشرّبه لحقيقة ولاية الإمام عليه السلام لن يكون هناك تصوّر للخطأٌ أو الاشتباه عنده ولا بأي وجه من الوجوه، وذلك بخلاف الأفراد العاديين من أهل العلم والاجتهاد، حيث أن هناك احتمال تام لأن يتطرّق الخطأ إلى فتاويهم بل هو واقع. ومن هنا ظهر إلى الوجود ذلك الأصل المسلّم في خطأ البحث الكلامي الشيعي.

بعد اتّضاح هذا الأمر نشير إلى هذه النقطة؛ فنقول: إنّه من الممكن لوليّ الله أن يُبتلى بالخطأ في الأفعال العاديّة و الظاهريّة مثل الأكل، و المشي، و الأمر والنهي بالأمور العاديّة و اليوميّة؛ حيث أنّه على أساس المصلحة والعناية التي تهدف إلى حفظ حريم الولاية و الإمامة، و بسبب احتمال تشبيهه و تصوّر مماثلته للإمام عليه السلام من قبل بعض الأفراد قليلي النظر وغير المطلعين، فإنه لا يخرج نفسه من مرتبة الحضور العلمي بالأشياء إلى مرحلة فعليّتها في الذهن و الفكر، وإنّما يُقدم على إنجاز أموره بذلك الذهن و الفكر العادي.
مثلاً: عند تأليف كتابٍ ما فكم هي الأغلاط الإملائية أو التاريخيّة أو الإعرابيّة أو أمثال ذلك مما يشاهد عنده، أو في المسائل المتعلّقة بالتكاليف الظاهرية، قد يكتفي في بعض الموارد بالاكتفاء بالرجوع إلى المدارك و الأسناد لذلك التكليف الظاهري، مع أنه في نفس الوقت عالم و مطلّع على حقيقة الأمر، و هذه المسألة لا تتنافي مع الحجيّة الذاتيّة للعلم، لأن العلم الحاصل من جهة الطرق الظاهريّة و المباني العرفيّة و العقلائيّة هي مُنجّزة شرعاً لا العلم الحاصل عن طريق الشهود و الاتصال بالمبدأ و بحقيقة الولاية التي لها ذلك الحكم الخاص بها؛ مثل إطلاع الأولياء و المعصومين على المصائب و القضايا التي سترد عليهم، والتي أخبروا هم بأنفسهم عنها.

بناءً على هذا لا يوجد أي تعارض ولا بأي وجه بين كلام الأولياء الإلهيين وبين أوامر الأئمّة المعصومين عليهم السلام، فكلها تنبع من عين و نبع واحدة، نعم قد يحصل في بعض القضايا و الأحداث المختلفة تفاوت في الكلمات و المضامين مع حفظ أصل الحقيقة و تغيّر المصاديق والتي يجب أن تكون على هذا النحو.


إجابة السؤال الثالث: بصدد هذا الموضوع يمكن لنا من خلال الروايات والحكايات التي وردتنا حول أصحاب الأئمة عليهم السّلام – أن نحتمل تحقق ذلك فيما يتعلّق بالبعض منهم. فمن جملةٍ من كان من أصحاب الرسول صلى الله عليه و آله و سلّم كان سلمان من الحائزين لهذه المرتبة قطعاً، و التعبير الذي عُبِّر عنه من قبل النبي يبيِّن هذا المطلب فمن جملة: (( سلمان بحر لا يُنْزَف )) أي أن سلمان هو بحر لا يمكن الوصول إلى قعره، وهذا التعبير ينطبق وبشكل كامل على العارف الواصل، لأن العارف بالله استوجب تجلّي اسم العليم في قلبه من خلال وصوله إلى الذات اللامتناهية لحضرة الحق و اندكاكه فيها، ومن هنا نجد أن سعته الوجودية في مرتبة الماهويّة قد انتفت، ومن ثمّ وصل إلى الوجود الإطلاقي للحق و الذي لا يتناهى، ومن هنا فليس هناك حد و حدود لعلمه أو لقدرته أو لحياته، ولذا عبّر رسول الله بقوله: بحر لا يُنزف. كذلك، كثيراً ما يقع تحت أيدينا عباراتٍ من هذا القبيل في حق أويس و المقداد وميثم التمّار وحبيب بن مظاهر الأسدي، أمّا من أصحاب الأئمة عليهم السلام المتأخرين فيمكن أن نسمّي جابر بن يزيد الجعفي، و محمّد بن مسلم، كما وقد ذكر في كتب التراجم أيضاً أن بايزيد البسطامي تلميذ مدرسة الإمام الصادق عليه السّلام بالإضافة إلى معروف الكرخي الذي كان من تلاميذ حضرة ثامن الحجج عليهم السلام.

إن تذكّر هذه النكتة ضروريٌّ، وهي: إنّ الكثير من هؤلاء الأفراد في نفس الوقت الذي كان لديهم ارتباط مع الإمام عليه السّلام ، إلّا أنهم كانوا مختفين عن مرأى و منظر عامة الناس، ولم يكن هناك أحد يعرفهم أو يطّلع على حالهم، وقد أشار إلى هذه المسألة المرحوم الملا محمد تقي المجلسي رضوان الله عليه في رسالة ((تشويق السالكين)). وقد كانوا جميعاً يقومون تحت ولاية الإمام المعصوم عليه السلام بناءً لتشخيص التكليف بهداية و إرشاد الناس إلى ولاية الإمام.


إجابة السؤال الرابع: لقد وضّح الحقير هذه المسألة في المجلّد الثاني من كتاب أسرار الملكوت بشكل مبسوط و مشروح، و لكن بشكل مجمل المسألة كالتالي:
لأجل معرفة الإنسان الكامل وولي الله يجب أولاً: أن يكون كلاً من الولاية و الكمال مشخصّاً و معرّفاً لدى الباحث والسالك، و أن يعرف بشكل عام أين يكمن كمال الإنسان، وعلى أيّ فرد يُطلق الإنسان الكامل؟

لأنه قد شُوهد في هذا المجال الكثير من المدارس و الجماعات التي وضعت نفسها موضع الأولياء الإلهيين و العرفاء الكاملين بشكل مزيّف؛ من خلال طرح المواضيع الجذّابة و الأمور غير العاديّة و الطبيعيّة، وكثيراً ما يلجؤون للقيام ببعض الأعمال الخارقة للعادة التي تأسر العيون أو يخبرون ببعض الحوادث. والناس من كل صوب و حدب تجتمع حولهم مع عدم معرفتهم و لا اطّلاعهم على المعارف الإلهيّة الأصيلة، فيعتبرونهم أفراداً مميزين و استثنائيين، وهم بهذه الطريقة أوجبوا خسارة الفرص وإتلاف العمر و رأس المال الوجودي الذي أنعم الله به على البشر.

إذاً يجب أولاً و بالدرجة الأولى أن يعرف ما الولاية؟ وما العرفان؟ وما التوحيد؟ وإلى أي المراتب و المراحل يمكن للإنسان الكامل أن يصل إليه من المعرفة؟
عند ذلك: يبحث من خلال التحقيق في مسلكيّة ذلك الإنسان سواء في الليل أم في النهار، وفي السفر أم في الحضر، وفي الصحة أم في المرض، وفي الشدّة أم في الرخاء، ومن خلال التحقيق في انطباق عمله مع كلامه، بالإضافة إلى بيانه للمواضيع، و سطح و رتبة أحاديثه؛ وفي أي وادي و مجال يتكلّم عادة، وهل المواضيع التي يبيّنها كانت بناءً للمطالعة و الدراسة و البحث العلمي، أم هي بناءً للشهود و الاحساس القلبي. وبشكل عام فإنّ معرفة أيّ ولي إلهي من خلال المعايير المذكورة يجب أن يصاحبه نوع من الإطمئنان القلبي و سكون الخاطر . وهذه المسألة تعود إلى صدق و صفاء الإنسان و إلى حريّة الفرد السالك في الانتخاب . فعندما لا يكون في نفس السالك أي غلٍ و غشٍ، و عندما يصفّي قلبه و ضميره فيما بينه و بين الله، فليس هناك من خداع ولا مرض يصاحب بحثه و تحقيقه، عندها سيُظهر الله – طبق رواية الإمام الحسن العسكري عليه السلام ذلك الفرد الصالح و المتناسب مع ظرفيّته. وأمّا إذا كان في قلبه نوافذَ و أماكن لكي تبقى فيها النفس و والأنانيّة و الأماني الشخصيّة، فإن سعيه سيكون باطلاً و بحثه بلا نتيجة، وحتى إذا افترضنا أنه وصل إلى ولي الله، عندها لن يترتب على هذا الوصول أي فائدة ولا أثر.

و من باب المثال نذكر أحد النماذج على ذلك: في الزمن الماضي وقبل الثورة الإسلامية الإيرانيّة، جاء أحد الأفراد المعمّمين ذوي الحيثيّات إلى المرحوم الوالد، رضوان الله عليه، و كان يريد منه أن يعطيه تكليفه السلوكيّ و أن يبيّن المقدّمات الموصلة. فقال له المرحوم الوالد في الجلسة الأخيرة وذلك بعد أن عقدوا عدة جلسات من الحديث و الشرح و التوضيح للمواضع و المراتب: والآن بالنظر إلى المسائل التي طُرحت في الجلسات السابقة، إلى أي حد أصبحت جاهزاً لأن تجعل وجودك و آثارك الوجوديّة و التشأنيّة في طريق السير و السلوك و إطاعة الأستاذ و الانقياد للدساتير؟ بعد أن تأمّل ذلك الفرد المعمّم لعدة لحظات قال: لديّ الاستعداد و التهيؤ لإطاعة جميع الأوامر و الدساتير التي تفضّلت بها سابقاً، ما عدا الأمر الفلاني فقط فإذا تجيزون أن أقوم بإنجازه طبقاً لطريقتي الخاصة. فقال له المرحوم الوالد قدس الله سره: إنما كان سؤالي من أجل هذا الأمر. ولكن قد أصبح من المعلوم أنه ليس لديكم الاستعداد و التهيؤ للانقياد و الطاعة، وختمت تلك الجلسات.

يخطر على بالي بأن هذه المقالة قد أجابت إلى حدٍ ما على الأسئلة المذكورة، وبالطبع سعينا لأن تكون العبارات بسيطة قدر الإمكان، و أن تكون قابلة للفهم من قبل العموم، فصرفنا النظر عن ذكر الاصطلاحات و التعابير الغامضة، و إن شاء الله سنعمل على زيادة التوضيح بشكل أكبر و أكثر جامعيّة في المستقبل. و إن شاء الله موفقين و مرضيي المرام.

السيد محمد محسن الحسيني الطهراني.