عنوان البصري

التدبير و النظام الاجتماعي (عدد الجلسات: 19)

المؤلّف آية الله السيد محمد محسن الحسيني الطهراني

التوضيحشرح الفقرة التالية من حديث عنوان البصري: «ولا يدبّر العبد لنفسه تدبيرًا».
وقد عالجت هذه المجموعة من المحاضرات القيمة موضوع التدبير و التنظيم في الجانب الاجتماعي و السياسي.

التوضيحتتحدّث هذه المحاضرة حول فقرة أن لا يدبّر العبد لنفسه تدبيرًا وتطرح مشكلة التعارض بينها وبين ما دلّ على ضرورة التدبّر والتفكّر والتدبير والتنظيم من آيات القرآن الأمرة بالتدبّر فيه والمتحدّثة عن التدبير والنظام في السموات والأرض وسيرة الأولياء في الدعوة إلى أعلى مراتب التنظيم في مختلف مجالات الحياة.
وفي أثناء ذلك تعرّضت إلى موضوعات مختلفة:
كضرورة الاهتمام بالقرآن وتلاوته والتدبّر فيه مدى الحياة وعدم تركه للقراءة على الأموات وقد توسّعت في شاهد على التدبّر في آية ولا تقف ما ليس لك به علم
ضرورة صلاة الجمعة وأهميّتها وعينيّتها
مضامين خطبة الجمعة ومواصفات الخطيب
أهميّة الحجّ ومعنى الاستطاعة

التوضيحتتحدّث هذه المحاضرة حول فقرة أن لا يدبّر العبد لنفسه تدبيرًا، وتبيّن أنّ من المحال أن تدعو المدرسة الإلهيّة إلى عدم التدبير والتنظيم لأنّ عالم الوجود كلّه قائم على التدبير الإلهيّ والتنظيم، وكذلك في مجال التشريع لا بدّ أن يكون هناك تدبير وتنظيم ولكنّ هذا التدبير وفق المدرسة الإلهيّة يتمحور في جميع الشؤون الاجتماعيّة والفرديّة حول التوحيد، الأمر الذي يميّزها عن المدارس الماديّة ولو كانت بظاهر إلهيّ.
وفي هذا السياق تحدّثت المحاضرة عن نقطتين:
الأولى: بيان كيفيّة تدبير عالم الوجود وعدم وجود ظاهرة غير مدروسة وغير محسوبة فيه مهما صغرت، وقد ناقشت شعرًا لسعدي الشيرازي حول أنّ الملاك الموكّل بالرياح لا يبالي بإطفاء مصباح عجوز، واحتملت له احتمالين:
1ـ فإن كان المراد أنّه أثناء قيامه بواجبه الإلهيّ في مكان قد ينشأ عنه بعض اللوازم الفاسدة وغير المقصودة، فهذا محال على التدبير الإلهيّ الذي يقوم به الملائکة.
2ـ وإن كان بمعنى أنّ الملاك يقوم بما أمر به ولو كان إطفاء مصباح عجوز، فهو صحيح.
كما شرحت المحاضرة أثناء ذلك كيفيّة ارتباط الملائكة مع عالم المادّة، وأنّه من خلال عالم الملكوت، لا من خلال عالم المادّة، ولذلك لا يمكن أن يقع خلل في عملها واستشهدت لذلك بقصّة الزلزال الذي ضرب قريتين في همدان فقتل جميع أهل إحداهما حتّى من كان منهم في الأخرى بينما نجا أهل الأخرى جميعًا.
الثانية: محوريّة التوحيد في جميع الشؤون الاجتماعيّة والفرديّة، وقد توسّعت في ظهور محوريّة التوحيد في الشأن السياسي، مبيّنة مظاهر ذلك في سيرة رسول الله والأئمة عليهم صلوات الله أجميعن، فتحدّثت عن التوحيد في موقف أمير المؤمنين من عثمان بن حنيف وطلحة والزبير وفرار ابن عبّاس ببيت مال البصرة، وصلح النبيّ مع قريش في الحديبيّة وفتحه لمكّة. مؤكّدة على الفارق بين حركة رسول الله التي هي مظهر للرحمة والعطف والأبوّة والتوحيد ومحبّة النوع.

التوضيحتعالج هذه المحاضرة شرح فقرة أن لا يدبّر العبد لنفسه تدبيرًا وتستمرّ في حلّ إشكاليّة أمر الإمام الصادق أن لا يدبّر العبد لنفسه تدبيرًا واستناد التكوين والتشريع إلى التنظيم، لاستناده إلى الأسماء والصفات الإلهيّة المتنزّلة، الأمر الذي يقتضي أن لا يكون هناك اختلاف في القرآن الصادر عن الله ولا في النظام الكونيّ ولا في التشريع الناظر إلى الفطرة الثابتة.
ثمّ تفصّل ما طرحته في المحاضرة السابقة من محوريّة التوحيد في نظام الحكومة الإسلاميّة، مفصّلة معالم هذه الحكومة مبيّنة اتّحاد الدين والسياسية وأنّ معاوية أوّل من فصلهما عملاً، مستشهدة بمواقف أمير المؤمنين عليه السلام التي تبيّن عدم قيمة الحكومة في نفسها بالنسبة إليها إلاّ أن يقيم حقًّا ويبيّن الحكم الشرعيّ حتّى أثناء القتال، وبخطبة له عليه السلام بعد معركة صفّين يؤكّد فيها على عدم الثناء عليه وأنّه أدّى دينًا كان في ذمّته لا أكثر، وبعهده لمالك الأشتر واهتمام الأعاظم به وتوصيتهم بضرورة مطالعته على الدوام. كما تعرّضت أثناء ذلك إلى كيفيّة تعاطي المرحوم العلاّمة في مسجد القائم ودقّة إدارته له في كافّة الشؤون الماديّة والتربويّة ثمّ تركه له عندما استتبّت الأمور بأمر من أستاذه.

التوضيحتتابع هذه المحاضرة شرح فقرة "أن لا يدبّر العبد لنفسه تدبيرًا"، متسمرّة في بيان محوريّة التوحيد والمصلحة العامّة في نظام الحكومة الإسلاميّة في مقابل محوريّة الشخص والمصالح الشخصيّة في الحكومات غير الإلهيّة، وقد تناولت بالدراسة آثار هذه المحوريّة فذكرت أربعة منها:
1ـ عدم الفارق بين الحاكم وغيره: لأنّ قيمة الأعمال بالنوايا ويمكن للجميع أينما كانوا أن يسيروا في خدمة مشروع التوحيد.
2ـ زوال الطبقيّة: فلا طبقة للنوّاب ولا للوزراء ولا لطلاّب العلوم الدينيّة، وأمّا اللباس الخاصّ الآن لهم فهو ليس لباسًا خاصًّا بحسب الثقافة الإسلاميّة الأصيلة وينبغي للجميع أن يلبسوه، وقبل ذلك لا ينبغي أن يتميّز المعمّمون عن غيرهم في المجتمع وفي المجالس، وهكذا كانت سيرة المرحوم العلاّمة في نفسه وفي مجالسه، وقد تعرّض لقصّته في الانتظار في العيادة مع المرضى وعدم رضاه بالتقدّم علىهم. كما ذكر سماحة المحاضر رضوان الله عليه خاطرة عن زيارته إلى حرم الإمام الرضا عليه السلام وكان مستودع الأحذية مزدحمًا فخطر في نفسه أن يظهر نفسه للعامل ليقدّمه ثم عدل عن ذلك.
3ـ توجّه الدعوة إلى الجميع: لأنّهم يتمتّعون بالفطرة الإلهيّة التوحيديّة ولهم الحقّ في أن يخاطَبوا ولا يهمّشوا ملوكًا كانوا أم عوامّ مسلمين كانوا أم غير مسلمين، وهكذا كانت سيرة رسول الله صلّى الله عليه وآله في دعوته حيث أرسل إلى الملوك في عصره ولم يهمّش أحدًا.
3ـ الدعوة بالمنطق واللين: عملاً بقوله تعالى (فقولا له قولاً ليّنًا لعلّه يتذكّر أو يخشى) واقتداء بما صنع جعفر الطيّار رضوان الله عليه حين خاطب النجاشي، ولم يحمل عليه عصا ولا سيفًا، ولم يعبأ لما حوله من زينة الملك.

التوضيحتستمرّ هذه المحاضرة في بيان آثار محوريّة التوحيد في الحكومات الإسلاميّة الإلهيّة ضمن شرح فقرة أن لا يدبّر العبد لنفسه تدبيرًا، فتذكر أثرين:
1ـ عدم استهداف الموقع والمكانة والتوسّع والسيطرة
2ـ انعدام الحدود والقوميّات بين المسلمين فليس هناك مسلم خارج عن الدولة الإسلاميّة.
وقد مثّلت لتلك الآثار بكلّ من حركتي الإمامين الحسنين عليهما السلام:
ـ سيّد الشهداء عليه السلام من خلال شرح الشعار الذي أطلقه في ثورته (لم يكن ما كان منّا منافسة في سلطان ولا التماسًا من فضول الحطام ولكن لنري المعالم من دينك...)
ـ والإمام الحسن عليه السلام وبيّنت أنّ صلحه حقّق تلك الأهداف تمامًا كثورة الحسين عليه السلام وتوقّفت عند مظلوميّة الإمام الحسن عليه السلام حتّى من قبل شيعته بتفريقهم بينه وبين أخيه وتفضيلهم الانتساب إليه، ومعنى الرواية التي تجعل انتقال الإمامة إلى ذريّة الحسين عليه السلام بسبب ثورته.
ثمّ تحدّثت عن خصوصيّات شهداء كربلاء فذكرت لهم ثلاثًا:
1ـ عشّاق لا يرون إلا المعشوق
2ـ يريدون الحسين لنفسه لا لانتصاره
3ـ لا يفكّرون في بقاء اسم لهم بعد شهادتهم أو بناء قبّة أو ضريح. كلّ ذلك جعل تلك الثورة قدوة.

التوضيحتناولت هذه المحاضرة مفهوم الشعار وضوابطه عمومًا وفي الحكومة الإسلاميّة خصوصًا، فبيّنت أنّ الشعار بمعناه الحقيقيّ هو الهدف وليس المحرّك للمشاعر، ولا بدّ أن يكون منسجمًا مع فكر المدرسة وعقيدتها، ولذلك فإنّ شعار الإسلام هو مرتبة التوحيد التي تعبّر عنها كلمة الله أكبر وهي تعني توحيد الذات توحيدًا يفوق إدراك العقل والوصول إلى مقام الجمع بين الوحدة والكثرة والبقاء بعد الفناء، ولا يتحقّق ذلك إلا بالصلاة التي هي الفلاح وخير موضوع وقربان كلّ تقيّ وخير العمل، وقيمتها أن تكون تحت الولاية لا بعيدًة عنها أو في مقابلها، ولذلك كان أمير المؤمنين يعظمها حتّى أثناء الحروب، في حين أنّ الخليفة الثاني حذف شعار حيّ على خير العمل من الأذان خوفًا على الحروب. وتعرّضت المحاضرة إلى بعض الفوارق بين حكومتي الحقّ والباطل كتلبية حاجات الوجدان والفطرة والعقل والإجابة على التساؤلات بدلاً من العصا.
وختمت بالحديث عن ضرورة الدقّة في التعبير عن الشعارات الإسلاميّة وأنّ شعار سيّد الشهداء هو متابعة الحقّ لا بذل الدماء.
وتعرّضت أثناء بعض ذلك إلى شواهد تاريخيّة كموقف الربيع بن خثيم الزاهد من القتال مع أمير المؤمنين، وموقف الخوارج.

التوضيحتتابع هذه المحاضرة شرح عبارة أن لا يدبّر العبد لنفسه تدبيرًا مبيّنة دقّة المرحوم العلاّمة في انتخاب العبارات والشعارات بما يناسب التوحيد، وتستمرّ في دراسة شعار حكومات الأنبياء واختلافه عن شعارات السلاطين، وحيث إنّ الصلاة والتوحيد شعار الحكومة الإسلاميّة تتناول المحاضرة واقع الصلاة عند أولياء الله وغيرهم.
ثمّ تبيّن دور الحاكم في تطبيق الشعار وذلك من خلال تحقيق الأمن على أنواعه من مالي اقتصاديّ، إلى اجتماعيّ إلى فكريّ واعتقاديّ، إلى مهني ومستقبليّ، كلّ ذلك في سبيل الوصول إلى حالة يمكن للإنسان فيها أن يوصل استعداداته إلى كمالها، خلافًا لحكومات الدنيا حيث لا تفكّر في ذلك أصلاً بل ترى في تحقيق أنواع الأمن غاية مستقلّة.
كما تحدّثت عن طريقة أمير المؤمنين عليه السلام في الجواب على المعترضين ووصاياه لمالك الأشتر في جعل أفضل المواقيت لنفسه وضرورة تنظيم كلّ إنسان لوقته وعلاقاته واتّصالاته مع الناس واحترام الوقت والالتزام بالمواعيد الدقيقة كما عليه الغربيّون الذين يصيبون في هذا الأمر، وهذا الأمر كان سرّ نجاج المرحوم العلامة في تأليفاته.
كما تحدّثت عن شعار المرحوم العلامة عام اثنين وأربعين والذي كان مقطعًا من دعاء الافتتاح وعن رغبته في محاورة الشاه وطريقة النبيّ صلّى الله عليه وآله في إرساله إلى الملوك مقارنة ذلك بمنطق هارون وعمر في حبّ التوسّع والالتذاذ بالفتح بنفسه وكيفما حصل وبأيّ وسيلة، في حين أنّ أمير المؤمنين كان يقوم بالتكليف ولو بفتح الماء للعدو والهزيمة.

التوضيحتتابع هذه المحاضرة شرح فقرة ولا يدبّر العبد لنفسه تدبيرًا، وتدرس ارتكاز النظام التربويّ الإسلاميّ إلى مبدأ حتميّة اختلاف أوضاع الناس أفرادًا ومجتمعًا في سيرهم التكامليّ إلى الله، ما بين صحّة ومرض، وشدّة ورخاء، وهزيمة ونصر، وكون ذلك واقعًا خارجًا عن اختيار المكلّفين ولا بدّ أن ينسجموا معه في المرحلة الأولى، وإن أمكن أن يدركوا بعض حكمه وعلله في المراحل اللاحقة، ومن تلك الحكم كون حالات الشدّة والعسر مخفّفة من غرور الإنسان ومزيلة للحجب عن قلبه، كما أنّها تثبّت الإنسان وتقوّيه تمامًا كالشجرة التي تكون في معرض الرياح فتتجذر في الأرض أكثر من التي تكون بعيدة عن الرياح. ومن علل ذلك اختلاف الأسماء والصفات الإلهيّة التي لا بدّ أن تظهر كلّها، ومن أهدافه وغاياته تحقيق رجوع الإنسان إلى المبدأ وتركه لكلا حالي الشدّة والرخاء والتوجّه إلى الله وحده.
أمّا رؤية أهل الظاهر فهي ضرورة أن تكون الحياة على نمط واحد من السلامة والفرح والنصر والظفر، وإن لم يحصل ذلك يشعرون بالخيبة والخسران.
ويترتّب على كلّ ذلك أنّ هدف الحكومة الإسلاميّة والحاكم الإسلاميّ هو التوحيد لا النصر والتكامل الظاهريّين، ولذلك فهي تقوم بالتكليف ـ ما يعيّنه الشرع والعقل والعرف العاقل ـ لا إرضاء الناس المتقلّبين في إقبالهم وإدبارهم، ومن أمثلة ذلك حركة أمير المؤمنين إلى صفّين من دون حتميّة التوفيق في اقتلاع معاوية بأيّ طريقة وثمن، وعزل شريح القاضي، وصلاة التراويح.
كما بيّنت بعض النقاط لمناسبة ما للمقام فبما أنّ نظام التربية يرتكز إلى اختلاف الحالات وأنّها ستمرّ على أيّ حال، لذلك فلا داعي لمعرفة المغيّبات وما سيجري، ولذلك لا تهتمّ مدرسة العرفان بذلك. ولا يسأل الإنسان عنه في القبر، وإنّما يسأل عن معرفته بإمامه معرفة لا تقتصر على الهويّة الشخصيّة فأعداء الأئمّة كعليّ بن أبي حمزة كان يعرف اسم الإمام واسم أبيه.
كما استشهدت لكثير من المبادئ بمواقف من سير الأئمة عليهم السلام وخصوصًا أمير المؤمنين عليه السلام في صفّين ومع شريح القاضي وصلاة التراويح. وتحدّثت عن أسباب ابتلاء المرحوم العلاّمة بتمزّق الشبكيّة.
ثم ختمت المحاضرة بالحديث عن بعض خصوصيّات شهر رجب والوصايا المتعلّقة به.

التوضيحتتابع هذه المحاضرة شرح فقرة ولا يدبّر العبد لنفسه تدبيرًا وتستمرّ في بيان قواعد الحكم والإدارة في الإسلام، وتتوقّف عند مبدأ الشورى وعلل تشريعه وكيفيّته وموارد عدم اعتماده، فهو لتقليل احتمال الوقوع في الخطأ في حالة عدم وجود معصوم، وليس المهمّ فيه الأكثريّة، وإنّما المهمّ فيه الوصول إلى الحقّ بواسطة تبادل وجهات النظر بشكل جادّ غير شكليّ للإيحاء إلى الناس بأنّ لهم دورًا وأهميّة. وبيّن سماحة السيّد رضوان الله عليه أنّ هذا الموضوع الذي تتوقّف عليه حياة المجتمع وموته لم يأخذ حقّه من الدراسة والتطبيق وخصوصًا في ظروف الحركة الدستوريّة؛ وذلك لأنّه نحّي أصحاب النظر الثاقب وترك الميدان لأصحاب المعادلات العلميّة المتعارفة ما أدّى إلى تلاعب الاستعمار بحركتهم وخداعهم ولم يلتفتوا إلا بعد فوات الأوان.
وقد تحدّثت المحاضرة عن نقاط أخرى ذات صلة بالموضوع منها قصّة إدخال الجارية على الإمام الكاظم عليه السلام وكيفيّة تبديل أحوالها. ومنها أحداث التخطيط لمعركة أحد. ومنها كيفيّة قتل الآخوند الخراساني على أيدي عملاء الإنجليز، وبعض خصوصيّات ومواقف الميرزا الشيرازي والشيخ فضل الله النوري.

التوضيحتتابع هذه المحاضرة شرح فقرة أن لا يدبّر العبد لنفسه تدبيرًا، وتتحدّث عن مصداق من مصاديق التدبير وهو الالتزام والوفاء بالعهود والشروط، وتتعرّض إلى بحث فقهي حول نوعيّ الشروط: الذي يكون في ضمن عقد لازم، والابتدائي وكلاهما واجب الوفاء عند المحاضر رضوان الله عليه.
كما تابعت موضوع الشورى الذي طرح في المحاضرة السابقة، وبيّنت أنّ الهدف منها هو اتّباع الحقّ، وأنّ موردها عدم وجود الإمام المعصوم والإنسان الكامل اللذين يطّلعان على نتائج الخطوات وآثارها إلى يوم القيامة ، أو عند عدم التمكّن من الاتّصال بهما. كما أنّها تُعتمد في تشخيص الموضوعات دون الأحكام نفسها.
وقد بيّنت ذلك ضمن شواهد تاريخيّة من سير الأئمّة عليهم السلام وابتلائهم بعدم تقدير من حولهم لمقام علمهم ومعرفتهم، بدءًا من أحداث مقتل عثمان مرورًا بموقف زيد الشهيد من الإمام الباقر عليه السلام، ويحيى بن زيد وأبناء عبد الله المحض من الإمام الصادق عليه السلام.

التوضيحتتابع هذه المحاضرة شرح فقرة (أن لا يدبّر العبد لنفسه تدبيرًا) وتؤكّد على القاعدة التي يرتكز إليها العقلاء في حياتهم وهي اتّباع الواقع أو الطريق الأقرب إليه عند عدم وضوحه. وأنّ هذه القاعدة يجب اتّباعها في كافّة الأمور حتّى النفسيّة، ومن ذلك موضوع التفكير بالذنب.
ومن مصاديق هذه القاعدة اتّباع الإمام المعصوم عند وجوده وإمكان التواصل معه ولو اتّبعت الشورى حينها فهي مخالفة لحكم العقل وملعونة.
كما أنّ من مصاديقها اتّباع الشورى عند عدم إمكان التواصل مع الإمام المعصوم. ومورد الشورى هو الموضوعات دون الأحكام، وقد بيّنت المحاضرة بالأمثلة الفقهيّة الفارق بين الموضوع والحكم وأنواعًا من الموضوعات والتي لا يتعرّض الشارع لبيانها إلا نادرًا كموضوع السفر والموت، أمّ المتروك فإمّا أن يكون واضحًا لدى العرف أو يحتاج إلى أهل الخبرة، مؤكّدة ضرورة الشورى في هذا القسم الأخير.
كما فسّرت آيتي الشورى في القرآن: (وشاورهم في الأمر) ـ (وأمرهم شورى بينهم). ومقطعًا من عهد أمير المؤمنين إلى مالك الأشتر (وأكثر مجالسة العلماء ومنافثة الحكماء) مبيّنة أثناء ذلك أهميّة الشورى وآثارها.

التوضيحتتابع هذه المحاضرة شرح فقرة (أن لا يدبّر العبد لنفسه تدبيرًا)، وتتحدّث حول ثلاثة مواضيع أساسيّة، بعضها لمناسبة زمان إلقائها.
الأول: حقيقة العبوديّة وأنّها استبدال العبد إرادته بإرادة الله. وتعرّضت أثناء ذلك لبعض المعاملات التجاريّة التي مثِّل بها للموضوع. ولأثر كلام الإمام الصادق عليه السلام على النفس مع بعض الشواهد والقصص.
الثاني: تفويض المسؤوليّة إلى من يليق بها وهو أصل المحاضرة حيث تابعت بيان مبادئ الحكومة الإسلاميّة وانتقلت إلى الحديث حول هذا المبدأ، عارضة للجدل الذي كان دائرًا حول أولويّة التخصّص في المسؤول أو الالتزام والتعهّد وتحمّل المسؤوليّة. وقد عرّفت كلاً من العنصرين وبيّنت ضرورة كلّ منهما ممثّلة بخلافة أبي بكر على عدم أهليّته لمنصب خلافة النبيّ صلى الله عليه وآله وبطلحة والزبير وعدم أهليّتهما لأن يتولّيا أيّ منصب في حكومة أمير المؤمنين عليه السلام. وقد انتهت من هذا البحث إلى كون الاختصاص هو المهمّ والأساس، مع درجة من الالتزام بما يكفي للقيام بالمسؤوليّة ولو كانت من نوع الالتزام الوطني أو الإنساني، وإن كانت الدرجة العليا هي الالتزام الإلهيّ.
ثمّ تعرّضت إلى مواقف العلاّمة الطهراني وجهوده واقتراحاته في كيفيّة تنظيم الثورة والحكومة الإسلاميّة بعد انتصارها، من ضرورة المحافظة على الإخلاص وعدم العمل طلبًا للمواقع، وضرورة استقطاب أهل الاختصاص والالتزام غير الإلهيّ للاستفادة من خبرتهم وتقريبهم إلى الالتزام الإلهيّ.
الثالث: حول شهر رمضان وأهمّ النقاط فيه:
بيان مراتب الصوم الثلاث: صوم العوام والخواص وخواص الخواصّ.
وصايا حول كيفيّة الطعام ومقداره فيه
إحياء العشر الأواخر من لياليه
إصلاح المشكلات القلبيّة مع الناس

التوضيحتتابع هذه المحاضرة الحديث حول التدبير الوارد في فقرة ولا يدبّر العبد لنفسه تدبيرًا، وذلك في خصوص التدبير الاجتماعيّ وبها ينتهي الحديث عنه. وهي تخصّ بالحديث أهم مبدأ من مبادئ الحكومة الإسلاميّة وهو ضرورة تحقيق الأمن الأخلاقيّ، وتعقد مقارنة بين أنواع الأمن المطلوبة في الحكومة الإسلاميّة والأخرى المطلوبة في الحكومات المعاصرة، فهناك أنواع من الأمن مشتركة بين الصنفين وهي: الأمن على الأرواح والأموال والأعراض والاستقرار الاقتصادي والعدالة الاجتماعيّة بين الناس، ولكنّ الحكومة الإسلاميّة تمتاز بكون ذلك كلّه في خدمة الأمن الأخلاقيّ المتمثّل بالتزكية والوصول إلى التوحيد. مستشهدة لذلك بآيات من القرآن (ليقوم الناس بالقسط) (ويزكّيهم) وبحديث أمير المؤمنين حول الهدف بعثة الأنبياء (ليثيروا فيهم دفائن العقول)، مؤكّدة أنّ قيمة البعد الروحيّ عند الإنسان بالنسبة إلى البعد الجسديّ كقيمة الصفر إلى اللانهاية، ولذلك فإنّ السيّد الحدّاد كان يقول: نحن في مقام لا يتخيّله جبرائيل.
كما عقدت المحاضرة مقارنة بين الديمقراطيّة المطروحة في الحكومات المعاصرة والديمقراطيّة الحقيقيّة المطروحة في حكومة الأنبياء، فالأولى في دائرة المادّة وتتيح للنّاس تيسير الحياة الماديّة لا أكثر وتمنع عنهم الاعتداء الماديّ، في حين أنّ الديمقراطيّة الحقيقيّة تتيح للناس على قدم المساواة البلوغ إلى الكمال والتزكية.
كما تحدّثت حول فرعين من فروع الأمن الأخلاقيّ وهما:
ـ حريّة التعبير فبيّنت حدودها ودائرتها واستشهدت لضرورتها بسيرة أمير المؤمنين وكيفيّة تعاطيه مع الخوارج على الخصوص.
ـ طبيعة الإعلام حيث ينبغي أن يكون في سبيل تنمية العقل والمعرفة والابتعاد عمّا يسبّب التشويش.
كما ختمت المحاضرة بخلاصة لبحث التدبير الاجتماعيّ وأنّ كلّ ما طرح في المحاضرات السابقة من مبدأ الشورى وغيره يتمحور حول التوحيد.

التوضيحالتدبير بأدقّ معانيه مطلوب مع التزام ظاهر التشريع وإخلاص النيّة والتسليم وعدم النظر إلى النتائج، والنهي هو عن التدبير المقرون بالتعلّق النفسي والتخيّلات والانخداع بخدع الظاهر والباطن.
تابعت هذه المحاضرة شرح فقرة ولا يدبّر العبد لنفسه تدبيرًا، ووصلت إلى حلّ المعضلة التي طالما طرحت في الجلسات السابقة من كيفيّة التوفيق بين ضرورة التدبير والتنظيم والالتزام بالمبادئ التي سبق عرضها من جهة وبين عدّ الإمام عدم التدبير واحدًا من عناصر حقيقة العبوديّة. وقد طرحت لذلك مقدّمة حول بيان معنى عالمي التكوين والتشريع والارتباط الوثيق بينهما فالتكوين هو عالم الخلق وتجلّي الذات والصفات والأسماء ويحتلّ الإنسان مقام الخلافة الإلهيّة فيه، شرط أن يلتزم بالتشريعات الواردة في عالم التشريع والمسؤوليّة، ولذلك على الإنسان أن يلتزم كعبد بتلك التشريعات بعد ثبوت كونها من الشارع ولا ينظر إلى تلك التشريعات ومدى موافقتها لرغباته الخاصّة ومصالحه الدنيويّة وإقبال الناس عليه، لأنّ الدار دار امتحان لا يمكن فيها التكامل إلا به. ولذلك هناك أنواع من الامتحانات فمنها الظاهريّ ومنها الباطنيّ. ولا بدّ من التخلّص منها بواسطة امتلاك المعايير والمباني الدقيقة.
وفي المحاضرة قصص وشواهد حول تمثّل إبليس بصور ملاك أو إمام.

التوضيحمن نقاط ضعف المجتمع الإسلاميّ عدم الإتقان في العمل وترك الوفاء بالالتزامات والوعود، رغم ما لدينا من وصايا في الأحاديث وكلمات الأولياء.
ضمن سياق شرح فقرة أن لا يدبّر العبد لنفسه تدبيرًا تناولت هذه المحاضرة التدبير في العلاقات بين الناس، ودرست هذه المفردة من مفرداته، فبيّنت أثر الإتقان والوفاء في تقدّم الإنسان وتكامله وأثر تركهما في توقّف ذلك، وبيّنت اهتمام النبيّ بإتقان العمل حتّى لو كان بناء قبر كما في قصّة قبر سعد بن معاذ، وبيّنت تأكيد الأعاظم على الإتقان في كلّ شيء سواء في الدراسات الدينيّة أو سائر الاختصاصات والأعمال عادّة غير المتقن مخالفًا للإسلام.
ومن مصاديق هذا الإتقان أن يسير الإنسان في طريقه عن يقين لا عن شكّ، ولذلك من المرفوض في السير والسلوك الوسوسة والشكّ في الطهارة والنجاسة وكيفيّة التلفّظ بمخارج الحروف.
وتعرّضت المحاضرة إلى الموضع الذي يحسن فيه الاحتياط وهو ما سوى الأمور العباديّة حيث يكون الاحتياط في سياق إتقان العمل.
واستطرادًا تحدّثت عن أهميّة مقبرة البقيع وآداب زيارتها، وعن كيفيّة الحال التي يجب أن تكون عليها القبور بصورة عامّة بحيث تثير عند الزائر حالة الاعتبار.

التوضيحما معنى أن يدبّر العبد لنفسه في اكتساب المال لمعيشته؟ وما معنى أن لا يدبّر؟
أن يدبّر يعني أن يكون محور عمله هو التوحيد. وأن لا يدبّر يعني أن يكون همّه تحصيل المال كيفما حصل.
تشرح هذه المحاضرة فقرة (ولا يدبّر العبد لنفسه تدبيرًا) على صعيد التعامل مع الناس في العمل وتأمين المعيشة، وتبيّن أنّ محور هذا التدبير هو التوحيد أيضًا كما كان في إدارة المجتمع، كما توضّح آليّة ذلك من خلال تطبيق القانون الكليّ في التربية الإلهيّة وهو حفظ الباطن بواسطة حفظ الظاهر، فلكي نصل إلى الباطن وحقيقة التدبير التوحيديّ أثناء النهار، لا بدّ من القيام بالخطوات التالية:
1ـ ضرورة عدم الخروج من المنزل ليلاً والنوم باكرًا إلا في حالات خاصّة.
2ـ القيام للعبادة والدعاء وتلاوة القرآن وتلقّي التجليّات الجماليّة والجلاليّة من الله وذلك لما يهيّؤه الليل من أجواء الارتباط بالله لكونه سكنًا ولباسًا يغطّي على تشويش النفوس السيئة.
3ـ ضرورة الخروج إلى العمل في النهار ـ إلا في حالات خاصّة ـ لتطبيق تلك التجليّات في التعامل مع الناس، بالعطف عليهم ورؤيتهم بعين الله ورحمتهم والوفاء بالتعهّدات المقطوعة معهم.
4ـ الغاية من العمل في النهار ليس تحصيل المال، بل ما سبق ولذلك يجب أن تبقى حالة النفس ثابتة في حالات الربح والخسارة.
وتعرّضت المحاضرة أثناء ذلك استطرادًا وتوضيحًا إلى بيان بعض النقاط اللطيفة مثل:
معنى كون كلّ من الرجل والمرأة لباسًا للآخر وسكنًا وأهميّة السكينة في الحياة الزوجيّة.
معنى إيقاظ الله تعالى العبد للصلاة والفرق بين صلاة الليل وصلاة النهار.
قصّة أحد العلماء الذي لا تتأثّر نفسه بحالات الفقر والغنى.
معنى عقل الناس في أمر الدنيا وحماقتهم في أمر الآخرة
ذكاء أمير المؤمنين ودهاء معاوية.
لماذا قال أمير المؤمنين عليه السلام فزت وربّ الكعبة؟

التوضيحكيف نبدأ يوم العمل؟ وما مقدار ساعاته؟ وكيف نخرج إليه؟ وكيف تكون نيّتنا فيه؟
تجيب هذه المحاضرة عن هذه التساؤلات، ضمن شرح فقرة ولا يدبّر العبد لنفسه تدبيرًا من حديث عنوان البصريّ، وتطبيقها على إدارة العمل خارج المنزل.
وبعد التأكيد على ما تقدّم من محوريّة التوحيد في هذه الإدارة أيضًا وفي العلاقة مع النفس وعدم ملكيّة الإنسان للتصرّف في نفسه، تبيّن المحاضرة أنّه لا بدّ من البدء بيوم العمل بالطريقة التي أرادها الله المالك تعالى، وهي:
1ـ الاهتمام بالمراحل الثلاث للمراقبة بالمعنى الأعمّ من المشارطة قبل الخروج والمراقبة بالمعنى الأخصّ في الأثناء والمحاسبة قبل النوم.
2ـ عدم تأدية العمل لحساب النفس ولكن لحساب الله بمعنى رؤية أنّ العامل هو الله.
3ـ أن يكون عدد ساعات العمل بحيث لا تستنزف قدرة الإنسان وتمنعه من الارتباط بالله والتوجّه إليه في صلاته وتلاوة القرآن، وكذلك لا تمنعه عن علاقاته الأخرى بزوجته وأولاده وأصدقائه.
4ـ القيام بالتكليف حسب القدرة وعدم الاهتمام بالنتيجة.
وقد بيّنت المحاضرة أثناء ذلك معنى دعاء الحمد لله الذي أحياني بعدما أماتني وحديث اعمل لدنياك كأنّك تعيش أبدًا... مبيّنة معنى لطيفًا له هو عدم الاهتمام بشأن الدنيا كمن يبقى فيها دائمًا ولا يخشى فواتها. إضافة العديد من الوصايا الأخلاقيّة الأخرى. واستشهدت للنقاط السابقة بشواهد من سير أولياء الله ومواقفهم كقصّة عبد المطّلب وأبرهة، ورؤيا للعلاّمة الطهراني رأى فيها نفسه أمام نفق قصير وواسع ينتهي إلى روضة نضرة، ورؤية رجل آخر أمام نفق طويل وضيّق.

التوضيحما هي التعهّدات الإلهيّة الماليّة؟ وما آثار عدم الالتزام بها؟
تبيّن هذه المحاضرة أنّ التعهّدات الإلهيّة الماليّة على قسمين:
الأوّل: هو الأموال التي يجب دفعها عند تحقّق شروط معيّنة كالخمس والزكاة والكفّارات والنذور والنفقات الواجبة.
الثاني: هو الأموال التي يجب تحصيلها ودفعها على كلّ حال كنفقات الحجّ وما يسمّى بالاستطاعة.
ويجب الالتزام بدفع الأموال من القسم الأوّل والاهتمام به تمامًا كما نسعى إلى سدّ الديون التي علينا أو تأمين لوازم الاستشفاء، ونتيجة ذلك هي الحركة والتقدّم والنشاط، كما أنّ نتيجة ذلك هي التوقّف والكسل واختلاط المال الحلال بالحرام.
كما يجب السعي إلى تحصيل الاستطاعة ولو بالاقتراض لأنّ الحجّ ثابت في ذمّة الجميع بلا شرط، والاستطاعة شرط للواجب لا للوجوب. وهو من أهمّ الواجبات وما ورد في شأنه لم يرد في شأن غيره.
وقد استشهدت المحاضرة بالكثير من الشواهد والقصص من سيرة أولياء الله وكلماتهم.

التوضيحكيف يجب أن يكون العمل الذي يشتغل به الإنسان؟ وكيف يجب أن تكون حاله بالنسبة إلى تحقيقه؟
تجيب هذه المحاضرة على هذين السؤالين الأساسيّين، حيث يجب أن يقوم الإنسان بعمله على أفضل نحو ـ كمبدأ عام في النظريّة الإسلاميّة ـ بما لا يؤذي نفسه ولا يؤثّر على سائر جوانب حياته، كما يجب أن يرى نفسه واسطة للمشيئة الإلهيّة ويكون مسلّمًا لها، فقد يتحقّق العمل وقد لا يتحقّق، ومع ذلك عليه أن يقوم بما عليه حتّى اللحظة الأخيرة.
وقد استشهدت لذلك بالعديد من المواقف والشواهد من سيرة الأئمّة المعصومين عليهم السلام كمعركة صفّين ومواقف أولياء الله كالعلاّمة الطهراني في حرصه على تأليفاته حتّى النفس الأخير رغم علمه بعدم إكماله لها.