عنوان البصري

الورد و الذكر (عدد الجلسات: 12)

المؤلّف آية الله السيد محمد محسن الحسيني الطهراني

التوضيحشرح الفقرة التالية من حديث عنوان البصري: «و مَعَ ذلكَ لي أورادٌ في كُلِّ ساعَةٍ مِن آناءِ اللَيلِ و النَّهارِ، فَلا تَشغَلني عَن وِردي وخُذ عَن مالكٍ و اختَلِف إليهِ كَما كُنتَ تَختَلِفُ إليه»
وقد عالجت هذه المجموعة من المحاضرات القيمة موضوع الورد و الذكر من جوانب متعددة.

التوضيحتوضّح هذه المحاضرة المعنى اللغويّ للذكر والورد وارتباطه بالمعنى الاصطلاحي، وتدرس دوره في نقل الإنسان من عالم الكثرة إلى عالم التوحيد بعد بيان خصائص كلّ من العالمين.
وتتعرّض أثناء ذلك إلى أهميّة خدمة الخلق والرفق بهم، وأهميّة التعقّل وعدم التعلّق بالشخصيّات، مستحضرة شواهد من الواقع والتاريخ لكلا الأمرين؛ كأسلوب تعاطي الممرّضات المسيحيّات مع المرضى، وكتعلّق الناس بشخصيّات أمثال طلحة والزبير وعائشة وزوجة النبيّ موسى عليه السلام، وشخصيّتي هتلر وماو الزعيم الصينيّ السابق.

التوضيحتدرس هذه المحاضرة علّة كون الذكر سببًا لطمأنينة القلب وصفائه وجلائه، وتُرجع ذلك إلى أنّ هذا القلب القادر على تحمّل تجليّات الذات الإلهيّة قد تلوّث بالاهتمام بالدنيا ومظاهرها، وهي دار لا ثبات لها، قائمة على مفارقة الأحبّة، الأمر الذي أفقد القلب المشغول بها الطمأنينة والصفاء، ولمّا كان الذكر هو التوجّه إلى المبدأ الثابت الدائم فإنّه يورث القلب ثباتًا ويجلوه من صدأ الاهتمام بالدنيا، وقد أكّدت هذه المحاضرة على ضرورة الاهتمام بالآخرة وعدم الغرق في الدنيا ولو على أساس احتمال وجود الله والآخرة. كما لا يشترط أن يكون الإنسان على علم بالهدف الذي خلق من أجله كي يعمل لآخرته وإن كان العلم بالهدف يزيده شوقًا. كما لفتت إلى ضرورة التوجّه إلى الله وعدم الاعتماد على سواه حتّى عند التوسّل بالأولياء لأنّه لا فرق في مقام التوحيد بين النبيّ وغيره.
وقد استشهدت لبيان كثير من هذه النقاط بآيات وأحاديث للإمام عليّ عليه السلام حول الدنيا والذكر، وبقصّة من سيرة النبيّ عيسى عليه السلام حول تزويج الشابّ الحطّاب من ابنة الملك ثمّ التحاقه بالحواريّين، وبكلام للسيّد القاضي مع الشيخ القوجاني.

التوضيحتدرس هذه المحاضرة حقيقة كلّ من الدنيا والآخرة مقدّمة لفهم حقيقة الذكر حيث جُعل بدلاً من الدنيا في حديث أمير المؤمنين عليه السلام، وتخلُص إلى أنّ الدنيا ليست هي عالم المادّة والكواكب والمخلوقات الموجودة من حولنا، بل هي نوع من النظرة إلى الأشياء تقطعها عن ارتباطها بالله وتجعلها مستقلّة تُستعمَل للتفاخر والمباهاة والشهوة... والآخرة هي جانب ارتباطها بالله، والذكر هو الالتفات إلى حقائق الأشياء وجانب ارتباطها بالله (الأخروي الأمريّ)، وقد فصّلت ذلك من خلال بيان طبيعة علاقة الموجودات بالله، ممثّلة ببعض الأمثلة كارتباط حركة المصنع بالطاقة الكهربائیّة مقارنة له بارتباط السيّارة والبيت بالمصنَع والبنّاء...
وقد استشهدت المحاضرة لبيان تلك النقاط بالعديد من الشواهد القرآنيّة والروائیة والتاريخيّة، وكلمات الأولياء، وطبّقت مفهوم الدنيا والتكاثر على العديد من المصاديق المعاصرة كالتفاخر بالقوميّات والصراع على الشخصيّات وأسماء بعض الأماكن ومحاربة اللغة العربيّة.

التوضيحبعد أن تبيّن في المحاضرات السابقة أنّ حقيقة الحياة الدنيا هي بُعدها الباطن وارتباطها بالله، وأنّ الذكر هو النظر إلى هذا البعد، تطرح هذه المحاضرة آليّة الجمع بين الخوض في الحياة الدنيا وبين الحفاظ على ذكر الله وعدم الانشغال عنه، وذلك من خلال النظرة الآليّة إلى مظاهر الحياة، وقد تعرّضت إلى مظهر من أهمّ تلك المظاهر، وهو الحكم والسياسة، متّخذة من تاريخ الخلفاء في التعاطي معه ومع الأئمة عليهم السلام أنموذجًا للنظرة الاستقلاليّة التي تجيز الكذب والاتّهام والتهديد والإلغاء للوصول إلى الحكم والبقاء فيه. كما تعرّضت إلى ضرورة تعميم النظرة الآليّة إلى مختلف مظاهر الحياة من الزوجة والأولاد والعمل، وإلى طريقة تحقيقها مشيرة إلى الشعور بالرقابة الإلهيّة وفريضة الحجّ ومشهد الموت والقبر.

التوضيحتبيّن هذه المحاضرة أنّ للذكر والاشتغال به بدلاً من الدنيا أربعة معان أو مراتب:
الأول: الاعتزال والرهبانيّة والتفرّغ للذكر وهو يتنافى مع شموليّة الإسلام.
الثاني: تقسيم الوقت بين العمل والعبادة، وهو داني المستوى ويستبعد عن كلام الإمام.
المعنى الثالث: ملاحظة رضا الله أثناء العمل.
الرابع: امتلاك ملكة الرؤية التوحيديّة ورؤية الله في البائع والمشتري وفي كلّ شيء.
ثمّ ختمت المحاضرة بمواعظ وأحاديث حول كيفيّة التعامل مع الدنيا والعمل فيها. كما بيّنت في الأثناء ضرورة تحقيق الأمن السياسيّ والاقتصادي والأخلاقيّ في المجتمع الإسلاميّ لتحقيق التكامل متعرّضة إلى فريضة الحجاب ودورها في تحقيق الأمن الأخلاقي، مناقشة المذهبين الديموقراطي والليبرالي.

التوضيحاستكمالاً للمحاضرة الثانية عشرة حول مراتب الذكر وشموليّة الإسلام، تتحدّث هذه المحاضرة عن ضرورة الجمع بين العبادة والتصدّي لشؤون الحياة الفرديّة والاجتماعيّة، فهي ليست للعاطلين المترهبنين، مبيّنة أنّ الرهبانيّة ـ وإن لم تكن محرّمة ـ لا تنسجم وشموليّة الإسلام، التي فسّرتها برؤية التوحيد والمشيئة الإلهيّة في مختلف مراحل الحياة ومظاهرها من النصر والهزيمة، معالجة المشكلة التي وقع فيها الخلفاء حين كانوا يتوقّعون من النبيّ النصر الدائم فلم يقبلوا هزائمه، في حين أنّ النبيّ نفسه، رغم امتلاكه القدرات لم يكن يراها من نفسه ولا يستعملها في غير مشيئة الله.
وفي هذا السياق عالجت المحاضرة أيضًا شبهة ابتعاد العرفاء عن الحياة الاجتماعيّة والسياسيّة مبيّنة أنّ العارف ليس من يقتصر على الذكر والعبادة ويترك الحياة بل هو أكثر الناس شعورًا بالمسؤوليّة ودقّة في تطبيق المشيئة الإلهيّة أثناء القيام بها، والذي لا يبالي بما تكون النتيجة بل بالقيام بالتكليف. وختمت المحاضرة بمعالجة مشكلة قلّة المبالاة بالعبادة وذلك بالتفكّر والتأمّل في مشكلات النفس وذهاب العمر الباعثين على الإحساس بالألم.

التوضيحبعد أن تبيّن في بعض المحاضرات السابقة دور الذكر الإجماليّ في الحياة المعنويّة للسالك، تفصّل هذه المحاضرة علّة هذا الدور، حيث تشرح تركّب الإنسان من بعدين مادّي ومعنويّ، وكون الذكر هو الغذاء المعنويّ له والذي يحتاجه كالغذاء الماديّ، وتثبت ضرورته لتلطيف النفس وتجريدها وانكشاف حقائق أسماء الحقّ وصفاته لها، مشيرة إلى الارتباط بين المزاجين المادّي والروحيّ في كلام ابن سينا، وإلى أثر اليقظة بين الطلوعين في تحقيق الاعتدال فيهما والاستعداد النفسيّ والذهنيّ لفهم الحقائق. ثمّ بيّنت أنّ الأذكار تختلف باختلاف المراتب الوجوديّة للسالك (من مرتبة المادّة إلى المثال إلى الملكوت...) وكذلك باختلاف الأوقات والحالات، فدعاء الصباح يختلف عن دعاء الافتتاح وأبي حمزة وهكذا... وأكّدت في الختام على ضرورة قيام الليل لتحصيل الكمال.

التوضيحتفسّر هذه المحاضرة آية (ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها)، فتبيّن معنى الاسم والكلمة وأنّه الحقيقة التي وارء اللفظ، مبيّنة نماذج من الأسماء الإلهيّة كالنور والمحيي والعليم والقدير والمدبّر وكيفيّة التوجّه إليها في الحياة العمليّة، وأنّ هذا التوجّه هو الذكر والسلوك إلى الله، دون التلفظ بها فقط.
كما تشرح السبب في ضرورة التوجّه إلى تلك الأسماء للوصول إليه تعالى، فتوضّح أنّ هذا السبب هو كون الواقع هو الله تعالى وعدم امتلاك غيره للأسماء الحسنى، وأنّ الله قد نظم الكون على أساس هذه الأسماء فلا بدّ في مقام التربية والسلوك (التشريع) من الانسجام مع نظام التكوين هذا الذي وضعه الله تعالى بالتوجّه إلى هذه الأسماء، كما بيّنت أنّ من التوجّه إلى هذه الأسماء الرجوع إلى الأئمة المعصومين عليهم السلام الذين هم الوسيلة الوحيدة التي يمكن لأسير عالم المادّة أن يبتغيها للوصول إلى الله، ولذلك لا تنتج الطرق المبتدعة للدراويش والمرتاضين وغيرهم عارضة كشاهد على ذلك قصّة أحد الزاعمين استغناءه عن الأستاذ بسبب لقائه رجلاً يزعم أنّه إمام الزمان.
وقد استعانت في شرح تجلّي اسم الله النور بتحليل سيرة رسول الله وحالته في بداية دعوته ونهايتها، وكيفيّة نظرته إلى الكفّار حيث لم يكن همّه زيادة عدد أتباعه بل همّه إزالة الحجاب عن أعينهم. كما عرضت على ضوء رؤية أسماء الله الحسنى في الوجود كلّه لمبدأ سلوكيّ في العلاقات الأسرية والاجتماعيّة يحقّق المدينة الفاضلة وهو يقضي بضرورة النظر إلى النفس نظرة المدين إلى الناس لا المتفضّل عليهم، ومثّلت للانسجام بين التشريع والتكوين بقصّة طبيبة يهيوديّة تخصّص أيامًا من معالجتها للناس مجّانًا.

التوضيحتتحدّث هذه المحاضرة عن الذكر ودوره في التمرّن على تطبيق الأسماء والصفات الإلهيّة في نفس الإنسان، فبعد أن فسّرت المحاضرة السابقة معنى الأسماء الإلهيّة ودعاء الله بها، تبيّن هذه المحاضرة أنّ في الإنسان ودائع إلهيّة من أسمائه وصفاته على نحو الاستعداد، ويحتاج إخراجها إلى الفعليّة تمرينًا عمليًّا، تمامًا كما يحتاج الطالب الجامعيّ إلى التمرين في المختبر، ويحصل ذلك بأمرين:
أولاً: إدراك حقائق هذه الأسماء والصفات وذكر الله بها مع التوجّه إلى حقائقها ومفاهیمها.
ثانيًا: تطبيقها في ميدان العمل في المجالات المختلفة.
وهي تبيّن أنّ الجمع بين هذين الأمرين كان الفارق بين سلوك العلامة الطهراني وسلوك بعض تلامذة المرحوم الأنصاري رضوان الله عليهما. كما استشهدت لبيان دور التمرين والممارسة في تكوّن الخبرة بسيرة بعض مشاهير فنّي الرسم والخطّ.
وأثناء بيان وجود الصفات في النفس وأثرها في الأفعال المختلفة، توسّع المحاضر رضوان الله عليه ببيان دوران الدنيا على أساس الجهل، مستشهدًا بالعديد من صور ذلك كالاهتمام الكبير بكرة القدم ومعايير انتخاب الرؤساء و...

التوضيحتحدّثت هذه المحاضرة عن أنّ حاجة النفس إلى التمرين والذكر هي قانون تكوينيّ كسائر القوانین التي لا يمكن الاعتراض عليها، وحال النفس مع الذكر كحالها مع التمرّن على القيادة والمعالجة والخطّ، ولذلك لا بدّ من المراقبة والذكر وعدم الاكتفاء بالانتساب إلى مدرسة العرفاء، كما تحدّثت عن مفردة من مفردات مراقبة النفس ومخالفة الهوى وهي مسألة تقبيل اليد متحدّثة عن موارد مشروعيّتها وحدودها، وأشارت في الختام إلى تأكيد الروايات على الإكثار من الذكر وأنّه ليس من أباطيل الصوفيّة كما يدّعى.
وقد تضمّنت أثناء بيانها لحدود تقبيل اليد بعض المواقف من سيرة المرحوم العلامة الطهراني في عدم تقبيله لرجل المرحوم الحدّاد وعدم قبوله اصطناع الأبّهة أثناء زيارة الإمام الرضا.

التوضيحألحق بأوّل هذه المحاضرة ملاحظات ألقيت في مقدّمة محاضرة أخرى لمناسبتها لموضوعها، وتتناول هذه الملاحظات كيفيّة الاستعداد لمجالس الذكر والمعارف الإلهيّة بالسكوت والسكينة قبلها، تحضيرًا لقبول آثارها. وتعرّضت تطبيقًا لذلك إلى خطبة الجمعة وشروطها وواقعها الذي يحصل من تقديم محاضرة قبلها، وبيّنت برنامج السيّد القاضي للسيد هادي الشيرازي والذي يؤكّد فيه على ضرورة السكوت والسكون.
وأمّا نفس المحاضرة فبعد تلخيصها للمحاضرة السابقة تتابع في موضوعين أساسيّين:
الأوّل: ضرورة المراقبة والذكر للتمرّس وتفعيل استعدادات النفس، وقد بيّنت ذلك في قالب شرح رسالة الشيخ الأنصاري للمرحوم العلامة حول اجتناب كثرة الطعام والكلام ومجالسة أهل الغفلة. وقد استندت في ذلك إلى حديث الإمام الكاظم عليه السلام لهشام حول العزلة.
الثاني: حاجة الإنسان في جميع المراتب إلى الذكر حتّى النبيّ والإمام، وذلك لأنّ الأسماء والصفات الإلهيّة مطلقة لا نهاية لها وهم مخلوقون. وقد بيّنت أثناء ذلك معنى ذكر النبيّ ربّ زدني فيك تحيّرًا وأنّه ذكر الأئمة كلّهم عليهم السلام.

التوضيحتحلّل هذه المحاضرة أسباب وأهداف عدم استقبال الإمام الصادق عليه السلام لعنوان البصري في البداية وتختصرها بأمور:
أولاً: أن يدرك عنوانُ قيمة المطالب التي ستلقى إليه لأنّ طبع البشر التهاون فيما ينالونه بسهولة، والتمسّك فيما ينالونه بصعوبة.
ثانيًا: أن يصحّح ارتباطه بالإمام عليه السلام ويعرف أنّه يتعاطى مع رجل لا كالرجال وأنّه لا غنى له عنه لما له من ولاية ووساطة في الفيض.
ثالثًا: أن يصبر على التجلّيات الجلاليّة التي لا بدّ منها للسلوك، ولا يتراجع لأول عارض مما لا يرغبه، ويأتي من جديد مستعدًّا لتلقّي المعارف.
كما بيّنت المحاضرة في أثناء الحديث عن تلك النقاط فلسفة الغيبة لصاحب الزمان عليه السلام (مستشهدة بقصة الشيخ علي الحلاّوي) وفلسفة الخيانة عند بعض أصحاب الأئمّة كأمير المؤمنين والحسن، والثبات عند البعض الآخر وخصوصًا أصحاب الحسين عليه السلام. حيث جعلت فلسفة ذلك في الجهل بمقام الولاية أو معرفته.
كما تناولت بالبيان بعض قواعد السلوك: كعدم الاقتصار على معرفة الطريق والأستاذ، وعدم أهميّة كيفيّة السلوك واحتوائه على مكاشفات وإدراك انفتاح الأبواب أو عدم ذلك، مستشهدة لذلك بسيرة الآخوند الملا حسين قلي الهمداني الذي لم يدرك انفتاح الباب له إلا بعد أكثر من عشرين سنة من المجاهدة.