134

ما هي حقيقة التقوى

8513
مشاهدة المتن

المؤلّفآية الله السيد محمد محسن الحسيني الطهراني

القسمعنوان البصري

المجموعةالتقوى ومراتبها

التاريخ 1427/06/25


التوضيح

ما حقيقة التقوى؟ وهل هي كما يفهمها عوامّ الناس عبارة عن اللامبالاة بالمأكل والملبس والمسكن؟ أم أنّها ترتبط بالغاية من الأفعال وقد تكون قلّة الطعام أو اللامبالاة بالملبس بنفسها لذّة نفسيّة تبعد عن الله؟ وما هي حقيقة اللذّة النفسيّة؟ وما حدود ما أباحه الله منها في موضوع الزواج مثلاً؟ وكيف نستفيد من شهر رمضان المبارك؟ وما هي الأعمال التي يوصي بها الأعاظم في ذلك؟
تجيب هذه المحاضرة عن هذه الأسئلة وغيرها من الفروع المرتبطة بها، وذلك ضمن شرح فقرة فهذا أوّل درجة التقى من حديث عنوان البصريّ.

/۲۲
بي دي اف بي دي اف الجوال الوورد

ما هي حقيقة التقوى

1
  •  

  • هو العليم 

  •  

  • ما هي حقيقة التقوى

  • شرح حديث عنوان البصري - المحاضرة ۱٣٤

  •  ألقاها: 

  • آية الله الحاجّ السيّد محمّد محسن الحسينيّ الطهرانيّ

  • قدس الله سره

  •  

  •  

ما هي حقيقة التقوى

2
  •  

  •  

  • أعوذ بالله من الشيطان الرجيم 

  • بسم الله الرحمن الرحيم

  • وصلّى الله على نبيّنا أبي القاسم محمّد وعلى آله الطيّبين الطاهرين واللعنة على أعدائهم أجمعين 

  •  

  •  

  • ما معنى التقوى؟

  • يقول الإمام الصادق عليه السلام بعد بيانه لهذه الأمور والوصايا حول التهذيب ورعاية العبوديّة: فهذا أول درجة التقى، قال الله تبارك وتعالى{تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علوًّا في الأرض ولا فسادًا والعاقبة للمتقين}.۱ 

  • وقد تحدّثنا في الجلسة السابقة وطال بنا الزمان حتّى نسينا ما تقدّم، ولكن يبدو أنّا وقفنا عند تفسير معنى التقوى ـ يقول الإمام الصادق في معنى التقوى: أن لا يرى الإنسان لنفسه ملكًا وأن يجعل الأمور كلّها لله، وفي علاقته مع الناس ينظر إلى جانب الوحدة والعبوديّة، ويجعل برنامج حياته على أساس اتّباع وصايا أولياء الله فهذه أوّل درجة التقى

  • هل التقوى درجة واحدة أم درجات؟

  • فإذن يُعلم من هنا أنّ للتقوى درجاتٍ ومراتب الشرط الأوّل للوصول إليها هو رعاية كلمات الإمام الصادق عليه السلام. يقول الله في الآية الشريفة: {يا أيّها الذين آمنوا اتقوا الله حقّ تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون}.٢ فيا أيّها الذين آمنوا لا تكتفوا بهذه المرتبة من الإيمان وبهذه الدرجة من الرؤية والإدراك والشعور الأوّلي، فهناك أمورٌ أخرى أيضًا، كن تقيًّا بأقصى درجات التقوى، واجعل التقوى شعارك إلى أقصى الحدود، {حقّ تقاته} يعني بأعلى مستوى التقوى، وأعلى مستوى الاجتناب عن موانع الطريق وصوارف القرب. فالإمام الصادق عليه السلام يقول لعنوان ذلك أيضًا. 

  • ما معنى الشهوة واللذّة المضادة للتقوى؟

  • وهذه الأمور التي ذكرتها لكم هي أوّل مرتبة التقوى، وهي في الواقع بدايةٌ للصعود وبدايةٌ للترقّي، لماذا؟ لأنّ من كان أساس فكره وطريقة تفكيره الميل إلى الكثرات والشهوات بمعناها الواسع لا الشهوة بالمعنى الاصطلاحي الخاصّ، بل بمعنى الميل إلى جميع الأمور التي تسبّب تلذّذًا نفسيًّا، وفي عبارةٍ مجملةٍ وشاملة: كلّ ما يقدم عليه الإنسان ويطلب منه اللذّة النفسيّة ويجعله غايةً، وتكون العلّة الغائيّة لحركته هي اللذّة النفسيّة فهو شهوةٌ وكثرةٌ وبُعدٌ وانصرافٌ وانحراف. والأمر كذلك في جميع الأمور ولا يختلف أبدًا.

    1. . سورة القصص، الآية ۸٣
    2. سورة آل عمران، الآية ۱۰٢

ما هي حقيقة التقوى

3
  • هل اللذّة النفسيّة محرّمة؟

  • نحن نلاحظ في بعض الموارد أنّه رغم إمكان أن يكون التلذّذ النفسيّ جائزًا عند الشارع، ولكن في الوقت نفسه إذا دقّقنا فإنّ الاهتمام بالبعد المعنويّ له والباطني لا يزال موضع اهتمام، أي لا بدّ من النظر إلى البعد الروحيّ والباطنيّ، ويمكن للإنسان أن يلاحظ ذلك بنفسه ويختبرها في الموارد المختلفة، وأنّه هل كان هدفه في القيام بهذا الأمر هو الله؟ فمثلاً في موضوع الزواج، من الطبيعي أنّه لا أحد يتزوّج فقط وفقط لأجل الله، فهذا أمرٌ طبيعيّ إلا ما شذّ وندر في موردٍ خاصٍّ يريد الإنسان أن يتجاوز عن نفسه ويدوس على هواها رغم عدم وجود الرغبة الجازمة في هذا المورد فيقدم على الزواج، فهذا من الموارد النادرة جدًّا، والكلام في هذا الموضوع وأنّه كم يترتّب عليه من الثواب؟ له مجالٌ آخر. ولكن عادةً الزواج هو من المصاديق الواضحة والبيّنة التي لم يردّ الشارع فيها التلذّذ النفسيّ، ففي النهاية كم واحدًا في المائة من الناس يتزوّجون لأجل الله؟ أين هو الرجل الذي يتزوّج فقط وفقط لأجل الله؟ من كان يعرف واحدًا فليخبرني، أنا لا علم لي. نعم هناك موردان أوثلاثة أعرف بها حصل الزواج فيها فقط وفقط لأجل الله، هناك ثلاثة موارد. يعني بعد اثنين وخمسين سنةً هناك موردان أو ثلاثة فقط في ذهني. أو أيّ امرأة أو فتاةٍ تتزوّج فقط وفقط لأجل الأمور المعنويّة ولو لم يكن لديها ميلٌ ورغبة وغرض دنيوي ولا يكون الدافع إليه معنويًا؟ لأجل مال الرجل أو مكانته أو شخصيّته أو كونه محبوبًا، ولأجل الميول الدنيويّة والماديّة هذا الأمر نادرٌ جدًّا كما يبدو. ولكن في الوقت نفسه فإنّ الشارع أحلّ الزواج ولا إشكال فيه.

  • ولكن الكلام هنا هو في أنّ هذا الأمر نفسه إذا تحوّل من مسألة حاجة إلى مسألة عادة حينها يمكن للإنسان أن يختبر نفسه. فلو تحولّت الحاجة المنطقيّة والطبيعيّة إلى عادةٍ ورغبةٍ في التنوّع والتفنّن وإلى حالةٍ متدنّيةٍ عن المستوى الإنسانيّ وصارت أمرًا من الأمور اليوميّة ولم يعد لها إلا بعدٌ نفسيّ ولذّة، حينها يمكن للإنسان أن يشعر ما هي الدوافع والدواعي للقيام بهذا العمل؟ هل هناك حدٌّ ونسبةٌ مئويّةٌ لأجل الجانب المعنوي والباطني أيضًا أم لا؟ ولو كان المورد مختلفًا فماذا سيكون رأيه؟ ولو كان هناك إنسانٌ آخر له الأولوية في الإقدام على هذا الزواج فهل كان سيترك الأمر أم لا؟ فهذه الجوانب تمزجها النفس مع أمورٍ أخرى كالجواز الشرعيّ والثواب المترتّب على العمل وأمور أخرى تقال، وتُعطيها صبغةً إلهيّة ومعنويّة وباطنيّة، ثمّ يختار الإنسان ذلك لنفسه على أنّه أمرٌ جائزٌ شرعًا ومطلوبٌ ومؤكّدٌ عليه، والحال أنّ الأمر ليس كذلك.

ما هي حقيقة التقوى

4
  • النفس معقّدة جدًّا، ظاهرةٌ معقّدةٌ جدًّا، فمسألة كيفيّة القيام بالأعمال واتّخاذ المواقف والشعور بأنّ هذا العمل يجعله مقرّبًا ويقرّبه إلى ذلك العالم وإلى التجرّد وإلى المعنويّات وإلى العبوديّة فيجب أن يكون هذا الأمر معيارًا لحركة الإنسان في عمليّة التغيّر والتبدّل التي ينبغي أن تقوم بها النفس، لذلك يمكن للإنسان أن يختبر نفسه بواسطة هذا الأمر ويقيّم سلوكه على أساسه.

  • كيف نختبر النفس ونعرف ما إن كان العمل لله أم للذّة النفسيّة؟ 

  • كلّ عملٍ ترون عند عرضه على النفس أنّها تميل إليه، فاعلموا أنّ فيه جانبًا نفسيًّا، ولا فرق في ذلك بين أن يكون العمل إعطاءً أو أخذًا أو عملاً لإنسانٍ أو توقّعًا لعملٍ من آخر لأنّ النفس هي النفس، فلو قيل: تفضّل وأعط هذا الدرس هنا، قم بإدارة هذا الدرس فعلى الإنسان هنا أن يعرض هذا الأمر على نفسه ويرى كيف ميله إليه؟ هل لديه ميلٌ إليه أم لا؟ لو لم يكن هناك أمرٌ من مقام الولاية ومن الله ومن النبيّ ألم يكن يُقدم عليه أيضًا؟ هذا هو المعيار، هذا هو. 

  • أعط هذا المال لفلان، فلينظر إن كان في إعطاء هذا المال شيءٌ والنفس تميل إليه رغم أنّه لا أحد يعرف، فالآن إذ يعطي يراه الناس، ولكن لو عرف أنّه لا أحد يراه حين إعطائه وإنفاقه ولا أحد يعلم حتى آخر عمره فكيف ستكون حالته حينئذٍ؟ يرى الإنسان أنّ الأمر يختلف، اختبروا لتروا أنّ الأمر يختلف. تكونون في مجلسٍ ما ويقال لكم: إنّ هذا فقيرٌ ومستضعفٌ ولديه مشكلةٌ وقد أعطاه فلانٌ كذا وفلانٌ هذا المقدار، فادفعوا أنتم أيضًا مبلغًا ما. فيقول الإنسان: حسنًا الآن ندفع فورًا. أمّا لو لم يكن الأمر في مجلسٍ أصلاً بل هو اكتشف ذلك وحده دون أن يُطرح عليه ويُطلب منه فليقارن حالته كيف ستكون؟ يرى أنّه ليست له تلك الرغبة، فيُدرك أنّه كان ذلك الإعطاء ممزوجًا، كان فيه حصى وتراب.

  • يقول الإمام الصادق عليه السلام: كلّ عملٍ تريد القيام به، اجعله قبل ذلك في معايير وموازين مختلفة ولاحظ حالتك بالنسبة إلى تلك المعايير فماذا ستكون النتيجة؟ إن كنت صادقًا فإنّ الله يُلقي في قلبك ما هو حقٌّ وما فيه مصلحةٌ لك، وإن لم تكن صادقًا تخرج من هذا الطريق، تميل وتميل وتميل نحو ذاك الاتّجاه.

ما هي حقيقة التقوى

5
  • تعريف التقوى

  • التقوى تعني أن يجعل الإنسان نفسه في حالةٍ ـ والمراد من النفس هنا التفكير والبيان والأفعال والأعمال، هذه المراتب الثلاث ـ يكون فيها هذا التفكير الذي يحصل في ذهنه معارضًا لتلذّده النفسيّ بأمور الدنيا، كلّ كلامٍ يصدر عنه... فالآن أنا إذ أتكلّم معكم بهذا الكلام الذي تسمعونه، فإنّ له دافعًا من ورائه يدفعني إليه، وله هدفٌ عندي، وله غرضٌ لديّ، هناك رغبةٌ ما عندي لو لم تكن لما أتيت وتكلّمت مع الأصدقاء، فما هي تلك الرغبة التي لا اطّلاع لأحدٍ منكم عليها؟ إذا شعرت أنّ الكلام الذي قلته وقع موقع قبولٍ وتحسينٍ لديكم فهل يزيد شوقي وإقبالي إليه؟ حينها سيكون هناك مشكلة في رغبتي، أمّا إذا لم يكن الأمر كذلك بل قلت الكلام وأغمضت عيني فمن شاء فليفرح ومن شاء فليحزن، لقد أغمضت عيني ولم أعد أنظر من هو الجالس هنا في هذه الجماعة، من هو الجالس؟ هذا الكلام الذي أقوله كم ينسجم مع أذواق وسلائق وطبائع المخاطبين وكم يتعارض معها. فلو أغمضت عيني حينها أكون قد قلت كلامي ويصبح الأمر واحدًا بالنسبة إليّ وعليهم هم أن يفكّروا فيه.

  • يقول الإمام الصادق عليه السلام: إذا أخذتم بهذا المعيار عليكم أن تنطلقوا فهذا أوّل درجة التقى، من هنا يجب ان تبدأوا. فإذن علينا أن نصفّي حسابنا أوّلاً مع هذا المعيار، علينا أن نحقّق في الأمر في علاقتنا مع الناس، في علاقتنا مع الأصدقاء، في علاقتنا مع المنزل، في علاقتنا مع الزوجة والأولاد، في علاقتنا مع الإخوة والأخوات والعائلة والعشيرة، في العلاقة مع الصهر وزوجة الابن، في العلاقة مع بنت الأخت والخالة والخال والعمّة والجار والرفيق والشريك، وفي جميع هذه الموارد يجب أن تلاحظوا أنّ هذا الكلام الذي نريد أن نقوله كم يرجع إلى اللذة النفسية وكم يرجع إلى الحقّ والواقع؟ فنتوقّف ونغيّر حالتنا بالنسبة إلى مقدار اللذة النفسيّة.

  • كنّا قبل مدّةٍ في مجلسٍ ووقع لي شخصيًّا هذا الأمر، وهو يقع للجميع فجميعنا غارقون في النفس، كنّا في جماعةٍ فوقعت في طرحي لأمرٍ ما في محظور أخلاقيّ حيث كان ما طرحته أكثر من المقدار المجاز شرعًا بطرحه، فمثلاً لو كانت هناك حاجةٌ إلى مائة تومان أنا طرحت خمسمائة تومان أو أربعمائة تومان، كان هناك أمرٌ ما ولا أريد أن أقول إنّه كان أمرًا ماليًّا أو غير ماليّ. مهما كان، فوقع موقع قبولٍ من الجميع، وفجأة قلت في نفسي كلاّ، لقد كان الأمر خاطئًا يجب أن لا يكون هذا المبلغ، يجب أن لا يكون إلى هذا الحدّ فرجعت وقلت: لديّ مانعٌ ولا يمكنني أكثر من هذا المقدار، وفجأةً استاء الجميع، وواقعًا استاؤوا، كانوا قد أعدّوا برنامجًا وكانت لهم توقّعات ورتّبوا على هذا الأمر حساباتٍ وفجأةً رأوا أنّه لم يحصل شيء، لم يقبل هذا الرجل فعلينا أن نذهب إلى آخر، اختلطت البرامج. إن كانت قد اختلطت فلتختلط، أنا لا يمكنني أن أقوم بعملٍ لأجل ميولهم وترحيبهم، ثمّ أواجه مشكلةً في ذلك العالم، أليس هذا صحيحًا؟ هذا أحد المعايير.

ما هي حقيقة التقوى

6
  • كان المرحوم العلامة دائمًا يقول: على الإنسان أن يكون ذا صلابةٍ في العمل الذي يقوم به، فما معنى الصلابة؟ يعني أن لا يتأثّر بالأجواء والأطراف والجوانب ولا يُسلم قياد النفس إلى الجوّ والأطراف المحيطة والظروف، وأن يُمسك بزمام الأمور، وأن يتّخذ القرار المناسب بعد الإدراك الصحيح للظروف والمحيط والأجواء سواءٌ كان هذا القرار لصالح أحدٍ أم ضدّ مصلحته. هذا معنى امتلاك الصلابة، يعني أن يتصوّر الإنسان أمرًا ما في البداية، نعم قد يُخطئ، لا مشكلة فالجميع خطاؤون ونحن لم ندّع أنّنا معصومون، فالعصمة تختصّ بالإمام عليه السلام وأولياء الله الذين لهم مرتبتهم الخاصة والذين لم يبق لديهم شيءٌ من مرتبة النفس، وتشكّل حقيقة العبوديّة والتوحيد حقيقة وجودهم، فهؤلاء يصلون إلى مرتبة العصمة، أمّا نحن فلا لدينا إدّعاءٌ كهذا ولا الله يتوقّع منّا أمرًا مثله، لقد جعل الله الإنسان خطّاءً، ولكنّ كلامنا هو في أنّا بيننا وبين أنفسنا وفي ضميرنا يجب أن نكون قد رسمنا الأمر بنحوٍ لا نشعر معه بأنّنا نخادع أنفسنا في الإحساس بالخلوص وبالصدق، فهذا المقدار يقبله الله منّا ويقول: هو كافٍ، حتّى وإن أخطاتَ سأكتبه لك صوابًا، وأكتب لك الثواب عليه، حتّى لو أخطأت في هذا العمل فإنّك تقدّمت، فإنّ مجرد هذا العمل في النفس ومجرد هذه الحركة النفسيّة هي بنفسها تقدّمٌ، سواءٌ أصابت الواقع أم لم تصبه ـ هل التفتّم ماذا أريد أن أقول؟ ـ يعني بمجرّد أن يقوم الإنسان بهذا التغيير والتبدّل في نفسه والذي هو مخالفٌ للذّة النفسيّة والهوى فهذا العمل بنفسه هو تقدّمٌ، لا شأن لنا بالخطأ وعدم الخطأ، أخطأ لا إشكال، لا إشكال أبدًا، فأن يقوم الإنسان بهذا المقدار من الاهتمام فهذا يكفي.

  • لماذا أدّت خطبة المتّقين إلى موت همّام؟

  • الكلام في التقوى كثيرٌ جدًّا، فإذا أردنا أن نتحدّث في هذا المجال، فعلينا أن نقول للرفقاء إنّ الحدّ الأعلى فيها هو كلام المعصومين عليهم السلام وخصوصًا أمير المؤمنين في خطبة المتّقين، وعلينا أن نذهب إلى تلك الخطبة ونبدأ بالكلام منها وهذا بنفسه يصبح مشروع سلسلة عنوان البصري أخرى في هذا المجال. والرفقاء يقولون متى تنتهي سلسلة عنوان البصري هذه أيضًا؟! أحدهم كان يقول: أظن أنّه لن يتاح لنا الوصال، سيأتي أبناؤنا والآخرون ويرفعوا نقائصنا. على كلّ حالٍ أنا أقول لهم: هو مجلس أنسٍ نأتي ونجلس ونتحدّث فهذا ما وفّق الله إليه.

ما هي حقيقة التقوى

7
  • فإذا أردنا أن نتحدّث حول المتقين علينا أن نذهب إلى كلام أمير المؤمنين، فقد قال كلّ شيء ولم يبق شيئًا لي ولأمثالي لنتكلّم، ولكن إن شاء الله سنتحدّث بشكلٍ موجزٍ ومختصر ومضغوط حول موضوع التقوى هذا في بضع جلسات، وإن شاء الله يطالع الرفقاء خطب أمير المؤمنين في هذا المجال وخصوصًا خطبة المتّقين خطبة همّام التي هي عجيبةٌ حقًا، عجيبةٌ حقًّا، ويكفي في سموّ معانيها ومفاهيمها أنّ همام بمجرّد أن سمع بها صُعق وقد صارت روحه لطيفةً ورقيقةً ودقيقة بحيث أنّه عندما أنهى الإمام كلامه خرج من قالب الجسد وحلّق في عالم المعنى، ثمّ قال أمير المؤمنين: هكذا تفعل المواعظ البالغة بأهلها. فقد ارتقى وارتقى وارتقى وأمير المؤمنين أضاف وجعل الكلام أدقّ وأعلى وشدّ انتباهه أكثر فأكثر، وكان في الباطن يقوم بأعمالٍ فهذا ظاهر الأمر وإلا فإنّ الآخرين لم يقعوا ميّتين وهو وقع، سار به وسار به وتقدّم به وفجأةً لم تعد نفسه تحتمل أن تبقى في هذا القالب. 

  • قد يحدث للإنسان أحيانًا بسبب بعض الحالات أن لا يتمكّن من البقاء في جسده، فإمّا أن تحدث له صدمةٌ، وإمّا أن تحدث له حالةٌ فيصل إلى سكتةٍ قلبيّة وأمثال ذلك، وهذا كلّه لأنّ هذه الحادثة والظاهرة التي وقعت فوق طاقته وقدرة نفسه، ولا يمكن للإنسان أن يتحمّلها، وإن شاء الله سنتحدّث للرفقاء إن وفّقنا الله بشكلٍ مضغوط وبنحو الإشارة ضمن بضع جلساتٍ حول هذا الموضوع.

  • هل التقوى هي الزهد والتقشّف؟

  • ما هو مصطلح عليه الآن بين الناس هو أنّ التقوى ترادف الزهد، فالإنسان الزاهد والعابد والمُعرض عن الدنيا هو التقيّ، ومن لم يكن لديه اهتمامٌ أو كان اهتمامه قليلاً بأمور الدنيا وما يرغب به الناس في حياتهم هو الذي يُسمّى زاهدًا ويجعلون التقوى مرادفة لذلك، حتّى أنّي في كثيرٍ من الأماكن التي كنت فيها، كنت أسمع من أهل العلم أنّ فلانًا إنسانٌ تقيّ لأنّ حركاته وسكناته وكيفيّة كلامه هي بطريقةٍ تجعل عنوان التقوى يتداعى إلى الأذهان ويُنسب إليه ويعدّ تقيًّا، أو أن وضع منزله على هيئةٍ تجعلهم ينسبون إليه الزهد، وإضافةً إلى ذلك يعدّ تقيًّا، وأنّ كيفيّة طعامه تجعله يُنسب إلى التقوى والزهد.

ما هي حقيقة التقوى

8
  • فهذه أمورٌ يجعلها الناس معايير للزهد، وبتبع ذلك يعدّون من يعتاد على هذه الأعمال وهذا السلوك إنسانًا تقيًّا، وبكلمةٍ واحدة التقيّ عند الناس والعوام هو من يُبدي اللامبالاة أو قلّة المبالاة في الأمور التي يهتمّ بها سائر الناس، فهذا الإنسان زاهدٌ وتقيّ، فلننظر الآن هل حقيقة الأمر هي كذلك أم لا؟

  • التقوى والنيّة

  • لا شكّ أنّه وكما تقدّم كلّ عملٍ يقوم به الإنسان فهو لتحقيق غرضٍ وداعٍ يعبّر عنه بالعلّة الغائيّة لهذا العمل، أيّ عملٍ يقوم به، الطعام الذي يأكله بأيّة نيّةٍ يأكله؟ الدار التي يبنيها بأيّة نيّةٍ يبنيها؟ إذا تزوّج فبأيّة نيّة؟ وإذا سافر فبأيّة نيّة؟ وإذا عبد الله فبأيّة نيّة؟ وما هدفه في الإنقاص والزيادة في العبادة والصلاة والدعاء وقراءة القرآن؟ 

  • ما هو الهدف من الهبات التي يهبها والنفقات التي ينفقها؟ ما هي النيّات الكامنة وراء الستار في إقباله على أمور الدنيا وتولّي المسؤوليّات؟ 

  • التقوى وقلّة الطعام

  • فهذه الأمور هي التي تعدّ في نظر عامّة الناس معيارًا للزاهد والتقيّ، فمثلاً إذا أكل الإنسان القليل من الطعام يقولون هو معرضٌ عن الدنيا لا يبالي بها، انظروا كم هو قليل الطعام ولكن هل حقيقةً قلّة الطعام تعني الزهد؟ هل قلّة الطعام تعني عدم الاهتمام بأمور الدنيا ونعمها؟ أم أنّه يمكن أن يكون هذا بنفسه نوعًا من الميل إلى الشهوات؟ 

  • يقول الله تعالى إنّه يجب أن تأكل ذلك الطعام المفيد لك ويمكن أن يكون مركبًا لك، لا أن تأكل بمقدارٍ يجعلك مركبًا له. هذا هو المعيار لتغذية الإنسان. ونحن نرى ذلك في كلمات الأئمة عليهم السلام، إن شاء الله إذا وفّقنا الله سنتحدّث لاحقًا حول أمور التغذية حيث يتحدّث الإمام لعنوان عنها.

  • يقول بعض الرفقاء: هذا الطعام الذي نأكله ما هي حدوده؟ 

  • فأقول: لم نصل بعد إلى ذلك الموضع، فلا زلنا في فسحةٍ، فحتّى نصل إلى ذلك الموضع ونرى ما هو المطلوب فنحن معذورون!! 

  • هناك سيُطرح أنّ المعيار في تغذية السالك إلى الله عبارةٌ عن أن يكون الطعام مركبًا له، أي يسبّب حركته وقدرته وصحّته واستطاعة القيام بالأمور والعبادات والأعمال. أمّا لو كان الطعام بنحوٍ يكون فيه الإنسان مركبًا ويأخذ منه قدرته وذهنه ويجعله ثقيلاً وسببًا لألف مرضٍ وأمثال ذلك فهذا الطعام ليس مفيدًا له، هذا هو المعيار والميزان.

ما هي حقيقة التقوى

9
  • فعلى من يُطلق الزاهد؟ هل الزاهد هو من كان طعامه قليلاً جدًّا؟ كلاّ، ليس الأمر كذلك، فكم من الناس يشكّل لهم هذا النوع من الطعام لذّةً نفسيّة، فليس كلّما كان طعام الإنسان خفيفًا كان قربة إلى الله، هناك الكثير من الناس إذا أكلوا أكثر من المتعارف مرضوا، لا يسمح لهم الطبيب أن يأكلوا في وقتٍ ما أكثر من مقدارٍ معيّنٍ من الطعام، تناول الطعام الثقيل مكروهٌ في الليل ويسبّب المرض، فالذين يعانون من أمراضٍ في القلب وضغطٍ في الدم إذا تناولوا طعامًا ثقيلاً في الليل زاد مرضهم، فمن مصلحتهم أن يأكلوا طعامًا خفيفًا في الليل، فلو أنّ إنسانًا تناول في الليل الخبز والجبن والخضار احتراسًا من هذا المرض أو لأجل التداوي فهل يُقال إنّه زاهد؟! لو فعل هذا الإنسان خلاف ذلك فهو أحمق؛ لأنّ عمله يتنافى مع المنطق ومع القواعد العقلانيّة للصحّة والتغذية والسلامة، فليس كلّما أكل الإنسان طعامًا خفيفًا أو يسيرًا كان في نظر عوامّ الناس زاهدًا.

  • اللذّة النفسيّة في قلّة الطعام

  • في كثيرٍ من الموارد يظهر هذا الأمر للإنسان بشكل لذّةٍ نفسيّة، فالنفس في علاقتها مع الناس تعدّ هذا الأسلوب وهذه الطريقة وسيلةً للعلوّ والترفّع على الناس، يقول: انظر الجميع جالسون على المائدة والجميع يأكلون الأطعمة المتنوّعة والمختلفة الألوان وأنا هنا آكل الخبز والجبن والخضار أو الخبز والخضار فقط. فهذا الأمر وهذه الحالة النفسيّة تسبّب له لذّة لا تحدث له بتناول هذا الطعام المتنوّع ألف مرّةٍ، فهذا الإنسان ليس زاهدًا، لو كان هذا الإنسان في مكانٍ وحده بغير ناظرٍ فهل كان يأكل الخبز والجبن أم كان سيأكل من تلك الأطعمة؟! فليلاحظ نفسه عندما يجلس إلى المائدة ما هي حالتها؟ وما وضعها وما موقعها؟ فهل وجود الناس على هذه المائدة ونظرهم إليه وعدم وجودهم سيّان؟ إن كان سيّان يُعلم أنّ هذا جيّد. نعم أحيانًا يصبح الخبز والجبن عادةً للإنسان ولا شأن له باللّذة النفسيّة في كثيرٍ من الموارد لا تشكّل الأطعمة المختلفة لذّةً للإنسان، فالإنسان الظمآن لو وضعت أمامه ألف نوعٍ من الطعام فلا لذّة له، تناول الماء، الماء الذي لا يوجد شيءٌ مثله في الدنيا بلا طعمٍ، فهل لديكم شيءٌ في الدنيا بلا طعمٍ كالماء؟ ما هو طعم الماء؟ لا طعم له أبدًا. ولكنّ هذا الماء عند العطش يسبّب للإنسان لذّةً لا يسبّبها ألف نوعٍ من هذه الأطعمة على المائدة، إذا كنت في غاية العطش ثمّ جلست على المائدة فانظر هل لديك ميلٌ إلى الطعام أم لا؟ أصلاً لا تنظر، لماذا؟ لأنّ الإرادة والنفس واعتدال مزاج الإنسان تطلب في ذلك الوقت الماء الذي لا طعم له، لا طعم له. فإذا شرب الإنسان الماء وشبع من هذه الجهة ووصل إلى مرحلة الاعتدال يبدأ باشتهاء الطعام، حينها يختلف الأمر عنده بالنسبة إلى الطعام وهنا تختلف أنواع الأطعمة بالنسبة إليه.

ما هي حقيقة التقوى

10
  • إذن المسألة ترجع إلى نوعٍ من العادة النفسيّة وحاجة النفس، أي إنّ نفس الإنسان وجسم الإنسان أيّ شيءٍ يطلبان؟ أيّ شيءٍ يريدان في هذا الموضع؟ هكذا. الطعام وقلّة الطعام والأطعمة التي لا قيمة لها عند عوام الناس يمكن أن تسبّب في بعض الموارد حالةً للإنسان تتحوّل من حالةٍ عاديّةٍ وظاهرية للبدن والنفس إلى حالةٍ اعتباريّةٍ ومجازيّة، تلك الحالة الاعتبارية تُسمّى لذّةً نفسية. يأنس لأنّك تراه يأكل هذا الطعام بينما لا يأكل الآخرون منه، يلتذّ من أنّ الناس لا يرغبون بهذا الطعام وهو يأكله، يمتلئ ويشبع من حكم الناس عليه بهذا.

  • زهد عمر!!

  • لقد كان عمر من هذه الناحية زاهدًا جدًّا، ويُنقل في الكتب أنّ طعامه كان الخبز والخلّ، فما إن يأتي أمام الناس كان يُحضر الخبز والخل والخبز والخضار، الخبز والجبن، الخبز و"البطاطس" لماذا؟! ليقول للنّاس: أنا أميركم أنا الحاكم على المسلمين هكذا هي حالتي. وواقعًا لو جاؤوا له بأفضل الأطعمة لما اشتهاها واقعًا هكذا، أي إنّ النفس تأتي وتتناول هذا الطعام بعنوان أنّه أفضل طعام وتأنس وتلتذّ وتشكر الله. ولكن إذا قالوا له: إنّ هذا الطعام الذي تأكله هل هو لأجل الله أم لأجل النفس؟ يقول لأجل الله، كيف يكون لأجل النفس؟ 

  • يقولون: إن كان لأجل الله فلماذا أخذت الخلافة من صاحبها وألصقتها بنفسك؟! فأعد تلك الخلافة. يقول: كلاّ لا أعيدها. ويستعدّ للهجوم على الفور. إن كان لأجل الله فأعد الخلافة أيضًا، أعدها إلى صاحبها، إن كان لأجل الله فلماذا قمت بتلك المعصية؟ لماذا تداري أصدقاءك في إقامة الحدود؟ لماذا تأتي لتخطب ابنة عليّ ثمّ تهدّده باتّهامه بالسرقة وقطع يده لماذا؟! لماذا إذا أراد ابن عباس أن يسألك عن أمرٍ ما يُحرجك في جوابه تردّه مهدّدًا؟ لماذا تغتال أعداءك خفيةً بالسّهام في جوف الليل؟ لماذا عند وفاتك ورغم أنّك تعلم أنّ الحق مع عليّ والخلافة له خاصّةً تقوم بتلك الحيلة بإعطائها إلى عثمان لماذا؟! أأنت زاهد؟! أنت زاهد؟! ذلك الخبز والخلّ الذي تأكله والذي يُذكر في كتب أهل السنّة وغيرهم من المؤلفين المنحرفين الشيعة فيعدّونك به زاهدًا، ما هو الأمر الخفيّ وراء هذه الخدعة؟ إن كنت صادقًا فهناك ألف مسألةٍ أهمّ من ذلك فتعال واهتمّ بها، كلا يا عزيزي، اذهب وكل أفضل الأطعمة لا شأن لأحدٍ بك ولن يعترضك أحد، اذهب وتناول أفضل طعام! وفوق ذلك قمت بعملٍ مكروه فلماذا تقوم بعملٍ محرّم وبعد ذلك تقوم بهذا العمل؟! 

ما هي حقيقة التقوى

11
  • التقوى والبعد عن المناصب

  • هناك الكثير من الناس بسبب عدم التدبير الصحيح والتربية الصحيحة وتصحيح النفس في طريق الأخلاق يبتلون أثناء مسيرهم بهذه المشكلة. فلأنّ النفس لا يمكنها أن تشبع بهذه الملذّات التي لدى العوام، يغني نفسه ويملؤها ويعطيها نصيبها من هذه الحياة بواسطة اللذّات التي يبحث عنها العوام، فيجعل هذه اللذّة في قالب الأمور التي تشدّ أنظار الناس والمؤمنين من المجتمع، ففي كيفيّة ملبسه يلبس ثيابًا تجعله في نظر المجتمع في مستوى متدنٍّ، وفي كيفيّة تناول الطعام يتناول طعامًا يشدّ أنظار الناس، وفي كيفيّة التعاطي مع أمور الدنيا والمراكز ينزوي لا عن تدبّرٍ عقلانيٍّ وانعزالٍ عن المشاغل للاهتمام بالمعنويّات وأمور الآخرة والتقرّب، بل يجعل نفسه إنسانًا متميّزًا عن المجتمع ومنعزلاً عن أفكاره وميوله وشهواته المألوفة. لا يقبل بالمسؤوليّة لا لأنّ المسؤولية تصرفه عن التوجّه، بل لأنّه لا يرى نفسه في مستوى الآخرين الذين قبلوا بهذه المسؤوليّة فيتنحّى عنها. لا يقبل منصبًا لا لأنّ هذا المنصب يمنعه عن الله، بل لكي يقول للآخرين: عُرِض عليّ وأنا رفضت، لكي يرى نفسه بين أقرانه والمحيطين به في جوٍّ من الشخصية وفي غطاءٍ من الأنانية يتنافى مع القبول بهذه المسؤوليّة، فلهذا لا يقبلها.

  • فليست حقيقة الأمر أنّه كلّما رفض الإنسان منصبًا فهو معرضٌ عن الدنيا كلا، ليس الأمر كذلك. والدواعي النفسيّة الكامنة وراء الأمر خفيّةٌ علينا ولكنّ الله مطّلع وأولياء الله مطّلعون، فليس كلّ من ابتعد عن أمور الدنيا معرضٌ عنها.

  • لقد اقترح أمير المؤمنين على الربيع بن خثيم أن خذ ولاية ذلك البلد، وأراد أن يجعله أحد قادته في معركة صفيّن، يريد أن يعطيه منصبًا وقيادةً للجيش. فقال: يا علي ما لي وللحرب؟! أرسلني إلى مكانٍ أصلّي فيه وأشتغل بالعبادة. فهل هذا إنسانٌ زاهدٌ وعابد؟! 

  • وسعد بن أبي وقاص من صحابة النبيّ والذي فتح إيران في معركة الإسلام ضدّ الكفر في إيران في زمان عمر بن الخطاب، كان هو القائد وزحف نحو إيران ولما وصلت الحكومة إلى أمير المؤمنين تنحّى جانبًا، ويعدّه أهل السنة من العشرة المبشّرين من الزهّاد والعبّاد الذين بشّرهم النبيّ بالجنّة، وسعد بن أبي وقّاص هذا لم يبايع أمير المؤمنين، لماذا لم يبايع؟! لماذا بايعت عمرًا؟! لماذا بايعت عثمان؟! لماذا إذا صرت في زمان عليّ بن أبي طالب عليه السلام امتنعت عن البيعة، لماذا؟! 

ما هي حقيقة التقوى

12
  • لقد استدل بهذا الدليل: 

  • إذا أردت أن أبايع عليًا فلا بدّ أن أدخل في المعركة. 

  • والقتال بين المسلمين حرام. 

  • فإذن الإقدام على بيعة أمير المؤمنين حرام.

  • ونحن نتنحّى عن عليّ ونتنحّى عن معاوية أيضًا ونسير في طريقنا الخاصّ، ثمّ بعد ذلك يعدّ هذا الإنسان عابدًا وزاهدًا.

  • وعندما استشهد أمير المؤمنين ذهب سعد بن أبي وقاص هذا إلى معاوية ليأخذ منه الدراهم والدنانير، ومعاوية أيضًا إنسانٌ حاذق، إنسانٌ مخادع، إنسانٌ فطن، يدرك الأمور، لم يكن معاوية جاهلاً فقال له: لماذا ابتعدت عن علي؟ 

  • فقال: لم أرد المشاركة في الفتنة التي كانت أيّام حكومة عليّ.

  • فقال معاوية: عجيب فإذن ماذا تقول هذه الآية: {وَ إِنْ طائِفَتانِ مِنَ الْمُؤْمِنينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُما فَإِنْ بَغَتْ إِحْداهُما عَلَى الْأُخْرى‌ فَقاتِلُوا الَّتي‌ تَبْغي‌ حَتَّى تَفي‌ءَ إِلى‌ أَمْرِ اللَّهِ}.۱ فهل كان الحقّ في هذه المعركة معي أم مع عليّ؟ فهو لا يخرج عن هذين، فأحرجه وقال له: أيّ كلام تقول أنت؟!٢

  • فلماذا لم يبايع سعد بن أبي وقاص أمير المؤمنين ولماذا قال أتنحّى؟! لأنّه كان يرى أمير المؤمنين في مستواه، لأنّه يراه في مستواه فلا يبايعه، أمّا لو كان النبيّ قد عاش من جديد وكان بدلاً من أمير المؤمنين لجاء حينها وبايع النبي لأنّه لا يرى النبيّ في مستواه فهل التفتّم؟! فهل هذه البيعة مع النبيّ لها قيمة؟ كلا. رغم أنّها بيعةٌ للنبيّ إلا أنّها ليست صادقة، بيعةٌ ناشئةٌ من التفكير والإحساس بالنقص أمام مقامٍ وموقعٍ رفيع، لذلك يمضي ويبايع. لو كانت البيعة بيعةً للّه فيجب عليك أن تبايع ابن خمس سنوات أيضًا، أن تبايع شابًا في العشرين من عمره، أن تشارك في جيش أسامة أيضًا، كان النبيّ يحتضر فأوصى أن: لعن الله من تخلّف عن جيش أسامة، أنفروا جيش أسامة٣، وكان أسامة شابًّا في الخامسة والعشرين أو السادسة والعشرين. من الذي يجب أن يذهب معه؟ أبو بكر ابن الستّين سنة أو السبعين عليه أن يذهب أيضًا. وعمر أيضًا يجب أن يذهب، جميع هؤلاء وجوه القوم المحيطون بالنبيّ عليهم أن يذهبوا ويشاركوا في جيش أسامة. وبمجرّد أن توفّي النبيّ ولم يعد هناك نبيّ ترى أنّهم رجعوا جميعًا، مما يعني أنّ اتّباع النبيّ منوط بكونه يتنفّس! وما إن انقطع هذا النفس انقطعت المتابعة. فكم لهذا من قيمة؟! 

    1. سورة الحجرات، مقطع من الآية ٩. 
    2. . منهاج البراعة فى شرح نهج البلاغة (الخوئي)، ج ۱٥، ص ٣٦٥.
    3. .أسرار الملكوت، ج ۱، ص ٣۰٤. الملل و النحل، ج ۱، ص ٢٩. المسترشد فى إمامة علي بن أبي طالب عليه السّلام، ص ۱۱٦.

ما هي حقيقة التقوى

13
  • فدعونا نقيّم أنفسنا أيّها الرفقاء، ولنختبرها شيئًا فشيئًا. تعالوا لنفكّر في أحوالنا، في سلوكنا، ولننظر إلى أيّ مستوى نحن نقبل بهذه الأمور وهذا الكلام وهذا الانتماء على أساس المنطق؟ وإلى أيّ مستوى على أساس الظروف؟! 

  • زهد أمير المؤمنين عليه السلام

  • من هو الذي كان زاهدًا؟ إنّه أمير المؤمنين. أخذوا حقّه وأجلسوه في داره، وقتلوا زوجته وقتلوا ابنه أمام عينيه، ولكنّه ماذا فعل؟ كان يشارك في صلاة الجماعة، في صلاة جماعة عمر. كان إذا طلبوا منه مشورة أعطاهم، لم يكن يقول: افعلوا ما شئتم لن أشير عليكم! أنتم أخبر بأموركم. هذا هو الزاهد. هذا عمله على أساس الصدق، لم يمزج عمله بشيء. كان بإمكان الإمام أن يقول ذلك ولا أحد يجبره. فلو جاؤوا وطلبوا منه المشورة فقال لهم: اصنعوا ما شئتم. فهل يقتلونه؟! كلاّ. بل يقومون ويذهبون إلى عملهم في النهاية. فأنت من قمت بذلك أنت. لم يكن مجبورًا أن يجيبهم في النهاية فهل يعدَم من لا يجيب؟! كلاّ ولكنّ كيف كانت رؤية الإمام؟ كانت رؤية توحيديّة، فقام بهذا العمل بينه وبين الله. الآن تقتضي مصلحة الإسلام أن أشارك في هذه المشورة. الآن تقتضي مصلحة الإسلام أن أقول هذا الكلام. فعلوا معي هذا الفعل، فليكن، لا بأس لقد فعلوه في الماضي. لقد فعلوا ذلك وهو لا علاقة له بهذا الوقت. وإذا أرادوا أن يفعلوه الآن أيضًا فهم أخبر فليفعلوا! هذان أمران مستقلاّن، فهذا العمل الذي يقومون به حسابهم فيه على ربّهم. أمّا هذا الكلام الذي يتكلّمونه معي فعليّ أن أجيبهم عليه. فأمير المؤمنين يفصل ويجعل كلّ عمل في مكانه، لقد فعلوا معي هذا، قتلوا زوجتي، قتلوا ابني، غصبوا منّي الخلافة فحسابهم على الله، ولا علاقة لي أنا، وقد جاؤوا إليّ الآن، وما دام الأمر لأجل الله، فإنّه ينسى ذلك. 

  • لقد أجاب أويس حين قال عمر: من يشتري منّي هذه الخلافة برغيفين من الخبز؟ فقال له: إن كانت الخلافة حقًّا لك فعليك أن لا تعطيها لغيرك، وإن لم تكن حقًّا لك فتنحّ، لماذا تريد أن تبيعها بقرصين؟ بكلّ وضوح ما شاء الله فهؤلاء هم شيعة أمير المؤمنين، أحرار لا يخافون أحدًا. إن كانت حقًّا لك فلماذا تعطيها لغيرك؟ ليست حقّك فاذهب وشأنك ليأتي صاحبها ويأخذها. ولا مزاح في ذلك. 

ما هي حقيقة التقوى

14
  • فماذا فعل أمير المؤمنين؟ قاموا معه بكلّ تلك الأعمال ومع ذلك تعامل معهم وكأنّ شيئًا لم يكن. 

  • لم يكن عمر يحمل همّ الإسلام، لم يكن يحمل همّ خلافته. لو كان يحمل همّ الإسلام لما قال: الصلاة خير من النوم بدلاً من حيّ على خير العمل. لقد كان فاتحًا للبلدان، كان يريد الإسلام في ظل خلافته هو لا الإسلام بدون الخلافة، لذلك لو عجز لقال: فليرجع الإسلام إلى الكفر ما شأني أنا؟ ألم يفعل معاوية ذلك؟ عندما تغلّب على الإمام الحسن عليه السلام جاء إلى الكوفة وقال: لا يهمّني عملكم، لا صلاتكم ولا صيامكم، إنّما قاتلت عليًّا والحسن وقاتلتكم لأتأمّر عليكم، لا يهمّني دينكم، إنّما تهمّني دنياكم، قالها بصراحة، قال كلّ ما في قلبه. قال: أنا لا شأن لي بدينكم فإن شئتم حجّوا أو لا تحجّوا وصلّوا أو لا تصلّوا فالأمر هو لصالحنا فإنّا نصل إلى أهدافنا أسرع. نحن نريد أن نردّ الإسلام إلى الجاهليّة، نريد أن نردّه، فلا تصلّوا واجلسوا! نحن نريد أن نحكم ونتولّى الخلافة وقد فعلنا ووصلنا إلى هدفنا. 

  • فعمر هذا في مثل هذه الظروف يشاور أمير المؤمنين، وأمير المؤمنين يعلم أنّ الإسلام في هكذا أحوال يحتاج إلى مشورته، فيهتمّ بالإسلام. هكذا هم أولياء الله. فالمقام والمنصب لا يهمّ أولياء الله، وسواء كانوا أصحاب مقام أم لم يكونوا وسواء أخذوا منهم المقام أم لم يأخذوا وكانوا متنحّين أم لم يكونوا، كيف هي أحوالهم؟ هناك جانب واحد يلاحظونه وهو عبارة عن ذلك المعيار الذي ذكره والذي قدّمه الإمام الصادق عليه السلام، ينظر فيرى أنّ هذا العمل هو موضع رضا للّه أم لا؟ فقط هذا وينتهى الأمر، ولا يهمّه الماضي والحاضر وهذا وذاك. حتّى الآن وهو يطلب المشورة منّي فإنّه يأتي غدًا ويوقعني في تلك المشكلة، لا شأن لي بذلك. يعلم أنّه يأتي غدًا وينزل على رأسه هذا البلاء يعلم، ورغم ذلك يقول: مصلحتك الآن أن تقوم بهذا العمل، فيذهب ذاك ويقوم به، يقوم به. لماذا؟ لأنّ العلّة الغائيّة لهذا الأمر هي شيء آخر. 

ما هي حقيقة التقوى

15
  • كيف نستفيد من شهر رمضان؟

  • لقد كنت ناويًا اليوم أن أتحدّث حول هذا الموضوع أكثر، ولكن نظرًا إلى حلول شهر رمضان، ورعاية للآداب والظروف قلت: أتحدّث مع الرفقاء بضع كلمات حول هذا الأمر، وإن شاء الله يبقى موعدنا إلى ما بعد شهر رمضان. 

  • شهر رمضان هو آخر شهر من هذه الأشهر الثلاثة المباركة والميمونة، وفي الواقع يمكن أن نقول إنّ نتيجة هذين الشهرين وعبادة هذين الشهرين تُظهِر للإنسان في شهر رمضان صورَتها الواقعيّة والباطنيّة. وكأنّ تلك الحالات التي يجب أن تترك في شهري رجب وشعبان آثارًا عميقة في نفس الإنسان وتلك المراتب الجلاليّة لشهر رجب والجماليّة لشهر شعبان تُخرِج نفس السالك ـ معًا وجنبًا إلى جنب في شهر رمضان ـ من الميول والكثرات، وتُصاغ تلك الأعمال والتصرّفات كزينة وحليٍّ. فكأنّ الله تعالى يجعل تلك الأعمال تتبلور في شهر رمضان بحيث يشاهد الإنسان في نفسه تلك التأثيرات السابقة لمراقباته وسلوكه وكيفيّة مراقبته وأدعيته وعباداته، فحالة الانبساط التي تكون في شهر رمضان ترجع إلى هذا. وتلك الحالة الروحيّة المشهودة التي يشعر بها الإنسان شاء أم أبى ولو سألت أيّ إنسان يقول: كأنّنا في أجواء أخرى وفي حالة أخرى، هي لأنّ الله تعالى يجعل الأبعاد الجلاليّة والجماليّة لحالاته ونفحاته في شهر رمضان على هيئة انبساط وبسط وروحانيّة ونشاط. 

  • لذلك فقد كان تأكيد الأعاظم على رعاية المراقبة في شهر رمضان شديدًا جدًّا. وجميع الأعاظم كان لهم عناية خاصّة بالنسبة إلى شهر رمضان، وكان حساب شهر رمضان يختلف عندهم. فقد كانوا يدقّقون في كيفيّة طعامهم وذهابهم وإيابهم وما يسمعون وعلاقاتهم وكلامهم وتخيّلاتهم وتفكيرهم ـ وللرفقاء اطّلاع على ذلك بمقدار ما زاد أو نقص ـ وخصوصًا في العشرة الأخيرة من شهر رمضان فقد كانت مراقبتهم شديدة أكثر، وكانت علاقاتهم أقلّ، وكانت لهم عناية أكثر بهذه العشرة الأخيرة قياسًا إلى العشرين الأولى. 

  • كان ممّا سمعته من الأعاظم حول هذا الأمر ما يرتبط بموضوع كيفيّة تناول الطعام، حيث كانوا يؤكّدون أنّ على الإنسان أن يتناول في الليل طعامًا خفيفًا. وطبعًا لا الطعام الذي يسبّب ضعفه ويمنعه من القيام بالعبادات. وليعلم الرفقاء أنّ أهميّة ليالي شهر رمضان تفوق أهميّة أيّامه، وليلتفتوا إلى أنّ تلك الحالة التي تحصل للإنسان بواسطة الصيام والإمساك والمراقبة تثبَّت في الليل وتُنقش. لذلك فلا يتصوّر أنّه قد انتهى وقت الصوم وحلّ الليل، وخرج الإنسان من الصيام؛ فليفعل ما يحلو له، وليذهب إلى حيث يشاء، وليتكلّم مع من يريد، وليتردّد على من يحبّ، وتلك الآثار التي حصلت في النهار بسبب تلك الأمور علينا أن لا نخسرها في الليل، بل علينا في الليل أن نهتمّ بآثار النهار ونحسن ضيافتها. 

ما هي حقيقة التقوى

16
  • لذلك قالوا يجب أن يكون الطعام خفيفًا في الليل بما لا يسبّب ضعف الجسد، فهذا الشرط مهمّ. أمّا لو أكل الإنسان إفطارًا ثقيلاً، أو كما هو متعارف في هذه الأيّام من أنّهم يتناولون إفطارًا خفيفًا، ثمّ بعد ساعتين يتناولون طعام العشاء، فهذا كلّه مضرّ، ويسبّب المشكلات في عمليّة الهضم ويؤدّي إلى الشعور بالثقل، وهذه الطريقة من تناول الطعام وهذه الطريقة من الإفطار تذهب بحالات الإنسان الليليّة. علينا أن لا نتناول أكثر من وجبة إفطار واحدة، ويجب أن يكون الطعام خفيفًا، حتّى وإن دعونا على الإفطار وهو أمر مستحبّ وسنّة وورد فيها تأكيد شديد، حتّى قيل لو فطّر الإنسان حتّى بحبّة تمر كتب له ثواب إفطار. ولكن في الوقت نفسه على الإنسان أن لا يحوّل هذا العمل المستحبّ إلى ركود وخمود فيؤدّي إلى الذهاب بآثار العمل. 

  • والذهاب كلّ يوم إلى مكان ليس بالأمر المطلوب، والدعوة التي يريد الإنسان أن يدعوها ليس من اللازم أن يدعو فيها جميع الأصدقاء، كلاّ! يريد أن يعمل بهذه السنّة وبهذا الاستحباب، فيلتقي بواحد أو اثنين من أصدقائه في الطريق ويقول لهم: تفضّلوا الليلة إلى منزلنا للإفطار، ويأتي لهم بالطعام الموجود، والمبالغة ليست صحيحة، وعلى الإنسان أن لا يقوم بما هو زائد على الأوامر الواردة. 

  • ومن الأمور التي صارت رائجة للأسف في الوقت الحاليّ بين الناس أنّهم يجعلون الإفطار في الصالات والمطاعم والمنتزهات و... يجب أن يكون الإفطار في المنزل، يجب أن تأتي البركة إلى المنزل. ومثله مجالس الفاتحة التي تجعل هناك، أو مثلاً الذين يرجعون من الحجّ يدعون إلى الصالة، كلّ هذا اعتباريّات، ولا يعطى هذا الإنسان مثقال ذرّة من الثواب، فإذا رجع الإنسان من مكّة وأراد أن يولم فليجعل الوليمة في منزله، وليس من اللازم أن يدعو أربعمائة إنسان، فليدع عشرين، خمسة عشر، عشرة، وليجعلها على مرحلتين. الذهاب إلى تلك الأماكن خروج عن سنّة الإسلام. إنّها أماكن يشارك فيها جميع الناس من كلّ الأنواع والطبقات والذين هم من أهل الدنيا، ففي يوم يكون فيها مجلس كذا، وفي اليوم التالي مجلس وليمة العودة من الحجّ. في يوم يقيمون فيها احتفال كذا وبطريقة غير مناسبة، وفي اليوم التالي يقام فيها مجلس فاتحة وإفطار وأمثال ذلك. 

ما هي حقيقة التقوى

17
  • ما أمر به الأعاظم هو أن تدعوا إلى الإفطار في منازلكم. لا تدعوا إلى هذه الأماكن، فإذا رجعتم من الحجّ فأقيموا وليمة في منازلكم، فهذه الأماكن لا تأتي بالبركة وبالروح للإنسان، ولا تحقّق له النورانيّة، يجب أن يكون في المنزل. يجب أن لا يقع ظلم على الزوجة والأولاد، وأن لا يكون هناك تكليف زائد، وفي المقابل يجب أن لا يبلغ الأمر أن يذهب الإنسان كلّ يوم إلى مكان، كلاّ، ليس من الضروريّ. فلو لبّى الإنسان في شهر رمضان بضعة ليال يكون قد عمل بالسنّة، والأفضل أن يبقى في منزله، وأن يتناول الطعام الذي يحتاجه في منزله كي يتمكّن من القيام بالأعمال وينال تلك النعم التي أودعها الله في إحياء ليالي شهر رمضان، لا فقط في الليلة التاسعة عشرة والواحدة والعشرين...

  • وعلى الإنسان أن لا يقضي كامل الليل بالنوم، فلينم ساعة أو ساعتين ثمّ يقوم إلى أذان الصبح ووقت السحر، فيقضي الإنسان وقته بالأعمال وبالخلوة وبالتفكّر، ولو لم يقرأ شيئًا فليكن، لو لم يقرأ القرآن فليكن، هذا ليس واجبًا، على الإنسان أن يراعي حال نفسه، فكثيرًا ما يصل الإنسان بالتفكّر وبالسكوت إلى أمور لا ينالها بالقراءة. 

  • ينبغي أن تكون العلاقات في شهر رمضان محدودة، الكلام الذي يتكلّمه الإنسان سواء في نهار شهر رمضان أو في لياليه ينبغي أن لا يكون من أيّ نوع من الكلام. ينبغي أن تتضاعف مراقبة الإنسان في شهر رمضان، وينبغي أن تكون تخيّلات الإنسان وأفكاره في شهر رمضان إلهيّة وأن يسعى أن لا يتخيّل في ذهنه تخيّلا سيئًا، وإن كان بينه وبين واحد من الناس مشكلة فلا يسمح أن تأتي التخيّلات وتأتي بل عليه أن يتجاوز. فهذه التخيّلات تسبّب أن تغلق تلك النفحات الإلهيّة، وما إن تأتي حتّى يشعر أنّ باب قلبه قد أغلق. لقد امتلأ القلب من الكثرات ومن التخيّلات، فالنفحات الإلهيّة تقول: إمّا أنا وإمّا هي. 

  • فإذن على الإنسان أن يهتمّ بهذه الأمور. وكذا بالأعمال التي يقوم بها أثناء النهار، فينبغي أن يقلّل من مقدار عمله وشغله في النهار، وأن يوصله إلى النصف أو الثلثين. وإن لم يكن هناك ضرورة فالأفضل أن يبقى في شهر رمضان في البيت. 

ما هي حقيقة التقوى

18
  • وهكذا هو الحال في كيفيّة الطعام في السحور، فالطعام الذي يتناوله يجب أن لا يكون ثقيلاً بل مقويًّا يوصله إلى الليل، فالصيام مع الضعف لا فائدة منه أبدًا، أي أن يصوم الإنسان ويغلبه الضعف. لا تتصوّروا أيّها الرفقاء يومًا ما أن نأكل يسيرًا ونضعف فيزيد الله من بركاته، كلاّ، فالضعف يؤدّي أن تتزلزل الروح في استقامتها، وضعف البدن والحالة النفسيّة والروحيّة تسيطر على الإنسان، بل يجب أن يشعر الإنسان بالجوع وفي الوقت نفسه لا يصاب بالضعف والتعب. 

  • فإذن يتناول في الليل طعامًا خفيفًا، وعند السحور طعامًا مقويًّا يمكن أن يحافظ على الإنسان، وعلى الإنسان أن يبتعد عن الانشغالات الكثيرة، وعن كثرة الكلام في شهر رمضان، فلا يتكلّم وما لم يُسأل عن شيء فلا يبدأ هو بالكلام، ولا يقول أيّ كلام، ولو كلامًا مثل هذا: كنت آتيًا في الطريق فرأيت حادث سير! لماذا؟ كنت آتيًا فرأيت الغيوم تتلبّد. حسنًا تتلبّد فلتتلبّد. كنت آتيًا فرأيت شجارًا بين اثنين. كلّ هذا أمور لا قيمة لها... 

  • إن شاء الله سنبيّن في بحث الصمت من حديث عنوان أنّ الكلام بنفسه ولو كان جائزًا مضرٌّ للسالك، الكلام الجائز نفسه لا المخالف للشرع لا التهمة ولا الغيبة ولا سائر الأمور المحرّمة والمخالفة للشرع كلا بل هذا الكلام المألوف والمتعارف وطبعًا ينبغي أن لا يكون الإنسان بحالةٍ من الانطواء على النفس والخصومة مع الجميع حيث تتقطّب الحواجب ولا يضحك حتى للرغيف الحار كما يقال كلا، بل على الإنسان مع المحافظة على انبساط الوجه أن يسلك سلوكًا مألوفًا ومتعارفًا، بحيث لا يؤدي إلى الإضرار بالآخرين أو خسارة حالاته، بل تكون لديه حالةٌ بين هذين الحالتين، فالكلام اللغو يؤدي إلى الخسارة، ومن جهةٍ أخرى عدم الكلام أصلاً يسبّب أن تثور حوله التصوّرات والتخيّلات والتوهّمات، فكلا هذين الأمرين خاطئٌ:

  • ره جنان رو كه رهروران رفتن***
  • يقول: اسلك الطريق كما سلكه السالكون. 

  • وقد كان الأعاظم يؤكّدون على ذلك كثيرًا. 

  • الأفضل أن يصوم الإنسان في شهر رمضان المبارك ما أكّد عليه الأعاظم من صوم خواصّ الخواصّ، والذي يختصّ بالخواصّ من أولياء الله والذي لا يُحضر فيه الإنسان إلى ذهنه سوى الله.

ما هي حقيقة التقوى

19
  • صلة الرحم في شهر رمضان مستحبّةٌ جدًّا وعلى الإنسان أن يصل رحمه.

  • زيارة القبور تأثيرها في شهر رمضان يفوق تأثيرها في غيره وخصوصًا في حالة الصيام حيث يكون لها تاثيرٌ أعمق، وينبغي أن تكون بالطريقة التي أمر بها المرحوم العلامة والتي ذُكرت لكم. 

  • وزيارة الأماكن المقدّسة فالذين هم في قم يزورون السيّدة المعصومة عليها السلام والذين هم في مشهد يزورون الإمام الرضا عليه السلام، والذين في طهران يزورون الشاه عبد العظيم عليه السلام وفي الأماكن الأخرى إن كان هناك مكانٌ مقدّس فليزره الإنسان حتمًا مرّةً كلّ بضعة أيّام، فالزيارة في حال الصيام أثرها أكبر من غيرها، والذين يعيشون قرب مكانٍ مقدّس من الأفضل أن يزوروا كلّ يوم، وقد كان المرحوم العلامة الطباطبائي يأتي كلّ يومٍ لزيارة السيّدة المعصومة قبل الإفطار ثمّ يمضي إلى منزله ويُفطر، فهذه الطريقة هي طريقة الأعاظم فالتفتوا، هؤلاء لم يكونوا يقومون بذلك عبثًا، كانوا يرون شيئًا حتّى فعلوا ذلك، كانوا يشعرون ببعض الأمور وعلى الإنسان أن يستفيد من هذه النعم الإلهيّة، وعندما يقول الإمام عليّ النقي عليه السلام حول الشاه عبد العظيم: من زار عبد العظيم كمن زار الحسين بكربلاء ۱ فهذا يعني أنّنا قد جئناكم يا أهل طهران بالإمام الحسين فلماذا لا تأتون؟! فكيف يبيّن الأمر أكثر من ذلك؟! فهذا كلام الإمام عليّ النقيّ وليس كلامي أنا.

  • الإمام يقول: من لا يتمكّن من زيارة كربلاء فهذا الشاه عبد العظيم على بعد فرسخين، لماذا؟ لأنّه متّصلٌ، هو من نهرٍ واحدٍ، متّصلٌ بالإمام الحسين، متّصلٌ بسيّد الشهداء، متّصلٌ بالإمام الهادي، فلأنّه متّصل فإذا ذهبت إليه فكأنّك زرت روضة سيّد الشهداء. ولأنّ السيّدة المعصومة متّصلة، فإذا زرتها فكأنّك زرت الإمام الرضا عليه السلام بلا أيّ فرقٍ، إن كان هناك أحد أحفاد الأئمة قريبًا منكم وزاره الإنسان بنيّة أنّه متّصل وصلّى عنده الظهر والعصر وقرأ الفاتحة وجلس نصف ساعةٍ ثمّ رجع فلينظر هل يرى آثار ذلك أم لا؟ لقد سهّلوا علينا الأمر كثيرًا وهوّنوه ونحن نتنحّى بأنفسنا ونقبع في بيوتنا غير آبهين ولا مبالين، كلا، لا يصحّ ذلك، فالذهاب إلى هذه الأماكن يسبّب النورانيّة للإنسان، ويسبّب له الحركة والتقدّم، والنورانيّة ليست مهمّةً المهمّ هو التقدّم، فإذا ذهب الإنسان إلى قبر أحد الأعاظم ، فبمجرد أن يجلس ويقرأ الفاتحة تقدّمت به روح ذلك العظيم إلى الإمام، لذلك إذا خرج من المقبرة يشعر أنّ حاله قد اختلف قليلاً، وهذا لا علاقة له بالنورانيّة، المهمّ للسالك هو الحركة وإن لم يكن هناك نورانيّة، رغم أنّها موجودة ولكن المهمّ هو الحركة، أيّ إنّ نفس ذلك الولي تتقدّم به بواسطة العلاقة التي تُنشئها النفس معه، وتسير به إلى الأمام. فعندما تذهب إلى زيارة حرم عبد العظيم فإنّ نفس السيّد عبد العظيم تدفعك قليلاً وتتقدّم بك خطوةً، وفي المرّة الثانية أيضًا خطوةٌ أخرى، لذلك عندما يرجع الإنسان فإنّه يختلف في ذلك اليوم الذي زاره فيه عن اليوم الذي لم يزره ويرى أنّ أعماله قد تغيّرت وأفكاره تغيّرت وحالته بالنسبة إلى هذه الأمور قد تبدّلت ففي زيارة الأعاظم هذا الأثر. 

    1. .ثواب الأعمال قال : حدثني علي بن أحمد قال : حدثني حمزة بن القاسم ، قال : حدثنا محمد بن يحيى العطار عمن دخل على أبي الحسن علي بن محمد العسكري عليه السلام من أهل الري ، فقال : أين كنت ؟ قلت : زرت الحسين عليه السلام فقال : أما أنك لو زرت عبد العظيم لكنت كمن زار قبر الحسين عليه السلام ( لئالى الأخبار، ج ٣، ص ۱٦۰: و فيه عنه‌[ الرضا] عليه السّلام أيضًا قال: من زار عبد العظيم الحسنى بالرّى كمن كان زار اباعبدالله عليه السّلام بكربلاء.

ما هي حقيقة التقوى

20
  • لماذا كان السيّد الحداد يؤكّد كثيرًا على ذلك ويقول إنّ على السالك أن يزور أولياء الله؟ فالسيّدة المعصومة هنا وهي تكفي، ولكن أيضًا هناك أولياء آخرون في مقبرة شيخان وأولياء في مقبرة عليّ بن جعفر، ولكلٍّ منهم أثرٌ خاصّ من آثار نفوسهم الطيّبة يلقونها إلى زوّارهم، لكلٍّ منهم أثر، فلذا على الإنسان أن يستفيد من ذلك.

  • فإذن ما كان يؤكّد عليه الأعاظم هو أنّ على السالك في الخطوة الأولى أن يُعمل كامل الدقة في أمر التغذية فلا يتناول الأطعمة التي تُسبّب غلظة الدم ونحوه، فهي مضرّةٌ للإنسان، وأن يتناول الأطعمة التي تسبّب رقّة الدم، وبعبارة أخرى صيرورةة الدم قَلَويًّا لا حمضيًا فهذه هي الأطعمة المفيدة للإنسان كالفواكه والخضار وخصوصًا الأطعمة التي هي أقلّ ثقلاً. وعلى الإنسان أن يقلّل من تناول اللحوم أو من بعض أنواعه التي تسبّب حالة الثقل، وطبعًا كلّ ذلك بشرط أن لا يفقد الإنسان قدرته وقوّته على الاستمرار في الصيام. لأنّنا تحدّثنا في إحدى السنوات حول هذه الأمور المرتبطة بشهر رمضان ويبدو أنّ بعض الرفقاء فرّطوا كثيرًا في كيفيّة تناول الأطعمة فابتلوا بأمراضٍ وقلنا إنّ هذا ليس صحيحًا ولم يكن دأب الأعاظم وأولياء الله هكذا. وقد أوصونا بالطريق الذي سلكوه هم أنفسهم، ألم تروا أنّ المرحوم العلامة كان يقول في الروح المجرد إنّه عندما كان يذهب إلى منزل السيد الحداد أوقات السحر كان يجد أنّه يتناول الخبز والخضار فكان يقول: أنا لا أستطيع ذلك، إنّه هو ومزاجه ووضعه الذي جعله الله هكذا في حالةٍ خاصّة.۱ لا شكّ أنّ الحالة المعنوية لها أثر في ذلك وسيطرة الحالات المعنوية لها أثرٌ وإلا فأن يبقى إنسانٌ من الصباح حتّى الليل صائمًا اعتمادًا على الخبز والخضار وهو يعمل في الحدادة فهذا لا يمكن أبدًا. قال المرحوم العلامة: نحن رأينا أنّه لا يمكننا ذلك، فكنت آكل الخبز والخضار هناك ثم آتي إلى البيت وآكل الباقي وذلك في حرارة كربلاء وفي فصل الصيف، في أواخر الصيف، فالطقس حارٌّ والأمزجة مختلفة أيضًا. 

  • لذلك كنّا يومًا في منزل السيّد الحداد رحمه الله، وكنت حينها من أهل التقشّف والمبالغة الذين حدّثتكم عنهم اليوم، من أهل الزهد الخاطئ وكنت صغيرًا لا أتجاوز الثامنة عشرة، فنظر المرحوم العلامة إلى السيّد الحداد وقال: سيدنا انصحوا السيّد محمّد محسن هذا فهو لا يأكل أبدًا، فتحدّث إليّ نصف ساعةٍ وإن شاء الله سأنقل لكم بعض الكلام الذي قاله، فالكلام الذي ذكرته اليوم لم يكن منّي، كان كلامًا سمعته من الأعاظم، وكانت خلاصة كلامه هو أنّ عليك أن تأكل بحيث يكون الطعام مركبًا لك ويمكنه أن يسير بك، عليك أن تدرس وتطالع فأنت في سن الشباب، أنت الآن في مرحلة النموّ، الآن مرحلة القراءة والعمل والتحصيل والجدّ وأمثال ذلك، إذا أردت في سنّ السادسة عشرة والسابعة عشرة أن تأكل الخبز والخضار فهذا لا يمكن، وطبعًا لم أكن تلميذًا مطيعًا كثيرًا، وكي لا أجانب الصواب في كلامي فقد خالفته وأردت أن يكون وضعي أكثر خفّةً، فبعد عودتي وفي تلك السنوات الأولى التي تشرّفت فيها بالسكن في قم، قلّلت مقدارًا ما أو مقدارين عن ذلك المستوى الذي حدّده لي ثم ابتليت بالأمراض ولا زلت مبتلى، فهذا لأجل عدم الإصغاء إلى كلامه، فعندما يقولون: افعل هذا فعلى الإنسان أن يفعل، ولكن نحن نريد أن نكون ملوكيّين أكثر من الملك، كلاّ يا عزيزي، لقد جعل الله طريق الإنسان ورقيّه وتكامله في هذا وقال قم به، علينا أن لا نزايد وعلى الإنسان أن لا يقصّر أيضًا، فهذا الطريق هو طريقٌ قد رُسم بأفضل طريقةٍ.

    1. الروح المجرّد، ص ٣٥

ما هي حقيقة التقوى

21
  • كان السيّد القاضي يذهب إلى منزل السيّد مرتضى الكشميري ، وكان السيد مرتضى الكشميري من الأعاظم من العبّاد والزهّاد وأهل المراقبة، ووصل إلى بعض المراتب، وكان من أهل المكاشفة والتصرّفات الخارقة للعادة، طبعًا لا يُفهم الأمر خاطئًا فقد كان هو طعامه بهذا الشكل وكانت طبيعته هكذا ووصل طبعه إلى حالةٍ بحيث يأكل فيها القليل من الطعام، فكان السيّد القاضي يذهب إلى منزله لتناول الطعام وينقل الحاج الشيخ عباس القوجاني رحمه الله عن المرحوم القاضي أنّه كان يقول: جلسنا إلى المائدة وأمر بإحضار الطعام فبسطوا مائدةً ووضعوا عليها حبّتان من البطاطس واحدة هنا وواحدة هناك للسيد القاضي، ومقدارًا من خبز الشعير وإبريق ماء، حسنًا فلنأكل وننظر ماذا سيحدث؟ أكلنا فوجدنا أنّ هذا الطعام ضاع بين أسناننا ولم يدخل جوفنا، طبعًا هذا ما أقوله أنا، ذهبت إلى البيت وقلت : ائتونا بالطعام فهذا لم يصل إلى معدتنا. فأين كان السيد القاضي آنذاك عندما قال ذلك؟ كان وليًا لله. عندما كان كذلك قال هذا الكلام. فلكلّ إنسانٍ حسابه، لقد خلق الله هذا الجسم بهذه الطريقة وعلى الإنسان أن يعمل وفق ما يقتضيه جسمه، وطبعًا لا أريد أن أسيء الأدب إلى المرحوم السيّد مرتضى الكشميري فقد قلت إنّ حالته كانت هكذا ولكن إذا أراد الإنسان أن يجعل ذلك في حالةٍ من القداسة فإنّ الله لا يعطيه شيئًا ويكون قد خسر من جيبه هو، وعلى الإنسان أن يراعي دائمًا حدّ الاعتدال. هذا ما تقدّم.

  • وتقدّم أنّ المرحوم العلامة كان يهتمّ كثيرًا بالعشرة الأخيرة، فلم أره ينام في العشرة الأخيرة وإن كان ينام فلم يكن ينام أكثر من نصف ساعة، وأمّا السيّد القاضي فلم يكن أحدٌ من تلامذته يراه في العشرة الأخيرة فكان يذهب إلى مكانٍ خاصٍّ به في الخلوة، فقد كان الأعاظم يهتمّون كثيرًا في هذه العشرة الأخيرة، فإذا استطعنا أن لا نذهب إلى إفطارٍ وأن نكون في منزلنا فهو أفضل، ونسعى إن كان هناك دعوةٌ أن تكون في العشرين الأولى. لا أقول لا ولكن أنقل دأب الأعاظم حتى يقوم الرفقاء بما يرونه خيرًا لهم وصلاحًا.

ما هي حقيقة التقوى

22
  • إنّ هذا الشهر هو الشهر الذي قال عنه رسول الله: فإنّ الشقي من حُرم رضوان الله في هذا الشهر العظيم۱ حتّى إنّه لدينا أنّ من كانت له هذه الحالة فعليه أن يصبر إلى عرفات لعلّ الله ينظر إليه في عرفة، فهذا الشهر هو الشهر الذي سمّى الله من لم يغفر له فيه شقيًّا، أتدرون ما حقيقة الأمر، حقيقته أنّ الله قد بسط المائدة ونحن نقول: لا نريد أن نجلس إليها. فالله بسط رحمته ولا يقول تعالوا أنتم إليها بل أنا أحضرتها إليكم فمن لا يجلس إلى المائدة ولا يتناول الطعام منها أليس مجنونًا؟! الله يقول لقد قمت في هذا الشهر بعملٍ بحيث إذا انقضى هذا الشهر كنتم كأنّكم خرجتم للتوّ من بطون أمّهاتكم، هذه هي حقيقة الأمر وهذا طريقه.

  • هذه أمور ذكرتها للرفقاء إضافةً إلى ما يعلمونه هم بأنفسهم وما تحدّثنا به سابقًا وما ذُكر في الكتب من الوصايا حول هذا الشهر.

  • نسأل الله تعالى مزيدالتوفيق لإدراك الفضائل والرحمات والألطاف التي قسمها لخواصّ عباده.

  • اللهمّ صلّ على محمّد وآل محمّد 

  •  

    1. . الأمالي (للصدوق)، ص ۱٥٤: فإنّ الشقيّ من حرم غفران الله فى هذا الشهر العظيم.