28

الاعتبارُ هالكٌ ومُهلكٌ والحقيقةُ باقيةٌ ومُنجٍيةٌ

توصيات خاصّة بشهرَي محرّم وصفر

305
مشاهدة المتن

المؤلّفآية الله السيد محمد محسن الحسيني الطهراني

القسمالمرأة والأسرة

المجموعةالمرأة والأسرة - قم


التوضيح

أغنى سماحة السيّد محمّد محسن الطهرانيّ (قدّس الله سرّه) هذه المحاضرة بثلاثة محاور؛ استهلّها بالمحور الأوّل الّذي دار حول ضدين لا يجتمعان هما الاعتبارات والحقائق، فبيّن أنّ الأولى أوهامٌ هالكة وأنّها سبب هلاك وخسرنا البشريّة، وأنّ الثانية هي الأصل الباقي والدائم وأنّ التمسك بها مُنجٍ للبشريّة وموصل إلى برّ الأمان. ولم يفته كونهم على أبواب شهرَي عزاء سيّد الشهداء عليه السلام، فتح بابًا لبيان وصايا تتعلّق بهذه المناسبة الجليلة. أمّا المحور الثالث ففرّغه للإجابة على أسئلة وُجِّهت إليه، وكان الأسئلة كالعادة متنوعة حتّى شملت محاور فقهيّة ومعرفيّة وسلوكيّة وعرفانيّة، نذكر منها على سبيل الإجمال: حكم وآثار التصاوير والتماثيل والدمى، معالجة المشاكل بالأذكار، التغلب على الخواطر، اصطحاب الصبيّة إلى مجالس النساء، الاسم الأعظم، تفسير بعض العبارات الروائيّة الدقيقة. وكعادته في المسائل الفقهيّة، لم يقتصر جوابه على بيان الحكم الفقهيّ والتكليف الظاهريّ، بل اشتمل على بيان أبعادها الأخلاقيّة والسلوكيّة والمعرفيّة، كلما وجد سبيل إلى ذلك.

/۳٤
بي دي اف بي دي اف الجوال الوورد

الاعتبارُ هالكٌ ومُهلكٌ والحقيقةُ باقيةٌ ومُنجٍيةٌ - توصيات خاصّة بشهرَي محرّم وصفر

1
  •  

  • هو العليم

  •  

  • الاعتبارُ هالكٌ ومُهلكٌ والحقيقةُ باقيةٌ ومُنجٍيةٌ

  • توصيات خاصّة بشهرَي محرّم وصفر

  • أسئلة وأجوبة

  •  

  • المرأة والأسرة – قم – ٢۸

  •  

  • محاضرة القاها

  • آية الله الحاج السيّد محمّد محسن الحسينيّ الطهراني 

  • قدّس الله سره

  •  

  •  

الاعتبارُ هالكٌ ومُهلكٌ والحقيقةُ باقيةٌ ومُنجٍيةٌ - توصيات خاصّة بشهرَي محرّم وصفر

2
  •  

  •  

  • أعوذ بالله مِنَ الشيطان الرجيم

  • بسم الله الرحمن الرحيم

  • وصلّى الله على سيّدنا ونبيّنا أبي القاسم محمّد 

  • (الّلهمّ صلّ على محمّدٍ وآلِ محمّد)

  • وعلى آله الطيّبين الطاهرين

  • واللعنة على أعدائِهم أجمعين

  •  

  •  

  • قلتُ في نفسي اليوم، دعني أجيب على ما تبقى مِنَ الأسئلة، ولكنّني بحثت عنها ولم أجد سوى ورقتين أو ثلاثة منها، وكان هذا سبب تأخّري في القدوم إلى هنا. فكنت عازمًا على الإجابة على الأسئلة الرفقاء والسيّدات في طهران وكرج، وكذلك السيّدات المتواجدات في هذا المكان، غير أنّ التقدير كان خلاف ما أردتُ على ما يبدو، لذا سنترك الأمر لفرصة أخرى.

  • [طبق الطريقة] الّتي اعتدنا عليها في المرّات السابقة، سأبدأ كلامي بمسائل خطرت على ذهنيّ، من باب المقدّمة، ثمّ نرى بعدها ما يمكن طرحه مِن مطالب.

  • لله الحمد، كانت الأسئلة المطروحة جيّدة جدًّا، وهي تدلّ على أنّ تبدّلًا أساسيًّا في الإدراك والمعرفة والفهم قد حصل، وهذا أمر مشهود بصورة عامّة، [وبهذا] نلاحظ أنّ ما يتمّ طرحه [مِن مطالب] كان مورد اهتمامٍ.

  • رغم تجاسر هذا العبد في المجلس الّذي عُقد في كرج، وكذلك المجلس الّذي عُقد قبل ليلتين أو ثلاثة، وتغيّر لحن الكلام واستعمال كلمات قد لا تكون مناسبة، إلّا أنّي اعتذرت حينها عمّا حصل. ما قلته هناك هو: إنّ ما يُلقى على الرفقاء يصبّ في مصالحهم، فكلّ مَن يُعر ذلك اهتمامه، سيستفيد بمقدار ذلك.

  • وهذا العبد لا يطرح مسألة، ما لم يكن على يقين مِن صحته، وبعبارة أخرى، عليكم أن تعلموا أنّني على يقين مِن صحّة المواضيع الّتي أطرحها عليكم، وإن كانت خاطئة، فأنا على مستوى مِنَ اليقين الذي يجعلني مستعدًّا لتحمّل مسؤوليّتها يوم القيامة، وأستطيع أن أُجيب عنها هناك.

  • ولكنّ الكلام [يبقى] في أنّه: إلى أيّ حدٍّ نحن مستعدّون لدفع أنفسنا إلى الأمام؟ وكم لدينا مِنَ الهمّة اللازمة لذلك؟ تلك الهمّة الّتي تجعلنا نتقدّم ونهتمّ بهذه المواضيع. هذا الأمر يعتمد على مقدار همّتنا، وهذا العبد مشمول بهذا الكلام كما الآخرين.

  • جرى السؤال يوم أمس: هل سيُبثّ مجلس اليوم مباشرةً؟ فقلت: لا بأس بذلك، فالمطالب الّتي نطرحها ليست خاصةً بمجموعةٍ مِنَ الناس دون غيرهم، بل هي للجميع، نعم، هي متاحة لكلّ مَن يريد أن يتّبع مذهب أهل البيت، وغير مختصّة بمجموعة معيّنة. الكثير مِنَ الناس لا ينتمون إلى هذه المدرسة، غير أنّ سبيلهم وعملهم يتطابق مع هذا الطريق.

الاعتبارُ هالكٌ ومُهلكٌ والحقيقةُ باقيةٌ ومُنجٍيةٌ - توصيات خاصّة بشهرَي محرّم وصفر

3
  • الاعتبارُ هالكٌ ومُهلِكٌ والحقيقةُ باقيةٌ ومُنجيةٌ

  • بعض الناس يكونون مِنَ السالكين وإن لم يُسمَّوا بذلك

  • في الوقت الّذي زار المرحوم السيّد الحدّاد (رضوان الله عليه) إيران، ذهبنا يومًا إلى بيت أخت المرحوم العلّامة، وعند عودتنا قال السيّد الحداد للمرحوم العلّامة عن زوجها، الّذي انتقل إلى رحمة الله الآن: إنّ بعض الناس سالكين وإن لم يطووا الطريق؛ أي إنّهم يقومون تلقائيًّا بالأعمال نفسها الّتي يقوم بها السالك، غير أنّهم لا يحملون هذا الاسم، فهم يؤدّون كلّ ما نقول به، إلّا أنّهم لا يسمَّون بهذا الاسم؛ وليكن! فهل التسمية شيء لازم للسير في طريق الله؟! هل الطريق الله بالعنوان والمصطلح؟! فأيُّ مفخرة نكتسب إن سمّينا أنفسنا [سالكون]؟! الأمر المهمّ أن يسير الإنسان في هذا الطريق.

  • الارتباط بالوليّ الإلهيّ ليس ارتباطًا ظاهريًّا

  • ... سمعنا أنّ طريق أولياء الله ليس طريقًا خاصًّا، فهو لا يفرض على الإنسان حتميّة الرجوع إليهم، لأنّ الشخص وإن كان يعيش في أقصى بقاع المعمورة، بل حتّى لو لم يكن على هذه الكرة الأرضيّة كأن يكون على إحدى الكواكب الأخرى، وكان يسير في الطريق المؤدّي إلى الله، سيكون الوليّ الّذي يعيش على هذه الكرة الأرضيّة على عِلم به، حتّى لو لم يكن في المنظومة الشمسيّة أصلًا؛ فهذا الموضوع لا يتعلّق بالقوانين الظاهريّة، وهذا ما صرّحوا به بأنفسهم لتلامذتهم، فهذا ما كان السيّد الحدّاد يقوله، وهذا ما سمعته بنفسي مِنَ المرحوم العلّامة عندما كان يتحدّث مع أحدهم في مشهد، وذلك في ساحة البيت حيث كانا جالسَين في الإيوان، فقال له: في أيٍّ مِن بقاع الأرض كنتَ، فهو لا يشكّل فرقًا لديّ، فانظر إلى ما تقتضيه مصلحتك، واسكن في أيّ مكان تريد ، فسواءٌ سكنتَ إلى جواري، أو في بلد بعيد، فهذا أمر لا يُشكّل فرقًا عندي.

  • هذا واقع الأمر، وذلك لأنّ الارتباط بأولياء الله ليس ارتباطًا مادياً أوبصريًّا، ولا [يتوقّف على التواصل] الهاتفيّ والمحادثات العاديّة والظاهريّة، بل أقلّ – أقلّ – ما يتعلّق به هذا الارتباط هو عالَم المثال والبرزخ، وهما أدنى مرتبة مما يطّلع عليها وليّ الله، [والمسائل في هذين العالَمَين] هي ما أراه وترونه في المنام، ويراه البعض في المكاشفات.

الاعتبارُ هالكٌ ومُهلكٌ والحقيقةُ باقيةٌ ومُنجٍيةٌ - توصيات خاصّة بشهرَي محرّم وصفر

4
  • بناءً عليه، فأينما كان الإنسان، سواء كان مجاورًا للوليّ أو لم يكن، فلا يُشكلّ هذا الأمر أيَّ فرقٍ، وذلك لأنّ الارتباطَ ارتباطٌ مثاليٌّ وبرزخيٌّ. أمّا فيما يتعلّق بالارتباط الملكوتيّ وما فوقه، فهو يختصّ بالّذين هم في ذلك المستوى، ولا شأن لنا بذلك، إذ كلامنا الآن عن الّذين في المستويات الأدنى.

  • فحتّى لو كان الإنسان يعيش – فرضًا – على القمر أو المريخ، فهذا التباعد الظاهريّ لا يدلّ على وجود تباعدٍ مثاليّ وبرزخيّ، فإنّ إشراف وليّ الله على تلميذه الّذي يسكن في المريخ هو نفس إشرافه فيما لو كان يسكن بجواره، دون أيّ فرق ولو بمقدار رأس إبرة، وذلك لأنّ الارتباط بينهما هو نوع ارتباطٍ مثاليٍّ. التباعد [يصدق] على هذه الكرة الأرضيّة، أمّا في [عالَم] المثال فليس هناك تباعد، فـ[عالَم] المثال هو حقيقة هذا العالَم، تلك الحقيقة المجرّدة، الّتي هي أكثر تجرّدًا منها في هذا العالَم، ولهذا السبب لا تخضع للتبدّل الزمانيّ، فذلك العالَم عالَم الثوابت لا يحتاج إلى مرور الزمن مِن أجل الاطّلاع عليه.

  • يوجد في الوقت الحاضر الكثير مِن ساكني البلدان الأجنبيّة كانوا على ارتباط بالمرحوم العلّامة وهم لم يرَوه، فقد كانوا يبعثون بالرسائل ، وهذا العبد يجيب عليها، فهم لم يرَوه أبدًا، غير أنّهم لمّا ساروا في هذا الطريق، وفّر لهم اللهُ الوسائل الّتي تساعدهم في طيّ طريق الهداية، فوفّر لهم هذا الارتباط، وها هم يطوون طريقهم ويستفيدون. نعم، كان هؤلاء الناس يستفيدون، ولا يزالون، فلا يفرق الأمر شيئًا بالنسبة إليهم، إذ ليس هناك فرق بين أن يكون أولياء الله أحياءً أو أمواتًا؛ وبهذا يتجلّى الارتباط بالله، ويظهر تلقائيًّا دون أن يَعلم بذلك أحدٌ.

  • مَن يضع قدمه في طريق السلوك سيُحاط بألطاف العناية والرعاية

  • بيّنت لكم أنّ هذا العبد قد اطّلع على بعض المسائل في سفر كربلاء الّذي تلا ذهابنا للحجّ بمعيّة المرحوم العلّامة، وهذه القضيّة مِنَ الأسرار، لم أكن قد ذكرتها لأحد مِن قبل؛ لقد اتضّح لي أنّ مَن يضع قدمه في هذا الطريق، سيسير تلقائيًّا في جادّة معيّنة سواء أراد ذلك أم لم يرد، وسيطوي ذلك المسير الّذي هو مورد عناية [الأولياء]، وسيحفظونه مِن الموانع الّتي تعترض طريقة، وسيساعدونه بإعداده وتسليحه لمواجهة ما قد يحدث معه، وبتوفير ما يحتاج إليه مِن وسائل، وبإزالة مايضره من طريقه، وبمراقبته، فستتوافق أعماله تلقائيًّا مع نظام التربيّة.

الاعتبارُ هالكٌ ومُهلكٌ والحقيقةُ باقيةٌ ومُنجٍيةٌ - توصيات خاصّة بشهرَي محرّم وصفر

5
  • لنضرب مثالًا على ذلك؛ إنّ المريض الّذي يدخل المستشفى، عند وروده قسم من الأقسام أو قسم الطوارئ يُدخلون كافّة المعلومات الخاصّة به في جهاز الحاسوب، ويسجّلون فيه تقارير المعاينة الطبيّة ونوع المرض الّذي يعاني منه، فيتّخذ ملفه شكلًا خاصًّا، ويكون وضعه مشخّصًا بالنسبة إلى الجهة الّتي سينتقل إليها؛ فوضعه السريريّ، والأمراض الّتي يعاني منها، والعلاج الّذي تلقّاه، والأدوية الّتي وُصفت له، سيكون كلّ ذلك مثبّتًا في تقاريرٍ بحيث لو انتقل هذا المريض إلى مكانٍ آخر، سيتمكّن الطبيب الجديد مِنَ الاطّلاع على كافّة تلك المعلومات بمجرّد الضغط على مجموعة مِن أزرار جهاز الحاسوب. في كثير مِنَ البلدان المتقدّمة الآن، يكون وضع المريض مشخّصًا لكلّ طبيب يراجعه، فلا يلزم الطبيب سوى أن يدخل إلى برنامجٍ على الحاسوب، ليطّلع على وضعه الصحيّ دون الحاجة إلى التحدّث مع المريض؛ فإنّ كافّة المعلومات المتعلّقة بتاريخ الإصابة والمستشفى الّتي دخل إليها والطبيب الّذي عاينه والدواء الّذي وُصف له، ستظهر [على برنامج الحاسوب هذا].

  • كذلك الأمر بالنسبة إلى طريق الله، فمَن يسير في طريق الله، ستتّخذ كافّة أعماله وما يتعلّق به شكلًا خاصًّا، وإلّا سيكون الشخص مشتّت الفكر، لا يثبت ذهنه على شيءٍ، ولعلّ ما سيواجهه مِن أمور تكون مضرّةً لهفلعلّ الاتّصال الهاتفيّ يضرّ به، ولعلّ لقاءه بأحد ليس مِن مصلحته، ولعلّ ذهابه إلى مكانٍ أو حلوله ضيفًا على أحدٍ أو زيارته لأحد يكون جميع ذلك مضرًّا به، لماذا؟ ذلك لأنّه لم يسير في الطريق الصحيح، وعندها سيُلقي الله بأموره على عاتقه قائلًا: ما دمتَ كذلك، فاذهب إلى أيّ مكانٍ ترغب فيه، وافعل كلّ ما تريد فعله!

  • أمّا إن سلك الطريق الصحيح.. أنا لا أتكلّم هنا عن السالك بالاسم، كلّا، إذ لا فائدة تُرجى مِن أمثال هؤلاء الّذين لا يحملون سوى اسم السالك، بل المقصود هو السالك الواقعيّ. فالسالك الّذي يفتري ويغتاب الناس، ويضع كلّ ذلك تحت عنوان الإرشاد، ويُسمّي نفسه هاديًا للسبيل، فذلك ليس بسالِكٍ، بل هو سالَك۱! فهؤلاء لا يمتلكون مِنَ السلوك سوى الاسم والعنوان الّذي أضافوه إلى أنفسهم، أمّا في واقع، فلا يملكون شيئًا مِن هذا، ما لم يتمّ التزامهم بالمباني.

    1. هذا لفظ لا معنى له، استعمله المحاضِر (قدّس الله سرّه) للدلالة على أنّ الموصوف به ليس سالِكًا (بكسر اللام) وليس فيه شيءٌ مِن معنى السالك، وإن كان يُطلق عليه اسم شبيه بحروف وترتيب لفظ (السالك). (م)

الاعتبارُ هالكٌ ومُهلكٌ والحقيقةُ باقيةٌ ومُنجٍيةٌ - توصيات خاصّة بشهرَي محرّم وصفر

6
  • الاتصال بالله هو اتصال بوليّ الله

  • لقد اتّضح للعبد هذا الموضوع بشكلٍّ كامل في ذلك الوقت؛ كنتُ أسمع أشياءً مِن هذا القبيل مِنَ المرحوم العلّامة في السابق، أي قبل تلك الفترة، غير أنّني لم أستطع هضم الموضوع وهو أنّ مَن يرد هذا الطريق، سيصبح بحكم أحد أبناء وليّ الله، وإن لم يكن يرتبط به نسبًا. لقد كان موضوعًا مبهمًا كثيرًا بالنسبة لي وغير واضح، ولم أستطع هضمه، حتّى رأيتُ عيانًا وشهودًا كيف ينتقش في قلب وليّ الله فعلُ مَن يقول (يا الله) وهو في ذلك الطرف مِنَ العالَم، وتوجّه المسيحيّ إلى الله وهو في أقصى أرجاء المعمورة، نعم، وإن كان ذلك الشخص رجلًا مسيحيًّا أو امرأةً مسيحيّةً أو يهوديًّا أو أيّ شخص كان. إنّه أمرٌ عجيب حقًّا! وذلك مبنيٌّ على حساب وكتاب دقيق، وهي قضيّةٌ عجيبة، إذ كيف يمكن لوليّ الله وبواسطة ارتباطه بالله أن ينعكس فيه كلّ شيءٍ يصل إلى الله؛ أي: يتمّ طيّ ضلعي مثلث بذلك. فإن فرضنا حصول اتصالٍ لفردٍ بالله، سوف يستقرّ هذا الاتصال في قلب الوليّ المشغول بالكلام مع أحد الأشخاص ويتمازح معه، والحال إنّه لا يدري أحد ما الّذي يجري في قلبه، وبأيّ شيءٍ يفكّر الآن، مع العِلم أنّ هذا التفكير ليس مِن قبيل التفكير الظاهريّ، بل هو تفكير نفسيّ وخطور نفسيّ وحضور نفسيّ، وهو نوع مِنَ الحضور العينيّ والشهوديّ، لا أنّه حضور لصورةٍ في الذهن فقط.

  • إنّ هذا أمرًا واضحٌ ومشهودٌ، لذا عندما كان هذا العبد يذهب إلى المرحوم العلّامة لأتحدّث معه أحيانًا، أرى أصبعَيه الممسكَين للقلم قد تيبّستا، وعندما آخذ إليه ما تعدّه الوالدة له مِن فاكهة وما شابه ذلك، أرى عدم قدرته على مسك قطعة التفاح أو البرتقال، فكنتُ أقول له: ارفق بنفسك قليلًا يا سيّدي العزيز، فيقول: إن لم أكتب هذه المواضيع، فمَن سيُلقيها على الناس؟ وها نحن نشاهد بحمد الله الكثير مِنَ الكلام، نعم، كان يقول: إن لم أطرح هذه المواضيع، فمَن سيبلِّغها للناس؟ ومَن سيعرّف لهم النبيّ والإمام؟ ومَن سيعرّف لهم المبدأ والمعاد؟

الاعتبارُ هالكٌ ومُهلكٌ والحقيقةُ باقيةٌ ومُنجٍيةٌ - توصيات خاصّة بشهرَي محرّم وصفر

7
  • كانت إحدى النساء مِن أصدقائنا تقول: كانت الكثير مِنَ المسائل مبهمة وغير مفهومة بالنسبة إليّ، ولم أستطع أن أجمع بين الكثير منها، فكنتُ أقول: ما هذا الّذي أراه؟! وكيف ينسجم مع ما سمعتُ عنه؟! فلم أستطع التوفيق بينها، وكنتُ أقول: كيف يحصل كلّ هذا؟! وكيف يمكن حلّ هذه القضيّة؟! فعشتُ حالةً مِنَ الاضطراب والتخبّط، حتّى حصل أن ذهبتُ يومًا لشراء بعض الأشياء لابني الصغير، فوقع نظري على قرص مدمج تحت هذا العنوان، فقلتُ: سأشتريه كما اشتريت غيره، فاشتريته. إنّ هذه المرأة سيّدةٌ محترمةٌ وصاحبة أدب، ومِن أهل الدرس والعِلم والمعنى. تقول هذه السيّدة: أخذتُ هذا القرص وانصرفت، وعندما وصلتُ، كان أوّل ما قمتُ به هو الاستماع إلى ما جاء فيه، فوجدتُ فيه إجابات لكافّة الأسئلة الّتي كانت في ذهني. [أقول:] لا بدّ أن هذا القرص اشتمل على المواضيع الّتي كان يطرحها المرحوم العلّامة. لقد وجدتْ فيه كلّ ما تبحث عنه، فقد قالتْ: جلستُ وقلتُ: هذا ما كنت أبحث عنه حتّى الآن.

  • لاحظوا كيف أنّ المواضيع الّتي يطرحها العظماء، كانت مِن أجل هؤلاء الناس. كان المرحوم العلّامة قد طرح هذه المواضيع قبل عدّة سنوات، بل قبل عشرات السنوات، فلِمَن كان يطرحها؟ طرحها حينها مِن أجل أن تأتي هذه المرأة وبدلَ أن تشتري لابنها قرصًا باللغة الإنكليزيّة، يقع نظرها على هذا القرص فتأخذه وهي تقول: لأرى ماذا سأجد فيه؟ فتستمع إليه وتقول: يا للعجب! فقد وجدتْ فيه كلّ ما كانت تبحث عنه، وبواسطته حلّتْ كافّة المشاكل الّتي كانت تواجهها.

  • مؤلّفات المرحوم العلّامة محمّد الحسين الحسينيّ الطهرانيّ مقدمةٌ للظهور

  • كان المرحوم العلّامة يقول: أنا أطرح هذه المواضيع وأكتبها لتقرأها تلك المرأة المسيحيّة الّتي تعيش في ذلك الجانب مِنَ العالَم. ولم أكن أفهم ما كان يعنيه! حتّى اتضح لي أنّه لم يكن يمزح في كلامه ذاك، بل ذكر واقع الأمر، ولو كنتُ أمتلك القابليّة والاستعداد اللازمين في ذلك الوقت، ربما كان قد رفع الغطاء عن عيني وقال لي: انظر، فأنا أقول ذلك مِن أجل هذه المرأة، ومن أجل هذا وذاك وذاك.. نعم، أنّا أقول ذلك مِن أجل هذا الّذي يسكن في إيطاليا، وذاك المتواجد في فرنسا، وذاك الّذي في أمريكا وبريطانيا، [ومِن أجل] فلان وفلان وفلان إلى ما شاء الله. ثمّ قال في نهاية الأمر: أنا أقول لك الآن إنّ مؤلّفاتي هذه عبارة عن مقدمة للظهور، وكفى! نعم، إنّ كُتبي هذه مقدمة لظهور الإمام. ونحن لا نتعامل معها بجديّة، ولا نتعامل معها بمستوى أهميّتها، بل نتعامل معها بشكلٍ غيرِ لائقٍ، فعندما يدعوننا العظماء لنأتي ونستفيد مِن هذه الكُتب، لماذا نصرف أوقاتنا بتتبّع مطالبٍ فيها تلك الأهميّة لنا، والّتي هي للأُنس فقط؟! لماذا نصرف أوقاتنا في ذلك؟!

الاعتبارُ هالكٌ ومُهلكٌ والحقيقةُ باقيةٌ ومُنجٍيةٌ - توصيات خاصّة بشهرَي محرّم وصفر

8
  • هذا ما جاء مِن أجله العظماء

  • إنّ المطالب الّتي كنتُ أعرضها عليكم حتّى الآن، والّتي يُهتمّ بها إلى حدّ ما، هي متعلّقة بالرفقاء والأصدقاء أنفسهم؛ فإن واجهتنا مشكلةٌ في يومٍ مِنَ الأيّام، فلنعلم أنّه قد يكون وراءها ألفُ سببٍ وسبب، وإن حصل في وقتٍ مِنَ الأوقات اضطراب في حياتنا، فلنعلم أنّ ذلك قد يعود إلى أمورٍ كثيرة، وإلى خصائص نفسيّة كثيرة، تلك الخصائص الّتي حُلّت للكثير مِنَ الناس، أمّا نحن فلا نزال نعاني منها وأسرى لها.

  • ذهبتُ قبل يومين أو ثلاثة إلى طهران لحضور فاتحة والدة أحد أصدقائنا الّتي ارتحلت إلى رحمة الله، وكان المجلس في شمال المدينة، والمسجد الّذي أُقيم فيه المجلس يشبه الكنيسة في بنائه، هذا أوّلًا، ثمّ إنّ هيئة المجلس من الداخل، يُذكّر بكلّ شيء سوى الله. كنّا قد وصلنا المجلس باكرًا، فرأينا ما رأيناه! لقد كان المجلس يغصّ بأُناس ترتدي ربطات العنق، بالإضافة إلي وضعُ النساء الخارجات مِنَ المجلس فذاك شيءٌ آخر!! فقلتُ: هل هذا عرس أم مجلس فاتحة؟! نعم لقد قلتُ: إلى أيّ مكانٍ جئنا! على أنّ هذا المجلس لم يكن هو مجلس والدة صديقنا، بل كان لمجلس آخر قبله، فكان مِنَ المقرّر أن يخرج هؤلاء الناس، ليدخل أصحاب المجلس اللاحق، غير أنّ الوقت الفاصل بين المجلسين كان مِنَ القصر بحيث إنّ حاضري المجلس السابق ما زالوا متواجدين. لقد رأيتُ وضع المجلس وكأنّه حفل عرس، سوى أنّ الحاضرين يلبسون السواد، وإلّا فلا فرق بينه وبين حفل العرس في شيء، فقلتُ: أيّ مجلس عزاء هذا؟! وأيّ مواساة يقدّمونها لصاحب المُصاب؟! كانوا يضحكون عند خروجهم مِنَ المجلس مع هذا وذاك! ألم تضع في اعتبارك يا عزيزي أنّهم سيقيمون لك في الغدِ مجلسًا شبيهًا بهذا المجلس المُقام لهذا المتوفّي في نفس هذا المسجد الشبيه بالكنيسة؟!

  • نحن لا نعتبر بالموت أبدًا! نعم، نحن لا نعتبر بالموت! ما بقيتُ أكثر مِن ربع ساعةٍ هناك، فخرجت حتّى أُدرك المجلس الّذي سيُقام مساءً لرفقائنا وأصدقائنا. وخلال الربع ساعة تلك، كان المتحدّث يُعدّد أصناف الناس الّذين حضروا للمواساة، وفي هذه الأثناء جاء شخص أرسله الخطيب فقال لي: ما اسمك يا سيّدي؟ فقلتُ له: لا داعي لذكر اسمي! كانوا مشغولين بالترحيب بالقادمين! هل حضرنا لنأخذ العبرة أم لنستعرض أنفسنا؟! هل حضرنا لتعظيم شخصيّتنا وأنانيّتنا؟! عندما نحضر مجالس أهل البيت عليهم السلام، هل نحضر للاستفادة مِن أهل البيت، أم للتفاخر بما نرتديها ولاستعراض زينتنا ومجوهراتنا؟! ما الّذي نبتغيه؟! أمام مَن نريد أن نتفاخر بملابسنا؟! هل في ذلك فضيلة لنا؟! وهل يُعتبر فُقدان ذلك نقطة ضعف وعيب؟! عندما يكون أحدهم متمكّنًا ماديّاً، [تراه] يلبس ذلك النوع مِنَ الملابس، ثمّ يأتي ليُري الآخرين ذلك! لو كان غيرك يمتلك المال، لاشترى ما هو أفضل ممّا تمتلكه، فلا فضل لك بذلك! كان عليك أن تسمو على الآخرين بإنسانيّتك وعطفك، وبما لديك مِن رحمة ومحبّة، وبصفائك وإخلاصك، وبحفظ الوحدة وبمحبّة أبناء جنسك وتساويك مع الآخرين، نعم هذا ما يمكنك التفاخر به.

الاعتبارُ هالكٌ ومُهلكٌ والحقيقةُ باقيةٌ ومُنجٍيةٌ - توصيات خاصّة بشهرَي محرّم وصفر

9
  • ولكن الحال إنّك ترى الناس تحضر تلك المجالس متزيّنة بأنواع الزينة، ويرتدون أيّة ملابس وأيّة أحذية! نعم، كانوا يرتدون أحذيةً تُصدر أصواتًا عند المشي! ما الّذي اكتسبتموه بحضوركم مجلس الفاتحة هذا؟! وتراهم يحملون باقات الورود، وترى النساء تتردّد على المجلس! ما الّذي قدّمناه لذلك المتوفّي بهذه الألاعيب المقززة؟! هذا الوضع يبعث على التقيّؤ حقًّا، ولكن لا أدري لماذا لا تتقيّأ الناس منه؟! كيف تعيش بهذه الأوضاع؟! إنّ حياتهم مبنيّة على هذه الأمور، ولو لم تكن بهذا الشكل، لحصلت لهم صدمة! ولقال أحدهم: لماذا لم يذكروا اسمي؟! فتراه يأكل نفسه بسبب عدم ذكر اسمه في المجلس، وهو يقول: هل أنا أقلّ شأنًا مِن فلان حتّى يُذكر اسمه ولا يُذكر اسمي؟! وها قد نصبوا له لافتة ترحيب، ولم ينصبوا لي مثلها!! أمّا بالنسبة لي، فعندما جاؤوا وطلبوا منّي اسمي، قلتُ لهم: لا داعي لذلك، عليك أن تقرأ الشعر، فما علاقتك بهذه الأمور؟! قد جاء العظماء ليُعلّمونا هذا..

  • ذهبتُ مرّة مع المرحوم العلّامة لحضور مجلسٍ يقيمه أحد أصدقائه القدامى والمخلصين. لا خبر لي عنه الآن فإن كان لا يزال على قيد الحياة، فأسأل الله له السلامة وإن كان متوفٍّ، أسأل الله أن يحشره مع أوليائه. إنّه الشخص الّذي ذكره المرحوم العلّامة في كتاب (الروح المجرّد)۱ عندما ذكر أنّهم ذهبوا لأداء الزيارة الشعبانيّة مشيًا على الأقدام مِنَ النجف إلى كربلاء برفقة شخصين، فكان هذا أحدهما، وهو الّذي نزع حذاءه عندما اقتربوا مِن كربلاء وعلّقه حول رقبته، فدخل كربلاء بالهيئة الّتي جاء بها الحرّ [تائبًا إلى الإمام الحسين]٢. لقد كان الرجل معروفًا وكبيرًا. لم يكن مِن طلبة العلوم الدينيّة، غير أنّه رجلٌ ذو مكانة مرموقة، وكان مِن أهل المراقبة والمعنى. لم أره منذ مدّة طويلة، وإن كان على قيد الحياة فأنا توّاق جدًّا لرؤيته.

  • كان هذا الرجل يُقيم مجالس عزاء في العشرة الأولى مِن محرم في طهران، وكان المرحوم العلّامة يحضر مرّة أو مرّتين مِن هذه العشرة، كان المجلس يُعقد في مسجد (القائم) أحيانًا، وفي مسجد (لاله زار) أحيانًا أخرى. ذهبتُ مرّة مع المرحوم العلّامة إلى مسجد (لاله زار) في عصر يوم التاسع أو السابع مِن محرم، فقال الخطيب الّذي كان يتكلّم على المنبر: قد حضر أحد العظماء وتزيّن مجلسنا بحضوره، ولم يكن يعرف اسم الوالد، فاكتفى بهذا المقدار [مِنَ الوصف]، وعندما انتهى المجلس وخرجنا، جاء الخطيب إلى المرحوم العلّامة وقال له: أنا أعتذر منك كثيرًا، فهذا العبد لا يعرف اسمك، ما اسمك يا سيّدي، إنّ ما صدر منّي لم يكن مقصودًا. فقال له المرحوم العلّامة: معرفة اسمي ليس لازمًا، وعليك أن لا تكرّر هذا الأمر مرّة ثانية، ولا تفعله هذا الأمر مع الآخرين أيضًا، فاحمرّ وجه الرجل، وهزّ رأسه موافقًا، غير أنّهم لا يصغِون لهذا الكلام، فحياتهم مبنيّة على هذه الأمور، فإن لم يفعل هذه الأمور في المستقبل لن يُدعى لإقامة المجالس. 

    1.  الروح المجرّد، سماحة العلّامة السيّد محمّد الحسين الحسينيّ الطهرانيّ (قدسّ الله سرّه)، ص٢٣، تحت عنوان (الذهاب إلى كربلاء مشياً على الأقدام في النصف مِن شعبان ۱٣۷٦ هجريّة). (م)
    2. للاطّلاع على توبة الحرّ بن يزيد الرياحيّ ولحوقه بركب الإمام الحسين (عليه السلام) راجع كتاب مقتل الحسين (ع)، المقرم، ط. مؤسسة الخرسان للمطبوعات، ص٢٤٦. (م)

الاعتبارُ هالكٌ ومُهلكٌ والحقيقةُ باقيةٌ ومُنجٍيةٌ - توصيات خاصّة بشهرَي محرّم وصفر

10
  • [إنّ طلبه] بأن لا يُفعل ذلك الأمر، وبعدم القيام به اتّجاه الآخرين أيضًا، هو عبارة عن دستور أولياء الله والعظماء. أمّا في غير هذا المكان، فنحن نلاحظ العكس تمامًا، فلا بدّ أن يذكر الخطيب اسم الواردين ويمجِّد مؤسسي المجلس، ويدعو الله أن يجعل عملهم هذا ذخرًا لآخرتهم! ألا يعلم الله بهذا الأمر؟! فهل يحتاج إلى سماع كلامك هذا حتّى يفتح أذنيه؟! إنّ الله يعلم مَن وفّر المال لإقامة المجالس، ويعلم مَن يخدم فيها، ومَن يوزّع الشاي وغير ذلك. إنّ الله يرى كلّ ذلك.. إنّ حياة الناس مبنيّة على هذه الأمور، فهي مبنيّة على الاعتبار. أمّا أولياء الله، فقد جاؤوا ليُخرجونا مِن هذا الاعتبار، ويقولوا لنا: لا تكونوا أمثال هؤلاء الناس.

  • اذهبوا، نعم، اذهبوا اليوم إلى تلك الأماكن الّتي تُقام فيها مجالس العزاء وانظروا بأنفسكم، سترون أنّها مبنيّة على الاعتبار. إنّ هذا المجلس مجلسُ عزاءٍ لا عرسًا؛ فرغم أنّ أحدهم قد فقد أحد أقاربه، ولكن انظروا بأيّ هيئة يحضر المجلس، ثمّ تراهم يستأنسون أكثر كلّما أكثر الخطيب مِن مدحهم وتمجيدهم، فتراهم يقولون: لقد أدار المجلس بأحسن ما يمكن. أين ذهب الله؟! وأين ذهب النبيّ والإمام الحسين؟! أين ذهب هؤلاء؟! وأين ذهب إمام الزمان؟! هذا كلّه مجازٍ في مجاز، وهي أمور دنيويّة لا غير. تراهم يُحضرون خمسين كاميرا، فيضعون إحداها في هذا الجانب والأخرى في ذاك، ثمّ يدورون بها، ما الّذي تريده مِن كلّ ذلك؟!

  • كنت قد ذكرت هذا الأمر من قبل؛ فقد حضرت المجلس الذي يقيمه أحد السادة في طهران الذي توفي الآن، رحمه الله، فلم يكن رجلًا سيئًا، وكان إنسانًا بسيطًا، كان المجلس مجلس عزاء، وقد انعقد في عصر يوم عاشوراء. كنت أذهب لزيارته مرّة في السنة، فقد كان له حقّ في عنقي لكونه مِن أساتذتي، وكان يفرح بقدومي. عندما ذهبتُ إلى مجلس العزاء هذا، كان السادة مِنَ العلماء يجلسون جنب الجدار، فقلتُ في نفسي: لماذا أكون مصدر إزعاج للآخرين، فجلست مع بقيّة الناس، فجاؤوا وقالوا لي: تفضّل واجلس هناك، فقلتُ لهم: إنّ هذا المكان جيدٌ، ثمّ بدأ المجلس، وكان الخطيب جيّدًا، كان قادرًا على جعل المجلس ساخنًا، وعلى إبكاء الناس. وفي هذه الأثناء دخل رجلٌ يحمل كاميرا طولها مترين ونصف، وأخذ يصوّر السادة الجالسون واحدًا واحدًا، فخرّب حال المجلس بعمله هذا. هل وصل بكم الحال إلى التلاعب بقضيّة الإمام الحسين عليه السلام! ما الّذي قمتَ به يا هذا؟! كان بإمكانك أن تفعل ذلك في فترة توزيع الشاي، لا في هذا الوقت الّذي كان الخطيب يتحدّث عن وداع السيّدة زينب للإمام، وإذا بأولئك الناس الّذين كانوا يبكون يرفعون رؤوسهم ليقولوا: نحن موجودون هنا أيضًا! ما الّذي يعنيه هذا الأمر؟ إنّه الاعتبار. ماذا أصبح الإمام الحسين [في خضمّ هذه التصرّفات]؟ إنّكم جعلتم الإمام الحسين وسيلة مِن وسائلكم! لقد خرّب ذاك الشخص حال المجلس. وعندما انتهوا، نهضتُ وخرجت مِنَ المجلس، فمَن يستطيع البقاء في مجلسٍ ليس فيه وجود للإمام الحسين؟! على كلّ حال، لقد رآني الرجل وسُرّ بوجودي.

الاعتبارُ هالكٌ ومُهلكٌ والحقيقةُ باقيةٌ ومُنجٍيةٌ - توصيات خاصّة بشهرَي محرّم وصفر

11
  • ليس لله ولا لإمام الزمان وجودٌ في أمثال هذه المجالس، وليس لهم وجودٌ في أحاديثهم، فكلّ أحاديثهم اعتبارٌ في اعتبار، فلسان حالهم يقول: انظروا كم هو عدد الحضور في المجلس!! إنّ [الاهتمام] بزيادة عدد الحضور يعني الانغماس في الاعتبارات، فإن لم يحضر هذا العدد في الغد، لقالوا: لا بدّ أن شيئًا ما قد أثّر عليهم!!

  • قد حصل أحدهم على الدرجة الأولى في إحدى الانتخابات، وسمعتُه بنفسي يقول: لقد أسعدّتم قلب رسول الله. [أقول:] هل رسول الله قد سُعد حقًّا عندما نلت الدرجة الأولى يا هذا؟! وبعد عدّة سنوات المجرى، فصار يقول: لم تكن النتائج مرضيّة! [أقول:] هل يلزم أن تفوز أنت دائمًا؟! ما الّذي يعكسه هذا التصرّف؟ إنّه لعبٌ بالدين، واستغلالٌ للدين مِن أجل دنياهم. كان يقول: لقد أسعدّتم قلب رسول الله! [أقول:] عليكَ أن تقول إنّهم أسعدوا قلب فلانٍ، فلماذا تلصق الأمر برسول الله؟! ولماذا تجرّ الرسول وأمير المؤمنين وإمام الزمان إلى هذا الميدان؟! إن كان قلب إمام الزمان قد أُسعد اليوم، فسيمتلئ قلبه دمًا في السنة التالية! هل يسعد قلب إمام الزمان بهذه الأمور؟! إنّ هذه التصرّفات عبارة عن لعب بالدين وباسم الإمام الحسين. وكذا الأمر بالنسبة إلى إقامة المجالس وتسيير المواكب باسم الإمام الحسين، ما الّذي يجري في هذه المجالس؟! وما الّذي تنتجه؟! هل إلتفتم.

  • إنّ الشيطان يستغلّ هذه المناسبات جيّدًا، فهو ينفذ بذكاء بين الفُرَج وبشكلٍ هادئ، نعم إنّه ينفذ بأسلوب ماكر وبكلّ هدوء، ثم يستقر في مكانه، فيُبرّر للمرء عمله، ويدفعه للإقدام عليه، وبعدها ينتبه الإنسان إلى عِظم الخديعة الّتي وقع فيها، فها قد مضت عليه عشرُ سنواتٍ وهو يطوي طريق الباطل، هذا فيما لو شملته العناية الإلهيّة وأخذت بيده، وإلّا فقد يدركه الموت وهو على ذلك الحال.

  • إنّ طريق أولياء الله وأهل المعرفة، هو طريقُ إخراجِ الإنسان مِنَ الاعتبار والمجاز والقيود، وهي أمور تشوّش فكر الإنسان وذهنه وتُوقعه في اضطرابٍ وتشويشٍ دائمٍ.

  • انظروا إلى الناس، إلى أين يتوجّهون، وما عليه أوضاعهم. أمّا الشخص الّذي وجّه قلبه إلى الله وسلّمه إيّاه، فتراه يُمضي أيّام حياته وهو يقول: فليحصل ما يحصل، أنا أنام ليلي مُرتاحًا. إنّ مجاري الأمور ليست بيدي حتّى أؤثّر فيها زيادةً أو نقصًا، بل هي بيد مَن هم أفضل منّا، ونحن نوكل أمرنا إلى الله. إنّ هذا المسير مسيرٌ يمنح الإنسان فهمًا وشعورًا، ويمنحه القابليّة لإدراك الحقائق في جميع شؤون حياته، ويُخرجه ممّا هو فيه.

الاعتبارُ هالكٌ ومُهلكٌ والحقيقةُ باقيةٌ ومُنجٍيةٌ - توصيات خاصّة بشهرَي محرّم وصفر

12
  • ما أُريد أُلفت النظر إليه هنا، وخصوصًا النساء، هو الانتباه إلى النكتة التالية: ضرورة إبعاد أذهانكم عن التوجّه نحو الظاهر، ونحو الأمور الّتي تجذب النظر. والنساء بطبيعة الحال عُرضة لهذه الأمور أكثر من غيرهم، أعني تلك الأمور الاعتباريّة والمجازيّة وما يُطرح في الساحة باسم الدين ويتقبّله الناس على أنّه أمر حقيقيّ وواقعيّ، فيجب على الإنسان أن يحذر منها.

  • ذكرتُ قبل ليلة أو ليلتين أنّ تعامل المرحوم العلّامة مع أصدقائه كان على قسمين: القسم الأول يخصّ الأمور المهمّة والأساسيّة للارتباط به، وهي الّتي يُعتبر عدم الاهتمام بها خطًّا أحمر، الأمر الّذي أدّى إلى قطع علاقته مع الكثير مِمّن تجاوزوا هذا الخطّ، هذا فيما يتعلّق بالقسم الأول، أمّا أي القسم الثاني، فتتعلّق بالمطالب الّتي تخصّ الشخص نفسه وتفيده [في سيره]، وبكلمة أخرى: هي تلك المطالب التي كلّما التزم بها الإنسان أكثر، ازداد فائدة منها، الأمر الّذي سيمهّد له أرضيّة التكامل، على أنّ الله سيساعد الشخص على تجاوزها.

  • إنّ الله يتعامل معك بمقدار اهتمامك

  • ما أسعى إليه هو أن أنقل إلى الآخرين ما استفدته مِن معاشرتي للعظماء خلال فترة حياتي، وهذا يشمل طبعًا المسائل الّتي مِن شأنها أن تدفع الإنسان إلى الحركة نحو الأمام.

  • إنّ حضور المجالس الّتي يقيمها الآخرون – والّتي لا بأس في إقامتها فقد كانت بعض هذه المجالس تُعقد في زمن المرحوم العلّامة أيضًا – ليس أمرًا حتميًّا وضروريًّا، فإن لم ترغب امرأة في حضورها، أو كان حالها لا يسمح بذلك، فلا ينبغي أن تُنتقد ويُقال: بما أنّ فلانة لا تحضر هذا المجلس، فهذا دالٌ على ضعف ولايتها، أو ضعف تبرّئها [مِن الأعداء]، أو أن تُلام ويُقال: ما دامت بقيّة النساء تحضر هذا المجلس، لماذا تمتنعين أنتِ عن الحضور؟! فلعلّها لا تريد الحضوره أو لعلّ ظروفها لا تسمح بذلك. أمّا الأخريات فليحضرن وفقَ الموازين والأصول الشرعيّة، فحضور المجلس جيّد ولا إشكال فيه، بل هو مستحسنٌ جدًّا. لذا على النساء أن يراعين هذا الأمر مع الأخريات. لاحظوا، إنّ هذا ما أقصده بقولي: مِنَ الضروريّ إخراج الأذهان مِنَ الاعتبارات.

الاعتبارُ هالكٌ ومُهلكٌ والحقيقةُ باقيةٌ ومُنجٍيةٌ - توصيات خاصّة بشهرَي محرّم وصفر

13
  • إن جرت الدعوة لحضور مجلسٍ ما، فليس مِنَ الواجب أن يحضر الجميع، فإمكانهم الحضور وعدمه، ومَن يحضر فمرحبًا به، ومَن لا يحضر، فليكن إذ لعلّه يعاني مِن صداع أو أنّ أمرًا حال دون حضوره، أو أنّ حاله لا يساعد على الحضور. لم يحصل أن دعوت الرفقاء والأصدقاء إلى مجلسٍ، ثمّ عاتبت أحدهم على عدم الحضور، بل لم أضع في حسباني مسألة الحضور وعدمه. [فما يحصل هو أنّه] يتمّ الإعلان عن إقامة المجلس فقط، فيُعلن عن إقامة مجلس تحت العنوان الكذائيّ، ومَن لم يكن لديه مانع مِنَ الحضور حينها، فليحضر.

  • الحكاية التالية تعود إلى ثلاث سنوات مضت، ذلك قبل أن يتمّ تغيير طبيعة مجالس [شرح] عنوان البصريّ، فكم هو حسنٌ أن يُقام المجلس بطريقته الحاليّة، فقد كنت أعاني كثيرًا قبل ذلك. قال لي شخصٌ حينها: هل حضور مجلسكم إلزاميّ، أم يمكن الاكتفاء بسماع التسجيل الصوتيّ للمجلس؟ فقلتُ له: لا، إنّ الحضور ليس إلزاميًّا، ولكن إن لم تنل شيئًا فلا تعترض علَيَّ. نعم، إنّ حضور المجلس ليس إلزاميًّا، فيمكنك أن تضع القرصَ في مسجّل سيارتك وتستمع إليه في طريقك إلى دائرتك، لا مانع مِن ذلك، ويستطيع الإنسان أن يطّلع على بعض المطالب [بتلك الطريقة]. ولكن ما الّذي يفعله الله هنا؟ إنَّه ينظر ليرى مدى اهتمامك بالموضوع، فهل يتساوى من يقول: أستطيع أن أستمع إلى التسجيل الصوتيّ بدلًا عن ذهابي إلى مدينة قمّ والتشرّف بزيارة السيّدة المعصومة عليها السلام. نعم، لا بدَّ من التشرّف بزيارة السيّدة المعصومة عليها السلام أولًا، ثمّ القدوم إلى المجلس بعد ذلك، فهل يتساوى من يفعل مثل هذا الشيء مع من يقول: ها هو يوم الجمعة، وها قد حصلت على فرصة فراغ لساعتين أو ثلاثة، فلأستغلّها للقيام ببعض الأعمال؟ هل سيعاملهم الله بنفس المعاملة؟ بل إنَّ الفرق سيكون كبيرًا جدًا.

  • يستطيع الإنسان أن يستمع إلى المطالب الّتي تُطرح، سواء بحضوره المباشر، أو باستماع التسجيل الصوتيّ، أو الاستماع عبر البثّ المباشر عن طريق الإنترنت، هناك الكثير ممّن يستمع إلى مجالسنا بمشاهدة البثّ المباشر، ولكن ما هو الفرق؟ فالمجلس يُشاهده الآن أشخاصٌ في ذلك الجانب مِنَ العالَم، ومع ذلك هم ليسوا مقصّرين طبعًا، فالأمر يختلف بالنسبة لهم.

الاعتبارُ هالكٌ ومُهلكٌ والحقيقةُ باقيةٌ ومُنجٍيةٌ - توصيات خاصّة بشهرَي محرّم وصفر

14
  • لو كان لأحدٍ علاقةٌ شديدة بحضور المجالس – غير هذه المجالس المخصّص للسيّدات –سيكون وضعه مختلفًا عن الّذي يقول: سأستمع إلى التسجيل الصوتيّ للمجلس. إنّ الله يتعامل معك بنفس مقدار اهتمامك، فهو سيسمح لك أن تستمع إلى التسجيل الصوتيّ فقط، ولكن لن ينفذ إلى داخلك وقلبك شيءٌ، لأنّ نفوذ تلك الأشياء يحصل فقط عند حضورك المجلس. أمّا مَن لم يكن هذا الأمر ميسورًا له، فتكليفه شيءٌ آخر.

  • وخلاصة الأمر، إنّهم سينظرون هناك إلى مقدار اهتمامك بعملك ومسيرك ومستوى تعلّقك به، فهل جلوسك وحديثك مع أصدقائك يحظى لديك بأهميّة أكبر مِن أهميّة تلبيتك لدعوة في مكانٍ آخر؟ إنّ الملائكة يدركون ذلك جيّدًا، فهم يراقبون بشكل جيّد، ويُحاسبون بدقّة.

  • لا توجد كاميرات تستطيع أن تُسجّل ما يجري في الداخل، فمهما كانت دقّة وجودة الكاميرات الموجودة الآن عالية، فهي تستطيع أن تصوّر الظاهر والكلام الّذي يصدر منّا. أمّا الكاميرات الّتي تستطيع أن تصوّر ما يجري في الداخل، هما الملكان الجالسان على اليمين والشمال، هما الّلذان يستطيعان تصوير ما يجري في القلب، ويضخّان في القلب بمقدار ذلك؛ فيحصل لأحدهم شوق لحضور مجلس يوم الجمعة هذا، فينهض ويأتي، ويحصل ذلك لآخر في ليلة الجمعة، ولثالث في ليلة الخميس، وينتظر آخر موعد القادم لمجلس [شرح] عنوان البصريّ بفارغ الصبر، فترى قلبه متعلّقًا بالمجلس خلال هذين الأسبوعين أو الثلاثة. هذا الأمر يختلف بين شخص وآخر، نعم، واللهِ إنّه يختلف، إنّ هذا العبد يقسم بذي الجلال هنا؛ فكلّما دفعتَ نقودًا أكثر، كان مقدار ما ستحصل عليه مِنَ الحساء أكثر. نعم هكذا هو الأمر.

  • كانت مدينة همدان باردةً جدًّا في عهد الشيخ الأنصاريّ؛ كان أحد الرفقاء وهو الحاجّ (بيات) يتحدّث عن موضوع الحضور في مجلس الشيخ الأنصاريّ الّذي كان إمّا في صباح يوم الجمعة، أو صباح يوم الأحد – أنا لا أتّذكر بالضبط بل لم يكن يوم الأحد لأنّ مجلس يوم الأحد كان مجلس العزاء الّذي يُقيمه المرحوم السبزواريّ – فقال: عندما كنتُ أذهب إلى السوق نهارًا، كان فكري ينشغل طوال الوقت بموعد المجلس القادم، نعم، هكذا كنت أنتظر، ثمّ عندما يحضر الشيخ الأنصاريّ المجلس ويبدأ بالحديث، كنتُ آكل حروف كلماته أكلًا. [أقول:] كان هذا الحاجّ يحصد نتيجة عمله هذا بنفسه، وكان ذلك واضحًا. وفي المقابل كان هناك شخصًا يوقظونه مِنَ النوم بعنف ويقولون له: هيا بنا لنذهب، فيقول: الجوّ باردٌ، ثمّ يُلقي نظرة إلى الخارج ويرى مقدار الثلج النازل فيقول: انظروا مقدار الثلج النازل، فيُقال له: استحي يا هذا، فالشيخ الأنصاريّ يحضر مِن أجلنا – لن أذكر اسمه – يقول أحدهم: ثمّ كان يأتي معنا عنوةً! [أقول:] ثمّ ماذا كانت النتيجة؟ لم يحصل على أيّة نتيجة، بل كان كمَن ذهب لمشاهدة فيلم، فالذهاب عنوةً لا يُعطي نتيجة.

الاعتبارُ هالكٌ ومُهلكٌ والحقيقةُ باقيةٌ ومُنجٍيةٌ - توصيات خاصّة بشهرَي محرّم وصفر

15
  • يقول هذا الرجل: كنتُ متواجدًا في المنزل، وكان أوّل مَن يصل هو الحاجّ (بيات) وذلك قبل أذان الصبح، في جوٍّ يبلغ سمك الثلج فيه نصف مترٍ، فكانت رجلاه تغرزان في الثلج حتّى ركبتيه، وكانت آثار أقدامه مشهودة، إذ عندما كان يصل الرفقاء كانوا يعلمون بوصوله ويقولون لبعضهم: هذه آثار أقدام الحاجّ (بيات)، فلم يحضر أحدٌ قبله.

  • كان الحاجّ (بيات) يقول: كنتُ أقبّل باب البيت، وأقول: هذا مكانٌ سيتحدّث فيه أحد أولياء الله. [أقول:] نعم، فلكلّ شيء حسابه الخاصّ! وكنت أرى هذا الشيء مِنَ المرحوم والدي، فضلًا عن المرحوم الحاجّ (بيات). سيجني الإنسان نتائج عمله، وسيستفيد وستظهر آثار ذلك عليه.

  • قد يرى البعض إمكانيّة الاستفادة مِن هذه المجالس بالاستماع إلى الأقراص المسجّلة داخل سيّارته [مثلًا]، وهو يقول: هناك الكثير مِن الدروس الأخلاقيّة، ففلان يُعطي درسًا، وكذا فلان وفلان، والسيّد الطهرانيّ يُعطي درسًا أيضًا، إنّ هذه الدروس شبيهة ببعضها، ولعلّ الآخرين يطرحونها بشكل أفضل!

  • التحدّث مع الأجنبيّ ممنوع

  • إنّ المطالب الّتي أطرحها على الرفقاء اليوم، هي مطالبٌ محسوبة [بدقّة]؛ فعندما أقول إنّ على المرأة أن لا تتكلّم مع الرجل، وأن لا تراسله بواسطة الموبايل، فلأيّ شيء أقول ذلك؟ لا بدّ أنّني على عِلم بشيء وأقول هذا الكلام بسببه.

  • ترى إحداهنَّ تقول: أنّا أتكلّم مع فلان، ولم يحصل لي شيءٌ! [أقول:] ما الّذي تتوقّعين حصوله؟! إنّ كلامك معه سيترك أثرًا يجعلك إنسانة أخرى غير تلك الّتي كانت قبل هذه المحادثة.

  • لماذا تراني أقول – كنتُ قد ذكرتُ هذا الكلام مِن قبل – على الرفقاء أن لا يقفوا وجهًا لوجه عندما يريدون التكلّم مع النساء؟ ولكن ها هو أحدهم يأتي ويقول: أنا مُستثنى مِن هذا الأمر! [أقول:] مَن الّذي استثناك، هل أنا استثنيتك؟! لماذا يصدر كلامٌ باطلٌ كهذا!! عندما يسمع الناس كلام هذا الشخص الّذي يدّعي أنّه مُرسلٌ مِن قبلي وأنّه مُستثنى، ويُقارنوه بما يصدر منّي مِن كلام، سيرون التناقض ويضطربون، فمَن سيتحمّل مسؤوليّة ما يحصل؟! عندما أطرح عليكم هذه المواضيع، فأنا أعلم ما قاله المرحوم العلّامة بشأنها، [مضافًا] إلى ما لديّ مِن خبرة كسبتها في حياتي وبعد ارتحاله، فما أطرحه عليكم، وما أقول بضرورة تطبيقه، هو ما كان الإسلام قد أمر به.

الاعتبارُ هالكٌ ومُهلكٌ والحقيقةُ باقيةٌ ومُنجٍيةٌ - توصيات خاصّة بشهرَي محرّم وصفر

16
  • ما الّذي يعنيني إن اختلط الرجال بالنساء في المؤتمر الّذي عُقد في مكان ما، والّذي تكلّمت فيه امرأةٌ وكان اثنان مِنَ المعمّمين ينظرون إليها بشكل مباشر ويركّزون على عينيها وحاجبيها، أو غير ذلك مِن أفعال؟ ما الّذي يعنيني مِن هذا؟! فهم الّذين سيدفعون الثمن في ذلك اليوم.

  • قال أحدُ المعمّمين قبل فترة: إنّ أهل العِلم بحكم الطبيب، يمكن للمرأة أن تقرأ القرآن بصوت جميل بحضورهم. قلتُ: لم يبقى إلّا أن تقول: يمكنها أن تغنّي لك بلحن أيضًا! فلا إشكال في ذلك أمام أهل العِلم! [أقول:] وكأنّ أهل العِلم يختلفون عن غيرهم، بل لعلّهم جاؤوا مِنَ القمر، وصفاتهم وسلوكهم تختلف عن صفات وسلوك غيرهم! [كلّا]، بل هم كبقيّة الناس، بدون أيّ فرق. وكذلك الأمر بالنسبة للطبيب والمهندس والتاجر وأهل العِلم والمجتهد ومرجع التقليد، فكلّنا سواء في ذلك. 

  • إنَّ الّذي يختلف عن غيره هو سَلمان، الّذي لم يكن لا مرجعًا ولا مهندسًا ولا طبيبًا ولا أيّ شيء آخر، بل كان إنسانًا قد وصل إلى الكمال وعبر عن النفس، فلم يعد يفرق عنده فيما إن تكلّم أم لم يتكلّم، أمّا بالنسبة إلى هذا العبد الّذي يرى في نفسه أنّ الأمر يفرق لديه، ويرى تفاوتًا بين الأمرين في نفسه، ولو لم نستطيع مشاهدة ذلك، فستجري الأمور بشكل آخر شئنا أم أبينا.

  • عندما أطلب مِن أحدهم أن يُقيم مجلسًا في مكانٍ ما، فيرُدّ عليّ قائلًا: هل يمكن أن ترسلني إلى المكان الفلاني؟ [أقول:] لماذا يحصل هذا! ألست تطلب رضا الله بذهابك؟ حسنًا إذن، فاذهب إلى المكان الّذي ذكرته لك ... قال: ولكنّ البعض يقولون لي: لا يستطيع أن يجيبنا على أسئلتنا غيرك. فقلتُ: بل يستطيع ألفُ شخصٍ مثلك أن يفعلوا ذلك، فاذهب وأنجز عملك، ما الأمر؟! جميعنا مبتلون جميعنا في عثرة.

  • ألم يُلصقوا على الجدران صورًا لبعض المنتمين لهذه الحوزة العلميّة، وكتبوا عليها ما كانوا قد فعلوه؟ نعم، لقد صدرت تلك الأمور عن أفراد معمّمين ومجتهدين، وأصحاب رسائل عمليّة، وتطور الأمر حتّى عُرضت قضيّتهم على المحاكم. ألم يحصل هذا في السنتين الثانية أو الثالثة مِنَ الثورة؟! كم كانت أعمارهم، هل كانوا شبابًا في العشرينات مِنَ العمر، أم كانوا شيوخًا قد تجاوزت أعمارهم الستّين؟! هل تتصوّرون أنّ الشيطان لا يغوي سوى أُناس في الخامسة عشر أو العشرين مِنَ العمر؟! بل هو موجود في كلّ مكان، وهذه الأحداث تحصل في كلّ مكان.

الاعتبارُ هالكٌ ومُهلكٌ والحقيقةُ باقيةٌ ومُنجٍيةٌ - توصيات خاصّة بشهرَي محرّم وصفر

17
  • التحريف المعنويّ للروايات والأحداث

  • لماذا تقول السيّدة الزهراء عليها السلام: خير النساء هي الّتي لا يراها رجلٌ ولا تراه۱؟ ترى البعض يقول: كان كلامها هذا مختصّ بذلك الزمان فقط، وقد انتفت الحاجة إليه في زماننا هذا؟! [أقول:] هل كانت هنالك نساء معلمات في زمن الزهراء عليها السلام؟ كم تعرفون من النساء المعلمات اللواتي كنَّ في المدينة في زمانها؟ لماذا تتّهمون الأئمّة؟! ولماذا تحرّفون الحقائق؟! ويقولون أيضًا: إنّ النساء قد تطوّرنّ في هذا الزمان! [أقول:] هل تطورت النساء في هذا الزمان فعلًا؟! هل كبر حجم مخّهنَّ؟! وهل فعلًا تطوّر الرجال الآن؟! هؤلاء الّذين يتصرّفون كالصبيان. علينا أن نترحّم ألف مرّة على التطوّر الّذي كان في تلك الأزمنة لا الزمان الحاليّ! هل تريدون أن أكشف لكم عن طبيعة التطوّر الحاصل الآن؟! ستسمعون منّي فيما بعد نماذجًا عن هذا التكامل الحاصل!

  • تقول السيّدة الزهراء: أنا قلتُ ما لديّ، فمَن أراد اتّباعي واتّباع دين والدي، فليأتي، ومَن لم يُرِد فلا يستمع، ومَن أراد التحريف، فليقم بذلك! وإن أردت أيّها المعمّم الفلاني أن تتّهمني، فافعل! افعلوا ما أردتم فعله، وسأجازيكم يوم القيامة على ما نقلتموه للناس مِن أخطاء، وعلى تحريفكم لكلامي. عليكَ أن تعلم أنّ ما أقوله ليس مِن أجلك أيّها المعمّم الفلانيّ، يا مَن تحرّف كلامي، ولا مِن أجل مَن يستمع إليك، بل هو مِن أجل مَن يريد الاستماع للحقّ.

  • كنتُ قد ألّفت كتابًا عن موضوع الأربعين٢، فاعترض البعض على ما جاء فيه، فقلتُ لهم: أنا لم أكتب هذا الكتاب مِن أجلكم حتّى ترتفع أصواتكم بالاعتراض، فإن لم تُرِد أن تقبل ما جاء فيه، فهذا شأنك، أنا كتبت هذا الكتاب لِمَن أراد أن يستمع، فيقرأ الكتاب ويفهم ما جاء فيه، أنا لم أكتبه مِن أجلك، فليس عليك أن تشتري هذا الكتاب، لماذا تتلف نقودك! أنا ألّفت هذا الكتاب للشخص الّذي إن قرأه وعمل بموجب ما جاء فيه وحصل على النتيجة المرجوة، سيترحم على المؤلف. فلو لم أُؤلّف هذا الكتاب ستعترض إحدى السيّدات طريق أبي وطريقي يوم القيامة، وتقول لي: كنتُ مستعدّة للعمل بموجب هذه المسائل، فلماذا حرمتني منها؟! فبماذا أجيبها حينئذ، هل أقول لها: لو كتبت هذا الكتاب، لاستهزؤوا بي؟! ستقول لي حينها: هل عشتُ في هذه الدنيا مِن أجل أولئك الّذين حرمتني مِن أجلهم؟! لا يمكن حرمان عدد مِنَ العقلاء بسبب حفنة مِنَ المستهترين، يقول المثل: لا تترك البستان لنموّ شوكة فيه.

    1.  مناقب آل أبي طالب، ابن شهر آشوب، ط. الحيدريّة، ج٣، ص۱۱٩: وقال النبي لها: أيّ شيء خير للمرأة؟ قالت: أن لا ترى رجلًا ولا يراها رجلٌ، فضمّها إليه وقال: ذريّةٌ بعضها مِن بعض.
      دعائم الإسلام، القاضي النعمان المغربيّ، ط. دار المعارف، ج٢، ص٢۱٥: وعن علِيّ (عليه السلام) أنّه قال: «قال لنا رسول الله (صلي الله عليه و آله و سلّم): أيّ شيء خير للمرأة؟ فلم يجبه أحد منّا، فذكرتُ ذلك لفاطمة (سلام الله عليها) فقالت: ما من شيء خير للمرأة مِن أن لا ترى رجلًا ولا يراها. فذكرتُ ذلك لرسول الله (صلي الله عليه و آله و سلّم) فقال: صدقت، إنها بضعة منّي». (م)
    2. هو كتاب (الأربعين في التراث الشيعيّ). (م)

الاعتبارُ هالكٌ ومُهلكٌ والحقيقةُ باقيةٌ ومُنجٍيةٌ - توصيات خاصّة بشهرَي محرّم وصفر

18
  • لِمَن أُنزل القرآن؟ أُنزل لِمَن يريد الاستماع إلى الحق والعمل به، فقد أُنزل لهؤلاء الناس، وماذا عن غيرهم؟! فمن لا يريد منهم أن يتصفّح القرآن ولو مرّةً واحدةً، فلا يفعل.

  • توصيات خاصّة بشهرَي محرّم وصفر

  • تلك مواضيع كان لا بدّ على هذا العبد أن يتكلّم عنها. لقد طال الحديث، ولَمّا كان شهر محرّم على الأبواب، سأصرف عدّة دقائق حوله، ففي الليلة الماضية طال بنا الحديث، ولم أتمكن مِنَ التحدّث عن هذا الموضوع؛ إنّ شهرَي محرّمٍ وصفر شهرا عزاء، وهما الشهران اللذان حلّت فيهما المصائب على أهل البيت، ففي ظلّ ذلك، لا بدّ أن يتغيّر حال الإنسان خلال هذين الشهرين، ولا بدّ أن يُظهر حال الحزن.

  • كيفيّة التوشّح بالسواد عزاءً على سيّد الشهداء

  • ما تعلّمناه خلال مرافقتنا للعظماء هو ضرورة أن يكون وضع البيت خلال هذين الشهرين مختلفًا عمّا كان عليه في غيرهما مِنَ الأشهر؛ فلا بدّ أن تَظهر آثار الحزن والعزاء عليه، ولكن لا إلى درجة كبيرة بحيث تسبّب انقباض الروح، وخصوصًا الأطفال فهم أكثر تأثّرًا بهذه الأمور، فليس مستحسنًا أن يلبس الطفل السواد بشكل كامل، فليكن ذلك بمقدار قليل، وبالشكل الّذي يكفي معه حصول تغيير في الجوّ العامّ للبيت، بحيث لو دخل هذا البيت أحدٌ، سيفهم أنّ أهله مهتمّين بموضوع العزاء، وأنّهم يحترمون هذه المناسبة الحزينة. أمّا أن يكسو كافّة جدران البيت سوادًا، فهذا ما لم يقل به العظماء أصلًا وأبدًا، وهو لا يحظى بقبولهم أساسًا، بل الورود في هذه الأجواء سيسبّب الانحطاط؛ قد يدخل أحدنا إلى مكان موشّح بالسواد بأكمله، فوروده في هذا الفضاء الأسود سيسبّب هبوطه لا سموّه. قد يُسبّب له ذلك الجوّ حالة مِنَ الحزن، فيقول: يا له مِن فضاء، فها هو اسم الإمام الحسين والأعلام والكلمات والأشعار، قد ملأت كلّ مكان! غير أنّ ذلك كلّه ليس إلّا مشاعر ظاهريّة، والوارد في هذا المكان يكون قد سلّم نفسه لهذا الجوّ، وبعبارة أخرى: سيصبح أسير هذه الأجواء، وهو ممّا يخالف السلوك ومباني هذا الطريق. هذا ما كنتُ أتحدّث عنه.

الاعتبارُ هالكٌ ومُهلكٌ والحقيقةُ باقيةٌ ومُنجٍيةٌ - توصيات خاصّة بشهرَي محرّم وصفر

19
  • ما هو معنى إقامة عزاء سيّد الشهداء

  • لا بدّ مِن إقامة مراسم عزاء سيّد الشهداء، فمَن لم يفعل ذلك يذهب عمره هباءً. إنّ إقامة مراسم عزاء سيّد الشهداء هو عبارة عن الدخول في نفس فضائه، ووضع النفس في ذلك الحرم، وتقريب النفس منه. إنّ جميع ذلك هو لجلب رحمة الله، فهي بمثابة الماء الّذي ينزل على الإنسان فيُزيل عنه الصدأ والأوساخ، ويُطهِّر له قلبه. فعليه أن لا يجعل نفسه أسيرةً لتلك الأجواء، وأن لا يُقيم المراسم في جوٍّ مِنَ المشاعر الظاهريّة الجذّابة، فذلك ليس صحيحًا.

  • قراءة مراثي سيّد الشهداء في المنازل

  • أمّا ما يتعلّق بقراءة المراثي(العزاء)، فلا بأس به، ويمكنكم أن تقيموا المراثي(العزاء) في بيوتكم. حتّى أنّ المرحوم العلّامة كان يوصينا أن نُقيم في كلّ شهر مجلسَ عزاءٍ في بيوتنا، أو نحضر مجلس عزاء في بيت آخر. وهذا ما يحصل بالفعل.

  • رحم الله قارئ المراثي (العزاء) مشتي أكبري ، كان هذا الرجل يحضر في المسجد ويقرأ المراثي. وعندما ذهب المرحوم العلّامة إلى مشهد كان يدعوه أحياًنا إلى المنزل ليقرأ هناك؛ أتذكّر عندما كنّا في مشهد، كيف كان يأتي وكيف كانوا يجلبونه، فقد كان أعمى بالولادة أو في طفولة، كان يحضر المجلس الّذي يُعقد داخل البيت، وكان المرحوم العلّامة يجمع أفراد العائلة، ويقول للوالدة والأخوات وكلّ مَن يتواجد في المنزل: تعالوا واجلسوا. كان عددنا حدود خمسة أشخاص أو ستّة أحيانًا، وقد يصل إلى سبعةٍ أو ثمانيةٍ، وكان الأطفال يحضرون أيضًا، فيبدأ بالقراءة. كان التغيّير الّذي يطرأ على أجواء المنزل مشهودًا. نعم، هذا ما يمكن أن يفعله ذكر الإمام الحسين، فهو يُغيّر الأجواء، غير أنّ هذا التغيير يجب أن يكون مِن أجل إصلاح الباطن، لا أن يجعل الإنسان أسير ذلك الجوّ [الّذي يدفعه] لضرب رأسه، وهو لا يشعر ما الّذي يفعله، هذا أمر خاطئ وغير صحيح، فهذه الكيفيّة ليست صحيحةً. فلو أأقام الإنسان المراسم بهذا الشكل مدّة مائة سنة، لن يترقّى سنتمترًا واحدًا.

  • لكلّ شيءٍ حسابه الخاصّ، فلا ينبغي أن يكون السواد بالشكل الّذي تنقيض معه الروح، بل يجب أن يكون الجوّ شارحًا للصدر، فلكل هذه الأشياء تأثيرٌ خاصٌّ. إنّ الملائكة تنزل في هذه الأجواء وتجلب معها الرحمة، أمّا إن عمل أحدنا بخلاف ذلك، ستقع له مشاكل في طريق سيره وسلوكه. عليكم أن تمتنعوا عن تناول أو تقديم الحلوى في هذين الشهرين، فإن أراد أحدكم أن يستقبل ضيفًا، فليُقدّم له الفاكهة، فلا إشكال في ذلك، أمّا الأشياء الّتي يعتبرها العُرف نوع مِنَ الكماليات، فعلى الإنسان أن يجتنبها.

الاعتبارُ هالكٌ ومُهلكٌ والحقيقةُ باقيةٌ ومُنجٍيةٌ - توصيات خاصّة بشهرَي محرّم وصفر

20
  • الزواج في مناسبة عزاء سيّد الشهداء

  • أمّا موضوع عقد الزواج الّذي تمّ السؤال عنه، فلا بأس به، نعم، لا إشكال في إجراء العقد وفي الزواج أيضًا، شريطة أن لا يكون محفوفًا بالفرح والتصفيق وإقامة مراسم علنيّة، وينبغي أن لا توزّع الحلوى وأمثالها، ويمكن الاستعاضة عنها بالتمر مثلًا.

  • فعقد الزواج، لا إشكال فيه بأيّ شكلٍ مِنَ الأشكال، وهو لا يختلف – ولو بمقدار رأس إبرة – عن العقد الّذي يُقام في ليلة ولادة الإمام، وذلك لأنّه عبادة، والعبادة يؤتى بها في شتّى الظروف؛ فعندما تريد أن تُصلّى صلاة الليل هذه الليلة أو في الليلة القادمة، فكلتاهما صلاة، ولا فرق بينهما.

  • أمّا الفرح وتناول الحلوى، فهما أمران خاطئان [في مناسبة عزاء سيّد الشهداء]. نعم، لا إشكال في العرس أيضًا، فهو لا يختلف هنا أيضًا.

  • وقت إقامة مجالس العزاء ومنع التواصل بين الخطيب والنساء 

  • كان ذلك أحد المطالب المطروحة، والمطلب الآخر هو حول وقت إقامة مجالس العزاء؛ قد ذكرتُ هذا الأمر سابقًا وقلتُ: مِنَ الأفضل إقامتها نهارًا لا ليلًا، ولكن لَمّا كان البعض ينشغل بالعمل نهارًا، فلا إشكال في إقامتها ليلًا في العشرة الأولى مِن محرم والعشرة الأخيرة من صفر، فلا يمكننا التشدّد في هذا الأمر، ولم يكن المرحوم العلّامة نفسه يتشدّد في هذا الأمر. ولا مانع مِن مشاركة النساء، ولكن عليهنّ أن ينتبهن إلى عدم إحداث ضجيجٍ وعدم التحدّث مع بعضهنّ، وأن يستمعن لِما يُطرح في المجالس ويستفِدْنَ منه.

  • هناك أمرٌ أخر أودّ الإشارة إليه – كنتُ قد ذكرته سابقًا – هو أنّه يجب عدم الاتصال المباشر بين النساء والخطيب، فيجب أن لا يراهنّ وأن لا يَرينه، فيجب تنظيم المجلس بشكلٍ يُراعى فيه هذا الأمر.

  • هذه هي الأمور الّتي أردتُ التنبيه عليها، ولقد طال بنا الحديث، فمَن كان لديها سؤال فلتطرحه، لأجيب عنه في هذه الدقائق.

  • أسئلة وأجوبة

  • أوقات غسل يوم الجمعة

  • السؤال: يُقال أن غُسل يوم الجمعة يمكن الإتيان به يوم الخميس أو يوم السبت رجاءً [أي رجاء المطلوبيّة]، فهل هذا صحيح؟

  • جواب سماحة السيّد: إنّ الغُسل الّذي يؤتى به يوم الخميس أو يوم السبت، لا يقع رجاءً، بل مَن سيتعذّر عليه الغسل يوم الجمعة، يمكنه أن يغتسل عصر يوم الخميس بدلَ اليوم التالي. أمّا مَن يغتسل بعد [ظهر] يوم الجمعة، فيُحتسب له غُسل قضاء، ولكن عليه أن يتوضأ أيضًا.

الاعتبارُ هالكٌ ومُهلكٌ والحقيقةُ باقيةٌ ومُنجٍيةٌ - توصيات خاصّة بشهرَي محرّم وصفر

21
  • السؤال: في حالة كان هذا الكلام صحيحًا، فهل يُغني هذا الغُسل عن الوضوء؟

  • جواب سماحة السيّد: كلّا، إنَّه لا يُغني عنه، ويجب الإتيان بالوضوء.

  • متّى يمكن قطع الصلاة

  • السؤال: قيل لنا: إن رنّ جرس باب البيت أثناء صلاتنا، ولم يكن أحد غيرنا في البيت، يمكننا أن نفتح الباب ثمّ نعود إلى الصلاة، بشرط عدم إدارة الظهر للقبلة، فهل هذا صحيح؟

  • جواب سماحة السيّد: إن كان المُصلّي يحتمل أن يكون الطارق قد قَدِم لأمر مهمّ، أو أن هناك طفل واقف خلف الباب، فيمكنه أن يفعل ذلك، أمّا إن كنتم تحتملون أنّ الطارق يمكنه الانتظار دقيقتين أخريين، يجب عدم فعل ذلك.

  • السؤال: قال أحدهم على التلفاز بإمكانيّة تبديل نيّة الصلاة، فيجعلها صلاةً مِن ركعتين، فيُتمّها بسرعة ويذهب ليفتح الباب.

  • جواب سماحة السيّد: كلّا، لا يجوز ذلك؛ فإن احتمل المُصلي أن يكون الطارق شخصًا ذا حالة خاصّة، كأن يكون طفلًا صغيرًا أو شخصًا مريضًا أو شخصًا مهمًّا جاء مِن مكان بعيد، فيمكنه أن يفعل ذلك [أي أن يفتح الباب بتلك الطريقة]، أمّا إن احتمل أن يكون الطارق شخصًا عاديًّا يمكنه الانتظار دقيقتين أخريين، فيجب عليه أن يُديم صلاته، ولا يمكنه إبطالها بهذه الكيفيّة المذكورة.

  • الأوعيّة المفتوحة

  • السؤال: يُقال إنّ التسمية عند شرب الماء أو الأكل تمنع الشيطان مِن التدخّل، فهل هذا صحيح؟ وهل يجب إراقة الماء إن تُركتْ فوّهة الإناء مفتوحة؟ وهل ينطبق هذا الأمر على الوعاء الّذي يُترك مفتوحًا في الثلّاجة، كالوعاء الّذي يحتوي على اللبن المتخثّر مثلًا؟ وما هي المدّة المسموح بها لبقائه على هذا الحال في الثلاجة؟

  • جواب سماحة السيّد: لا يصدق عنوان ترك الوعاء مفتوحًا على الوعاء داخل الثلّاجة، بل يصدق ذلك على الوعاء المتروك خارجًا والمعرّض للهواء والتلوّث بالميكروبات، لهذا يُوصى بتغطيته، وإن أرتم أن تقولوا: بسم الله الرحمن الرحيم، فذلك أمر جيّد، غير أنّ التسمية لا تحول دون توسيخ الماء أو تلوثه بالميكروبات.

  • السؤال: هل يعتبر بخار الماء في السقف الداخليّ للحمام نظيفًا لو استعمله الطفل؟

  • جواب سماحة السيّد: نعم، إنّه نظيف.

  • إهداء الموتى قراءة القرآن

الاعتبارُ هالكٌ ومُهلكٌ والحقيقةُ باقيةٌ ومُنجٍيةٌ - توصيات خاصّة بشهرَي محرّم وصفر

22
  • السؤال: هل يمكن أن نهدي إلى الموتى ثواب قراءتنا اليوميّة للقرآن، أو سورة القدر الّتي نقرأها في ليلة الجمعة ويومها؟

  • جواب سماحة السيّد: لا داعي لإهدائها إلى الموتى، فإنّ الثواب سيصلهم.

  • الوضوء يرفع بمقدار ما الآثار السيّئة لتأجيل الغسل

  • السؤال: إن حصل لي ولابني الصغير ارتباط قهريّ بشخصٍ قد أَجّل غُسله، فهل مِن سبيل إلى منع التأثير السيء لذلك علينا؟

  • جواب سماحة السيّد: لم يعرف العبد ما هو المقصود مِن هذا الارتباط، فإن كان المقصود هو ذلك الشيء، فيجب الوضوء هنا. مَن تأجّل غُسله، فلم يتمكّن مِنَ الغسل، سواء الرجل أو المرأة، عليه أن يتوضّأ، ومِن شأن هذا الوضوء أن أن يقلّل بمقدار ما الأثرَ السيء الّذي يتركه تأخير الغسل.

  • رفع الصوت في صلاة العشاءين لتعليم الأبناء

  • السؤال: أرفع صوتي أحيانًا في صلاتَي المغرب والعشاء مِن أجل أن يتعلّم ابني منّي بصورة غير مباشرة، فهل هذا مِنَ الشرك؟

  • جواب سماحة السيّد: كلّا، ولا بأس به.

  • الدعاء لأربعين مؤمنٍ

  • السؤال: بالنسبة للدعاء لأربعين مؤمنٍ، هل علَيّ أن أذكر أقاربي ومعارفي الّذين يعانون مِن مشاكل، أو الضالّين منهم؟

  • جواب سماحة السيّد: لا بأس بذلك، فعلى الإنسان أن يدعو للمؤمنين ولأمثال أولئك الناس أيضًا.

  • حل المشاكل بالأذكار والأدعية والآيات

  • السؤال: هل يجوز للسالك أن أن يتوسّل بالأذكار والأدعية والآيات القرآنيّة ليحلّ مشاكله في بعض الموارد؟

  • جواب سماحة السيّد: لا يجوز استخدام تلك الواردة في أيّ كتابٍ كان، بل يمكن الاستفادة ممّا نقله المرحوم العلّامة في كتاب (مطلع انوار) أو (الروح المجرّد)۱. أمّا ما جاء في الكتب، فقد نُقل فيها الكثير مِنَ الأمور الّتي لها تأثير سيّء على الإنسان، حتّى أنّ منها ما يمكن أن يعالج مشكلة ويأتي بما هو أسوء منها، وممّا لا يمكن معالجته.

  • نيّة القربة إلى الله تعالى في الأعمال

  • السؤال: هل يكفي أن نأتي في حياتنا اليوميّة بالعمل الّذي نعتقد بصحّته، خصوصًا أنّكم ذكرتم أنّ حتّى اليهوديّ إذا كان صادقًا مع عائلته، فسيُحشر مع النبيّ، أم لا بدّ أن ننوي أنّنا نأتي بهذا العمل قربة إلى الله؟

  • جواب سماحة السيّد: لا، ليس ضروريًّا، فإنّ القربى إلى الله هي نفس كون عملكم صحيحًا، فلا يلزمكم عند القيام بأيّ عمل أن تتوجّهوا إلى القبلة وتوجّهوا قلوبكم إلى الله.

    1. أمّا كتاب (مطلع انوار - فارسي)، هو عبارة عنّ كشكول سماحة العلّامة السيّد محمّد الحسين الحسينيّ الطهرانيّ (قدّس الله سرّه)، شَكّل ما مقداره ثلاثة عشر جزءً، قدّم له وعلّق عليه نجله سماحة السيّد محمّد محسن الطهرانيّ (قدّس الله سرّه)، وهو غير مترجم إلى الآن، ومعناه باللغة العربيّة (مطلع الأنوار)
      أمّا كتاب (الروح المجرّد) فهو إحدى نفائس سيّد الطائفتين سماحة العلّامة السيّد محمّد الحسين الحسينيّ الطهرانيّ (قدّس الله سرّه)، في ذكرى الموحِّد العظيم والعارف الكبير الحاجّ السيّد هاشم الموسوي الحدّاد (أفاض الله علينا مِن بركات تربته). (م)

الاعتبارُ هالكٌ ومُهلكٌ والحقيقةُ باقيةٌ ومُنجٍيةٌ - توصيات خاصّة بشهرَي محرّم وصفر

23
  • كتاب المراقبات للميرزا جواد آغا الملكي التبريزي (رضوان الله عليه)

  • السؤال: هل يجب اقتناء بكتاب المراقبات والعمل بما جاء فيه؟

  • جواب سماحة السيّد: لا، لا يلزم ذلك، ولكن لا بأس باقتنائه.

  • حول أدعية القنوت وفقرات الأذان واختلاف النسخ في زيارة عاشوراء 

  • السؤال: هل يوجد إشكال في قراءة الدعاء الوارد في سجدة زيارة عاشوراء في قنوت الصلاة؟

  • جواب سماحة السيّد: لا، لا إشكال فيه.

  • السؤال: يقول أخي في الأذان والإقامة: أشهد أنّ محمّدًا عبده ورسوله.

  • جواب سماحة السيّد: في ذلك إشكال، فما يجب أن يُقال هو: أشهد أنّ محمّدًا رسول الله، وليس يوجد عندنا: أشهد أنّ محمّدًا عبده ورسوله، ففي ذلك إشكال.

  • السؤال: نظرًا لوجود اختلاف في بعض كلمات النسخ المختلفة لزيارة عاشوراء، وكون الزيارة عبارة عن حديث قدسيّ، فلا يجوز إضافة أو حذف كلمة منه، فنرجو إن أمكن أن ترشدونا إلى نسخة موثوقة.

  • جواب سماحة السيّد: إنّ النسخة المتداولة هي نسخةٌ صحيحة، وهي متداولة في الكتب، والزيارة الموجودة في النسخة القديمة لكتاب مفاتيح الجنان هي زيارة جيّدة.

  • حول صور وتماثيل والدمى

  • السؤال: نظرًا للوضع الحاليّ في المجتمع، إنّ كلّ ما نريد شراءه، نجده على هيئة تمثال حيوان أو دمية أو أيّ شكل آخر، وكذلك الحال بالنسبة لألعاب الأطفال، فهل هناك إشكال في شراء الكتيّبات الّتي تشتمل على صور الحيوانات، والقصّاصات الورقيّة الّتي تساعد الأطفال على التعرّف على أشكال الحيوانات ومواصفاتها؟

  • جواب سماحة السيّد: لا إشكال فيه، ومع ذلك هو ليس جيّد؛ قد نستعمل أحيانًا عبارة (فيه إشكال) ونقصد به الحرمة، [أمّا بالنسبة إلى ما نحن فيه] فهو ليس حرامًا، ولكن يجب اجتنابه قدر الإمكان، لأنّ ذهن الطفل عندما ينشغل بذلك، سيتشكّل ذهن وفقَ حال وأجواء وبرزخ تلك الأمور، ومِنَ المستحسن أن لا يتّخذ هذا الاتّجاه، بل عليه أن يُوجد لنفسه ما يلهو به.

  • قد رأيت تمثال أو صورة كلب في منازل البعض، ووجود هذه الأشياء هو في غاية السوء، لأنّه سيحصل تقاربٍ بين نفس الطفل وهو في هذا السنّ مع نفس الكلب، الأمر الّذي لا يُعتبر جيّدًا للطفل، وسيحدّ مِن تكامله المستقبليّ. هناك الكثير مِنَ الأشياء الّتي نهى عنها الإسلام، ونهيه هذا لا يعود إلى تأثيرها الظاهريّ، بل يعود إلى تأثيراتها المعنويّة، مثلًا، إنّ اقتناء الدمى حرام، وكما يُقال في هذه الأيّام بأنّ هناك علاقةً بين الأطفال والدمى؛ إنّ تعلّق الطفلة بالدمية شيء طبيعيّ، لأنّ هناك علاقة بين النساء والأطفال، فعلاقة المرأة بابنها أمرٌ طبيعيّ، غير أنّ تعلّق الطفل بهذه الدمى بشكلها الفعليّ أضرار، أمّا إن كانت الدمى ليست على هيئة مشخّصة [كالإنسان أو الحيوان]، فلن يكون لها ذلك الأثر السيّء.

الاعتبارُ هالكٌ ومُهلكٌ والحقيقةُ باقيةٌ ومُنجٍيةٌ - توصيات خاصّة بشهرَي محرّم وصفر

24
  • اشتكى أحد أرحامنا من أحد أطفاله بأنّه لا ينعم بالهدوء في غرفته، فهو يرى مناماتٍ مزعجةٍ وكوابيس، ويكون في حالة اضطرابٍ شديدٍ، فأخذوا الطفل إلى الطبيب، فلم يلحظ عليه شيئًا. ومضى على هذه القضيّة وقتٌ، حتّى حصل في أحد الأيّام أن زرناهم في منزلهم، فحانت صلاة المغرب، فطلبت منهم مكانًا أو غرفة لأصلّي فيها المغرب والعشاء، فأرشدوني إلى إحدى الغرف، وعندما دخلتها لم استطع البقاء فيها ثانيةً واحدةً، كانت مليئة بتماثيل الدببة والكلاب والدمى، معلقة هنا وهناك وبسقف الغرفة، فقلتُ: لا أستطيع أن أصلّي في هذا المكان، سأذهب وأصلّي على الشرفة وإن كان الجوّ باردًا. نعم، لم استطع أن أبقى فيها أبدًا. كان الله بعون ذلك الطفل الّذي ينام فيها مِنَ الليل إلى الصباح. إنّ لهذه الأشياء تأثير فعليّ. يُقال إنّ تمثال الدبّ المعلّق بالسقف، سيساعد الطفل على النوم! [أقول:] بل ذلك سيسلب منه نومه. يستطيع الإنسان أن يُشغل الطفل بألف وسيلة ووسيلة، دون الحاجة إلى هذه الأشياء، فهي تضرّ بنفسه، وستظهر آثارها عليه عاجلًا أم آجلًا.

  • السؤال: إن كان هناك إشكال في اقتناء تلك الكتيّبات، وكنّا قد اشتريناها عند عدم علمنا بذلك، فهل هناك إشكال في إهدائها إلى الآخرين؟

  • جواب سماحة السيّد: نعم، هناك إشكال، لأنّهم سيبتلون بنفس هذا البلاء.

  • السؤال: هل هناك إشكال في شراء ملابس لأطفالنا عليها صور ؟

  • جواب سماحة السيّد: قلتُ آنفًا، أنّ الإشكال هنا ليس بمعنى الحرمة، ولكنّه أمر غير جيّدٍ.

  • السؤال: إن كان في ذلك إشكال، فهل هناك إشكال في إهداء هذه الملابس إلى مَن لا يعتني بهذه الأمور؟

  • جواب سماحة السيّد: هل أبناء أولئك الناس ليسوا مِن بني البشر! ما هو الفرق بينكما!

  • السؤال: ما هي وجهة نظركم في الأشكال التخيّلية؟

  • جواب سماحة السيّد: لا يعلم هذا العبد ما الّذي يعنيه الشكل التخيّلي، غير أنّ هذا الشكل إن كان على هيئة حيوان حيّ، فلا فرق إن كان حيوانًا واقعيّاً أم غير واقعيّ.

  • صلة الرحم

  • السؤال: هل صلة الرحم واجبة مع الّذين لا تربطنا بهم علاقة أبدًا، كبنت الخالة الّتي تزوّجت، ولكنّها خلال ثمانية سنوات مِن زواجها، لم تسأل عنَّا ولا عن أبي وأمّي ،والحال أنها تستطيع الحصول على رقم أو عنوان لنا من والدها؟

الاعتبارُ هالكٌ ومُهلكٌ والحقيقةُ باقيةٌ ومُنجٍيةٌ - توصيات خاصّة بشهرَي محرّم وصفر

25
  • جواب سماحة السيّد: لا يجب ذلك، ولكن مَن أراد ذلك فهو أعرف بحاله، ولكن هذا القسم مِن صلة الرحم ليس إلزاميًّا.

  • حرمة العمامة

  • السؤال: قطعة القماش الّتي كانت تُستخدم كعمامة، قد أصبحت بالية ولا يمكن الاستفادة منها بعدُ، فهل يمكن استخدامها لأغراض منزليّة أم أن حرمتها باقية؟

  • جواب سماحة السيّد: مِنَ الأفضل عدم استخدامها.

  • صلاة الجمعة في قرية يقطنها الشيعة والسنّة

  • السؤال: القرية الّتي يسكنها فيها سنّة وشيعة، والّتي يُقيم فيها السنّة صلاة الجمعة، هل على الشيعة أن يُقيموا صلاة جمعة فيها أيضًا، عِلمًا أنّ المسافة بين هذه القرية والمدينة هي بين عشر إلى عشرين دقيقة؟

  • جواب سماحة السيّد: إنّ هذا الموضوع هو أحد المواضيع الاجتماعيّة الّتي لا يتدخّل فيها هذا العبد.

  • المسّ غير المقصود

  • السؤال: في بعض الأماكن المزدحمة، كالحرم والشارع، يحصل خلال السير أنّ يمسّ بنا الرجل سهوًا لا عمدًا، أو أن نمسّ نحن بغير المحارم، ففي كلتا الحالتين، هل يُعدّ لنا هذا ذنبًا؟

  • جواب سماحة السيّد: كلّا، فما دام الأمر قد حصل عن غير عمد، فهو ليس بذنبٍ.

  • علاقة الأخوة مِنَ الذكو والإناث

  • السؤال: كيف يجب أن تكون علاقة الأولاد بالبنات بعد سنّ الثالثة؟ فهل يجب الفصل بينهما بشكل كامل؟ هل إنّه لا يجوز لابنتي الّتي أكملت الثالثة مِن عمرها أن ترافق ابني البالغ مِن العمر أربع سنوات في ذهابها وإيابها، أم أنّ ذلك يعتمد على مقدار إدراكهما للأمور؟

  • جواب سماحة السيّد: لا يجب الفصل بينهما بشكل كلّي عند بلوغهما الثالثة مِنَ العمر، ولكن مِنَ الجيّد مراقبتهما.

  • التغلّب على الخواطر والشعور بالشوق لله والأئمّة

  • السؤال: لا تعلم الحقيرة كيف يمكنها التغلّب على الخواطر والأوهام الشيطانيّة والظلمانيّة الّتي ترتسم في ذهنها بصور وقوالب مختلفة، والنجاة منها، علمًا أنّ الكثير مِن تلك الأفكار والأوهام قد أتعبتني. ولا تعلم الحقيرة ما الّذي عليها فعله لكي يتولّد لديها شوق ورغبة شديدين اتّجاه الله والأئمّة.

  • جواب سماحة السيّد: لَمّا كان الموضوعان متشابهين تقريبًا، سأجيب عنهما بجوابٍ واحد. إنّ ما لدينا مِن أوهام وتخيّلات له جذور في أنفسنا، وبعبارة أخرى؛ لو لم تكن هناك أرضيّة مناسبة لهذه التخيّلات، لما حصل ذلك للإنسان، غير أنّ تلك الجذور قد تكون مخفيةً أحيانًا، وقد تكون واضحةً أحيانًا أخرى. ففي الحالات العاديّة، فإنّ علاقة الإنسان بالآخرين ومتابعته للأحداث والأخبار، أثرٌ كبيرٌ في حصول هذه التخيّلات. فكلّ يومٍ يمرّ على الإنسان وكان اطلاعه على هذه الأمور أقل، كان فكره أكثر راحة وهدوء. فعلينا أن لا نشغل أفكارنا بما لا يعنينا.

الاعتبارُ هالكٌ ومُهلكٌ والحقيقةُ باقيةٌ ومُنجٍيةٌ - توصيات خاصّة بشهرَي محرّم وصفر

26
  • كنتُ في أحد المجالس يومًا، فرأيت شخصين أو ثلاثة منهمكين بالحديث، كان باستطاعتي أن أنظر وأعرف ما هو الموضوع الّذي يدور بينهم، ولكنّني قلت: ما الّذي يعنيني في ذلك؟ لماذا انظر إلى ذلك؟ لماذا أوجّه سمعي وحواسي لأعلم ما الّذي يقولونه؟ إنّ الناس العاديّين، ما إن يروا ثلاثة أو أربعة أشخاص يتكلّمون حول موضوعٍ معيّنٍ، تراهم يوجّهوا حواسهم ليعلموا عمّ يتحدّثون! ماذا يعنينا مِن أمرهم؟! علينا أن ننصرف إلى أعمالنا. وهذا ما كنتُ قد أشرت إليه في مجالس [شرح] عنوان البصريّ. إنّ الجزء الأكبر مِنَ التخيّلات ينشأ مِن تدخّلنا غير المبرّر بما لا يعنينا. إن كان هناك شخصان يتهامسان في زاوية ما، فلماذا يحاول البعض التركيز على كلامهما وحركة شفاههما، ليعلم ما الّذي يقولانه؟! ما مبرّر ذلك؟! عندما يتحدّث شخصان مع بعضهما، تجد مَن يقول: سأرى عمّ يتحدّثان. إنّ هذه العبارة كفيلة لإيجاد مرضًا في نفس الإنسان.

  • إنّ دستور العظماء الثابت هو هذا: لا تتدخّل في شؤون الآخرين، وإن لم يأتيك أحد فلا تذهب بنفسك إليه، وما لم يتكلّم معك أحدٌ، فلا تتابع الموضوع. إنّ البعض مريض أساسًا، ويسعى إلى المشاكل بنفسه، ويبحث عن الشعلة والنار بنفسه! وتراهم يذهبون بأنفسهم ليروا ما الّذي يحصل هنا وهناك، ويحشرون أنفسهم في كلّ موضوع! هؤلاء الناس لن يتكاملوا إلى قيام القيامة، وسيبقون على ما كانوا عليه. إنّهم ما أن يحصل حولهم شيء، حتّى يبرز مكنون قلوبهم. فلو عبد هؤلاء الناس اللهَ مائة سنة أو بمقدار عمر النبيّ نوح، ما كانت لعبادتهم مِن فائدة تُرجى.

  • لماذا يصرف الإنسان وقته في متابعة ما الذي قاله فلان بحقّ فلان؟! ما هي علاقتك بهذا الموضوع؟! فما دام الكلام لم يصل إلى مسامعك، فما شأنك به؟! لو تكلّم عنّي أحدٌ، أو تكلّموا عنِّي في المكان الفلانيّ، فما دام الكلام لم يصل إلى مسامعي، بل حتّى لو وصل إلى مسامعي، علَيَّ أن أقول: لا شأن لي بهم. لا أن أذهب إلى بيت فلان، وأطرق بابه وأقول: تعال معي إلى البيت، لي معك شغل، ثمّ أقول له: أريد أن أعرف ما الّذي قيل عنّي في ذلك المكان! إنّ هذه التصرّفات مخالفة للسلوك، وهي تسير في اتجاه معاكس لطريق الله؛ فلو كان الطريق إلى الله يقع في هذا الجانب، فتلك تقود إلى الجانب المقابل، أي إنّ مقدار الزاوية بينهما هو مائة وثمانون درجة. إنّ الطريق إلى الله هو السير نحو التوحيد، [أمّا تلك التصرّفات] فهي توغّل في الكثرات؛ فالإنسان بدل أن يسير باتّجاه التوحيد، تراه يسلك طريق الكثرات والجزئيّات. إن أُوتي بذكرك في مجلس، عليك أن تقول: هذا حسن، دعهم يقولون ما يريدون، وإن قيل عنك كذا، عليك أن تقول: دعهم يقولوا، فما الضير في ذلك.

الاعتبارُ هالكٌ ومُهلكٌ والحقيقةُ باقيةٌ ومُنجٍيةٌ - توصيات خاصّة بشهرَي محرّم وصفر

27
  • ما هو سبب تبدّل حال الإنسان، وما الّذي يدفعه للانهيار؟ السبب هو أنّه لم يعرف نفسه، وأنّه وضعها بيد هذا وذاك. أمّا لو كان قد استقام على الطريق، وانشغل بالتفكير في نفسه ووضعه، لَما أصابه شيءٌ. هذا هو سبب ما يحدث لنا، فلو راعى الإنسان هذا الأمر، لازداد عشقه لله. إنّ كلا الأمرين يدوران معًا في فلك واحد [المحقّق: يُرجى مراجعة ترجمة هذه الجملة الأخيرة، وتبيين المعنى المراد (ولو في الهامش)].

  • الملاءة

  • السؤال: هل هنالك إشكال في لبس العباءة البرّاقة والتي تظهر لها ظلّ ما تحتها في حال ضرب عليها الضوء؟

  • جواب سماحة السيّد: لم أعرف نوع العباءة الّتي تسألن عنها، وعلى كلّ حال، لا يجوز لبس العباءة التي تُظهر ما خلفها، والتي تُلفِت نظر الرجل.

  • كيفيّة تنبيه الآخرين على بعض أخطائهم 

  • السؤال: هل يجوز أن ننبّه الأشخاص الّذين يقيمون علاقة مع أناس غير مستقيمين، على ضرورة قطع علاقتهم بهم لكونهم أناسًا غير مستقيمين، فيبتعدون عنهم؟ هل تصرّفي هذا صحيح أم لا؟

  • جواب سماحة السيّد: مِنَ الأفضل أن تقولي لهم: إنّ علاقتكم مع هؤلاء الناس لا تفيدكم. إنّ هذه الأمور تعود إلى الشخص نفسه، ولا تستلزم السؤال، فعلى الإنسان أن يُقيِّم الأمر بنفسه ويرى ما فيه الصلاح. لو قلتِ لها: إنّ فلانة إنسانةٌ غير مستقيمة، فستذهب هذه وتخبرها، فأيّة فتنة ستنشأ جرّاء ذلك؟! ستريهنا تقول حينئذ: إنّ فلانة تقول عنّي إنّني غير مستقيمة، إنّ عدم الاستقامة صفة وجدّتها إلى السابعة مِنهنّ! فعندما يريد أحدنا أن يتكلّم، عليه أن يحسب حساب تبعات كلامه. هناك الكثير ممّا يريد الإنسان أن يقوله، غير أنّه عندما يُراجع حساباته، تراه يخفّف منه ويخفّف منه حتّى تقلّ حدّته، فلو كان المستمع عاقلًا سيفهم المقصود. إنّ التبعات المترتّبة على طرح الكثير مِنَ هذه المطالب قد تدوم لسنوات.

  • التغلب على الخواطر حين الصلاة

  • السؤال: عندما تريد هذه الحقيرة أن تتوجّه إلى الله في صلاتها، تهجم عليها الأوهام والخواطر، فما الّذي علَيَّ فعله؟

  • جواب سماحة السيّد: الموضوع هو كما أشرتُ إليه مِن قبل، فعلى المُصلّي، قبل أن يبدأ بالصلاة، أن يجلس عدّة دقائق، وعندما يحصل له التوجّه الكافي شرع عندها بصلاته.

الاعتبارُ هالكٌ ومُهلكٌ والحقيقةُ باقيةٌ ومُنجٍيةٌ - توصيات خاصّة بشهرَي محرّم وصفر

28
  • بعض الإشكالات الموجّهة إلى شخص المحاضِر ورده عليها

  • السؤال وجواب سماحة السيّد:

  • تقول: هناك سؤال شغل ذهني مدّة طويلة، ولم تكن لي الجرأة على طرحه..

  • تعليق سماحة السيّد: لماذا لا تكون لكِ الجرأة على طرحه؟! فما المانع مِنَ السؤال؟!

  • تقول: وسمعت مرّات عديدة أنّ الكثير مِنَ الرفقاء يعترضون على هذا الأمر، ولكنّهم إمّا يَغضّون النظر عنه، أو أنّهم كهذه الأَمَة الّتي لا جرأة لها

  • تعليق سماحة السيّد: أكرّر تعجبي لذلك!

  • تقول: فكنتُ أقول [في نفسي] لعلّ في سؤالي هذا تجاسر عليكم، وعليّ أن أقول هذا الكلام أيضًا وهو أنّني أخشى أن تطردني مِن جمع الرفقاء بعد أن تقرأ سؤالي بسبب ما فيه من جسارة.

  • يضحك سماحة السيّد ويقول: من أكون حتّى أتصرّف هكذا! وهذا أمر غير صحيح، فإن كان لديكِ سؤال، فعليكِ أن تسألي؛ فبقاء السؤال في الذهن يولّد شكًّا. ثمّ ليس كلّ ما يتضمّنه السؤال يجب أن يكون صحيحًا، فقد يكون موضوع السؤال خاطئًا ونتيجة إشكالٍ ذهنيّ. كما أنّ هذا العبد ليس مبرّأً مِنَ الخطأ ، فلعلّ السؤال يكون صحيحًا، وعلى هذا العبد أن يُصلح نفسه. فكلا الأمرين محتملان. عندما أقوم بعمل، فأنا أراه عملًا صحيحًا، غير أنّ الآخرين قد لا يرونه كذلك، فعلَيّ حينئذ أن أقوم به بشكل آخر، فما المانع مِن ذلك؟!

  • تقول: ولكن لَمّا قلتَ إنّه مِنَ الضروريّ أن يسأل كلّ واحد ما لديه مِن أسئلة، فأنا لأجل قولكم هذا، تجرّأتُ على السؤال. فإن كنتَ قد علمتَ سؤالي، فأرجو أن تجيبني عليه، وإلّا..

  • جواب سماحة السيّد: هذا العبد لا يعلم بالغيب، فيبدو أنّكِ أحلتي الموضوع إلى الغيب، فإن كان السؤال سيقلقك ... . قبل أن استمر في عرض سؤالها، خطر على بالي الآن أمرًا، وهو أنّ أحد الرفقاء سألني قائلًا: أنت تؤكّد على أهميّة الصلاة كثيرًا، فلماذا عندما حان وقت الصلاة في مجلس كرج، فوّتها ولم نصلّها في وقتها، فلماذا لم تصلّها في وقتها؟ والجواب على ذلك هو أنّ هذا الإشكال في محلّه؛ فقد كان على العبد أن يُصلّي معهم، [نعم] ما المانع مِن ذلك [إذ كان بإمكاني أن أُصلّي] ثمّ أقوم بإكمال الموضوع، كما فعل رسول الله. غير أنّ ما أريد قوله هنا هو: أنّني كنتُ منتبهًا لهذا الموضوع حينها، غير أنّه لمّا كان المرحوم العلّامة قد أوصاني بضرورة عدم السفر ليلًا، وأن لا أمضي الكثير مِنَ وقت الليل في السفر، فلو صلّيتُ حينها ثمّ عُدتُ للحديث، لأخذ ذلك نصف ساعة مِن وقتي، ولهذا قرّرت أن أُوجّل الصلاة وأديم الحديث، ولا بأس بهذا التصرّف في هذه الحالات؛ أي عندما يكون الشخص مشغولًا بأمر يراه مهمًّا، فلا مانع أن يؤخّر صلاته قليلًا، أمّا في غيرها مِنَ الحالات فالإشكال واردٌ وصحيح. والآن سأعود إلى الإشكال الّتي طرحته السيّدة.

الاعتبارُ هالكٌ ومُهلكٌ والحقيقةُ باقيةٌ ومُنجٍيةٌ - توصيات خاصّة بشهرَي محرّم وصفر

29
  • تقول: كنتَ قد ذكرت عدّة مرّات بأنّ هناك إشكال في أن يكون في البيت صورة أو تمثال، فماذا عن صورة الطير الموجودة على مرآة منزلكم.

  • تعليق سماحة السيّد: لم أكن قد لاحظته مِن قَبل، وسأصعد إلى الأعلى وأرى.

  • تقول: وكذلك التمثالين الموجودين في المعرض، فما هو سبب وجودها؟

  • يقول سماحة السيّد: إن كان ذلك الّذي في المعرض يُعتبر تمثالًا، فسأقوم بإزالته، وأمّا بشأن الصورة الّتي على المرآة، فلم ألحظ حتّى الآن وجود صورة على المرآة. سأذهب وأرى ذلك بنفسي، فلعلّ الصورة عليه غير واضحة المعالم، ولا إشكال فيها إن كانت كذلك. نعم، إن كان شكل الطائر واضح تمامًا، ففي ذلك إشكال ويُفضّل أن لا يكون. على أيّة حال، فأنا أشكر هذه السيّدة كثيرًا لتنبيهها لي، وهذا أمر لم يسبب لي الانزعاج، بل على العكس فهو قد سبب لي الارتياحي لأنّ رفقاء الطريق ينتبهون لهذه الأمور، وهذا ما يجب أن يكون عليه الحال.

  • صلاة الحامل

  • السؤال: أنا امرأة حامل، وعندما أريد أن أصلّي، يحصل لي ضيق تنفس، فأسعى لإتمام صلاتي بسرعة، وأنا آتي بتسبيحات السيّدة الزهراء أحيانًا، ولا بالآذان ولا الإقامة، فهل في ذلك إشكال؟

  • جواب سماحة السيّد: كلّا، ليس في ذلك أيّ إشكال، بل تستطيعين الصلاة وأنت جالسة. فلأنّك حاملٌ، والصلاة عن قيام يضرّكِ ويسبّب ضيق في النفس، فهذا مِنَ الموارد الّتي يُسمح لكِ بالصلاة جالسة، وان تأتي أيضًا بالآذان والإقامة وأنت جالسة، فلا إشكال في هذا.

  • حضور الأطفال الذكور في مجالس النساء

  • السؤال: ما هو السنّ المسموح للأطفال الذكور في حضور مجالس النساء، نرجو بيان العمر الّذي ينتفي فيه الإشكال، وكذلك العمر الّذي لا يُفضل فيه الحضور؟ وهل ذلك خاصٌ بالمراسم، أم يشمل كلّ تجمّع للنساء؟

  • جواب سماحة السيّد: هذا الموضوع يشمل كلّ تجمّع، ولا يختصّ بالمناسبات. أمّا بالنسبة إلى حدود الأعمار؛ فبعض المجالس هي مِنَ النوع الّذي يُساعد على ايجاد الخيال والوهم، كالأعراس، فطبيعة المجالس تختلف عن بعضها البعض. على أنَّ النساء من رفقائنا يراعون هذه الأمور، أمّا فيما يتعلّق بحفلات العرس الأخرى، فهنالك أنواع مختلفة منها. إنّ الطفل يلتقط صورًا [ويسجّل] أفلامًا [في ذهنه]، فلا تقولوا [مستهينين] هذا مجرّد طفل، فهو يحتفظ بهذا الفيلم في ذهنه، وعندما يكبر سيفعل هذا الفيلم فعلته به. يختلف الأطفال فيما بينهم مِن حيث القدرة الذهنيّة والقابليّة على التشخيص، فبعضهم لا يدري ما الّذي تناوله قبل دقيقتين، هل كان مرطّبات أم بسكويت، فهم حتّى الآن لا ينتبهون، أمّا البعض فيستطيعون إخباركم عمّا حصل قبل ستّة أشهر بشكل كامل.

الاعتبارُ هالكٌ ومُهلكٌ والحقيقةُ باقيةٌ ومُنجٍيةٌ - توصيات خاصّة بشهرَي محرّم وصفر

30
  • كان عمر هذا العبد سنة وثمانية أشهر عندما رجع المرحوم الوالد مِنَ النجف إلى إيران، أي إنَّني قد عشتُ في النجف حتى سنّ السنة وثمانية أشهر. كانت والدتي قد عادت إلى طهران، فولدتني فيها، وبقيت فيها ثلاثة أو أربعة أشهر، وذلك لأنّ وضع النجف في تلك الأيّام لم يكن مناسبًا، فلم تتوفّر فيها الإمكانات المناسبة، وبقيت جدتي مع أبي في النجف حيث كان يدرس، ثمّ عاد بعد ذلك. فبعد سنة وثمانية أشهر وبعدها عدنا [مِن جديد] إلى طهران ... وأنا لا أتذكّر شيئًا عن هذه الفترة الّتي كنّا فيها في النجف، أمّا ما كان قد حصل في تلك الليلة التي دخلنا فيها بيت أحد أقاربنا، فأنا أتذكر ما كان قد حصل فيها، نعم، أنا أتذكره جيدًا؛ أتذكر أين كان يجلس فلان وفلان، وأتذكر كيف أنَّ عمّاتي قد كنَّ هناك؛ فجميع تلك التفاصيل كانت موجودة في ذهني؛ فعليكم والحال هذه أن تستنتجوا بأنفسكم التفاصيل من هذا الموجز. [ثم يقول سماحته مازحًا:] وبذلك ستعلمون أي استفاضة كنتُ سأحصل عليها لو كانت أمي تأخذني معها إلى الأعراس.

  • ما الّذي يمكن أن يفهمه الطفل في عمر سنة وثمانية أشهر؟ ومَن يحتمل أن يكون الطفل ذو السنة وثمانية أشهر أو ذو السنتان بهذا الشكل؟ فهذا أمر يجب على الأمّ مراعاته ويجب أن تتذكّره جيّدًا.

  • إنّ حالة بعض الأطفال تكون مشخّصة وظاهرة، ولكن ماذا عن البعض الآخر فكيف يمكن معرفة حالاتهم؟ فمَن يقول بأنّ هذا طفل لا يدرك شيئًا، فهذا كان قبل ثلاثة أو أربعة سنوات فهو لا يدرك شيئًا! [بل هو يدرك] فهو يستطيع أن يلتقط صورًا! لذا، وكما قال المرحوم العلّامة: لا يجوز اصطحاب الأطفال الّذين تتجاوز أعمارهم ثلاث سنوات إلى الأعراس، أمّا بالنسبة إلى غيرها، فيمكننا القول إنّ اصطحاب الطفل ذي السنوات الخمس ليس فيه ذاك الإشكال، أمّا بالنسبة لِمَن تجاوز الخامسة، فليس مِنَ المستحسن اصطحابه. وعلى كلّ حال كثيرة هي الأمور الّتي تحصل في المجالس وتكون خارجة عن يد الإنسان.

  • رضا الزوج

  • السؤال: هل من الصحيح أن تقوم المرأة بتصحيح نيتها، مثلًا؛ لو أرادت أن تتناول المرطبات في الشارع، وهي تعلم أنّ زوجها لا يرضى بذلك، فتقول: أنا لا أريد أن أخالف زوجي، ولكنَّ نفسي تشتهي تناول المرطبات [لعلّ المراد هو أنّها تنوي هكذا: نيتي هي أن أشرب المرطبات لاشتهائي لها لا مخالفةً لأمر زوجي].

الاعتبارُ هالكٌ ومُهلكٌ والحقيقةُ باقيةٌ ومُنجٍيةٌ - توصيات خاصّة بشهرَي محرّم وصفر

31
  • يضحك سماحة السيّد ويقول: لم يسبق أن واجهة هكذا نيّة.

  • جواب سماحة السيّد: ما دام الزوج غير راضٍ، فلا أثر لتبديل النيّة، أو لأن تتصرّفين بهذا الشكل أو بذاك، فلا بدّ من إحراز رضا الزوج.

  • الاسم الأعظم

  • السؤال: يُقال إنّ لدى البعض الاسم الأعظم، فكيف يكون ذلك؟ وعندما يُقال إنّ آية الكرسيّ أو دعاء الجوشن الكبير هو الاسم الأعظم، فما معنى ذلك؟

  • جواب سماحة السيّد: الاسم الأعظم عبارة عن حالة معيّنة يكون معها الإنسان قادرًا على التأثير في التقديرات، أي يستطيع أن يؤثّر على مجريات الأمور، وبدون هذه الحالة لا يمكنه أن يؤثّر. كما هو الحال الإنسان فهو لديه القدرة ولكنّه يحتاج إلى أداة لإعمالها، كاليد مثلًا، فأنا لديّ القدرة على رفع شيءٍ ما ولكنّني لن أستطيع فعل ذلك بدون وجود اليد، فلا بدّ مِن وسيلة للرفع. وكذلك الأمر بالنسبة إلى مَن لديه الاسم الأعظم، فلا بدّ أن يكون لديه تلك الحالة حتّى يقدر على استخدام الاسم الأعظم. فلو علّموني الاسم الأعظم ألف مرّة، لن أقدر على استعماله إن لم تلك الحالة لديّ.

  • الاسم الأعظم عبارةٌ عن حالة معيّنة تحصل للإنسان نتيجة قيامه ببعض الأمور [المحقّق: عبارة (الاسم الأعظم) في أوّل الفقرة، موجودة في المتن الفارسي بين قوسين، فلعلها من وضع المحقق هناك، فيُرجى التدقيق في السياق إن كنّا بحاجة فعلًا إلى إضافتها أم تصحّ الجملة بدونها، وملاحظة ما تقدّم في الفقرة السابقة قد يساعد على تشخيص مراد سماحته في هذه الجملة]. 

  • ثمّ إن كانت هذه الحالة شديدة عند الإنسان لن يحتاج إلى الألفاظ [لإعمال الاسم الأعظم]، أمّا إن لم تكن حالته بتلك الشدّة، فلن يقدر على إعمال الاسم الأعظم بدون أن يأتي ببعض الألفاظ.

  • على كلّ حال، إنّ المسألة الأساسيّة هنا هو أن يمتلك الإنسان تلك الحالة. أمّا كون الاسم الأعظم هو اسم خاصّ، كما في دعاء الجوشن الكبير، أو ليس كذلك، فلا اطّلاع كافٍ لهذا العبد على الموضوع.

  • تفسير مقولة لأمير المؤمنين علِيٍّ عليه السلام

  • السؤال: قال أمير المؤمنين عليه السلام: «إنّ الله تجلّى لعباده مِن غير أن رأوه، وأراهم نفسه مِن غير أن يتجلّى لهم»۱، يُرجى توضيح هذا الحديث الشريف، وهل كلا الشقّين يؤدّيا نفس المعنى؟

    1. كلمات مكنونة مِن علوم أهل الحكمة والمعرفة، الفيض الكاشانيّ، ط. انتشارات فراهانى، ص٤. (م)

الاعتبارُ هالكٌ ومُهلكٌ والحقيقةُ باقيةٌ ومُنجٍيةٌ - توصيات خاصّة بشهرَي محرّم وصفر

32
  • جواب سماحة السيّد: إنّ هذا الحديث يُشير إلى معنيين مختلفين، هما المكاشفات الذاتيّة والمكاشفات الأسمائيّة؛ فالشقّ الأوّل يشير إلى المكاشفات الأسمائيّة الّتي يتجلّى الله فيها مِن دون صورة. وفي هذا النوع مِنَ المكاشفات، يستطيع الإنسان بدون أن يرى أيّة صورة أن يحسّ بوجود الله، أو أن يسمع صوتًا دون أن يعلم مَن المنادي، ومَن هو مصدر الصوت. حصل وقال البعض: لقد أحسست بوجود الله، وأحسست بحالة ما، فالّذي حصل في هذه الحالة هو تجلٍّ ليس بالصورة، وهذا التجلّي ليس بالظاهر، ولا بالمثال.

  • أمّا التجلّي الثاني، فهو أرفع بكثير مِنَ الأوّل؛ وهو التجلّي الذاتيّ، و الحالة الّتي يُظهر الله فيها نفسه مِن دون تجلٍّ، وهذا المقام هو مقام انكشاف الحقيقة، حيث لا يرى الإنسان فيه إثنينيّة، فلا يمكن أن يرى الله أمامه، فتحصل للإنسان وحدة واحدة لا غير.

  • بيان معنى عبارة وردت في كتاب (معرفة الله) للعلّامة الطهرانيّ

  • السؤال: يرجى توضيح العبارة التالية الواردة في كتاب (معرفة الله): إنّ عباد الله يُعرفون بالله، لا بعباده۱.

  • جواب سماحة السيّد: ما شاء الله على هذه الأسئلة الّتي يبدو أنَها.. إنّ عباد الله يُعرفون بالله، لأنَهم فانون في ذات الله. فكما أنّ ذات الله تُعرف بذاته لا بآثاره، كذلك الأمر بالنسبة لعباده، على أنّ هؤلاء العباد ليسوا عبادًا عاديّين ولا مؤمنين ولا صالحين، بل هم الّذين وصلوا إلى مقام الولاية وحصل لهم الفناء الذاتيّ، فهؤلاء لا يُعرفون بالقياس إلى بقيّة الأفراد. لنأخذ المرحوم العلّامة مثالًا، فنقول: ما هي طبيعة شخصيّة المرحوم العلّامة؟ وعندما نتمعّن في الأمر، نذكر اسم أحد الشخصيّات الكبيرة ونقول: أتعرف فلانًا، إنّ المرحوم العلّامة مثله، أو نذكر اسم شخص كان يعيش قبل مائتين سنة، له باع طويلة في العِلم وكانت تظهر منه خوارق العادات، ونقول: أتعرف فلانًا، إنّ المرحوم العلاّمة مثله. وهكذا الأمر عندما نريد أن نصف أستاذه٢. فأيّ شخص تذكرينه فإنّ (عباد الله) المُشار إليهم أعلى مرتبة مِنهم، لأنّ سير الأفراد المذكورين هو في الأسماء والصفات، أمّا سير أولياء الله فهو في مقام الذات لا في الأسماء والصفات، فسيرهم أعلى مِن ذلك. بناءً على هذا، فلا يمكن معرفتهم إلّا بالله. فمتى ما حصلت لنا معرفة بالله، سنعرف حينها مَن يكون وليّ الله، وإلّا لن نعرف مقامهم إلى يوم القيامة وما بعده. فمتى ما وصلنا إلى مرتبة ولاية الله ومعرفة الله، سنتمكّن مِن معرفتهم.

    1. العبارة المسؤول عنها في المحاضرة قول الإمام الصادق عليه السلام «بَلِ العِبَادُ يُعْرَفُونَ بِاللهِ»، وهي جزء مِن رواية عن أصول الكافي، للشيخ الكلينيّ، ط. دار الكتب الإسلاميّة، ج۱، ص ۸٦، الحديث ٣. وللوقوف على هذه الرواية والمطلب المتعلّق بها يمكنكم الرجوع إلى كتاب (معرفة الله) لسماحة العلّامة السيّد محمّد الحسين الحسينيّ الطهرانيّ (قدّس الله سرّه)، ج٢، ص٩٤، تحت عنوان (اعرفوا الله بالله). (م)
    2. أي أستاذ سماحة العلّامة السيّد محمّد حسين الحسينيّ الطهرانيّ، وهو سماحة السيّد هاشم الحداد، قدّس الله تربتهما المنيفة. (م)

الاعتبارُ هالكٌ ومُهلكٌ والحقيقةُ باقيةٌ ومُنجٍيةٌ - توصيات خاصّة بشهرَي محرّم وصفر

33
  • هنالك رواية عجيبة عن الإمام علَيّ النقيّ، أي الإمام الهادي عليه السلام، قال فيها لفتح بن يزيد الجرجانيّ وهو في سفره مِنَ المدينة إلى سامراء، وذلك عندما أبعده المتوكّل وفرض عليه الهجرة والسفر: يا فتح، لا يُعرف الله إلّا بذاته، ولا يمكن معرفته بشيء آخر، ثمّ قال: وكذلك النبيّ والإمام فهما يُعرفان بذات الله، ومَن لا يعرف الله لا يمكنه معرفتهم، ولهذا السبب لا يمكن وصفهم. ثمّ تأتي هذه الفقرة المهمّة [المتعلّقة بموضوعنا] حيث يقول الإمام عليه السلام: يا فتح، كما أنّه لا يمكن وصف الله ولا المعصومين – يعني لا يمكنك وصفنا نحن الأئمّة – كذلك الأمر بالنسبة إلى المؤمن الّذي امتحن الله قلبه للإيمان، وهو الّذي نجح في الامتحان وحصل على درجةٍ جيّدة – هذه الجملة الأخيرة هي مِن عندي [قلتها لتوضيح المسألة] – هؤلاء هم أولياء الله، فلا يمكن وصفهم. هذه هي الرواية، وهذا الكلام ليس مِن عندي، بل هو كلام الإمام الهادي عليه السلام، قاله لفتح بن يزيد الجرجانيّ عندما طلب منه أن يصف له عباد الله.۱

  • حديث القطيفة

  • السؤال: قال الإمام الصادق عليه السلام: «أولم ينسبوا علِيّ بن أبي طالب إلى ما نسبوه من حديث القطيفة»٢. فما هو حديث القطيفة؟

  • جواب سماحة السيّد: سنؤجّل الكلام في هذا الموضوع، فلم يبق لنا وقت، وكذلك الأمر بالنسبة إلى بقيّة المطالب.

  • (رسالة في لقاء الله) لسند العرفاء الميرزا جواد آقا الملكي التبريزي 

  • السؤال: قال المرحوم العلّامة رضوان الله عليه في كتاب (معرفة الله)، عن (رسالة في لقاء الله) للمرحوم الملكي التبريزيّ: وأرجو مِنَ الله أن يوفّقني أو آخرين غيري لطبع النسخة الأصليّة كما هي بدون زيادة أو نقصان٣. فإقدامكم على هذا العمل سيكون مورد سعادة الرفقاء.

  • جواب سماحة السيّد: نعم، وأنا بصدد الحصول على النسخة الأصليّة من رسالة (لقاء الله) للمرحوم الميرزا جواد الملكي التبريزيّ، وقد وُفِّقتُ إلى حدٍّ ما في ذلك، وقد سعى بعض الرفقاء في هذا الموضوع. وإن شاء الله سأنجز هذا الأمر في أقرب فرصة.

  • خاتمة المجلس

    1. الرواية المشار إليها والّتي نقلها المحاضِر هنا بالمعنى، وردت باختلافات يسيرة في المصادر التالية: إثبات الوصية للإمام علِيّ بن أبي طالب، المسعودي، ط. أنصاريان، ص٢٣٥. التوحيد، الشيخ الصدوق، ط. جماعة المدرّسين، ص٦۰؛ كشف الغمّة في معرفة الأئمّة، الأربليّ، ط. دار الأضواء، ج٣، ص ۱۷٩. وقد أورد قسمًا منها المحاضِرُ سماحة السيّد محمّد محسن الطهرانيّ (قدّس الله سرّه) في كتاب (أسرار الملكوت)، ج٢، ص۱٢٩، وقد اشتملت على الشاهد المراد هنا، مع بيان مزجيّ رشيق وبسيط، كما يلي: ونقل المسعودي في كتاب‌ (إثبات الوصيّة) رواية عن أبي الحسن الإمام علي النقي عليه السلام: رَوى الحِميَري قالَ: حَدَّثني أحمدُ بن أبي عبدِ الله البَرقي عن الفَتح بن يزيد الجُرجاني قالَ: ضمّني وأبا الحَسن الطَّريقُ لمّا قدم به مِن المدينة (في مسيره إلى سامرّاء، عندما أشخصه المتوكلّ العباسي إليها)، فسمعتُه في بعض الطّريق يقول: «مَن اتّقى الله (وربّى نفسه على التقوى) يُتّقى (ويأمن مِن أذية شرار الناس) ومَن أطاع الله يُطاعُ». فلَم أزَلْ أئتلِفُ (وأتودّد إليه وأتقرّب عبر روابط الأنس) حتّى قربتُ مِنه (وأصبحت من جملة المقربين منه)، ودَنوتُ (منه يومًا) فسلَّمتُ عليه فردّ عليّ السّلام. فأوّل ما ابتَدأني أن قال لي: «يا فَتح! مَن أطاعَ الخالقَ فلَم يُبالِ بسَخَطِ المَخلوقين (ولا يدع طريقًا للخوف من غضب الناس إلى قلبه). يا فَتح! إنّ الله جلَّ جلالهُ لا يوصَفُ إلّا بما وصف به نفسه. فأنّى يوصَفُ الَّذي تعجز الحواسُّ أن تُدركه والأوهامُ أن تنالَه والخَطَراتُ أن تَحُدَّه (وتعرّفه) والأبصارُ عَن الإحاطة به. جلَّ عمّا يَصِفُه الواصِفونَ وتَعالى عمّا ينعتُه النّاعتون (فهذا الوصف والنعت الذي يذكرونه بحقّه أقل شأنًا وأدنى رتبةً من حقيقته تعالى)، نَأى في قُربه وقربَ في نأيِه، بَعيدٌ في قُربِه وقريبٌ في بُعده (أي أنه في عين قربه من الخلق هو بعيدٌ، وفي نفس بعده عنهم هو قريبٌ منهم ومعهم، فهو بحضوره مع الخلق بعيد عنهم وببعده عن الخلق حاضرٌ معهم وشاهدٌ). كيَّفَ الكيفَ (وأبدع كيفيّةً للأشياء) ولا يُقال كَيفٌ، وأيَّنَ الأينَ فلا يُقال أينٌ، إذْ هو مُنقطِع الكيفيّة والأينيّةِ (ومنزّه عن الكيف وأين)، الواحدُ الأحدُ (الذي لا مثيل له) جَلّ جلالُه. (وكذلك الحال بالنسبة إلى النبيّ، إذ) كيفَ يُوصَف محمّد صلّى الله عليه وآله وقد قرنَ الجليلُ اسمَه باسمِه وأشركَه في طاعتِه وأوجب لمن أطاعَهُ جزاءَ طاعتِه فقال: ﴿وَما نَقَمُوا إِلَّا أَنْ أَغْناهُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ مِنْ فَضْلِهِ﴾ (أي إنّ‌ المنافقين لم يستوجبوا النقمة الإلهيّة والعذاب إلّا بعد أن أغناهم الله تعالى ورسوله من النِعم الإلهيّة، وصاروا أهلًا للعذاب والعقوبة بسبب كفرانهم هذه النعمة) وقالَ تباركَ اسمُه يَحكي قولَ مَن‌ (خالفَ أوامر الله ورسوله و) تركَ طاعتَه‌ (وطاعة رسوله): ﴿يا لَيْتَنا أَطَعْنَا اللَّهَ وَ أَطَعْنَا الرَّسُولَا﴾. أم كيف يُوصفُ من قَرنَ الجليلُ طاعتَه بطاعةِ رسولِ الله صلّى الله عليه وآله حيثُ قال: أَطِيعُوا اللَّهَ‌ ﴿أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ﴾، قالَ ﴿وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلى‌ أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ﴾ (لكان أفضل لهم). يا فتحُ! كما لا يُوصفُ الجليلُ جَلَّ جلالُه ولا يوصَفُ الحجّة، فكذلك لا يوصَفُ المُؤمنُ المسلّمُ لأمرِنا (الذي يضع جميع وجوده في اختيارنا، والذي يقبل بحقيقة ولايتنا بشكلها الصحيح والأتمّ). فنبيُّنا صلّى الله عليه وآله أفضَلُ الأنبياءِ ووصيُّنا صلّى الله عليه وآله أفضَلُ الأوصياءِ. ثمّ قالَ بعد كَلامٍ: فاردُدِ الأمرَ إليهمْ وسلّمْ لَهُم ...» إلخ‌.*
      * ما بين قوسين هو شرح المصنِّف (رحمة الله عليه). (م)
    2. هذه فقرة مِن حديث طويل للإمام الصادق عليه السلام، تجدونها في كتاب (كفاية الأثر) للخزاز القميّ، ط. انتشارات بيدار، ص٢٦٤. (م)
    3.  معرفة الله، سماحة العلّامة السيّد محمّد الحسين الحسينيّ الطهرانيّ (قدّس الله أنفاسه الزكيّة)، ج٢، ص۷٤، هامش۱. (م)

الاعتبارُ هالكٌ ومُهلكٌ والحقيقةُ باقيةٌ ومُنجٍيةٌ - توصيات خاصّة بشهرَي محرّم وصفر

34
  • أعتقد أنَّ الوقت لم يعُد يسع للإجابة على بقيّة الأسئلة، وإن لم يبق منها إلّا القليل. فإن وفّقني الله، سأجيب على بقيّة الرسائل في المجلس القادم.

  • لقد نلنا حظّنا مِن زيارة الرفقاء والأصدقاء، وسيتحقّق اللقاء التالي في فرصة قريبة إن شاء الله. على الرفقاء أن يذكّروني، فإن لم يفعلوا سأنسى، فمتى ما قيل لي، حان وقت إقامة مجلس للنساء، سأقول: سمعًا وطاعة. سيُقام المجلس بعد أسبوع أو أسبوعين، وآمل بمشيئة الله أن أحضر في المجلس القادم الّذي سيُعقد قريبًا.

  • إنّ الأسئلة الّتي طُرحت، كانت أسئلةً جيّدةً جدًّا، ولكنّي أضعتها للأسف، وقد بحثت عنها فلم أجدها. نعم، لقد كانت أسئلةً مهمّةً، اشتملت على مطالب تتعلّق بوضعنا الحالي. على كلّ حال، كان هذا قدرنا.

  • أسألكم الدعاء إلى أن نلتقي في زيارة ولقاء قادم.

  •  

  • الّلهمّ صلّ على محمّد وآلِ محمّد