المؤلّفآية الله السيد محمد محسن الحسيني الطهراني
القسمعنوان البصري
المجموعةالورد و الذكر
التوضيح
استكمالاً للمحاضرة الثانية عشرة حول مراتب الذكر وشموليّة الإسلام، تتحدّث هذه المحاضرة عن ضرورة الجمع بين العبادة والتصدّي لشؤون الحياة الفرديّة والاجتماعيّة، فهي ليست للعاطلين المترهبنين، مبيّنة أنّ الرهبانيّة ـ وإن لم تكن محرّمة ـ لا تنسجم وشموليّة الإسلام، التي فسّرتها برؤية التوحيد والمشيئة الإلهيّة في مختلف مراحل الحياة ومظاهرها من النصر والهزيمة، معالجة المشكلة التي وقع فيها الخلفاء حين كانوا يتوقّعون من النبيّ النصر الدائم فلم يقبلوا هزائمه، في حين أنّ النبيّ نفسه، رغم امتلاكه القدرات لم يكن يراها من نفسه ولا يستعملها في غير مشيئة الله.
وفي هذا السياق عالجت المحاضرة أيضًا شبهة ابتعاد العرفاء عن الحياة الاجتماعيّة والسياسيّة مبيّنة أنّ العارف ليس من يقتصر على الذكر والعبادة ويترك الحياة بل هو أكثر الناس شعورًا بالمسؤوليّة ودقّة في تطبيق المشيئة الإلهيّة أثناء القيام بها، والذي لا يبالي بما تكون النتيجة بل بالقيام بالتكليف. وختمت المحاضرة بمعالجة مشكلة قلّة المبالاة بالعبادة وذلك بالتفكّر والتأمّل في مشكلات النفس وذهاب العمر الباعثين على الإحساس بالألم.
هو العليم
العبادة وشؤون الحياة
شرح حديث عنوان البصريّ - المحاضرة ۱٣
ألقاها
آية الله الحاجّ السيّد محمّد محسن الحسينيّ الطهرانيّ
قدس الله سره
أعوذ باللـه من الشيطان الرجيم
بسم اللـه الرحمن الرحيم
الحمد للـه ربّ العالمين
والصلاة والسلام على أشرف المرسلين ورسول ربّ العالمين
أبي القاسم المصطفى محمّد وعلى آله الطيّبين الطاهرين
واللعنة على أعدائهم أجمعين
لا تشغلني عن وردي
كان البحث حول هذه الفقرة المباركة من الحديث الذي تفضّل به الإمام الصادق عليه السلام لعنوان البصري:
"مَعَ ذلكَ لي أورادٌ في كُلِّ ساعَةٍ مِن آناءِ اللَيلِ والنَّهارِ، فَلا تَشغَلني عَن وِردي"
للإمامة جانبان: اشتغال بأمور الناس والمعاش واشتغال بالعبادة والذكر
وهذه الفقرة تلفت انتباهنا إلى أنّه إلى جانب موقعيّة الإمامة في العلاقة مع الناس والتبليغ والإرشاد وبيان الأحكام، وبشكل عام أمور المعاش الیوميّة، هناك أمر آخر هو الاشتغال بالنفس، لأنّ الإمام الصادق عليه السلام لم يكن إنسانًا عاطلاً عن العمل يجلس في البيت لا أكثر، ويذكر الله ويقرأ القرآن.
نعم هناك حالات يمرّ بها الإنسان لا يمكنه معها أن يقوم بغير العبادة والذكر، كالحالة التي كان عليها الإمام موسى بن جعفر في السجن، حيث لم يكن الإمام قادرًا على القيام بأيّ عمل، ولم يكن أحد على ارتباط معه.۱ لذلك عندما أمر هارونُ الفضلَ البرمكيّ بالتضييق على الإمام وتعذيبه أكثر، قال الفضل: نحن لا نرى منه عملاً سوى السجود والصلاة والذكر لنعذّبه أكثر٢، ولكن عندما كان موسى بن جعفر خارج السجن، كان الناس يتردّدون عليه، ويطرحون عليه أسئلتهم، وكان الإمام يجيب على رسائلهم، فالإمام ليس إنسانًا عاطلاً ليجلس في المنزل ويشتغل بالذكر والورد.
الذكر ليس للعاطلين
يجب الالتفات إلى أنّ الذكر والورد وتهذيب النفس والعمل بالبرامج والتهجّد وقيام الليل وقراءة القرآن خلال النهار والنوافل وأمثال ذلك، والتي أكّد عليها الأئمة، وأمر بها الأعاظم ليست للعاطلين عن العمل، بل هي للذين هم كسائر الناس في ارتباطهم بمسائل الدنيا والأعمال اليوميّة.
ومقام الجامعيّة والشمول٣ الذي جعله الله في شريعة النبيّ الأكرم هو عبارة عن الحركة نحو الكمالات الإنسانيّة مع الالتفات إلى رعاية كافّة القوانين والأعمال الظاهريّة في العلاقة مع الزوجة والأبناء، والأقارب والأرحام، والرفيق والشريك والجار، وسائر الجوانب التي لا بدّ للإنسان منها في هذه الدنيا.
موقف الإسلام من الرهبانيّة
والنقطة المهمّة للغاية هي أنّ الإسلام لا يرى رهبانيّة النصارى كافية ووافية للوصول؛ لذا فإنّ الرهبانيّة في الإسلام ليست مذمومة۱ ولكنّها ليست كافية.
فليس في الإسلام عقاب على الرهبانيّة والانعزال وعدم الدخول في المسائل الاجتماعیّة، وليست أمرًا محرّمًا مخالفًا لرضى الله، بل يعدّها الإسلام منهجًا ناقصًا لتكامل الفرد، وحيث إنّ الإسلام هو الطريق الأتمّ والأكمل، فمن ناحية عقليّة يعدّ انتخاب الطريق المرجوح محلّ تأمّل.٢
معنى شموليّة الإسلام هو رؤية التوحيد في مختلف مظاهر الحياة من النصر والهزيمة
المطروح في الإسلام والذي بعث عليه النبيّ الأكرم هو أن تتضح للإنسان حقيقة التوحيد في كافّة مراحل الحياة بكلّ صورها، لا أنّ هذه الحقيقة هي فقط في صلاة الجماعة مع النبيّ في مسجده، دون أن تكون عند هجوم الكفّار وانتصارهم وبقاء النبيّ وحيدًا.
مشكلة الخلفاء توقّع النصر الدائم من النبيّ صلى الله عليه وآله
اعتراضنا على عمر وأبي بكر وأمثالهما هو أنّهم يقولون: "إن كان الحقّ مع الإسلام والنبيّ فلماذا كان النصر في كثير من الموارد للكفّار والهزيمة للنبيّ؟ لماذا يعِدُ النبيّ بفتح مكّة ولكنّه لا يتمكّن من دخولها بل يصالح؟! ينبغي أن لا يكون النبيّ كذلك! نحن نريد نبيًّا يتحرّك كالآليّات المدرّعة {تدمّر كلّ شيء}٣ أتت عليه في طريقها وتهلكه، ولا تترك شيئًا وراءها، ولا تنتهي قذائفها، فهذا النبيّ هو الجيّد ونحن نرضى به."٤
الأنبياء ومعجزاتهم مجرّد وسائط وتجليّات والأمر كلّه لله
المسألة المهمّة هي أنّ الله يرى أنّ استجابة الدعاء وتأثير الكلام القدّوسي لرسوله هي وسائط ووسائل من ناحیته.
فمن الذي أعطى لموسى تلك اليد البيضاء والعصا والثعبان الذي يبطل سحر السحرة ويزيلها جميعًا؟! هل كانت هذه المعجزات من نفسه أم أنّ الله هو الذي وهبه إياها؟ عندما استحالت العصا إلى ثعبان لم يصدّق النبيّ موسى نفسُه، لذلك خاف وولّى هاربًا فجاءه الخطاب: {يا موسى لا تخف}٥ لو أنّ النبيّ موسى كان يرى هذا العمل منه، فلربّما ابتلعه هذا الثعبان. غير أنّ النبيّ موسى كان يعلم أنّه مجرّد مظهر وكلّ ما هو موجود هو تجلٍّ للتوحيد.
استجابة دعاء النبيّ الذي يؤدّي إلى تحقّق العالم كلّه، والقوى التي تساعده هي من جانب ارتباط النبيّ بالله لا من جانب ظاهره، والنبيّ يدرك هذه المسألة خيرًا منّا. فأكبر خطر يهدّد السالك هو أن يرى القوى التي يهبها الله له من نفسه، ويشاهد نفسه واجدة لهذه القدرة. يقول القرآن عن بلعم بن باعوراء: {واتل عليهم نبأ الذي آتيناه آياتنا}۱ فبلعم بن باعوراء أيضًا كان لديه من هذه القوّة والقدرة، ولكنّ خطأه هو في أنّه قرّر أن يستفيد منها ضدّ مظهر من مظاهر الله الحقّة، فعندما قالوا له: "أنت مستجاب الدعاء، فادع على موسى". ورغم أنّه كان يعلم أنّ موسى على حقّ وهو رسول الله وعمله مرضيّ عند الله، ركب حماره ليدعو على موسى فوق الجبل. والجميل ما روي من أنّه عندما: أراد أن يصعد كان الحمار يمانع٢، يصل الأمر إلى أن يكون الحيوان أفضل إدراكًا منه!٣ لقد كان الحمار يفهم خيرًا منه أنّ الإنسان الذي هو في مقابل بلعم بن باعوراء هو النبيّ موسى، ويحتاج الإنسان إلى أن يكون على درجة عالية من الحماقة لكي يستعمل القوّة التي أخذها من إنسان آخر ضدّ هذا الإنسان عينه.
وفي النهاية اضطرّ أن ينزل عن الحمار ويمضي وحيدًا نحو الجبل، وكانت النتيجة أنّه مهما دعا كان لسانه يتحرّك بطريقة أخرى، كان يريد أن يدعو على قوم موسى، فصار يدعو على قومه!٤ فعملُ الملائكة محسوبٌ بدقّة، إنّهم لا يجلسون عاطلين لكي يحقّقوا لنا ما نريد. لقد جلسنا نحن هنا في مركز القوّة نأمر وننهى ونريد أن ننفّذ كلّ شيء، أمّا أنّ الملائکة إلى أيّ حدّ يساعدون فهذا أمر آخر. فعندما يقول الملائكة: "لن يحصل" فمهما قلتم أنتم: "يجب أن يحصل"، فإنّهم يقولون: "إن كنت قادرًا فاعمل!" إنّهم لا ينتظرون أن يسمعوا كلامنا وينفّذوا ما نرجوه، فهؤلاء لا يتجاوزون إرادة الله ومشيئته: {لا يَعْصُونَ اللَّهَ ما أَمَرَهُمْ وَ يَفْعَلُونَ ما يُؤْمَرُونَ}٥ فأصلاً التفكير بالمعصية لا معنى له عند الملائكة.
ولكنّ بلعم بن باعوراء يريد أن يستفيد من هذه القوّة ضدّ رسول الله، فيضربه الله على فمه ويقول: "اغرب فإنّي لا أراك أصلاً ولم يبق لك أثر! وهذه غيرة الله."
الله غيور وغيرته لا تحتمل ثانيًا وغيرًا.۱ فينبغي أن لا يتدخّل أحد في نطاق حكومته، فحتّى النبيّ هو يبعده. فمادام يقول في نبيّه: {وَ لَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنا بَعْضَ الْأَقاوِيلِ* لَأَخَذْنا مِنْهُ بِالْيَمِينِ* ثُمَّ لَقَطَعْنا مِنْهُ الْوَتِينَ}٢ فإنّ حالنا نحن معروف وواضح. فالنبيّ يردّ الشمس ويشقّ القمر نصفين فيطوف نصف منه حول الكعبة ويدخل في كمّ النبيّ ٣، تلك المعجزة التي قام بها النبيّ وأمير المؤمنين حين جعلوا حركة الأرض على عكس ما كانت عليه، ورأى كلّ أهل المدينة٤ وجيش صفّين٥ أنّ هناك شمسًا تختفي من أمام أعينهم، فهذه أعظم معجزة في عالم الظاهر، وهي أعلى من شهادة الشجرة٦ والضبّ۷ والحصى۸. فمن يستطيع أن يفعل ذلك هو قادر على أن يفعل أيّ عمل آخر، ومع غضّ النظر عن ذلك فلو أنّ النبيّ هذا يقوم يإضافة حرف أو إنقاصه انطلاقًا من العاطفة، فإنّ الأمر سيختلف، ويعود كلّ شيء دفعة واحدة، فالنبيّ كان قلقًا من وضع الناس في قضيّة ولاية أمير المؤمنين فكان يتسامح، فنزلت الآية: {وإن لم تفعل فما بلّغت رسالته}٩.
إنّه نفس رسول الله الذي شارك في العديد من المعارك، وفي معركة أحد أصيب بسهم وجرحت جبتهته، وقد هاجر من مكّة إلى المدينة متحمّلاً المتاعب والظلم والاضطهاد الكثير، والذهاب إلى الغار بصعوبة وتعب، وقطع المسافات في الليل، والاختفاء في النهار.
تجلّي التوحيد والتسليم في تحمّل النبيّ للمشقّات
أجل النبيّ الذي شقّ القمر لا يجرؤ أن يتكلّم حتّى بحرف واحد موافق لرغبته، لأنّ شقّ القمر لم يكن منه، الله يقول: بما أنّك لا تشقّ القمر فعليك أن تهاجر إلى المدينة على أساس قوانيني، فتسير في الليل وتختبئ نهارًا في الغار، فلو مشيت في النهار لأرسلت من يقبض عليك ويضرب عنقك، فأنت تعلم أنّ قانوني هو هذا:
به آهو می کنی غوغا که بگریز | *** | به تازی هی زنی اندر دویدن۱۰ |
وترجمته: تقول للغزال فرّ من الصيّاد | *** | وتقول للصيّاد اذهب وخذها. |
هذا هو قانون عالم الخلق، وبهذا القانون يريد هذا النبيّ أن يحقّق رسالته بين الناس.
تصوّروا لو أنّهم جاؤوا للنبيّ بعرش من ريش النعام وأجلسوه عليه، وأحاط به ألف ملك، حتّى يأخذ أحدهم بعباءته ويقول الآخر تفضّل يا حضرة السيّد؟!۱ واحد منهم يفتح باب السيّارة والآخر يغلقه؟!
كلاّ إنّ هذه القوانين ترجع إلى هذا الزمان، وقد كانت في ذلك الزمان قوانين أخرى، لذلك كان النبيّ يفرّ من المشركين، ويختبئ فی النهار ویسیر فی اللیالي حتّى يتقدّم ويسير بهذه الطريقة.
يشهد بلعم بن باعوراء على موسى ويلعنه ويصبح من الغاوين: {فكان من الغاوين}٢ولكنّهم يرجمون النبيّ الأكرم بالحجارة ويجرحون بدنه ويسيل منه الدم، وينزل جبرائیل المحيط بكلّ العالم على جبال مكّة ويقول: الله يقرئک السلام ویقول لک: لقد أعطيتك مفاتيح تدبير العالم فادع ما شئت فیقول: إنّ ربّي يراني.
وفي معركة أحد حين يأتي خالد بن الوليد بخمسمائة مقاتل ويهزم الجمع ويقتلعهم ويفرّ بعض منهم٣ و٤ ولا یبقى حول النبيّ إلا ثمانية (كأمير المؤمنين وطلحة والزبير وأبي أيّوب الأنصاري)، ويشجّ جبينه، وتدخل فيه حلقات خوذته٥ ففي وضع كهذا٦ حيث سيطر الألم على وجود النبيّ وجرى الدم من رأسه ووجهه المباركين، يأتي جبرائیل ویقول: إنّ الله أعطاك هذه القدرة وأنا تحت أمرك.
عندها يقول النبيّ: اللهم اهد قومي فإنّهم لا يعلمون. ۷
فلو أنّ الأمر اتّضح لهم ورجعوا إلى أنفسهم لما صنعوا ذلك.
فلو دعا عليهم لقُضيَ عليهم أجمعين، ولكنّه كان سيبقى حينها في تلك المرتبة الوجوديّة، ذلك الشرف الذي يفوق به النبيّ سائر الأنبياء هو أنّه سكت ولم يستعمل هذه القدرة وقال: فما دام الله مشرفًا على كلّ شيء فلماذا أدعو عليهم أنا؟!۸ فلو أنّ الله كلّف بالدعاء عليهم لاختلف الأمر، ولكن ما دام النبيّ يريد أن تكون له أعلى درجة وأرقى مرتبة، ويمكن أن يبذل، والله أيضًا يحقّق له ولا تحصل أيّة مشكلة، فلو لم يفعل ذلك لخسر. وهنا يتفاوت الناس حسب نوع الامتحان والقدرة والسعة وردود الأفعال.
بناء على ذلك فالمسألة هي أنّ الطريق إلى الله هو عبارة عن التسليم أمام رضى الله ومشيئته؛ لأجل تربية النفس في مجال الحياة الاجتماعيّة بكافّة مشكلاتها وجوانبها. ولذلك فإنّ الله يقدّر لكلّ إنسان من الأحداث ما يناسبه حسبما يراه له من الصلاح ووفق مشيئته وإرادته. وهذه النقطة المهمّة هي محور سلوك الإنسان وحركته، ثمّ هناك من يقبل بذلك وهناك من يرفض.
اى قمرطلعت و مكّىمطلع | *** | مدنىمهد و يمانىبرقع |
شقه برقع تو برقافروز | *** | لمعه نور رخت برقعسوز |
ليلةالقدر ز مويت تارى | *** | وحى منزل ز لبت گفتارى |
با تو آنان كه درِ جنگ زدند | *** | دُرّ دندان تو را سنگ زدند |
گوهرين جام لبت را خَستند | *** | ساغر دولت خود بشكستند |
دُر دندانت به خون پنهان شد | *** | رشته لؤلؤ تو مرجان شد |
گوئيا صيرفى مُلك و مَلك | *** | زد از آن سنگ زَرَت را به محك |
لاجرم حُقّهات از ضربت سنگ | *** | »إهدِ قَومى» به برون داد آهنگ |
العرفاء والحياة الاجتماعيّة والسياسيّة
ما يقال من أنّ العرفاء يعزلون أنفسهم عن المسائل الاجتماعيّة ومصالح المسلمين، ويذكرون الله منزوين هو تهمة، ومن يفعل ذلك فليس بعارف. من الذي قال إنّ العارف هو الذي يجلس في زاوية ويذكر الله ويجتنب مصالح المسلمين ومفاسدهم؟!
فبمجرّد أنّ يمضي بعض الناس باسم التصوّف والدراويش وأمثالهم في طريق الانعزال ويظهرون أنفسهم على أنّهم لا أباليين أمام القضايا، لا يكفي ذلك لاتّهام أهل العرفان. أنتم الذين تتّهمون العرفاء كم نزلتم إلى هذا الميدان وكم احترقت قلوبكم من أجل مصالح المسلمين ومفاسدهم وكم خصّصتم من رأسمالكم لخدمة الخلق؟! كلّ هذا الكلام هو بسبب عدم الاطّلاع وعدم الفهم الصحيح للمسائل العرفانيّة.
شدّة شعور العرفاء بالمسؤوليّة ودقّة تطبيقهم للمشيئة الإلهيّة
العارف هو من يشعر بالمسؤوليّة اتجاه خلق الله من أيّ اجتماعيّ وفقيه وسياسيّ، ويطبّق المشيئة والإرادة الإلهيّة في هذا العالم بالنحو الأتمّ والأكمل والدقيق وبدون أيّ تغيير، لا مَنْ إذا صادف ما يخالف أمنياته انهار ونادى بالويل والثبور، فهذا محض رغبات نفسيّة وما هو بالعرفان.
العارف هو من إذا انهزم بعد ثمانية عشر شهرًا من القتال ضدّ معاوية۱، يبقى ثابتًا وكأنّ شيئًا لم يكن ويقول: لقد قمنا بواجبنا. العارف هو من لا يقاتل معاوية لكي ينتصر عليه، لأنّه يراه واحدًا من مظاهر الله، ومنذ البداية يعلم أنّ مشيئة الله تعلّقت ببقائه. فلو سألوا: هل سننتصر يا عليّ في هذه المعركة؟ لقال لهم من البداية: لن ننتصر٢ ولكنّه يقول في الوقت نفسه للنّاس: سيروا وانطلقوا وقاتلوا وتخلّصوا منه.
أجل، العارف هو أمير المؤمنين عليه السلام الذي لا وجود لشيء آخر سوى الحقّ في عمله وفكره وسرّه وخاطره. أمّا الآخرون فليس لهم سوى ادّعاء هذا الإمام، والله يقول أيضًا: هذا ادّعاؤكم، ولكنّ مشيئتي وتقديري في تدبير العالم تدور حول محور آخر. يقول الله إنّ ملكيَّ جبرائیل وميكائیل يحملان أوامر خاصّة وليسوا مطيعين لكم. فما دامت المشيئة مشيأتي فكونوا صادقين مع الناس ولا تعدوهم كذبًا، وتقدّموا بهم في طريق الأهداف الحقيقيّة، ولا تبثّوا في المجتمع الكذب والشائعات والمجاز والتوقّعات التي هي في غير مواضعها!
قال الإمام الحسين عليه السلام للنّاس: إنّ هدفي هو من هذا القبيل، فنحن نسير ونقتَلُ في سبيل هذا الهدف أيضًا، فمن شاء فليلتحق بنا.۱ لا يريد الإمام أن يخدع الناس عابثًا. فما عند الإمام هو رضا الله فحسب، لا اهتداء الناس، فلو أراد كلّ الناس أن يكونوا بغير دين فلا علاقة للإمام بذلك، فهم يحملون مسؤوليّة ذلك أمام ربّهم.
فلو أردنا أن ننظر إلى يزيد في أحداث كربلاء ـ مع غضّ النظر عن تعلّق الإرادة الإلهيّة ببقائه حيًّا ـ فعلينا كما هو الواجب أن نأخذ به ونقتله ونفصل رأسه عن بدنه. ولكن لا بدّ من الالتفات إلى أنّه وبالنظر إلى كيفيّة ارتباطه بنظام العالم ككلّ ومنظومة عالم الخلق، وأنّ المشيئة الإلهيّة قد تعلّقت بأن لا يزول، فالله يريد أن يستشهد سيّد الشهداء، وأمّا يزيد ومعاوية والمتوكّل والمنصور الدوانيقيّ وعبد الملك بن مروان فالله يريد أن تكون الحكومة تحت نظرهم، وأن لا تصل إلى الأئمة، فالمهمّ هو أن يتقدّم الإنسان وفق هذه المشيئة، ويسير سيرًا لا يتقدّم فيه عن التكليف خطوة واحدة.
لم يكن يزيد ـ قاتل سيّد الشهداء عليه السلام ـ مسلمًا أصلاً وهو يقول حول النبيّ الأكرم:
لَعِبَت هاشِمُ بِالمُلك فَلا | *** | خَبَرٌ جاءَ و لا وَحيٌ نَزَل |
لَستُ مِن خِندِفَ٢ إن لَم أنتَقِم | *** | مِن بنى أحمدَ ما كانَ فَعَل٣ |
لقد كان يزيد كافرًا، وكان كفره بحيث أنّا لو تمكّنا منه لكنّا مكلّفين بالقضاء عليه، ولكن يجب حينها أن لا يكون كامل همّنا هو القيام بذلك، ولذلك ينبغي أن لا نتأذّى لو لم يقضَ عليه. إنّ قيمة عمل الإنسان ليست في ترتّب الآثار، بل في القيام بالواجب والتكليف. وهذه المسألة المهمّة هي سبب تكامل الإنسان وبرنامج للسير والسلوك، وإلا فمن الممكن أن يكون الإنسان شهيدًا في سبيل الحمار، لا شهيدًا في سبيل رسول الله والإمام عليه السلام ورضوان الله.٤
اهتمام الأئمة والأولياء بالأوراد رغم مزاولتهم شؤون الحياة
فالحاصل أنّ الإمام عليه السلام يريد بعبارة: مع ذلك لي أوراد في كلّ ساعة من آناء الليل والنهار أن يقول لعنوان البصري: رغم أنّ لي أعمالاً وأنّي على ارتباط مع الناس وأهتمّ بإدارة أمور المنزل وما هو خارجه، فقد جعلت في الوقت نفسه وقتًا لأورادي وأذكاري، فلو لم تكن، لما استطعت أن أقوم بذينك الجانبين وآخذ نصيبي من هذه الحياة.
الشيخ محمّد حسين الأصفهاني والسجدات الطويلة في النجف
لم يكن المرحوم الشيخ محمّد حسين الكمباني الأصفهاني ـ والذي كان يقضي ساعات في حرم أمير المؤمنين عليه السلام ساجدًا يذكر الله ـ بالإنسان العاديّ العاطل عن العمل، هذا الرجل العظيم الذي تُقرأ اليوم كتبه ككتب دراسيّة، كان من أعلم فضلاء النجف ومراجعه، لم يكن إنسانًا مجنونًا خسر عقله ليجلس ساعات في الحرم المطهّر لأمير المؤمنين عليه السلام ويذكر الله.
في حين أنّ هؤلاء العلماء والشيوخ كانوا يسخرون منه ويطعنون عليه ويقولون: "انظروا إلى هذا الإنسان العاطل قد سجد كالدراويش في الحرم يذكر الله."
لئن كان ذكر الله والسجود يجعلان الإنسان من الصوفيّة، فإنّ موسى بن جعفر ـ الذي كان يسجد من الصباح حتّى الظهر وبعد صلاة الظهر يسجد من جديد إلى الغروب ـ هو رئیس المتصوفة!
إنّ كلّ ذلك الكلام هو لأجل الفرار من المسؤوليّة، لا يمكن لأحدهم أن يسلك هذا الوادي فيشرع بالطعن على الآخرين. لا قدرة له على الدخول في هذا الطريق فيأخذ بالاستشكال على الآخرين.
ذهبنا يومًا إلى مكان كان فيه عدد من الفقراء، فقلت للرفقاء هؤلاء واقعًا محتاجون فمن كان بإمكانه فليساعدهم، وكان الأصدقاء يساعدون بكلّ رضى، ولكنّ رجلاً لم يكن ليمدّ يده إلى جيبه، وكان يعترض على الآخرين بأنّكم بفعلكم هذا تزيدون المتكدّين، فهؤلاء الناس لا يدخلون في هذه المسائل، وبدلاً من ذلك يقضون أوقاتهم بالاتّهام والغيبة وأنّ فلانًا ماذا صنع وماذا سيصنع؟ وكأنّ هذه الأفكار أن كيف نرسل رسالة عن فلان ونوقع الاثنين في الفتنة؟ وما هي الطرق التي نسدّها؟ هي من الوظائف والواجبات!
كان المرحوم العلامة يقول:
كنت في مجلس في النجف الأشرف فنشب نزاع بين اثنين، وسمعت بأذني رجلاً من بيوت أحد العلماء يقول لرفيقه: لماذا جئت بفلان (الحاج عبد الرزاق الكرمانشاهي) من كرمانشاه إلى النجف، وأسكنته في هذا البيت ولم تأخذه إلى فلان؟ هؤلاء الذين يأتى بهم إلى النجف لا بدّ أن يبقوا بضعة أيّام فقط ثمّ يُخرجون منها، لأنّهم لو بقوا في النجف واطّلعوا على حقيقة أفكار وأخلاق بعض الناس ورأوا القضايا التي تجري في البيت، فإنّهم إذا رجعوا إلى بلادهم نقلوا للآخرين فيُسدّ طريق الحقوق الشرعيّة. ۱
أيّة مصيبة هي هذه؟! وما هي الأحداث والمسائل التي تجري في هذه البيوت حتّى أنّهم لا يجرؤون على إسكان أحد من الخارج في ذلك المحيط؟! ومع ذلك فإنّ هذا الرجل بعينه يعترض على المرحوم الكمباني ويقول:
"إنّ هذه الأعمال التي يقوم بها هي أعمال الدراويش والتصوّف، والعلماء مكلّفون بالتبليغ ويجب عليهم أن يكونوا حاضرين في المجتمع، فماذا ينتفع الإنسان من السجود والذكر؟!
في النهاية أيّها الأحمق، أنت لا تدرك أصلاً لذّة الحلاوة التي يذوقها هذا العظيم بهذه الأذكار لكي تتّبعه! إنّ لذّتك هي في الفتنة بين اثنين، في الاتّهام، في إلقاء الخلاف والتعرّض لمن يريد أن يسير في طريقه الخاص ويشتغل بأعماله الخاصّة والقضاء على جذور الإسلام.
كانوا يعترضون على العلامة الطباطبائي، لأنّه عندما كان يخرج إلى الدرس كان يطأطئ رأسه ولاينظر إلى أحد،۱ فالعلامة يرى من أمثالكم هذه المسائل فلا یعتني بكم ولا يرتبط بكم.
ضرورة اغتنام العمر بما يقرّب إلى الله
نحن علينا أن ندعو الله ونطلب منه إذا كان لا بدّ أن يمرّ عمر الإنسان بشيء أن يكون هذا الشيء مقرّبًا إليه. فالزمان يأتي ويمضي، فلو قضى الإنسان أيّامه ولياليه بالغيبة فإنّها ستمرّ، ولو قضاها بذكر الله والأمور المقرّبة وفي مجال القيام بالتكليف فإنّها ستمضي أيضًا.
فالساعات الأربع والعشرون التي هي لنا هي عين تلك التي تمضي على زيد، لا فرق بينهما أبدًا، ولا يعطى أحدٌ أكثر بثانية واحدة، ولذلك فلا بدّ بعد كلّ يوم من النظر ماذا كتب في سجلّنا من الذنوب، وماذا كتب في سجلّ جناب زيد من المطالب والمسائل؟ في حين أنّ اليوم قد مضى وأغلق سجلّه وملفّ الغد يرتبط به.
فإذن، الشرط الأوّل للسلوك هو أن يجعل الإنسان الذكر والفكر والتهجّد والعبادة مصاحبة لانشغاله في هذه الدنيا.
علاج قلّة المبالاة بالعبادة والذكر
أحيانًا يراجعني بعض الناس ويقولون: نحن لدينا شغل يمنعنا من قراءة القرآن، أو ماذا علينا أن نصنع حتّى نقوم عند الصباح؟
إنّ هذه المسائل البسیطة والاعتياديّة لا تستحقّ السؤال، فمثلاً على الإنسان أن يتناول في الليل طعامًا خفيفًا وينام مبكّرًا كي يتمكّن من الاستيقاظ.
ولكنّ الأمر الذي يستحقّ الاهتمام هو أنّه لماذا عندما يصاب بمرض حسّاس وخطر لا يطرح هذه المسائل والمطالب ولا یقول: "بعد أسبوع نأتي إلى السيّد ونسلّم عليه ونقول له يا سيّد إنّ بطني تؤلمني فهل ترى من الصلاح أن نراجع الطبيب؟!" بل لا یقول الإنسان في تلك الحالة إلاّ: "دعونا نعالج أنفسنا!" وحينها لا يتذكّر التلفون ولا أنّه هناك سيّد. فلو أن الإنسان يمشي باهتمام، فإنّ الأحداث نفسها تجري وفق ما يشتهي فلا يحتاج بعد ذلك إلى سؤال وكلام وأمثال ذلك.۱ فلماذا لا يطرح الإنسان مسائله وآلامه بصدق؟!
فمثلاً بعضهم يقولون: ماذا نصنع يا سيّد حتّى يوجد في باطننا الإحساس بالحاجة؟ فماذا عليّ أن أقول؟! الإحساس بعدم الحاجة هو أعظم الأمراض، وليس شيئًا يمكن أن يقال فيه اقرأ ذاك الدعاء لكي يزداد شعورك بالحاجة، عندما تكون متألّمًا فإنّك تسعى إلى الدواء. الإحساس بالألم يرجع إلى التأمّل والتفكّر، التأمل في أسباب الشقاء والمسكنة والمشكلات، والمسائل التی تنتظرنا والعمر الذي لم يبق لنا منه شيء. عندما يجعل الإنسان هذه الأمور أمام ناظريه ولا يدرك الألم فينبغي أن يكون قد أكل التبن سابقًا! فالاطلاع على الوضع الحقيقي يعني الوصول إلى الألم والسعي إلى العلاج، والإنسان الذي يشعر بهذه الحالة لا يقول: سننظر كيف ستكون الأمور؟ بل يلقي بنفسه بأيّ وضع حتّى يصل إلى النتيجة المرجوّة.
أحيانًا تحصل لبعض الناس إلهامات أنّهم سيموتون بعد أسبوع، فيتغيّرون فجأة ويحصل لديهم تحوّل، فيدفعون قروضهم، ويعتزلون الناس، ويعبدون ويتهجّدون، ويصلّون صلاة الليل، فلأنّ هؤلاء فهموا أنّ المسألة جادّة، يظهر لديهم الألم.
أحيانًا يمكن لبعض الناس أن يعمل ما يحلو له إلى سنّ الخمسين، ولكن ما إن يحكم عليه بالإعدام يتذكّر اشتباهاته ويرسل الرسائل إلى كلّ حدب وصوب للاستحلال والمسامحة من الناس أن سامحوني وتذكّروا الله! فهذا الإنسان هو واقعًا يريد أن يصحّح ولا يكذب، لأنّه عندما يحكم بالإعدام فإنّ ضميره الغافل يتجلّى فجأة وتظهر له حساسيّة المسألة وحقّانيتها. لماذا يشرع بذلك بعد كلّ هذه المدّة؟ لأنّه إلى الآن كان الحجاب قد غطّى هذه الحقيقة ولذلك لم يكن يصدّق، ولكن الآن أزيح الحجاب ويرى أنّ الأمر قد انتهى. فالإنسان الذي تصبح تلك الحقيقة ملموسة ومحسوسة عنده يشرع بطلب المسامحة وكتابة الرسائل والاعتذار ولو كان من أسوأ الناس. الآن اتّضحت له تلك الحقيقة، أمّا لو قالوا: لقد حصل خطأ بين سجلّك وسجّل رجل آخر، وليس عليك أنت إلاّ ستّة أشهر من السجن ثمّ يطلق سراحك. فإنّه يخفي تلك الرسائل التي كتبها وتتغيّر أحواله!
يحكي الحكيم السنائيّ أنّ فتاة تدعى مِهْسَتي قد مرضت، وكانت أمّها تتودّد لها كثيرًا وتقول: "جعلني الله فداء لك، ومتّ في سبيلك." وفي ليلة من الليالي خرجت بقرة لهم من الحظيرة ومشت نحو بيتهم، وفي الطريق أدخلت رأسها في قِدر لتشرب الماء، ولكنّه علق في القِدر، فكانت تسير في تلك الليلة المظلمة نحوهم بذلك القدر، فظنّت العجوز أنّ عزرائیل هو الذي يأتي نحو غرفتهم وأنّ استجابة دعائها أمر حقيقيّ فقالت:
كاى مَقَلموت! من نه مِهسَتىام | *** | من يكى زالپير محنتىام۱ |
والمعنى:
يا ملك الموت أنا لست مهسَتي | *** | أنا عجوز مسكينة ممتحنة |
فالناس هكذا، لو تغيّرت القضيّة عن ذلك الواقع المحسوس الذي ظهر لهم، يعودون إلى ما كانوا عليه، وينسون كلّ كلامهم: {ولو ردّوا لعادوا لما نهوا عنه.} ٢
بعضهم یقول إنّ كلمة إنسان مشتقّة من النسيان. ٣ فالنسیان والغفلة یسيطران على الإنسان وقلّة هم الذين يحافظون دائمًا على تلك الحقيقة الملموسة في أنفسهم، فلو بقيت تلك الحقيقة دائمًا معنا لما مضى أربعون يومًا إلا وقد تغيّرت حالنا بشكل كبير. يقول الرسول الأكرم صلّى الله عليه وآله وسلّم:
واللهِ لَو تَدومونَ علَى الحالِ الّتى وَصَفتُم بِها أنفُسَكُم لَصافَحَتكُمُ المَلائِكةُ و لَمَشيتُم علَى الماءِ.٤
أي لوأنّكم تبقون على تلك الحال التي كنتم عليها عندما كنتم جالسين إلى جوار النبيّ تستمعون إلى المسائل وقد تغيّرت أحوالكم واتّضحت أمامكم الحقائق وداومتم على ذلك، فإنّ الملائكة تصافحكم ويمكنكم أن تمشوا على الماء!
وكذلك يقول في رواية أخرى:
لَو لا تَمريجٌ فى قُلوبِكُم و تَكثيرٌ فى كَلامِكُم لَرَأيتُم ما أرَى و لَسَمِعتُم ما أسمَعُ.٥
فبمجرّد أن يخرج الإنسان من عند النبيّ لا تحلّ المشكلة، بل يغطّي تلك الحقيقة حجاب من التخيّلات والأفكار والمؤامرات، فكلّما حافظ الإنسان على هذه الحقيقة في نفسه أمكنه أن يستفيد أكثر من المواهب الإلهيّة.
آمل أن يأخذ الله بأيدينا، وأن يقدّر لنا ما هو أحسن في كافّة مراحل الحياة، وأن يجعلنا عبادًا أرقّاء له في ظلّ مقام عظماء الولاية الإلهيّة الأتمّ.
اللهمّ صَلّ على محمّدٍ و آل محمّد