9

فلسفة الدعاء وشروط الاستجابة (1)

41
مشاهدة المتن

المؤلّفالعلامة آیة الله السيد محمد الحسين الحسيني الطهراني

القسممحاضرات العلامة الطهراني

المجموعةمباني الأخلاق


التوضيح

اهم محتویات هذه المحاضرة
شروط استجابة الدعاء
التشفّع بالنبيّ والأئمة الأطهار عليهم السلام سببٌ لاستجابة الدعاء
تهيئة شروط استجابة الدعاء في ليالي القدر
حكمة التوسّل وطلب الشفاعة من أمير المؤمنين
طرفٌ من كرامات الإمام عليّ عليه السلام
أهمّية طلب العافية في كافّة الأدعية
إخبار أمير المؤمنين عن شهادته
ذكرى شهادة أمير المؤمنين عليه السّلام

/۱۳
بي دي اف بي دي اف الجوال الوورد

فلسفة الدعاء وشروط الاستجابة (۱)

1
  •  

  • هو العليم 

  •  

  • فلسفة الدعاء وشروط الاستجابة (۱)

  •  

  • مباني الأخلاق – المجلس التاسع

  •  

  • محاضرات ألقاها 

  • سماحة العلّامة آية الله الحاجّ السيّد محمّد الحسين الحسينيّ الطهرانيّ

  • قدس الله سره

  •  

  • طهران، مسجد القائم، ليلة ۱٩ رمضان المبارك، سنة ۱٣٩۷ هـ . ق

  •  

فلسفة الدعاء وشروط الاستجابة (۱)

2
  •  

  •  

  • أَعوذُ بِاللَه مِنَ الشَّيطانِ الرَّجيم

  • بسم اللَه الرّحمٰن الرّحيم

  • وصلَّى اللَه على أشرَفِ السُّفَراءِ المُكَرَّمين، خاتَمِ الأنبياءِ والمُرسَلين،

  • حَبيبِ إلهِ العالَمينَ، أبي القاسِمِ محمّدٍ وعلى آلِهِ الطَّيّبينَ الطّاهِرينَ

  • ولَعنَةُ اللَه على أعدائِهِم أجمَعينَ مِنَ الآنِ إلى قيامِ يَومِ الدّيِن

  •  

  •  

  • شروط استجابة الدعاء

  • قال اللَه الحَكيمُ في كِتابِهِ الكَريم:

  • ﴿وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعوَةَ ٱلدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَليَستَجِيبُواْ لِي وليُؤمِنُواْ بِي لَعَلَّهُم يَرشُدُونَ﴾.۱

  • من الأمور التي لا شكّ ولا ريب فيها هو الدعاء. فالدعاء عبادةٌ، والعبادة هي روح الدين، وروح هذه العبادة هو الدعاء.٢ الدعاء هو اتّصال قلب الداعي بالمبدأ الأعلى وطلب ما نرغب به وما نحتاج إليه منه.

  • والله عزّ وجلّ يقول في هذه الآية الكريمة:

  • «متى ما دعاني عبادي وسألوني شيئًا، فإنّني أكون قريبًا منهم، وأستجيب دعاءهم؛ ولهذا، إذا توجّهوا إليّ، وطلبوا مني أمرًا، فإنّي أمنحهم ما يسألون، فيجب أن يكون إيمانهم بي كبيرًا، فهذا هو طريق الكمال والسعادة».

  • وقد جاء في أخبار الأئمّة عليهم السلام العديد من المسائل في باب الدعاء، وكلّها تدور حول أمرٍ واحدٍ ألا وهو «الخلوص»، يعني: إذا كان قلب الداعي طاهرًا أثناء دعائه، وتوجّه بالدعاء من صميم القلب، ولم يكن في هذا القلب أيّ غلٍ أو غشٍّ، فحينئذٍ سيكون هذا الدعاء مستجابًا،٣

  • لقد ذُكرت في الروايات عدّة شروطٍ لاستجابة الدعاء، حيث استقصيتُها مرّةً من المرّات، فوصلت إلى أربعة وعشرين شرطًا، وهي إجمالاً كالتالي:

  • فمن هذه الشروط أن يكون الإنسان على وضوء.٤

  • ومن هذه الشروط أن يستقبل القبلة عندما يجلس للدعاء.٥

  • ومن هذه الشروط أنْ يصوم الإنسان، ثمّ يصلّي ركعتين، ثمّ يدعو،٦ أو يصوم ثلاثة أيّام، ثمّ يصلّي ركعتين، ثمّ يدعو.۷

  • ومن هذه الشروط أنْ يُصلّي على محمّد وآل محمّد في أوّل الدعاء وفي آخره؛ لأنّ هذه الصلوات هي دعاءٌ في حدّ نفسها، واللهُ العليّ الأعلى يستجيب هذا الدعاء بلا ريب؛ لأنّه عبارةٌ عن طلبٍ للصلاة والتحيّة على أفضل أفراد العالم، والله يستحيي أنْ يستجيب أوّل الدعاء وآخره دون أنْ يستجيب ما بينهما من الدعاء.۸ 

  • ومن شروط الدعاء أن يدعو الإنسان في الأوقات الحسنة؛ مثلاً: في ليلة الجمعة ويومها، وفي الأيّام والليالي المباركة؛ وعندها سيكون أثر الدعاء أعلى.٩

    1. سورة البقرة (٢)، الآية ۱۸٦.
    2.  الدعوات، الرواندي، ص ۱۸ و۱٩.
    3. راجع: عدّة الدّاعي، ص ۱٦ ـ ٤٣؛ فلاح السّائل، ص ٢۷ ـ ٢٩؛ إرشاد القلوب، ج ۱، ص ۱٤۸ ـ ۱٥٤.
    4.  الكافي، ج ۱، ص ٤۷۸.
    5. المصدر السابق، ج ٢، ص ٤۸۱.
    6.  المصدر السابق، ج ٢، ص ٤۷٩.
    7.  المصدر السابق، ص ٤۷۷.
    8.  المصدر السابق، ج ٢، ص ٤٩٤.
    9.  الكافي، ج ٢، ص ٤۷۸؛ ج ٣، ص ٤۱٤؛ من لا يحضره الفقيه، ج ۱، ص ٤٢۰؛ عدّة الدّاعي، ص ٤۷ و٤۸؛ معاني الأخبار، ص ٣٩٩.

فلسفة الدعاء وشروط الاستجابة (۱)

3
  • ومن هذه الشروط أن يدعو الإنسانُ في الأماكن المباركة والمقدّسة، مثل: مكّة والمدينة ومسجد الكوفة، وحرم الأئمّة عليهم السّلام والمساجد؛ فهذه أماكن مقدّسة، والدعاء فيها يستدعي استجابته أكثر.۱

  • ومن شروط الدعاء أنْ يدعو الإنسان مع جماعة من الناس، بأنْ يدعو أحدهم ويقول الآخرون: آمين. إنّ الله يُحبّ هذا النوع من الدعاء، حيث يجتمع المؤمنون جنبًا إلى جنبٍ، ويسألون الله بقلبٍ واحدٍ، ويطلبون منه أمرًا مشتركًا. إنّ الله يُحبّ ذلك جدًّا، وهذا الدعاء أقرب للإجابة.٢

  • ومن شروط الدعاء أنْ يبكي الإنسان حال دعائه، حيث يُحبّ الله تعالى بكاءَ عبده.٣وقد جاء في الروايات [ما معناه]: «إِنْ لَمْ يَعتَرِكَ الْبُكَاءُ فَتَبَاكَ».٤ لأنَّ الله يقول: «أَنا عندَ المُنكَسِرَةِ قُلوبُهُم»٥.

  • فالله تعالى لا يحلّ في القلب الذي فيه استكبارٌ وأنانيّة؛ وبما أنّه ليس محلاً للّه فلا ينبغي أن يتوقّع ذلك القلب أن يكون دعاؤه مستجابًا.٦ 

  • ومن شروط الدعاء أنّه إذا كانت هناك جماعة، فلا بدّ أن يدعوا بصوتٍ عالٍ، وأن يقولوا: «آمين»، وأمّا إذا كان الداعي وحيدًا، فعليه أن يدعو بصوتٍ خافت.۷ ولذا، فقد جاء الدعاءُ في الروايات بصفته مناجاة وكلامًا بصوتٍ خافت، كما جاء كنداء، حيث قال تعالى: ﴿إِذۡ نَادَىٰ رَبَّهُ﴾۸ و ٩

  • ومن شروط الدعاء أنْ يُطهّر الإنسان قلبَه من الحقد على إخوانه المسلمين. وإن كان يشعر بشيء من الغلّ والعداوة في نفسه تجاه أحدٍ، فليطهّر قلبه من ذلك، ولا بدّ أنْ يكون قلبه حال الدعاء خاليًا من الكدر والحقد على أحد من إخوانه، سواء كانوا من أقربائه أم أصدقائه، وعليه أنْ يفوّض أمرهم إلى الله.

  • ومن جملة الشروط الأخرى، أن يقوم الإنسان بتأدية الديون وحقوق الناس إلى أصحابها إذا كان في ذمّته دينٌ أو حقّ، ثمَّ يدعو. وإذا لم يقدر على أدائها، فعلى الأقلّ عليه أن يسترضيهم ويسألهم المُهلة إلى أن يتمكّن من الأداء. ولو لم يتوفّر له الوصول لاسترضاء الدائن، فليعزم على أداء حقّه فور تمكّنه.۱۰

  • ومن شروط الدعاء التوسّل بالقلوب الطاهرة، أي: بالقلوب الصافية، كقلب النبيّ والإمام وأولياء الله؛ ولذا فإنّ الدعاء عند قبور العلماء يكون مستجابًا. وقد جاءنا في الروايات أنّ الدعاء في المشاهد المطهّرة مستجاب؛۱۱ لأنّ الإنسان يتوجّه في تلك الأماكن إلى قلب الإمام عليه السلام، وقلب الإمام واسعٌ ورحبٌ جدًّا:

    1. عدّة الدّاعي، ص ٥٧؛ مصباح الزّائر، ص ٤٦٨ ـ ٤٧٢.
    2.  الكافي، ج ٢، ص ٤۸۷.
    3.  المصدر السابق، ص ٣٢٩ و٤۷٤ و٤۷۸ و٤۸٢؛ الأمالي، الشيخ الصدوق، ص ٢۰۸؛ تحف العقول، ص ٤٩۰؛ عدّة الدّاعي، ص ۱٦٩؛ إرشاد القلوب، ج ۱، ص ٩٣.
    4.  الكافي، ج ٢، ص ٤۸٣ و٤۸٤؛ عدّة الدّاعي، ص ۱۷٣.
    5. منية المريد، ص ١٢٣.
    6.  الكافي، ج ٢، ص ٤۷٤.
    7.  المصدر السابق، ص ٤۷٦؛ الأمالي، الشيخ الطوسي، ص ٥٣۰؛ مكارم الأخلاق، ص ٤٦٦.
    8. سورة مريم (۱٩)، الآیة ٣؛ سورة الأنبياء (٢۱)، الآیتان ۸٣ و۸٩؛ سورة ص (٣۸)، الآیة ٤۱.
    9.  الكافي، ج ٢، ص ٤٦۸؛ عدّة الدّاعي، ص ۱۷۸ و٢۱۸.
    10. عدّة الدّاعي، ص ۱٤۱؛ مجموعة ورّام، ج ۱، ص ٥٥.
    11. عدّة الدّاعي، ص ٥٧: «أَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ وتَعَالَى عَوَّضَ الْحُسَيْنَ عليه السلام مِنْ قَتْلِهِ بِأَرْبَعِ خِصَالٍ جَعَلَ الشِّفَاءَ فِي تُرْبَتِهِ وإِجَابَةَ الدُّعَاءِ تَحْتَ قُبَّتِهِ والْأَئِمَّةَ مِنْ ذُرِّيَّتِهِ وأَنْ لَا يُعَدَّ أَيَّامُ زَائِرِيهِ مِنْ أَعْمَارِهِمْ».

فلسفة الدعاء وشروط الاستجابة (۱)

4
  • ﴿ضَرَبَ ٱللَهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةٍ كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصلُهَا ثَابِتٌ وَفَرعُهَا فِي ٱلسَّمَآءِ * تُؤتِيٓ أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذنِ رَبِّهَا﴾ ۱.

  • وعندما يطلب الإنسان من الله شيئًا، ويجعل الإمام عليه السلام شفيعًا له، فإنّ الله العليّ الأعلى يُعطيه ما طلبه.

  • التشفّع بالنبيّ والأئمة الأطهار عليهم السلام سببٌ لاستجابة الدعاء

  • ورد في الرواية التي ذكرناها اليوم عن صلاة الحاجة،٢ عَنْ عَبْدِ الرَّحِيمِ الْقَصِيرِ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عَلَيهِ السلام، فَقُلْتُ:

  • جُعِلْتُ فِدَاكَ إِنِّي اخْتَرَعْتُ دُعَاءً، قَالَ: «دَعْنِي مِنِ اخْتِرَاعِكَ، إِذَا نَزَلَ بِكَ أَمْرٌ فَافْزَعْ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَليْهِ وَآلهِ وَصَلِّ رَكْعَتَيْنِ [بالكيفيّة التي ذُكرت في الرواية]، فَإِذَا فَرَغْتَ مِنَ التَّشَهُّدِ وَسَلَّمْتَ قُلْتَ:٣ «اللهمّ إنّي أسألكَ بنبيّكَ نبيّ الرحمة! يا محمّد يا نبيّ الله، إنّي أتوسّلُ إليك إلى الله!»٤

  • وهذه العبارة مُفعمةٌ بالمعاني! فهي تعني: قلْ يا ربّ أسألك ببركة النبيّ وشفاعته ووسيلته! ثمّ قل: «يا نبيّ الله، يا رسول الله! أنا أسألكَ، بل إنّني أجعلكَ واسطة في الدعاء والسؤال. ففي نهاية المطاف، فإنّ المسؤول هو الله عزّ وجلّ، ولكنّ الإنسان يدعوه تعالى عن طريق نفس الرسول؛ وهذا هو الأمر مهمٌّ جدًّا، مهمٌّ جدًّا جدًّا.

  • إنّ أكثر الدعوات التي تُستجاب هي من هذا الطريق، وبهذه الكيفيّة، وهي أن يجعل الإنسان وليًّا من أولياء الله ذا قلبٍ طاهرٍ شفيعًا بينه وبين الله، والله العليُّ الأعلى يتلطّف ويترحّم عليه من هذه الناحية.

  • يروي السيّد ابن طاووس زيارةً خاصّةً تُقرأ في المشاهد المطهّرة، ثمّ يقرأ بعد ذلك بعض الكلمات المشتملة على المضامين التالية:

  • يقف فوق الرأس الشريف، ويقول:

  • «...اللَّهُمَ‌ لَوْ عَرَفْتُ‌ مَنْ هُوَ أَوْجَهُ عِنْدَكَ مِنْ هَذَا الْإِمَامِ وَمِنْ آبَائِهِ وأَبْنَائِهِ الطَّاهِرِينَ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ والصَّلَاةُ لَجَعَلْتُهُمْ شُفَعَائِي وقَدَّمْتُهُمْ أَمَامَ حَاجَتِي وطَلِبَاتِي هَذِهِ فَاسْمَعْ مِنِّي واسْتَجِبْ لِي وافْعَلْ بِي مَا أَنْتَ أَهْلُهُ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِين‌...»٥.

  • ثمّ ضع رأسك على الضريح، وقل:

  • «... وَحَاشَاكَ يَا رَبِّ أَنْ تَقْرِنَ طَاعَةَ وَلِيِّكَ بِطَاعَتِكَ وَمُوَالاتَهُ بِمُوَالاتِكَ وَمَعْصِيَتَهُ بِمَعْصِيَتِكَ، ثُمَّ تُؤْيِسَ زَائِرَهُ وَالْمُتَحَمِّلَ مِنْ بُعْدِ الْبِلَادِ إِلَى قَبْرِهِ. وَعِزَّتِكَ لَا يَنْعَقِدُ عَلَى ذَلِكَ ضَمِيرِي؛ إِذْ كَانَتِ الْقُلُوبُ إِلَيْكَ بِالْجَمِيلِ تُشِير»٦. فيُستجاب الدعاء.

    1. سورة إبراهيم (۱٤)، الآیتان ٢٤ و٢٥.
    2. راجع أنوار الملكوت، ج ۱، نور ملكوت الصلاة، المجلس الثامن.
    3. الكافي، ج ٣، ص ٤۷٦؛ وتجدر الإشارة إلى أنّه بالرجوع إلى الكتب الروائيّة التي بين أيدينا، نرى أنّه يُحتمل أنّ العلّامة الطهراني قدّس سرّه قد دمج بين روايتين قد وردتا في الكافي كلتاهما، ولعلّ ذلك لكونه على المنبر ينقل من ذاكرته مباشرةً بالمعنى، ولعلّ بين يديه روايةً لم نجدها، وهذا الموطن الذي وضعنا فيها الإرجاع هو للقسم الأول من الرواية التي ذكرها، وإليك نصّ الرواية كاملةً: 
      في الكافي، عَنْ عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عَنْ زِيَادٍ الْقَنْدِيِّ عَنْ عَبْدِ الرَّحِيمِ الْقَصِيرِ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عليه السلام، فَقُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ إِنِّي اخْتَرَعْتُ دُعَاءً، قَالَ: دَعْنِي مِنِ اخْتِرَاعِكَ إِذَا نَزَلَ بِكَ أَمْرٌ فَافْزَعْ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وصَلِّ رَكْعَتَيْنِ تُهْدِيهِمَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ. قُلْتُ: كَيْفَ أَصْنَعُ؟ قَالَ: تَغْتَسِلُ وَتُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ تَسْتَفْتِحُ بِهِمَا افْتِتَاحَ الْفَرِيضَةِ، وتَشَهَّدُ تَشَهُّدَ الْفَرِيضَةِ، فَإِذَا فَرَغْتَ مِنَ التَّشَهُّدِ وَسَلَّمْتَ قُلْتَ: اللَّهُمَّ أَنْتَ السَّلَامُ ومِنْكَ السَّلَامُ وإِلَيْكَ يَرْجِعُ السَّلَامُ اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وآلِ مُحَمَّدٍ وبَلِّغْ رُوحَ مُحَمَّدٍ مِنِّي السَّلَامَ وأَرْوَاحَ الْأَئِمَّةِ الصَّادِقِينَ سَلَامِي وارْدُدْ عَلَيَّ مِنْهُمُ السَّلَامَ والسَّلَامُ عَلَيْهِمْ ورَحْمَةُ اللَّهِ وبَرَكَاتُهُ اللَّهُمَّ إِنَّ هَاتَيْنِ الرَّكْعَتَيْنِ هَدِيَّةٌ مِنِّي إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ، فَأَثِبْنِي عَلَيْهِمَا مَا أَمَّلْتُ ورَجَوْتُ فِيكَ وفِي رَسُولِكَ يَا وَلِيَّ الْمُؤْمِنِينَ، ثُمَّ تَخِرُّ سَاجِدًا وتَقُولُ: يَا حَيُّ يَا قَيُّومُ يَا حَيُّ لَا يَمُوتُ يَا حَيُّ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ يَا ذَا الْجَلَالِ والْإِكْرَامِ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ أَرْبَعِينَ مَرَّةً، ثُمَّ ضَعْ خَدَّكَ الْأَيْمَنَ فَتَقُولُهَا أَرْبَعِينَ مَرَّةً، ثُمَّ ضَعْ خَدَّكَ الْأَيْسَرَ فَتَقُولُهَا أَرْبَعِينَ مَرَّةً، ثُمَّ تَرْفَعُ رَأْسَكَ وتَمُدُّ يَدَكَ وتَقُولُ أَرْبَعِينَ مَرَّةً، ثُمَّ تَرُدُّ يَدَكَ إِلَى رَقَبَتِكَ وتَلُوذُ بِسَبَّابَتِكَ وتَقُولُ ذَلِكَ أَرْبَعِينَ مَرَّةً، ثُمَّ خُذْ لِحْيَتَكَ بِيَدِكَ الْيُسْرَى وابْكِ أَوْ تَبَاكَ، وقُلْ: يَا مُحَمَّدُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَشْكُو إِلَى اللَّهِ وإِلَيْكَ‌ حَاجَتِي وإِلَى أَهْلِ بَيْتِكَ الرَّاشِدِينَ حَاجَتِي وبِكُمْ أَتَوَجَّهُ إِلَى اللَّهِ فِي حَاجَتِي، ثُمَّ تَسْجُدُ وتَقُولُ يَا اللَّهُ يَا اللَّهُ حَتَّى يَنْقَطِعَ نَفَسُكَ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وآلِ مُحَمَّدٍ وافْعَلْ بِي كَذَا وكَذَا. قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ عًليْه السّلَام: فَأَنَا الضَّامِنُ عَلَى اللَّهِ عَزَّ وجَلَّ أَنْ لَا يَبْرَحَ حَتَّى تُقْضَى حَاجَتُهُ. (المعرّب)
    4. لم نجد هذا المقطع في الرواية التي نقلناها في الهامش السابق، ولكن فيها مقطع يقول: «يَا مُحَمَّدُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَشْكُو إِلَى اللَّهِ وإِلَيْكَ‌ حَاجَتِي وإِلَى أَهْلِ بَيْتِكَ الرَّاشِدِينَ حَاجَتِي»، وليس فيها المقطع الأول، أي: «اللهمّ إنّي أسألك بنبيّك نبيّ الرحمة».
      نعم هناك رواية أخرى لها مضمون قريب من هذا المضمون ورد فيها هذه العبارة: «ثُمَّ صَلِّ رَكْعَتَيْنِ تُتِمُّ الرُّكُوعَ وَالسُّجُودَ ثُمَّ قُلْ يَا مَاجِدُ يَا وَاحِدُ يَا كَرِيمُ يَا دَائِمُ أَتَوَجَّهُ إِلَيْكَ بِمُحَمَّدٍ نَبِيِّكَ نَبِيِّ الرَّحْمَةِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ يَا مُحَمَّدُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي أَتَوَجَّهُ بِكَ إِلَى اللَّهِ رَبِّكَ ورَبِّي ورَبِّ كُلِّ شَيْ‌ءٍ»، فكما هو واضح العبارة الموجودة في الرواية الثانية أقرب للدعاء الذي نقله العلامة الطهراني قدّس سرّه. وإليك نصّ الرواية الثانية كاملةً:
      جاء في الكافي، ج٢، ص ٥٥٢: عَنْ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي دَاوُدَ عَنْ أَبِي حَمْزَةَ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ عَلَيهِ السلام، قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي ذُو عِيَالٍ، وَعَلَيَّ دَيْنٌ وَقَدِ اشْتَدَّتْ حَالِي، فَعَلِّمْنِي دُعَاءً أَدْعُو اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ بِهِ لِيَرْزُقَنِي مَا أَقْضِي بِهِ دَيْنِي وأَسْتَعِينُ بِهِ عَلَى عِيَالِي، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ: يَا عَبْدَ اللَّهِ تَوَضَّأْ وأَسْبِغْ وُضُوءَكَ ثُمَّ صَلِّ رَكْعَتَيْنِ تُتِمُّ الرُّكُوعَ والسُّجُودَ، ثُمَّ قُلْ: يَا مَاجِدُ يَا وَاحِدُ يَا كَرِيمُ يَا دَائِمُ أَتَوَجَّهُ إِلَيْكَ بِمُحَمَّدٍ نَبِيِّكَ نَبِيِّ الرَّحْمَةِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ، يَا مُحَمَّدُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي أَتَوَجَّهُ بِكَ إِلَى اللَّهِ رَبِّكَ ورَبِّي ورَبِّ كُلِّ شَيْ‌ءٍ أَنْ تُصَلِّيَ عَلَى مُحَمَّدٍ وأَهْلِ بَيْتِهِ وَأَسْأَلُكَ نَفْحَةً كَرِيمَةً مِنْ نَفَحَاتِكَ وفَتْحًا يَسِيرًا ورِزْقًا وَاسِعًا أَلُمُّ بِهِ شَعْثِي وأَقْضِي بِهِ دَيْنِي وأَسْتَعِينُ بِهِ عَلَى عِيَالِي. (المعرّب)
    5. مصباح الزائر، ص ٤٦۸ ـ٤۷٢؛ بحار الأنوار، ج ٩٩، ص ۱۷٣.
    6.  المصدران السابقان. وتجدر الإشارة إلى أنّ العلاّمة الطهراني قدّس سرّه نقل في محاضرته بالفارسيّة مقاطع الزيارة المذكورة بالمعنى، بينما أوردناها بنصّها. (المعرّب)

فلسفة الدعاء وشروط الاستجابة (۱)

5
  • تهيئة شروط استجابة الدعاء في ليالي القدر

  • فهذه الأمور من شروط الدعاء،۱ونحن حائزون هذه الليلة على أكثر هذه الشروط التي ذكرتُها لكم:

  • أوّلاً: كلّنا متوضّئون، وثانيًا: أنّنا صائمون، فهي أيّام شهر رمضان وصُمنا لله لا لغيره تعالى. وأيضًا، نحن صلّينا أكثر من ركعتين. وأمّا من جهة الوقت، فهو أفضل الأوقات؛ لأنّها ليلة القدر المشرّفة على كلّ ليالي السنة. وأمّا من ناحية المكان، فإنّ لهذا المكان شرفًا خاصًّا، فهو مسجدٌ وبيتٌ من بيوت الله، وهو تعالى الذي دعانا إلى بيته، ونحن نلوذ به ونسأله، فمن المحتّم أنّه يجيب ضيوفه، ويستجيب دعاءهم. وكذلك كلّنا متّحدون ومجتمعون على هذا الدعاء الواحد؛ وبذلك، تنضمّ القلوب ويتّحد بعضها إلى بعض، وهو عامل مؤثّر في استجلاب الرحمة الإلهيّة.

  • ومضافًا إلى ذلك، مَن كان عليه دَينٌ أو حقٌّ، فليعزم الآن على تأديته، أو لو كان في قلبه حقدٌ على إخوانه المؤمنين، فليفوّض أمره إلى الله وليتوكّل عليه؛ لأنّه تعالى أقدر على ذلك. فنحن لا نمتلك عمرًا طويلاً، وليس لدينا حال أو مجال لنملأ قلوبنا بالحقد تجاه الأخوة المسلمين؛ لأنّ الحقد يثقلنا ويتعبنا، ويوقفنا عن العمل... لذلك نفوّض الأمر إلى الله، وهو العالم. فلماذا نثقل أرواحنا، والله أفضل المنتقمين؟! فعلى هذا، لنطهّر الآن قلوبنا من كلّ حقد حتّى يُستجاب دعاؤنا الذي ندعو به.

  • حكمة التوسّل وطلب الشفاعة من أمير المؤمنين

  • ومن جهة أخرى، فلنشفّع أمير المؤمنين؛ لأنّه عليه السلام هو القلب، وهو وليّ الله تعالى ووصيّ رسول آخر الزمان، ونفسُه واسعة جدًّا، وولايته قويّة كثيرًا. فالمقام الذي أُعطي لأمير المؤمنين ليس مقامًا اعتباريًّا، بل الله جعل خصوصيّة معيّنة في وجوده المقدّس حتّى أمكنه تحمّل هذه العلوم الوفيرة والقدرات الهائلة. وكلّ المصائب التي حلّت بالأنبياء قد حاز عليها أمير المؤمنين؛ لأنّ جميع ما ابتُلي به الأنبياء قد ابتُلي به نبيُّ آخر الزمان، ثمّ ورث أميرُ المؤمنين جميعَ تلك الابتلاءات من رسول الله. ومن ناحية أخرى، فإنّ كلّ ما ظهر من المعجزات على أيدي الأنبياء قد ظهر على يدي رسول الله ثمّ أمير المؤمنين؛ أي أنّه مُنح هذه المعجزات والكرامات بموازاة الابتلاءات التي حصلت له. وهذا ناشئ من الخاصيّة والخصوصيّة التي تتّصف بها نفسه المقدّسة، بحيث إنّ ولايته قد اتّسعت إثر الارتباط مع الله والتقرّب والفناء في ذاته، وهيمنت روحُه على كلّ الموجودات، سواءً من ناحية الولاية التكوينيّة أو التشريعيّة.

    1. لمزيد من الاطّلاع على الشروط الخمسة والعشرين لاستجابة الدعاء، يُرجى الرجوع إلى: أنوار الملكوت، ج٢، نور ملكوت الدعاء، المجلس ٩.

فلسفة الدعاء وشروط الاستجابة (۱)

6
  • وقد ذكر كبارُ أهل السنّة في ضمن حديثهم عن أحوال أمير المؤمنين:

  • من جملة الأخبار الغيبيّة التي كان ينبئ عنها أمير المؤمنين، إخباره في أوقات متعدّدة عن استشهاده وأنّه محتوم لا ريب فيه.

  • ثمّ يقول بعدها:

  • من جملة الغرائب التي صدرت من أمير المؤمنين عليه السلام بعد استشهاده، أنّه كلّما رُفع حجر عن الأرض في بيت المقدس كان يُرى تحته دمٌ عبيطٌ!

  • وبيت المقدس مكان شريف جدًّا! فأشرف البقاع بعد مكّة المكرّمة وحرم الرسول هو بيت المقدس .

  • والذي ينقل هذه الرواية ليسوا من الشيعة فقط،۱ بل كذلك من أهل السنّة.٢ كما يروي ابن أبي الحديد أيضًا في شرح نهج البلاغة قصصًا عديدة حول هذا الباب...٣

  • فلماذا كان دمه يجري [تحت الحجر]؟ لأنّ روحه قد استولت على جميع الأرواح، وأحاطت حتّى بأرواح الجمادات. حينئذٍ، إذا اتّصل الإنسان بهذه الروح، ووضعها شفيعًا بينه وبين الله، ألا يمكنها أنْ تُقدّم شيئًا له؟!

  • يقول ميثم التمّار [ما معناه]:

  • خرجت ذات يوم من الكوفة مع أمير المؤمنين عليه السلام، حيث أتى الإمام إلى مسجد الجعفي وصلّى أربع ركعات، ورفع يده للدعاء:

  • «إلَهي كيف أَدعوكَ وقد عَصَيتُكَ، وكيف لا أَدعوكَ وقد عَرَفتُك؟! حُبُّكَ في قَلبي مكينٌ!» ـ إلى آخر الدعاء.

  • فخرج الإمام من المسجد وخرجت في إثره، إلى أن أتى إلى صحراء مدلهمّة وسط نخيل الكوفة، وتبعته، فقال: «يا ميثم، توقّف!» ورسم خطًّا أمامي وقال: «لا تتجاوزه، فأنت لست مأذونًا!»، فتوقّفت في مكاني، وتقدّم هو وتقدّم، إلى أن توارى عن ناظري ولم أعد أره، ولا حسّ له ولا أثر، ومضى وقت ولا خبر عنه!

  • فاستوحشت، فقلت: إنَّ مولاي أمير المؤمنين قد سلك هذه الصحراء، في هذه المدينة المليئة بالأعداء الخوارج المتعطّشين لدمه. فإذا تمكّنوا منه في وسط الصحراء والنخيل واستُشهد، فلن يعلم عن أمره أحد! فلماذا أنا أقف هنا؟! وبقيتُ مُردَّدًا أ أذهب أم لا أذهب؟ فإذا ذهبت فإنَّ مولاي لم يأذن لي، وإذا لم أذهب فمن أين لي الطاقة لأتمالك نفسي؟! وفي الختام ذهبت. طويت طريقًا طويلاً، فرأيته عليه السلام عند بئرٍ منشغلاً بالحديث.

  • إلى أن شعر بدقّات أقدامي على الأرض، فقال: «من؟»

    1.  شرح الأخبار، ج ٢، ص ٤٤۷؛ الاختصاص، ص ۱٤٦.
    2.  المستدرك، الحاكم النيسابوري، ج ٣، ص ۱٤٤؛ المناقب، الخوارزميّ، ص ٣۸۸؛ نظم درر السّمطين، ص ۱٤۸.
    3.  شرح نهج البلاغة، ابن‌ أبي الحديد، ج ٦، ص ۱۱٣ ـ ۱٢٦.

فلسفة الدعاء وشروط الاستجابة (۱)

7
  • فقلت: أنا ميثم.

  • فقال: «لماذا أتيت؟! ألم أقل لك لا تأتِ؟»

  • فقلت: يا مولاي! لم أشأ مخالفة أمرك، ولكن لم أتحمّل! أَ أكون حيًّا، وأدعُك وحيدًا في وسط هذه الصحراء الخطرة! لم أتحمّل.

  • فقال عليه السلام: «أسمعت شيئًا من حديثي؟»

  • فأجبت: لا، وصل إلى أذني لحن الكلام فقط، ولكن لم أفهم شيئًا.

  • فقال الإمام:

  • وفي الصّدرِ لُباناتٌ***إذا ضاقَ لها صَدري
  • نَكَتُّ الأرضَ بِالكَفِّ***وأَبدَيتُ لها سِرّي
  • فَمَهما تَنبُتُ الأرضُ***فَذاكَ النَّبتُ مِن بَذري۱ 
  • فهذا هو معنى الولاية! وها نحن جالسون الآن على مائدة أمير المؤمنين عليه السلام، وهذا الإيمان الذي عندنا وهذا القرآن الذي بحوزتنا وهذه الحياة التي نتمتّع بها كلّها ثمرة جهاده ونتيجة لولايته الكلّية المهيمنة على أرواحنا ونفوسنا؛ وذلك بسبب اتّصال برزخنا ومثالنا بذاك الإمام. فالحمد الله نحن مؤمنون، وبدين الإسلام مُشرَّفون، وكتابُنا هو القرآن، فنأمل ونرجو أن يُستجاب دعاؤنا ببركة ولاية ذلك الإمام.

  • طرفٌ من كرامات الإمام عليّ عليه السلام

  • ذكر جميع الشيعة في كتبهم، ورأيت من طريق أهل السنّة عن الخطيب البغدادي في كتابه تاريخ بغداد أنّه:

  • عند خروج الإمام إلى حرب صفّين، وتوجّهه من الحلّة والأنبار نحو صفّين، ابتُلي الجيش بالعطش، ولم يكن في الصحراء ماء، فجاؤوا إلى أمير المؤمنين وقالوا: لا ماء بين أيدينا، والجيش يُعاني العطش،

  • قال الإمام [ما مفاده]: «فلنمش قليلاً». فلمّا قطعوا مسافةً، أشار الإمام عليهم أنْ يحفروا الأرض، فحفروها، وأزاحوا التراب إلى جهة أخرى، فقال الإمام [ما معناه]: «استمرّوا في الحفر»، فحفروا حتّى وصلوا إلى قطعة من الصخر، ومهما حاولوا جهدهم في قلعها، لم يقدروا ولا حتّى على كسرها، حيث كانت شديدة الصلابة! فجاء أمير المؤمنين عليه السلام، وأخذ المعول بيده، وضرب به على الحجر، فانفلق الحجر الصلب، ونَبَع الماء من تحته وجرى على سطح الأرض، وأخذ الجيش يشرب بأكمله، وملأوا القُرَب، وسقَوا الدوابّ والأنعام ورجعوا.

  • ويذكر في تاريخ بغداد [ما معناه]:

  • أنّ النّاس قبل أن يشربوا من هذا الماء تفرّقوا إلى ثلاث فرق؛ فرقة نظرت في الصحراء، فرأوا السراب، وبدا لهم وكأنّه ماء، فذهبوا إليه ليأتوا به فوجدوه سرابًا لا ماء فيه؛ وفرقة ذهبت إلى الشطّ، فقطعوا فراسخ ليعثروا على الماء، وفرقة كانت مع أمير المؤمنين، ومن جملتهم راوي هذه الرواية، وهو أبو سعيد عقيصا الذي يقول:

    1.  المزار الكبير، ابن‌ المشهدي، ص ۱٤٩ ـ ۱٥٣. نُقل هذا المقطع بالمعنى، فاقتضى التنويه (المعرّب) 

فلسفة الدعاء وشروط الاستجابة (۱)

8
  • «رأيت هذه المعجزة على يد أمير المؤمنين، فشربنا وتزوّدنا من الماء وذهبنا، ثمّ سرنا عدّة فراسخ أخرى، واحتجنا إلى الماء ثانية، ولم نجده، فقلتُ لجماعة من العسكر: فلنرجع إلى ذلك البئر، ونملأ قِربنا ونحمل الماء ونأتي به. فجئنا إلى تلك البقعة حيث كان هناك راهبٌ قريبٌ من مكان البئر يقطن في دَيره، وكلّما تفحّصنا لم نجد الماء! فتعجّبنا كثيرًا! وأتينا الدير، وسألنا ذاك الراهب النصرانيّ الساكن في الدير عن الماء الذي كان هنا، فقال: أيّ ماء؟! قلنا: نحن شربنا الآن منه مع أمير المؤمنين، حيث أمرنا عليه السلام بالحفر هنا، فحفرنا وفلقنا الحجر ونبع الماء حتّى جرى على وجه الأرض!

  • قال: ”لا يوجد هنا ماء بتاتًا! فأنا أعيش هنا لسنوات طوال ولا يوجد أثر للماء هنا!“

  • قلنا له: هناك في تلك البقعة! فقال: ”من الذي ضرب المعول؟“ عرّفناه له، فقال: ”هذا البئر لا يطّلع عليه إلاّ نبيّ أو وصيّ نبيّ! ولا يقدر على كشفه أحدٌ غير نبيّ أو وصيّ نبيّ، وما صاحبكم إلاّ نبيّ أو وصيّ نبيّ، فإنْ أتى ثانية، فهو يقدر على كشفه، وليس لأحد غيره أن يعرف مكانه!“»۱

  • فإذا كان هذا الماء هو من المياه المادّية، فما بالك بماء الولاية والنفحات القدسيّة ونزول مطر الرحمة من عوالم الغيب بواسطة قلب الإمام على كافّة عوالم الإمكان، حيث إنّ حكايته هي حكاية أخرى! هذا، مع أنّ جميع ذلك إنّما هو نموذج عن ذلك "المخزن". والحاصل أنّ كلّ شيء موجود هو هنا!

  • فأمير المؤمنين هو قلب عالم الإمكان، وهو الوليّ المطلق على صُنع الله! ونحن ندّعي أنّنا شيعة، بل حتّى مع كوننا مُفرِّطين في ادّعائنا لذلك؛ لأنّ التحقّق بالتشيّع له شروط وأبعاد يصعب كثيرًا تحقيقُها في أنفسنا، إلاّ أنّنا نرجو من الله أن يوصل هذا الادّعاء المجازيّ إلى حدّ الحقيقة، ويجعل هذا المجاز قنطرة لهذه الحقيقة. نعم، من المسلّم أنّنا محبّون لأمير المؤمنين، ومأدبتُه عليه السلام واسعة جدًّا، فهو يطعم كلّ المحبّين من تلك الأطعمة الملكوتيّة، ويُشبعهم ويرويهم كلّهم. فمأدبة أمير المؤمنين ليست صغيرة، وأصناف طعامها ليست بالقليلة، فهو وليّ الله المطلق، وكلّ أرزاق العالم تُفاض من ناحيته.

    1.  تاريخ بغداد، ج ۱٢، ص ٣۰٢؛ واقعة صفّين، ص ۱٤٥؛ الغارات، ج ٢، ص ۷۸۱؛ مع اختلاف يسير في المصادر.

فلسفة الدعاء وشروط الاستجابة (۱)

9
  • وبناءً على ذلك، فلنطهّر هذه الليلة قلوبَنا ونُعدَّها، ولنطلب من الله تعالى بشفاعة أمير المؤمنين أن يغفر لنا ذنوبنا، وأن يحول بيننا وبين اقتراف الذنوب، ولا يكلنا إلى أنفسنا في هذا العمر القصير!

  • أهمّية طلب العافية في كافّة الأدعية

  • ولِنضمَّ طلب العافية إلى جميع دعواتنا! فالعافية تعني: الفلاح والاستقامة. فمن الممكن للإنسان أن يكون لديه عمر طويل، ولكن لا يكون ذلك عافية له! كأن يكون كثير المال، ولكنّ نفس كثرة المال تُسبّب له المشاكل والمصائب وضيق المعيشة والظلمة في القلب؛ وبالتالي، لن يكون ذلك عافية بالنسبة إليه! أو يُمكن أن يكون الإنسان ذا وجاهة ومكانة بين الناس، ولكنّ ذلك يجرّه إلى جهنّم، وهذا ليس عافية! فالعافية تعني طهارة القلب من الأمراض النفسانيّة، وزيادة اليقين، وأنْ يكون حالُه في تلك الساعة التي يريد أن يرحل فيها عن هذه الدنيا حال المتبسّم؛ فيرحل عن هذه الدنيا وهو فرحان، ولا يكون حزينَ القلب، ولا يكون متعلّقًا بالدنيا ولا متوجّهًا إليها، وإنّما يتوجّه إلى الآخرة ويهجر الدنيا.

  • كان أمير المؤمنين عليه السلام يمرّ من أمام جماعة، وكانوا يتكلّمون ويتباحثون في مسألة، فكان أحدهم يقول: أفضل السنين هي السنة الفلانيّة.. وآخر يقول: أفضل الشهور هو شهر رمضان.. وواحد يقول: أفضل الأيّام يوم القدر.. وواحد يقول: أحسن الساعات آخر ساعة من يوم الجمعة، قريب الغروب، وهي ساعة استجابة الدعاء.

  • فوقف الإمام، واستمع إليهم، ثمّ قال [ما مضمونه]:

  • كلّ ما تكلّمتم به جيّد، ولكنّ أفضل الأيّام وأفضل الساعات وأفضل السنين هو الوقتُ الذي يريد فيه الإنسان أن يرتحل عن الدنيا ووجهه أبيض وقلبه فرحان، ويكون متوجّهًا إلى ذاك العالم، لا أنّ يكون متعلّقًا بهذا العالم، بحيث يرحل عنه وقلبه منقبض ومملوء بالحسرة والندامة! فأفضل الساعات للإنسان وأحبّها إليه حينما يُعطى بيده صحيفة أعماله، ويُدعى إلى تلك العوالم المقدّسة، لا أن يظلّ مخلّدًا في الأرض.۱

  • إخبار أمير المؤمنين عن شهادته

  • فهذه الليلة هي ليلة ضربة أمير المؤمنين، وهي ـ بحقّ ـ مصيبة كبرى على جميع المسلمين.

  • فقد أخبر عن شهادته في هذا الشهر المبارك مرارًا، حيث قال عليه السلام في إحدى المرّات للإمامين الحسن والحسين وبقيّة أولاده [ما مفاده]:

    1.  المواعظ العدديّة، العيناثي، ص ٢۰٩، مع اختلاف يسير.

فلسفة الدعاء وشروط الاستجابة (۱)

10
  • كُنت ذات يوم عند رسول الله، فنظر إليّ، وقال: «يا عليّ، أتعرف من أشقى الأوّلين؟»

  • فقلتُ: «عاقرُ ناقة ثمود» (الذي عقر ناقة النبيّ صالح البريئة، وقَتَلَها).

  • فقال النبيّ: «يا عليّ أتعرفُ من أشقى الآخرين؟»

  • فقلت: «لا أدري!»

  • فمسح بيده على لحيتي، وقال: «مَن يَخضِبُ هذه مِن هذه! ”أي: الذي يخضب محاسنك من يافوخك! ذاك هو أشقى الناس في آخر الزمان!“»۱

  • ويُقال لمقدّمة الرأس: «يافوخ»، حيث تُطلق هذه الكلمة في اللغة العربيّة على المنطقة التي تظلّ ليّنة إلى فترة معيّنة في مقدّمة رأس الطفل الرضيع.

  • وذات مرّة، كان أمير المؤمنين يخطب من على المنبر، وإذا به يقول: «ألا وإنّكم حاجّ العام صفًّا واحدًا، وآيةُ ذلك أنّي لستُ فيكم».٢

  • كما نظر في أحد الأيّام إلى الإمام الحسن عليه السلام، وقال: «يا أبا محمّد! كم مضى من شهر رمضان؟» قال: «يا أبتاه ثلاثة عشر يومًا». قال «يا أبا عبد الله! كم بقي من شهر رمضان؟». قال: «سبعة عشر يومًا». مسح الإمام بيده على محاسنه وقال: «والله لقد قرب الموعد الإلهيّ الذي تخضّب فيه هذه المحاسن من أمّ رأسي!»٣

  • وفي هذه الأيّام، رأى أمير المؤمنين عليه السّلام رؤيا، وقصّها على الإمام الحسن، حيث قال:

  • يا بنيّ، رأيت كأنّ جبرئيل عليه السلام قد نزل عن السماء على جبل أبي قبيس (الواقع في مكّة)، فتناول منه حجرين ومضى بهما إلى الكعبة وتركهما على ظهرها، وضرب أحد هما على الآخر فصارت كالرميم، ثمّ ذرّهما في الريح، فما بقيَ بمكّة ولا بالمدينة بيتٌ إلاّ ودخله من ذلك الرماد (فهل تعلم ما تأويلها؟).

  • فقال له: يا أبت وما تأويلها؟

  • فقال: يا بنيّ، إن صدقت رؤياي، فإنّ أباك مقتول، ولا يبقى بمكّة حينئذ ولا بالمدينة بيت إلاّ ويدخله من ذلك غمّ ومصيبة من أجلي.٤

  • وفي ليلة التاسع عشر هذه، جاء إلى دار ابنته زينب، وقد كان في هذا الشهر المبارك يُفطر ليلةً عند الإمام الحسن، وأخرى عند الإمام الحسين، وثالثة عند ابنته زينب زوجة عبد الله بن جعفر، وورد في روايات متعدّدة أنّه لم يكن يتناول أكثر من ثلاث لُقم كإفطار، وحينما سئل: لماذا؟ أجاب:

    1.  شواهد التّنزيل، ج ٢، ص ٤٣٥؛ المعجم الكبير، الطبراني، ج ۸، ص ٣۸؛ مع اختلاف يسير في المصادر.
    2.  الإرشاد، ج ۱، ص ۱٦.
    3.  الفضائل، ابن‌ شاذان، ص ۱۰٤. نُقل هذا المقطع بالمعنى، فاقتضى التنويه (المعرّب)
    4.  بحار الأنوار، ج ٤٢، ص ٢۷٩.

فلسفة الدعاء وشروط الاستجابة (۱)

11
  • يأتيني أمرُ اللّه وأنا خميصٌ (فلا أريد أن ألقى الله تعالى وبطني ممتلئ)!۱

  • ذكرى شهادة أمير المؤمنين عليه السّلام

  • فكان في الليلة التاسعة عشر في بيت أم كلثوم، وهي التي تروي هذه الرواية، حيث تقول:

  • لمّا كانت ليلة تسع عشرة من شهر رمضان (جاء أبي إلى البيت، وصلّى بعض الركعات (صلاة المغرب)، ثمّ)، قدّمت إليه عند إفطاره طبقًا فيه قرصان من خبز الشعير وقصعة فيها لبن وملح جريش، فلمّا فرغ من صلاته أقبل على فطوره، فلمّا نظر إليه وتأمّله...، وقال: «يا بنيّة، أتقدّمين إلى أبيك إدامين في فرد طبق واحد؟ ... أنا أريد أن أتبع أخي وابن عمّي رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم، ما قُدّم إليه إدامان في طبق واحد إلى أن قبضه الله. يا بنيّة ما من رجل طاب مطعمه ومشربه وملبسه، إلاّ طال وقوفه بين يدي الله عزّ وجلّ يوم القيامة».

  • ثمّ قال عليه السلام: «... يا بنيّة والله لا آكل شيئًا حتّى ترفعين أحد الإدامين»، فلمّا رفعته، تقدّم إلى الطعام، فأكل قرصًا واحدًا بالملح الجريش، ثمّ حمد الله وأثنى عليه ثم قام إلى صلاته.٢

  • قالت أمّ كلثوم [ما معناه]: وقد أكثر في هذه الليلة من الصلاة، ولم يخرج فيها من البيت خلافًا لما كان يفعله في الليالي السابقة. وكان مُترقِّبًا وكأنّه كان ينتظر أمرًا يصل إليه. وكان يتلو سورة يس، كما كان في بعض الأحيان يقول: «لا حول ولا قوّة إلاّ بالله العليّ العظيم».

  • وتارةً يقول: «اللهمّ بارك لي في الموت».

  • قلت: يا أبتِ! الظلام في هذه الليلة حالك لا كسائر الليالي السابقة، فما الأمر؟ 

  • قال: « سيصل أمر الله عن قريب».

  • قلتُ: يا أبتِ أيّ أمرٍ لله؟ 

  • قال: في صبح هذه الليلة، سوف تظهر علامات وآثار الوعد الذي وعدني به رسول الله.

  • فكان يخرج من الحجرة وينظر إلى السماء ويقول: «واللَه ما كَذِبتُ ولا كُذِّبت؛ وإنّها اللَّيلةُ [الّتي وُعِدتُ بِها]!»

  • لم يزل قائمًا وراكعًا وساجدًا؛ «هكذا كان الإمام ما بين راكع وساجد وقائم، يتلو القرآن إلى أن قارب أذان الصبح، فأذّن ابنُ نبّاح وهو مؤذّن الإمام».

    1.  الإرشاد، ج ۱، ص ۱٤.
    2.  بحار الأنوار، ج ٤٢، ص ٢۷٦.

فلسفة الدعاء وشروط الاستجابة (۱)

12
  • فخرج عليه السلام من الحجرة وجدّد الوضوء، وتهيّأ للذّهاب إلى المسجد. فقلتُ: أبتاه! إنّ حالَك هذه الليلة يختلف عن سائر الليالي، فإن كنت تظنّ نزول مصيبة بك في هذه الليلة، قلْ لجعدة يذهب ويصلّي في المسجد (جعدة بن هبيرة المخزوميّ ابن أخت الإمام ومن عظماء الدهر، وهو ابن أمّ هانئ أخت الإمام).

  • فقال الإمام: «هل يمكن الفرار من أمر الله؟ فهو قضاء إلهيّ، وأنا ذاهب إلى طريق الجنّة والسعادة، ولا يمكن الفرار من قضاء الله!»۱

  • فأراد الإمام أنْ يخرج من البيت، وكان هناك عدّة إوزّ، فأخذت بأطراف ملابس الإمام بمناقيرها، وكانت تصيح بصوت مرتفع، فخلاها الإمام وقال: «دعوهنّ فإنّهنّ صوائح تتبعهنّ نوائح».

  • ولمّا أراد الخروج من البيت، تعلّقت حديدةٌ من الباب على مئزره، فشدّ إزاره وهو يقول:

  • اشدُدْ حَيازيمَكَ لِلمَوتِ، فإنّ المَوتَ لاقيكا***[ولا تَجزَعْ مِنَ المَوتِ، إذا حَلَّ بِناديكا]
  • ولا تَغُرَّ بالدّهرِ وإن كان یُوافیکا٢***كَما أَضحَكَكَ الدّهرُ، كَذاكَ الدّهرُ يُبكيكا
  • جاء الإمام إلى المسجد، وكانت مصابيحه مُطفأة، فصعد المئذنة، وأذّن حتّى سمعه جميع أهل الكوفة، فنزل المئذنة وأيقظ الناس للصلاة: 

  • الصّلاة، الصّلاة! قوموا عن نَومَتِكُم أیّها المؤمنون! الصّلاة، الصّلاة!٣

  • خَلّوا سَبيلَ الجاهدِ المُجاهدِ***[في اللَه ذي الكُتبِ وذي المشاهدِ]
  • في اللَه لا يعبُدُ غيرَ الواحدِ***ويوقِظُ النّاسَ إلَى المساجدِ٤
  • «قوموا، قوموا! فقد حان وقت الصلاة!»

  • إلى أن مرّ جوار ابن ملجم، والذي بات مع اثنين آخرين في المسجد، وهما وردان وشبيب؛ وكان مع الثلاثة سيوفًا حادّة مسمومة، وكانوا قد تحالفوا وتعاهدوا.

  • وفي تلك الليلة، كان حجر بن عديّ قد بات إلى الصبح في مسجد الكوفة منهمكًا في العبادة، فقال [ما مفاده]:

  • اقترب أذان الصبح، فنظرتُ إلى الأشعث بن قيس وهو يقول: «يا ابن ملجم قرُب أذان الصبح، قم! فلا تتأخّر، حتّى لا تُفضح!».

  • قال: لمّا سمعت هذا الكلام منه، اضطرب قلبي، وقلت: ويحك يا أعور! أَ تُريدُ قَتلَ عليٍّ؟!

  • فقمت وأتيتُ بيتَ أمير المؤمنين حتّى أخبره بما أضمروا هذه الليلة من سوء فعلهم، فرجعتُ إلى المسجد ورأيت أنّ الأمر قد انقضى، والنّاس يتوجّهون إلى المسجد من كلّ ناحية.٥

    1.  الإرشاد، ج ۱، ص ۱٦. نُقل هذا المقطع بالمعنى، فاقتضى التنويه (المعرّب)
    2. نسخة البحار«ولا تَغتَرَّ بِالدَّهرِ وإن كانَ يُؤاتيكا».
    3.  بحار الأنوار، ج ٤٢، ص ٢٣٨ و٢٧٦ ـ ٢٧٩مع اختلاف يسير.
    4.  مناقب آل أبي ‌طالب عليهم السّلام، ابن‌ شهر آشوب، ج ٣، ص ٣۱۰. 
    5.  العدد القويّة، ص ٢٤۰؛ الإرشاد، ج ۱، ص ۱٩، مع اختلاف يسير في المصادر.

فلسفة الدعاء وشروط الاستجابة (۱)

13
  • وأمير المؤمنين عليه السلام واقع في محرابه، ويجمع تراب المحراب ويضعه على أمّ رأسه وينادي:

  • فُزتُ وربِّ الكعبَة! فُزتُ وربِّ الكعبَة! «أقسم بربّ الكعبة، أنّني فزتُ وحقّقت هدفي! أي إنّ هدفي وغايتي هي هذه الساعة وهذه اللحظة!»

  • ﴿مِنهَا خَلَقنٰكُم وفِيهَا نُعِيدُكُم ومِنهَا نُخرِجُكُم تَارَةً أُخرَىٰ﴾.۱

  • وجبرائيل ينادي بين السماء والأرض:

  • تَهدَّمَت واللَه أركانُ الهُدى؛

  • و انطَمَسَت أعلامُ التُقى؛

  • و انفَصَمَت العُروَةُ الوُثقى؛

  • أیّها النّاس، قُتِلَ عليٌّ المرتَضى، قُتِلَ ابنُ عَمِّ المُصطَفى، قُتِلَ وَصيُّ المُجتَبى! (قُتل إمام الزمان)

  • وهبّت الرياح والعواصف، واظلمّت السماء، واصطفقت أبواب المسجد، ووصل صوت نداء جبرائيل المنبعث بين السماء والأرض إلى منزل زينب وأمّ كلثوم والحسنين وساير أولاده، فنادوا بأعلى أصواتهم: «وا أبتاه! وا أبتاه! وا عليّاه! وا أمير المؤمنيناه!»٢

  • وأنتم كذلك، بقلب واحد، وبعد هذه الحالات التي تعيشونها وتشعرون بها، ضمّوا أصواتكم إلى أصواتهم، فأمير المؤمنين والدكم، حيث قال رسول الله: «أنا وعليّ أبَوا هذه الأُمّة!»٣ فاندبوا، وشاركوهم عزاء أمير المؤمنين، وارفعوا أصواتكم معًا، وقولوا: «وا محمّداه! وا أمير المؤمنيناه!».

  •  

  • اللَهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحمَّدٍ وآلِ مُحمَّد

    1. سورة طه (٢۰)، الآية ٥٥.
    2. مستخلص من: بحار الأنوار، ج ٤٢، ص ٢٣٩ و٢۷٦ ـ ٢۸٦؛ مناقب آل أبي ‌طالب عليهم السّلام، ج ٣، ص ٣۱۰؛ العدد القويّة، ص ٢٤۰؛ الإرشاد، ج ۱، ص ۱٦ و۱٩.
    3.  كمال الدين، ج ۱، ص ٢٦۱.