13

حرمة الإعانة على الإثم والظلم

بيانات حول الآية: ﴿تعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان﴾

6335
مشاهدة المتن

المؤلّفالعلامة آیة الله السيد محمد الحسين الحسيني الطهراني

القسممحاضرات العلامة الطهراني

المجموعةمباني الأخلاق

التاريخ 1398/09/21


التوضيح

أهم محتويات المحاضرة:
- أوامر القرآن قائمة على التعاون على فعل الخير واجتناب المحرّمات؛
- الحكم الفقهي للتعاون في أمور الخير؛
- الحرمة الشرعيّة للإعانة على الإثم والفعل الحرام؛
- حرمة المعاملة التجاريّة في الأمور الحلال لاستخدامها في الحرام؛
- حرمة التشبه بالكفّار وبعض أحكام الزي الإسلامي؛
- حرمة الربا وكلّ نوع من المشاركة والمساهمة في هذه الأمر؛
- أحكام صناعة المجسمات والدمى والتجارة فيها؛
- الحرمة الشديدة للإعانة على الظلم.
/٦
بي دي اف بي دي اف الجوال الوورد

حرمة الإعانة على الإثم والظلم - بيانات حول الآية: ﴿تعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان﴾

1
  •  

  • هو العليم 

  •  

  • حرمة الإعانة على الإثم والظلم

  • بيانات حول الآية: ﴿تَعَاوَنُواْ عَلَي ٱلۡبِرِّ وَ ٱلتَّقۡوَيٰ وَلَا تَعَاوَنُواْ عَلَى ٱلۡإِثۡمِ وَٱلۡعُدۡوَٰنِ﴾

  • مباني الأخلاق - المجلّس الثالث عشر

  •  

  • محاضرات ألقاها 

  • سماحة العلّامة آية الله الحاجّ السيّد محمّد الحسين الحسينيّ الطهرانيّ

  • قدس الله سره

  •  

  • طهران، مسجد القائم، رمضان المبارك ۱٣٩۸ هـ. ق

حرمة الإعانة على الإثم والظلم - بيانات حول الآية: ﴿تعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان﴾

2
  •  

  •  

  • أعوذ باللّه من الشيطان الرجيم

  • بسم الله الرَحمٰن الرَحيم

  • وصلّى الله على محمّدٍ وآله الطاهرين

  • ولعنةُ الله على أعدائهم أجمعین

  •  

  •  

  • أوامر القرآن قائمة على التعاون على فعل الخير واجتناب المحرّمات

  • ﴿وَ تَعَاوَنُواْ عَلَى ٱلۡبِرِّ وَ ٱلتَّقۡوَىٰ وَلَا تَعَاوَنُواْ عَلَى ٱلۡإِثۡمِ وَٱلۡعُدۡوَٰنِ وَٱتَّقُواْ ٱللَهَ إِنَّ ٱللَهَ شَدِيدُ ٱلۡعِقَابِ﴾.۱

  • هذا مقطعٌ من الآية الثانية من السورة الخامسة من القرآن، وهي سورة المائدة، ومعناها ما يلي: تعاونوا على أعمال البرّ والتقوى ولا تتعاونوا على الإثم والظلم والعدوان!

  • فالبرّ بمعنى الحسن وكلّ فعل حسن، والتقوى تعني: الطهارة والمصونيّة والعصمة الإلهيّة ووضع القدم في مسير الورع واجتناب المحرمات؛ يعني: «تعاونوا في الأعمال الحسنة وفي الإحسان لبعضكم البعض، ولا تتعاونوا على الإثم والذنب والظلم، ولا تتعاونوا مع بعضكم في هذه الأمور».

  • الحكم الفقهي للتعاون في أمور الخير

  • لقد استخدم الفقهاء هذه الآية ليشيروا إلى أنّ التعاون في كلّ برّ وتقوى هو أمرٌ مستحسنٌ، وقد يصل إلى مرحلة الوجوب والضرورة في بعض المراحل؛ ولو تجاوزنا هذا الأمر في بقيّة الأمور فمن المسلم أنَّه من المستحب أن يساهم الإنسان في أفعال الخير بأيّ قدرٍ ممكنٍ.٢ فالمؤمنين يُساعدون بعضهم البعض، فيُساعد الأخ أخاه، ويُساعد الرفيق رفيقه، وذلك فعل البرّ والإحسان الذي ينبغي أن يؤدّيه إنّما يقوم على معونة بعضهم البعض ومساعدتهم.٣

  • الحرمة الشرعيّة للإعانة على الإثم والفعل الحرام

  • ولكن الإعانة على الظلم حرام؛ لأنَّ النهي يدل على الحرمة، قال تعالى: ﴿وَ لَا تَعَاوَنُواْ﴾؛ فنفس الإثم والظلم في حد نفسهما حرامٌ، وإذا أذنب شخص فقد ارتكب حرامًا. وإذا عاون شخصٌ شخصًا آخر في المعصية بحيث انطبق على العمل الذي قام به، عنوان الإعانة على الذنب فهذا حرام؛ ليس فقط بالنظر إلى الإثم بعينه بل بالنظر إلى الإعانة على الإثم.

  • حرمة المعاملة التجاريّة في الأمور الحلال لاستخدامها في الحرام

  • فمن باب المثال: شرب الخمر حرامٌ، وإذا قام الإنسان بفعلٍ يُساعد شاربَ الخمر، كأن يبيع عنبه لمن يعصره خمرًا، فهذا تعاونٌ على الإثم؛ أو كأن يُؤجّر دُكّانه لمن يبيع الخمر فيه، أو يُؤجّر سيّارته لمن ينقل الخمر فيها، فعلى الرغم من أنَّ بيع العنب وتأجير مزارع العنب والدكّان والسيارة في حدّ نفسه ليس حرامًا، ولكن في هذه الحالة بما أنّ فعله يُعتبر إعانةً على الإثم والمعصية، لذا سوف يكون فعله حرامًا من هذه الناحية.٤

    1. . سورة المائدة (٥)، الآیة ٢.
    2. . كنز العرفان، ج ٢، ص ۱٣٣؛ إيضاح الفوائد، ج ٣، ص ٦۰٢.
    3. . الأمالي، الصدوق، ص ٢۸۸.
    4. . الكافي، ج ٥، ص ٢٢۷؛ تهذيب الأحكام، ج ٦، ص ٣۷۱.

حرمة الإعانة على الإثم والظلم - بيانات حول الآية: ﴿تعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان﴾

3
  • أو مثلًا: لو باع الإنسان خشبًا على سبيل المثال ليُصنع منه التماثيل أو الصليب، فرغم أنَّ بيع الخشب ليس حرامًا ولكن كما ورد في نفس الرواية [التي تحت عنوان]: «بيع الخَشَب ليُتَّخَذَ صَنَمًا أو صليبًا»؛ وبما أنَّ عبادة الأصنام واتّخاذ الأصنام حرامٌ، لذا فإنَّ بيع الخشب من أجل هذا الأمر حرامٌ؛ لأنَّه إعانةٌ ومساعدةٌ على الحرام.۱

  • و الصليب هو آلة يصلبون عليها الشخص. الصليب هو تلك العلامة الخاصّة بالنصارى التي تتطابق مع عقائدهم، فهم يقولون: إنَّ النبيّ عيسى قد صُلب على تلك الخشبة! ولكن عقيدتنا نحن المسلمين هي أنَّهم لم يصلبوا النبيّ عيسى وإنّما صلبوا شخصًا آخر شُبّه لهم، فاشتبه عليهم الأمر وصلبوه بدلًا منه، وقد حفظ الله العليّ الأعلى النبيّ عيسى عليه السلام حيًا ورفعه إلى السماء؛ قال تعالى:﴿وَ مَا قَتَلُوهُ وَ مَا صَلَبُوهُ وَلَٰكِن شُبِّهَ لَهُمۡ﴾.٢ إلّا أنّ النصارى يعتقدون بأنَّ الصليب مُقدّسٌ ويعلقونه على خصرهم ورقبتهم ويضعونه في مجالسهم وفي الكنائس وباقي الأماكن باعتباره من شعائرهم الدينيّة؛ وإذا فعل المسلمون مثل هذا الفعل ففعلهم حرامٌ.

  • بناءً على هذا، إذا باع المسلمون خشبًا ليصنعوا منه شكل صليب، فإنَّ بيع هذا الخشب حرامٌ أيضًا. وكذلك بيعُ الحديد أو الذهب والفضّة الذي يصنعون منه شكل صليبٍ، حرامٌ؛ ولذلك فإنَّ الصاغة الذين يصنعون من الفضّة والذهب صليبًا، يرتكبون فعلًا مُحرّمًا؛ وكذلك بيع ذلك الصليب وشراؤه ـ يعني: تلك العلامة الخاصّة ـ حرامٌ واستعمالها حرامٌ أيضًا.

  • حرمة التشبه بالكفّار وبعض أحكام الزي الإسلامي

  • إنَّ ربطة العنق هي صليبٌ أيضًا؛ سواءً أكانت على شكل مثلثٍ مُعلّق أم على شكل فراشة (بابيون) فهي صليبٌ، وهي من العلامات الخاصّة بالنصارى واستعمالها حرامٌ على المسلمين.٣ فإذا باع شخصٌ قماشًا لمن يخيطها على شكل ربطات عنق، فذلك حرامٌ أيضًا؛ لأنّه إعانةٌ على الإثم!

  • وارتداء الذهب وزينة الذهب حرامٌ على رجال المسلمين لا على نسائهم؛ فمثلًا: إذا ارتدى الرجل خاتمًا من الذهب أو سوارًا من الذهب في يده أو كانت أزرارُ قميصه أو ياقته من الذهب، أو ساعةُ يده من الذهب وهي من الزينة الظاهرة، فذلك حرامٌ واستعماله حرامٌ والصلاة فيه باطلةٌ.٤ وكذلك إذا صنع شخصٌ خاتمًا من الذهب للرجال أو زر قمصان الرجال أو تاجر فيها، فكلّ ذلك من باب الإعانة على الإثم، وهو مُحرّمٌ؛ ولا شكّ أنَّه يُعدّ جزءًا من المحرّمات وبالطبع على رجال المسلمين اجتنابه!

    1. . الكافي، ج ٥، ص ٢٢٦؛ تهذيب الأحكام، ج ٦، ص ٣۷٣؛ مع قدرٍ من الاختلاف.
    2. . سورة النساء (٤)، الآیة ۱٥۷.
    3. . راجع علل الشّرائع، ج ٢، ص ٣٤۸؛ نور ملكوت القرآن، ج ٢، ص ۷٩، التعلیقة.
    4. . علل الشّرائع، ج ٢، ص ٣٤۸: «عن مُصَدِّقِ بنِ صَدَقَةَ، عن عَمّارِ بنِ موسَى، عن أبي عَبدِ اللهِ علیه السّلام:...وَ قالَ: لا يَلبَس الرَّجُلُ الذَّهَبَ وَلا يُصَلِّي فِيهِ؛ لِأنَّهُ مِن لِباسِ أهلِ النّار». (المحقّق)

حرمة الإعانة على الإثم والظلم - بيانات حول الآية: ﴿تعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان﴾

4
  • وارتداء الملابس المصنوعة من الحرير حرامٌ على رجال المسلمين لا على نسائهم؛ فلا إشكال في استعمال زينة الذهب وارتداء الملابس الحريريّة الخالصة للنساء، ولكنّ ذلك حرامٌ على الرجال. فإذا كانت الملابس الداخلية أو القميص أو السترة أو البنطال أو القبّعة من الحرير الخالص فذلك حرامٌ بالنسبة لرجال المسلمين، ولا يُمكنهم ارتداءها، والصلاة فيها باطلةٌ أيضًا.۱ وإذا خاط شخصٌ قميصًا رجاليًّا من الحرير الخالص فعمله ذلك حرامٌ وبيعه وشراءه حرامٌ؛ لأنَّه إعانةٌ على الإثم والمعصية.

  • حلق الذقن حرامٌ في شرع الإسلام،٢ وإذا حلق شخصٌ ذقنه أو حلق ذقن رجلٍ آخر، فقد ارتكب فعلًا مُحرّمًا؛ وإذا أجّر شخصٌ دُكّانه لمن يحلق الذقن ففعله حرامٌ؛ لأنَّه إعانةٌ على الظلم.

  • حرمة الربا وكلّ نوع من المشاركة والمساهمة في هذه الأمر

  • ونظير هذه الأمثلة التي يمكن طرحها كثيرة جدًا. إنَّ أكل الربا وإعطاء الربا حرامٌ؛٣ يعني: إذا تعامل الإنسان معاملةً ربويّةً أو أقرض قرضًا بالربا، أو باع جنسًا بنفس الجنس مع الزيادة، أو أقرض مع الزيادة، فذلك حرامٌ. لقد لُعن خمسة أصنافٍ من المشاركين في هذه المعاملات الربويّة: آكل الربا، ومعطي الربا، والوسيط في المعاملة والشاهد والكاتب؛ ٤فهؤلاء الأصناف الخمسة ملعونين عند الله. وذلك مهما كانت صورة الربا وكيفيّته؛ فإذا أقرض الإنسان رفيقه عشرة تومانات [التومان: عملة إيران] على أن يُعيدها عند الغروب عشرة تومانات وقرش؛ أو يُقرضه مئة تومان على أن يعيدها آخر الشهر مئةً وواحد أو أكثر أو أقل [فهو ربا]؛ وسواءً كان الربا شخصيًّا أو كليًّا؛ سواءً أكان على صورة مركز للتصريف أم كان مصرفًا كبيرًا؛ فجميعها حرامٌ! فمركز تعاطي الربا ومعطي الربا وآكل الربا والكاتب والشاهد والواسطة ملعونون بأجمعهم؛ لأنّهم واقعون في متن الربا.

  • وأمّا الأفراد الذين لم يقعوا في متن الربا، بل ساعدوا فيه؛ مثل الساعي الذي يحضر الورقة من طرف المصرف ويسلمها إلى الكاتب ويُعيدها مجددًا؛أو ذلك الشخص الذي يفتح باب المصرف، أو ذلك الذي يكنس؛ أو ذلك الذي يحرس، أو ذلك الذي يُساعد في كلّ نوعٍ من أنواع المساعدة والإعانة؛ فهؤلاء جميعًا يقعون تحت عنوان المساعدة والإعانة على الإثم والمعصية، وفعلهم حرامٌ ويجب اجتنابه. وإذا أخذ الإنسان منهم مالًا فهو حرامٌ، وإذا استلم منهم حقوقًا فهي حرامٌ.

    1. . من لا يحضره الفقيه، ج ۱، ص ٢٥٣؛ الاستبصار، ج ۱، ص ٣۸٥ و ٣۸٦.
    2. . الجعفريّات (الأشعثيّات)، ص ۱٥۷: «عن عَلِيّ بنِ أبِي ‌طالِبٍ علیه السّلام قالَ: قالَ رَسولُ‌ اللهِ صلّى الله عليه وآله وسلّم: ”حَلقُ اللِّحيةِ مِنَ المُثلَةِ، وَمَن مَثَّلَ فَعَلَيهِ لَعنَةُ الله!“». (المحقق)
    3. . فقه الرضا عليه السلام، ص ٢٥٦.
    4. . جامع الأخبار، للشعيري، ص ۱٤٥؛ دعائم الإسلام، ج ٢، ص ٣۷؛ عوالي اللآلي، ج ٢، ص ۱٣٦؛ مع أدنى تفاوت.

حرمة الإعانة على الإثم والظلم - بيانات حول الآية: ﴿تعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان﴾

5
  • أحكام صناعة المجسمات والدمى والتجارة فيها

  • ونظير هذه الأمثلة كثيرةٌ، فإنّ بيع المجسّمات والتماثيل والدمى حرامٌ فإذا باع شخصٌ الدمى ولو كان ذلك للأطفال، فقد فعل حرامًا.۱ وأمّا إذا لم يبع الشخص الدمى ولم يحتفظ بها في بيته، ولكنّه صنع دميةً، فبما أنّ ذلك مقدّمة للاستخدام الحرام لذلك كان صنعها حرامٌ أيضًا، ويكثر نظير هذه الأمثلة؛ فهي إعانةٌ على الإثم وإعانة على الظلم.

  • الحرمة الشديدة للإعانة على الظلم

  • وأمّا الإعانة على العدوان؛ ومعنى العدوان: الظلم؛ فأيّ شخصٍ يظلم ويعينه شخصٌ آخر، فحكمه حكم نفس حكم الظالم. مثلًا: يُريد الظالم أن يقتل شخصًا آخر، فيقول لشخصٍ: ناولني ذلك السيف! فيعطي ذلك الشخص السيف للظالم؛ فهنا ارتكب ذلك الشخص حرامًا وشارك في دمّ ذلك الشخص المظلوم وله سهمٌ من مقدار الدم المراق من هذا الإنسان!

  • أو إذا أراد الظالم أن يضرب شخصًا، فيقول للإنسان: ناولني تلك العصا أو ذلك السوط، فأنا سأضربه لا أنت! فلا يقتصر على قتل الإنسان شخصًا آخر، أو ضربه شخصًا آخر إذا ضربَ المظلوم أو قتله مباشرةً بنفسه؛ بل يشمل ما لو ناول الإنسان أداة القتل أو الضرب ليد الظالم ثمّ قام الظالم بهذا الفعل؛ وبما أنَّ الإنسان ساعد في هذا الفعل فقد ارتكب حرامًا.

  • وقد ورد في الرواية:

  • سيحضر يوم القيامة أشخاصٌ في صحراء المحشر، وسيحضرهم الله العليّ الأعلى في مقام العرض؛ وستتعامل الملائكة معهم على أنّهم مجرمين بجريمة القتل وسيعتبرونه مجرمًا بهذا الظلم، فيحضرون لشخصٍ كوبًا من الدمّ وللبعض الآخر بمقدار محجمةٍ (فعندما يضعون آلة الحجامة على جسم الإنسان وتجذب الدم، فذلك المقدار الذي تجمعه آلة الحجامة يسمى: محجمة ) وللبعض الآخر أكثر وأكثر وأكثر. فيتعجب هذ الشخص ويقول: «أنا لم أقتل في الدنيا وكنت فردًا جيّدًا، وبالتالي لماذا يكون هذا سهمي من الدم؟!».

  • فيأتيه الخطاب: «إنَّ فلان الظالم قتل شخصًا؛ وقد أعانه الشخص الفلاني، فلان باعه السيف، وفلان أعدّ طعامه كي يتقوّى ويكون له الطاقة على ما سيفعله، وأنت كنستَ له داره وبالنتيجة بسبب التعاون واجتماع كافّة هذه المقدّمات وقع القتل؛ ونحن قسمّنا ذلك القتل، وقسمنا ذلك الدم إلى هذه الأسهم، وبقدر نيّتك ومساعدتك كان نصيبك منه وهذا المقدار من الدم على عهدتك!».٢

    1. . الكافي، ج ٣، ص ٣٩٣: «عن محَمّدِ بنِ مَروانَ، عن أبي‌عَبدِ اللهِ عليه السّلام قالَ: قالَ رَسولُ ‌اللهِ صلّى الله علیه وآله وسلّم: ”إنّ جَبرَئيلَ علیه السّلام أتاني فَقالَ: إنّا مَعشَرَ المَلائِكةِ لا نَدخُلُ بَيتًا فِيهِ كلبٌ ولا تِمثالُ جَسَدٍ ولا إناءٌ يُبالُ فيهِ“». (المحقق)
    2. . الكافي، ج ۷، ص ٢۷٣.

حرمة الإعانة على الإثم والظلم - بيانات حول الآية: ﴿تعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان﴾

6
  • ونظير هذه المسألة في الروايات كثيرٌ.۱ ولذلك أحدُ المحرّمات الفقهيّة التي طرحها العظماء من العلماء والفقهاء في كتبهم، هو عنوان: «إعانة الظالم»، فمساعدة الظالم على الظلم، هي بدون أيّ إشكالٍ من المحرّمات الشرعيّة منذ صدر الإسلام إلى الآن، وكافّة الفقهاء تناولوا بحث إعانة الظالم، مستندين إلى الآية: ﴿وَ لَا تَعَاوَنُواْ عَلَى ٱلۡإِثۡمِ وَٱلۡعُدۡوَٰنِ﴾٢ وذكروا الروايات التي وردت في هذا الباب، في بحوثٍ مطوّلةٍ ومُفصّلةٍ.

  • إذن على المسلمين توخّي الدقّة جيّدًا، وألا يخيل إليهم أنَّ الإثم هو عبارةٌ فقط عن شرب الخمر أو الزنا والكذب والغيبة والجناية وقتل النفس والسرقة والربا وسائر الذنوب التي ذُكرت في الرسائل العمليّة بعنوان المحرمات أو تحت عنوان المكاسب المحرّمة؛ فإنَّ الإعانة والمساعدة على أيّ إثم، والإعانة والمساعدة على أيّ ظلمٍ من حيث عنوان الإعانة والمساعدة، معصيةٌ! كما أنَّه يُمكن القول بشكلٍ عام: ينبغي على الإنسان أن يتعاون في أمور البرّ والإحسان؛ وفي المواطن الضرورية يكون ذلك واجبًا، أمّا في المواطن غير الضرورية والتي لا تتعلّق بعهدة الإنسان بشخصه، فلها عنوان الاستحباب.

  • فإذن الآية الشريفة تقول:

  • ﴿وَ تَعَاوَنُواْ عَلَى ٱلۡبِرِّ وَٱلتَّقۡوَىٰ وَلَا تَعَاوَنُواْ عَلَى ٱلۡإِثۡمِ وَ ٱلۡعُدۡوَٰنِ وَٱتَّقُواْ ٱللَهَ إِنَّ ٱللَهَ شَدِيدُ ٱلۡعِقَابِ﴾؛٣

  • لا تقولوا: «نحن قمنا بالفعل الفلاني، فلم نذنب؛ نحن أجرّنا سيارتنا لتنقل النّاس إلى مراكز الفحشاء والمنكر، فنحن لسنا ممن يقوم بهذه الأعمال!» إنّها تقول: «لقد أعنت وساعدت، وبالقدر الذي ساعدتَ فيه فأنت شريكٌ في هذا الجرم والجناية!»، فلا تقولوا: «نحن أجرّنا دكاننا للمصرف، أو لمن يحلق اللحى، أو لمن يصنع الصليب ويعلقها في رقاب النّاس، أو لمن يصنع الذهب فيتزين بها الرجال، وفعلنا ليس بحرام!» بل هو حرامٌ من ناحية الإعانة، وإذا قام الإنسان لا قدر الله بمثل هذا الفعل، فقد شارك في مثل ذلك الجرم!

  •  

  • اللَهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحمَّدٍ وآلِ مُحمَّد

    1. . راجع: مستدرك الوسائل، ج ۱۸، ص ٢۱۱ ـ ٢۱٤.
    2. . سورة المائدة (٥)، الآیة ٢.
    3. . سورة المائدة (٥)، الآیة ٢.