4

ستّة أوامر أخلاقيّة في سورة الحجرات (1)

7058
مشاهدة المتن

المؤلّفالعلامة آیة الله السيد محمد الحسين الحسيني الطهراني

القسممحاضرات العلامة الطهراني

المجموعةمباني الأخلاق

التاريخ 1398/09/07


التوضيح

أهم محتويات المحاضرة:
نهيُ القرآن عن السخرية من الآخرين؛
أهمية حفظ احترام المؤمنين؛
نهي القرآن الكريم عن تتبّع العيوب؛
نهي القرآن الكريم عن نبز الآخرين بالألقاب القبيحة.

/٦
بي دي اف بي دي اف الجوال الوورد

ستّة أوامر أخلاقيّة في سورة الحجرات (۱)

1
  •  

  • هو العليم 

  •  

  • ستّة أوامر أخلاقيّة في سورة الحجرات (۱)

  • مباني الأخلاق – المجلس الرابع

  •  

  • محاضرات ألقاها 

  • سماحة العلّامة آية الله الحاجّ السيّد محمّد الحسين الحسينيّ الطهرانيّ

  • قدس الله سره

  •  

  • طهران، مسجد القائم، رمضان المبارك سنة ۱٣٩۸ هجري قمري

ستّة أوامر أخلاقيّة في سورة الحجرات (۱)

2
  •  

  •  

  • أَعُوذُ بِاللـَهِ مِنَ الشَيْطَانِ الرَجِيْم

  • بِسْمِ اللـهِ الرَحْمَنِ الرَحِيْم

  • وصلّى الله على محمّدٍ وآله الطاهرين

  • ولعنةُ الله على أعدائهم أجمعين

  •  

  •  

  • يُبيّن الله في خطابه للمؤمنين في الآيتين ۱۱ و۱٢ من سورة الحجرات (وهي السورة التاسعة والأربعون من سور القرآن) ستّة أمورٍ محرّمةٍ. فيقول في الآية ۱۱:

  • ﴿يٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَا يَسۡخَرۡ قَوۡمٞ مِّن قَوۡمٍ عَسَىٰٓ أَن يَكُونُواْ خَيۡرٗا مِّنۡهُمۡ وَ لَا نِسَآءٞ مِّن نِّسَآءٍ عَسَىٰٓ أَن يَكُنَّ خَيۡرٗا مِّنۡهُنَّ وَ لَا تَلۡمِزُوٓاْ أَنفُسَكُمۡ وَ لَا تَنَابَزُواْ بِٱلۡأَلۡقَٰبِ بِئۡسَ ٱلِٱسۡمُ ٱلۡفُسُوقُ بَعۡدَ ٱلۡإِيمَٰنِ وَ مَن لَّمۡ يَتُبۡ فَأُوْلَـٰٓئِكَ هُمُ ٱلظَّـٰلِمُونَ﴾.

  • نهيُ القرآن عن السخرية من الآخرين

  • أحد الأمور الستة هو «السخرية»

  • يعني: «يا أيّها المؤمنين لا يسخر أيّ قومٍ ولا تسخر أيّ مجموعةٍ مِن رجالكم، مِن الأشخاص الآخرين؛ لأنّه من الممكن أن يكون أولئك الأفراد الذين سخرتم منهم أفضل من الساخرين! كما لا ينبغي للنساء أن يسخرنَ من النساء الأخريات؛ لأنّه قد يكنَّ خيرًا من النساء الساخرات!».

  • إنَّ النهي يدلّ على الحرمة، وللأصوليّين بحثٌ حول أنَّ النهي يدلّ على الحرمة، فكلّما جاء نهيٌ من طرف المولى أو الشارع ولم يكن هناك قرينةٌ على الكراهة، فإنَّ ظاهر الأمر هو أنَّ النهيَ يدلّ على الحُرمة، فلا تسخروا، يعني: السخرية حرامٌ، وإذا سخرَ شخصٌ فيكون قد خالف أمرًا مولويًّا صادرًا عن الله، وهذا الأمر يستوجب العقوبة؛ فإذن أحد المحرّمات الشرعيّة هو «السخرية».

  • فالسخرية تعني: أن يقوم الإنسان بحضور شخصٍ أو في غيبته بفعلٍ ما، أو يقول جملةً تُعجب الآخرين، وفيها دلالةٌ على الإعابة أو التعيير لذلك الشخص والاستنقاص من مقامه ومنزلته؛ من أجل أن يُضحك ويُسرّ بعض الأفراد الحاضرين لديه؛ وهذا يُسمّى: سخرية، ومعنى الاستهزاء يُرادف هذا المعنى أو قريبٌ منه.

  • وبناءً عليه، فإذا سخر إنسانٌ من مؤمنٍ فقد ارتكب فعلًا حرامًا حتّى لو التزم الإنسان [المسخور منه] الصمت أو ضحك على الذي قيل عنه أيضًا؛ لأنَّه من الواضح أنَّ الإنسان الذي يُسخر منه لا يكون راضيًا وإذا صمت فصمته نابعٌ من الحياء والخجل. 

  • قول الإنسان لكلمتين من أجل أن يُضحك شخصًا آخر، يُعد سخريةً، وهذا الفعل حرامٌ؛ ولا فرق في ذلك سواءً أكان رجلًا أم امرأةً؛ لأنَّ هذه السخرية تدلّ على العيب، وربّما كان ذلك الشخص الذي سُخِر منه أفضل من الشخص الساخر!

ستّة أوامر أخلاقيّة في سورة الحجرات (۱)

3
  • أهمية حفظ احترام المؤمنين

  • لدينا رواية في كتاب الخصال للصدوق ـ رضوان الله علیه ـ بسلسلة سندهِ عن الإمام محمّد الباقر عليه السلام، ومن الإمام عن والده إلى أن يصل سندها إلى الإمام أمير المؤمنين عليه السلام، يقول فيها الإمام:

  • «[هناك أربعة أمور ينبغي أن لا تستصغرها، فربّما تحتوي على أربعة أمورٍ!] إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَخْفَى أَرْبَعَةً فِي أَرْبَعَةٍ [لذلك عليك أن لا تستخفّ في الأربعة الثانية؛ إذ قد تكون الأربعة الأولى مخفيّةً فيها]:

  • [الأمر الأوّل]: أَخْفَى رِضَاهُ فِي طَاعَتِهِ، فَلَا تَسْتَصْغِرَنَّ شَيْئاً مِنْ طَاعَتِهِ، فَرُبَّمَا وَافَقَ رِضَاهُ وَأَنْتَ لَا تَعْلَمُ!

  • ففي بعض الأحيان يُخيّل للإنسان أنَّ الطاعات العظيمة والأفعال ذات الحجم الكبير وذات المنظر الكبير تكون ذات قيمةٍ أكبر لدى الله؛ وأنَّ الله لا يعتني بالطاعات الصغيرة أصلًا، وأنّها غير مهمّةٍ. 

  • مثلًا: يرى أنّه إذا لم يُقدّم الإنسان الطعام والماء لذلك الكلب الجائع العطشان، فليس أمرًا مهمًا؛ لأنّه ليس أمرًا كبيرًا؛ أو يرى أن سحق نملةٍ تحت قدم الإنسان، أو إطلاق بوق السيارة بقوّةٍ وإخافة امرأةٍ أو رجلٍ، ليست أمورًا مهمّةً؛ أو يرى أن تحريك التراب في الطريق وإيذاء المارّة بالأتربة والغبار، فذلك ليس بالأمر المهم! وغالبًا ما تكون أفعالنا بهذا النحو، بحيث لا نحسب حسابًا لتلك الأمور؛ ولكن قد يكون رضا الله فيها! وبالتالي لا تستصغر أيّ طاعةٍ؛ فربّما يكون رضا الله مخفيًا في هذه الطاعة التي استصغرتها!

  • [الأمر الثاني:] وَأَخْفَى سَخَطَهُ فِي مَعْصِيَتِهِ، فَلَا تَسْتَصْغِرَنَّ شَيْئاً مِنْ مَعْصِيَتِهِ، فَرُبَّمَا وَافَقَ سَخَطُهُ مَعْصِيَتَهُ، وَأَنْتَ لَا تَعْلَمُ!

  • وهذا الأمر مثل الأمر الأوّل، فالإنسان لا يعتني بالعديد من الأمور، ويرتكبها، ويقول: إنّ هذه المعصية معصيةٌ صغيرةٌ وليست مهمّةً؛ ولكن ربّما يكون غضب الله فيها، وإذا ارتكبها الإنسان فسيقع في غضب الله، لكنّه لا يعلم من أين حلّ به هذا الغضب! وهذا الأمر هو نتيجة عدم الاهتمام بهذه المعصية التي لم يعتني بها الإنسان.

  • [الأمر الثالث:] وَأَخْفَى إِجَابَتَهُ فِي دَعْوَتِهِ، فَلَا تَسْتَصْغِرَن‌ شَيْئاً مِنْ دُعَائِهِ، فَرُبَّمَا وَافَقَ إِجَابَتَهُ [وصادف قوله لعبده :لبيك، في ذلك الدعاء!] وأَنْتَ لَا تَعْلَمُ!

ستّة أوامر أخلاقيّة في سورة الحجرات (۱)

4
  • [الأمر الرابع:] وَأَخْفَى وَلِيَّهُ فِي عِبَادِهِ، فَلَا تَسْتَصْغِرَنَّ عَبْداً مِنْ عَبِيدِ اللَّهِ، فَرُبَّمَا يَكُونُ وَلِيَّهُ وَأَنْتَ لَا تَعْلَمُ.۱ 

  • فلا تستصغرنّ أيَّ مؤمنٍ، سواءً أكان حمالًا أم عاملًا يعمل تحت إمرتك أم سائقًا لك، ولا تستصغرنّه ولا تنظر إلى ظاهره؛ فربّما يكون بينه وبين الله ارتباطًا وحالةً خاصّةً، ويكون من خواصِّ الله، وهو لا يُعرّفك على نفسه، وحينما تستصغره، فلا قدر الله قد يصدر منك تجاهه عباراتٌ مهينة أو تصدر عنك أوامر إليه لا تليق بمقامه، أو عندما تتعامل معه تظهر في نفسك حالةٌ من التكبّر والعجب، وتأمره وتنهاه وهذا هو الاستصغار، وتكون قد قُمتَ باستصغار وليٍ من أولياء الله! 

  • فلا تستصغرنَّ أيّ مؤمنٍ؛ لأنَّ أولياء الله ليس لديهم سمات وعلامات بحيث يتعرّف عليهم الإنسان من خلال تلك العلامات الظاهريّة، وهذا الموضع من المواضع التي أخفى الله فيها ولايته ولم يجعلها ظاهرةً! فإذن جميع المؤمنين محترمين، وعليك أن تحترم الجميع من ناحية إيمانهم وعليك أن تنظر إليهم باحترامٍ؛ فربّما يكون بينهم شخصٌ من أولياء الله، وقد يحصل بسبب التجاسر وعدم الاحترام تجاوزٌ وتعدٍّ على وليّ الله ذلك، وعندما يحصل التجاسر عليه فإنَّ الأمر يكون قد انتهى؛ لأنّ «محلّ الله في قلب الوليّ!».٢

  • ولدينا في الحديث القدسي أنّ الله يقول: «لَا يَسَعُنِي أَرْضِي‌ وَلَا سَمَائِي‌ بَلْ يَسَعُنِي قَلْبُ عَبْدِي الْمُؤْمِنِ بِي‌»،٣ فنفس هذا الفرد الذي قد يكون لباسه ممزّقًا ومُوصّلًا أو مُرقّعًا والذي تكون قُبّعته مُتّسخةً وأمثال ذلك، نفسه هذا الفرد يُمكن أن يكون لديه حالٌ وربطٌ بينه وبين الله؛ وبسبب التجاسر عليه، يكون قد تمّ التجاسر على الله! وهذه الرواية تُؤيّد هذه الآية الشريفة التي ذكرتها لكم، والتي تقول:

  • ﴿يٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَا يَسۡخَرۡ قَوۡمٞ مِّن قَوۡمٍ عَسَىٰٓ أَن يَكُونُواْ خَيۡرٗا مِّنۡهُمۡ وَ لَا نِسَآءٞ مِّن نِّسَآءٍ عَسَىٰٓ أَن يَكُنَّ خَيۡرٗا مِّنۡهُنَّ وَ لَا تَلۡمِزُوٓاْ أَنفُسَكُمۡ﴾.

  • فإذا سخر رجلٌ من آخر واستصغره بالعمل أو بالقول أو بالإشارة أو بالهمز واللمز والنبز وعابه واستصغره بواسطة هذه الأفعال والأقوال، ففِعلُه حرامٌ؛ وربّما يكون ذلك الإنسان في مرتبةٍ أعلى منه! وليس لامرأة الحقّ بالسخرية من امرأةٍ أخرى؛ فربّما تكون تلك المرأة في مرتبةٍ أعلى منها!.

    1. الخصال، ج ۱، ص ٢۰٩.
    2. بحار الأنوار، ج ٥٥، ص ٣٩: «قلبُ المؤمنِ عرشُ الرّحمٰن!»
    3. إحياء علوم الدين، ج ٣، جزء ۸، ص ٢٦؛ عوالي اللآلي، ج ٤، ص ۷.

ستّة أوامر أخلاقيّة في سورة الحجرات (۱)

5
  • نهي القرآن الكريم عن تتبّع العيوب

  • المسألة الثانية: لا تتبّعوا العيوب! «اللمز» معناه: العيب.۱ والأشخاص الذين يُشيرون إلى عيوب الآخرين بالكناية أو بطرْف العين، فيقولون مثلًا: انظر كم كلامه سيّء! أو انظر إلى قامته كم هي قبيحة! أو كم وجهه قبيح! أو ما أسوء أخلاقه! فهذا النوع من التعابير حتّى لو كانت على نحو الكناية والإشارة، فإنّها تُعدّ لمزًا وهي حرام!

  • ﴿وَيۡلٞ لِّكُلِّ هُمَزَةٖ لُّمَزَةٍ﴾؛٢ «الهُمَزة» تُقال لذلك الشخص الذي يُبعّد ويطرد كلّ من يأتي إليه، ويكون لحن كلامه لاذعًا، فلا يتقبّل النّاس، ويضرب على صدورهم ويردهم ويطردهم. 

  • حال البعض هكذا، أي: لديهم حالة الطرد. [والله عزّ وجلّ] يقول في هذه الآية: ﴿ويل لهم﴾؛ و«الوَیْل» هو وادٍ في جهنم٣ مُخصّصٌ للأفراد الذين يَطردُون ولا يستقبِلون.

  • «اللُمَزة» يعني: العائبون،٤ الذين يعيبون من خلال الإشارة بالعين والحاجب وبالإشارة والكناية، حتّى لو لم يُصرّح بالعيب بلسانه، ولكنّه يُشير إلى العيب عبر الإشارة والكناية.

  • يقول عزّ وجلّ في هذه الآية:

  • ﴿وَلَا تَلۡمِزُوٓاْ أَنفُسَكُمۡ﴾؛ يعني: «لا تعيبوا أنفسكم، ولا تذكروا عيوبكم!».

  • وهذا يعني: أن إخوانكم هم أنفسكم؛ فكما أنّكم لا تحبون أن تظهر عيوبكم للآخرين، أو كما أنّكم لا تُفشون عيوبكم بأنفسكم بين النّاس؛ كذلك فإنَّ ذكركم لعيوب الآخرين بمثابة ذكركم لعيوبكم، فإذن لا تذكروا عيوبكم، ولا تذكروا عيوب المؤمنين فإنّ ذلك في حكم ذكر عيوب أنفسكم، ومن هنا فتتبّع العيوب حرامٌ بأيّ شكلٍ كان!

  • نهي القرآن الكريم عن نبز الآخرين بالألقاب القبيحة

  • المسألة الثالثة﴿وَلَا تَنَابَزُواْ بِٱلۡأَلۡقَٰبِ﴾.

  • «النَبز» يعني: إطلاق الألقاب على الآخرين بأسلوب قبيحٍ وشنيعٍ.٥  فيذكر الإنسان أسماء النّاس بنحوٍ يكرهونه، وينحت لهم ألقابًا من عنده، ويذكُرُهم بهذه الألقاب. مثلًا: بعض الأشخاص يجعل لمن هم تحت إمرته ألقابًا يُلّقبهم بها ويناديهم بها؛ في حين أنَّ ذلك الشخص غير راضٍ، فيقولون مثلًا: يا حسن الحافي، أسرع وقم الفعل الفلاني! يا حسين صاحب الرأس الكبير، قم بالفعل الفلاني! يا حسن ذو السنّ المكسور، قم بهذا الفعل! يا حسن صاحب الرأس الكبير، أو الرأس الصغير أو العين الواسعة أو الأنف الأفطس وأمثال هذه الأمور، افعل الأمر الفلاني! جميع هذه العبارات نَبز، وكلّها حرامٌ! 

    1. راجع: المحيط في اللّغة، ج ٩، ص ٦۱.
    2. سورة الهمزة (۱۰٤)، الآية ۱.
    3. جامع الأخبار، الشعیري، ص ۷٣.
    4. راجع: لسان العرب، ج ٥، ص ٤۰٦.
    5. راجع: کتاب العین، ج ٥، ص ۱۷٢؛ ج ۷، ص ٣۷٥.

ستّة أوامر أخلاقيّة في سورة الحجرات (۱)

6
  • فعلى الإنسان أن يتوخّى الدقّة، وإلّا فإنّه سيرى في وقتٍ من الأوقات أنَّه تكرّر منه التنابز بالألقاب عدّة مرّاتٍ من الصبح إلى الغروب، وأساسًا يُخيّل إليه أنَّها أحداثٌ ينبغي أن تكون في كلّ مجلسٍ، وأن يكون صاحب فكاهةٍ ليقال: إنَّه ذو أخلاقٍ حسنةٍ؛ في حين أنّ الأمر ليس على هذا النحو، بل ما حصل من خلال هذا النبز هو أنّه حقّر مؤمنًا وكسر قلبه، وقام بفعلٍ مُحرّمٍ!

  • ﴿وَلَا تَنَابَزُواْ بِٱلۡأَلۡقَٰبِ﴾.«النُبَزَة» معناها: ذلك الشخص الذي يذكر الناس بالألقاب القبيحة؛ وهي على وزن هُمَزة ولُمَزة.

  • ﴿بِئۡسَ ٱلِٱسۡمُ ٱلۡفُسُوقُ بَعۡدَ ٱلۡإِيمَٰنِ﴾؛ يعني: «إذا قمت بهذه الأفعال ( أي: سخرتَ بالآخرين أو أفشيتَ عيوبهم أو لقّبتهم بألقاب قبيحة) فإنَّ هذه الأفعال تكسر إيمانك وتهبط به وتسحقه! وبئسَ العمل أن يقوم الإنسان بفعلٍ يضرّ بإيمانه بسبب هذه الأمور التي تمّ عنونتها في هذه الآية بعنوان الفسق وأفعال السوء، وذلك بعد أن كان مؤمنًا وبعد أن حصل منه الإيمان!».

  • وخاطب الله في هذه الآية هو للمؤمنين: ﴿يٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ﴾؛ فالخطاب ليس خطاباً للكفّار والمشركين والمُرتدّين والأفراد الذين لا دِينَ لهم؛ فهؤلاء إمّا أنّهم لا يقبلون بالله أصلًا وإمّا لا يقبلون بخطاب الله! [بل هذا الخطاب للمؤمنين وليس للكفّار] فيقبح بالمؤمن أن يصدر عنه مثل هذا الفعل بعد أن آمن! وهو قبيح جدًا إلى درجة أنّ الله عزّ وجلّ يقول:

  • ﴿بِئۡسَ ٱلِٱسۡمُ ٱلۡفُسُوقُ بَعۡدَ ٱلۡإِيمَٰنِ﴾؛ «بئس الاسم للمؤمن اسم الفاسق والفاجر! بعد أنّ آمن (بسبب أنّه سخر من شخصٍ، أو لمزه، أو تنابز بالألقاب)».

  • ﴿وَ مَن لَّمۡ يَتُبۡ فَأُوْلَـٰٓئِكَ هُمُ ٱلظَّـٰلِمُونَ﴾؛ يعني: «(لا ينبغي أن تقوموا بهذه الأفعال!) وإذا فعلتموها ولم تتبوا، فاعلموا أنّ الله العليّ الأعلى لا يحب الظالمين وسيبتليهم بالعذاب والعقاب!».

  • هذا ثلاثةٌ أمور، وسأبيّن الثلاثة الأخرى غدًا إن شاء الله.

  •  

  • اللَهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحمَّدٍ وآلِ مُحمَّد