5

ستّة أوامر أخلاقيّة في سورة الحجرات (2)

6952
مشاهدة المتن

المؤلّفالعلامة آیة الله السيد محمد الحسين الحسيني الطهراني

القسممحاضرات العلامة الطهراني

المجموعةمباني الأخلاق

التاريخ 1398/09/14


التوضيح

أهم محتويات المحاضرة:
نهي القرآن الكريم عن سوء الظن بالأخ المؤمن؛
نهي القرآن الكريم عن التجسسّ وتتبع شؤون الآخرين؛
نهي القرآن الكريم عن الغيبة؛
كيفيّة التوبة عن معصية الغيبة.

/٦
بي دي اف بي دي اف الجوال الوورد

ستّة أوامر أخلاقيّة في سورة الحجرات (۲)

1
  •  

  • هو العليم 

  •  

  • ستّة أوامر أخلاقيّة في سورة الحجرات (٢)

  • مباني الأخلاق - المجلّس الخامس

  •  

  • محاضرات ألقاها 

  • سماحة العلّامة آية الله الحاجّ السيّد محمّد الحسين الحسينيّ الطهرانيّ

  • قدس الله سره

  •  

  • طهران، مسجد القائم، رمضان المبارك سنة ۱٣٩۸ هجري قمري

ستّة أوامر أخلاقيّة في سورة الحجرات (۲)

2
  •  

  •  

  • أَعُوذُ بِاللـَهِ مِنَ الشَيْطَانِ الرَجِيْم

  • بِسْمِ اللـهِ الرَحْمَنِ الرَحِيْم

  • وصلّى الله على محمّدٍ وآله الطاهرين

  • ولعنةُ الله على أعدائهم أجمعين

  •  

  •  

  • ﴿يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱجۡتَنِبُواْ كَثِيرٗا مِّنَ ٱلظَّنِّ إِنَّ بَعۡضَ ٱلظَّنِّ إِثۡمٞ وَ لَا تَجَسَّسُواْ وَلَا يَغۡتَب بَّعۡضُكُم بَعۡضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمۡ أَن يَأۡكُلَ لَحۡمَ أَخِيهِ مَيۡتٗا فَكَرِهۡتُمُوهُ وَٱتَّقُواْ ٱللَهَ إِنَّ ٱللَهَ تَوَّابٞ رَّحِيمٞ﴾.۱ 

  • في الآية الماضية التي تحدّثنا عنها بالأمس، ذكر الله عزّ وجلّ فيها ثلاثة أمورٍ محرّمةٍ، وهي عبارة عمّا يلي: ذكر عيوب الآخرين، والتنابز بالألقاب القبيحة، والسخرية؛ وأمّا في هذه الآية وهي الآية الثانية عشر من سورة الحجرات فهناك ثلاثة أمور أخرى محرّمة؛ وخطاب هذه الآية موجّهٌ للمؤمنين أيضًا، قال تعالى:

  • نهي القرآن الكريم عن سوء الظن بالأخ المؤمن

  • ﴿يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱجۡتَنِبُواْ كَثِيرٗا مِّنَ ٱلظَّنِّ إِنَّ بَعۡضَ ٱلظَّنِّ إِثۡمٞ﴾!

  • الأمر الأوّل: إذا ظنّ الإنسان في قلبه ظنّ السوء بأخيه المؤمن، فعليه أوّلًا ـ إذا استطاع ـ أن لا يدع لذلك الظنّ سبيلًا إلى قلبه؛ فإذا رأى منه فعلًا، وكان هذا الفعل ممّا يُحتمل أن يكون فعلًا صحيحًا كما يُحتمل أن يكون فعلًا غير صحيحٍ، فعليه أن يحمل الفعل على الصحّة. 

  • مثلًا: رآه في شهر رمضان يشرب جرعةً من الماء؛ فمن الممكن أن يحمل الإنسان فعله على محمل الصحّة، كأن يكون مريضًا أو أنّه ذو العطاش أو من باب الغفلة أو النسيان، وإذا شرب فرد جرعة من الماء ناسيًا فصومه صحيح ولم يرتكب ذنبًا؛٢ فهذا محملٌ صحيحٌ! أمّا المحمل الفاسد فهو أن يحمل فعل الإنسان على أنّه عصى في شهر رمضان مُتجرّئًا فأفسد صومه؛ والآن من أين للإنسان أن يعلم بأنَّه فعل فعلته عصيانًا؟! فربّما يكون اشتبه أو نسيَ حقيقةً وشرب وهو صائمٌ، ولم يُفسِد هذا الشرب صومه، وبقي صومه صحيحًا؛ فإذن لفعله محملان في متن الواقع، فبأيِّ دليلٍ شرعيٍّ يُمكن للإنسان أن يحمل فعله على المحمل الفاسد؟! 

  • ولو غضضنا النظر عن الحكم الشرعي، ما هو المُجوّز العقلي الذي يُمكن التمسّك به لحمل فعله على المحمل الفاسد؟! ولذا قالوا: «ضَعْ أمرَ أخيك على أحسَنِه»؛٣ لأنَّك إذا بادرت وحملت فعله على محمل السوء فورًا بسبب الفعل القبيح الذي رأيته منه ورتبت أثرًا عليه، فقد يكون واقع الأمر ليس كذلك، وبعد ذلك تريد أن تمنع آثار فعلك السلبية ولكنّك لا تتمكّن؛ لأنّك رأيت منه فعلًا قبيحًا فنشرته وبالتالي لم يعد بإمكانك إيقاف الخبر الذي نشرته وأطلعتَ الآخرين عليه.

    1. سورة الحجرات (٤٩)، الآیة ۱٢.
    2. الكافي، ج ٤، ص ۱۰۱.
    3. نفس المصدر، ج ٢، ص ٣٦٢.

ستّة أوامر أخلاقيّة في سورة الحجرات (۲)

3
  • «سُرعَةُ الاِستِرسالِ لا تُستَقال»۱ يعني: الشخص الذي ينزل من مكانٍ مرتفعٍ إلى الأسفل لا يُمكنه أن يحافظ على نفسه ويوقف استرساله، وسينال منه التسارع ويطرحه أرضًا!

  • بناءً على ذلك، يجب على الإنسان أن لا يتسرّع فيما يراه من أفعال الأخوة المؤمنين فيحمل تلك الأفعال على محمل السوء، بل يجب عليه الصبر والتأنّي والتأمّل، وعليه أن يخلق له محملًا حسنًا فلا يبادر إلى الحكم بالفساد! 

  • جميع ذلك ناشئٌ من سوء الظنّ، وعلى الإنسان بصورةٍ عامّةٍ أن لا يُوجِد ظنّاً سيئًا في قلبه؛ فسوء الظنّ أسوءُ من كلّ الأشياء! لأنّ سوء الظنّ هذا سينال من قلبه بالتدريج، ومعنى الظنّ هو الشكّ، فإذا ظنّ الإنسان ظنّاً سيّئًا، سوف يشتدّ هذا الظنّ في المرّة الثانية، ثمّ سيُصبح أشدّ في المرّة الثالثة، ويستمرّ هكذا إلى أن يصل إلى درجةٍ بحيث لا يستطيع أن يحمل أحدًا على محملٍ حَسَنٍ، وسوف يُصبح كلّ ما يخطر في قلبه من أفكارٍ وخواطر حول الإخوة المؤمنين عبارةً عن أمورٍ سيّئةٍ، وهذا إثمٌ! ولذا، بما أنَّ بعض الظنون إثمٌ، نجد أنّ الله عزّ وجلّ يقول:

  • ﴿ٱجۡتَنِبُواْ كَثِيرٗا مِّنَ ٱلظَّنِّ إِنَّ بَعۡضَ ٱلظَّنِّ إِثۡمٞ﴾!. [فحتّى لا تقعوا في هذا البعض عليكم اجتناب الكثير!].

  • إذن أحد المحرّمات الشرعيّة هو سوء الظنّ، خصوصًا لو رتب الإنسان أثرًا على سوء الظنّ هذا، وأفشى سوء ظنّه ذلك!

  • نهي القرآن الكريم عن التجسسّ وتتبع شؤون الآخرين

  • ﴿وَ لَا تَجَسَّسُواْ﴾؛ عليكم أن لا تتجسّسوا.

  • الأمر الثاني: لا تتبّع أفعال صديقك في عمله وكسبه وحياته وشؤون منزله وتجارته وزراعته ووضعيّة أموره الشخصيّة التي يقوم بها! فهو يقوم ببعض الأعمال في الملأ، أي: على مرأى النّاس وفي الظاهر والجميع يعلم بها؛ ولكن بعض الأعمال تكون خاصّةً به، مثلًا: ماذا يشتري ويجلب إلى بيته؟ وكم عدد أبناءه؟ ولأيّ سبب كان هذا السفر؟ و... .

  • [إنّ البحث عن هذه الأمور] تجسّسٌ على أفعاله الشخصيّة وهو حرامٌ؛ فالجاسوسيّة المحرّمة في الإسلام أيضًا هي مِن مشتقات مادّة هذه الكلمة.

  • ﴿وَ لَا تَجَسَّسُواْ﴾؛ لا فرق في التجسّس بين أن يكون ذلك في الأمر المهمّ وبين أن يكون في الأمر غير المهمّ، ولا فرق سواءً أكان في أمرٍ شخصيٍّ أم في أمرٍ عامٍّ. ومن هنا، فإذا تفحّص الإنسان وتجسّس على شؤون النّاس الخاصّة بهم وكشفها، وقد كانوا أخفوها ولا يريدون لأحدٍ الاطلاع عليها، سواء كان ذلك من أجل أن يطلع هو فقط عليها، أو لينقل الخبر للآخرين، فإنَّ هذا الأمر حرامٌ و[حرمته] من المسلّمات الشرعيّة في الإسلام.٢ 

    1. مصادقة الإخوان، ص ۸٢.
    2. قرب الإسناد، ص ٢٩؛ المحاسن، ج ۱، ص ۱۰٤.

ستّة أوامر أخلاقيّة في سورة الحجرات (۲)

4
  • نهي القرآن الكريم عن الغيبة

  • ﴿وَلَا يَغۡتَب بَّعۡضُكُم بَعۡضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمۡ أَن يَأۡكُلَ لَحۡمَ أَخِيهِ مَيۡتٗا فَكَرِهۡتُمُوهُ﴾.

  • يعني: «لا يغتب بعض الأشخاص منكم البعض الآخر، فهل يُحبُّ أحدكم أن يمضغ لحم أخيه الميّت ويأكله؟! (إنّ الشخص الذي يغتاب أخاه المؤمن، مثله مثل الشخص الذي يمضغ لحم أخيه الميت ودمه ويأكله!)، إنّكم لا ترضون أن تأكلوا لحم أخيكم الميّت، وتكرهون هذا الفعل، فلا تغتابوا أيضًا؛ لأنّ الغيبة بحكم أكل لحم الأخ!».

  • فالأمر الثالث: لا تغتب. والغيبة هي أن يذكر شخصٌ في غيبة الأخ المؤمن جملةً إذا وصلت إلى مسامعه فلن يكون راضيًا حتّى لو كانت تلك الصفة فيه، [وكما ورد في الرواية]:

  • «ذِكرُكَ أخاكَ بِما يَكرَهُه»؛۱ يعني: «أن تذكر أخاك المؤمن خلف ظهره بجملةٍ، بحيث تكون هذه الجملة ممّا يكرهه (حتّى لو كانت هذه الجملة مُتحقّقةً فيه)».

  • مثلًا: أخوك المؤمن ذو قامةٍ طويلةٍ، فتقول في غيبته: إنّه طويلٌ! فتتحدّث عنه بهذه العبارة، وإذا وصلت هذه الجملة إلى مسامعه فستكون ثقيلةً عليه؛ هذه غيبةٌ. أو أن يكون من المدخّنين ويُدخّن السجائر ولا يخفي الأمر أيضًا، ولكنّك تذكر الأمر من باب الإعابة عليه، فتقول: إنّه من المدخنين، وإذا وصل الأمر إلى مسامعه فلن يروق له الأمر؛ فهذه غيبة. أو أنّه ينظر إلى امرأة من غير محارمه، أو أنّه قليلُ البيع. 

  • وخلاصة القول: لو ذكر الإنسان أيّ عيبٍ يتّصف به من ورائه وكان بحيث إذا وصل الأمر إلى مسامعه فسينزعج، فهذه غيبة. وحتّى لو كانت هذه الصفة فيه ولم تكن عيبًا، مثلًا: الطول والقِصر ليسا عيبًا، كبر حجم الرأس، البدانة أو النحافة ليست عيوبًا؛ ولكن إذا ذكر الإنسان هذه الصفات من وراء ظهره بحيث إذا سمع انزعج من ذلك، فهذه غيبةٌ وحرامٌ! ولكن إذا نسب الإنسان إليه ما ليس فيه فهذه تُهمةٌ وبهتان! فإذا كان لا يشرب الخمر، ويقول الإنسان: إنَّ فلان شرب الخمر، فهذا بهتان! فالغيبة هي عبارةٌ عن ذكر صفةٍ (حتّى لو كانت هذه الصفة من صفاته) ولكن لا يذكرها الإنسان في حضوره بل خلف ظهره بحيث أنَّه يتأذّى عند سماع ذلك؛ وعلى الإنسان اجتناب هذا الفعل. 

    1. الأمالي، الطوسي، ص ٥٣۷.

ستّة أوامر أخلاقيّة في سورة الحجرات (۲)

5
  • إنّ أحد المحرّمات الشرعيّة المسلّمة في الإسلام هو الغيبة۱، وهي حرامٌ بأي شكلٍ أو نحو.

  • نعم، هناك استثناءاتٌ في بعض المواطن؛ مثلًا: إذا أراد الإنسان أن يُصلح بين أخوين مؤمنين أو بين زوج وزوجته تخاصما وهذا الإصلاح مترتّبٌ على غيبةٍ، فلا إشكال؛ أو بواسطة الغيبة يُمنع عن المعصية، فلا إشكال في ذلك. وقد ذكر الفقهاء في الكتب الفقهيّة مواطن استثناءات الغيبة بشكلٍ مُفصّلٍ، وخصوصًا علماء علم الأخلاق.٢ 

  • ينقل ملّا محسن الكاشاني في المحجة البيضاء روايةً عن العامّة، نقلًا عن الغزالي، نقلًا عن مسند ابن حنبل بحسب الظاهر، جاء فيها ما يلي:

  • إنّ امرأتين صامتا على عهد رسول الله صلّى الله عليه وآله، فأجهدهما الجوع والعطش من آخر النهار [قريبًا من الغروب] حتّى كادتا أن تتلفا [وتموتا]، فبعثتا إلى رسول الله صلّى الله عليه وآله تستأذناه في الإفطار: [أن يا رسول الله لم يعد لدينا طاقة، فهل تسمح لنا بالإفطار؟ فأجاب: إنّهما ليستا صائمتين وقد أفطرتا!] فأرسل إليهما قدحًا وقال: «قُل لهما: قيئا فيه ما أكلتما»، فقاءت إحداهما نصفه دمًا عبيطًا ولحمًا غريضًا [أي: دمًا جديدًا ولحمًا حديث المضغ]، وقاءت الأخرى مثل ذلك حتّى ملأتاه [من ذلك الدم العبيط واللحم الغريض]، فعجب الناس من ذلك [فإنهنّ لم يأكلنَ شيئًا، وما هو هذا الشيء الموجود في بطنيهما وخرج، بحيث قالتا لم تعد لنا من طاقة ونوشك على الهلاك من فرط الضعف].

  • فقال صلّى الله عليه وآله: «هاتان صامتا عمّا أحلّ الله لهما وأفطرتا على ما حرّم الله عليهما، قعدت إحداهما إلى الأخرى فجعلتا تغتابان الناس [وتعرّضتا إلى أعراض الناس وأحوالهم، وكانتا تعتقدان أنّهما صائمتان] فهذا ما أكلتا من لحومهم [فتلك الغيبة هي بمنزلة هذا الدم واللحم الذين مضغاه من الإخوة المؤمنين فملأ جوفهما الملكوتي!]».٣ 

  • ولدينا روايةٌ أخرى في المحجّة البيضاء عن كتاب الكافي والتهذيب ومن لا يحضره الفقيه وهي مرويّةٌ عن المشايخ الثلاثة، وقد جاء فيها ما يلي:

  • إنّ رسول الله صلّى الله عليه وآله سمع امرأةً [في يومٍ من الأيّام] تسبّ جاريتها [وتُكلّمها بكلامٍ قبيحٍ] وهي صائمة، فدعا بطعامٍ فقال لها: «كلي!» فقالت: [يا رسول الله] إني صائمة! فقال: «[ويحك!] كيف تكونين صائمةً وقد سببتِ جاريتك؟! إنّ الصيامَ ليسَ من الطّعامَ والشّراب».٤ 

    1. نفس المصدر، ص ٥٢٥ ـ ٥٣٩.
    2. راجع: كتاب المكاسب، الشيخ الأنصاري، ج ۱، ص ٣٤٢ ـ ٣٥۸؛ جامع السّعادات، ج ٢، ص ٣٢۰ ـ ٣٢٣؛ معراج السّعادة، ص ٥٦٩ ـ ٥۷۱.
    3. مسند أحمد، ج ٥، ص ٤٣۱؛ إحياء علوم الدّين، ج ۱ ـ الجزء ٣، ص ٤٢٩؛ المحجّة البيضاء، ج ٢، ص ۱٣٢.
    4. الكافي، ج ٤، ص ۸۷؛ تهذيب الأحكام، ج ٤، ص ۱٩٤؛ من لا يحضره الفقيه، ج ٢، ص ۱۰٩؛ المحجّة البيضاء، ج ٢، ص ۱٣۱.

ستّة أوامر أخلاقيّة في سورة الحجرات (۲)

6
  • ﴿وَلَا يَغۡتَب بَّعۡضُكُم بَعۡضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمۡ أَن يَأۡكُلَ لَحۡمَ أَخِيهِ مَيۡتٗا فَكَرِهۡتُمُوهُ﴾.

  • إذن لا تغتب مطلقًا، والغيبة حرامٌ مطلقًا! وعلى الإنسان أن يضبط نفسه جيّدًا كي لا يغتاب؛ وإلّا فلا قدّر الله إذا اغتاب مرّةً.. مرّتين.. أو ثلاث مرّات، فسوف تعتاد النفس، وسوف تتشكّل بُنيته الوجوديّة النفسيّة على هذه الشاكلة بحيث لا يتمكّن بعدها من أن يَلجِم نفسه عن الغيبة.

  • كيفيّة التوبة عن معصية الغيبة

  • ﴿وَٱتَّقُواْ ٱللَهَ إِنَّ ٱللَهَ تَوَّابٞ رَّحِيمٞ﴾؛ «اتقِ الله واعلم أنَّ الله العليّ الأعلى يغفر ذنوب الإنسان إذا تاب وهو الرحيم!!».

  • يعني: لا تذهب إلى ذلك الشخص الذي اغتبته في الماضي وتقول: يا سيّدي لقد اغتبناك، والآن نسألك أن تُحلّلنا! لأنَّ ذِهنه كان صافيًا ولا يعلم أنَّك قد اغتبته، والآن حينما أتيتَ إليه تطلب أن يُحلّلك، أصبح الآن بسبب هذا الطلب منتبهًا إلى أنّكم ذكرتموه بالسوء خلف ظهره وتلوّث ذهنه بذلك. نعم إذا اغتبتَ، وعلم الطرف الآخر بذلك، عند ذلك على الإنسان أن يذهب ويعتذر ويطلب العفو والمغفرة؛ أمّا إذا لم يعرف، فعليه أن يستغفر، فإنّ الله العليّ الأعلى يغفر ذنوب الإنسان.

  • فإذن المحرّمات الثلاثة التي بُيّنت لنا اليوم: الأولى سوءُ الظنّ، والأخرى التجسّس بشكلٍ كلّي وبنحوٍ مُطلقٍ، والثالثة الغِيبَة. وأمّا تلك التي تمّ بيانُها بالأمس: فالأولى السُخرية، والأخرى تتبّع العيوب، والثالثة التنابز بالألقاب. فهذه ستّة أمورٍ محرّمةٍ ذُكرت في هذه السورة، وإن شاء الله تحفظونها في أذهانكم. وسأُذكّركم باسم السورة أيضًا: إنّها السورة التاسعة والأربعون من القرآن المجيد، وهي سورة الحجرات. افتحوا القرآن على هذه الآيات هنا أو في المنزل واقرؤوها واحفظوها واجعلوها نصب أعينكم! واسألوا الله أن يُوفّقكم لكلّ ما هو موجبٌ لرضاه ومحبته، وأن يحمينا جميعًا من هذه الذنوب ومن سائر الذنوب!

  •  

  • اللَهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحمَّدٍ وآلِ مُحمَّد