1

بيان ما حصل بعد ارتحال العلامة الطهراني من أحداث 1

9014
مشاهدة المتن

المؤلّفآية الله السيد محمد محسن الحسيني الطهراني

القسمجبل عامل

المجموعةما بعد العلامة الطهراني

جلسات المجموعة(2 جلسة)

التوضيح

تحدّث آية الله سماحة السيّد محمّد محسن الطهرانيّ (قدّس الله سرّه) في هذه المحاضرة حول ما حصل بعد ارتحال العلّامة الطهرانيّ، مستهلًّا بأنّ الطريق العقلائيّ والشرعيّ الّذي لا يمكن التساهل فيه هو العرفان، فإنّ أعقل الناس لا بدّ أن يكون عارفًا، وأنّ العقل هو الدليل والوسيلة لمعرفة الله تعالى، وأنّ العرفان هو الجمع بين العقل والوحي والشهود والوجدان. ثمّ تكلّم عن أعلميّة وجامعيّة العلّامة الطهرانيّ فقهًا وشرعًا وفلسفةً وحكمةً وعرفانًا، وصرّح بأنّه عارفٌ واصلٌ. ثمّ تحدّث عن ضرورة العمل على طبق اليقين خصوصًا في تقليد الأعلم، حيث يرى أنّ الأعلم هو الأعلم مِن حيث الاجتهاد والاطّلاع على أحوال النفس. وبعدها استنكر ما حصل في نقض هذه المباني بعد ارتحال العلّامة الطهرانيّ (قُدّس سرّه) من قِبل بعض المنتسبين إليه. ووضّح معنى الوليّ الكامل والوصيّ الظاهريّ. وبيّن مفصّلًا غياهب الفتنة الّتي واجهها سماحة المحاضِر بالحكمة والموعظة الحسنة والحجّة البالغة.

/۲۱
بي دي اف بي دي اف الجوال الوورد الصوت

بيان ما حصل بعد ارتحال العلامة الطهراني من أحداث ۱

1
  •  

  • هو العليم

  •  

  • بيان ما حصل بعد ارتحال العلّامة الطهرانيّ مِن أحداث

  • الجلسة الأولي

  •  

  • محاضرة ألقاها

  • آية الله الحاجّ السيّد محمّد محسن الحسينيّ الطهرانيّ

  • قدس الله سره

  •  

  •  

بيان ما حصل بعد ارتحال العلامة الطهراني من أحداث ۱

2
  •  

  •  

  • بسم الله الرحمن الرحيم

  • والصلاة والسلام على سيّدنا ونبيّنا وحبيب قلوبنا وطبيب نفوسنا أبي القاسم محمّد

  • (اللهمّ صلّ على محمّد وآل محمّد)

  • وعلى آله الطيّبين الطاهرين المعصومين

  • واللعنة على أعدائهم أجمعين

  •  

  •  

  • قال الله تعالى إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا۱..

  • [يؤسفني] جدًّا أن أتكلّم بهذه المطالب والمسائل، والأصدقاء والرفقاء لم يسمعوني حتّى الآن – بعد أربع سنوات مِن ارتحال السيّد الوالد – أتكلّم بهذه المسائل، ولكنّ الظروف والقضايا، الّتي حتمًا اطّلع عليها الأصدقاء والرفقاء حول هذه القضايا، أرغمتني لبيان بعض الأمور – لا جميعها – لكم. وسأبيّن لكم طريق السلوك، خصوصًا سلوك السيّد الوالد وأستاذه وأساتذته، كما سمعناها منه وشهدناها واطّلعنا عليها، خلال تجربتنا العلميّة والدينيّة معه طوال أربعين سنة، وكذلك مِن خلال دراستنا لهذه المسائل.

  • العرفان قضيّة حياتيّة وضروريّة لا يمكن التساهل فيه بمكان

  • العرفان قضيّةٌ حياتيّة وضروريّة، لا يمكن أن يُقاس بها شيء. فنحن يمكننا أن نتسامح ونتساهل في بعض المسائل الدنيويّة، ولكن لا يجوز أبدًا التسامح والتساهل في مسائل الآخرة، فالتسامح فيها هو الخسران والتساهل هو الغَبن، يَوْمَ يَجْمَعُكُمْ لِيَوْمِ الْجَمْعِ ذَلِكَ يَوْمُ التَّغَابُنِ٢. بل العرفان هو أهم مسائل الحياة والعيش، لمَن أراد أن يسلك مسلك الكمال، وأراد أن يوصل استعداداته إلى الفعليّة التامّة والكمال التامّ، وهي معرفة الله تعالى. ولهذا لا يمكننا التسامح والتساهل والمجاملة في هذه القضيّة.

  • هذا مِن ناحية، ومِن ناحية أخرى، إنّ أتقن القضايا والمسائل هي الله تعالى والسلوك؛ فهذا أتقن مِن كلّ شيء وأتقن مِن كلّ عِلم وتجربة، لأنّ اللهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ٣. على هذا، فالعرفان والسلوك هي قضايا عمليّة ومنطقيّة وعقلائيّة. وأنا كثيرًا ما قلت: إنّ الإنسان [حتّى لو] لم يكن سالكًا ولا يخوض في مسائل العرفان، إذا أراد أن يعيش في هذا العالَم وفي هذه الدنيا بطريقٍ عقلائيٍّ ومنطقيٍّ، لا بدّ أن يسلك طريق العرفان. يعني أنّ أعقل العقلاء، لا بدّ أن يكون عارفًا، كما صرّح بذلك السيّد الوالد حين قال لوالدتي يومًا، وأنا كنت حاضرًا: إنّ أعقل الناس في العالَم هو السيّد هاشم الحدّاد. فلم يقُل إنّه كان أعرف الناس، ولم يقُل إنّه كان وليًّا وكذا، بل قال إنّه أعقل الناس في الدنيا.

    1. سورة النساء، جزء مِنَ الآية ٥۸.
    2. سورة التغابن، جزء مِنَ الآية ٩.
    3. سورة الحجّ، جزء مِنَ الآية ٦٢؛ وسورة لقمان، جزء مِنَ الآية ٣۰.

بيان ما حصل بعد ارتحال العلامة الطهراني من أحداث ۱

3
  • إنّ العقل هو الدليل والوسيلة إلى هذه الحقيقة، حتّى أنّ الشارع والله تعالى لا يمكنه أن يرفض العقل والمنطق، ويقول للناس: أتركوا عقولكم ولا تعتنوا بها! هذا مستحيل، لأنّ الدليل إلى الأنبياء والأئمّة عليهم السلام هو العقل، فكيف يمكن [والحال هذه] أن يقول الإمام عليه السلام: أترك عقلك ولا تعتني به، وأمثال ذلك؟! 

  • كان السيّد الوالد كثيرًا ما يقول: إنّ العرفان يزيد في عقل الإنسان، والعقل هو القوّة المدبّرة في تشخيص المصالح والمفاسد وتبيين الأمور. ولهذا نحن بحاجة أكيدة، في كلّ مرحلة مِنَ المراحل، إلى استعمال العقل والاستفادة منه. والسالك كلّما ارتفع وصعد وارتقى يزيد في عقله حتّى يكمُل عقله، وبالاصطلاح الفلسفيّ: حتّى يصل إلى العقل التامّ والعقل المنفصل والعقل المدبِّر. وفي الروايات إشارة إلى هذه المسألة: «أوّل ما خلق الله العقل»۱ و «أوّل ما خلق الله نور نبيّك يا جابر»٢ و «أوّل ما خلق الله القلم»٣ و «أوّل ما خلق الله المشيئة»٤ وغيرها. جميعها تشير إلى مسألة واحدة، وهي الحقيقة الواقعيّة والنفس الأمريّة.

  • فلا بدّ للسالك أن يصل إلى هذه الحقيقة، وإذا وصل إليها، لن يخفى عليه شيءٌ، لا في عالَم المادّة ولا في عالَم المجرّدات، بل ستكون جميع أحواله وأفعاله في طريق مستوٍ لا يصدر منه الخطأ. والمقصود مِنَ (الخطأ)، لا هذه الأخطاء العاديّة، فهذه [الأخطاء العاديّة] يمكن أن تصدر مثلًا مِنَ الأولياء بحسب المصالح الظاهريّة، بل المراد مِنَ (الخطأ) هو الخطأ في الطريق والخطأ في النظر والخطأ في الاهتداء والهداية، فهذا أصلًا يستحيل [أن يصدر مِنَ الأولياء ومَن وصل إلى الحقيقة].

  • لهذا، فإنّ أتقن الطُّرق إلى الله تعالى، هو طريق العرفان، وهو طريق السير والسلوك والوصول إلى المراتب الواقعيّة، والعبور مِنَ عالَم المادّة ومِنَ العوالم العلويّة وعوالم الغيب والاطّلاع على عوالم الأسماء والصفات والوصول إلى مرتبة الذات، وهو ما نعبّر عنه بالفناء بالذات. فلهذا، كان العرفان، أي العرفان الواقعيّ والحقيقيّ، هو الّذي يجمع بين الظاهر والباطن، وهو الذي يجمع بين الآداب، الآداب الاجتماعيّة الّتي أمضاها الشارع صلّى الله عليه وآله وسلّم، لأنّ بعض الآداب ليست شرعيّةً، كآداب الجاهليّة الّتي لا بدّ أن يرفضها الإنسان، أمّا الآدب الاجتماعيّة، كاحترام الابن للوالد والوالدة، وصلة الرحم وحسن الخلق وأداء السلام والتكلّم مع الناس بلسان طلق وجذاب، فهذه مِنَ المسائل المنطقيّة والعقلائيّة والعرفيّة، الّتي أمضاها الشارع بأجمعها وأصرّ عليها ووصّى بها النبيّ والأئمّة عليهم السلام والأولياء.

    1. بحار الأنوار، الشيخ المجلسي، ط مؤسسة الوفاء، ج۱، ص٩٦. (م)
    2. بحار الأنوار، الشيخ المجلسي، ط دار إحياء التراث، ج۱٥، ص٢٤، وعن جابر بن عبد الله قال: قلت لرسول الله صلّى الله عليه وآله: أوّل شيء خلق الله تعالى ما هو؟ فقال: نور نبيّك يا جابر، خلقه الله ثمّ خلق منه كلّ خير. (م)
    3. بحار الأنوار، الشيخ المجلسي، ط مؤسسة الوفاء، ج٥٤، ص٣۱٣ و ٣٦٢. (م)
    4. لم نعثر على نصّه، ولكن ورد ما يفيد هذا المعنى؛ في الكافي للشيخ الكلينيّ، ط دار الكتب الإسلامية، ج۱، ص۱۱۰، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: خلق الله المشيئة بنفسها ثمّ خلق الأشياء بالمشيئة. وفي بحار الأنوار للشيخ المجلسي، ط مؤسسة الوفاء، ج٤، ص۱٥۱، قال أبو عبد الله عليه السلام: خلق الله المشيئة قبل الأشياء ثمّ خلق الأشياء بالمشيئة. (م)

بيان ما حصل بعد ارتحال العلامة الطهراني من أحداث ۱

4
  • هناك بعض المسائل العرفانيّة الّتي لا بدّ للإنسان أن يراعيها طبعًا، وسأبحث حولها اليوم وأتكلّم فيها، وسأبيّن الممشى والصراط وكيفيّة سير وسلوك الوالد رضوان الله تعالى عليه وكذلك الأولياء.

  • جامعيّة العلّامة السيّد محمّد حسين الطهرانيّ منقطعة النظير

  • أنا لم أرَ، خلال مطالعاتي ودراساتي في العرفان، شخصًا مثل السيّد الوالد قد جَمع بين الحقيقة والشريعة وبين العقل والفلسفة وبين العرفان؛ إنّ أوّل مَن جمع بين هذه الأمور هو الفيلسوف الكبير صدر المتألّهين الشيرازيّ، الّذي [بنى] دراسته العلميّة ومدرسته الفلسفيّة على الجَمع بين هذه الطرق الثلاث، العقل والوحي والشهود والوجدان، ولكن صدر المتألّهين مع شدّة اهتمامه وحذاقته وخبرته في الفن، إلّا أنّه لم يكن عارفًا، بل كان فيلسوفًا، فجزاه الله عنّا خير الجزاء، وقد سعى مُجِدًّا أشدّ السعي [وبذل] أشدّ الجهد وجَمع بين هذه الأمور.

  • قد بيّنتُ – بحسب الظاهر – في العام الماضي أو قبل سنتين، أنّ الله تعالى بما أنّه قد خلق فينا العقل، فلا بدّ أن نستفيد منه، وقد بيّن لنا الأحكام والطرق بواسطة إرسال الأنبياء وإنزال الكتب، المعبّر عنه بالعقل المنفصل والدليل المنفصل وهو النبيّ، [فلا بدّ مِنَ الاستفادة منهم]، وقد جعل الله تعالى فينا القلب والسرّ [والقدرة على] المشاهدة لنرى هذه الحقائق، فنرى الواقعيّة إمّا بالمنام أو بالمكاشفة أو حتّى بأكثر مِن ذلك، فمراتب السرّ لا ترتبط بالمكاشفة. هذا كلّه عبارة عن مسائل واقعيّة وحقيقيّة. كما أنّ الله تعالى خلقنا مثلًا بهذا المزاج وبهذه الخصوصيّة والكيفيّة، فالإنسان إذا تغذى مثلًا فسيجوع بعد عشر ساعات، فلا بدّ أن يتناول الطعام حينئذٍ، وإذا عطش فلا بدّ أن يرتوي بشرب الماء، وكذلك الحال بالنسبة إلى بعض الصفات والغرائز الموجودة فيه، كالغرائز الجنسيّة وغير ذلك. فقد خلقنا الله تعالى بهذه المثابة، فلا بدّ مِنَ القيام بواجبنا وأداء هذه التكليف والقيام بأمورنا وفق ما أودعه الله تعالى فينا، فلا يمكننا أن نكون مثل بعض النصارى الّذين يقولون ويعتقدون بالرهبانيّة وغير ذلك، لا، فهذا غير ممدوح وهو مذموم في الإسلام، وهو عيب بالنسبة إلى الخِلقة؛ يعني لو لم يُرد الله تعالى منّا الزواج والتناسل والتوالد، فلماذا جعل فينا هذه الغريزة؟! فإن لم ير الله تعالى المصلحة في أن نتّبع المسائل العقلائيّة وفي أن [نُعمل] صفة العقل في أنفسنا، فلماذا خلقنا بهذه المثابة وجعل العقل فينا؟ وكذا الحال بالنسبة إلى الأمور الّتي أودعها الله تعالى فينا. فنحن مركّبين مِن هذه الأشياء الكليّة الّتي جعلها الله تعالى فينا. وهذه المسائل واقعيّة.

بيان ما حصل بعد ارتحال العلامة الطهراني من أحداث ۱

5
  • كذلك هو الحال بالنسبة للعرفان والسير والسلوك، فلا يمكننا أن نرفض الشرع ونقول أنّه خاصّ ببعض الناس وبأفراد معدودين، كما يقول البعض! بل الشرع والشارع والأئمّة عليهم السلام هم الّذين يهدون إلى الطريق ويأخذون بأيدينا، ولا بدّ مِنَ التمسّك بعناياتهم وولايتهم، وبدون الولاية لا يمكن أبدًا المسير، حتّى خطوة واحدة وحتّى بمقدار ذرة واحدة.

  • لا يمكن أن نقول بإهمال العقل وأنّه لا فائدة فيه، [وأنّه ينفع فقط] في الأمور الدنيويّة، ولا ينفع في السير والسلوك [وفيما يتعلّق بـ] الله تعالى! [هذا غير صحيح] لأنّ الله تعالى إذا سلب منّا هذه الصفة اللازمة لحياة الإنسان، يصبح الإنسان مجنونًا، والمجنون لا يفعل شيئًا، وكلّ أفعاله عبارة عن هزل وبطلان ولغو. فعلى هذا، لا يمكننا أبدًا أن نقول إنّ العقل شيءٌ لا بدّ أن نرفضه وأن نضعه تحت أقدامنا! وكذلك الأمر بالنسبة إلى العرفان، وهي مسألة أخرى.

  • السيّد الوالد بطريقته جمع بين هذه المسائل الثلاث؛ يعني أنّه مِن ناحية كان عالِمًا دينيًّا وحاذقًا، وهذا ما أقرّ به زملاؤه، مع أنّهم كانوا مِن مخالفيه، وهذا ليس كلامًا لغويًّا، بل هو كلام واقعيّ وجديّ فهم يقرّون له بذلك، حتّى مخالفيه في العرفان يقرّون بأنّه عالِمٌ واقعًا، وهذا المقام لا يمكن لأحد أن يعترض عليه، لأنّ [جهوده العلميّة والدينيّة] لا يمكن أن تصدر مِن شخص جاهل وغير مطّلع على المسائل العلميّة والدينيّة. حتّى أنّه في الفلسفة كان صاحب مسائل حديثة، يعني أنّه طرح بعض المسائل الجديدة، وكان له نظر ورأي في المسائل الفلسفيّة، كالسيّد الطباطبائي الّذي كان صاحب نظر في بعض المسائل الفلسفيّة. ولهذا، أقرّ جميعُ زملائه بأنّه رجلٌ عالِمٌ، وهذه هي العلّة الوحيدة الّتي منعت الأفراد مِنَ الاعتراض عليه [بالجهل في الأمور العلميّة والدينيّة]، كالشهيد مطهري (رحمة الله عليه)، فقد كان رجلًا عالِمًا لا يمكن لأحدٍ أن يعترض عليه بأنّه جاهلٌ وأنّ المسائل الّتي تُنقل عنه يجب عدم الاعتناء بها لأنّها صادرة مِن شخص عاديّ وجاهل ولا علاقة له بالمسائل العلميّة، لا [لا يمكن الاعتراض عليه بمثل هذا]. [وشأن] السيّد الوالد كان أعلى [منه]، فباعتقادي أنّه كان أعلم فقهاء زمانه، وكان أدقَّ نظرًا في المسائل الفقهيّة، حتّى مِن أساتذته، كما أقرّ بذلك هو في بعض محاضراته – كنتُ قد قلتُ قبل سنتين – أنّه تكلّم مع أستاذه ودعاه للمباحثة في مسألة فقهيّة ليُرى مرتبة ومقدار عِلم كلٍّ [منهما]۱. وهذا ما كنّا نراه منه، يعني أنّه كان واقعًا أعلم بالنسبة لفقهاء زماننا. هذا بالنسبة إلى الفقه. أما بالنسبة إلى الفلسفة والحكمة، فكان أرفع تلامذة السيّد محمّد حسين الطباطبائيّ، ولديه اطّلاع عظيم وضخم في المسائل الفلسفيّة والحِكميّة. هذا مِن ناحية، ومن ناحة أخرى، فهو عارف، وهذه مرتبة أخرى لا تصل أيدينا إليها.

    1. يشير سماحة السيّد إلى القصّة الّتي وقعت بين سماحة العلّامة (قدّس الله سرّه) وأستاذه سماحة السيّد الخوئيّ (رحمة الله تعالى عليه). وتجدون تفصيل هذه القصّة في كتاب (أسرار الملكوت) للمحاضِر، ج۱، ص۷۷، وفي غيرها مِنَ الكتب والمحاضرات. (م)

بيان ما حصل بعد ارتحال العلامة الطهراني من أحداث ۱

6
  • وقد جمع بين هذه المسائل الثلاث، أي بين الفقه والشرع وبين الفلسفة والحكمة [وبين العرفان]، يعني بين العقل والفقه [والعرفان]. ونحن نرى ذلك، فنحن مطّلعين قليلًا على بعض المسائل الفقهيّة، ونعلم بالاختبار مقدار الشخص ومراتبه ومقاماته، وأنا كنتُ اختبره طوال الوقت وأتباحث معه لساعات، فكنتُ أرى [مستوى] اطّلاعه على المسائل العلميّة والمسائل الفقهيّة؛ وهذا ليس بالأمر البسيط الّذي يمكن أن نعبره عنه ونتركه دون أن نتأمّل فيه، فلا بدّ أن نفكر في هذا الأمر واقعًا وبالجدّ؛ فهذا الرجل العارف، قد يكون واقعًا أعلم أهل زمانه بالمسائل الفقهيّة، وهو واقعًا أعلم أهل زمانه، وإذا لم نقل أنّه الأعلم، فهو لا أقلّ في الصفّ الأوّل، بين الخمسة الأُوَل مِنَ علماء المرتبة الأُولى.

  • والجمع بين هذه المسائل [الثلاث] كوّن مِنَ السيّد الوالد شخصًا جديدًا ذا مدرسةٍ عرفانيّة ولا يمكن لأحد الاعتراض عليه، [لذا] كان مخالفوه يسبّونه، نعم! وكانوا يرسلون إليه الرسائل ويسبّونه ويشتمونه، وجميع الرسائل موجودةٌ الآن. هؤلاء الجهّال، مع أنّهم كانوا معمّمين وكان بعضهم مِنَ العلماء، ولكنّ الجهل مراتب.. كان السيّد الوالد لا يجيبهم أبدًا ولا يعتني بهم.

  • ولهذا لا نجد أيَّ خطأ ونقصان في سيرة السيّد الوالد، سواء في الشرع أو في كيفيّة تعامله مع الأفراد، وأنا كنت أتفحّص عنه؛ مثلًا، كان يجلس كثيرًا مع النساء، كُنَّ يحضُرنَ عنده ويجالسهُنَّ، بعضهنّ متزوّج والبعض غير متزوّج، وكنتُ أراه يتكلّم معهنَّ، وجميعهُنَّ يقُلنَ ذلك، وأنا في جميع هذه الأحوال كنتُ أتفحّص في كيفيّة تعامله معهُنّ، فلم أره أبدًا يرفع رأسه عن الأرض وينظر إلى امرأة منهُنّ، كان رأسه دائمًا إلى الأرض، ولهذا كان جميع مَن يحضر مجلسه يعتمد عليه ويثق به. وكانت له مرتبة أخرى أصلًا لا يمكن أن [تبلغها] أفكارنا، ولكنّنا نرى أحواله الظاهريّة، الّتي نعبّر عنها بالمسائل الإثباتيّة، فهي تحكي عن أنّ نفسيّته شيءٌ آخر غير نفسيّة الإنسان العاديّ، وأنّه شخصٌ غير عاديّ. ونحن لم نرَ منه أبدًا ما يخالف الشرع أو يخالف المروءة، فكيف بالعدالة. فهو لم يتّهم أحدًا أبدًا ولم يكذب أبدًا ولم .. بل كان مواظبًا جدًّا على القيام بالأمور الصحيحة، ولم ينسب لأحد شيئًا يوجب انتقاصًا في شأنه وشخصيّته وهكذا.

بيان ما حصل بعد ارتحال العلامة الطهراني من أحداث ۱

7
  • هذا ما كنّا نراه طوال حياتنا مع السيّد الوالد، وهذا ما جعلنا نصمّم على إدامة طريقه والاستمرار عليه. فالأمور الّتي رأيناها مِنَ السيّد الوالد هي العلّة الوحيدة والفريدة لوثوقنا بهذا الطريق، يعني حتّى لو لم نطالع ولم ندرس المسائل العرفانيّة في الكتب وغير ذلك، كانت مشاهدتنا لسير وسلوك السيّد الوالد في هذه الحياة الدنيا تكفينا [للوثوق بهذا الطريق والتمسّك به]. وهذا ما يقرّ به الجميع، فكلّ مَن كان يراود السيّد الوالد كان يقول: نحن نرى فيه شيئًا آخر لا نراه في سائر العلماء، فيه شيء آخر، فيه أمر آخر. هذه هي السيطرة الولائيّة الّتي كانت .. فيجب أن يستفيد جميع الأفراد مِن وجوده وحياته في هذا العالَم، [فقد كان] في هذا المقام.

  • مبانٍ عرفانيّةٍ؛ يجب العمل على طبق اليقين وإن تعذّر فعلى طبق الظنّ المتاخم لليقين

  • إحدى المسائل الّتي كان السيّد الوالد يصرّ عليها جدًّا، وهي إحدى المطالب في مدرسته، أنّه لا بدَّ أن يعمل الإنسان على طبق اليقين. هذا أوّل ما كان يقوله للشخص، فكان يقول لكلّ مَن يحضر عنده: لا بدّ أن تعمل على طبق يقينك، والعمل على طبق اليقين وإن كان خاطئًا أحسن مِنَ العمل بلا يقين وإن كان ثوابًا. هذا منهاجه القويم. فكان أوّل شيء يقوله: لا بدّ مِنَ العمل على طبق اليقين، لا بدّ مِنَ العمل على طبق العِلم، لا بدّ أن تعمل على طبق العقل، لا بدّ أن تعتمد على البتّ والجزم في نفس القضيّة.

  • وقد بنى سائر مطالبه على هذا، يعني أنّ جميع المطالب العرفانيّة في مدرسة السيّد الوالد بُنيت على هذه المسألة، وهي أنّ على الإنسان أن يسير على طريقٍ يقينيٍّ وأن يفكّر بطريقة يقينيّة وأن يعمل ويفعل على طبق اليقين. وإن لم يُحصّل اليقين، فلا بدّ [أن يعتمد] على الظن المتاخم لليقين، يعني على الظن القريب مِنَ اليقين؛ مثلًا، إن كنتم تبحثون عن طبيب أخصائيّ في بلد ما، حسنًا، فقد تحصّلون اليقين بأنّ هذا هو الطبيب ذو الخبرة، وقد لا تحصّلون اليقين في ذلك، ولكن يكون عندكم ظنٌّ قريب بأنّه أفضل مِن [باقي] الأطباء، ولكنّكم غير متيقّنين.

بيان ما حصل بعد ارتحال العلامة الطهراني من أحداث ۱

8
  • هذا هو التكليف، يعني أنّ الله تعالى يؤاخذنا على هذا التكليف، وهو [العمل] إمّا على طبق اليقين أو على شيء قريب مِنَ اليقين بحيث أنّه لا [يُحتمل] غيره. كما يُحكى في مسألة (انسداد باب العلم) في الأصول، الّتي تكلّم عنها الشيخ الأنصاريّ، فالإنسان إذا وصل إلى باب العِلم، فلا بدَّ أن يعمل به، وإذا لم يتمكّن مِنَ الوصول إلى باب العِلم، فلا بدّ أن يعمل بالظن الّذي يَخلُف العِلم في الرتبة، أي ما يكون بمثابة العِلم واليقين. وقد بنى السيّد العلّامة كلَّ المباني العرفانيّة على هذه المسألة، أي على مسألة اليقين.

  • مبانٍ عرفانيّة؛ يجب الفحص وتقليد الأعلم في الأمور الظاهريّة والباطنيّة

  • ومِنَ المسائل [المهمّة في المدرسة العرفانيّة للسيّد العلّامة] هي التقليد، فكان السيّد الوالد يقول أنّه لا بدّ للإنسان أن يقلّد الأعلم، الأعلم في إلى المسائل الفقهيّة والدينيّة. ولم يقل أبدًا طوال حياته أنّه لا بدّ أن تقلّدوني. أنا لم اسمع [منه ذلك]، وأنا أقرّ بصفتي ابنِ السيّد الوالد، أنّه لم قال طوال حياته لأحد: لا بدّ أن تقلّدني. أنا لم اسمع منه ذلك. بل على خلاف ذلك، كان إن جاءه شخصٌ وقال مثلًا: أنا أقلّد السيّد الخمينيّ. فكان يقول له: لا يوجد مشكلة. أو قال مثلًا: أنا أقلّد السيّد السيستانيّ. فكان يقول: لا يوجد إشكال. وإن قال شخص مثلًا: أنا أقلّد السيّد الخوئيّ. فكان يقول له: أنت وشأنك، لا يوجد إشكال. ولكن كان يقول: لا بدّ أن تقلّد الأعلم. وبقي على هذا إلى آخر حياته. إذ لكلّ إنسان ظروفه، فإن قال الشخص مثلًا إنّ السيّد الخوئيّ هو الأعلم، حسنًا، فإنّ الله تعالى سيحاسبه على رأيه هذا وفق تجربته وكيفيّة بحثه وفحصه في المسألة، وكذلك الأمر إن كان رأيه مثلًا أنّ السيّد الخمينيّ أعلم مِنَ السيّد الخوئي، وهكذا. نحن لم نسمع أبدًا، أبدًا لم نسمع مِنَ السيّد الوالد أنّه كان [يدخل في هذا التفصيل أو يفرض على الآخرين تقليده].

  • بل كان نعم، يُبيّن الجانب الفقهيّ [في المسألة] وطريقة التقليد، فيقول إنّ الشخص المشرف على المسائل الباطنيّة أعلم مِنَ الشخص الّذي لا اطّلاع له على القضايا الباطنيّة. [أقول:] هذه مسألة واقعيّة وحقيقيّة وهي هكذا [حقيقةً]، أمّا تقليد الأعلم فهي مسألة أخرى؛ يعني لا بدَّ مِن تفسير الأعلم، فما هي الأعلميّة؟ هل الأعلم هو المطّلع فقط على المسائل الظاهريّة، [كالاطّلاع على] بعض المسائل الأصوليّة والروايات وعلى كيفيّة الجمع بين الروايات المتناقضة وعلى كيفيّة رفع المتناقضات وعلى الجمع والتأليف والتركيب وغير ذلك؟ هل هذا هو الأعلم؟ أم أنّ الأعلم هو المجتهد، ومع ذلك هو مطّلع على المصالح والمفاسد النفس الأمريّة، وعلى المسائل الباطنيّة؟ فمَن هو الأعلم بينهما؟ فلا بدَّ أوّلًا أن نبيّن ونشرح [المراد مِنَ] الأعلم، ثمّ نقول: لا بدّ مِن تقليد الأعلم، فهذه [الأخيرة] مسألة أخرى.

بيان ما حصل بعد ارتحال العلامة الطهراني من أحداث ۱

9
  • والسيّد الوالد إلى آخر حياته لم يقُل: أنا أعلم مِنَ الفقهاء. لم اسمعه [يقول ذلك] أبدًا، والله على ما أقول وكيل، فهو لم يقل لشخص: لا بدّ أن تقلّدني. والله على ما أقول وكيل. ولكن كان يقول إنّ مسألة الأعلم هي غير ما هو مصطلح عليه الآن بين [الفقهاء وفي الكتب الفقهيّة]. نعم، وأنا أعتقد بذلك، يعني أنا اعتقد أن مسألة الفقه ومسألة العِلم هي مسائل أعلى مِن ذلك، أعني أنّها أعلى مِنَ مجرّد دراسة أربع أو خمس سنواتٍ للمسائل الأصوليّة والفقهيّة والرسائل، ليصبح مثلًا مجتهدًا بعد ذلك، لا، فالاجتهاد يحتاج إلى شيء أكثر مِن هذه الدراسات وغير هذه [الدراسات]، فكيف [سيكون الحال حينئذ] بالنسبة إلى الأعلم، فالدراسةُ مسألةٌ والأعلمُ مسألةٌ أخرى.

  • هذا ما شافنا به السيّد الوالد. وهذه المسألة مطابقة للمباني العقلائيّة، فالعقل هكذا يقول؛ يعني لو لم يكن عندنا أدلةٌ في الروايات والسنّة والآيات [في مسألة الأعلميّة، فإنّ العقل يحكم بذلك].

  • كان السيّد الوالد يستدلّ بآية يَا أَبَتِ إِنِّي قَدْ جَاءَنِي مِنَ الْعِلْمِ مَا لَمْ يَأْتِكَ فَاتَّبِعْنِي أَهْدِكَ صِرَاطًا سَوِيًّا۱، على أنّه لا بدّ مِنَ الرجوع إلى الأعلم، فالآية تصرّح بذلك، [وقد بيّن ذلك] ظاهرًا في كتاب «معرفة الإمام»٢ وكتاب «ولاية الفقيه في حكومة الإسلام»٣. فقوله فَاتَّبِعْنِي أَهْدِكَ صِرَاطًا سَوِيًّا، يشير إلى مسألة الأعلم. وكذلك الكثير مِنَ الروايات.

  • ولكن، إذا غضضنا النظر عن هذا، فإنّ هذه المسألة عقلائيّة، يعني أنّ الإنسان العاقل [يحكم بذلك]. كنتُ جالسًا يومًا في الصحن المطهّر للسيّدة المعصومة في قم، فجاءني شخصٌ مزارعٌ غيرُ عالِمٍ، وتباحث معي في مسألة، فبيّنتُ له الأمر، ولكنّه لم يقتنع، وقال: أنا سمعتك، وكلامك صحيح، ولكن لا بدّ أن أتفحّص حتّى أكون على يقين. يعني حتّى يكون على يقين مِن جوابي على ما سأله. فتعجّبتُ كثيرًا منه، إذ كان جاهلًا، فكيف له أن يتفحّص حتىّ يصبح على يقين، مع أنّه سألني وأجبته، وقد [أُعجب بالجواب]؟ هذا يعني أنّ هذا الشخص قد استفاد مِن عقله، فهو لم يكن صاحب معرفة بشيء، ولكنّه استفاد مِن [عقله، يعني أنّ] عقله قال له: لا ترض فقط بكلام هذا الشخص الّذي سألته، بل لا بدّ أن تذهب إلى شخص آخر وأشخاص آخرين [وتسألهم] حتّى تصبح على يقين مِن هذا. فهذه مسألة عقلائيّة. وبالنسبة إلى مسألة التقليد فالأمر كذلك. إنّ مسألة التقليد هي أهمّ المسائل الدينيّة، فكيف يمكن للإنسان، بدون تفحّص وبحث، أن يذهب ويقلّد شخصًا لمجرّد أنّه قيل له أنّه مجتهدٌ أو أنّه أعلم؟!

    1. سورة مريم، الآية ٤٣.
    2. راجع معرفة الإمام للعلّامة السيّد محمّد الحسين الحسينيّ الطهرانيّ، ج٣، ص٥، الدرس الحادي والثلاثون. والمصدر نفسه، ج۱، ص٢۷۰، في الدرس الرابع عشر. (م)
    3. راجع ولاية الفقيه في حكومة الإسلام للعلّامة السيّد محمّد الحسين الحسينيّ الطهرانيّ (قدّس الله سرّه)، ج٢، ص۱٤٤، الدرس العشرون. (م)

بيان ما حصل بعد ارتحال العلامة الطهراني من أحداث ۱

10
  • حسنًا، كان هذا دأب السيّد الوالد بالنسبة إلى مسألة التقليد، وهو دأبنا وديدننا ومرامنا مِن زمن الرسول (صلّى الله عليه وآله وسلّم) إلى هذا الزمان، فهذا دين الشيخ الأنصاريّ وهذا مرام الشيخ الطوسيّ والشيخ المفيد والعلّامة الحليّ، وجميع العلماء يقولون بذلك، وهو أنّه لا بدّ مِن تقليد الأعلم والرجوع إلى مَن هو الأعلم.

  • ملامح الفتن؛ نقض المباني بالوغز عبر مسألة التقليد

  • ولكن بعد وفاة سيّدنا، تبدّل [منهج التعامل مع] هذه المسألة، مع أنّها مسألة ظاهريّة وواقعيّة لا يمكن لأحد الاعتراض عليها والاستشكال فيها. وأنا كنتُ أرى واقعًا أنّه إن لم نتحفّظ ونحافظ على هذه المسألة، فستوجد مشاكل ومصاعب في المستقبل. ولذا مِن بداية الأمر، يعني بعد سبعة أيّام أي أسبوع مِن ارتحال السيّد الوالد، تكلمتُ مع جميع الرفقاء وبيّنتُ لهم مسألة التقليد ومسألة تقليد الأعلم، وقلتُ لهم – مِن حيث إنّنا مطّلعون على ما يمكن أن يقع فيما بعد مِن مشاكل فنحن كنا في الحوزة ومع العلماء ومع هؤلاء الأفراد – وفرضتُ عليهم جميعًا أن لا يعلنوا للآخرين عمَّن يقلّدونه، حتّى أن لا يقول الزوج لزوجته مَن يقلّد، والزوجة لا تقول لزوجها مَن تقلّد، لأنّي كنتُ أرى بعيني – بعيني كنت أرى – أنّه إن لم نراعِ هذه المسألة فسيوجب ذلك مصاعب وفجائع في المستقبل، ولهذا أنا قلتُ [لهم ذلك].

  • وكنتُ أطرح جميع هذه المسائل مع الأخ السيّد محمّد صادق (حفظه الله)، وكان يوافقني على ذلك ويقول لي: تكّلم بهذا مع الرفقاء. ثمّ شيئًا فشيئًا، رأينا أنّ هذه المسألة قد تبدلّت، فصاروا يقولون: لا بدَّ مِن تقليد السيّد محمّد صادق فقط، ويُحرم تقليد غيره، وكلّ مَن كان يقلّد ..

  • حتّى أنّ أخي السيّد أبو الحسن صرّح أنّ، مَن لا يُقلّد السيّد محمّد صادق، لا بدَّ أن يُرفض مِنَ الرفاقة ويُترك بالكليّة، وأن يُقاطع. فقلتُ له: لماذا تقول ذلك، فهذا حرام وبدعة، إذ الشخص قد لا يرى السيّد محمّد صادق مجتهدًا حتّى، فكيف يقلّده؟! هذه بدعة وهذا حرام، أتكون طالبًا دينيًّا وتتكلّم بهذا الكلام؟! قال: نعم، كلّ مَن لا يقلّد السيّد محمّد صادق، لا بدّ أن نتركه ونقاطعه، ونمتنع عن السلام عليه وأن نُخرجه مِنَ الرفقاء. فقلت له: سأسألك سؤالًا. قال: نعم. قلت: هل كان السيّد هاشم الحدّاد مجتهدًا؟ قال: لا. [أقول:] هذا صحيح. فقلتُ له: لو كان أحد الرفقاء يعتقد أنّ السيّد محمّد صادق قد وصل إلى مرتبة السيّد هاشم الحدّاد، فهل يجوز أن يقلّد السيّد هاشم الحدّاد؟ قال: لا، لأنّه لم يكن مجتهدًا. فقلتُ له: لو واقعًا اعتقد شخصٌ، بينه وبين الله، أنّ السيّد محمّد صادق ليس مجتهدًا، ولكنّه بمقام ومرتبة السيّد هاشم الحدّاد، فهل يجوز له أن يقلّد السيّد محمّد صادق؟ فسكت، ولكنّه أدام واستمر على ذاك الطريق.

بيان ما حصل بعد ارتحال العلامة الطهراني من أحداث ۱

11
  • [هذه] مِنَ المسائل المؤسفة، ونحن قد شهدنا بعض المسائل الّتي واقعًا كانت بدعةً، وكنتُ أحارب وأواجه هذه البدع في الدين، فقد كانت بدعةً واقعًا. كانوا دائمًا يقولون ويتكلّمون في السرّ والخلوة وفي غيرها مِنَ الحالات: أنّه لا بدّ مِن تشجيع الرفقاء على تقليد السيّد محمّد صادق، وأنّ كلّ مَن يقلّد السيّد محسن۱ لا بدّ أن نمتنع عن مخاطبته والسلام عليه وغير ذلك. والحال إنّي لم أقل لأحد أبدًا أن يقلّدني إلى الآن، أبدًا. فإن كنتُ مجتهدًا أم لا، فهذا ما أستطيع أن أبصره في نفسي، وكلّ شخص يأتي الآن ويقول مثلًا: أنا أريد أن أقلّدك. سأقول له: هذا شأنك، فلا بدّ أن تجيب عن هذا التقليد يوم القيامة، وأنا لن أجيب عنك، فأنت وشأنك.

  • وقد طرحوا هذه الأمور في مجالسهم، يعني أنّ رئيس الجلسة كان يطرح هذه المسألة. ووقعًا إنّ جميع هذه الأمور لم تكن واقعيّة، أنا أرى أنّهم أرادوا بسبب بعض .. لا أستطيع التعبير عن الأمر .. لماذا [كانوا يطرحون ذلك] مع أنّ المسألة ظاهريّةٌ [لا يمكن الاشتباه فيها]؟! كانوا يخالفوني في هذه المسائل البديهيّة ولا يجيبوني [على أدلّتي واحتجاجاتي]!

  • على كلّ حال، قد استمرّوا على ذلك، وكانوا دائمًا يبحثون، فالزوج مثلًا يبحث عن تقليد زوجته، فإن كانت تقلّد السيّد محسن [فيستنكر عليها قائلًا]: لماذا! بل يجب أن تقلّدي السيّد محمّد صادق. ويبحثون إن كان فلان [يقلّد فلان، فيقولون له]: لا! فأنت في النار، وأنت كذا وكذا، إنّك عاصٍ. وأنا كنتُ أقول: لماذا تحصل هذه الأمور! وكنت دائمًا أجالس السيّد محمّد صادق وأتحدّث معه وأقول: لماذا لا تواجه هذه القضايا؟! فهذه الأمور تحصل أمامك وأنت تراها، فلا تواجهها؟! لماذا؟! واقعًا هذه المسامحة مِن أين أتت؟! لأيّ شيء هذه المسامحة؟! لم يكن هذا دأب السيّد الوالد، لم يكن أبدًا أبدًا، فلماذا يقولون أنّه لا بدّ مِن [كذا]؟! لماذا تحصل هذه الأمور؟! وأنا لم أرى منه شيئًا، يعني [لم أرى منه] شيئًا قاطعًا ومبرمًا!

  • هذه هي الأمور الّتي ابتُلينا بها بعد زمن السيّد الوالد.

    1. المراد به المحاضِر نفسه، وهو السيّد محمّد محسن الطهرانيّ (قدّس الله سرّه). (م)

بيان ما حصل بعد ارتحال العلامة الطهراني من أحداث ۱

12
  • ملامح الفتنة؛ نقض المباني بالخوض في غِمار الولايّة

  • وإحدى الأمور الّتي ابتلينا بها، هي في مسألة لزوم رعاية مرتبة كلّ شخص؛ فإذا أراد الإنسان أن يطيع شخصًا، فلا بدّ أن يعرف [مستوى] معرفته ومرتبته وشأنه. مثلًا، إذا كان الشخص طبيبًا عموميًّا لا أخصائيًّا، فلن تذهبوا إليه في جميع الأحوال، بل تراجعونه في حالات الحمّى ووجع الرأس مثلًا، فيصف لكم دواءً لوجع الرأس مثلًا، ولكن إذا كان قلبكم مريضًا ويحتاج إلى عمليّة جراحيّة فلن تسلّموا له أنفسكم ليفعل كلّ شيء، فكلّ شيء لا بدّ أن يكون بحسبه. أو مثلًا، إذا أراد شخصًا أن يبني بناية مِن أربعين طابقًا، فلن يذهب إلى مَن درس في الجامعة سنةً واحدةً فيطلب منه الخريطة والإشراف على بناء أربعين طابقًا، نعم، إذا أراد أن يبني غرفةً واحدةً [فيمكنه] أن يراجعه ويعمل معه، أمّا [بناء أربعين طابقًا] فيحتاج إلى دراسة ستّ أو خمس سنواتٍ أو أكثر ليصبح مهندسًا فنيًّا يبني البنايات وغير ذلك، فكلُّ إنسان بحسبه.

  • ونحن نقول إنّ الأحكام تابعةٌ للموضوعات، فإذا تغيّر الموضوع تبدّل الحكم. والمسائل الّتي لا بدّ واقعًا مِن رعايتها هي مسألة الولاية، فالولاية ليست مسألةً بسيطة، إنّ الولاية هي الوصول إلى مرتبة الفناء والبقاء بعد الفناء، يعني أنّ مجرّد الفناء لا يكفي، بل لا بدّ مِنَ الفناء بالذاتي والعبور عن مراتب الدنيا والبرزخ والمثال والملكوت واللاهوت والجبروت والوصول إلى مراتب الأسماء الكليّة والفناء الذاتيّ وبعد ذلك البقاء، فيصبح الشخص حينئذٍ غير عاديّ، يعني أنّه يتبدّل بالكليّة، يعني أنّ نفسيّته تتغيّر بالكليّة، هذا مَن نسميه وليًّا، وهذه المرتبة الّتي وصل إليها هي مرتبة الولاية، فمرتبة الولاية هي مرتبة التوحيد الذاتيّ والفناء ... (...)۱

  • إنّ السيّد محمّد حسين [الطهرانيّ] بأمرٍ مِن السيّد محمّد حسين الطباطبائيّ، رجع إلى الشيخ عباس القوجاني، لا بنفسه وشخصه رجع إليه، وقد صرّح قائلًا: أنا بأمر السيّد محمّد حسين الطباطبائيّ رجتُ إلى الشيخ عباس هاتف القوجاني. فلو كان السيّد محمّد حسين [الطباطبائيّ] قد منع مِن ذلك، لذهب [السيّد لوالد إلى العراق] وعاد [منها] دون أن يرجع [إلى الشيخ القوجاني]، مع أنّ الشيخ عباس هاتف هو الوصيّ، ولم يكن السيّد محمّد حسين الطباطبائيّ وصيًّا ولا .. وكانت وصاية [الشيخ القوجاني] وصاية ظاهريّة، فشأنيّة الوصاية الظاهريّة هي بهذا المقدار، بمقدار الاستفادة والاستشارة، هذا هو مقدارها، هذا بالنسبة إلى الوصيّ الظاهريّ.

    1. يوجد انقطاع في التسجيل الصوتيّة. (م)

بيان ما حصل بعد ارتحال العلامة الطهراني من أحداث ۱

13
  • أمّا الانحراف الّذي رأينا وقوعه في هذه المسألة، أنّهم كانوا يقولون: إنّ كلّ مَن يعتقد بولاية السيّد محمّد صادق، سنسلّم عليه ونرتبط به ونوطّد العلاقات بيننا وبينه، أما الشخص الّذي لا يرجع إليه، فسنقطع العلاقة به ونمتنع عن السلام عليه وهكذا. وهذا الأمر أوجب مشاكل بين الأسرة؛ بين الأب والابن، وبين الأمّ وولدها، وبين الزوج والزوجة. عجيبة المشاكل الّتي وقعت [جرّاء ذلك] بعد حياة [السيّد الوالد] [أي] في هذه السنوات الأخيرة، أمّا خصوصًا الآن فقد ارتفعت هذه المشاكل .. عجيب!

  • وأنا كنتُ دائمًا أراجع أخينا السيّد محمّد صادق حفظه الله وأقول له: لماذا تحصل هذه الأمور، لماذا؟ [فقال:] لا، نحن نقول بالمداراة ورعاية الأفراد وغير ذلك. ولكنّنا نرى أنّ المحيطين به وحواريّيه، وخصوصًا أخي الّذي يصغرني مباشرة السيّد أبو الحسن، والسيّد علي، وبعض الأفراد وبعض النساء، كانوا يحرّضون ويشجّعون الأفراد على قطع الرابطة والعلاقة [بمَن لا يتولّى السيّد محمّد صادق]. حتّى أنّ أخينا السيّد أبو الحسن صرّح أنّ موقعهم بالنسبة إلى هؤلاء الأفراد، هو موقع المشركين بالنسبة إلى المسلمين في صدر الإسلام – أنا الآن أصرّح بهذا – وفي صدر الإسلام كان الوالد يحارب ويقاتل الولد!

  • لم نصل – بحمد الله – إلى هذه المرحلة، وإلّا لقاتلونا بالسيوف والسكاكين، فحتّى الآن لم نُبتل بهذا. ما هذا، وكيف ذلك!! هل هؤلاء الأفراد المصرّين على إدامة طريق السيّد الوالد هم كالمشركين؟!

  • إنّ السيّد محمّد صادق كان [يصاحب] أولئك الأفراد، وكان لا يعتني بي، ويتّهمني بأنّي موجب الخلاف بين الأصدقاء والرفقاء، كان يصرّح للجميع أنّ السيّد محسن هو الّذي يسبّب الخلاف ويسبّب هذه الأمور! [أقول:] ما هو شأني [بذلك]، ما هو إثمي وذنبي؟! فهل حرّمتُ شيئًا، وهل حلّلتُ حرامًا؟! فهل قولي بعدم جواز التعبير بالوليّ حرام؟ فأنت تتوافق معي في وجهي، فلماذا لا توافقني مِن ورائي، لماذا؟! أنا قد ابتليتُ بهذه القضيّة، فإنّ هذا كان يصدّق [على قولي] في وجهي ولا يصدّق [عليه عندما أدير ظهري]، فيقول شيئًا مِن ورائي ويقول شيئًا [آخر] وهو أمامي.

  • ملامح الفتنة؛ نقض المباني بالإرعاد والتشنيع والاتّهام بلا بيّنة 

بيان ما حصل بعد ارتحال العلامة الطهراني من أحداث ۱

14
  • وبقي الرفقاء في اضطرابٍ وتشويش، فمِن ناحية لا يرون في مسائلي مخالفة ... ومِن ناحية أخرى يسمعون منه بعض الأمور، كقوله مثلًا: كلُّ مَن لا يتعلّق بي فهو في النار، وأنا أرى السيّد محمّد محسن في النار. كان يقول ذلك، ويقول: أنا أرى في وجهه ظلمة وكدورة. [أقول:] معاذا الله، فأنا لا أريد أن أمضي حياتي في النار وفي الكدورة. لماذا كلّ هذا؟! بيّنوا لي، بيّنوا لي ما هي مخالفتي وفي أيّ شيء انحرفتُ؟! فأنا أريد أن أكون عبًدا لله تعالى، فأنا أرى أنّ ليس في حياتي شيءٌ، ولن يبقى شيء. فهل مجرّد الكلام [يكفي]، كأن يأتي شخص ويقول ويعبُر، هل هذا صحيح واقعًا؟! وكان يقول: قد صار السيّد محسن مثل الزبير بن العوّام في زمن النبيّ، قد سلّ السيّد محسن سيفه على الأولياء. كان يقول هذا! [ويقول] هكذا أمور! وأنا لم أكن أكترث لهذه الأمور الّتي تُنسب إليّ، بل ما كان [يهمّني] هو أنّ هذه الأمور توجب مصائب في المستقبل، لا لي. [أمّا بالنسبة إليّ] فأنا أدرى بنفسي [فإن كنتُ] رجلًا فاسقًا فاجرًا وغير ذلك فأنا أخبر بحالي، فـ الْإِنْسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ ، وَلَوْ أَلْقَى مَعَاذِيرَهُ۱، نعم أنا أرى أنّني لست بوليّ ولا كذا وكذا، بل أنا شخص عاديّ، هذا ما أراه، والناس يعرفون [عنيّ] خلاف [ما تقول].

  • حسنًا، كيف ستواجه هذه الأمور والمفاسد الّتي ستقع في المستقبل، فهي لازم تلك الأفعال، ونحن نرى ذلك؟! والأفراد الّذين كانوا معه، والحمد لله كان إخواني وبعض أخواتي – إذ بعضهنّ كانت تحتاط في هذه القضيّة – يساعدونه، كان جميعهم – الحمد لله – مجتمعين [على ذلك]، الحمد لله، كانوا بصراحة وبشدّة يهجمون على الأفراد الّذين .. يعني أنّه يكفي ذنبًا وإثمًا للشخص أن يُسلّم علَيَّ أمام الناس، وكان هذا يكفي لطرده. [فكانوا يطردون] كلّ مَن يسلّم علَيَّ ويتّصل بي ويُحبّني. وإذا قال شخص: ذهب فلان إلى بيت السيّد محسن. [فيستنكرون ويقولون:] لماذا ولأيّ سبب؟! لماذا ولماذا؟! حتّى أنّه قال: إنّ السيّد محسن إذا تكلّم مع شخص، حتّى النبيّ لا يستطيع أن يردّه!

    1. سورة القيامة، جزء مِن الآية ۱٤، والآية ۱٥.

بيان ما حصل بعد ارتحال العلامة الطهراني من أحداث ۱

15
  • ملامح الفتنة؛ نقض المباني بعدم التزام الحجّة والدليل

  • هذه هي أحوالي! لماذا لا تواجهونني، لماذا لا تقدروني [على مواجهتي]؟! قد تكلّم وتباحث معي السيّد محمّد صادق [حول هذه الأمور] وسكت، وتباحث معي أخونا الآخر وسكت، وكلّ الأفراد الّذين تباحثوا معي سكتوا! حسنًا، فليُجيبوني بالأدلّة الصحيحة والصريحة، فلماذا تفرّون مني، لماذا؟! لماذا تحرّمون على الرفقاء لقائي؟! جميع أقوالي موجودة وأشرطة [التسجيل] بأجمعها موجودة، أجيبوني بالأدلّة.

  • إنّ الله على ما أقول وكيل، فأنا قد قلت للسيّد محمّد صادق، في اليوم الثالث مِن ارتحال السيّد الوالد: هل أنت وصيّ للسيّد محمّد حسين؟ قال: لا. قالها بصراحة. فسألته: هل سمعت أنت مِنَ السيّد الوالد شيئًا؟ قال: أنا لم أسمع أبدًا. إنّ الله على ما أقول وكيل، فقد قال: أنا لم اسمع مِنَ السيّد الوالد هذا [الشيء]. فقلتُ له: هل كتب السيّد الوالد أنّك ..؟ قال: لا. [فقلتُ:] فلماذا [حينئذٍ يُدّعى ذلك]؟! قال: إنّ السيّدة الدكتورة (الطهرانيّ)۱، رأت بالمكاشفة مزار السيّد الوالد، وقال لها: اذهبي إلى السيّد محمّد صادق وألزميه بقبول هذه الأمر. [أقول:] هل هذا هو الأمر، أهذا كافٍ؟! وسأبيّن لكم الآن طريق عمل هذه الدكتورة، حتّى تعرفون موقعها، وتعرفون موقعيّة حواريّي السيّد محمّد صادق وفعالهم. فقلتُ له: هل تصدّق هذه الدكتورة؟ قال: لا. [أقول: إن كان الأمر كذلك] فلا توجد مشكلة. ففي اليوم الثالث، حدّدنا موعدًا، جمعنا فيه جميع الرفقاء – لا أدري إن كان [فلان]٢ موجودًا في هذه الجلسة أم لا – وبيّنت لهم وقلتُ: أيّها الرفقاء، إنّ السيّد الوالد قد ارتحل، رحمه الله، ولكنّ الله لم يرتحل، فإنّ الله موجودٌ، فالله الّذي كان في زمن السيّد الوالد هو الله في زماننا، وطريقة السيّد الوالد موجودةٌ، ونحن نتقبّل السيّد محمّد صادق على أن يكون محورًا ومديرًا لنا، ونحن حوله. وأنا لم أصرّح أبدًا بأنّه وصيٌّ وكذا، أبدًا أبدًا. واللهِ، وأنا الآن أقرّ، أنّهم لو قبلوا مقالتي وأخذوا بطريقي، لَمَا وُجدت أبدًا أيُّ مشكلةٍ ولو بمقدار ذرّة واحدة، أبدًا، والله على ما أقول وكيل.

    1. هذا اسم عائلة الدكتورة المذكورة. (م)
    2. اسم هذه الشخصيّة غير واضح في التسجيل الصوتيّ. (م)

بيان ما حصل بعد ارتحال العلامة الطهراني من أحداث ۱

16
  • هكذا كنّا، فأنا واقعًا قد ساعدتُ السيّد محمّد صادق في جميع الأحوال مع الرفقاء، وثبّتُه وساعدتُه وأيّدتُه؛ فكنت أسافر إلى شيراز، وكنت أسافر .. فكنتُ أمكث في شيراز اثنا وعشرين ساعةً أتكلّم منها ثمانية عشرة ساعة في تأييد السيّد محمّد صادق. فمَن مِنَ الرفقاء فعل ذلك، مَن؟ مَن ذهب إلى طهران وتكلّم في المشاكل الّتي كانت، كان ذلك عجيبٌ، فقد كان بعض الرفقاء مِنَ العلماء، ومع ذلك كان عندهم إشكالات، فمَن رفع هذه الإشكالات، مَن رفعها ووضّح الأمور؟

  • هم يعلمون موقعيّتي في زمن السيّد الوالد وبعده. حسنًا، وهم الآن يعترفون بأنّ الشخص الوحيد الّذي ثبّت وأيّد السيّد محمّد صادق هو [أنا]۱، هم يعترفون بذلك، ولكن أنا لا أسمح لنفسي أن أرى باطلًا وأرى ما يخالف طريق السيّد [الوالد] وأسكت.

  • وقد قلتُ للسيّد محمّد صادق في الليلة الثالثة: سيّد محمّد صادق، أنا أساعدك وأؤيّدك إذا كنتَ على طريق السيّد الوالد، أمّا إذا انحرفت عن السيّد الوالد [سأطالبك]، أنا لا أتسامح أبدًا في هذه القضيّة. وليوفّقني الله تعالى أن أبقى هكذا فيما بعد. فأنا إذا أرى انحرافًا أو باطلًا في الطريق أو في أيّ [شيء]، لا أتسامح أبدًا، بأيّ وجه لا أتسامح. هذا هو دأبي، فإن كان باطلًا فلي طريقي، وهذا ما قلته لجميع الرفقاء، والمسألة لا تتعلّق بشخصي أبدًا. وكثيرًا ما قلتُ للرفقاء: إذا رأيتموني مخالفًا، لا يجوز لكم أن تساعدوني أبدًا، لا يجوز لكم تأييد ذلك. 

  • إذا ذهبتُ مثلًا ومتُّ اليوم، فهل يموت طريقي ومسلكي؟ إنّ الطريق لا يرتبط بالشخص، فالسيّد الوالد ارتحل، وقد ارتحل مَن هو أعلى مِنَ السيّد الوالد، إنّ الأئمّة عليهم السلام أعلى مِنَ السيّد الوالد، وجميعهم ارتحلوا، ولكن طريق الحقّ باقٍ لأنّ الله تعالى باقٍ. ولا بدّ للإنسان مِن طريق، فإذا كان الإنسان متّكِئًا على شخص، وارتحل هذا الشخص، فهل يترك هذا الإنسان كلّ شيء؟ لا، بل لا بدّ مِن طريقِ حقٍّ ومسلكٍ حقٍّ [يتمسّك به ويستمرّ عليه] الإنسان.

  • قال أمير المؤمنين عليه السلام لشخص في حرب الجمل .. كانت حرب الجمل صعبة، ففي أحد الجانبين كانت عائشة زوجة رسول الله ومِنَ الصحابة طلحة والزبير (...)٢ كانت عائشة ترسل الرسائل إلى الأفراد وإلى رؤساء القبائل بهذا العنوان: (مِن عائشة أمّ المؤمنين وزوجة رسول الله...)..

    1. لفظ (أنا) هو ما يرجّحه السياق. (م)
    2. يوجد انقطاع في التسجيل الصوتيّ. (م)

بيان ما حصل بعد ارتحال العلامة الطهراني من أحداث ۱

17
  • نعم، أنا قلتُ للأصدقاء، إذا متُّ الآن، فطريقي لن يموت، بل هو باقٍ، فطريقي طريق العرفاء وطريق مسلك السيّد الوالد.. [أقول:] لا بدّ مِن طاعة الوليّ، وفقط الاستشارة مِنَ الوصيّ الظاهريّ أو مِنَ الوكيل. هكذا هو الأمر، فإذا كان في ذلك مخالفةٌ فقولوا، وأنا حاضر للمناظرة ولغير ذلك، ولكنّهم لم يفعلوا، بل شرعوا بالقطيعة وغير ذلك.

  • ملامح الفتنة؛ نقض المباني بالتقوّل على الأولياء

  • هذه الدكتورة – وما سأقوله الآن هو ليثبته التاريخ وليكون شاهدًا – في الزمن الّذي لم تكن العلاقة قد انقطعت بيننا وبينها، وذلك دقيقًا قبل سنتين ونصف، جاءت إلى بيتنا في مشهد وتكلّمت معي وأنا رددتُ عليها ولم أقبل كلامها، قالت: سيّد محسن، إذا رأيتَ شيئًا صحيحًا، فلماذا لا تنقله على أنّ والدك السيّد هو مَن قاله، مثلًا إذا الإنسان يرى أنّ مسألة ما هي نظر السيّد الوالد، فيجوز له أن ينقله ويقول إنّ السيّد الوالد قال كذا؟ فقلتُ لها: كيف ذلك! هل أنتِ تعتقدين بذلك! هل إذا رأيتِ أنّ رأي الكذائي هو نظر السيّد الوالد تقولين: أنا سمعته بأُذُني منه!! أتعرفين ماذا تقولين!! إنّ هذا يوجب فجيعة عظيمة ومصائب كثيرة، هذا لا [يجوز] أبدًا، لا يستقرّ بهذا حجرٌ على حجر ولا يبني حجر [على حجر]!

  • يعني إذا رأيتم بينكم وبين أنفسكم أنّ النظر الكذائي مطابقٌ لنظر السيّد الوالد، تقولون: أنا سمعته مِنَ السيّد الوالد. وإذا أنتم رأيتم خلاف ذلك، فتقولون أيضًا: أنا سمعت هذا مِنَ السيّد الوالد. هذا ما وجدته مِن هذه المرأة، يعني كانت تنقل عن السيّد الوالد أقوالًا، والحال أنّها آراؤها ونظرها هي. فقلتُ لها: أنا أبدًا لا أسمح لك بهذا الكلام، لا أسمح أبدًا [بذلك]، ولا تتكلّمي ولا تحكي بهذا الكلام أبدًا أبدًا.

  • وذهبتُ إلى السيّد محمّد صادق وقلتُ له: يا سيّد محمّد صادق، أنظر إلى الأحوال، فالأفراد مِن حولك على هذه الحال، ينقلون عن السيّد الوالد ما باعتقادهم أنّه رأيه [والحال أنّه لم يقله]، إنّ هذا يوجب مصائب وانحرافًا عجيبًا، إنّ هذه بدعة، هذا حرام. [نعم] يمكن مثلًا [أن يقول]: هذا اعتقادي وهو مطابق لاعتقاد الشخص الفلاني. فلا إشكال في هذا، سواء كان كاذبًا أو غير كاذب، يعني سواء كان صادقًا أو غير صادق. ولكن الحال هنا أنّه يقول: أنا سمعتُ كذا، وينقل كلامًا [عن السيّد الوالد، والحال أنّه لم يسمعه منه أو لم يقله السيّد الوالد]. فهذه بدعة، وهذا حرام، فماذا تقولون؟!

بيان ما حصل بعد ارتحال العلامة الطهراني من أحداث ۱

18
  • حسنًا، على أيّ حال، لو أنا قبلتُ مثلًا بهذه النظريّة المنحرفة، فإنّ هذه النظريّة ستسمح لي أن أقول: [بناء على هذه النظريّة] فإنّ السيّد محمّد حسين [الطهرانيّ] قال إنّ السيّد محمّد صادق رجل فاسق وفاجر وكذا. فماذا تقول في هذا؟ ها!! فإذا قبلنا بهذه العقيدة الخاطئة، فأستطيع [بناءً عليها] أن أقول: بما أنّني أرى مثلًا أنّ السيّد محمّد [صادق] ليس بوليّ ولا وصيّ ولا كذا ولا كذا، فأستطيع حينئذ أن أنسب ذلك [إلى السيّد الوالد] وأقول: أنا سمعت، في اليوم كذا والشهر كذا والسنة كذا، السيّد الوالد يقول إنّ السيّد محمّد صادق ليس بوليّ ولا وصيّ بل هو شخص عاديّ ولا يجوز طاعته أبدًا وبالمرّة. فهل هذا صحيح؟! بناء على هذا الاعتقاد [ينبغي] يكون هذا صحيحًا، فماذا تقولون؟! إذا كان هذا الاعتقاد [صحيحًا]، فأنا أستطيع أن أتكلّم [بما يحلو لي]!

  • لاحظوا! هذه هي الانحرافات الّتي وقعت بعد السيّد الوالد، وهؤلاء هم الأفراد الّذين يؤيّدون السيّد محمّد صادق، فهم أشخاص لا يفهمون شيئًا أبدًا أبدًا، [لا يفهمون] أيّ شيء.

  • ملامح الفتنة؛ العودة إلى نقض المباني بالخوض في غِمار الولاية

  • أنا تكلمتُ يوم ميلاد إمام الزمان عليه السلام في مشهد، وقلتُ للرفقاء: أيّها الرفقاء، صدّقوني، فأنا أتكلّم بواقعيّة وصراحة، وأنا أتيت بصدق نيّة، فلا تتكلّموا بهذه المسائل العويصة، فإنّ مسألة الولاية مسألةٌ عويصة لا تصل أيدينا إليها، فلا تتكلّموا بها أبدًا. أنا أطلب منكم [وأرجوكم] وأتمنّى منكم [ذلك]، واللهِ، إنّ هذه المسألة صعبةٌ. قال الإمام الرضا عليه السلام في حديث معروف ومشهور: إنّ عقولكم لا تصل إلى هذه القضايا والمسائل۱. فلماذا تتكلّمون بها؟!

  • كان السيّد الوالد تلميذًا للسيّد محمّد حسين الطباطبائيّ – أنا قد سمعتُ هذه المسألة [مِنَ السيّد الوالد] – لِست سنوات، وبعدها صار تلميذًا للشيخ عباس القوجاني لثلاث سنوات، ثمّ أصبح تلميذًا للشيخ محمّد جواد الأنصاريّ في النجف لأربع سنوات، فمجموع الستّ والسبع يصبح ثلاثة عشرة سنة، ومِن بعدها كان تلميذًا للسيّد هاشم الحدّاد مدّة اثني عشرة سنة، فيصبح [مجموع الكلّ] خمسًا وعشرين سنة. وفي إحدى المرّات الّتي رجع فيها [السيّد الوالد] مِنَ العراق، تكلّم مع بعض الأصدقاء [مِن] تلامذة الشيخ محمّد جواد الأنصاريّ، وأنا كنت حينها [صبيًّا] وحاضرًا في المجلس، قال: يا فلان، أنا رأيت في هذه الرحلة مِنَ السيّد هاشم الحدّاد ما لم أتصوّره ولم أتوقّعه. يعني أنّه بعد خمسة وعشرين سنة، لم يعرف حقيقة الولاية الّتي كانت في السيّد هاشم الحدّاد، هذا السيّد الوالد الّذي هو أعلم العلماء وأفقه الفقهاء .. هكذا هي مسألة الولاية، فبعد خمسة وعشرين سنة في السير والعرفان، لم يعرف حقيقة العرفان الّذي كان في السيّد هاشم الحدّاد، قال: أنا في هذه الرحلة شهدتُ مِنَ السيّد هاشم الحدّاد ما لم أتوقّعه أصلًا. يعني ما لم يخطر بباله وفكره.

    1. لعلّه إشارة إلى قول الإمام الرضا عليه السلام، في حديث طويل له: إنّ الإمامة أجلّ قدرًا وأعظم شأنًا وأعلا مكانًا وأمنع جانبا وأبعد غورًا مِن أن يبلغها الناس بعقولهم، أو ينالوها بآرائهم. راجع ذلك الكافي للشيخ الكليني، ج۱، ص۱٩٩. (م)

بيان ما حصل بعد ارتحال العلامة الطهراني من أحداث ۱

19
  • حسنًا، [هذا واقع مسألة الولاية، والحال] أنّكم تتفكّرون الآن في هذه المسألة كالماء وبهذه البساطة، وتقولون: هذا وليّ وهذا وصيّ وهذا محامي وهذا ..!! يعني تتكلّمون بهذه المسائل بهذه البساطة [كشرب] الماء [وأكل] الخبز!!

  • فطلبتُ مِنَ الرفقاء [أن] لا [يتكلّموا بهذه الأمور]، وبيَّتُ لكم هذه القصّة، وهي أنّ السيّد الوالد بهذا العِلم وبهذه الفقاهة و.. وبعد خمس وعشرين سنة لم يصل إلى هذه المسألة، ثمّ تتكلّمون أنتم بهذه المسألة ببساطة!! ولكن لم يقبلوا منّي ذلك، ثمّ ماذا قالوا، قالوا: ليس أيّ شخص يقدر أن يقف أمام أمير المؤمنين علِيّ بن أبي طالب، بل لا بدّ أن يكون شخصًا كعمر بن الخطّاب، فمِثله مَن يقف أمام أمير المؤمنين علِيّ بن أبي طالب. هذا كان جواب سؤالي! ...

  • ملامح الفتنة؛ نقض المباني بمروحةِ مكاشفاتٍ كاذبة

  • أخذت الدكتورة (الطهرانيّ) منّي موعدًا لليوم التالي، فقلتُ: لا يوجد مشكلة، ولكن لمدّة نصف ساعة فقط لا أزيد. فجاءت وتكلّمت معي، وأنا ألزمتها بأربع أدلّة على أنّ السيّد محمّد صادق ليس بوليّ ولا وصيّ، أنا ألزمتها [بذلك] وقلتُ لها .. ذلك بعد ما وقع بيني وبينها، في موضوع المكاشفات الّتي [ادّعتها]، ثمّ كذّبتها وقالت: أنا لم أرى هذه [المكاشفات]. هذا كذب على كلّ حال.

  • توجد قضيّة وقعت تتعلّق ببعض أصدقائنا وهو الشيخ سالم، كان صديقنا وتلميذًا للسيّد الوالد، وقد ابتلي بسرطان المعدة وجهاز الـ .. وأنا رأيتُ أنّه سيرتحل بعد أربعة أو خمسة أشهر، كنتُ متأكّدًا مِن ذلك. ذهبت هذه الدكتورة إلى مشهد وكانت تداويه، ودائمًا كانت تقول: أنا رأيتُ السيّد العلّامة في الرؤيا وقال: قولي للسيّد محسن والسيّد محمّد صادق، أن يذهبا إلى مشهد إلى قبّة الإمام الرضا عليه السلام، ويسألوا الله [أن يشفيه] فإنّ الله تعالى سيشفيه.

  • وكانت دائمًا تقول ذلك؛ فمرّة تتّصل بالهاتف وتقول: أنا رأيت والدك بالرؤية والمكاشفة و[كذا وكذا]. وأنا لم أكن التفت إلى ذلك [ولكن أقول:] إن شاء الله يشفيه. ثمّ تتّصل ثانية وتقول: رأيتُ بالأمس السيّد الوالد وقال: قولي للسيّد محسن أن يتّصل بالسيّد محمّد صادق ويقول له أن يذهب إلى الإمام الرضا عليه السلام ويدعو الله تعالى [لشفائه]، والله سيشفيه. (...)۱. ثمّ اتّصل السيّد محمّد صادق بي بعد أسبوع، وعندما ذهبتُ إلى مشهد قلتُ له: لماذا دائمًا تتّصل بي هذه الدكتورة وتقول اذهبوا إلى الإمام الرضا الآن وادعوا الله تعالى أن يشفيه. فقال لي: هكذا تصرّ علَيَّ، دائمًا تأتين إلى بابنا صباحًا وتصرُّ علَيَّ بذلك، وأنا الآن في حرجٍ مِن هذه المرأة. فقلتُ للسيّد محمّد صادق: لا تعتني بها، لا تعتني بها ...

    1. الصوت غير واضح. (م)

بيان ما حصل بعد ارتحال العلامة الطهراني من أحداث ۱

20
  • ثمّ عندما كنتُ في أحد مستشفيات طهران، لإجراء عمليّة استئصال اللوزة لولدنا السيّد مرتضى، كنتُ أنا في الطابق الأوّل، وكان هو في الطابق الّذي أجرى فيه الدكتور العمليّة له، وكان ذلك قبل أسبوع مِن ذهابي أنا وزوجتي إلى الحجّ – وبعد الحجّ رجعنا إلى لبنان عبر الخطّ العسكريّ لليلتين وذلك قبل سفري هذا – فقالت الدكتورة لي: رأيتُ في الأمس والدك السيّد محمّد حسين وقال: إنّ السيّد محمّد صادق الآن في سفر، فإذا رجع قولي للسيّد محسن أن يذهب إليه ويتمنّى منه أن يذهب إلى الإمام الرضا عليه السلام ويدعو الله تعالى [لشفاء ذاك المريض بالسرطان]. أنا كنت متعبًا وانزعجتُ، فقلتُ لها: يا دكتورة، إذا هذه المرّة رأيتِ السيّد محمّد حسين، قولي له أن لا يُرسل إليَّ السلام ولا يرسل إليَّ هذه الرسائل، فليأتي هو إليّ إمّا بالمباشرة أو بالمنام أو بالمكاشفة، ويقول لي ذلك مباشرة، فلماذا يرسل لي الرسائل ويُعذّب [الآخرين]. ففهمتْ، فهمتْ أنّني قرأتُها وقرأتُ الأمر، فذهبت كليًّا، وبدأت بمقابلة ذلك بالـ .. ووقعت أمورٌ ... وبعد شهر أو شهرين، مات ذاك الشخص، أعني الشيخ سالم وارتحل رحمه الله.

  • أنا بصدد أن أقول هنا، أنظروا إلى كيفيّة هذه الأحداث .. ثمّ بعد أن مضتْ وذهبت – كانت هذه القصّة والأمور الّتي طرحتها عليكم [قد وقعت] قبل ميلاد إمام الزمان عليه السلام – ففي اليوم التالي قلتُ لها: هل تذكرين عندما قلتُ لكِ في المستشفى كذا وكذا، حسنًا فهل كنتُ أنا الصادق فيما رأيته، أم كنت أنتِ الصادقة؟! فقد رأيتِ أنّه لا بدَّ مِنَ المسير [إلى الإمام الرضا] والدعاء [حتّى يتحقّق الشفاء]، وأنا رأيتُ أنّه سيرتحل، فهل أنا الصادق أم أنت الصادقة في المنامات والمكاشفات؟!

  • ملامح الفتنة؛ نقض المباني بالجمع بين المتناقضات عند العجز

  • هذا مِن ناحية، ومِن ناحية أخرى، أنا أقول لكِ: إن كنتِ تقولين أنّ السيّد محمّد صادق وليٌّ، ومع أنّ السيّد محمّد صادق ينفي ذلك، فإمّا أن تكوني أنتِ الكاذبة أو السيّد محمّد صادق! فكيف يكون وليًّا ولا يعلم بذلك؟! فإمّا أنّ السيّد والدنا يكذب عليكِ في المكاشفة، وإمّا أنّ السيّد محمّد صادق ليس بوليّ! فالمسألة لا تخلو مِن هذين الاحتمالين، لأنّه يستحيل أن يكون الشخص وليًّا دون أن يكون مرتبطًا بالمسائل الأخروية ومسائل الغيب، هذا مستحيل. [وعليه] فإمّا أن تكوني كاذبة أو أنّ السيّد محمّد صادق ليس بوليٍّ! [وعليه] فلماذا تقولين أنّ هذا وليٌّ؟! فسكتتْ، سكتتْ ولم تقُل شيئًا.

بيان ما حصل بعد ارتحال العلامة الطهراني من أحداث ۱

21
  • ثمّ ماذا فعلَتْ، ذهبتْ إلى السيّد محمّد صادق وقالت: سيّد محمّد صادق، نحن لا نستطيع أن نقابل السيّد محمّد محسن في المسائل العلميّة. أقول: إن كنتم لا تستطيعون فلا تتكلّموا، [فمَن] لا يستطع لا يتكلّم. وهم، مع أنّهم لا يستطيعون ولكنّهم يصرّون على ما [يقولون]!! فهل هذا طريق العرفان وطريق العِلم؟! لا. ثمّ يقولون: هذه طريقتنا، نحن وإن كنّا لا نستطيع أن نقابل السيّد محمّد محسن بالمسائل العلميّة، إلّا أنّنا مصرّون [على ما نقول]. [أقول:] كيف يمكننا الجمع بين هذا الطريق وهذا الطريق؟!

  • حسنًا، بقيت مسائل يمكننا متابعة الكلام فيها إن شاء الله عصرًا، [وهي حول] نفس هذه المطالب، ولا بدّ أن أتكلّم فيها ...۱

  • [ثمّ يقيم سماحة السيّد صلاة الجماعة لفريضتين هما – بحسب الظاهر – الظهر والعصر، وذلك مِنَ الدقيقة ۱:۱۱:٢۰ تقريبًا إلى نهاية الصوتيّة].٢

    1. تجدر الإشارة إلى أنّ سماحة المحاضِر درس وبوّب الكثير مِن هذه الأحداث وغيرها في مباحث موضوعيّة وعلميّة وتوجيهيّة وسلوكيّة وعرفانيّة، وذلك في كتاب (أسرار الملكوت) سيّما الجزء الثاني منه. (م)
    2. تنويه: نلفت عناية القارئ الكريم أنّ هذه المحاضرات أُلقيت بشكل شفاهيّ وباللغة العربيّة، واقتصرت على تفهيم المستمع بأبسط الكلام، فلم يُلتفت كثيرًا إلى ضوابط اللغة، كما اشتملت على كلام عاميّ. ولذا عمدت اللجنة العلميّة بأمر مِن سماحة السيّد (قدّس الله سرّه) إلى إعادة تقويم الكلام وضبطه مِنَ الناحية اللغويّة، ومع ذلك آثرنا المحافظة على عبارة المحاضِر وترتيبها وبساطتها قدر الإمكان. كما تجدر الإشارة إلى أنّ العناوين الواردة هي مِنَ اللجنة.
      أمّا الرموز المستخدمة في المحاضرة فهي كالتالي: رمز الثلاث نقاط للكلام المحذوف، والرمز (...) للكلام غير الواضح وعند انقطاع الصوت، والرمز (م) لكلام المحقّق، والكلام المدرج في هذا [] فهو مِن وضع اللجنة لإتمام الجملة الناقصة بحسب ما يقتضيه السياق.
      ختامًا نلفت النظر إلى أنّ التسجيل الصوتيّ للمحاضرة متوفّر في الموقع لمَن يرغب الاستماع والمراجعة.
      (اللجنة العلميّة)