5

أثر الموسيقى على النفس، كربلاء مثالٌ للتوحيد الأفعاليّ و...

محاضرات جبل عامل - أسئلة وأجوبة الأخوات - ج 5

9094
مشاهدة المتن

المؤلّفآية الله السيد محمد محسن الحسيني الطهراني

القسمجبل عامل

المجموعةأسئلة و أجوبة - نساء

جلسات المجموعة(5 جلسة)
/۲۱
بي دي اف بي دي اف الجوال الوورد الصوت

أثر الموسيقى على النفس، كربلاء مثالٌ للتوحيد الأفعاليّ و... - محاضرات جبل عامل - أسئلة وأجوبة الأخوات - ج ۵

1
  •  

  • هو العليم

  •  

  • أثر الموسيقى على النفس، كربلاء مثالٌ للتوحيد الأفعاليّ و...

  • محاضرات جبل عامل - أسئلة وأجوبة الأخوات - ج ٥

  •  

  • محاضرة ألقاها

  • آية الله الحاجّ السيّد محمّد محسن الحسينيّ الطهرانيّ

  • قدس الله سره

  •  

  •  

أثر الموسيقى على النفس، كربلاء مثالٌ للتوحيد الأفعاليّ و... - محاضرات جبل عامل - أسئلة وأجوبة الأخوات - ج ۵

2
  •  

  •  

  • أعوذ بالله مِنَ الشيطان الرجيم

  • بسم الله الرحمن الرحيم

  • الحمد لله ربِّ العالمين

  • والصلاة والسلام على سيّدنا أبي القاسم محمّد

  • (اللهمّ صلّ على محمّدٍ وآلِ محمّد)

  • وعلى آله الطيّبين الطاهرين واللعنة على أعدائهم أجمعين

  •  

  •  

  • تربية الأولاد هي هدايتهم إلى طريق الرشاد

  • [السؤال: كيف نجنّب أولادنا مفاسد التلفاز وبعض الألعاب وأصدقاء السوء؟]

  • جواب سماحة السيّد: على الإنسان أن [لا] يترك أطفاله في المنزل ينشغلون بهذه المسائل، دون أن نمنعهم ونردّهم. نحن فعلنا ذلك أيضًا في إيران، لأنّ كلّ الأفراد في (المجتمع) لديهم جهاز تلفزيون، وعندما يذهب الأبناء إلى المدارس يتكلّمون مع [زملائهم] حول الفيلم الكذائي والكذائي الّذي شاهدوه في الليلة الماضية، والطفل يحبّ التلفزيون طبعًا.. مع أنّ التلفزيون في الجمهوريّة الإسلاميّة [في إيران] بالنسبة إلى لبنان [يمثّل] خمسة بالمئة بلحاظ المسائل الفاسدة والمُفسدة، فكيف بهذا الجهاز في [لبنان]!! الحكومة في لبنان ليست مسلمة، فهي – واقعًا – حكومة النصارى وحكومة الغرب، وهي استعمار وتسلّط غربيّ على المسلمين، فهل هذا التلفزيون – واقعًا – هو تلفزيون الإسلام!! فإنّا نرى في هذا التلفزيون كلّ ما نراه في الغرب وأمريكا، فلا نشعر بالفرق أبدًا بين هذا التلفاز [وذاك]. [وعليه] ماذا سيفعل أطفالنا وبناتنا وأولادنا مع كلّ هذه الصور القبيحة والمستهجنة!! فالواجب – واقعًا – هو أن يقوم الوالدان بتهيئة الألعاب والأمور الّتي لا بدّ للطفل أن ينشغل بها؛ ونحن هيَّأنا لأطفالنا في المنزل، وسائل اللعب والأمور الّتي يمكنهم أن يُشغلوا أوقاتهم بها في البيت. ومع هذا، نتكلّم معهم حول مفاسد الأمور الموجودة في التلفزيون، وكانوا يتقبّلون ذلك، والطفل شيئًا فشيئًا يتعرّف على واقعيّة الأمور وأهميّة المسألة. فما علينا أن نقوم به هو هذا الواجب، ولكن المسألة ليست بأيدينا، فالمسألة [راجعة إلى] تقدير الله تعالى وتوفيقه؛ فمع هذه القضايا، يمكن أن يهتدي هذا الطفل إلى سبيل الرشاد، ويمكن أن يضلّ ويعاشر أصدقاء ورفقاء [السوء]. ولكنّ الواجب هو أن يقوم الوالدان بهذا الأمر، وهو أن [يُربّوا] أولادهم تربيّة إسلاميّة، والمهمّ أن يهيّؤوا لأطفالهم تلك الأمور غير المحرّمة، لينشغلوا بها في المنزل، ويمنعوهم مِن مشاهدة الصور القبيحة والمستهجنة واللعب بالأمور المحرّمة، وذلك بلسانٍ بيِّنٍ وليِّنٍ، {وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ}۱. وأن يُبيّنوا لهم حقيقة الأمور، ويُشجّعوهم على عدم اللعب بتلك الأمور [المضلّة]، [وذلك] بتشويقهم بالأمور الماليّة وبسائر الأمور الّتي يحبّونها. هذه بعض الطرق المختلفة للتشويق، ولا بدّ أن يراعي الوالدان هاتين الجنبتين: الجنبة الأوّلى هي الإعداد، لصرف أوقات الأطفال في المسائل الّتي يحبّونها، بحيث لا تكونون [معها] قلقين بشأنهم. والجنبة الثانية هي إخراج تلك الوسائل مِنَ المنزل، والتصرّف بها بحيث يعجزون عن الاستفادة منها.

    1. سورة النحل (۱٦)، جزء مِنَ الآية ۱٢٥.

أثر الموسيقى على النفس، كربلاء مثالٌ للتوحيد الأفعاليّ و... - محاضرات جبل عامل - أسئلة وأجوبة الأخوات - ج ۵

3
  • السؤال: هل يجوز ضرب الطفل؟ وما هو حدّ الضرب؟ وعلى أيّ الأمور يُضرب وفي أيّها [يُتجاوز عنه]؟

  • جواب سماحة السيّد: لا بدّ أن يربّي الوالدان أطفالهما، والتربية ليست بالحِدّة والضرب! إنّما التربية هداية إلى طريق الرشاد والمسائل الإسلامية. ولا بدّ أن يتقبّل الطفل قول الوالدين، وخصوصًا الوالد. وعلى هذا، لا بدّ أن يراعي الإنسان نفسيّة الطفل بحسب المرحلة [العمريّة] الّتي هو فيها، [فينظر في أي مرحلة هو؛] في الثالثة مِن عمره أو الخامسة أو السادسة أو العاشرة. ولا بدّ مِنَ الالتفات إلى [خصائص] هذا الطفل، فهل هو مِمّن يقبل القول بسرعة أو أنّه يتسامح ويتساهل. والأساس [في المقام] هو كيفيّة الأخذ [بيده]، وكيفيّة تربيته، بحيث يتقبّل منّا ويأخذ بأقوالنا ويعمل طبق أقوالنا وأوامرنا ونواهينا.

  • وأنا أرى أنّه لا يجوز ضرب الطفل في عمر الثالثة أو الرابعة أو الخامسة، إلّا إذا كان ذلك بشكلٍ هادئ مثلًا. ولكن يُستحسن معه الحزم، وأن يُواجَه بوجه عبوس، عندما يفعل بعض الأمور الّتي لا يجوز أن يفعلها. وعلى كلّ حال، ليس الضرب مستحسنًا، إلّا أنّه مقبول في الأوقات الّتي لا يقبل الطفل [التوجيهات]، ولكن لا بدّ لهذا الضرب مِن قانون ودرجة وحدّ خاصّ، حتّى لا يتألّم كثيرًا، إذ المقصود مِنَ الضرب هو صِرف التنبيه والتذكير، [فلا بأس] بهذا المقدار.

  • المناط في الدعاء للغير وفي الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

  • السؤال: يطلب البعض منّا أن ندعو لهم لقضاء حاجة، كالنجاح في المدرسة، أو أن يُرزق بطفل، فهل ندعو لهم في هذه الأمور المعيّنة؟

  • جواب سماحة السيّد: فلندعُ لهم بالخير. فمِنَ الممكن أن تكون دراسته في المدرسة غير صحيحة بالنسبة له، وليس له فيها صلاح، أو قد يكون فيها أمور محرّمة، فإذا كان الأمر بهذا الشكل، فلا يجوز لنا أن ندعو له [بذلك]. أمّا الدعاء بأن يُرزق طفلًا، فهو جيّد حتمًا.. فلا بدّ لنا مِن مراعاة هذه المسألة وهي؛ إذا كانت الأُمنية والهدف أمرًا مقدّسًا وليس مخالفًا لرضا الله والشّارع، فيجوز لنا أن ندعو له بذاك الدعاء الخاصّ. على كلّ حال، إنّ الدعاء بالخير مستحسن، والدعاء بأمور خاصّة، إذا لم تكن مخالفة لرضا الله تعالى، فهو أيضًا مستحسن، فلا إشكال.

أثر الموسيقى على النفس، كربلاء مثالٌ للتوحيد الأفعاليّ و... - محاضرات جبل عامل - أسئلة وأجوبة الأخوات - ج ۵

4
  • السؤال: هل يجب أن نأمر وننهى مَن لا يقبل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ولو كان ذلك بأحسن الأساليب؟

  • جواب سماحة السيّد: نعم يجب أن نأمره.

  • ...۱

  • طريق العرفان هو ما دعا إليه النبيّ، والتمسك به يحتاج إلى توفيق إلهيّ

  • السؤال: ما هو السبيل لإقناع بعض الأشخاص بطريق العرفان والعرفاء؟

  • جواب سماحة السيّد: طريق العرفان طريق واضح، ولكنّ الله هو الموفّق للأمور، وكلّ هذه المطالب موجودة؛ مثلًا قد ذكر في مقدمة كتاب السير والسلوك – أي (رسالة لبّ اللباب) للسيّد الوالد والّذي تُرجم ظاهرًا إلى العربيّة٢ – أنّ طريق الحكمة وطريق الفقه وتعلُّم العلوم الشرعيّة غير كافٍ، إلّا أن يهتدي الإنسان بأستاذٍ، ويشتغل بالرياضات الشرعيّة والمراقبة والذِّكر والتسليم، حتّى يصل إلى المقامات. ويمكننا أن نفسّر هذه المسائل بأنّ هدف الإنسان وغايته هي التكامل. ونحن نرى أنّ مجرّد العمل بالتكاليف [الظاهريّة] والرسالة العمليّة، بهذا الشكل، لا يوصل الإنسان إلى هذا الأمر، لأنّه لو كانت هي الموصِل الوحيد، لكان صاحب هذه الرسالة (أي المرجع الدينيّ) قد وصل، والحال أنّنا نرى أنّ كلّ هؤلاء لم يصلوا إلى هذه المراتب أبدًا. فلا بدّ لنا أن نؤمن بوجود طريق، وهو طريق التأمّل بالحقّ، فهو طريق الوصول إلى هذه الأمور. فمع وجوب العمل طبق الأحكام الشرعيّة والظاهريّة، لا بدّ – بالإضافة إلى ذلك وعلاوة عليه – مِنَ طاعة الأستاذ في جميع المواقف، وسهر الليالي وأداء المستحبّات والأذكار، والمراقبة طوال النهار، وعلى هذا يمكن للإنسان أن يصل إلى تلك المراتب. وجميع المسائل [المتعلّقة بهذا الموضوع] موجودة، فالمعلومات والعلوم في هذا المجال موجودة في الكتب، ككتب السيّد الوالد وباقي الكتب.

  • [والأمر] الثاني أنّه قد ينقل الإنسان هذه المطالب لشخص، فلا يقبل بها أبدًا، وقد ينقلها لبعض آخر فيقبلون بها؛ فهذا [يتوقف على] توفيق الله تعالى سبحانه، فالأمر ليس بيد أحد.. وهذه المسائل هي المسائل الّتي كان النبيّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) يذكُرها لأصحابه، فكان بعضهم يقبل بها، وبعضهم لا يقبل بها، فهذا [يتوقّف على] توفيقٍ مِنَ الله تعالى.

  • السؤال: هل يجوز لفتاة راشدة في سنّ الخامسة والعشرين أن تتحدّث مع شابٍّ طالبِ الزواجِ منها، لتتعرّف عليه أكثر، وذلك ضمن الحدود الشرعيّة، وبدون اطّلاع الأهل على هذا الأمر؟

    1. يذكر سماحته هنا (في الدقيقة ٩:۰۰ تقريبًا) سؤالًا حول التوحيد الأفعاليّ ويعلّق عليه، ثمّ يؤجّل الإجابة عنه إلى الدقيقة (٤٦:٣۰) تقريبًا، فلذا أرجأنا إدراج كلّ ما يتعلّق بهذا الموضوع إلى العنوان الآتي (كيفيّة الجمع بين قاعدة التوحيد الأفعاليّ وبين اعتبار الإنسان مسؤولًا عن أفعاله). (م)
    2. هو كتاب (رسالة لبّ اللباب في سير وسلوك أولي الألباب) لسماحة السيّد العلّامة محمّد الحسين الطهرانيّ (قدّس الله سرّه). (م)

أثر الموسيقى على النفس، كربلاء مثالٌ للتوحيد الأفعاليّ و... - محاضرات جبل عامل - أسئلة وأجوبة الأخوات - ج ۵

5
  • [لم يظهر في التسجيل الصوتيّ جوابٌ مِن سماحته على هذا السؤال].

  • الموسيقى بين الطبّ والشرع وبين الأداة والأداء وبين زمن المعصوم وما بعده

  • السؤال: [يدور السؤال حول الموسيقى. والسائل يطلب بيانًا مفصّلًا عنها وما يتعلّق بها مِن عدّة جوانب، منها: هل كانت الموسيقى موجودة في عصر المعصومين عليهم السلام؟ هل يختلف حكم الموسيقى باختلاف الزمان؟ هل يختلف حكم الموسيقى باختلاف أدواتها؟ ما هو الموقف ممّا أثبته الطبّ مِن نجاعة الموسيقى في علاج الأمراض النفسيّة والعصبيّة؟ ما هي مضارّ الموسيقى وهل يمكن أن يكون فيها منافع؟ هل هناك نهي شرعيّ وقرآنيّ بَيِّن وواضح عن الموسيقى؟]۱

  • جواب سماحة السيّد: نعم [كانت الموسيقى موجودةً في عصر النبيّ والأئمّة] ٢.. لا شكّ ولا شبهة في أنّ منشأ أدلّة الشارع في الأحكام، كان تحت إشراف الشارع وإشراف الإسلام، يعني [تحت إشراف] المؤهّلين والجاهزين لذلك، وهم الأئمّة (عليهم السلام) وعلى رأسهم النبيّ الأكرم، فهم مُشرفون على كلّ مصالحِ ومفاسدِ ومضارِّ ذلك.. وأنا أسأل جنابكم: هل تعتقدون أنّ الأطبّاء حتّى الآن، يعلمون بكلّ المصالح والمضارّ بالنسبة إلى الإنسان!؟ {أبدًا ، وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا}٣، وهذا لا ينكره أحدٌ، ومَن أنكره فهو مكابر؛ يعني أنّنا نجد أنّ كثيرًا مِنَ الأحكام الطبيّة والقوانين الجزئيّة، مع تطاير الزمن وعلى طول الزمان، تتغيّر وتتبدّل دومًا وباستمرارٍ؛ مثلًا [تراهم] يقولون أنّ هذا الدواء مضرّ بحال المعدة، ثمّ بعد مدّة يقولون أنّه يصلُح لحال المعدة، أو يقولون أنّ هذا الشيء يصلح لحالة ما، ثمّ بعد مدّة يغيّرون [قولهم]، وذلك بحسب التجربة، إذ الطبّ هو مُحصَّل التجربة، والتجربة تتغيّر وتتبدّل في كلّ حال. نحن نعتقد أنّ نسبة المصالح والمسائل الّتي نجهلها في أبداننا فقط – لا في أنفسنا ونفوسنا – كالرأس والجوف والأعصاب والدم وغيرها، نسبتها إلى المسائل المعلومة والمدوّنة في كتب الطبّ [بالغة الارتفاع].. أنا درستُ الطبّ طوال سنين، فعندي القليل مِنَ الخبرة واقعًا.. فالمسائل المعلومة في الطبّ بالنسبة إلى المسائل المجهولة هي عشرة مِن مئات، عشرة مِن مئات، وهذا ممّا يعترف به كلّ إنسان له وجدان ومِن أهل الخبرة في هذه القضيّة والمسألة. هذا بالنسبة إلى البدن والجسم الظاهريّ، فكيف بالنسبة إلى المسائل الباطنيّة [والأنفسيّة]؟!

    1. نلفت عنايتكم أنّ السؤال مطوَّل، وأكثره ليس ظاهرًا في التسجيل الصوتيّ، لذا صَعُب علينا المحافظة على العبارة وترميمها، فمنعًا للإرباك قدّرنا السؤال بتفريعاته بناء على إجابة سماحة السيّد الآتية وبناء على ما ظهر مِنَ السؤال في التسجيل الصوتيّ. (م)
    2. هذا الجواب يظهر منه (قدّس الله نفسه) خلال قراءته لأحد فروع السؤال في الدقيقة (۱٥:٣۰) تقريبًا. (م)
    3. سورة الإسراء (۱۷)، جزء مِنَ الآية ۸٥.

أثر الموسيقى على النفس، كربلاء مثالٌ للتوحيد الأفعاليّ و... - محاضرات جبل عامل - أسئلة وأجوبة الأخوات - ج ۵

6
  • فكيف يَجوز لشخص أن يقول بأنّ هذا الأمر يصلح لهذا الفرد، وأنّه لا يوجب تلك المضرّة؟! إنّ كلّ ما يصنعونه الآن مِن حبوب وأقراص وأدوية، تؤثّر في شيء وتضرّ في أشياء، مثلًا إنّ هذا الدواء يؤثّر في المعدة ويضرّ بالكُلية والعين والسمع، فنحن لا نرى أنّ هذا الدواء يؤثّر في هذا الشخص دون أيّ مضارّ أبدًا.

  • على هذا، إذا لاحظنا أنّ الشارع مثلًا نهى عن شيءٍ وحرّمه، مثل الموسيقى وغيرها، فلا يمكننا القول حينئذ بأنّه يختصّ بزمن النبيّ، أو غير ذلك، أو أنّه لم يكن موجودًا في زمن النبيّ! فإذا نظر الإنسان في الروايات والأحكام، سيعلم أنّ الموسيقى عبارة عن حالة خاصّة بكيفيّة خاصّة تصدر مِن آلات خاصّة، فإن لم تكن هذه الآلات موجودة في زمن النبيّ وزمن الأئمّة، إلّا أنّ كيفيّتها هي [نفس] تلك الكيفيّة الموجودة؛ مثل الضوء، فالضوء واحد، ولكنّ الضوء في زمن النبيّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) والأئمّة كان يتولّد مِنَ الدُّهن والزيوت، وبعد مدّة استفادوا مِنَ النفط والبترول [لتوليد] الضوء، ثمّ بعد زمان ولّدوا الضوء مِنَ الكهرباء، إلّا أنّ الضوء واحد. فإذا كانت رواية تقول مثلًا بأنّ [حكم] الضوء كذا، فلا يمكنهم أن يقولوا: بما أنّ هذا الضوء الكهربائيّ لم يكن موجودًا في زمن الأئمّة وفي زمن النبيّ، فلا يسري ذاك الحكم إلى مثل هذا الضوء! [لا] بل الضوء واحد وإن كانت آلاته مختلفة ومناشئه مختلفة، وكذلك [الأمر في] الموسيقى. فالموسيقى هي خروج هذه الألحان مِن هذه [الآلات] بهذه الكيفيّة وبهذا القانون الخاصّ، سواءٌ كان هذا القانون هو القانون الكلاسيكيّ أو غير الكلاسيكيّ، فالموسيقى واحدة. إنّما الكلام في أنّ المجتهد قد يرى أنّ هذا الشكل مِنَ الموسيقى لم يكن حرامًا، لأنّه ليس فيه غناء أو غير ذلك. وقد يرى مجتهد آخر أنّ هذه الموسيقى حرام مع أنّ الآلة مختلفة، يعني أنّ هذه الآلات لم تكن في الزمن السابق؛ فإذا كان الشارع يحرّم ذلك، فلا بدّ أن نطيعه، وإن لم تكن الآلات كالآلات الموجودة في زمن الشارع، والروايات في هذا كثيرة. والعمدة في الموسيقى ليست المضارّ الجسمانيّة، نعم الموسيقى توجب مضارًّا في الأعصاب والرأس وغير ذلك، ولكنّ المهمّ في الموسيقى هي مضارّها النفسانيّة؛ فماذا تقولون في هذه المسألة!؟ هل الإنسان مشرفٌ على نفسيّته حتّى يميّز المصلحة مِنَ المفسدة!؟ هل الإنسان مشرف على مصالحه بحيث [يمكنه أن] يرى أنّ هذه الموسيقى ستكون سببًا للابتهاج والانبساط!؟ فلعلّ هذا الابتهاج يكون مؤقّتًا ويوجب كسالةً نفسانيّةً طوال السنين اللاحقة، فكيف [يمكن] للإنسان أن يميّز هذه المسألة عن تلك!؟

أثر الموسيقى على النفس، كربلاء مثالٌ للتوحيد الأفعاليّ و... - محاضرات جبل عامل - أسئلة وأجوبة الأخوات - ج ۵

7
  • ومع ذلك، نحن لا ننكر أنّه يمكن – يمكن – يمكن وجود طريق خاصّ للاستفادة مِن بعض أنواع الموسيقى الّتي تسبّب نشاطًا نفسانيًّا وابتهاجًا للإنسان ولا تضرّ الإنسان، نحن لا ننكر ذلك، ولكن مِن أين لنا أن نحصّل هذا الطريق وأين نجده؟! لا بدّ [لهذا الأمر] مِن شخصٍ مؤهّلٍ ومجهّزٍ [ببعض الخصائص] وخبيرٍ بكلّ الطُرق وكلّ المناهج الموسيقيّة والقوانين، حتّى يُميّز المصلحة مِنَ المفسدة، والحال أنّنا لا نجد هكذا شخص أبدًا.. يوجد، ولكنّه قلَّما يوجد؛ قد ذكر السيّد الوالد في كتابه، وهو بحسب الظاهر رسالة (الشمس الساطعة)، أنَّ أخ السيّد محمّد حسين الطباطبائيّ [واسمه] السيّد محمّد حسن – كان في تبريز في إيران – كان خبيرًا في هذه المسألة، ولم يكتسب هذا مِنَ العلوم الظاهريّة، لا، بل مِن بعض العلوم الباطنيّة وبعض المسائل الغريبة، فتعلَّم هذا الأمر بواسطة هذا الطريق – فإذا كان هذا الشخص موجودًا فهو مطَّلعٌ على المصالح والأسرار والرموز الموسيقيّة – وقد دوَّن وألَّف كتابًا في هذا الموضوع، وقد أجاد واقعًا وأفاض أنّ كلّ مَن كان طالبًا للمسائل والدرجات العالية، يمكنه أن يستفيد مِن هذا الطريق وهو الموسيقى [الّتي تكون مشخّصة المصلحة ومعلومة الأسرار والرموز]، إذ سيوجب هذا الطريق [حينئذ] لطافة النفس وتجرّدها.. سأمثّل لكم بمثال حتّى يعرف الإنسان كيفيّة تأثير الموسيقى في هذه الأمر، مثلًا قد تصيبكم في الصلاة حالة طيّبة وروحانيّة وحالة بكاء ورقّة، فتشعرون في هذه الحالة بالقدرة على الإيثار والإنفاق مثلًا، والحال أنّ هذا الأمر كان صعبًا عليكم قبل الصلاة، فسبب هذه الرحمة والعطف هو الصلاة (يعني حالة الرحمة الّتي حصلت لكم في الصلاة). وكذلك مجالس الإمام الحسين عليه السلام والتعزية، فإنّها توجب فيكم الرحمة والرأفة والعطف. وكذا إذا دخلنا هذا المجلس، نجد في أنفسنا روحانيّة ورحمة لم تكن قبل الدخول، وسبب ذلك هو نورانيّة المجلس، فالنورانيّة بهذه الكيفيّة تؤثّر في النفس، صحيح! وبالمداومة يجد الإنسان في نفسه تجرّدًا، يعني الانعزال عن المسائل الشهويّة والنفسانيّة، وشيئًا فشيئًا يوجب ذلك في نفسيّة الإنسان طراوةً ونشاطًا وانبساطًا خاصًّا. سأضرب لكم مثلًا آخر: قد يثقُل علينا مثلًا أن نعطي هذا الشخص مئة دولار، فهذا صعب علينا، إذ لِمَ نعطيه هذا المبلغ! فهو ليس له ارتباطٌ بنا، فهو ليس طفلنا ولا ولدنا وليس أُمَّنا ولا أبَانا ولا والِدنا، بل هو شخص غريب، فيصعب علينا أن نعطيه هذا المبلغ. ولكن إذا رافقناه وصاحبناه لأيّامٍ، ثمّ دخلتْ محبّته في قلوبنا، وأصبحنا صديقين نحبّه ويحبّنا، فماذا ستوجب هذه المحبّة [حينئذٍ]؟ لهذه المحبّة تأثير، وهذا التأثير – عند أغلب الناس – هو أنّه يصبح رؤوفًا به، فقبل شهر مثلًا كان مِنَ الصعب علينا أن نعطيه هذا المبلغ، أمّا الآن فنحن نعطيه هذا المبلغ بسهولة؛ يعني أنّ هذه المحبّة تؤثّر في قلوبنا وتغيِّرها وتوجب تبدُّل القلب مِن حالة إلى أخرى، هذا هو تأثير المحبّة؛ يعني أنّ المحبّة تصير موجبةً للتجريد، نحن نصطلح على هذه المسألة بـ (التجريد)، يعني يوجب تجرّد النفس، أي خلع النفس عن المسائل الدنيويّة، فيسهل علينا إعطاؤه، ويسهل إعطاء هذا الشيء، نعم! فالموسيقى الّتي يجوّزها الشارع هي الّتي تعمل بهذه الكيفيّة، يعني إذا سمعنا هذا اللحن مِنَ الموسيقى يسهُل علينا العطاء والإنفاق، وتسهل علينا الرحمة والشفقة والإنفاق، وتسهل علينا معاشرة الأفراد، فنرى جميع الأفراد مثلنا، وليس فينا فخر أبدًا، فلا نتفاخر عليهم.. فهذه الموسيقى شيئًا فشيئًا تؤثّر في أنفسنا، بحيث نصبح في راحة بالنسبة إلى المسائل، وتحصل لنا هذه الرحمة والعطوفة ونجد الروحانيّة والنورانيّة في أنفسنا، والانعزال عن الدنيا والانقلاع عن مسائل الدنيا، المسائل النفسانيّة والماديّة، فهذه [الموسيقى] توجب [هذا الأثر]. ولكن العمدة [في المسألة] أنّه لا بدّ أن يكون الشخص مؤهّلًا وخبيرًا [ليُشخِّص الموسيقى الّتي توجب ذلك]، وإن لم يكن خبيرًا فيمكن أن تتبدّل هذه الموسيقى بموسيقى أخرى توجب كدورة، والحال أنّنا لا نفهم ذلك؛ ولذا بعد أن ألّف السيّد محمّد حسن الطباطبائيّ هذا الكتاب، أفنى ومحى هذا التأليف، أمحاه لأنّه خاف أن يقع هذا التأليف بيد أشخاص فيستفيدون منه استفادة سوء۱. فإن كنّا لا نعلم إن كانت هذه الموسيقى تفيدنا ويمكننا الاستفادة منها، أو أنّها مِنَ المحرّمات، فالحكم في هذه الحالة هو اجتناب الموسيقى، لكي لا نقع في المهلكة مِن حيث لا نشعر. والعمدة في ضرر الموسيقى هو الضرر النفسانيّ. أمّا بالنسبة إلى البدن والجسم فقد توجب الموسيقى مضارًّا...

    1. راجع حول ذلك كتاب (الشمس الساطعة) للعلّامة السيّد محمّد الحسين الطهرانيّ، ص٣۷. (م)

أثر الموسيقى على النفس، كربلاء مثالٌ للتوحيد الأفعاليّ و... - محاضرات جبل عامل - أسئلة وأجوبة الأخوات - ج ۵

8
  • هذه مسألة، أمّا بالنسبة إلى المسألة الأخرى؛ فإذا كان الطبيب المؤهّل والخبير يرى أنّ هذا النوع مِنَ الموسيقى يصلح لهذا الشخص، فهذا حكم ظاهريّ كبقيّة الأحكام الظاهريّة، كما لو كانت بعض الأدوية محرّمة لأنّ فيها خمر وكحول وسائر المحرمات، إلّا أنّه في بعض الموارد الخاصّة يكون هذا الدواء الخاصّ مفيدًا، والحال أنّه ليس هناك دواءٌ آخر يقوم مقامه، وهذا ما نسمّيه بالأحكام الثانويّة والأحكام الاضطراريّة، ففي موارد الاضطرار يحِلّ لنا أن نستفيد مِن هذا الدواء كما يحِلّ لنا أن نستفيد مِن هذا النوع مِنَ الموسيقى للمداواة فقط، لا أن نستمرّ [ونداوم] على ذلك، فعندما يصبح هذا المريض صحيحًا [معافًا] لا يجوز له استعمال الموسيقى أبدًا.

  • [يوجد سؤال هنا مِن أحد الحضور غير واضح في التسجيل الصوتيّ۱، ولكن جواب سماحة السيّد عليه كان:] لا، لا يجوز استماع الموسيقى في كلّ الأحوال.

  • مداخلة: مولانا، المدارس الإسلاميّة حاليًّا [في لبنان] تدرّس الموسيقى!

  • جواب سماحة السيّد: لا بدّ أن نعلّم أولادنا وأطفالنا أنّ هذا حرامٌ.

  • مداخلة: نحن نعلّمهم أنّه حرام، لكنّهم يدرّسونهم ذلك في المدرسة!

  • سماحة السيّد: ألا يمكن التكلّم مع أساتذتهم ومعلّميهم لكسب موافقتهم على عدم حضور الطفل لهذا الصفّ؟

  • أحد الحضور: يوجد أهالي قد اعترضوا عليهم، وسألوهم إن كان هذا الدرس اختياريًّا أم إلزاميًّا!

  • أحد الحضور: [الظاهر أنّهم يعتمدون على فتوى مرجع في] تجويز استعمال الموسيقى في الأناشيد الإسلاميّة والبرامج وتعليم الأطفال عزف الموسيقى!

  • سماحة السيّد: حسنًا، ولكن إذا قلتم [للمدرسة] أنّ مرجعكم لا يحلّل ذلك، بل يحرّمه، [فالمدار على] الفتوى إذا كانت حلالًا أو كانت حرامًا..

  • أحد الحضور: إنّ مدير [المدرسة] تابع للمؤسّسة، والمؤسّسة تابعة للسيّد الفلاني، والسيّد الفلاني هذا يقول [بحليّة الموسيقى].

  • جواب سماحة السيّد: إذا كان الأمر مِن [موارد] الاضطرار فهو جائز.

  • أحد الحضور: حتّى أنّهم يعلّمونهم الرسم، كرسم المجسّمات، ويعلّمونهم الحفر! 

  • جواب سماحة السيّد: فليعلّموهم، ولكن أنتم علّموا أطفالكم أنّ هذا حرام.

  • أحد الحضور: نحن نعلّمهم ذلك، ولكنّهم يتعلّمون تلك الأمور أيضًا [في المدرسة]!

  • جواب سماحة السيّد: هذا بالنسبة إليهم، أمّا بالنسبة إلينا فالمسألة..

    1. وذلك في الدقيقة (٣٣:٣۰) تقريبًا. (م)

أثر الموسيقى على النفس، كربلاء مثالٌ للتوحيد الأفعاليّ و... - محاضرات جبل عامل - أسئلة وأجوبة الأخوات - ج ۵

9
  • مداخلة: [ولكن] قد يرغب القلب بذلك، فيمكن أن يكون لدى الطفل ميل أو رغبة بذلك!

  • جواب سماحة السيّد: لا! لا بدّ أن نتكلّم مع الطفل أكثر وأكثر، وهذا ما نفعله نحن مع أطفالنا، ففي إيران الأمر كذلك، فهم يؤدّون الموسيقى في الصفّ، ويأتون بالأطفال ويؤدّون لهم الموسيقى، وقد اعترضنا على مدير المدرسة، فقال: لا، كيف [تعترضون على ذلك]؟! قلنا: نحن باعتقادنا وفتوانا أنّ [الموسيقى] حرام، فلماذا [تُسمعوها لأطفالنا]؟! وكما نقول بالفارسيّة.. ولكن سأترجمها لكم بالعربيّة: إنّ كلّ كذبٍ حرامٌ، ولكن ليس كلّ صدق بواجب! فإن اعترفنا أنّ هذه الموسيقى ليست حرامًا، ولكن هل هي واجبة؟! فعليكم أن لا تفعلوا هذا [وكأنّه] واجب حتّى لا يقع الأطفال في [حالة] شكٍّ بين الآراء والعقائد وغير ذلك، ولكنّهم لم يقبلوا بذلك.. إلّا أنّه لا بدّ للطفل أن يذهب إلى المدرسة، فما عليكم إلّا أن تفعلوا [ما ذكرناه مِن مواكبة الطفل وتفهيمه حرمة ومفاسد ذلك].

  • مداخلة: يعني أنّ على الوالدين أن ينفّروهم مِن ذلك!

  • جواب سماحة السيّد: نعم.

  • أحكام الرسم والنحت والدمى لذوات الأرواح وغيرها

  • أحد الحضور: ماذا بالنسبة لرسم ذوات الارواح؟

  • جواب سماحة السيّد: لا إشكال فيه، فإنّ الحرام هو صنع المجسّم، لكن مجسّم الشجرة وغير ذلك لا [إشكال] فيه، أمّا مجسّم الحيوان والإنسان، فإن المجسّم منها هو الحرام، ولكن الرسم [لا إشكال فيه].

  • أحد الحضور: ماذا عن نحت التمثال، وهو ما كان ذا أبعاد؟

  • الجواب: نعم، فهو المجسّم، فإنّ المجسّم حرام، أمّا الرسم بالألوان والقلم وغيرها فلا.

  • أحد الحضور: إن بعض لوحات الرسم تكون ذا بُعدٍ [فما هو حكمها]؟

  • جواب سماحة السيّد: لا، هذا ليس مجسّمًا.

  • أحد الحضور: ماذا عن الدمى المتحرّكة، [ثمّ يشرح السائل ما هي الدمى المتحرّكة ويعاونه على ذلك أحد الحضور۱، فيسأل سماحة السيّد]: هل هي مجسّمة؟

  • السائل: ليست مجسّمًا كاملًا، وإنّما الرأس منها فقط.

  • جواب سماحة السيّد: لا إشكال فيه.

  • الحكمة مِنَ الرموز والإشارات في كتب العلّامة الطهرانيّ

  • السؤال: يذكر العلّامة الوالد بعض الأمور في كتبه، ولكنّه لا يذكر [الهدف منها، ولا يبيّن المطلب فيها] فما هو الهدف [مِن ذكرها] بهذا الكيفيّة؟

    1. البيان غير واضح في التسجيل الصوتيّ. (م)

أثر الموسيقى على النفس، كربلاء مثالٌ للتوحيد الأفعاليّ و... - محاضرات جبل عامل - أسئلة وأجوبة الأخوات - ج ۵

10
  • جواب سماحة السيّد: هذا مِن باب الإرجاء [وإيكال العهدة فيها] إلى الأفراد، فإن كانت في بعض مطالبه رموزٌ وأسرار، وشَرَحَها، فيمكن أن يوجب ذلك بعض المشاكل، لذا مِنَ الأنسب أن يسترها ويحوِّل [عهدة فَهمها] إلى الأفراد، [وذلك يتوقف على] كيفيّة علمهم وكيفيّة قراءتهم لكتبه، كلٌّ بحسبه. فذلك لأنّ شرحها يوجب مشاكل.

  • ضوابط إحياء المناسبات في المجالس المختصّة بالنساء

  • السؤال: هل يوجد إشكال في إقامة مجالس خطابية إسلاميّة ومجالس عزاء للنساء، حيث يكون العالِم [الخطيب والقارئ] رجلًا؟

  • جواب سماحة السيّد: نعم يجوز، ولكن لا يجوز للرجل أن يرى النساء.

  • سماحة السيّد: على أيّ حال لا يجوز لهذا الشخص أن يرى النساء، [فالأمر] بهذا الشكل، فيجب وضع ستار أو أن تضع النساء مثلًا هذا الشيء على رؤوسهن.

  • مداخلة: إجمالًا – يشهد الله – أن القارئ لا يرفع رأسه أصلًا، إذ عندما نتحدّث معه لا يمكن أن [ينظر إلينا]، ولم يَحدث ولو لمرّة أن وقعت عينه بأعيننا حينما نوجه له الأسئلة وما شاكل ذلك، وفعلًا عنده تقوى وورع غريب، والأخوات طبعًا خلال المجلس كلٌّ منهنّ تُطأطأ رأسها، ولكن قد يأتي أحد آخر لم يزكِّ نفسه.

  • جواب سماحة السيّد: كان الإمام جعفر الصادق (عليه السلام) والإمام الرضا يعقدون مجالس التعزية لسيّد الشهداء (عليه السلام)، ويضعون الستار، حتّى يجلس النساء خلف الستار.

  • أحد الحضور: هل ينبغي أن يكون الستار سميكًا؟

  • جواب سماحة السيّد: صحيح، نعم، صحيح.

  • السؤال: هل الجامعات في إيران غير مختلطة؟

  • جواب سماحة السيّد: نعم مختلطة، كلّها.

  • أحد الحضور: [إلى أيّ عمر يجوز للأولاد الاختلاط بالفتيات والنساء]؟

  • جواب سماحة السيّد: يجوز إلى سنّ التمييز، أما بعد سنّ التمييز فلا يجوز.

  • أحد الحضور: [ما هو سنّ التمييز؟]

  • جواب سماحة السيّد: يختلف الأمر باختلاف الأطفال، فبعضهم قد يصبح مميِّزًا في العاشرة وبعضهم قد يصبح مميِّزًا في عمر السابعة، فالأطفال يختلفون [في ذلك] بحسب مشاعرهم [وأطوارهم]، فإذا أصبح الطفل مميِّزًا فالأمر كما قلتُ.

  • أحد الحضور: في هذه الحالة كيف [نعلم أن الطفل أصبح مميِّزًا]؟

  • جواب سماحة السيّد: هذا واجبكم [وظيفتكم]، فلا بدّ أن تقوموا واقعًا بواجبكم.

أثر الموسيقى على النفس، كربلاء مثالٌ للتوحيد الأفعاليّ و... - محاضرات جبل عامل - أسئلة وأجوبة الأخوات - ج ۵

11
  • أحد الحضور: هناك مِن أطفال العائلة مَن يخدم في المجالس [النسائيّة] عند إحيائنا للمناسبات..

  • سماحة السيّد: كم تبلغ أعمارهم؟

  • السائل: منهم مَن هو في عمر الخامسة ومنهم العاشرة والاثني عشر.. فهل يجب حجبهم [ومنعهم مِنَ دخول مجالس النساء]؟

  • جواب سماحة السيد: نعم.

  • السائل: حتّى لو كانت أعمارهم أقلّ مِن عشر سنوات؟

  • جواب سماحة السيّد: نعم.

  • السائل: يعني يجب عزلهم إذا كانوا مميِّزين..

  • كيفيّة الجمع بين قاعدة (التوحيد الأفعاليّ) وبين اعتبار الإنسان مسؤولًا عن أفعاله

  • سماحة السيّد: حسنًا، سنجيب الآن عن هذا السؤال، ونفوّض [الإجابة عن] بعض الأسئلة إلى [جلسة أخرى]، أو إذا أردتم نرسل الأجوبة برسالة فيما بعد. [والسؤال هو:] كيف نفهم الربط بين التوحيد الأفعاليّ، واعتبار الإنسان [مسؤولًا] عن أفعاله، فيُسأل عنها ويُعاقب ويُثاب [عليها]؟

  • جواب سماحة السيّد:۱ هذه المسألة مشكلة، فهي تحتاج إلى تفصيل، ونحن لا نستطيع أن نجيب عليها في خمس دقائق، فهذا يحتاج – كحدٍّ أقلّ – إلى نصف ساعة أو ساعة، ولكنّي سأجيب الآن بشكل ملخّص؛ التوحيد الأفعاليّ هو أن نرى أنّ كلّ أفعال العالَم وكلّ التحرّكات والحوادث، كالرياح والزلازل وكلّ ما يفعله الإنسان وكلّ [مخلوق]، أعمّ مِنَ الإنسان والحيوان والأشجار والنبات وغير ذلك، أن نرى أنّ مبدأها مبدأٌ واحدٌ. وقد قلتُ مرارًا أنّكم إذا رأيتم الإنسان يفعل أفعالًا متعدّدة، فمع أنّ الأفعال متعدّدة إلّا أنّ حقيقتها واحدة.

  • للإنسان خمسُ أو ستُّ حواسّ، فهو يرى ويسمع ويتذوّق ويتكلّم ويحرّك يده ورجله وينام ويستيقظ ويمشي ويجلس، فإنّ منشأ ومبدأ كلّ هذه الحركات هو اختيار الإنسان؛ يعني إذا أراد الإنسان أن يُبصر فسيُبصر ويرى ما [هو موجود] أمامه، وإذا أراد أن يقرأ فسيقرأ ما في الصحف مثلًا، وإذا أراد أن يستمع فسيسمع المطالب الّتي يتكلّم بها الأفراد؛ يعني أنّ اختيار الحواس بيد الإنسان – نعم بعض الأفعال ليست بيد الإنسان، كحركة العين وحركة المعدة والجهاز الهضميّ، فليست باختيار الإنسان – فكلّ تلك الأفعال باختيار الإنسان، لكن هذه الأفعال مختلفة، فبعضها مرتبط بالبصر وبعضها مرتبط بالأُذن وبعضها مرتبط باللِّسان وبعضها مرتبط باليد وغير ذلك، ولكنّ المنشأ والعلّة والمبدأ لجميع هذه الأفعال واحد، وهو إرادة الإنسان ونفسيّة الإنسان، فهو المنشأ الوحيد والعلّة لبروز وظهور هذه الأفعال منه. على هذا، نسمّي كلّ أفعال الإنسان بالتوحيد الأفعاليّ؛

    1. نذكّر القارئ الكريم أنّنا جمعنا كلّ ما يتعلّق بهذا السؤال في هذا الموضع، فما ذكره سماحته في الدقيقة (٩:۰۰) تقريبًا أدرجناه هنا. (م)

أثر الموسيقى على النفس، كربلاء مثالٌ للتوحيد الأفعاليّ و... - محاضرات جبل عامل - أسئلة وأجوبة الأخوات - ج ۵

12
  • مثلًا [إذا كان] هذا الشخص ينظر، وكانت نظرته مخالفةً لرضا الله تعالى، فسنعاقبه [قائلين]: لماذا نظرتَ إلى هذه المرأة! يعني أنّنا نعترض عليه ونواجهه [قائلين]: لماذا صدرت منك هذه النظرة وهذا الفعل، لماذا؟! وإذا ذهب هذا الشخص وضرب طفلًا مثلًا، فسنعترض عليه [قائلين]: لماذا ضربتَ هذا الطفل؟! فمع أنّ تلك النظرة وهذا الضرب مختلفان في الحقيقة، إذ تلك مِن مقولة الرؤية وهذا مِن مقولة الحركة (أي حركة اليدين)، فلماذا نعترض على هذا الشخص [الواحد] بهذين الفعلين المختلفين؟ لأنّ مبدؤهما واحد، وهو هذا الشخص [الواحد]. والعمدة هو المبدأ، والعمدة هي العلّة؛ فإذا كانت العلّة واحدة، فلا نبالي بالمعاني المختلفة، فالمعاني مختلفة، إلّا أن العلّة إذا كانت واحدة، فنحن نقابل ونواجه [الأمر بلحاظ] هذه العلّة [وبلحاظ] هذا المبدأ [الواحد].

  • على هذا، إنّنا لا ننظر إلى الأفعال الّتي تصدر مِنَ فرد واحد، بل ننظر إلى الشخص الّذي يقوم بهذه الأفعال، صحيح! هذا هو التوحيد الأفعاليّ؛ يعني أنّ كلّ هذه الأفعال مع اختلافها – كهذا الاستماع وهذا الإبصار و[حركة] اللسان هذه و[حركة] اليد هذه و[حركة] الرِجل هذه – لا نبالي بها ولا نعتني بها، [وإنّما المناط] في الّذي يفعل هذه الحركات؛ هذا هو التوحيد الأفعاليّ.

  • على هذا، فإنّ كلّ ما في عالَم الوجود مِن حركات وفي عالَم المادّة – كحركة الكرة [الأرضيّة] والأجرام السماويّة – وكلّ ما في العوالم الأخرى، مبدؤها واحد وهو الله تعالى؛ هذا هو التوحيد الأفعاليّ [الّذي جاء] على ألسنة العرفاء والحكماء.

  • أمّا بالنسبة إلينا والواجب علينا في هذه المسألة هو أن ننجز المهمّة التالية، وهي [أن نحدّد] موقفنا في هذه المسألة، أي في التوحيد الأفعاليّ؛ فهل نحن مجبرون ومضطرون للأفعال، يعني [هل] أنّ الله تعالى هو الّذي يختار ويشاء وهو الّذي يريد، ونحن مسلوبو الإرادة ومسلوبو العنان، فلا بدّ أن نفعل كلّ ما يريده الله تعالى وكلّ ما يختاره؟! [لا]، ليس الأمر بهذا الشكل أبدًا، [بل] إنّ أحد هذه الأفعال [الّتي نقوم بها] هو الاختيار؛ فلو كنّا نائمين، أو كنّا مجانين، أو كنّا مسلوبي الإرادة تحت إرادةٍ أقوى [منّا] هي إرادة الهيبنوتيزم (أي التنويم [المغناطيسيّ])، ففي هذه الحالات يمكننا القول أنّنا مسلوبو الإرادة في الأعمال والأفعال، ونحن غير مكلّفين في هذه الحالات، والله تعالى لن يؤاخذنا ولن يعاقبنا، ولكنّ العمدة أنّنا نجد في أنفسنا قوى: قُوّة السمع، قوّة البصر، قوّة التكلّم والحفظ والذاكرة والرحمة والعطف والفكر والعقل، وإحدى هذه القوى هي الاختيار والإرادة؛ فأنا عندي إرادة لرفع هذا الكوب أو أتركه بحاله، وعندي اختيار أن أقرأ هذه الصفحة أو تلك الصفحة، [يعني] إمّا أن أختار [هذا] أو لا أختاره؛ يعني أنّ الاختيار هو أحد الأفعال الّتي جعلها الله تعالى فينا.

أثر الموسيقى على النفس، كربلاء مثالٌ للتوحيد الأفعاليّ و... - محاضرات جبل عامل - أسئلة وأجوبة الأخوات - ج ۵

13
  • فما [ينبغي أن يكون] موقفنا إزاء هذه المسألة؟ [موقفنا هو] أنّ الله تعالى لا يجبرنا على الفعل، إذ لو أجبرنا على الفعل سنكون مسلوبي الاختيار – وهذا الإشكال الّذي تفضّلتم به يقع – فالله تعالى لا يجبرنا، وقد جعل لنا الاختيار [للقيام] بهذا الفعل أو عدمه. يعني أنّ الله تعالى فوّض لنا هذا العمل وهذا الفعل، وهذه القدرة والقوى هي واقعًا مِنَ الله تعالى؛ يعني أنّ الله تعالى أعطانا القوى، وإذا صرف الله تعالى هذه القوى عنّا لطرفة عين أو للحظة أو لثانية لأصبحنا نيامًا كالأموات، ولكنّ الله تعالى أعطانا هذه القوّة (أي قوّة الفعل) هذه واحدة، والله تعالى أعطانا قوّة التفكير (أي قوّة العقل) هذه الثانية، وأعطانا اللهُ تعالى قوّة الاختيار. فهذه ثلاث مراتب؛ القوّة التفكيريّة، لنرى بحسب عقلنا وفكرنا المصالح الكامنة أمامنا، فنقول: ما هي المصالح، فهل يجوز لنا [مثلًا] أن نعطي أو لا يجوز؟ هذه المرحلة الأولى. وبعد أن رأينا المصالح، لا بدّ [حينئذ] مِنَ الإرادة، والإرادة هي العزم والاهتمام بالمطلوب، [هذه المرحلة الثانية]. فإذا أردنا وعزمنا، نحّرك أيدينا نحو المطلوب لنرفعه ونذهب، [هذه المرحلة الثالثة]. فهذه ثلاث مراحل، وبعضهم يقول أنّها أربعة مراحل، ولكن ليس هذا موردنا، فهذه المراحل الثلاث هي المراحل المهمّة. وقد أعطانا الله كلّ هذه القوى، وهي العقل والإرادة ثمّ الحركة.

  • على هذا، فقد فوّض الله لنا اختيار الفعل، {إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا}۱، يعني أنّنا عرضنا عليه الهداية وجعلناه في حالة الهداية، وبعثنا الرسول لهداية هؤلاء الأفراد، كلّ هذا مِنَ الله تعالى. ومِن ناحية أخرى، جعل فينا العقل والتفكير، والعقل هذا يهدينا إلى الرسول، والتفكّر الصحيح يهدينا إلى الرسول. ومع هذا، توجد مسائل دنيويّة وشهويّة ونفسانيّة، فلا بدّ مِن إعمال تلك المراحل [الثلاث] في هذه القضيّة، فالإنسان أمام هذه القضيّة؛ إمّا أن يترك المسائل الشهويّة ويأخذ بالهداية، وإمّا أن يأخذ بالمسائل الشهويّة ويترك [الهداية]. ولا يوجد فرق أبدًا في هذه القضيّة بين المؤمن والفاسق، يعني أنّ هؤلاء الأفراد يختارون باختيارهم – باختيارهم يختارون – هذا الطريق، وأولئك الأفراد يختارون باختيارهم ذاك الطريق، فلا يوجد فرق أبدًا، لأنّ الاختيار هو فعلٌ مِن أفعال الله تعالى.

    1. سورة الإنسان (۷٦)، الآية ٣.

أثر الموسيقى على النفس، كربلاء مثالٌ للتوحيد الأفعاليّ و... - محاضرات جبل عامل - أسئلة وأجوبة الأخوات - ج ۵

14
  • على هذا، يمكننا القول أنّ الفعل الّذي فعله المؤمن هو اختيار الله تعالى، والفعل الّذي فعله الفاسق هو اختيار الله تعالى، فكلاهما باختيار الله تعالى، لأنّ الله تعالى هو الّذي جعل هذا الاختيار في هذا الشخص، وهو الّذي جعل نفس هذا الاختيار في ذاك الشخص، دون أيّ فرق أبدًا؛ يعني أنّ الاختيار الّذي أعطاه الله تعالى للمؤمن، هو نفس الاختيار الّذي أعطاه للفاسق، دون أيّ فرق أبدًا؛ فإذا عمل الفاسق بهذا الاختيار فهو فعل الله تعالى، وإذا عمل المؤمن باختياره عملًا صالحًا يكون فعلَ الله تعالى؛ وهذا هو المسمّى بالتوحيد الأفعاليّ، وبهذا يرتفع الإشكال..

  • يعني أنّ الله تعالى [هو الّذي] أعطى هذا الاختيار، الّذي هو قوّة التعقّل وقوّة الفكر والعزم والاهتمام بالنسبة إلى المصالح والمفاسد؛ وعلى هذا، يجوز لنا أن نقول أنّ فعلَ الفاسق فعلُ الله تعالى، وفعلَ المؤمن فعلُ الله تعالى، لأنّ كلا الفعلين بالاختيار، والاختيار أُنزل على قلوبنا ووقع في قلوبنا مِن ناحية الله تعالى، وعليه نقوم بهذا الفعل؛ فالأعمال الّتي نقوم بها بناء على القدرة الّتي أعطانا إيّاها الله تعالى – كالقدرة الّتي في يديّ، والّتي بها أفعل وأرفع هذا الكوب مِن ناحيتي – فمِن أين فُوِّضت إليّنا؟ [إنّما فُوِّضت إليّنا] مِن ناحية الله تعالى، إذا لو لم يُرد الله، لن تكون هذه القوّة موجودة. وهذا بالنسبة إلى الفعل وإلى كلّ عمل صالح [كان] أو غير صالح، فإنّ أصله وحقيقته هو مِنَ الله تعالى، وإذا كان أصل الشيء وحقيقته مِنَ الله تعالى، فكلّ الأفعال تُنسب إلى الله تعالى، فلا فرق [حينئذ] بين العمل الصالح وغير الصالح أبدًا، أبدًا، [وذلك] لأنّ الأصل والحقيقة والمبدأ هو الله تعالى؛ فالقوى الماديّة هي مِنَ الله تعالى، والقوى الروحيّة والنفسيّة أيضًا مِنَ الله تعالى؛ والاختيار هو أحد القوى الروحيّة، والعقل أحد هذه القوى، فهو مِنَ القوى الروحيّة والنفسيّة، وكذلك الاختيار والإرادة فهما مِنَ القوى الروحيّة والنفسيّة. أمّا القوى الماديّة، فهي هذه الّتي نراها وتظهر أمامنا بالمشاهدة، وحال الإنسان في هذه المرحلة هو موقع رجل يختار بنفسه، إمّا عملًا صالحًا وإمّا عملًا غير صالح، هذا بالنسبة إلى العقاب والثواب؛ فإذا اختار عملًا صالحًا فسيُعطيه الله الجنة، وإذا اختار عملًا فاسقًا فسيُدخله الله النار. هذا بالنسبة إلى الإنسان، أمّا بالنسبة إلى التوحيد الأفعاليّ، فيجوز لنا القول أنّ هذا الفعل الّذي فعله المؤمن هو فعل الله تعالى، لأنّ مبادئها هي مِن مبادئ الله تعالى، إذ أنّ الله هو مَن أعطاه، وهذا الفعل الّذي فعله الفاسق هو أيضًا فعل الله تعالى، لأنّ مبادئها هي مبادئ الله تعالى. على هذا، يوجد هنا نسبتان؛ نسبة إلى العلّة، ونسبة إلى الشخص [الّذي قام بالعمل]، أمّا بالنسبة إلى العلّة، فإنّ الله تعالى هو الّذي صدرت عنه كلّ هذه الأفعال. وبالنسبة إلى هذا الشخص، فهو مسؤول عن أفعاله وأعماله. هذا مجمل وملّخص [الكلام في التوحيد الأفعاليّ].

أثر الموسيقى على النفس، كربلاء مثالٌ للتوحيد الأفعاليّ و... - محاضرات جبل عامل - أسئلة وأجوبة الأخوات - ج ۵

15
  • أحد الحضور: عذرًا مولانا، إذا فكّرنا بهذا المنوال وعلى هذه الطريقة في واقعة عاشوراء وما جرى فيها للإمام الحسين (سلام الله عليه)، هل سيكون فعل يزيد هو فعل الله، وفعل الإمام الحسين واستشهاد الأطفال كلّه فعل الله؟

  • جواب سماحة السيّد: كلاهما كان فعل الله، نعم فعل الله، ولكن موقف الإمام الحسين مِن هذه القضيّة كان هذا، وموقف يزيد مِن هذه القضيّة [كان ذاك]؛ فالله تعالى قد أعطى العقل والفكر والاختيار والإرادة ليزيد، وهو اختار ذاك الشيء باختياره وإرادته، وقتل الإمام الحسين، فالله لم يجبره على ذلك، هل أجبره! لا. وقد جعل الله تعالى الاختيار للإمام الحسين (عليه السلام) وفوّض الاختيار له، فجعل فيه الاختيار والعقل والفكر، والإمام الحسين (عليه السلام) بنفسه وباختياره اختار هذا الطريق، أي طريق الشهادة، ولهذا كان مُثابًا وسيُهديه الله تعالى الأجر والثواب. على هذا، فإنّ عمل يزيد هو فعل الله تعالى، وعمل الإمام الحسين هو أيضًا فعل الله تعالى، ولكن يختلف الأمر بالنسبة إليهما، فبالنسبة إليهما يختلفان، فهذا مؤمن وذاك فاسق.

  • مداخلة مِنَ الحضور: لهذا أجابت السيّدة زينب (سلام الله عليها): [ما رأيتُ إلّا جميلًا]، عندما سألها يزيد: كيف رأيتِ صنع الله بأخيكِ..۱

  • سماحة السيد: [نعم، أجابته:] ما رأيتُ إلّا جميلًا.. مع أنّ زينب عاتبت يزيد وحدّثته، ومع ذلك فهي ترى أنّ كلّ ذلك هو فعل وصنع الله تعالى.

  • ...٢

  • سماحة السيّد: هذه المسألة الّتي تفضّلتم بها هي واقعًا مِن أدقّ المسائل، وهي موجودة في ألسنة العرفاء وفي الكتب، ولا بدّ أن نفصّل [قليلًا] في هذه القضيّة [أي] المطلب الّذي ذكرتموه عن حضرت زينب (سلام الله عليها)؛ إن السيّدة زينب ترى في نفسها مسألتين، كلٌّ منها مجرّدةٌ عن الأخرى، سأمثّل بمثال يوضّح ويقرّب المطلوب في السؤال؛ إذا كان لديكم طفل مريض، ولا بدّ مِن إعطائه إبرة بنسلين مثلًا– هل تستعملون لفظ (إبرة) فأنا أنطق بها بحسب الاصطلاح العراقيّ – وأنتم ترون أنّ هذه الإبرة [أي الحقنة] لازمة لشفاء هذا الطفل، مع أنّ الطفل سيتألّم ويبكي [منها]؛ فسيكون لديكم حالتان إزاء هذه القضيّة؛ الأولى حالة الرحمة والعطف والحزن وعدم الراحة، لبكاء الطفل، فهو يبكي وأنتم تبكون، لأنّ الطفل يتألّم، فلِمَا للأمّ مِن رحمة وعطف [تراها] طبعًا تحزن وتبكي، ومع ذلك – [وهذه الحالة الثانية] – تحقنه بهذه الإبرة حتّى يصحّ [ويتعافى] وينتفي المرض عنه.. على هذا، لا بدّ أن يفكّر الإنسان في طرفيّ المسألة، هذا الطرف على حِدة وذاك الطرف على حِدة؛ [فمِن ناحية] ترضون وتوجبون [حقن] الطفل بهذه الإبرة، وترون أنّه مِنَ الواجب أن يحقنه الطبيب بهذه الإبرة حتّى يصحّ [ويتعافى] وينتفي المرض عنه. ومِن ناحية أخرى تحزنون لتألّمه.

    1. راجع حول ذلك (اللهوف في قتلى الطفوف) للسيّد ابن طاووس، ص ٩٤. (م)
    2. يوجد سؤال هنا مِن أحد الحضور، ولكن وجدنا أنّ كلام سماحة السيّد الآتي هو استكمال للموضوع السابق وليس له علاقة مباشرة بهذا السؤال، لذا سنكتفي بإدراج السؤال المشار إليه هنا في الهامش، خاصّة أنّ سماحته لم يُجب عليه فيما بعدُ. والسؤال هو: حسنًا حضرة السيّد، بالنسبة لنظرة الناس إلى الأمور الحسنة والقبيحة؛ فبعض الناس يرى الحسنَ حسنًا، ولكن الّذي يرتكب السيّئة والمعصية، فهل يرى السيّئة سيّئة ويفعلها، أم أنّه يرى السيّئة حسنة فيفعلها؟ (م)

أثر الموسيقى على النفس، كربلاء مثالٌ للتوحيد الأفعاليّ و... - محاضرات جبل عامل - أسئلة وأجوبة الأخوات - ج ۵

16
  • والسيّدة زينب ترى قسمين وحالتين أمامها؛ حالة أنّها ترى أخاها الإمام عليه السلام وسيّد الشهداء عليه السلام وقد فقدته – هو الإمام الّذي كانت زينب تعشقه واقعًا، وفي الروايات أنّها في اليوم الّذي لا ترى أخاها [الإمام الحسين] فيه كانت تشتاق إليه فتذهب إلى بيته لتراه، فكانت بهذا الحبّ، الحبّ العجيب، كان حبًّا شديدًا [يجمع] بين هذا الأخ وهذه الأخت، فكانت واقعًا تعشقه وترى أنّه إمام زمانها – و[ترى] أولئك الأفراد مِن إخوتها كالسيّد العبّاس وجميع الأقارب وقد فقدتهم، و[الحال] أنّها ليست مِن حديد أو حجر، بل لها عاطفة وأحوال وغير ذلك، فلا بدّ طبعًا أن تبكي وتحزن، فهذه المسألة عاديّة، فلا بدّ واقعًا أن تفعل هذا، هذا مِن ناحية، أي كان لا بدّ أن تفعل هذا مِن ناحية العطف والرحمة ومِن ناحية العاطفة الإنسانيّة، إذ إنّها ليست بحديد أو حجر. هذا مِن ناحية، ومِن ناحية أخرى، فهي ترى أنّ كلّ هذه الأفعال لمصلحتها ولمصلحة أخيها سيّد الشهداء عليه السلام [ولمصلحة] إخوتها وأبناء إخوتها جميعًا، فترى أنّ هذا مِن الله تعالى.. وقد رأى سيّد الشهداء (عليه السلام) في المنام، ما ذكره لابن الحنفيّة، وهو: أنّ الله شاء أن يراه قتيلًا. فقال له ابن الحنفيّة: ولِمَ تذهب بهؤلاء النساء؟ فقال [عليه السلام:] شاء الله أن يراهنّ سبايا.۱ يعني أنّ المشيئة هي مِنَ الله تعالى، يعني أنّ الواقع مِنَ القضاء والقدر هو هذا الأمر. على هذا، فإنّ السيّدة زينب – مِن جهة – ترى كلَّ هذه الأفعال مِنَ الله تعالى، ولذلك رضيت، يعني أنّها رضيت بتلك الأفعال ورضيت بتلك المصالح ولم تكن ساخطة على الله تعالى، لا! بل قبلت بتلك الأمور أشدَّ القبول، ولذا نراها – مع هذه الامتحانات والابتلاءات العجيبة – [كما] روى الإمام السجّاد (عليه السلام) أنّه في منتصف ليلة الحادي عشر (يعني بعد تلك الأحداث [في كربلاء]) رأى السيّدة زينب قد قامت لصلاة الليل٢. فنحن أصلًا لا [نفهم] شيئًا، يعني لا نستطيع أن نفهم هذه المسألة؛ أنّ امرأةً مع هذه الابتلاءات العجيبة – [الّتي لو] ابتُلينا بواحدة منها [لتوقفت] أمورنا وفشلت وأصبحنا صرعى ومغشيًّا علينا ولتركنا جميع الأمور – مِن قتل هؤلاء الأفراد [تقوم] في منتصف الليل، كما قال السيّد السجّاد: رأيتها قامت لصلاة الليل. فهذه المسألة ليست إنسيّة، واقعًا ليست [كذلك، بل] هي خارجة عن القدرة البشريّة. لماذا؟ لأنّ السيّدة زينب ترى أنّ كلّ تلك الأمور هي مِنَ الله تعالى، وإذا كانت مِنَ الله تعالى فلا بدّ أن نقوم بواجبنا، وواجبها هو صلاة الليل؛ يعني أنّها تقسّم الأمور وتفصِل بينها.

    1. راجع تفصيل ذلك في (اللهوف في قتلى الطفوف) للسيّد ابن طاووس، ص ٣٩. (م)
    2. جاء في كتاب (عوالم العلوم) ج۱۱ ص٩٥٣، عن الإمام زين العابدين عليه السلام، قال: ما رأيت عمّتي تصلّي الليل عن جلوس إلاّ ليلة الحادي عشر. (م)

أثر الموسيقى على النفس، كربلاء مثالٌ للتوحيد الأفعاليّ و... - محاضرات جبل عامل - أسئلة وأجوبة الأخوات - ج ۵

17
  • فتلك الوقائع بالنسبة لأولئك [الّذين ارتكبوها] هي ذنوب، وكلّها شناعة وقبح ووقاحة، وسيعاقبهم الله، هذا بالنسبة إليهم، أمّا بالنسبة إلى الله تعالى فهي رَوحٌ ورضوانٌ وثوابٌ وجنةٌ ورفعٌ للدرجات، وأنا أقول أنّ سيّد الشهداء (عليه السلام) والسيّدة زينب، إن لم يُبتلوا بهذه البلايا لَمَا أعطاهم الله تعالى هذا الأجر، يعني أنّ الأجر على قدر الابتلاء والنعمة على قدر البليّة، وفي الرواية «البلاء للولاء»۱؛ فلا بدّ أن يلاحظ الإنسان هذين القسمين، فلا يربط أحدهما بالآخر، ولا يخلط أحدهما بالآخر، وهذا ما نسمّيه بـ (عالَم الجمع بالوحدة والوحدة بالجمع)، يعني نزول مشيئة الله تعالى في المظاهر، ونفسيّة هذه المسائل بالنسبة إلى أنفسنا.. فلا بدّ أن لا يربط الإنسان هذه المسألة بالأخرى.. هذا ملخّص الكلام، وإن شاء الله – إذا وفّقني الله – سأعمل على كتابة رسالة تتعلّق بهذه المسائل، وتأليف كتاب – إذا وفّقني الله – في ذكرى الوالد، في السنوات الآتية إن شاء الله.

  • سماحة السيّد: قد مضى الوقت الآن.. مِنَ الممكن أن نجيب في هذا اليوم على بعض هذه المسائل، مع أنّ كثرة الأسئلة قد تمنعنا مِن ذلك..

  • حول التأليف ونشر المحاضرات الصوتيّة للمحاضِر ونشر كتب العلّامة الطهرانيّ

  • أحد الحضور: بالنسبة للمحاضرات الّتي ألقيتموها سابقًا هل تسمحون بنشرها؟

  • جواب سماحة السيد: لا إشكال في ذلك.

  • أحد الحضور: مولانا، بالنسبة لكتب العلّامة (الطهرانيّ)، فهناك كتب لم تُطبع بعد!

  • جواب سماحة السيّد: نعم، بالنسبة للكتب الّتي لم تُطبع وهي كثيرة، قد تبلغ – على ما في خاطري وذاكرتي – حدود ثلاثين مجلّدًا، وأكثرها ممّا ألّفها الوالد – وقد تبلغ خمسة وعشرين كتابًا – هي في المسائل المتفرقة لا في مسألة واحدة؛ مثلًا عندما كان يطالع (جامع السعادات) للملّا النراقي، كَتب المطالب الّتي مرت على خاطره والمطالب الّتي [بنظره] هي الأحسن والروايات الّتي كانت تعجبه، وهذه الكتب يعبّرون عنها بالفارسيّة (جُنگ) يعني المسائل المتفرّقة الّتي لا [تتعلّق] بموضوع واحد؛ يعني أنّه [يُدوِّن] الروايات الّتي كانت تعجبه، والحكايات والمطالب العرفانيّة والتاريخيّة والمسائل الأخلاقيّة، والروايات، وأدوية بعض الأمراض.. كان العلماء في الزمن السابق يألّفون مثل هذه التأليفات، وهذه التأليفات هي في الحقيقة ثمرة حياته في المطالعة، فهذه التأليفات هي ثمرة حياة والدي، وهي تبلغ خمسًا وعشرين، وقد أمرني قبل وفاته أن أُهذِّب هذه التأليفات وأُسقط منها بعض المسائل الّتي لا يُستحسن التكلّم عنها. [إذ] يوجد فيها بعض المسائل الهامّة الّتي لا يتحمَّلها الناس، وبعض المسائل الّتي ذكرها على سبيل الرمز والسرّ، وبعض المسائل الّتي لا يهمّ الناس فهمها. ولكنّني كنتُ مشغولًا في ذلك الزمان ولم يوفّقني الله للقيام بذلك.. وقد ارتحل السيّد الوالد رحمه الله.. وفي السنة الماضية في أيّام الصيف، تشرّفتُ [بالذهاب] إلى مشهد وبدأتُ بتهذيب هذا الأمر المهمّ، أي هذا التأليف، وقد هذّبته وأسقطتُ منه عدّة مسائل، والآن أصبح التأليف جاهزًا للطرح، ولكن لا بدّ [أولًا] أن تُنظَّم مسائله وتُرتّب.. وقد انشغلت بالمسائل الحوزويّة في الحوزة العلميّة، ولا أعلم كيف ومتى يمكن للمؤسّسة أن تقوم بهذا الأمر المهمّ، ثمّ طبعه ونشره. يمكن [أن يحصل ذلك] – إن شاء الله تعالى – بعد شهور أو بعد سنة أو سنتين، إذ المؤسّسة الآن مؤهّلة للترجمة وطبع الكتب المؤلّفة كـ (معرفة الإمام) و (معرفة المعاد)٢ مِن حيث تجديدها، إذ هذه الكتب غير متوفّرة في الأسواق، وأنا لم أسمع إن كانوا قد أقدموا على طبع هذه الكتب أم لا، إن شاء الله تعالى يوفّقنا لتصبح هذه الكتب القيّمة والثمينة واقعًا [جاهزة].

    1. ورد هذا التعبير في ضمن روايتين في (مصباح الشريعة ومفتاح الحقيقة – فارسي) ص٢٥٦. وقال السيّد عبد الأعلى السبزواريّ في مواهب الرحمن ج۱۱ ص۱۰۰: وفي الأثر المعروف «البلاء للولاء»، وفي الحديث «أشدّ الناس بلاء الأنبياء عليهم السّلام، ثمّ الأمثل فالأمثل». وأفاد البعض أن العبارة وردت في (أحاديث مثنوي ص٥٤). إلّا أنّنا لم نجد عبارة (البلاء للولاء) في المجامع الروائيّة المتعارفة، ولعلّ ما يقاربها – مضافًا إلى ما أورده السيّد السبزواريّ أعلاه – ما ورد في الخصال ج۱ ص۱۸ عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله): إنّ عظيم البلاء يكافئ به عظيم الجزاء، فإذا أحب الله عبدًا ابتلاه بعظيم البلاء، فمَن رضي فله عند الله الرضا، ومَن سخط البلاء فله السخط. (م)
    2. هما مؤلَّفان مِن سلسلة مؤلَّفات سماحة العلّامة السيّد محمّد الحسين الحسينيّ الطهرانيّ – والد المحاضِر قدّس الله سرّه – في العلوم والمعارف الإسلاميّة. وهما مترجمان كغيرهما إلى العربيّة. (م)

أثر الموسيقى على النفس، كربلاء مثالٌ للتوحيد الأفعاليّ و... - محاضرات جبل عامل - أسئلة وأجوبة الأخوات - ج ۵

18
  • مداخلة: هل أصبحت جاهزة للطباعة؟

  • جواب سماحة السيّد: لم أسمع إن كانت قد أصبحت جاهزة، ولكن مِن جهتي فهي جاهزة، يعني أنا قمتُ بالأمور المرتبطة بي، مِن تهذيبٍ وإسقاطٍ للمسائل الّتي لا يجوز أن تُنشر ولا يجوز أن تُطبع، أمّا بالنسبة للمؤسّسة فلا بدّ أن ينظّموها ويضيفوا إليها بعض الحواشي والمصادر والمراجع، وأن يُراجعوا المصادر والمراجع في ذلك، وإن شاء الله يقومون بذلك.

  • مداخلة: هل هذه المجلدات موجودة عندكم أم عند المؤسّسة؟

  • جواب سماحة السيّد: المجلدات موجودة عند المؤسّسة.

  • مداخلة: [الكتاب الّذي تريدون] تأليفه في ذكرى العلّامة [الطهرانيّ]، هل سيكون حول حياته أم..؟

  • جواب سماحة السيد: بعد وفاة السيّد الوالد، التَمس السيّد الخامنئيّ – قائدنا في إيران – أن أكتبَ وأُؤلّفَ كتابًا في أحوال السيّد الوالد وأَصرَّ علَيَّ، وقال: إنّ كتاب (الروح المجرّد) كان مِن أفضل الكتب الّتي ألَّفها السيّد والدكم.. هذه كانت عين عبارة السيّد الخامنئيّ، وقال [أيضًا]: أنا قرأتُه مرارًا، ولا بدّ أن تؤلِّفَ كتابًا (ترحّمًا) عن أحوال السيّد الوالد. وقد أصرَّ على ذلك.

  • كما أنّ الأخ السيّد محمّد صادق أصرَّ أن أؤلِّف كتابًا قبل السنة الأولى مِن وفاة السيّد الوالد، حتّى يطبعوه وينشروه، بأن يكون مثلًا كتابًا مفيدًا حول حالاته بطور إجماليّ، ولكنّني اعتذرت وقلتُ أنّ هذا لا يَفِي [بالمطلوب] بنظري، لأنّ السيّد هاشم الحدّاد (رضوان الله عليه) كان رجلًا عرفانيًّا ليس مرتبطًا بالمسائل العلميّة والفقهيّة والتاريخيّة والاجتماعيّة والسياسيّة، ومع ذلك فإنّ الكتاب الذي ألّفه السيّد الوالد [عن السيّد الحدّاد] كان كتابًا ضخمًا، وكان فقط في أحوال السيّد هاشم الحدّاد بلحاظ المسائل العرفانيّة، ويوجد فيه حتّى الآن إشكالات، كقضيّة محيي الدين [بن] العربيّ؛۱ بمعنى أنّ السيّد الوالد لم يشرح هذه المسائل شرحًا وافيًا، بل كان دأبه أن يعبُر عن هذه المسائل مشيرًا [إليها].. على هذا، فبما أنّ السيّد الوالد كان رجلًا عرفانيًّا، وعالمًا وفيلسوفًا وحكيمًا، ورجلًا سياسيًّا بالنسبة إلى قضايا الثورة الإسلاميّة، وكان رجلًا ذا ثقافةٍ تاريخيّة واجتماعيّة، وكان في مقام تربية التلامذة وتربية الأفراد وطلّاب العلوم الدينيّة وغيرهم، [ففي هذه الحالة] رأيتُ أنّه لا بدّ له مِن خمس مجلّدات كحدٍّ أقلّ. فإذا أردتُ أن أقوم بهذا الواجب وهذه الوظيفة، أرى أنّه قد يبلغ ست مجلّدات أو خمس مجلّدات وربما أكثر [مِن ذلك]، لأنّني إذا تكلمتُ مثلًا في مسألة محيي الدين [بن عربي]، لن أكتب ثلاثين صفحة مثلًا، بل مئة صفحة كحدٍّ أقلّ، وذلك حتّى تنتفي تلك الإشكالات. لهذا قلتُ للسيّد محمّد صادق: أنّا لا أقدر أن أؤلِّف هذا الكتاب بهذه العجلة وفي هذه الحالة الخاصّة، فإن شاء الله [أفعل] ذلك بعد سنوات أو حين يوفقني الله، أو لعلّ شخص آخر [يقوم بذلك]. وقلتُ: لا تحدّدوا شخصًا معيّنًا [وتحصروا المهمّة به]، فكلّ مَن [يريد] أن يقوم بهذا الواجب فليقم به، فالمسألة ليست منحصرة بالنسبة إليّ، [بحيث أنّه] إن كان هناك مَن يقوم بهذا الواجب فهو أنا! ولكنّهم قالوا: لا، [بل] لا بدّ أن تكتبه أنت.. ولكن بلحاظ انشغالي بالحوزة العلميّة، فكلّ أوقاتي مُستوعبة ومشغولة بهذا الأمر المهمّ، ومع ذلك فإنّ بعض أصدقائنا ورفقائنا يشتغلون بإعداد المطالب والعناوين والمراجع، لتلك المسألة المهمّة، فإن أكملوا – إن شاء الله – ذلك الأمر المهمّ وتلك العناوين، نشتغل – إن وفّقنا الله لذلك – بهذا العمل، فالله تعالى هو وليّ التوفيق.

    1. الكتاب المشار إليه هو (الروح المجرّد) لسماحة السيّد العلّامة محمّد الحسين الحسينيّ الطهرانيّ (قدّس الله سرّه). (م)

أثر الموسيقى على النفس، كربلاء مثالٌ للتوحيد الأفعاليّ و... - محاضرات جبل عامل - أسئلة وأجوبة الأخوات - ج ۵

19
  • ولكنّني كتبتُ رسالة موجزة، ولم تُطبع [بعدُ]، إلّا أنّ الرفقاء أخذوا منها نسخة (زيركس)۱، وهي [رسالة] بحجم رسالة لبّ اللباب، [كتبتها] بالفارسيّة، ولم تُترجم إلى العربيّة٢، في أحوال السيّد الوالد، وهي موجزة، واقعًا موجزة كتبتُ فيها وأشرتُ إلى بعض المسائل بنحو الاختصار، لأنّ بعض الأفراد مِن أقصى بقاع الأرض التمسوا منّي أن أكتب مقالة علميّة وتاريخيّة حول شخصيّة السيّد الوالد، وقد كتبتُ هذه المقالة وألّفتها لا بنحو تأليف كتاب، بل بنحو مقالة، فكتبتها على عجالة خلال ثلاثة أيّام، وذلك بقلم مقاليٍّ لا كتابيٍّ، أي لم أغُصْ [وأتعمّق] في الموضوع.

  • مداخلة: يعني أنّ الرسالة صُوّرت، لا أنّها طُبعت؟

  • جواب سماحة السيد: الرسالة طُبعت حروفها كمبيوتريًّا، ليست نسخةً يدويّة، ثمّ سُحبت عنها صورة (زيركس)، لا أنّها طُبعت [ككتاب]، ولهذا لم يأخذوا إذنًا مِنَ الحكومة والوزارة، لأنّه لم يكن كتابًا متعارفًا مطبوعًا. فقدمتُ هذه [المقالة] الوجيزة إلى الرفقاء، وهي الآن عندهم، وفي هذه الوجيزة إشارات ورموز لبعض المسائل الّتي لا بدّ أن تُشرح، يعني أنا كتبتُ في هذه الوجيزة بعض المسائل، بحيث أنّ كلّ مسألة منها [لو شُرحت] لاستوعبت مجلّدًا [كاملًا]، فالأمر بهذا الشكل، وإلاّ ليست [هذه المقالة] شرحًا وافيًا للناس.

  • حكم طباعة الكتب وتصويرها

  • أحد الحضور: بالنسبة للعبارة الّتي تُكتب على الكتب عند طبعها وهي (حقوق الطبع محفوظة)، فهل شرعًا – مِنَ الناحية الشرعيّة – لا يحقّ لغير [الناشر] أن يطبعها؟ 

  • جواب سماحة السيّد: نعم، نعم، أمّا الـ (زيركس) فلا، إذ يوجد فرق [بين الطبع والـ زيركس]، فالـ (زيركس) ليس بطبع.

  • مداخلة: يعني أنّه مِن حقّ المؤسسة الّتي نشرت أن تُستأذن مِنَ المؤسّسة الأخرى الّتي تريد طبع [الكتاب ذاته].

  • سماحة السيّد: نعم، نعم.

  • مسائل حول التقليد

  • أحد الحضور: [أنا أقلّد] السيّد الخامنئي [وكنتُ على تقليد السيّد محمّد باقر الصدر]، ولكن لا أعلم إن كان [السيّد محمّد باقر الصدر] أعلم مِنَ السيّد الخامنئي، فما رأيكم في الموضوع؟

  • جواب سماحة السيّد: أنا لا أتكلّم في مسألة التقليد [مِن ناحية التشخيص والمصاديق]، ولكنّني أرى أنّه لا يجوز تقليد المجتهد الميّت أبدًا، يعني لا بدّ أن ترجعوا إلى المجتهد الحيّ، ولا يجوز لكم أن تبقوا على السيّد محمّد باقر الصدر. لا يجوز، أبدًا لا يجوز.

    1. لعلّ أصل اللفظ إنكليزيّ وهو ()، والمراد منها النُّسخ التصويريّة. (م)
    2. الرسالة المُشار إليها تُرجمت فيما بعد إلى العربيّة بعنوان (الشمس المنيرة)، وطُبعت بالفارسيّة والعربيّة طباعة رسميّة، وهي الآن متوفّرة في الأسواق وعلى الموقع الإلكترونيّ (لمدرسة الوحي). (م)

أثر الموسيقى على النفس، كربلاء مثالٌ للتوحيد الأفعاليّ و... - محاضرات جبل عامل - أسئلة وأجوبة الأخوات - ج ۵

20
  • مداخلة: ولكن بعض المراجع يجوّزون ذلك، فإذا توفي المرجع يجوز البقاء على تقليد الميّت، وإنّما لا يجوز تقليد الميّت ابتداءً..

  • سماحة السيد: نعم بعضهم يجوّزون ذلك، ولكن أنا لا أجوّز ذلك في أيّ حال.

  • أحد الحضور: مولانا هل كان العلّامة [الطهرانيّ] يجوّز البقاء [على تقليد الميّت]؟

  • جواب سماحة السيّد: لا، لم يكن يجوز [ذلك] أبدًا.

  • مداخلة: مولانا، يوجد هنا في لبنان شياع، فكان الأكثر على تقليد السيّد أبي القاسم الخوئيّ، وبعد ارتحاله قال السيّد السيستانيّ نفسه أنّه على مَن يقلّد السيّد الخوئيّ أن يبقى على تقليده، يعني أنّه أفتى بوجوب البقاء على تقليده، لا أنّه جوّز البقاء على تقليده. فما زال الأكثر على تقليد السيّد أبي القاسم الخوئيّ.

  • جواب سماحة السيّد: كان السيّد علِيّ السيستانيّ مباحثًا للسيّد الوالد، وأنا سمعتُ مِنَ السيّد الوالد أفضليّته في المسائل الفقهيّة، والآن بالنسبة إلى سائر الأفراد المعروفين فإنّ السيّد علِيّ السيستانيّ هو الأعلم.۱

  • أحد الحضور: مولانا، بالنسبة إلى أولادنا، فهم لم يكونوا مكلّفين في زمن العلّامة [الطهرانيّ] رضوان الله عليه، ولكنّهم أصبحوا الآن مكلّفين، فمَن يجب عليهم أن يقلّدوا؟

  • [لم يظهر في التسجيل الصوتيّ جوابًا لسماحة السيّد عن هذا السؤال].

  • أحد الحضور: بالنسبة لبناتنا وأولادنا وأطفالنا الّذين تكلّفوا حديثًا، هل نعطيهم الرسالة [العمليّة للمرجع] الّذي نقلّده نحن ونرجع إليه؟

  • سماحة السيد: هل تقصدون رسالة السيّد عبد الهادي الشيرازيّ؟

  • السائل: نعم.

  • جواب سماحة السيّد: نعم، يجوز.٢

  • أحد الحضور: طبعًا كان ذلك٣ بفتوى مِن سماحة العلّامة [الطهرانيّ] قدّس الله روحه، ولكن عندما راجعنا السيّد محمّد صادق [بعد وفاة سماحة العلّامة] قال أنّه [يجّوز الرجوع إلى رسالة السيّد عبد الهادي الشيرازيّ].

  • جواب سماحة السيّد: أولًا، إنّ هذا الطفل الّذي يريد أن يقلِّد مجتهدًا، فمِن أين له أن [يعرف] مَن يقلّد؟ فلا بدّ أن يرجع إلى مجتهدٍ حيّ، والمجتهد الحيّ يجوِّز له [حينئذ] أن يرجع إلى هذا الأستاذ.

  • السائل: نعم مولانا، [فالمسألة حدثت] بفتوى مِنَ السيّد محمّد صادق بأنّه يجوز...

  • جواب سماحة السيّد: حسنًا، ولكن الرجوع إلى السيّد محمّد صادق يكون إذا كان [المكلّف] يراه مثلًا أنّه الأعلم، يعني أنّ هذا الولد المكلّف إذا كان يرى مثلًا أنّ السيّد محمّد صادق هو الأعلم، فيجوز له [حينئذ] أن يرجع إلى رسالة السيّد عبد الهادي [الشيرازيّ، طبقًا لقول السيّد محمّد صادق]، ولكن إذا لم يكن المكلّف يرى أنّ السيّد محمّد صادق أعلم، فلا بدّ حينئذٍ أن يعمل على طبق فتوى المجتهد [الحيّ الذي يرى أنه الأعلم].

    1. نلفت نظر القارئ الكريم أنّ سماحة السيّد تكلّم بهذا الكلام بين سنة ٢۰۰۰ م وسنة ٢۰۰٤ م تقريبا، أي قبل أن يكتب سماحته العديد من كتبه ويبيّن رأيه في موضوع التقليد المرجعية بالتفصيل. وذلك أنّ سماحته قد ألف كتابين قيمين يتعلقان بالتقليد والاجتهاد والمرجعية، أوّلهما هو كتاب: الدر النضيد في الاجتهاد والتقليد والمرجعية (وقد ترجم هذا الكتاب إلى العربية وطبع)، والثاني هو الفقاهة في التشيع (وهذا الكتاب ما يزال قيد الترجمة حتى زمان نشر هذه المحاضرة)، كما أنّه تعرّض لمسألة التقليد والمرجعية في كتاب أسرار الملكوت ج٣ أيضًا، فينبغي لمن أراد أن يعرف رأي سماحته في هذا الموضوع المهمّ أن يراجع هذه الكتب. (اللجنة العلميّة)
    2. دأب المراجع والمجتهدين على اعتماد إحدى الرسائل العمليّة المدوّنة لمراجع سابقين، والّتي تكون أقرب إلى نظرهم العلميّ، ثم يعدّلون عليها وفق نظرهم الفقهيّ واجتهادهم، وبعد ذلك تصدر الرسالة العمليّة باسم المرجع الحيّ؛ وعليه، فإرجاع سماحة السيّد السائل إلى رسالة السيّد عبد الهادي الشيرازيّ هو مِن هذا الباب، لا مِن باب الإرجاع إلى المرجع الميّت، فاقتضى التنويه. (م)
    3. يشير السائل هنا إلى الرجوع إلى الرسالة العمليّة للسيّد عبد الهادي الشيرازيّ، وهذا ما يفيده السياق الآتي. (م)

أثر الموسيقى على النفس، كربلاء مثالٌ للتوحيد الأفعاليّ و... - محاضرات جبل عامل - أسئلة وأجوبة الأخوات - ج ۵

21
  • السائل: حسنًا، ما رأيكم أنتم في قول السيّد محمّد صادق [حول الرجوع إلى رسالة السيّد عبد الهادي الشيرازيّ]؟

  • جواب سماحة السيّد: لا إشكال في ذلك، ولكن بعض مسائله الّتي يوجد فيها إشكال، التمس منّي بعض الرفقاء أن أكتب [ملاحظاتي حولها].

  • السائل: هل كتبتم الملاحظات حولها؟

  • جواب سماحة السيّد: نعم۱.

  • السائل: مولانا، حتّى العلّامة [الطهرانيّ] كانت له ملاحظات على بعض الموارد، عندما كنت أراجعه فيها، ولكن أكثر المسائل كانت مطابقة [لرأيه].

  • جواب سماحة السيّد: نعم صحيح، نعم صحيح.٢ و ٣

    1. ومن الجدير بالذكر أنّ سماحته قد كتب بعد سنوات من هذه المحاضرة تعليقةً مختصرة دوّن فيها على رسالة السيد عبد الهادي الشيرازي، و لكنها لم تنشر للعموم لأن سماحته كان يرفض طرح نفسه بعنوان مرجعٍ للتقليد. (م)
    2. انتهى التسجيل الصوتيّ هنا. وتجدر الإشارة إلى أنّه لم نشر في المتن أعلاه ولا في الهامش إلى أكثر المواضع غير الواضحة في التسجيل الصوتيّ، إلّا ما اقتضت إليه الضرورة، وذلك تسهيلًا للقراءة ورفعًا للإرباك. ومَن أراد الوقوف على ذلك فليراجع الملف الصوتي. (م)
    3. تنويه: نلفت عناية القارئ الكريم أنّ هذه المحاضرات أُلقيت بشكل شفاهيّ وباللغة العربيّة، واقتصرت على تفهيم المستمع بأبسط الكلام، فلم يُلتفت كثيرًا إلى ضوابط اللغة، كما اشتملت على كلام عاميّ. لذا عمدت اللجنة العلميّة بأمر مِن سماحة السيّد (قدّس الله سرّه) إلى إعادة تقويم الكلام وضبطه مِنَ الناحية اللغويّة، ومع ذلك آثرنا المحافظة على عبارة المحاضِر وترتيبها وبساطتها قدر الإمكان. كما تجدر الإشارة إلى أنّ العناوين الواردة هي مِنَ اللجنة.
      أمّا الرموز المستخدمة في المحاضرة فهي كالآتي: رمز الثلاث نقاط للكلام المحذوف، والرمز (...) للكلام غير الواضح وعند انقطاع الصوت، والرمز (م) لكلام المحقّق، والكلام المدرج في هذا [] فهو مِن وضع اللجنة لإتمام الجملة الناقصة بحسب ما يقتضيه السياق.
      ختامًا نلفت النظر إلى أنّ التسجيل الصوتيّ للمحاضرة متوفّر في الموقع لمَن يرغب الاستماع والمراجعة.
      (اللجنة العلميّة)