2

بيان ما حصل بعد ارتحال العلامة الطهراني من أحداث 2

9007
مشاهدة المتن

المؤلّفآية الله السيد محمد محسن الحسيني الطهراني

القسمجبل عامل

المجموعةما بعد العلامة الطهراني

جلسات المجموعة(2 جلسة)

التوضيح

تابع آية الله سماحة السيّد محمّد محسن الطهرانيّ (قدّس الله سرّه) في هذه المحاضرة ما بدأه في المحاضرة الأولى مِن بيان ما جرى بعد ارتحال والده العلّامة الطهرانيّ مِن فتنة وأحداث، موضّحًا تفاصيل الخلاف، والاشكالات الأساسيّة حول مقام الولاية والأستاذ السلوكيّ والإرشاد السلوكيّ، مُفنِّدًا الادّعاءات الباطلة مِنَ الطرف الآخر.

/۱٤
بي دي اف بي دي اف الجوال الوورد الصوت

بيان ما حصل بعد ارتحال العلامة الطهراني من أحداث ۲

1
  •  

  • هو العليم

  •  

  • بيان ما حصل بعد ارتحال العلّامة الطهرانيّ مِن أحداث

  • الجلسة الثانية

  •  

  • محاضرة ألقاها

  • آية الله الحاجّ السيّد محمّد محسن الحسينيّ الطهرانيّ

  • قدس الله سره

  •  

  •  

بيان ما حصل بعد ارتحال العلامة الطهراني من أحداث ۲

2
  •  

  •  

  • [بسم الله الرحمن الرحيم]

  • وصلّى الله على سيّدنا ونبيّنا محمّد وآله الطاهرين

  • (اللهمّ صلّ على محمّد وآل محمّد)

  • وعلى أهل بيته الطيّبين الطاهرين واللعنة على أعدائهم أجمعين

  •  

  •  

  • توجد أسئلة [وُجّهت إليّ]، وأنا سأجيب الآن عن هذا السؤال، فهو سؤال جيّد كتبه لي بعض الإخوة، ولا بدّ أن أشرح المسألة فيه، وهو: هل تغتسل الملائكة حتّى يحتاجوا إلى الطهارة؟ إنّ الملائكة لا يُحدثون وهم في طهارة دائمة ومجرّدون عن الأنجاس ومجرّدون عن الأمور المادّية، فالقصود بطهارة الملائكة هو التعظيم، فإذا قال شخص: إنّ الملائكة لا يذكرون اسم [فلان، إلّا وهم على] الطهارة۱، فهو لا يعني أنّ الملائكة يُحدِثون حتّى يحتاجون إلى الوضوء وغير ذلك. هذا أمر بسيط.

  • على أيّ حال، [ما تكلّمنا عنه] كانت مسائل رأيناها في زمن السيّد الوالد، ثمّ رأينا خلافها بعد وفاته. وخلال هذه الأحداث وما كانوا يقولونه، تبدّل الأمر مِنَ المسائل العلميّة إلى المسائل السياسيّة، يعني مع أنّهم كانوا أحيانًا يعترفون مثلًا بإمكانيّة أن يكون هناك إشكال في اطلاق الوليّ [على شخص]، أو مثلًا إنّي جديرٌ ببيان المصالح وحقيقٌ بي أن أُبيّن هذه القضايا، ولكنّ الأمر تبدّل وتحوّل مِنَ الناحيّة العلميّة وأصبح مسألةً سياسيّةً وخلافًا سياسيًّا بحيث صار شعارًا؛ مثلًا أصبح [يُعبّر] بهذا الشكل: (أتباع السيّد محمّد صادق) و (أتباع السيّد محمّد محسن)، ومِن دون الاهتمام بالأقوال [والآراء]، وإنّما مجرّد التبعيّة كافٍ في لحوق الفرد بهذا الطرف أو بذاك الطرف.

  • وحدث أمرٌ عجيب، خصوصًا بين النساء، فكُنّ يتشاجرنَ مع أزواجهنّ. وبدؤوا بالتُّهم ونشر الأكاذيب وغير ذلك.

  • أدلّة وادّعاءات واهية وردود مُحكمة

  • وواقعًا كانت استدلالاتهم على ولاية أخينا السيّد محمّد صادق عجيبةً، وهي أدلّةٌ تُضحك الثكلى، واقعًا كانت تُضحك الثكلى.

  • مثلًا، بعض هذه الأدلّة أنّ السيّد محمّد حسين والدنا قال في أحد الأيّام للسيّد محمّد صادق عبارة (عليه السلام). [فقالوا:] إنّ هذا يدلّ على أنّه وليٌّ، لأنّ السيّد والدنا لا يعبر بهذا التعبير ولا يطلقه إلّا على الإمام المعصوم عليه السلام، ومِن حيث أنّه عبّر به للسيّد محمّد صادق وعظّمه [بقوله له:] عليه السلام، [فلا بدّ حينئذ أنّه وليّ].

    1. جاء في كتاب (حريم القدس) للمحاضِر سماحة السيّد محمّد محسن الطهرانيّ، ص۱۰٣، ما يلي: كان المرحوم العلّامة الطهرانيّ كثيرًا ما يقول «إنّ العلّامة الطباطبائيّ إنسانٌ لا تأتي الملائكة على اسمه بغير طهارةٍ ووضوءٍ، وهو شخصيةٌ فذّةٌ يخفى قدرها وتُجهل منزلتها حتّى عن الأعاظم العلماء والفقهاء». (م)

بيان ما حصل بعد ارتحال العلامة الطهراني من أحداث ۲

3
  • هذا كلام بسيط واقعًا، وكنتُ قد قلتُ لكم إنّه ممّا تَضحك له الثكلى، فأنا سمعت مِن السيّد الوالد مرّات يقول للأشخاص (عليه السلام)، بمعنى عليه سلام الله تعالى، مثلًا، قد قال (عليه السلام) لولدي السيّد مصطفى وهو صغير وهو لم يكن وليًّا ولم يكن .. واقعًا الغريق يتشبّث بكلّ حشيشة! كانوا واقعًا يتشبّثون بأيّ شيء!

  • ومِن جملة الأدلّة الّتي أقاموها لإثبات الولاية [للسيّد محمّد صادق]، هي قضيّة السيّدة الجليلة المؤمنة الحاجّة أم محمّد، فقالوا إنّ هذه القضيّة تشير إلى أنّ السيّد الوالد بصدد التصريح بأنّ السيّد محمّد صادق وليٌّ. مع أنّ هذه القضيّة لا دخل لها أبدًا بذلك، أبدًا، فالسؤال الّتي سألته للسيّد الوالد هو: إلى مَن نرجع بعد وفاتكم؟ فقال السيّد الوالد مثلًا: ارجعوا إلى السيّد محمّد صادق.

  • هذا الرجوع لا يدلّ أبدًا على الولاية بأيّ وجه مِنَ الوجوه، لأنّ السيّد الوالد كان في زمان حياته يُرجع إلى أفراد شتى، فكان يُرجع البعض إليّ، ويُرجع إلى السيّد محمّد صادق، ويُرجع البعض إلى فلان .. والرجوع هنا هو الاستفادة والاستشارة مثلًا وغير ذلك، وهذه المسائلة نفهما [على هذا النحو] مِن دأب السيّد الوالد، فكيف [يمكن أن تُحمل على الولاية أو الوصاية]؟! فهذه المسألة لا ترتبط أبدًا بالولاية ولا بالوصاية ولا بشيء [مِن ذلك].

  • وإحدى القضايا الّتي استدلّوا بجدٍّ بها على ذلك، قضيّة الحاجّ أبو موسى الّذي في الشام فهو زينبيّ السكن، إذ قال: أنا منذ ثلاث سنوات، قبل وفاة السيّد الوالد، سألتُه: مَن هو الوصيّ بعدكم؟ فقال: الوصيّ بعدي هو السيّد محمّد صادق، ولكن لا تقول هذا في أيّام حياتي. وبعد ارتحال السيّد الوالد قال الحاجّ أبو موسى أنّه سمع ذلك مِنَ السيّد الوالد. فاستدلّوا على ولايته [بهذه القصّة].

  • أوّلًا، هذه المسألة لا تدّل على الوصاية الباطنيّة أبدًا أبدًا، بأيّ وجه كان. وثانيًا، يمكن أن يكون ذلك قضيّةً شخصيّةً، لأنّنا سمعنا [مثل هذا الكلام] مِنَ السيّد الوالد في غيره، على هذا، فإنّ سراية هذه القضيّة إلى العموم والشمول غيرُ ثابتٍ. وإذا قبلنا بجميع ذلك، إلّا أنّ الأدلّة المتقنة تفيد بأنّه لا يمكن الركون والاعتماد أبدًا على الخبر الواحد في المسائل الاعتقاديّة، أمّا بالنسبة للمسائل والأحكام الظاهريّة كالطهارة والنجاسة وغير ذلك، فنحن نركن فيها ونعتمد على أخبار الآحاد إذا كان الراوي ثقةً ضابطًا وعادلًا وعندنا وثاقة بكلامه ومرامه، ولكن إذا كانت المسألة اعتقاديّةً كمسألة التوحيد والمَعاد وغير ذلك، فلا نركن ولا نعتمد أبدًا على أخبار الآحاد لأنّه بواسطة، ونحن لا نعلم كيف سأل الراوي الإمام عليه السلام وإن كان الراوي قد حَفِظ [ونقل] عين الكلمات والحروف الّتي ألقاها الإمام عليه السلام أو أنّه نقلها بالمعنى عن الإمام عليه السلام، أي نقل بالمعنى لا بالرواية. ففي هذه المسائل المهمّة، بناء على الأدلّة الروائيّة والرجاليّة، لا يمكننا أبدًا أن نعتمد عليه ونفوّض ديننا ودنيانا وجميع المسائل إلى شخص تنطبق عليه تلك المعايير. هذه هي القضيّة. ومع ذلك، قد قال الحاجّ أبو موسى بعد زمنٍ إنّ تلك القضيّة قضيّةٌ شخصيّةٌ ولا ترتبط [بالعموم]، يعني أنّ هذا الشخص أقرّ بعد زمن بأنّ هذه المسألة مسألةٌ عاديّة وشخصيّة، وليست مسألةً عامّةً مثلًا حتّى تشمل كلّ الأفراد. هذه مِنَ الأدلّة الّتي يستدلّون بها.

بيان ما حصل بعد ارتحال العلامة الطهراني من أحداث ۲

4
  • والدليل الّذي يعتمدون جميعهم عليه هي مكاشفة الحاجّ محمّد حسن البيات، وهو أحد رفقائنا، حيث رأى في المكاشفة أنّ بعض الأفراد بعد زمان السيّد الوالد سيقلّدون السيّد محمّد صادق، ونقل السيّد محمّد صادق هذه المكاشفة للسيّد هاشم الحدّاد، وقال السيّد هاشم الحدّاد له: هل أنت راضٍ بهذا؟ قال: لا، أنا غير راضي. فقال السيّد الحدّاد: لا بدّ أن ترضى برضى الله تعالى، وغير ذلك [مِن كلام]. فاعتبر السيّد محمّد صادق هذه القضيّة خلافةً ووصايةً، يعني أنّه يقول إنّ الحاجّ محمّد حسن رأى بالمكاشفة أنّه خليفةٌ للسيّد الوالد، والسيّد الحدّاد شجعه على ذلك وقال له: لا بدّ أن تكون راضٍ برضى الله تعالى ولا بدّ أن تكون خليفة لوالدك.

  • أنا أعلن الآن بأنّ هذا ليس صحيحًا، بل الأمر كما يلي، حيث كنتُ جالسًا حين حكى الحاجّ محمّد حسن [تلك المكاشفة] للسيّد محمّد صادق، الّذي كان ابن خمسة عشرة سنة حينها وأنا كنتُ ابن ثالثة عشرة سنة، يعني أنّنا كنّا في أيّام طفولتنا عندما وقع هذا الأمر. فأنا سمعتُ [الحاجّ محمّد حسن البيات يقول] إنّه رأى في المكاشفة أنّ بعد وفاة السيّد الوالد فإنّ بعض الأفراد سيقلّدون السيّد محمّد صادق. فالمسألة مسألة تقليد فقط، وأنا قد سمعتُ ذلك، ولكنّ السيّد محمّد صادق الآن يحكي بخلاف ذلك، فيقول إنّ المسألة كانت تتعلّق بالجلوس مكان السيّد الوالد مِن بعده، [أقول:] هذا مخالف [لما حدث]، وأنا أقرّ أنّ المسألة ليست كما قال. مع ذلك، فنحن على دراية واقعًا أنّ ذاكرة السيّد محمّد صادق ليست قويّةً، وقد شاهدنا كيف كان ينسى بعض المسائل ثمّ يتذكّرها ثمّ ينساها وهكذا .. على أيّ حال، نحن لا نثق أبدًا بكلام الّذي نسمعه منه، وهذا ليس عنادًا ولا غرض لنا [وراء ذلك]، لا، بل هذه طبيعته، فبعض الأفراد ذاكرتهم ضعيفة وبعض الأفراد ذاكرتهم قويّة وغير ذلك. فبالنسبة لهذه المسألة، أنا كنتُ حاضرًا حين حكى الحاجّ محمّد حسن البيات هذه المكاشفة للسيّد محمّد صادق، وهم الآن يتمسّكون بها ويقولون إنّها دليلٌ على أنّ السيّد محمّد صادق وليٌّ، [والحال أنّ المسألة] ليست شيئًا غير ما بيّنت.

بيان ما حصل بعد ارتحال العلامة الطهراني من أحداث ۲

5
  • شرط الوصاية الظاهريّة الإعلان عنها والتصريح بها

  • هذا هو الوضع، فهناك مكاشفة البيات وما ينقلونه عن الحاجّة أم محمّد ويقولون أنّه يدلّ على الولاية، فهذان مسألتان، وقضيّة الحاجّ أبو موسى الّذي نقلها هو عن السيّد الوالد. وقد أثبتنا أنّها بأجمعها لا تدلّ على ذلك. لا بدّ مِنَ التصريح [في موضوع الولاية والوصاية]، كما قال السيّد الوالد۱، لا بدّ أن يكون الوصيّ ظاهرًا: إمّا بأن يُعِلن الأستاذ في زمن حياته أمام الناس وعلى رؤوس الأشهاد بأنّ فلان وصيًّا بعدي، أو بأن يكتب صراحة بوصاية [فلان]، كما فعل السيّد هاشم الحدّاد بالنسبة إلى والدنا السيّد محمّد حسين الطهرانيّ، وكما فعل السيّد القاضي بالنسبة إلى الشيخ عباس هاتف [القوجاني]، [نعم، أمّا] السيد محمّد حسين [الطهرانيّ] فقد كان وصيًّا باطنيًّا وظاهريًّا معًا، وأمّا الشيخ عباس هاتف القوجاني فقد كان وصيًّا ظاهريًّا للسيّد القاضي. حسنًا، هذه هي المسائل الّتي يتمسّكون بها في قضيّة الولاية والوصاية.

  • ونحن لم نسمع أبدًا مِنَ السيّد الوالد في زمن حياته أنّه صرّح بأنّ السيّد محمّد صادق وصيًّا، أبدًا، وكلّ مَن سمع ذلك فليأتي ويشهد! ولم يكن ذلك مكتوبًا أبدًا. حتّى أنّ نفس هذا الوصيّ [المُدّعى، يعني الوصيّ بالنسبة] للأفراد الّذين يدّعون أنّه وصيّ، وهو نفسه أراد أن يدّعي ذلك، فهو أيضًا صرّح بعد ارتحال السيّد الوالد [وقال]: إنّ السيّد الوالد لم يقل لي شيئًا، وليس عندي عِلم بهذا. يعني أنّه صرّح أمامي وقال: واللهِ، أنا لا أعلم شيئًا، وأنا كسائر الرفقاء. هكذا كانت [الأمور] في بداية الأمر، ثمّ انقلبت. حسنًا، هذه مسألة.

  • فمِن أين تثبتون أنّه وصيّ، مع أنّ الوصاية الظاهريّة لا بدَّ أن تكون أمام الناس، كما صرح السيّد الوالد في كتاب (الروح المجرّد)، بأنّ ذلك لا بدّ أن يكون بالإعلان أو بالكتابة، وكلاهما مفقودان في ظروفنا هذه [وموضوعنا هذا]. وعلى كلّ حال، إنّ أخبار الآحاد في ذلك لا يمكن الركون إليها، [والمدّعى] يخالف [ضوابط] الوصاية الظاهريّة لأنّها في مقام الإثبات، يعني في مقام الإعلان، والإعلان يخالف الإخفاء، ولهذا [كان مدّعاهم باطلًا]. هذه مسألة.

    1. الروح المجرّد، العلّامة السيّد محمّد الحسين الحسينيّ الطهرانيّ (قدّس الله نفسه)، ص٤۷۰، حيث قال: الوصيّ الظاهري هو الّذي يجعله الأستاذ وصيًّا له أمام الملأ العامّ، فيكتب بذلك ويُمضيه ويُعلنه. (م)

بيان ما حصل بعد ارتحال العلامة الطهراني من أحداث ۲

6
  • يجب أن يكون الوصيّ حافظًا لشؤون المُوصي وحريصًا عليها

  • وهناك أمر آخر، وهو أنّ الوصيّ لا بدّ أن يكون حافظًا لشؤون المُوصي، يعني لا بدّ أن يحفظ الوصيُّ شؤون الأستاذ بعد وفاته؛ والحال أنّنا في هذه السنوات الأربع رأينا خلاف ذلك. وهذا أدلّ دليل على أنّ السيّد محمّد صادق ليس بوصيّ. يعني أنّ كيفيّة إدارته وتدبيره بين الرفقاء كانت جميعها مخالفةً لذلك، يعني أنّهم واقعًا كسروا موقعيّة الوالد وخصوصيّة الوالد أمام الناس وأمام العلماء، فصاروا يضحكون علينا ويسخرون منا ويهزؤون بنا، فيقولون: أنظروا، ما إن ارتحل والدهم حتّى صاروا مثل الـ .. يهجمون على [بعضهم] ويتشاجرون في الميراث ..

  • على أيّ حال، نحن رأينا هذا، وهذا كلّه يدلّ على أنّه لا يمكن أن يكون وصيًّا ظاهريًّا، لا يمكن ذلك، يعني مع أنّه لا يُحتمل فلا نشكّ أبدًا أنّه لا يكون، لأنّ الوصيّ لا بدّ أن يكون حافظًا لشخصيّة الأستاذ الّذي قبله.

  • سوء التدبير والهتك والافتراء والعداوة وقطع الأرحام تتنافى مع الوصاية والولاية 

  • وقد رأيناه يفوّض الأمور إلى النساء والجهّال، ويفوّض الأمور إلى أشخاص غير مؤهّلين لذلك، فمضوا فيما مضوا وذهبوا إلى ما ذهبوا إليه وبلغوا ما بلغوا؛ فهم لا يُبالون باتّهام الغير، ولا بأيّ شيء آخر، فكانوا يتّهمون الأشخاص بكلّ شيء مهين وبكلّ وسيلة وبالأكاذيب وغير ذلك. كانوا يقولون: إنّ السيد الوالد قد قطع علاقته بي أربعة أشهر في آخر حياته، وإنّ السيد الوالد كان كذا مع السيّد محسن۱، وإنّ السيّد الوالد كان يقول لبعض الأفراد ..

  • إنّ السيّد مرتضى أحدُ أصدقائنا ورفقائنا الآن، قد سمعتُ بأُذني أنّ [السيّد الوالد] قال [بحقّه]: أنا كسرت ضلعه وكسرت عظمه بواسطة المراقبة والمجاهدة في المسائل السلوكيّة، وطحنته تحت الحجر كالقمح، ولم يبق له إلّا امتحانٌ واحد بعد أن تخطّى امتحانين. وسمعتُه يقول: إنّ السيّد مرتضى عقيقٌ. والمراد بالعقيق [الكناية] عن الشيء الثمين. فهذا السيّد الجليل مع شيخوخته اتّهموه بأمور، كقول أخينا فيه: إنّ السيّد الوالد ارتحل عن الدنيا وهو غاضب على السيّد مرتضى.

  • كيف تلعبون بشخصيّات الأفراد؟! كيف تلعبون بخصوصيّات الأفراد؟! لماذا، لماذا؟! ذلك لأنّه يحبّني، ولأنّه يعارضكم بالصراحة ويقول هذا باطل وهذا كذا. فكلّ مَن يعارض السيّد [محمّد صادق]، ويقول إنّ هذا باطل وكذا، فيكون قد قام [أمام] السيّد محمّد صادق، وحينئذٍ لا بدّ أن يكسروه ويضعوه تحت أقدامهم، وذلك لأنّه قال للسيّد محمّد صادق كذا وكذا! لقد جعلوا منه قدّيسًا وصنعوا منه قدّيسًا، فلا يجوز مواجهته، ولا يجوز القيام [أمامه] ومواجهته وغير ذلك!! هكذا هو الحال!! مع أنّنا رأيناه كسائر الأفراد، فهو فرد عاديّ، فرد عاديّ يمكنه أن يُخطئ وهكذا. هذا مِن ناحية.

    1. وهو المحاضِر نفسه سماحة السيّد محمّد محسن الطهرانيّ (قدّس الله نفسه الزكيّة). (م)

بيان ما حصل بعد ارتحال العلامة الطهراني من أحداث ۲

7
  • وهناك شخص آخر، وهو بعض أصدقائنا في شيراز، كان واقعًا شخصًا جيّدًا، فقالوا ونقلوا إنّ السيّد محمّد حسين [الطهرانيّ] مات وهو غاضب عليه. مع أنّ الواقع خلاف ذلك، فقد كان راضيًا عنه، وأنا أعلم بمسائل تتعلّق بهذا الشخص لا يعلم بها سائر الأفراد. لماذا [يقولون ذلك]؟! ذلك لأنّه لا يطيع السيّد محمّد صادق، ولا يخضع له، لأنّه لا يراه في هذه الموقعيّة حتّى ينقاد له ويطيعه. إذ مِنَ المستحيل أن يطيع المرء شخصًا بهذه المثابة والحالة.

  • وقد سمعنا أنّه يقول: كلّ مَن يأتي إلى هنا، لا يجوز أن يرفع رأسه. [أقول:] لماذا؟! يعني واقعًا ما هذه الأشياء؟!

  • هذه الأمور وما كنّا نسمعه مِن هؤلاء الأفراد كان صعبًا علينا، وكان ذلك يؤثّر على الأفراد ويوجب تنفُّرهم وانصرافهم. وكلّما انصرف أشخاص، كانوا يقولون: إنّ السيّد محسن هو سبب تنفّر هذا الشخص وسبب انصراف ذاك. مع أنّي لم أتكلّم بمثل تلك الأمور والمسائل [الّتي كانوا هم يقولونها والّتي تنفّر الأفراد].

  • على أيّ حال، هذه المسألة أثارت فتنة، وانقلبت الأمور، وصار هناك صراعٌ عجيب بين أفراد الأسرة، بين الأخت وأختها، وبين البنت وأبيها، وبين الزوج وزوجته، وبين الابن ووالده، وغير ذلك. وحدثت مشكلة، فكان يقول أحدهم إنّه لا يسلم أصلًا على والده! فهل هذا هو طريق العرفان؟! هل هكذا هو العرفان الحقيقيّ، أن لا يسلّم [الولد] على والده، والزوجة لا تسلّم على زوجها، وهذا يريد أن يطلّق زوجته، وتلك تريد الطلاق مثلًا؟! هذا عجيبٌ، أصبح الزوج لا يسلّم على أب زوجته أصلًا، ولا يتكلّم معه، بل يسبّه ويشتمه!! إذا ذهبتم إلى إيران سترون ما أقوله، لا بدّ واقعًا أن تأتوا وترون بأنفسكم وتلاحظوا ما أقول.

  • وهذا رفيقنا الحاجّ محمّد سعيديان، فمِن حيث إنّه يحبّنا، واقعًا إنّ ذنبه [بالنسبة إليهم] أنّه يحبّنا، تركوه بالمرّة وقاطعوه وأخرجوا الرفقاء مِن بيته، وقالوا: لا تعقدوا الجلسة في بيته وكذا وكذا وكذا. وإخوتنا لا يجيبونه السلام إذا سلّم عليهم، لا يجيبونه، لا يجيبونه!! وذنب هذا أنّه يحبّنا فقط. وهو يقول: أنا أحبّ كلّ أولاد الأستاذ، لا فقط السيّد محمّد محسن، فأنا أحبّ السيّد محسن والسيّد محمّد صادق (...). فيقولون: لا، بل لا بدّ أن تترك السيّد محسن، وإلّا قاطعناك مثلًا. يقولون ذلك بصراحة، بصراحة يقولون ذلك لا بالكناية، إذ قد مضت الكناية والمجاملة [وحان] الآن [وقت] الصراحة في القول.

بيان ما حصل بعد ارتحال العلامة الطهراني من أحداث ۲

8
  • على أيّ حال، نحن [مع هذا] كنّا نسير على طريقتنا .. ومثلًا، صرّح السيّد أبو الحسن، يعني أنّه قال بصراحة: نحن نعدّ السيّد محسن مِن الإخوان. يعني أنّ هذا ليس أخًا لنا، يعني قد انقطع الرحم والنسبة [بينني وبينهم]. يعني أنّ مسألة الولاية تقطع كلّ شيء! يعني أنّ مسألة الولاية – وهي الولاية الخياليّة – تقطع كلّ شيء! ونحن فقط نسلّم عليه والسلام، فلا نراوده مثلًا ولا غير ذلك. هذه هي المشكلة.

  • لجاجة واعترافات ونقض للعهود فقطيعة ثمّ خاتمة جريئة على وصايا الأولياء

  • قبل سنة، يعني قبل السابع والعشرين مِن رجب، مبعث الرسول الأعظم، ذهبتُ إلى مشهد وتكلّمت مع السيّد محمّد صادق وقلتُ له: لا بدّ لنا مِن اتفاقيّة، نقرؤها نفسها على الرفقاء، فأنتَ تقرؤها في مشهد، وأنا أقرؤها في قم. واتّفقنا فيها على مسائل، [منها] أن لا يُشتم الشخص الّذي يُسلّم علَيّ، وأن تكون هناك علاقات بيننا وبينهم .. على كلّ حال، قبِل بذلك، وأنا بعد زمن اتّصلتُ به وسألته: هل كتبت هذه الاتفاقيّة؟ قال: لا، فأنا رأيتُ أنّ هذا قد يوجب مشاكل، [فسأكتفي] بالكلام مع الرفقاء في بعض المسائل. فقلتُ له: يا أخي، هذه الطريقة لا تؤدّي إلى نتيجة، بل لا بدّ مِنَ اتفاقيّة وورقة [مكتوبة] بخطّ [اليد]، حتّى لا يقول المرء مثلًا: فلان زاد في الكلام وذاك أنقص منه. فلا بدَّ مِنَ ذلك. فقال: لا إشكال [في ذلك]. وبعد أربعة أيّام اتّصلتُ به وسألته: هل كتبت هذه الاتفاقيّة؟ فقال: لا، فأنا أرى أنّ ليس هناك مشكلةٌ .. [أقول:] لماذا أنت تتسامح [في ذلك] وتمنع وتبخل [عن الإقدام على ذلك]، لماذا؟! فما هو هذا المانع؟! على كلّ حال، قال: تعال إلى مشهد، في يوم السابع والعشرين مِن رجب، مع سائر الرفقاء، وأنا سأحكي حينها معهم أنّه لا يجوز الخلاف بين الرفقاء، وأنّ جميعهم على سواء، وجميعهم كذا وكذا، وجميعهم أصدقاء ورفقاء، ولكلّ أن يمضي ويسير على طريقه ... فقلتُ: إذا كان الكلام بهذا الشكل، فلا إشكال، وبذلك ينتهي الأمر.

  • فدعونا جميع الرفقاء مِن أقصى البلاد في إيران، فاجتمعوا، وتكلّم السيّد محمّد صادق، وأثناء كلامه قال فجأة: إنّ كلّ مَن يقبلني فلا بدّ أن يترك غيري، وكلّ مَن يقبل السيّد محمّد محسن فلا يجوز له أن يأتي إلى هنا. عجيب [هذا]!! إنّه قال ذلك فجأة! ونحن تفاجأنا! فنحن لم نقرّر ذلك [ولم نتّفق عليه]، نحن لم نقرّر أن تقول: إذا قبلني شخصٌ لا بدّ أن لا يقبل غيري، وأنّه لا يجوز أخذ أستاذين معًا. فأنا لم أقل أنّني أستاذ، فكيف تتّهمني بأنّي قلتُ ذلك؟! لماذا؟! فأنا فرد عاديّ كسائر الأفراد، فلماذا تتّهمني، فهل ادّعيتُ أنّي أستاذٌ، حتّى تقول مثلًا: لا يجوز أخذ أستاذين؟! أنا لم ادّع ذلك! فانقلبت هذه الجلسة كلّيا، عجيبة كانت! فقد انقلبت كلّ الأمور!

بيان ما حصل بعد ارتحال العلامة الطهراني من أحداث ۲

9
  • وبعض الرفقاء كالدكتور غفاريّ وبعض الأشخاص، خرجوا مِنَ المجلس ويتركوه بعنوان الاعتراض على ذلك .. لماذا حصل ذلك؟! فنحن جئنا مِن طهران وتركنا كلّ [أشغالنا] لنستمع إلى هذه الكلمات؟! هل هذه الجلسة جلسة الاتّفاق والوحدة؟! وبعدها قلتُ له: لماذا قلتَ هذه الأمور وخرّبت المجلس و..؟! قال: لا، أنا قلتُ أنّ كلّ مَن لا يعتقد بي فلا يجيء؟! قلتُ: نحن لم نقرر [ونتّفق] على هذه الكلمات، نحن قرّرنا أن تكون هذه الجلسة جلسةَ وحدة وأُنس، فلماذا [فعلتَ ذلك]؟!

  • على أيّ حال، وبعدُ، شرعوا بالاتّهامات وغير ذلك، [وكان الأمر] عجيبًا، أنا واقعًا الآن يصعب علَيَّ أن أحكي المسائل والاتّهامات العديدة [الّتي لفّقوها]؛ إحدى هذه الاتّهامات قالها السيّد محمّد صادق نفسه، قال: قال السيّد محسن أنّه سرّ والدي. ومِن هذه الاتّهامات الّتي قالها بنفسه: قال السيّد محسن إنّه أقرب الأولاد إلى والدي، وادّعى السيّد محسن كذا وكذا، وادّعى المسألة الكذائيّة لنفسه، وهو يدعي كذا وكذا، وإنّ السيّد محسن يريد أن يكون أعلى منّي، والسيّد محسن قال كذا وقال كذا.

  • هذه بعض الأمور، وجميع هذه الأكاذيب والاتّهامات – واقعًا – لا يتفوّه بها الشخص العاديّ، واقعًا إنّ الشخص العاديّ لا يتفوّه بها. [وقال أيضًا]: إنّ السيّد محسن قال [عني] إنّني تزوّجت الدكتورة الطهرانيّ. [أقول:] هل أنا قلتُ [ذلك]، ولماذا؟! حتّى أنّ بعض المسائل قد اِنْفَشت، فتخيّل أنّني أنا مَن أفشيتها، ولكنّني واقعًا بريءٌ مِن هذه الأمور، هذه تُهَم واقعًا تُهم، وأنا صراحةً أقول إنّها تُهم، مع أنّ فعالهم [و]هم مَن أفشى هذه القضيّة، وأنا كنتُ دائمًا أوصي الرفقاء بإخفاء بعض المسائل.

  • وعلى هذا استمرّ الحال، وبعد ثلاث سنوات مِن ارتحال السيّد الوالد، يعني قبل سنة مِن [يومنا هذا]، في التاسع مِن صفر ذهبنا مع الدكتور غفاري وبعض أصدقائنا إلى مشهد، والتقينا بالسيّد محمّد صادق، وتكلمتُ معه أربع ساعات ونصف، ومِنَ المسائل الّتي طرحها السيّد محمّد صادق قوله: أنا لا أقول أنّني وليٌّ، ولكنّهم يأخذونني – يعني أنّ في عالَم الغيب مَن يأخذني – ويتمسّك بي، وأنا لا أُخطئ، لا أخطئ في المسائل أبدًا. فقلتُ له: أأنت لا تُخطئ؟! قال: أنا أرى بالنور، يعني أنا أرى نوري في وجهي، وبهذا النور أرى المسائل، ولذا لا أُخطئ. فبيّنتُ له [مواردَ أخطأ فيها وعدّدتها له؛] واحد اثنين ثلاثة أربعة خمسة ستة سبعة ثمانية تسعة عشرة .. فهذه مرّات قد أخطأ فيها وأنا صحّحت الأمر، فقلتُ له: ألم تصمّم في القضيّة الفلانيّة على شيء، وأنا بدّلت رأيك فيها، ألم تكن تريد أن تفعل كذا في القضيّة الفلانيّة، وأنا بدّلت رأيك، ألم يكن رأيك في القضيّة الفلانيّة كذا، وأنا [بدّلت رأيك؟! فعلى هذا] أأنت مَن فيه النور أم أنا! أنا لا أدّعي أنّ فيَّ نورًا، فأنا شخص عاديّ، وأفكاري تلك [فكّرتُ فيها] وفق الطبيعة العاديّة.. فأنت الّذي تدّعي أنّ فيك نور، أهذا هو النور، أهكذا يكون النور، مع [كلّ هذه الأخطاء]؛ ألم تقُل إنّه لا بدّ مِن نشر ذاك التأليف للوالد، وأنا بدّلت رأيك وقلتُ إنّه لا يجوز ذلك في هذا الزمان، فقلتَ أنت: نعم صحيح، ثم أبلغتَ الأفراد ومنعتهم مِن نشره؟ وألم تقل كذا، وألم تقل كذا [وأنا غيرّت لك موقفك ورأيك]؟!

بيان ما حصل بعد ارتحال العلامة الطهراني من أحداث ۲

10
  • وكذلك عدّد له الدكتور غفار عدّت موارد، يعني قال له: ألم تقل كذا وكذا .. فكنت أذكر له موردًا والدكتور غفاري يذكر موردًا، وهكذا. [فأجابنا:] نعم، نحن في المسائل العاديّة نُخطئ، ولكن في مسائل التربية والسلوك لا أخطئ. فقلتُ: عجيبٌ، كيف ذلك، فهل هناك فاصلة بين المسائل السلوكيّة والتربويّة وبين المسائل الاجتماعيّة والعاديّة؟! يعني هل الأمر كذلك واقعًا؟! [بل] هناك علاقة جديّة بين المسائل العاديّة والتربية والمسائل السلوكيّة، يعني يستحيل [الانفكاك]. فقال له الدكتور غفاري: ألم تقل لفلان: يجوز لك أن تذهب إلى لندن لتصبح سفيرًا فيها. مع أنّ ذلك لم يكن في مصلحته، وواقعًا إنّي أقسم بالله أنّ هذا الأمر كان خطأ وهو مضرٌّ بسلوكه. فاعترف أنّه يُخطئ في المسائل السلوكيّة أيضًا، هو مَن اعترف بذلك، اُشهد الله اُشهد الله أنّه اعترف أمامي وأمام الدكتور غفاري بأنّه يُخطئ حتّى في المسائل السلوكيّة، وذلك بعد أن ألزمناه [الحجّة]. ففي بداية الأمر لم يقبل بذلك، ولكنّا ألزمناه [بعد أنّ عددنا له أخطاءه:] هذه مرة وهذه الثانية والثالثة والرابعة والخامسة والسادسة، فكم نعدُّ بعدُ، ففي هذا المورد [أخطأتَ]، وفي ذاك المورد؟!

  • [ثمّ إنّك كنتَ] تقول [شيئًا] في أمر ما، فيأتيك شخص فيبدّل رأيك، ثمّ يأتيك آخر فيبدّل رأيك! فما هذا؟! يعني نحن لم نر شخصًا يبدّل رأيه في يوم واحد أربع مرّات! وبعدُ يدّعي أنّه وليٌّ! يعني كيف يكون ذلك! فإنّ الشخص العاديّ لا يفعل ذلك، أن يبدّل رأيه في يوم واحد أربع مرات، فتراه يقول [مثلًا] لا تفعل، ثمّ يقول افعل، ثمّ يقول لا تفعل، ثمّ يقول افعل، ثمّ يقول لا تفعل! ماذا نفعل مع هكذا الشخص؟! قد أقسم الدكتور غفاري أنّه بدّل رأيه في يوم واحد أربع مرّات، أربع مرّات!! فكيف يمكن والحال هذه أن نقول عن هذا الشخص إنّه وليٌّ أو وصيٌّ؟! هذا مستحيل، فإنّ الشخص العاديّ لا يفعل ذلك، [بل] الشخص العاديّ في عُمر العشرين سنة لا يفعل ذلك.

  • ثمّ قلنا له: ألم تتّهمني بأنّي قلتُ كذا، واتّهمتني بكذا؟! وقد اتّهمتني الآن بأنّي قلتُ كذا، واتّهمتني بأنّي قلت كذا و.. مع أنّي لم أقل شيئًا. وقد جئنا بالقرآن وقلتُ له: إن كنتَ صادقًا فضع يدك على القرآن واقسُم بالله. ولكنّه لم يفعل، فوضعتُ أنا يدي على القرآن وأقسمتُ بالله عشرة مرّات، عشر مرّات. ما هذه القضيّة واقعًا؟!

بيان ما حصل بعد ارتحال العلامة الطهراني من أحداث ۲

11
  • حسنًا، كيف [ينبغي] أن نتعامل مع هذه المسألة؟! فهو قد اعترف بأنّه كذا وكذا، واعترف مثلًا بأنّ أخيه السيّد أبو الحسن كان بحسب الظاهر يحبّه ولكن بحسب الواقع كان يُكسر شأنه وشخصيّته، وكان جميع مَن حوله جهّالًا، كان جميعهم مِنَ العوام، جميعهم جهّال، فلماذا تتّكئ وتعتمد عليهم وتثق بهم؟! إنّ هذا كلّه يُذهب ماء وجهك وشخصيّتك وغير ذلك.

  • فقَبِل بكلّ ذلك، وكتب هو وجميع مَن [حضر هذه الجلسة] على ورقة، ومضى هو وأنا مضيت أيضًا، على أنّه اعترف بأنّه يُخطئ في أعماله ولا يمكن الاعتماد عليه، وأنّ يكون كلٌّ على حِدَةٍ ولكلّ طريقه، وأن لا يُسمح بالاعتراض علَيَّ، ولا يُسمح بالتعرّض [للآخرين]، وأنّه لا بدّ للجميع أن يسير، وأنّنا جميعنا رفقاء نجتمع جميعًا في مِثل هذا الحفل .. وتقرّر أن يَقرأ هو هذا الكتاب [الّذي أمضيناه] في جلسة عصر الجمعة – إنّ هذه المسألة مهمّ واقعًا – فانصرفنا وكنّا فرحين الحمد لله، حيث اتفقنا معه أن يقرأ هو الاتفاقيّة في عصر الجمعة أمام الأفراد، ونحن نقرأها في طهران، ونتمّم كلّ شيء.

  • كانت هذه [الجلسة والاتّفاقيّة] في ليلة الجمعة، ففي ظهر [يوم الجمعة] دعانا للغداء، فلمّا ذهبنا إليه رأينا وجهه قد تغيّر، [وذلك في فاصلة] مِنَ الليل إلى الظهر فقط، فكان قد التقى صباحًا بإخوتنا – الحمد لله – وببعض الأفراد، فتبدّل كلّيًا. فما إن دخلنا المنزل رأينا أن هذا الوجه غير وجه ليل أمس، وفجأة بدأ بالصراخ قائلًا: أنا مدير الأمور، لا بدّ أن أكون أنا رئيس كلّ شيء، الأمر بيدي ولن يكون بيد غيري و.. ما هذا!! اذهب واغسل وجهك، أأنت نائمٌ أو نعسان أو ماذا! اذهب! فقال: لا، أنا لا أرضى منك ذلك، والله لا يرضى منك ذلك. وبدأ يسبّني ويشتمني ويقول: كلُّ هذه المسائل بيدي .. لماذا [تقول ذلك]، فنحن تكلّمنا واتّفقنا في الأمس، فلماذا؟! فمِنَ الأمس حتّى الآن مضت عشرُ ساعات فقط أو خمس عشرة ساعة، فما الّذي بدّل رأيك؟! واقعًا نحن ماذا نفعل بأمثالك؟! أيمكن أن نعتمد عليك، [فمَن يضمن] أن لا تغيّر رأيك بعد ساعة؟! يعني كان الأمر بهذا الشكل! وفيما بعد تكشّف أن بعض إخواننا التقوا به وقالوا له أنّ السيّد محسن يريد الانحراف في مسير السيّد الوالد وغير ذلك.

بيان ما حصل بعد ارتحال العلامة الطهراني من أحداث ۲

12
  • ... فتكلّمنا معه، ثمّ بدّل رأيه وخفّف انفعاله وقرّر أن يقرأ هذه الاتفاقيّة ويتكلّم أمام الرفقاء في عصر الجمعة، فأصبحنا فرحين لذلك. وفي عصر الجمعة تكلّم وكان كلامه جيّدًا مِن حيث المجموع [أي] سبعين بالمئة مِن كلامه [كان جيّدًا]، فطرح بعض المسائل [ومنها أنّه قال]: كلّ مَن يبغض السيّد محسن فهو يبغضني، وكلّ مَن يحبّ السيّد محسن فهو يحبّني، وكلّ مَن يحبّني لا بدّ أن يحبّ السيّد محسن .. وغيرها مِنَ المسائل. فأصبحنا فرحين الحمد لله، قد أصبح الحال جيّدًا وستنتهي [المشاكل]، وكان الرفقاء فرحين [لذلك].

  • ولكنّني رأيتُ وجوهًا عجيبةً، يعني أنّ بعض الوجوه كانت منقبضةً وعجيبةً وعابسةً – يعني كان بعض الأفراد كذلك ولن أسمّيه ولن اذكر اسمه – فكانوا غاضبين مِن هذه الاتفاقيّة [كأنّهم يتساءلون مستنكرين] كيف حصلت هذه الاتفاقيّة!! حتّى أنّني رأيتُ ذلك مِنَ أقربائنا ومِن الأرحام .. كيف تقولون أنّه وليّ [ولا ترضون بفعاله]؟! فهذا الوليّ [بنظركم] يريد أن يتّفق مع شخص كافر، فما شأنكم، فهو يريد ذلك؟! ألا تقولون إنّه وليٌّ، فإن كان وليًّا، فهو يريد أن يتّفق مع شخص كافر وفاسق [باعتباركم]، فلماذا تغضبون وتعبثون؟! ولماذا أصبحتم بهذه الحالة؟! ألّا تدّعون أنّه وليٌّ، ألّا تدّعون أنّكم تلاميذه، فلا بدّ للتلميذ أن يطيع، فلماذا إذ قال هو شيئًا، تفعل أنت شيئًا آخر؟! فهل هذه هي الطاعة؟! وهل هذا هو التتلمذ عند الأستاذ؟!

  • فذهبنا إلى ...۱ وقرّرنا أن نقيم جلسة، وأبيّن فيها للرفقاء هذه الاتفاقيّة، لتنتفي المشكلة كلّيًا ونجعل بين الرفقاء الصلح والتآلف والمحبّة والتوافق وغير ذلك، ونصبح جميعًا سعداء. ولكن في يوم الأحد اتّصل شخص مِن مشهد وقال: أتعلم ماذا اتّفق [حدوثه] في مشهد؟ قلت: لا. قال: إنّ السيّد محمّد صادق ذهب إلى جلست الرفقاء الشيوخ – أي المعمّمين – وتكلّم معهم فبدّلوا رأيه. يعني خلال يوم واحد بدّل رأيه، وقال ..

  • على كلّ حال، حتّى أنّني سمعتُ أنّ بعضهم قال: لو اتّفق السيّد محمّد صادق مع السيّد محمّد محسن فسنتركهم كلّيا، حتّى أنّني سمعتُ بعضهم يقول ذلك. ومع ذلك كانوا يدّعون أنّهم تلامذته. لاحظوا، فإنّ تلامذته بهذه الحال. وأنا أعلم [مَن قال ذلك] ولكن لن اذكر اسمه. وقال السيّد محمّد صادق في آخر جلسة: حسنًا، نحن سنرى الآن، نحن سنمتحنهم ونرى! يعني أنّه تبدّل أصلًا وكلّيا .. طبعًا، أنا لم أقل شيئًا وقرّرت أن أتكلّم في جلسة الرفقاء حول هذه القضايا والمسائل.

    1. اللفظ الّذي قاله سماحته هنا هو (إيران)، ولعلّه مِن سبق اللسان، فلعلّ المراد هو (طهران) أو (قُم). (م) 

بيان ما حصل بعد ارتحال العلامة الطهراني من أحداث ۲

13
  • ثمّ اتّصل يوم الأربعاء شخصٌ مِن طهران وقال: أنا تكلّمت مع السيّد محمّد صادق وقال لا تعقدوا الجلسة في بيت فلان، بل اعقدوها في بيت فلاني، وسآتي أنا إلى طهران وأتكلّم معهم. فقلتُ: هذه أوّل الخلاف، فإنّ السيّد محمّد صادق قرّر أن لا يغيّر شيئًا حتّى يتّصل بي، فهذا أوّل الكلام، فنحن قرّرنا وكتبنا – والمكتوب موجود – أنّه إذا أراد أن يبدّل شيئًا فعليه أن يتّصل بي أوّلًا ونتكلّم حول الموضوع ثمّ يبدّله، فهذا على خلاف ما قرّرَ وكتب. ثانيًا، لماذا لا يتّصل هو بي، فاتّصل شخص آخرا، هذه مسألة ثانية.

  • على أيّ حال، أنا عبرت عن هذه المسألة ولم التفت، فذهبتُ إلى طهران وحضرتُ هذا المجلس، [وقبل أن ندخل الجلسة] رأيتُ السيّد محمّد صادق في الشارع، فقلتُ لصديقي الدكتور عظمتي: فليجعل الله تعالى عاقبة أمرنا خيرًا، فهذا الوجه لا أرى فيه الخير والسعادة وغير ذلك، هذا الوجه غير عاديّ. وذلك قبل أن أسلّم عليه في الشارع، إذ التقينا معًا على الباب في الشارع، وعندما اقترب منّي لم يسلّم علَيَّ فجئته أنا وسلّمت عليه، ثمّ دخلنا إلى الجلسة وبدأ ببعض الكلمات، وتكلّم بمسائل عجيبة [كقوله]: أنا لم أدّع الولاية، وكلّ مَن يدّعي أنّني أدّعيت الولاية فهو كذّاب وكاذب، وأنا قادر على الإجابة على كلّ المسائل حولي ... وتكلّم ببعض المسائل الّتي لا أرى مِنَ المناسب الآن أن أذكرها .. ثمّ قال: نحن صادقون، ولا بدّ أن نرى إن كنتم أنتم صادقون أم لا. [أقول:] هذا عجيب، أهذا الّذي قرّرناه، [أقرّرنا أن تقول:] نحن صادقون في مدّعانا، فلا بدّ أن نرى إن كنتم – يعنيني أنا بذلك – صادقين أم لا؟! ... وشريط [التسجيل] موجود الآن، الشريط موجود في طهران ... فتلك هي المسائل الّتي عنها. على أيّ حال، أنا لم أستطع الصبر عليه، وأردتُ ثلاث مرّات أن أناقشه في نفس الجلسة، ولكنّني لاحظتُ بعض المسائل فلم أتكلّم، وبالأخير رأيتُ أنّه مِنَ الخطأ أن أسكتَ وأبقى في هذه الجلسة، فكان لا بدَّ أن [أخرج]، فخرجتُ مِنَ المجلس، وخرجتُ دون أن أسلّم عليه، وخروجي مِنَ المجلس كان بعنوان الاعتراض ... هذه هي الجلسة الّتي انقطعت معها العلاقة بيني وبينه، وبعد هذه الجلسة لم يُسلّم علَيّ، ونحن رأينا أنّ الاستمرار على هذه الحال ليس صحيحًا.

بيان ما حصل بعد ارتحال العلامة الطهراني من أحداث ۲

14
  • واستمر الحال على ذلك، وأنا بعد أيّام، وذلك في الثامن والعشرين مِن صفر، ذهبتُ إلى مشهد وحضرتُ مجلس عزاء وفاة النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم، ولمّا عرف السيّد محمّد صادق أنّني جالسٌ أدار وجهه ولم يلتفت إليّ، فرأيتُ أنّه لا يريد أن يواجهني ولا يريد أن يسلّم علَيّ، فتركته وقلتُ: هو وشأنه.

  • ومضى على ذلك سنة واحدة، وفي النهاية وقعت هذه المشكلة والمصيبة، حين اتّصل أخينا السيّد علِيّ بالدكتور غفاري وقال أنّ معه بلاغ مِنَ السيّد محمّد صادق لكم يقول فيه: مَن لم يقبل بي [أي بالسيّد محمّد صادق]، فلا يجوز له أن يحضر مجالس العزاء والأعياد الّتي تُقام صباحًا في مشهد. ذلك مع أنّ السيّد الوالد أوصاني في المستشفى أنّه إن كان حيًّا أو ميّتًا، فلا بدّ مِن استمرار هذه المجالس، أي مجالس الصباح للأعياد والوفيّات، وهذا المجلس مجلس عامّ لا يرتبط بشخص لا يرتبط بي ولا يرتبط بالسيّد محمّد صادق، فهذا مجلس [عامّ] ... وهذا [المنع] بدعةٌ، فهو مجلس عامّ يحضره حتّى المخالفين للسيّد الوالد. وأنا قلتُ: حسنًا، إن كان الأمر كذلك، فلا يجوز السكوت عليه، ولذا صلّيتُ صلاة الاستخارة واستخرتُ بالقرآن فجاءت هذه الآية وَلَوْ رَحِمْنَاهُمْ وَكَشَفْنَا مَا بِهِمْ مِنْ ضُرٍّ لَلَجُّوا فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُون۱، وهذه الآية تصرّح بأنّ (...)٢ و ٣ و ٤

    1. سورة المؤمنون، الآية ۷٥.
    2. انقطع التسجيل الصوتيّ. (م)
    3. تجدر الإشارة إلى أنّ سماحة المحاضِر درس وبوّب الكثير مِن هذه الأحداث وغيرها في مباحث موضوعيّة وعلميّة وتوجيهيّة وسلوكيّة وعرفانيّة، وذلك في كتاب (أسرار الملكوت) سيّما الجزء الثاني منه. (م)
    4. تنويه: نلفت عناية القارئ الكريم أنّ هذه المحاضرات أُلقيت بشكل شفاهيّ وباللغة العربيّة، واقتصرت على تفهيم المستمع بأبسط الكلام، فلم يُلتفت كثيرًا إلى ضوابط اللغة، كما اشتملت على كلام عاميّ. ولذا عمدت اللجنة العلميّة بأمر مِن سماحة السيّد (قدّس الله سرّه) إلى إعادة تقويم الكلام وضبطه مِنَ الناحية اللغويّة، ومع ذلك آثرنا المحافظة على عبارة المحاضِر وترتيبها وبساطتها قدر الإمكان. كما تجدر الإشارة إلى أنّ العناوين الواردة هي مِنَ اللجنة.
      أمّا الرموز المستخدمة في المحاضرة فهي كالتالي: رمز الثلاث نقاط للكلام المحذوف، والرمز (...) للكلام غير الواضح وعند انقطاع الصوت، والرمز (م) لكلام المحقّق، والكلام المدرج في هذا [] فهو مِن وضع اللجنة لإتمام الجملة الناقصة بحسب ما يقتضيه السياق.
      ختامًا نلفت النظر إلى أنّ التسجيل الصوتيّ للمحاضرة متوفّر في الموقع لمَن يرغب الاستماع والمراجعة.
      (اللجنة العلميّة)