المؤلّفالهیئة العلمیة لموقع مدرسة الوحي
القسم القرآن والحديث والدعاء
هو العليم
علامة معرفة ولي الله عند الإمام السجاد عليه السلام
بحث منتخب من معرفة المعاد
إعداد: الهيئة العلمية في موقع مدرسة الوحي
بسم الله الرّحمن الرّحيم
وصلّى االله على محمّد وآله الطاهرين
ولعنة الله على أعدائهم أجْمَعِينَ من الآن إلى قيام يوم الدين
ولا حول ولا قوّة إلاّ بالله العليّ العظيم
أورد الشيخ الطبرسيّ في «الاحتجاج» بسنده عن «التفسير المنسوب للإمام الحسن العسكريّ عليهالسلام» عن الرضا عليهالسلام، أنّه قال:
قَالَ عَلِيّ بْنُ الحُسَيْنِ عَلَيهِالسَّلامُ: إذَا رَأيْتُمُ الرَّجُلُ قَدْ حَسُنَ سَمْتُهُ وَ هَدْيُهُ وَتَمَاوَتَ في مَنْطِقِهِ وَتَخَاضَعَ في حَرَكَاتِهِ فَرُوَيْدَاً لا يَغُرَّنَّكُمْ.
فَمَا أكْثَرَ مَنْ يُعْجِزُهُ تَنَاوُلُ الدُّنْيَا وَرُكُوبُ الحَرَامِ مِنْهَا لِضَعْفِ نِيَّتِهِ وَمَهَانَتِهِ وَجُبْنِ قَلْبِهِ، فَنَصَبَ الدِّينَ فَخَّاً لَهَا فَهُوَ لا يَزَالُ يَخْتُلُ النَّاسَ بِظَاهِرِهِ، فَإنْ تَمَكَّنَ مِنْ حَرَامٍ اقْتَحَمَهُ.
وَإذَا وَجَدْتُمُوهُ يَعِفُّ عَنِ المَالِ الحَرَامِ فَرُوَيْدَاً لا يَغُرَّنَّكُمْ، فَإنَّ شَهَوَاتِ الخَلْقِ مُخْتَلِفَةٌ. فَمَا أكْثَرَ مَنْ يَنْبُو عَنِ المَالِ الحَرَامِ وَإنْ كَثُرَ، وَ يَحْمِلُ نَفْسَهُ عَلَى شَوْهَاءَ قَبِيحَةٍ فَيَأتِي مِنْهَا مُحَرَّمَاً.
فَإذَا وَجَدْتُمُوهُ يَعِفُّ عَنْ ذَلِكَ فَرُوَيْدَاً لا يَغُرَّنَّكُمْ حَتَّى تَنْظُرُوا مَا عُقْدَةُ قَلْبِهِ. فَمَا أكْثَرَ مَنْ تَرَكَ ذَلِكَ أجْمَعَ، ثُمَّ لا يَرْجِعُ إلَى عَقْلٍ مَتِينٍ، فَيَكُونُ مَا يُفْسِدُهُ بِجَهْلِهِ أكْثَرَ مِمَّا يُصْلِحُهُ بِعَقْلِهِ.
فَإذَا وَجَدْتُمْ عَقْلَهُ مَتِينَاً فَرُوَيْدَاً لا يَغُرَّنَّكُمْ حَتَّى تَنْظُرُوا أمَعَ هَوَاهُ يَكُونُ عَلَى عَقْلِهِ، أمْ يَكُونُ مَعَ عَقْلِهِ عَلَى هَوَاهُ، وَ كَيْفَ مَحَبَّتُهُ لِلرِّيَاسَاتِ البَاطِلَةِ وَزُهْدِهِ فِيهَا، فَإنَّ في النَّاسِ مَنْ خَسِرَ الدُّنْيَا وَ الآخِرَةَ يَتْرُكُ الدُّنْيَا لِلدُّنْيَا وَيَرَى أنَّ لَذَّةَ الرِّيَاسَةِ البَاطِلَةِ أفْضَلُ مِنْ لَذَّةِ الأمْوَالِ وَالنِّعَمِ المُبَاحَةِ المُحَلَّلَةِ، فَيَتْرُكُ ذَلِكَ أجْمَعَ طَلَبَاً لِلرِّيَاسَةِ. حَتَّى إذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللهَ أخَذَتْهُ العِزَّةُ بِالإثْمِ فَحَسْبُهُ جَهَنَّمَ وَ لِبِئْسِ المِهَادُ.
فَهُوَ يَخْبِطُ خَبْطَ عَشْوَاءَ يَقُودُهُ أوَّلُ بَاطِلٍ إلَى أبْعَدِ غَايَاتِ الخَسَارَةِ، وَ يَمُدُّهُ رَبُّهُ بَعْدَ طَلَبِهِ لِمَا لا يَقْدِرُ عَلَيْهِ في طُغْيَانِهِ. فَهُوَ يُحِلُّ مَا حَرَّمَ اللهُ وَ يُحَرِّمُ مَا أحَلَّ اللهُ لا يُبَالِي مَا فَاتَ مِنْ دِينِهِ إذَا سَلِمَتْ لَهُ رِيَاسَتُهُ التي قَدْ شَقِيَ مِنْ أجْلِهَا.
فَأولَئِكَ الَّذِينَ غَضِبَ اللهُ عَلَيْهِمْ وَ لَعَنَهُمْ وَ أعَدَّ لَهُمْ عَذَابَاً مُهِينَاً.
وَلَكِنَّ الرَّجُلُ كُلَّ الرَّجُلِ نِعْمَ الرَّجُلُ هُوَ الذي جَعَلَ هَوَاهُ تَبَعَاً لأمْرِ اللهِ وَ قُوَاهُ مَبْذُولَةً في رِضَى اللهِ يَرَى الذُّلَّ مَعَ الحَقِّ أقْرَبَ إلَى عَزِّ الأبَدِ مِنَ العِزِّ في البَاطِلِ، وَ يَعْلَمُ أنَّ قَلِيلَ مَا يَحْتَمِلُهُ مِنْ ضَرَّائِهَا يُؤَدِّيهِ إلَى دَوَامِ النَّعِيمِ في دَارٍ لا تَبِيدُ وَ لا تَنْفَدُ، وَ أنَّ كَثِيرَ مَا يَلْحَقُهُ مِنْ سَرَّائِهَا إنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ يُؤَدِّيهِ إلَى عَذَابٍ لا انْقِطَاعَ لَهُ وَ لا يَزُولُ.
فَذَلِكُمُ الرَّجُلُ نِعْمَ الرَّجُلُ، فَبِهِ فَتَمَسَّكُوا وَ بِسُنَّتِهِ فَاقْتَدُوا، وَ إلَى رَبِّكُمْ فَبِهِ فَتَوَسَّلُوا فَإنَّهُ لا تُرَدُّ لَهُ دَعْوَةٌ وَ لا يُخَيَّبُ لَهُ طَلِبَةُ۱.