المؤلّفالهیئة العلمیة لموقع مدرسة الوحي
القسم التاريخ و الاجتماع
هو العليم
قبس من سيرة الإمام زين العابدين عليه السلام
بحث منتخب من «معرفة الإمام»
إعداد: الهيئة العلمية في موقع مدرسة الوحي
أعوذ باللـه من الشيطان الرجيم
بسم اللـه الرحمن الرحيم
الحمد لله ربّ العالمين
والصلاة والسلام على سيّدنا ونبيّنا أبي القاسم محمد
وعلى آله الطيبين الطاهرين
واللعنة على أعدائهم أجمعين
جاء في «رياض السالكين»۱: هو زين العابدين وسـيّد الزاهـدين وقدوة المقتدين وإمام المؤمنين، أبو الحسن، وأبو محمّد عليُ بن الحسين بن علي بن أبي طالب علیهم السلام. أُمّه شاه زنان ابنة يزدجرد بن شهريار بن كسرى. وقيل: كان اسمها شهربانويه. وفيه يقول أبو الأسود الدؤليّ:
وَإنَّ غُلاماً بَيْنَ كِسْرَى وَهَاشِمٍ | *** | لاَكْرَمُ مَنْ نِيطَتْ علیهِ التَّمائِمُ |
ولد بالمدينة سنة ثمان وثلاثين من الهجرة قبل وفاة جدّه أمير المؤمنين علیه السلام بسنتين، فبقي مع جدّه سنتين، ومع عمّه الحسن علیه السلام اثنتي عشرة سنة، ومع أبيه الحسين علیه السلام ثلاثاً وعشرين سنةً، وبعد أبيه أربعاً وثلاثين سنةً. وتوفّي بالمدينة سنة خمس وتسعين للهجرة، وله يومئذٍ سبع وخمسون سنة. ودُفن بالبقيع في القبر الذي فيه عمّه الحسن علیه السلام، في القبّة التي فيها العبّاس بن عبدالمطّلب رضي اللـه عنه.
وكان يقال له: ذو الثَّفِنَاتِ، جمع ثَفِنَة (بكسر الفاء). وهي من الإنسان الركبة ومجتمع الساق والفخذ، لانّ طول السجود أثّر في ثفناته. قال الزهريّ: ما رأيتُ هاشميّاً أفضل من علي ّبن الحسين٢. وعن أبي جعفر (الباقر) علیه السلام قال: كان عليُ بن الحسين علیه السلام يصلّي في اليوم والليلة ألف ركعة، وكانت الريح تُميله بمنزلة السنبلة٣. وكان إذا توضّأ للصلاة يصفرّ لونه فيقول له أهله: ما هذا الذي يعتادك عند الوضوء؟ فيقول: تدرون بين يدي مَنْ أُريد أن أقوم؟!٤
وقال ابن عائشة: سمعتُ أهل المدينة يقولون: ما فقدنا صدقة السرّ حتّى مات علیّ بن الحسين علیهما السلام.٥
ولمّا مات علیه السلام وجرّدوه للغسل جعلوا ينظرون إلی آثارٍ في ظهره فقالوا: ما هذا؟ قيل: كان يحمل جربان الدقيق علی ظهره ليلاً ويوصلها إلی فقراء المدينة سرّاً .٦ وكان يقول: «إنَّ صَدَقَةَ السِّرِّ تطفئُ غَضَبَ الرَّبِّ»۷. وعن علي بن إبراهيم، عن أبيه قال: حجّ عليُ بن الحسين علیه السلام ماشياً، فسار من المدينة إلی مكّة عشرين يوماً وليلة۸ وعن زرارة بن أعين قال: سمع سائل في جوف الليل وهو يقول: أين الزاهدون في الدنيا، الراغبون في الآخرة؟ فهتف به هاتف من ناحية البقيع يسمع صوته ولا يري شخصه: ذاك عليُ بن الحسين٩
وعن طاووس: إنّي لفي الحجر ليلة، إذ دخل عليُ بن الحسين فقلت: رجل صالح من أهل بيت النبوّة لأسمعنّ دعاءه، فسمعته يقول: «عُبَيْدُكَ بِفِنَائِكَ، مِسْكِينُكَ بِفِنَائِكَ، فَقِيرُكَ بِفِنَائِكَ». قال: فما دعوتُ بهنّ في كربٍ إلاّ فرّج عنّي۱
وحكى الزمخشريّ في «ربيع الأبرار» قال: لمّا وجّه يزيد بن معاوية مسلمَ بن عقبة لاستباحة أهل المدينة، ضمّ عليُ بن الحسين إلی نفسه أربعمائة منافية بحشمهنَّ، يعولهنّ إلی أن تقوّض جيش مسلم، فقالت امرأةٌ منهنّ: مَا عِشْتُ وَاللـه بَيْنَ أَبَوَيَّ بِمِثْلِ ذَلِكَ الشَّرِيفِ.٢
وكان علیه السلام كثير البرّ بأمّه، فقيل له: إنّك أبرّ الناس بأُمّك، ولسنا نراك تأكل معها في صحفة؟ فقال: «أخاف أن تسبق يدي إلی ما سبقت إلیه عينها، فأكون قد عققتها».٣ وقيل له: كيف أصبحتَ؟ فقال: «أصبحنا خائفين برسول اللـه، وأصبح جميع أهل الإسلام آمنين».٤ و ٥
[ملاحظة: انتخب هذا البحث من الجزء الخامس عشر من كتاب «معرفة الإمام»، تأليف المرحوم العلاّمة آية اللـه الحاج السيّد محمّد الحسين الحسينيّ الطهرانيّ رضوان اللـه عليه، وقد تمّ توثيقه ومقارنته مع المصدر الفارسي من قبل الهيئة العلميّة في لجنة الترجمة والتحقيق، و تجدر الإشارة إلى أنّ العبارات و الهوامش التي وقعت بين معقوفتين هي من الهيئة العلميّة]