المؤلّفالعلامة آیة الله السيد محمد الحسين الحسيني الطهراني
المجموعةمباني الأخلاق
التاريخ 1409/08/23
التوضيح
أهم محتويات المحاضرة:
- منطق المستعمرين والمستكبرين مدعيّ الدبلوماسيّة قائمٌ على غلبة القوة والسلطة؛
- التقوى هي معيار الرفعة في الإسلام؛
- علة اختلاف الأعراق والفروقات بين البشر؛
- تعارض معيار الفضل في الإسلام مع منطق أهل الدنيا؛
- معنى العقل في منطق رسول الله؛
- مواجهة النبيّ لسنّة الربا الجاهليّة، وبدئه بعمّه؛
- بداية مواجهة النبيّ للسننّ الجاهليّة بأقاربه؛
- تشريع حكم الجهاد قائمةٌ على الرحمة الإلهيّة الواسعة؛
- أمر الإسلام بمراعاة حقوق جميع المرتبطين بالإنسان حتّى الحيوانات؛
- تناقض المنطق الفردي للماديّين مع الوجدان والفطرة الإنسانيّان؛
- أساس عالم الخارج قائمٌ على الارتباط بين الأفراد والموجودات؛
- و...
هو العليم
منطق الإسلام السامي في المساواة بين النّاس
مباني الأخلاق - المجلّس العشرون
محاضرات ألقاها
سماحة العلّامة آية الله الحاجّ السيّد محمّد الحسين الحسينيّ الطهرانيّ
قدس الله سره
المشهد الرضوي المقدس، الجمعة ٢٣ شعبان المعظم ۱٤۰٩هـ . ق
أعوذ بالله من الشَّيطان الرَّجيم
بسم الله الرّحمٰن الرّحيم
وصلّى الله على محمّدٍ وآله الطّيّبين
ولعنةُ الله على أعدائِهم أجمعين
منطق المستعمرين والمستكبرين مدعيّ الدبلوماسيّة قائمٌ على غلبة القوة والسلطة
هناك مثلٌ انكليزي - كما نقول نحن: «لا ترتفع العين عن الحاجب» ـ وجميع الناطقين باللغة الإنجليزية يعرفونه، ويحفظه جميع الأطفال: «القوّة هي الحقّ!»۱ وقد ألّفوا الكتب على أساس هذه المقولة، وأرسلوا السفن وألقوا القنابل على رؤوس النّاس؛ فمات ملايين الملايين من هؤلاء الهنود المساكين بسبب الجوع والعطش والقحط، ثمَّ سلبوا ثرواتهم! لقد كانوا كذلك، والآن هم أيضًا كذلك، وهم يعملون على هذا الأساس الذي يقول: «هؤلاء حيوانات، ويجب قتل الحيوان!»، وعلى هذا الأساس كان كلام «نوكس»٢. وبناءً على المنطق والاستدلال قرروا أنّ عرق السكان الأصليّين، والأعراق البريّة وذوي البشرة السوداء و...، هم أقلّ منّا من ناحية العقل والإدراك، ونحن نمتلك القوة والسلطة بين أيدينا، [ويقولون]: «علينا أن نتسلط عليهم!» ونفس هذا الطبيب الإنجليزي يقول:
ولو نجحت تلك السفينة التي أبحرت قبالة سواحل إفريقيا وكادت أن تصل إليها، ولم تتعرض للعاصفة، ووصلت إليها واحتلتها، لكان لإنجلترا مشهدٌ مختلفٌ ولكن ماذا نفعل؟! فللأسف تعرّضت للعاصفة للأسف وقبل وصولها وصلت سفن البلجيكيّين والفرنسيين، واحتلوها!٣
ومع أنَّ الإنجليز احتلوا جميع الدنيا، إلّا أنّه يتأسّف لماذا تعرّضت تلك السفينة للعاصفة ولم تستطع الوصول إلى هناك ولم تتمكّن من احتلالها! هذا هو منطقهم.
وأصلًا يقول شخصٌ اسمه بسمارك٤:
الحقّ يعني: مدفع الدبّابة؛ وكلّ من كانت مدفعيّة دبابته أقوى كان الحقّ معه!٥
هذا هو المنطق! وهم يؤلّفون الكتب، ويُشيدون الجامعات، وهم أساتذة، ورؤساء جامعات وعلماء اجتماع ولديهم صولات وجولات!
فلا تتخيّلوا أنَّ هؤلاء الذين أتوا وأكلوا العالم كلقمةٍ سائغةٍ هم أفرادٌ متوحّشون؛ كلا! هم دبلوماسيّون وذوي حسابات دقيقة ومنطقيون، إلّا أنَّ منطقهم هو هذا المنطق!
يقول هتلر في محاضراته التي قدمها أيّام شبابه:
نحن نمتلك القوة، وعلينا أن نستخدمها، وبما أنّنا نمتلك القوّة والقدرة لذا يجب أن نضرب كلّ من كان ذا قوّةٍ أقلّ من قوّتنا! لأنّ قانون الطبيعة قائمٌ على غلبة القوّة، وإذا لم نستعمل قوّتنا، ستتسلط علينا هذه الحيوانات الوحشيّة وتقطّع أوصالنا تدريجيًا، وعند ذلك لن يكون هناك حسابٌ للقوّة، حيث ستتسلّط الحشرات على تلك الحيوانات الوحشيّة وتأكلها، ولن يبقَ على وجه البسيطة إلّا الجراثيم.٦
وفي ذلك الوقت كانوا يُعدّون تنانير النار ويلقون بالنّاس في تلك التنانير، ويرسلون بأجسادهم إلى المصانع فيصنعون الصابون من زيت رؤوس الأفراد وأجسادهم، ويستفيدون من كافة بدن الإنسان؛ حتّى من فضلاته!۱ وكلّ ذلك على أساس: «نحن نمتلك القوة، ويجب أن نضرب كلّ ضعيف أقل منّا قدرة» هذه هي الأفعال التي ارتكبوها؛ ولكنّه منطقٌ خاطئ!
التقوى هي معيار الرفعة في الإسلام
قال النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم:
«لا فضلَ لعربيٍّ على عَجميٍّ ولا لعجميٍّ على عَربيٍّ إلّا بالتّقوى!».٢
أيّها النّاس! أنا نبيّكم وأنا عربيٌّ من قريش، ولكن لا تتخيّلوا أنّي أمتلك فضلًا على سائر الأعراق، فأنا مثلكم أيضًا!، فلا فخر لعربيّ على أعجميّ أو العكس! وهذه العناوين إنّما جعلها الله لنا من أجل تمييز القبائل والأفراد ومعرفتهم لبعضهم البعض.
فقد خلق الله أحدهم طويل القامة والآخر قصير القامة، وأحدهم أبيض والآخر أسود، من أجل أن يعرفوا بعضهم البعض، فلو كان المفترض أن يكون لجميع الأفراد شكلٌ واحدٌ ولونٌ واحدٌ وهيئةٌ واحدةٌ وطولٌ واحدٌ، لما أمكن معرفتهم!
«فلا فضل في يوم القيامة لأحدٍ على الآخر إلّا بالتقوى؛ (يعني: إلّا إذا كان أنقى وأصفى وتحرّك على أساس العقل ووصل إلى المقصد)».
علة اختلاف الأعراق والفروقات بين البشر
إنَّ هذه الآية القرآنيّة تُشير بشكلٍ واضحٍ وجليٍّ إلى منطق الإسلام:
﴿يَـٰٓأَيُّهَا ٱلنَّاسُ إِنَّا خَلَقۡنَٰكُم مِّن ذَكَرٖ وَأُنثَىٰ وَجَعَلۡنَٰكُمۡ شُعُوبٗا وَ قَبَآئِلَ لِتَعَارَفُوٓاْ إِنَّ أَكۡرَمَكُمۡ عِندَ ٱللَهِ أَتۡقَىٰكُمۡ﴾؛٣ يعني: يا أيّها النّاس لقد خلقناكم من رجلٍ واحدٍ وأنثى واحدة.
وهذا الاختلاف في العرق في الآباء والأجداد ليس سببًا في اختلاف النسل، فهذا الاختلاف في الأعراق ينتهي إلى نسلٍ واحدٍ ويصل الجميع إلى آدم وحواء. الاختلافات العرقيّة لا تجعل أحدهم حيوانًا والآخر شيئًا آخر؛ بل الجميع بشرٌ، أحدهم يعيش هنا والآخر هناك، أحدهم أسود والآخر أحمر.
﴿وَ جَعَلۡنَٰكُمۡ شُعُوبٗا وَ قَبَآئِلَ لِتَعَارَفُوٓاْ﴾؛ يعني: نحن جعلناكم مجموعات وفئات مختلفة كي تتعارفوا وكي تتمكّنوا من العيش مع بعضكم البعض ومعاشرة بعضكم البعض، فيُعاشر الإيرانيّون ببعضهم، ويُعاشر العرب بعضهم ويتعارفون فيما بينهم؛ وإلّا إذا تجاوزنا هذه الأسباب فـ: ﴿إِنَّ أَكۡرَمَكُمۡ عِندَ ٱللَهِ أَتۡقَىٰكُمۡ﴾، فكلّ من كان أكثر تقىً وأشدّ طهارة فهو أكرم عند الله، سواءً أكان عبدًا حبشيّاً مثل بلال الذي هو خيرٌ من أفضل رجال العرب وقريش.
تعارض معيار الفضل في الإسلام مع منطق أهل الدنيا
لقد كان أبو سفيان رجلًا عربيًا وعالمًا، وقد رأى الدنيا وسافر فيها، وكان سياسيًا ومن الأشراف ولم يكن رجلًا قليل الشأن؛ جاء إلى إيران وذهب إلى الروم والتقى بالملوك؛ كان رجلًا كريمًا ومضيافًا وكان يساعد المساكين وإذا وعد وفى، وكان يفي بوعده ولو على سفك دمّه؛ لقد كان على هذا النحو،۱ إلّا أنَّه لم يكن لديه إسلام أو تقوى!
يقول النبيّ: «عليك أن تأتي تحت قدمي الغلام الحبشي (بلال الحبشي)!»؛ لأنَّ المعيار الذي بين أيدينا يقول: «هذا تقواه أعلى، إذن فهو مقدمٌ عليه»، وهو لا يستطيع أن يقول: «أنا عربيٌّ وأنا من قبيلة قريش وهذا وذاك!» وهذا المنطق وهذا الكلام لا يُصرف هنا!
فإذا عمل الإنسان وفق منطق الدنيا، فحينها لن يبقى وجودٌ لأمثال بلال وسيُطحنون تحت الأقدام؛ وليس فقط بلال بل سيأتي سيلٌ ويجرف معه كلّ شيء وسيجعلهم يعملون في قصرهم وبرجهم مرّتين، وسيتجلّون بصورة معاوية، وسيأتي نفس الكلام والمنطق الذي كان لدى أبي سفيان حينما كان يقول: «إنَّ العرق العربي شريفٌ لأنّه عربيٌّ، وأصلًا شرافته من حيثُ أنَّه عربيٌّ؛ سواءً أكان مسلمًا أم غير مسلمٍ»؛ لذلك عندما أتى هذا المنطق، حصل التمييز العنصري، فتمّ فصل السود عن البيض، وتمّ فصل العبيد عن السادة والعجم عن العرب.
وأمر عمر بما يلي:
لا يحقّ للأعجميّ أن يؤم الجماعة، وإمام الجماعة يجب أن يكون عربيّاً؛ ولا يحقّ للأعاجم أن يقفوا في الصف الأوّل والثاني أو بمكان قريب من الإمام ويتوجّب عليهم الوقوف في الصفوف الأخيرة؛ ولا يحقّ للعجميّ أن يتزوج من امرأة عربيّة، ولكن يُمكن للعربي أن يتخذ زوجةً له من العجم؛ ويختلف سهم العجمي من بيت المال عن سهم العربي، وسهم العربيّ أكثر! ٢
إنّ النبيّ ينظر نظرةً واحدةً تجاه جميع العالم، ويرى أنّ جميع أفراد البشر عبادُ الله، وأنّ الجميع عبادٌ لمعبودٍ واحدٍ وأنّ الجميع مخلوقات لخالقٍ واحدٍ، ولا فضل لأحدهم على الآخر عند الله إلّا بالتقوى! هذا المنطق مهمٌّ جدًا، ونحن لا نعرف قيمته!٣
فنحن عندما نذهب إلى مكّة والمدينة ونلتقي بالسود ونجلس سويًا ونتبادل الأحاديث ونأكل ونشرب سويًا، ويبقون كأخوةٍ لنا أصلًا، لا نفهم كيف لا يمكن لهؤلاء الأوروبيّين والأمريكيّين الوحشيّين، فواقعًا هم حديقة حيوانات الدنيا، كيف لا يمُكنهم أن يمتلكوا هذه النظرة التي نمتلكها نحن ناحية السود للحظةٍ واحدةٍ؟! فهم منذ النظرة الأولى يرونهم بشكل هيولا وبهيئةٍ خارجةٍ عن الإنسانيّة ويمكن قتلهم، فيأخذونهم تحت الدبابات، ويذبحوهم ويمتصون دمائهم؛ فقط لأنّهم سود! هذا هو عين منطق جناب آرثر غوبينو۱ الذي دوّن أربعة مجلدات مفصّلة على شكل قانونٍ حول فضيلة الأعراق وتفوقها على بعضها البعض.٢
معنى العقل في منطق رسول الله
كيف نستطيع مقارنة هذا الكلام مع منطق رسول الله وسيرة أمير المؤمنين ومدرسة التشيع التي ننتمي إليها، ومع ذلك العقل العالي والعقل الفطري القائم على أساس الحقانيّة؟! هذا هو معنى العقل الذي ذكره رسول الله صلى الله عليه وآله لأمير المؤمنين عليه السّلام:
«إذا رأيتَ الناسَ يتَقرَّبونَ إلى خالقهم بأنواعِ البِرّ، فتقَرَّب أنت إليه بعقلِك تَسبِقْهم».٣
وكذلك كان النبيّ، حيث كان يقول: «أنا مثلكم!» لم يكن للنبيّ غلامٌ أو عبدٌ؛ فزوجوا ابنة عمّه من ابنه المتبنى٤ وأمّ أيمن كانت أمّةً حبشيّةً، فزوّجها من زيد بن حارثة، فأنجبت منه أسامة.٥
عندما أراد النبيّ أن يزوج ابنة عمه من ابنه المتبنى، كان النبيّ قلقًا: «يا إلهي، كيف يمكن أن أبيّن هذه المسألة للقوم؟!». لأنَّ النّاس اعتادوا على تلك السنن الجاهليّة ولا يستطيعون أن يقبلوا بهذا الكلام؛ وهي قضية مفصّلةٌ وقصّة طويلةٌ، وهي أنّه ما هي الأرضيّة التي هيّأها النبيّ، وماذا حدث حتّى اقترح هذا الاقتراح لاحقًا؟!٦ فبالنسبة لزينب وهي ابنة عبد المطلب ومن كبار قريش وسيّدةٌ، أن تصبح زوجةً غلامٍ أو ابن متبنى لرسول الله، مثله مثلما لو أنّها ستصبح أمةً؛ فكم في ذلك من كسرٍ لها!۷ وآنذاك كان على النبيّ أن يجري هذا الأمر تحت عنوان الإسلام وبأمرٍ من الله. فإذا أراد الإنسان أن ينفذ هذه الأمور بين النّاس وأن يقبل النّاس ويعملوا بها، فهو أمرٌ صعبٌ جدًا!
مواجهة النبيّ لسنّة الربا الجاهليّة، وبدئه بعمّه
أو حينما تلى النبيّ لآيات الربا في حجّة الوداع، وقال:
"يجب أن يزول الربا، «أوّل ربا وضعته تحت قدميَّ ربا عمي العباس!»،
يعني: أجريتُ الحكم على نفسي أوّلًا؛ لأنَّ العبّاس هو عمي!
وكلّ ربا أخذتموه في الجاهليّة، فهو موضوع!۱
يعني: كلّ شخصٍ أخذ قرضًا من أحد سواءً أكان قرشًا أو درهمًا أو دينارًا، فيجب عليه أن يُرجع أصل المال! ومن الآن فصاعدًا، عليكم أن تدفعوا رأس المال كلّه وتسقطوا الربا المترتّب عنه!
فنحن لا نسمع إلّا شيئًا واحدًا فقط! فهؤلاء كبار العرب، كانوا يُقرضون ثرواتهم ويتوقّعون حصول الوفرة، وذلك بأن يسلبوا كلّ رأس المال الذي للرجل الفقير من البيت والحياة والغنم والبقر، وأن يستحوذوا عليها، وهذا ما كان يحصل، فكانوا يقولون: «لقد أعطينا المال لزيدٍ منذ عشر سنوات، وقد بقي هذا المال عشر سنواتٍ والآن قد تضخّم ونُريد أن نأخذ بيته وحياته!». وعند ذلك يقول لهم النبيّ: «يجب أن تأخذوا أصل المال فقط، بعد عشر سنوات!».
فيقولون:
إنَّ كلام النبيّ ليس صحيحًا أصلًا، ونحن لا نفهم! ﴿إِنَّمَا ٱلۡبَيۡعُ مِثۡلُ ٱلرِّبَوٰاْ﴾؛٢ يعني: إنَّ البيع والشراء عين الربا ولا فرق بينهما!
بداية مواجهة النبيّ للسننّ الجاهليّة بأقاربه
عند ذلك قال النبيّ:
«لقد وضعتُ جميع هذا الربا تحت قدمي، وأوّل ربًا أسقطته ربا عمّي العباس!».
يعني: سأجري هذا الحكم أوّلًا على عمّي العباس ـ والعم بحكم نفس الإنسان ـ (وكان العبّاس من آكلي الربا المعروفين فكان يقرض المال ويأكل الربا) فأجريه عليه أوّلًا كي لا يُؤدّي الحكم إلى تعجب الأشخاص البعيدين وأنّه: «حكم سقوط الربا هو للآخرين، ولا يجري على النبيّ نفسه وعلى أهله!»، كلّا، بل أجراه أوّلًا على الأقارب.
أو إذا قتل أحدٌ شخصًا في زمان الجاهليّة وأصبح الآن مسلمًا، فلا تستطيع بعد الآن أن تريق دمّ ذلك المسلم! فإنَّ دمّ ذلك الشخص الذي قُتل في زمان الجاهليّة لا قيمة له، ولكنّ دمّ الشخص الذي أسلم ذو قيمةٍ! والآن إذا قتل شخصٌ زيدًا في زمن الجاهلية، وأصبح هذا الشخص الآن مسلمًا، فلا يستطيعون الآن أن يقتلوا هذا المسلم قصاصًا؛ لأنّه كان مشركًا وحصل القتل في زمان الجاهليّة. وقد عمل النبيّ بهذا الحكم على نفسه أوّلًا، ويوجد نظير هذه الحالات.٣
تشريع حكم الجهاد قائمةٌ على الرحمة الإلهيّة الواسعة
وهذا الأمر يدلّ على أنَّ جميع الأحكام التي وردت في الإسلام ناظرةٌ إلى جميع أفراد الإنسان وتصلهم مع بعضهم البعض؛ سواءً أكانوا من البيض أم السود، وسواءً أكانوا شماليّين أم جنوبيّين. حتّى الجهاد الذي أوجبه الإسلام على المسلمين، فهو من أجل أن يقول: يا من تنعم بنعمة الإسلام، لا تأكل من هذه النعمة بمفردك، ولا تستمع بهذه السفرة وحدك! لأنّكم من ناحية العرق تتمتّعون أنتم وجميع الأفراد على هذه البسيطة بعرقٍ واحدٍ، وضررهم هو ضرركم ومنفعتهم هي منفعتكم. فإذا أصبحتم مسلمين وأسلمتم ووصلتم إلى التوحيد، عليكم أن تقدّموا هذا الغذاء لهم، وإذا لم يقبلوا فاذهب واجعلهم يقبلون، اجعلهم يقبلون ولو بالسيف وقولوا: «لقد أتينا وجلبنا شبابنا إلى الميدان كي يقاتلوكم لتُؤمِنوا! وليُقتلوا، ولكنّ المهم أن تُسلموا! فإذا أسلمتم، فعندها في أمان الله! فلن نُغير عليكم، ولن نأسركم، ولن نغنم منكم، وستبقى جميع أملاككم لكم وستبقى حياتكم لكم ومباركٌ لكم بها! لقد قدّمنا قتلى وصرفنا المؤنة من أجل الحرب وأحضرنا الأفراد إلى هنا وكانوا تحت طاعتنا؛ فقط كي تصبحوا أنتم مسلمين!».
حلّلوا أنتم هذا الأمر، فمعناه هو ما يلي: إنّنا نقرأ القرآن، ونحبّ أن تقرأوا أنتم القرآن أيضًا؛ نحن نعرف الله ونحبّ أن تعرفوا الله أيضًا؛ لأنَّ هذه هي الحقيقة والواقعيّة وهذا هو الغذاء المعنوي؛ والمسلم لا يطاوعه قلبه أن يرى أنَّه يتغذى من غذاء معنوي سامي جدًا جدًا، بينمنا جاره جائعٌ مثلًا!
أمر الإسلام بمراعاة حقوق جميع المرتبطين بالإنسان حتّى الحيوانات
قال النبيّ:
عندما تتناول الطعام وتأتي قطّة إلى منزلك، فألقي بلقمة أمامها! لا تأكل وذلك الحيوان ينظر!(هذه سنّة السادة، فهذه الحيوانات لا مأوى لها، ولا حياة لها، وهي تتجول بين هذا البيت وذاك) فراعو القطط، ولا تزجروهم وتُبعدوهم، بل أعطوهم من طعامكم!۱
فعندما يقول النبي: « يجب أن تُراعوا هذا الحيوان؛ فمأواهم وحياتهم في منزلكم»٢ وقد وصى أيضًا بالطيور المنزليّة، وبخروف البيت وبحمام البيت: إياكم أن تقتلوهم! إيّاكم أن تُحرقوهم! إياكم أن تضعوهم بين يدي الأطفال فيقيدوا أرجلها بالخيوط ويكسرون أقدامها!٣ فإمّا أن تذبحوهم وتأكلوهم، أو تتركوهم أحرار فيذهبون في حال سبيلهم. فإذا احتفظتم بخروف، عليكم أن تحافظوا عليه جيدًا، ولا تدعوه يجوع، وإلّا فأنتم مسؤولون! وعندما يلقي بك الله في جهنم لأنّه: «لماذا تركت طيورك جائعة؟!»٤ لماذا فعلت ذلك؟ فلأنَّ وجود الإنسان مرتبطٌ بوجود الحيوان؛ وإلّا إن لم يكن أي علاقة وارتباط بين الإنسان والحيوان [لما وجود هذا الحكم أيضًا].
تناقض المنطق الفردي للماديّين مع الوجدان والفطرة الإنسانيّان
كما أنَّ منطق الشيوعيّين والماديّين هو ما يلي: «كلّ فردٍ منفصلٌ عن الفرد الآخر، وكلّ إنسانٍ منفصلٍ عن الإنسان الآخر؛ ولا نُريد أيّ وجه من وجوه الاشتراك والاتّحاد والارتباط بينهم! فلا شأن لنا إذا أبيد هذا القوم؛ وإذا توفي والد الإنسان؛ ولا إذا بقي الإنسان جائعًا، وكذلك أخ الإنسان، و...فليذهبوا جميعًا إلى الجحيم!». هذا هو منطقهم!
هذا هو المنطق القائل: «جميع موجودات العالم منفصلة ومتفرّقة عن بعضها البعض، فلا معرفة بينها ولا محبّة ولا أدنى رابطة»، فهم يدعون إلى الكثرة وهو أمر مسلّم الخطأ؛ لأنَّ من يتفوّه بهذا الكلام، يعلم بالوجدان أنَّه لا يستطيع أن يتخلّى عن أبيه وأمّه! وإذا تخلّى عنهم عن قسوةٍ في القلب، فكأنّما أخفى جوهرة تحت الحجاب، وإذا استيقظ وصحا من غفلته يومًا، فسيأسف؛ لأنّه لا يمكنه التخلّي عنهما! فإذا أراد الإنسان أن يقطع ارتباط شيءٍ بشيءٍ، وكان ذلك الارتباط أمرًا ذاتيًا له، فإنَّه في الواقع يقطعه في عالم الاعتبار والتخيّل لا في عالم الخارج؛ وبالتالي هم يخدعون أنفسهم!
أساس عالم الخارج قائمٌ على الارتباط بين الأفراد والموجودات
وبناءً على هذا المنطق الإسلامي الذي هو المنطق الصحيح، فإنَّ عالم الخارج بأجمعه مرتبطٌ ببعضه البعض، وجميع الأعراق مرتبطة ببعضها البعض رغم وجود الاختلافات فيما بينها.
يقولون: «إنَّ فصائل الدمّ أربعةٌ»، وقد قال الشخص الذي اخترع هذه الفصائل:
كون فصائل الدمّ أربعةً هو عملٌ تقريبيٌّ نضعه بين أيديكم، وإلّا فدم كلّ شخصٍ يختلف عن دم الآخر؛ ولا يمكن أن نعثر في جميع العالم على شخصين بحيث يكون دمهما متطابقًا تمامًا! ولكن بما أنّنا نُريد التصنيف، لذا جعلناها أربعة فئات، وهذا من باب التقريب.
وأمّا من ناحية الواقع والأساس، فالأنسجة والتركيبات الفيزيائيّة والكيميائيّة للأنزيمات الموجودة في بدن كلّ شخصٍ [ ومستضدات دمه] تختلف عن تلك الموجودة في الأبدان الأخرى، ولا تتحد مع الآخرين بأيّ وجهٍ من الوجوه.
مثلًا: نرى شخصًا يؤلمه قلبه، فنقول له: تناول زهورات «لسان الثور»، ونقول ذلك للجميع؛ ولكن [مقدار] زهورات لسان الثور لهذا المريض تختلف عن ذلك المريض؛ فإذا أردنا أن نتكلّم بدقّة أعلى، فمن باب المثال: مقدار زهورات لسان الثور التي ينبغي أن يتناولها هذا المريض هي ٢۱ غرام تقريبًا، أمّا ذلك المريض فينبغي أن يتناول ۱٩ غرام تقريبًا، وذاك ينبغي أن يتناول ۱٣ غرام تقريبًا! ولكن بما أنّنا لا يمكننا أن نكون دقيقين إلى هذه الدرجة، لذلك نصف للجميع: ٢۱ غرام! من باب أنّ السفرة موجودة، فليأتي ويتناول كلّ فرد ما يشاء من الطعام. ولكن من يريد أن يكون تشخيصه مبنيًا على أساس الواقع فيجب أن يُعيّن لكلّ شخصٍ برنامجًا خاصّاً محدّدًا لا يمكن تجاوزه!
إنّ جميع الأعراق المختلفة تعود إلى أبٍ واحدٍ وأمٍّ واحدة، فالأمريكيّون الذين يقعون في ذلك الطرف من الأرض، ليسوا من عرقٍ آخر بحيث إنّ لهم أبًا وأصلًا آخر، بل إنَّ الماء [جرفهم] في طوفان نوح أو تمّ فصلهم في الأحداث التي جرت قبل طوفان نوح على الأرض وأمثال ذلك، فلا أحد يعرف عمر الأرض سوى الله عزّ وجلّ! فجميعهم من أولاد آدم وحواء سواءً أكانوا أتراكًا أم [عربًا أم عجمًا أم]...، ويجب عليهم أن يتحرّكوا بناءً على الغريزة كي يتمكّن الجميع من الوصول إلى الواقع في زمانهم، وأن يكون ذلك على أساس العقل.
علّة أفضليّة القرآن والسيرة الطاهرة لرسول الله على سائر الأديان والكتبلسماويّة
إنَّ كلًا من القرآن ورسول الله وهذه السيرة الطاهرة، هي سيرةٌ عجيبةٌ جدًا؛ يعني: كلُّ آية من بداية هذا الكتاب الإلهي إلى آخره قائمةٌ على هذا المنطق!
إنَّ دين النبيّ موسى هو دين الله، ولكنّه لم يتجاوز بني إسرائيل ولم يخرج عنهم؛ فنفس اليهود يُقدّسون عرقهم وينسبون المزايا الإلهيّة لأنفسهم، وقد أصبح سلوكهم وعملهم في الخارج بحيث لم يُمكن لأي شخصٍ من غير بني إسرائيل أن يُصبح يهوديّاً، فجميع الأفراد من اليهود الموجودين الآن ينتهون إلى بني إسرائيل وجميع أفرادهم من بني إسرائيل.
أمّا دين النصارى فرغم أنّه توسّع وانتشر، ولكنّ أسيرٌ بالأوهام والخرافات وتصرّفات الكنيسة والقساوسة وأغراضهم الشخصيّة. لديهم أربعة أناجيل وكلّ واحدٍ منهم يختلف عن الآخر؛ هذا الانجيل يتعارض مع ذلك الإنجيل، وذلك الإنجيل يتعارض مع هذا الإنجيل. فبعض الأمور الموجودة فيه ليست من النبيّ عيسى بالتأكيد، وبلا شكّ أنّ قد تمّ التلاعب فيها!۱
إنَّ النبيّ عيسى والنبيّ موسى هما نبيّان إلهيّان وسماويّان بشهادة القرآن أمّا الدين الذي بين أيدي اليهود والمسيحيّين الآن، فليس دينًا سماويًّا! وتلك الجنايات التي ارتكبها القساوسة والكنائس من قتل النّاس وإلقائهم في التنور وتلك الأفعال التي اقترفوها، لو أراد الإنسان أن يذكرها لشخصٍ مسيحيٍّ فلن ينال ذلك الشخص سوى سواد الوجه!٢
التوسّع العالمي للإسلام بدون تدخل القوّة العسكريّة
أمّا القرآن المجيد فعجيبٌ جدًا! فقد ظهر النبيّ في المدينة، ولكنّك تجد الجميع في خراسان مسلمين الآن! فمتى وصل سيف الإسلام إلى هنا؟! متى ذهب سيف الإسلام إلى التبت ومنغوليا؟! متى ذهب سيف الإسلام إلى طاجيكستان وأوزبكستان وبخارى وبلخ؟! كان ذلك من أجل أنّهم كانوا يدعون للإسلام ويتلون عليهم القرآن ويحضر جميع الناس بجميع أعراقهم والغلمان والعبيد إلى بيوت المسلمين، وكان يُربّونهم ثمّ يعتقونهم؛ وعندما سكنوا في بيوت المسلمين تعرّفوا على آداب الإسلام وفهموا معنى أن يكون الإنسان مسلمًا! وعندما يُعتقونهم لم يتراجعوا عن هذا الدين.
سبب تشريع حكم العبوديّة في الإسلام
وقد رُفعت مسألة العبوديّة في عصرنا الحاضر، فليس لأحدٍ غلامٌ أو عبدٌ، حتّى أنّهم يقولون: «لقد قدّم خدمةً أيضًا!»، ولكن تلك أكبر جناية! لأنَّ تلك العبوديّة التي أمضاها الإسلام مغايرةٌ لتلك العبوديّة التي كانوا يأخذون فيها الإنسان ويستلون عليه فيأخذونه إلى بيوتهم ويجعلونه مِلكًا طِلقًا لأنفسهم فيقتلونه ويُمكن لهم أن يحرقوه ويلقوه في النّار وأن يرتكبوا كلّ جنايةٍ أرادوها بحقّ هذا العبد!
يقول الإسلام: عليك أن تحضر العبد وأن تحافظ عليه، عليك أن تطعمه من طعامك وأن تزوّجه أو إذا كانت أمرأةً أو أمّة تتزوج منها وتنجب منها الأبناء وتطعمها من طعامك، وتلبسها ممّا تلبس، وعليك أن تربيهم على الإسلام والآداب ثمّ تحرّرهم!
يذهب المسلمون إلى الحرب تحت عنوان الجهاد ويأسرون العبيد؛ ولكن عندما يعيشون لمدّة عشرة سنوات أو عشرين سنة في منازلهم يكونون قد تربّوا فيحرّرونهم.
ولدينا الكثير من الحالات لتحرير العبيد بنحو الوجوب، مثل: الكفّارات المختلفة، كفارة القسَم والنذر والعهد واليمين،۱ وكفّارة الإفطار، وكفّارة القتل الخطأ،٢ وكفّارة القيام ببعض الأفعال في مكّة و...، فيجب عتق العبيد بناءً عليها!٣ ولم تصل النوبة إلى المستحبّات بعد.
فطوبى لمن يُحرّر عبدًا في ليلة عيد الفطر! فقد كان الإمام زين العابدين عليه السّلام يجمع في ليلة عيد الفطر جميع العبيد والغلمان ويقول: «لقد كنتم لديّ عامًا كاملًا وأنا عبدٌ عاصٍ فادعوا لي!» وهم بدورهم كانوا يدعون للإمام، فيقول لهم: «اذهبوا في سبيل الله، فأنتم أحرارٌ!».٤
وآنذاك لم يكونوا ليتركوا الإسلام ولم يكونوا ليرحلوا! فأين يذهبون؟ فالبيت، هذا هو البيت، والتربية هي هذه التربية! كم هو عجيبٌ! ومع سدّ باب امتلاك العبيد، يزول هذا الأمر.٥
انتشار الإسلام من خلال منطقه ومنهجه وأخلاقه السامية
وما تراه من أنَّ النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم برز وظهر في المدينة، أمّا الإسلام فقد استحوذ على الدنيا، فالذي استحوذ على هذه الدنيا هو هذه الأخلاق وهذا الأسلوب وهذا المنطق، قال تعالى: ﴿إِنَّ ٱللَهَ يَأۡمُرُ بِٱلۡعَدۡلِ وَ ٱلۡإِحۡسَٰنِ وَ إِيتَآيِٕ ذِيٱلۡقُرۡبَىٰ وَ يَنۡهَىٰ عَنِ ٱلۡفَحۡشَآءِ وَ ٱلۡمُنكَرِ وَ ٱلۡبَغۡيِ يَعِظُكُمۡ لَعَلَّكُمۡ تَذَكَّرُونَ﴾٦ وقال تعالى: ﴿إِنَّ أَكۡرَمَكُمۡ عِندَ ٱللَهِ أَتۡقَىٰكُمۡ﴾۷ و... وهما يُمثّلان برنامجًا عمليّاً!
أمر الإسلام بالإنفاق عن إخلاص
ولدينا قدرٌ كبيرٌ من آيات القرآن حول الإنفاق تأمرنا: «أن نُنفق عن إخلاص بلا منٍّ!»۱ عليكم أن تُقدّموا المال والكفارة والصدقة والزكاة وكلّ ما تقدّمونه، باحترامٍ جدًا! في بعض الأحيان قدّموها علنًا، وفي بعضها قدّموها خفيةً!٢ حينما تقدّموها بنحوٍ ظاهرٍ فللمصلحة الفلانيّة، وعندما تُقدّموها في الخفاء، فلمصلحةٍ أخرى،٣ فلا تقوموا بفعلٍ بحيث يشعر من أخذها بالإنكسار؛ وإلّا فإنَّ صدقاتكم باطلة، قال تعالى:
﴿يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَا تُبۡطِلُواْ صَدَقَٰتِكُم بِٱلۡمَنِّ وَٱلۡأَذَىٰ﴾.٤
فإذا أردتم أن تضعوا هذه الصدقة بيد فلان، مثلًا: أردتم أن تشتروا منزلًا لشخصٍ ـ فلا تقتصر الصدقة على القرش أو الثلاثة قروش ـ وبالتالي لا ينبغي أن تفرّق بينها وبين الصدّقات التي كنت تقدمها سابقًا، فإذا أردت أن تمنَّ ولو بأن تقول مرّةً في العمر: «لقد اشتريتُ لك منزلًا أو لقد ساعدتك في المسألة الفلانيّة» فقد تلوتَ على صدقتك الفاتحة!
﴿قَوۡلٞ مَّعۡرُوفٞ وَمَغۡفِرَةٌ خَيۡرٞ مِّن صَدَقَةٖ يَتۡبَعُهَآ أَذٗى وَٱللَهُ غَنِيٌّ حَلِيمٞ﴾.٥
فإذا لم تتصدّق، ولكنّك قلتَ بأسلوبٍ حسنٍ: «يا سيّدي أعتذرُ منك، لقد قصرّت في حقك» فهذا أفضل من أن تؤذي و... !
وحينما تُريد تقديم الصدقات وأن لا تدع أيّ شخص فقير! فالآية تقول:
﴿إِنَّ ٱلشَّيۡطَٰنُ يَعِدُكُمُ ٱلۡفَقۡرَ وَيَأۡمُرُكُم بِٱلۡفَحۡشَآءِ وَٱللَهُ يَعِدُكُم مَّغۡفِرَةٗ مِّنۡهُ وَفَضۡلٗا وَٱللَهُ وَٰسِعٌ عَلِيمٞ﴾.٦
فعندما تُريد أن تُقدّم المال والصدقة، فإنّ الشيطان يقول: لا تعطي، ولا تكن كريمًا؛ ستجوع غدًا، ادّخر شيئًا من أجل زمان العجز، ومن أجل...!»، لكن أنظر ماذا منحك الله تعالى من الفهم! فالنبيّ لم يأتِ بهذا الكتاب لنفسه؛ لقد أحضر هذا الكتاب كي يقرأه المسلمون على الدوام إلى يوم القيامة، وعندما يقرأونه فعليهم العمل به، وإذا عملوا به فعليهم دفع الصدقة! ولمن ينبغي دفع الصدقة؟ للأسود والأبيض، والأحمر والأصفر. فهكذا تكون روح الوحدة، وروح الحقيقة، وروح معرفة الله، وروح الإيثار والعقل الكليّ الفطري الذي خلق الإنسان بذلك العقل وتلك الفكرة؛ وهذا هو معنى:
«يا عَليّ، إذا رأيتَ الناسَ يتَقرَّبونَ إلى خالقهم بأنواعِ البِرّ، فتقَرَّب أنت إليه بعقلِك (بأنواع الإدراكات المعقولة والعلوم الإنسانيّة والفكريّة) تَسبِقهم!»۷
اللهمّ صلِّ على محمّد وآل محمّد