5

الشهرة ومشيئة الله

دين الإسلام، دين الرأفة والرحمة

58
مشاهدة المتن

المؤلّفآية الله السيد محمد محسن الحسيني الطهراني

القسمدعاء أبي حمزة الثمالي

المجموعةسنة 1424

التاريخ 1424/09/09

جلسات المجموعة(12 جلسة)

التوضيح

ما هي حقيقة الشهرة والصيت في ميزان العرفان الإلهي؟ وكيف ينظر السالك إلى السمعة التي يمنحها الله له بين الناس؟ وماذا فعل رسول الله صلّى الله عليه وآله عند فتح مكّة مع الذين آذوه وطردوه؟ وما هو الشعار الذي أطلقه أمير المؤمنين عليه السلام ليُظهر روح الإسلام الحقيقيّة؟ ما هو الفرق الدقيق بين حُسن الظنّ بالآخرين وبين الخيانة عند تقديم المشورة؟ تجيب هذه المحاضرة عن ذلك ضمن شرح فقرة ونوّهت باسمي كبيرًا من دعاء أبي حمزة الثمالي.

/۱٦
بي دي اف بي دي اف الجوال الوورد

الشهرة ومشيئة الله - دين الإسلام، دين الرأفة والرحمة

1
  •  

  • هوالعليم

  •  

  • الشهرة ومشيئة الله

  • دين الإسلام، دين الرأفة والرحمة

  •  

  • شرح دعاء أبي حمزة الثمالي - سنة ۱٤٢٤ هـ - الجلسة الخامسة

  •  

  • محاضرة القاها

  • آية الله الحاج السيّد محمّد محسن الحسينيّ الطهرانيّ

  • قدّس الله سره

  •  

  •  

الشهرة ومشيئة الله - دين الإسلام، دين الرأفة والرحمة

2
  •  

  •  

  • أعوذُ بِاللهِ مِنَ الشَّيطانِ 

  • الرَّجيمِ بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 

  • وَصَلَّى اللهُ عَلَى سَيِّدِنَا وَنَبِيِّنَا أَبِي القَاسِمِ مُحَمَّدٍ 

  • وَلَعْنَةُ اللهِ عَلَى أَعْدَائِهِمْ أَجْمَعِينَ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ

  •  

  •  

  • «إِلَهِي رَبَّيْتَنِي فِي نِعَمِكَ وَإِحْسَانِكَ صَغِيرًا وَنَوَّهْتَ بِاسْمِي كَبِيرًا.» «يا إلهي! أنت الذي ربيتني في صِغري بنعمك وإحسانك، ورفعت اسمي بالخير والذِّكر الحسن في كِبَر سني وشهرتني.»

  • تأثير اختيار الله ومشيئته في شهرة الإنسان

  • ذُكر للرفقاء في الليلة الماضية أنّ هذه العبارة من دعاء الإمام السجاد عليه السلام، يمكن تأمّلها من جوانب عدّة. الجانب الأول هو كيف يجعل اللهُ تعالى فردًا ما معروفًا ومشهورًا بين الناس. وقد تقدم أنّ هذه المسألة تعود إلى اختيار الله ومشيئته، ولا ينبغي أن يكون هذا الأمر مدعاةً للغبطة أو الحسرة لدى أيّ إنسان آخر.

  • إنّ الوسائل تتهيّأ و الظروف تتوفّر ليصبح إنسانٌ ما معروفًا ومشهورًا بين الناس، وربما لم يكن تحصيل هذه الشهرة وهذا الصيت الحسن باختياره هو، ولم يكن له دور في هذه المسألة، بل تضافرت أمورٌ عدّة حتّى صار مشهورًا. ولذا لا ينبغي أن يدفع ذلك فردًا آخر إلى أن يغبطه قائلًا: «لماذا لم أشتهر أنا؟! لماذا لم أنل شهرة؟! لماذا لم يجعلوني رئيسًا؟! لماذا لم يكتبوا اسمي في الإعلانات؟! لماذا لم يضعوني في المرتبة الأولى؟!» وما إلى ذلك من أسئلة «لماذا»!

  • وما سبب كلّ هذه التساؤلات؟ سببها أنّنا ننسب هذه الشهرة إلى أنفسنا.

  • حكاية ذات عبرة في اكتساب الشهرة

  • أتذكّر أنّه قبل بضع سنوات، في إحدى الانتخابات التي جرت، فاز أحد الأفراد بالمركز الأوّل، وحين نشر على المذياع مقابلة معه، كنت أستمع إليها. عندما بدأ يتحدّث بصفته الفائز الأول، كان في حالة من البهجة والفرح والسرور لدرجة أنّه لم يكن يعي ما يقول! وكانت عبارته كالتالي: «أنتم اليوم، أو في هذه المرة، بهذا التصويت الذي أدليتم به، قد أدخلتم السرور على قلب رسول الله صلّى الله عليه وآله!» وهذه العبارة لا تزال في ذهني.

  • مرّت بضع سنوات على تلك الحادثة، وأُجريت الانتخابات والتصويت مرّة أخرى، وحصل هذا الفرد على أصوات، لكنّه جاء في المراتب الأخيرة، أو لا أدري إن كان قد فاز أم لا. وفي أحد المجالس، لم أكن حاضرًا فيه ولكن نُقل لي، كان هذا نفسه متأثّرًا جدًّا من نتيجة التصويت لدرجة أنّه "قال ما قال" بحقّ الوسائل والوسائط والأسباب التي أدّت إلى وصول الأمور إلى هذه النقطة!

الشهرة ومشيئة الله - دين الإسلام، دين الرأفة والرحمة

3
  • إذا كان المقياس هو التصويت، فكيف يُعقل أنّه عندما فزتَ أنت بالمركز الأول، فَرِح قلبُ رسول الله صلّى الله عليه وآله؟! فبناءً على ذلك، فإنّ من فاز بالمركز الأول في هذه الدورة سيأتي ويقول الكلام نفسه: «لقد انتخبتموني اليوم وأدخلتم السرور على قلب رسول الله صلّى الله عليه وآله!»

  • الآن، لو طُرح هذا الأمر على الذي يقول: «لقد أدخلتم السرور على قلب رسول الله»، وعلى ذلك الذي جاء في المركز الأخير، وسُئل، فهل سيقول الكلام نفسه؟! أو لو قيل للذي لم يُنتخب: «يا عزيزي، ما رأيك؟ فلانٌ قال إنّك أدخلت السرور على قلب رسول الله.» سيقول: «ما معنى أنّكم أدخلتم السرور على قلب رسول الله؟! ماذا فعلتم؟! ما هذا الكلام؟!» كلّ هذا كلامٌ خاطئ وباطل، وكلّه من أمر الدنيا، وهو كالزبد الذي يطفو على الماء، مجرّد فقّاعة وهباء.

  • رؤية المسلمين المبدئيّة في فتح مكّة

  • في إحدى المرّات، كان أمير المؤمنين عليه السلام قائدًا في زمن رسول الله صلّى الله عليه وآله. في ذلك الجيش الذي كان يتّجه لفتح مكّة، كان سعد بن عبادة، زعيم الأنصار، هو قائد جيش رسول الله في بداية الأمر. كان النبيّ صلّى الله عليه وآله يسير مع الجيش، ورأى أنّ هذا الرجل يتحرّك لفتح مكّة والقضاء على الأصنام والشرك ورفع راية التوحيد والإسلام، ويذهب في سبيل الله، ومستعدٌّ لأن يبذل روحه أيضًا!

  • كان اللواء في يد سعد بن عبادة، والذي يذهب إلى الحرب، إنّما يريد أن يذهب ليبذل روحه ويضحّي بها! ولكن في هذا المسير، لم يكن متحقّقًا ما يريده النبيّ صلّى الله عليه وآله وما جاء من أجله رسول الله! ـ انتبهوا جيدًا لما أريد أن أقوله! ـ والأمر الذي من أجله جعل الله النبيّ رحمة للعالمين لم يكن متحقّقًا.

  • إنّهم يريدون أن يذهبوا ليقيموا الإسلام، ويقضوا على الشرك، ويُسقطوا الأصنام من على الكعبة، كلّ هذا في محلّه، والله يجزي ويكافئ ويثيب، وأجرهم وجهودهم مأجورة، ولكنّ الحال الذي دفعهم للحركة، والأغراض والأهداف التي يتقدّمون بها، كانت تتمثّل في «الذهاب والضرب والأسر وطرد المشركين وقتلهم وإبادتهم»، بينما جاء رسول الله صلّى الله عليه وآله لأمرٍ آخر.

الشهرة ومشيئة الله - دين الإسلام، دين الرأفة والرحمة

4
  • صحيحٌ أنّكم تذهبون لفتح مكّة، ولكنّكم تتّجهون نحو أناسٍ هم، وإن كانوا مشركين، عبادٌ للّه، فهم لم يخرجوا من عبوديّة الله! «نذهب لنسقط الأصنام ونضربها ونحطّمها جميعًا!»، جيّد، ستذهبون وتُسقطون الأصنام! ولكنّ سعد بن عبادة كان ينشد أشعارًا والناس يردّدون معه شعاراتٍ، مفادها: «لنذهب ونقتصّ لدماء بدر وأُحد، ولنأخذ بثأر ما ألحقوه بنا وبنسائنا وأطفالنا من أذى. لنذهب ونأخذ قصاص حروبنا الماضية من هؤلاء المشركين!»۱ وهذا لم يكن ما يريده النبيّ صلّى الله عليه وآله.

  • تعذيب مشركي مكّة للمسلمين

  • صحيحٌ أنّهم في نهاية المطاف كانوا مجرمين، وعلى أيّ حال، لقد تسبّبوا في ألوانٍ من الأذى! فأيّ عذابٍ أذاقه هؤلاء المشركون لأولئك االمسلمين من قومهم الذين كانوا هناك، لهو أمر عجيب حقًّا في التاريخ! استُشهد ياسر، والد عمّار، تحت التعذيب، واستُشهدت والدة عمّار تحت تعذيب قريش. كانوا يضعون الحديد على الجمر، وعندما يصبح جمرًا ملتهبًا، يضعونه على ظهورهم!

  • فماذا عساه يبقى من ذلك الجسد؟! أو في اللحظة الأخيرة، أوقدوا ذلك الحديد حتّى التهب ثمّ غرسوه في بطن والدة عمّار، وهكذا استشهدت! ويقول البعض أيضًا إنّهم طعنوها بالرمح. كانوا يعذبونهم بهذه الطريقة التي تبدو غريبة حقًّا، بل عجيبة جدًّا!

  • أحد هؤلاء الأفراد، واسمه خبّاب بن الأرت ـ يكتبونه خَبّاب أو حَبّاب ـ نزل به من البلاء تحت هذا التعذيب ما جعله بعد سنوات، في زمن خلافة عمر، أن قال له عمر يومًا: «سمعت أنّهم قد أذاقوك ألوانًا كثيرة من الأذى، ارفع قميصك لأرى ظهرك!». يقولون إنّه ما أن وقع بصر عمر على ظهره، حتّى أشاح بوجهه ولم يستطع النظر أصلًا! هكذا كان هؤلاء المشركون يكوون أجساد هؤلاء المسلمين! وبهذه الكيفيّة!

  • في أيّ حالة من الوحشيّة والحيوانيّة كانوا يعيشون! ومع ذلك، لم يكن هؤلاء المسلمون ليتخلّوا عن مبدئهم. حقًّا يخجل الإنسان من نفسه كثيرًا، ويقول: إذا كان الإسلام قد جاء ونما بهذه الطريقة، فأين نحن من كلّ هذا؟! حقًّا، أين موقعنا من هذه المسألة؟!

  • فرار الشيوخ الثلاثة من الحروب كما تنقله التواريخ

  • كان هذا في وقتٍ لم تُصِب فيه أبدان أولئك الأعاظم ـ الشيوخ الثلاثة ـ وخزة إبرة في سبيل الإسلام طوال الحروب التي خاضها رسول الله صلّى الله عليه وآله! وبقيت أبدانهم المباركة صحيحة وسالمة، ولم يمسّها أيّ ألم من أجل بقاء الإسلام!

    1. اليوم يوم الملحمة *** اليوم تستحل الحرمة
      راجع الكتب التالية: مناقب آل أبی‌طالب علیهم السلام، ج ۱، ص ٢۰٦؛ الإرشاد، ج ۱، ص ٦۰؛ شرح نهج البلاغة، ابن‌أبي‌الحدید، ج ۱۷، ص؛٢۷٢؛ کشف الغمة في معرفة الأئمة؛ ج ۱، ص ٢۱۸؛البدایة و النهایة ابن کثیر، ج ٤، ص ٢٩٥.

الشهرة ومشيئة الله - دين الإسلام، دين الرأفة والرحمة

5
  • عندما وقعت حرب أُحد، فرّ هؤلاء الثلاثة خارج المدينة لثلاثة أيّام! خرجوا من المدينة لثلاثة أيام! هل يعلم أهل السنّة هذا أيضًا؟! في رحلتي الأخيرة، عندما كنت أتحدّث مع أحدهم حول هذه المسألة، لم يصدّق الأمر أصلًا، وقال: «أنتم الشيعة تختلقون هذا الكلام!» قلت له: «اذهب وراجع كتاب (المغازي) للواقدي۱، فقد ورد فيه، وهو من كتبكم! فماذا تقول؟!» لم يصدّق إطلاقًا! لأنّهم لا يخبرونهم بهذه الأمور. قلت له: «انظر في (شرح نهج البلاغة) لابن أبي الحديد، فقد أورد ذلك هناك.»٢

  • عندما يروي ابن أبي الحديد قصّة فرارهم من معركة أُحد، يقول: «يا ناعم الخدّ، يا مخضوب البنان٣، أأقول عنكم رجالًا أم أسمّيكم نساءً؟! هل أنتم نساء أم رجال؟! ماذا ينبغي أن أقول لكم؟!» على أيّ حال، هل كانت هذه الفئة مثل تلك الفئة؟! هذه الحركة التي يقومون بها، يتّضح من خلالها أيّ أمور وأيّ تيّارات تجري في القلوب، وأيّ أحوال تدور في هذه النفوس.

  • تعامل النبيّ صلّى الله عليه وآله مع مشركي مكّة

  • لو كنّا نحن مكانهم، ماذا كنّا فاعلين بهؤلاء؟! هل كنّا لنبقي بيتًا واحدًا في مكّة؟! كنّا نسوّي مكّة بالأرض! ونقول: كما إنّ هؤلاء الذين كانوا على هذه الحال ويردّدون تلك الشعارات، فنحن أيضًا مسلمون، ولسنا كفّارًا! فنحن أيضًا، في نهاية المطاف، ندعو للتوحيد والله وهذه الأمور تتردّد على ألسنتنا وفي حياتنا، أليس كذلك؟!

  • لكنّ رسول الله صلّى الله عليه وآله يختلف عنّا، والنقطة المهمّة تكمن هنا بالضبط. فرسول الله صلّى الله عليه وآله يعلم ما فعلوه، ويعلم ما أنزلوه بهؤلاء المسلمين! والأسوأ من كلّ ذلك، يعلم ما أنزلوه به هو شخصيًّا، فهؤلاء هم من أفرغوا كرش الشاة على رأس النبيّ صلّى الله عليه وآله! وهؤلاء هم من لاحقوا النبيّ حتّى منزل خديجة عليها السلام وشجّوا رأسه وأدموا وجهه وقدمه، لدرجة أنّه عندما وصل إلى باب منزل خديجة كان مضرّجًا بدمائه! فهؤلاء هم من فعلوا ذلك.

  • الرفقاء الذين تشرّفوا بزيارة مكّة، في تلك المقبرة المجاورة للحجون، يظهر شعب أبي طالب، وهي المقبرة المعروفة الآن بمقبرة أبي طالب عليه السلام. هؤلاء الأفراد وقريش هم الذين حاصروا النبيّ صلّى الله عليه وآله وزوجته وأطفاله الرضّع لمدّة ثلاث سنوات في شعب أبي طالب، بين جبلين، وسدّوا مدخله بالحجارة لمنعهم من الخروج، ووضعوا من جهة أخرى رماة ليضربوا بالسهام كلّ من يقترب!

    1. انظر المغازي للواقدي ج۱ ص ٢٣۷ و٢٤۰.
    2. إبن أبي الحديد – شرح نهج البلاغة – الجزء: (۱٥) – رقم الصفحة: (٢۰).قد اختلف في عمر بن الخطاب هل ثبت يومئذ أم لا، مع إتفاق الرواة كافة على أن عثمان لم يثبت، فالواقدي ذكر أنه لم يثبت.– واتفقوا كلهم: على أن ضرار بن الخطاب الفهرى قرع رأسه بالرمح، وقال: إنها نعمة مشكورة يا بن الخطاب إني آليت ألاّ أقتل رجلاً من قريش.– وروى ذلك محمد بن إسحاق وغيره، ولم يختلفوا في ذلك، وإنما إختلفوا، هل قرعه بالرمح وهو فار هارب، أم مقدم ثابت ! والذين رووا أنه قرعه بالرمح وهو هارب لم يقل منهم أنه هرب حين هرب عثمان ولا إلى الجهة التى فر إليها عثمان، وإنما هرب معتصماً بالجبل، وهذا ليس بعيب ولا ذنب، لأن الذين ثبتوا مع رسول الله (صلي الله عليه و آله و سلم) اعتصموا بالجبل كلهم وأصعدوا فيه، ولكن يبقى الفرق بين من أصعد في الجبل في آخر الأمر ومن أصعد فيه والحرب لم تضع أوزارها، فإن كان عمر أصعد فيه آخر الأمر، فكل المسلمين هكذا صنعوا حتى رسول الله (صلي الله عليه و آله و سلم)، وإن كان ذلك والحرب قائمة بعد تفرق.– ومنهم من روى: أنه ثبت معه أربعة عشر رجلاً من المهاجرين والأنصار، ولا يعدون أبابكر وعمر منهم.وانظر البحث مفصّلاً حول ذلك في معرفة الإمام ج۱٣، ص ٥٥ إلى ٦٥.
    3. الروضة المختارة شرح القصائد العلويات السبع لابن أبي الحديد، ص ٩٢. أسرار الملكوت، ج ١، ص ٢٤٩ ومعنى البيت: هل أنّ فرارهما أقوى وأشدّ أم فرار النعامة في عدوها، وهل هما رجلان أم أنّهما كالنساء المدلّلات والمرهفات؟! وقد ورد البيت ضمن أبيات منها: 
      ألم تخبر الاخبار في فتح خيبر***ففيها لذي اللب والملب أعاجيب 
      وفوز علي بالعلى فوزها به***فكل إلى كل مضاف ومنسوب 
      وما أنس لا أنس اللذين تقدما***وفرهما والفرقد علما حوب 
      وللراية العظمى وقد ذهبا بها***ملابس ذل فوقها وجلابيب 
      يشلهما من آل موسى شمردل***طويل نجاد السيف أجيد يعبوب 
      أحضرهما أم حضر أخرج خاضب***وذان هما أم ناعم الخد مخضوب 
      عذرتكما إن الحمام لمبغض***وإن بقاء النفس للنفس محبوب

الشهرة ومشيئة الله - دين الإسلام، دين الرأفة والرحمة

6
  • ثلاث سنوات! وخلال هذه المدّة، توفّيت خديجة عليها السلام زوجة النبيّ، وتوفّي أبو طالب عليه السلام. فهذان الركنان المهمّان والسندان للنبيّ صلّى الله عليه وآله قد رحلا، ودُفنا في المكان نفسه. وبعد ثلاث سنوات، رُفع الحصار. ثمّ عزموا على قتل النبيّ صلّى الله عليه وآله، فهاجر حينها إلى المدينة. فالبلاء الذي أنزلوه بالنبيّ نفسه لم يكن أقل ممّا أنزلوه بالبقيّة!

  • حال رسول الله وسيرته: عامل تقدُّم الإسلام

  • ولكنّ رسول الله صلّى الله عليه وآله كان يدور في رأسه أمرٌ آخر، ولذلك أصبح هو رسول الله. لماذا لم نصبح نحن رسلًا للَّه؟! لماذا لم نصبح نحن أنبياء؟! لأنّ الحال الذي يسود رسولًا للّه ـ بل هذا الرسول تحديدًا! لا غيره! ـ كان حالاً مختلفًا! وهو الذي جعله رحمةً للعالمين، ولا يوجد في مكان آخر، حتّى لو قالوا: «نحن مسلمون، نحن علماء، ولدينا رسالة عمليّة، وعلى الجميع أن يتّجهوا نحونا!»

  • إنّ حال رسول الله صلّى الله عليه وآله أمرٌ آخر، ذلك الحال هو الذي يجذب الناس، وتلك الأجواء هي التي تدفع الإسلام إلى الأمام. وقوله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ}۱ إنّما هو بسبب ذلك الجانب.

  • آیینه شو و جمال پری‌طلعتان طلب***جاروب زن خانه و پس میهمان طلب 
  • يقول: صِرْ مرآةً واطلبْ جمالَ الحِسان *** واكنسِ الدارَ ثمّ اطلبِ الضيفان

  • نحن الذين سمحنا لألف قشّة وشوكة بالدخول إلى هذه الدار، لا نستطيع أن نكون مرآة لجمال الحِسان، لا نستطيع أن نكون محلًّا لورود الجذبات والنفحات والفيوضات الإلهيّة. يجب أن نصبح بتلك الصورة، لنكون مثلهم.

  • سبب تغيير قائد جيش الإسلام في فتح مكّة

  • رأى رسول الله صلّى الله عليه وآله أمرًا عجيبًا! إنّهم يتّجهون نحو مكّة، ومكّة ستُفتح، وراية الإسلام سترتفع فوق الكعبة، ولكنه ليس الإسلام الذي يريده هو، بل سيحكم مكّة إسلامٌ بالقوّة، إسلامٌ بالسيف، إسلامٌ بالهراوة، لا إسلامٌ بالرأفة ولا إسلامٌ بالتوحيد. والإسلام بالهراوة ليس إسلامًا، والإسلام بالقوّة ليس إسلامًا، والإسلام القائم على القصاص وإطفاء تلك الغرائز والصفات الباطنيّة ليس إسلامًا، والإسلام القائم على الثأر وتصفية الحسابات ليس إسلامًا!

    1. سورة الأنبياء (٢۱)، الآية ۱۰۷.

الشهرة ومشيئة الله - دين الإسلام، دين الرأفة والرحمة

7
  • إنّ الإسلام الذي لا يوجد فيه أيٌّ من هذه الأمور، أي الإسلام الخالص، هو الإسلام الذي ينظر إلى أبي سفيان نفسه بنفس النظرة التي ينظر بها إلى عمّار، هذا هو الإسلام الذي يجب على النبيّ صلّى الله عليه وآله أن ينشره، وهذا الإسلام ليس موجودًا في هذا الجيش!

  • فإنّ الجيش يهتف: «سنجعلكم بائسين تعساء، سنضربكم، سنقتلكم، سنسحقكم! أهكذا كنتم تفعلون بنا؟! والآن سترون! لقد شحذنا سيوفنا لهذا اليوم!» وكان سعد بن عبادة يردّد باستمرار مثل هذه الشعارات.۱

  • فجاء رسول الله صلّى الله عليه وآله وقطع الأمر فورًا. أوّل ما فعله هو تغيير القيادة، فقال: «ليأتِ أمير المؤمنين عليه السلام مكان سعد بن عبادة!» ذاك الذي هو مثله! يجب أن يأتي شخصٌ ويكون وصيًّا له ويكون لديه نفس حال النبيّ صلّى الله عليه وآله وأجوائه، فلا أحد غيره يستطيع حمل هذا العبء.

  • ولذلك، عندما نزلت الآيتان {وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ}٢ و {وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ}٣، لم يكن رسول الله صلّى الله عليه وآله يمزح هناك، ولم يقرأ إنشاءً، ولم يعتلِ المنبر! بل طرح حقيقةً من داخله، قال الحقيقة، فقال: «أَيُّكُمْ يُؤَازِرُنِي عَلَى هَذَا الْأَمْرِ؟»٤ مَن يأتِ ويساعدني ويحمل عنّي هذا العبء؟

  • سبب اختيار أمير المؤمنين عليه السلام للقيادة

  • لنفترض الآن أنّا كنّا نحن ـ أفراد هذه الجلسة ـ هناك وسمعنا كلام النبيّ صلّى الله عليه وآله هذا، فهل كنّا لنرفع أيدينا؟! انظروا، تارة يقول رسول الله صلّى الله عليه وآله: «مَن يأتِ ويعيننا في هذا الطريق؟» حسنًا، كلّنا نرفع أيدينا: «نحن هنا يا رسول الله! إن شاء الله يوفّقنا الله ونحن أيضًا نقدّم المساعدة!» ـ وبتوفيق منه طبعًا، فبدون أن يوفقنا فجميعًا صفر، بل تحت الصفر، سالب ما لا نهاية! عدد جبري! ـ لو قال رسول الله صلّى الله عليه وآله: «مَن يأتِ ويعيننا لنذهب ونحارب؟! مَن يعيننا لنقوم بهذا العمل؟! مَن يساعدنا؟!» لرفعنا أيدينا جميعًا.

  • ولكن تارة أخرى لا يتحدّث رسول الله صلّى الله عليه وآله بهذه الطريقة، بل يقول: «مَن يأتِ ويجلس مكاني ويلتزم بأن يعمل كما أعمل تمامًا؟! مَن يأتِي ويحمل عبء رسالتي؟!» مَن ذا الذي يرفع يده؟! فلا أحد يرفع يده! ولو سُئلت أنا، فلن أرفع يدي، فأنا لست أهلًا لذلك!

    1. اليوم يوم الملحمة *** اليوم تستحل الحرمة.
    2. سورة الشعراء (٢٦)، الآية ٢۱٤.
    3. سورة الشعراء (٢٦)، الآية ٢۱٥.
    4. معرفة الإمام، ج‌۱، ص: ٩٤ عن (تاريخ الطبري)، ج ٢، ص ٦٢ و ٦٣: "أيكم يؤازرني على هذا الأمر على أن يكون أخي ووصيي وخليفتي فيكم؟". وقال العلاّمة الطهراني هناك: يقول العلّامة الأميني: و بهذا اللفظ أخرجه أبوجعفر الإسكافي المتكلم المعتزلي البغدادي المتوفّي ٢٤۰ ه- في كتابه (نقض العثمانية) [٣]، و قال: إنّه روى في الخبر الصحيح. و رواه الفقيه برهان الدين في (أنباء نجباء الأبناء)، ص ٤٦- ٤۸؛ و ابن الأثير في (الكامل) ج ٢، ص ٢٤؛ و أبو الفداء عماد الدين الدمشقي في تاريخه، ج ۱، ص ۱۱٦؛ و شهاب الدين‌ الخفاجي في (شرح الشفا) للقاضي عياض، ج ٣، ص ٣۷ (و بتر ءاخره) و قال: ذكر في دلايل البيهقي و غيره بسند صحيح؛ والخازن علاء الدين البغدادي في تفسيره، ص ٣٩۰؛ والحافظ السيوطي في (جمع الجوامع) كما في ترتيبه، ج ٦، ص ٣٩٢ نقلًا عن الطبري، و في ص ٣٩۷ عن الحّفاظ الستّة: ابن اسحق، و ابن جرير، و ابن أبي حاتم، و ابن مردويه، وأبي نعيم، والبيهقي؛ وابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة ج ٣، ص ٢٥٤. و ذكره المورّخ جرجي زيدان في (تاريخ التمدن الحديث) ج ۱، ص ٣۱؛ والاستاذ محمّد حسين هيكل في (حياة محمّد) ص ۱۰٤ من الطبعة الاولى.

الشهرة ومشيئة الله - دين الإسلام، دين الرأفة والرحمة

8
  • حسنًا، أولئك المساكين لم يكونوا يفهمون ما يقوله النبيّ صلّى الله عليه وآله، فكانوا يسخرون. ولكن لنفترض الآن أنّه كان بينهم أصحاب معرفة، فلو كان سلمان وأبو ذر والمقداد وعمّار ومالك وابن عبّاس موجودين، فهؤلاء الذين كانوا يدركون هذه المطالب في ذلك الزمان، فلو كانوا هم أيضًا حاضرين لما رفعوا أيديهم! لا أنّهم لا يرفعونها تواضعًا ليرفعها أمير المؤمنين عليه السلام، لا! بل حتّى لو لم يكن أمير المؤمنين عليه السلام في المجلس، لما رفعوا أيديهم، لأنّهم ليسوا أهلًا لذلك.

  • هناك واحد فقط يجب أن يرفع يده، وهو عليّ عليه السلام، وفي ذلك الموقف لا يستطيع أحد غير أمير المؤمنين عليه السلام أن يقوم، أي أنّ ذلك مجلسٌ يفوّض فيه رسول الله صلّى الله عليه وآله رسالته، فمن يستطيع أن يرفع يده غير عليّ عليه السلام؟! هذا «حملٌ لعبء الرسالة!» هل هو قمح وشعير ليضعه الإنسان على دابّته؟! لقد خلطنا بين هذين الأمرين.

  • هذا الجيش الذي يتحرّك لفتح مكّة، هو جيش قائده رسول الله صلّى الله عليه وآله، ولا يمكن للنبيّ أن يرى هذا الجيش يسير بهذا الحال وهذه الكيفيّة. ولذلك، أول ما فعله هو تغيير القيادة، فأصبح أمير المؤمنين عليه السلام قائدًا. فأرسل رسالة إلى سعد بن عبادة يشكره فيها كثيرًا على جهوده ـ طبعًا ليس بهذه العبارة ـ بل يتفقّد رسول الله صلّى الله عليه وآله حاله ويشكره. فهو أيضًا قد عمل بقدر وسعه، ولا يمكن للإنسان أن يتوقّع من كلّ فرد أن يأتي ويقوم بعمل أيّ فرد آخر.

  • ردّة فعل سعد بن عبادة تجاه تغيير القيادة

  • وهو أيضًا يتجاوز نفسه في هذا الموقف! لو تصوّر الإنسان الموقف، سيرى أنّه ليس بالأمر الهيّن! أن يعيّن النبيّ صلّى الله عليه وآله فردًا قائدًا لجيش الإسلام لفتح مكّة، فهذا ليس مزاحًا. والآن، بينما هو قادم، وفي وسط الطريق، وعلى بعد منزل أو منزلين من مكّة، يُقال له فجأة: «يا عزيزي، من فضلك، سلّم منصبك لغيرك، سلّمه لشخص آخر!»

  • يعتري الإنسان شيء من الارتباك، فيقول في نفسه: «إذًا، ما قيمة قيادتي هنا؟!» لكنّه يتغلّب على نفسه فورًا. فقد كان سعد بن عبادة من كبار الصحابة، وسواء أدرك حقيقة الأمر أم لم يدركها، فإنّه في كلّ الأحوال سلّم الأمر في مقام التسليم ولم يعترض أبدًا.

الشهرة ومشيئة الله - دين الإسلام، دين الرأفة والرحمة

9
  • تغيير الشعار والأوضاع في فتح مكّة على يد أمير المؤمنين عليه السلام

  • يأتي أمير المؤمنين عليه السلام، يأخذ الراية واللواء، ويبدأ فجأة في تغيير الشعارات. فحتّى الآن، كان الشعار: «لنذهب ونضرب ونسحق ونقتل»، وما إلى ذلك من كلام. وفجأة يأتي أمير المؤمنين عليه السلام ويقول: «لنذهب ونقيم الإسلام وننشر التوحيد هناك، ونجعلهم جميعًا مسلمين. وندخلهم في الإسلام، ونعطي الآخرين من هذه النعمة التي أنعم الله بها علينا!»

  • فجأة رأى الناس: «عجبًا! ماذا كان وماذا أصبح! بأيّ نيّة تحرّكنا، ما شاء الله! لقد جئنا مثلًا لننتقم! لكنّ أمير المؤمنين عليه السلام يقول كلامًا آخر!» انقلبت الصفحة، وأصبح الأمر مختلفًا، وتغيّرت الأوضاع! رأوا أنّ الأمر ليس كذلك يا سادة! فالأفضل أن يغمدوا سيوفهم، فقد شحذوها عبثًا! فالمسألة ليست مسألة سهام وسيوف، بل هي مسألة محبّة الإسلام، وتلك المحبّة والعطف ووحدة الكلمة. ثمّ إنّ تفاصيل الواقعة طويلة، والرفقاء يعلمون ما حدث عندما جاء رسول الله صلّى الله عليه وآله، وكيف جعل منزل أبي سفيان مأمنًا لكلّ من يريد اللجوء إليه! يصبح منزل أبي سفيان آمنًا!

  • تنبُّه الأفراد عند رؤية سلوك رسول الله وأمير المؤمنين

  • والآن انظروا إلى هؤلاء المساكين، كانوا يرون أعمال رسول الله صلّى الله عليه وآله هذه، ومع ذلك كانوا يتصرّفون بتلك الطريقة! حقًّا، بيننا وبين الله، مَن الذي كان في زمن رسول الله صلّى الله عليه وآله ورأى أعماله هذه ولم يتنبّه؟! لقد كان ذلك مستحيلًا! قسمًا بالله العظيم، كانت طريقة رسول الله ومنهجه وحركاته وسكناته ـ ولم يكن رسول الله يختلف عن أمير المؤمنين عليهما السلام! ـ بحيث كان من المستحيل أن يراها أحد ولا يتنبّه ويتذكّر ولا يفهم!

  • ظروف أمير المؤمنين وأحواله قبل النبيّ وبعده

  • هذه مسألة لا ينبغي للإنسان أن يغبط عليها. إنّ ذيوع الصيت والشهرة أمرٌ يحدث في ظروف معيّنة، ثمّ تتغيّر الظروف. هذا هو أمير المؤمنين عليه السلام نفسه الذي كان قائدًا في ذلك الوقت، تنظر إليه بعد رسول الله صلّى الله عليه وآله فلا تجد أحدًا يلتفت إليه! أي أنّ هذه التجربة قد مرّ بها أمير المؤمنين عليه السلام نفسه بشكل واضح! فتلك القيادة وذلك الضرب وتلك المعارك كخيبر والخندق تُنسى!

الشهرة ومشيئة الله - دين الإسلام، دين الرأفة والرحمة

10
  • حقًّا كانت معركة خيبر معركة عجيبة! كيف فرّوا وذهبوا ثمّ عادوا! وقال عن أمير المؤمنين عليه السلام: «لَأُعْطِيَنَّ الرَّايَةَ غَدًا رَجُلًا يُحِبُّ اللهَ وَرَسُولَهُ وَيُحِبُّهُ اللهُ وَرَسُولُهُ، كَرَّارًا غَيْرَ فَرَّارٍ، لَا يَرْجِعُ حتّى يَفْتَحَ اللهُ عَلَى يَدَيْهِ.»۱ هذه العبارة التي قالها النبيّ صلّى الله عليه وآله في حقّ أمير المؤمنين عليه السلام، وغيرها من الأمور، انقلبت جميعها فجأة في الزمن الذي تلا وفاة رسول الله صلّى الله عليه وآله.

  • كان الإمام عليه السلام يمشي في الشارع، فيدير الناس رؤوسهم إلى الجهة الأخرى حتّى لا يسلّموا عليه، يديرون رؤوسهم حتّى لا تقع أعينهم على أمير المؤمنين عليه السلام! هذه أمورٌ حدثت في التاريخ!

  • في أحد الأيام، كانت السيّدة الزهراء عليها السلام تسير مع أمير المؤمنين عليه السلام، فقالت: «يا علي، هذا الرجل الذي أدار وجهه إلى الجهة الأخرى، ألم يكن صديقك؟!» فقال لها: «يا زهراء، إنّ هذا الذي أدار وجهه عنّي، لهو أهون من الآخرين الذين ألقي عليهم السلام فلا يردّونه!»

  • والآن، هل يأتي أمير المؤمنين عليه السلام ليغبط ويتحسّر على شهرته ومكانته في ذلك الوقت؟! لقد حدثت وقائع وطرأت أوضاع، ونشأت شهرة في ذلك الحين، وقد كانت من عند الله، والآن أيضًا يجب على أمير المؤمنين عليه السلام أن يرى الأمر من عند الله، فلقد شاءت المشيئة والتقدير الإلهي أن يصبح عليٌّ جليس الدار، وعليه أن يؤدّي هذا التكليف. أقسم بأرواحنا وأرواحكم وروح كلّ منّا المباركة، إنّ الشيء الوحيد الذي لم يكن أمير المؤمنين عليه السلام يفكّر به هو: «ماذا حلّ بتلك الأمور؟! ماذا كانت تلك الأقوال والشهرة والمعروفيّة؟!» لقد كان يفكّر في كلّ شيء إلا هذه المسألة. فلا ينبغي للإنسان أن يغبط.

  • رفعة الله لاسم الإنسان بالخير

  • يبدو من المستبعد أن نصل إلى ذلك الموضوع الليلة، ولكن إن شاء الله في الليالي القادمة سيُشار إلى هذه النقطة، وهي أنّه قد تكون هناك آفات في هذه الشهرة ومصائب تقع على الإنسان، فتجعله يتمنّى من الله ألف مرّة لو لم تكن هذه الأمور موجودة، ولو أنّه لم يكن معروفًا ومشهورًا. على أيّ حال، هذه حالة يأتي بها الله.

الشهرة ومشيئة الله - دين الإسلام، دين الرأفة والرحمة

11
  • {قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَن تَشَاءُ وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّن تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَن تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَن تَشَاءُ ۖ بِيَدِكَ الْخَيْرُ ۖ إِنَّكَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}۱. يا ربّ، أنت الذي تعزّ وتذلّ، ترفع وتخفض، فيومًا تمنح السلطان، ويومًا تسلبه! {بِيَدِكَ الْخَيْرُ}، الخير من عندك، {إِنَّكَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}.

  • ولكن النقطة الكامنة في كلام الإمام السجّاد عليه السلام هنا هي أنّ الله تعالى يرفع اسم الإنسان. الله لا يرفع قبائح الإنسان ولا يرفعه بالسوء، بل يرفع اسمه بالخير والمعروفيّة، في حين أنّ الإنسان لديه ألف عيب ونقص. فلماذا هو كذلك؟! لماذا يرفع الله تعالى اسم الإنسان بالخير والحال أنّه لا يستحقّ ذلك؟!

  • هل ما نراه الآن بيننا هو الحقيقة؟! وهل ما هو متعارف بيننا الآن ونتعايش معه، هو الحقيقة؟! وهل ما نظهره هو ما نملكه حقًّا؟! وهل ما نحن معروفون به الآن بين الناس هو ما نحن عليه في الواقع؟! هل لدينا الصلاحيّة لذلك؟! أم أنّ الله هو الذي فعل ذلك، فستر العيوب والقبائح وأخفى النقائص. لقد رسم للنّاس صورة ظاهريّة جميلة عن الإنسان فقط، بينما لو أدرك الناس ما في غرائزنا وصفاتنا، وفي أيّ أمور نحن متورّطون، لما صلّى أحدٌ خلف أحد، بل لما نظر أحدٌ إلى أحد أصلًا! وهذه الأمور التي أقولها هي حقيقة واقعة!

  • أحيانًا عندما أفكّر في نفسي، أرى حقًا أنّه لا يوجد أيّ عامل أو سبب يجعلني أهلًا لإظهار لطف الأصدقاء ومحبّتهم لي، على الإطلاق! سوى أنّ الله تعالى أراد أن يستمرّ أمرٌ ما هنا، وأن يكون مجرّد وسيلة وذريعة ـ كآلاف الوسائل والذرائع الأخرى ـ نعم، هناك انتساب، والانتساب مسألة ليست بأيدينا ـ ولكن بغضّ النظر عن ذلك الجانب، أيّ جانب أو عامل يمكن أن يكون موجودًا حقًّا؟!

  • وأنا أفكّر في هذا الأمر كثيرًا حقًّا، أيّ أنّنا يجب أن نكون حذرين ومراقبين للغاية، ويجب أن نتعامل مع المسألة بحساسيّة شديدة. فلا سمح الله، إيّانا أن ننسب هذا الأمر إلى أنفسنا، فإذا كان من المقرّر أن ينسب الإنسان الأمر إلى نفسه، فإنّ الله سيضربه في تلك اللحظة الحاسمة ويوضّح الحقيقة، بحيث يدرك الإنسان والجميع أنّه لم تكن هذه هي الحكاية يا أعزّاء! لم يكن هذا الواقع!

    1. سورة آل عمران (٣)، الآية ٢٦.

الشهرة ومشيئة الله - دين الإسلام، دين الرأفة والرحمة

12
  • لزوم الحفاظ على ستّاريّة الله تعالى

  • وهذه هي صفة ستّاريّة الله، فالله تعالى ستّار العيوب، ويتعامل بصفة ستّاريّته. كان الأئمّة عليهم السلام يثنون دائمًا على الله بهذه الصفة، وكانوا يدعونه بفضله لا بعدله: «اللهمّ عاملنا بستّاريّتك، اللهمّ بمغفرتك، اللهمّ برحمتك، اللهمّ بجمالك! اللهمّ لا تعاملنا بجلالك!» كلّ أدعية الأئمة عليهم السلام هي طلب للرأفة والعطف والستّاريّة والغفّاريّة.

  • وما أجمل أن يرسّخ الإنسان هذه الحالة في وجوده كملكة، فكلّما نظر إلى الناس، لا يبحث منذ البداية عن نقاط ضعفهم. أو مثلًا، عندما يقع كتابٌ في يده، لا يبحث من البداية عن نقاط ضعفه!

  • أحيانًا يكون لدى المرء حكم مسبق، مثلًا، أنّ كتابًا من يزيد بن معاوية وصل إلى أيدينا ـ وهو لم يكن يعي ما يقول، وإن كان، إنصافًا، يقول أشعارًا بليغة في البلاغة والشعر! ـ أو لنفترض أنّهم أعطونا كتابًا من أبي بكر أو معاوية، فليس لدينا أسوأ من هؤلاء! حسنًا، في النظرة الأولى عندما ننظر ونفتح الكتاب، نريد أن يكون من السطر الأول إلى السطر الأخير مخالفًا للحقّ وباطلًا ومجموعةً ممن الأباطيل!

  • لكنّني أقول لا! حتّى عند قراءة كتابه، لا ينبغي للإنسان أن يقرأه بهذه النظرة، بأنّه باطل من أوّله إلى آخره؛ فربما كان فيه كلام صحيح، وربما كُتبت فيه فكرة حقّة، فلا ينبغي أن تكون رؤيتنا وحكمنا المسبق هو الذي يقرّر لنا، بل يجب أن يكون الحكم المسبق هو الحقّ فقط، ولو كانت كلمة واحدة منه حقّ، فتلك الكلمة حقّ والباقي باطل، ولو كانت كلمتان منه حقّ، فهما حقّ والباقي باطل.

  • النظرة السلبية عائق أمام الفهم الصحيح

  • بعض الناس يتعاملون مع شخصيّة ما منذ البداية بسلبيّة، فَهُم سلبِيُّو التفكير، ولديهم شخصيّة سلبيّة، وليست لديهم شخصيّة إيجابيّة. فعندما يقرأ مقالًا، يقرأه منذ البداية ليجد فيه خطأً ما، وعندما يقرأ كتابًا لكاتب ما، يقرأه منذ البداية ليعترض على موضعٍ فيه، وعندما يستمع إلى حديث متكلّم ما، يكون كلّ سمعه منصبًّا منذ البداية لمعرفة أين أخطأ! ومثل هذا لن يدرك شيئًا بعد ذلك! لن يشعر بشيء! فمن يوجِّه فهمَه منذ البداية نحو النقد، لن يفهم بعد ذلك أين الخطأ في ذلك المقال أو الكتاب أو الحديث! فيجب على الإنسان أن يحرّر نفسه من التعصّب، حتّى التعصّب للإيجاب وحتّى التعصّب للسلب، يجب أن يحرّر نفسه من كليهما ليتمكّن دائمًا من الوصول إلى الحقّ.

الشهرة ومشيئة الله - دين الإسلام، دين الرأفة والرحمة

13
  • حمل الفعل على الصحّة: أهم دستور سلوكي

  • صفة الربّ هي صفة ستّار العيوب. فالله تعالى دائمًا ما يكشف الخير، لا الشر، ولذلك، لدينا كل هذه التعاليم التي تقول: «لا تغتابوا، لا تتّهموا، إذا رأيتم سوءًا من أحد فلا تقولوه، واحملوا فعله على الصحّة ما أمكن!» هذه كلّها توجيهات سلوكيّة!

  • يأتون إلى العلّامة ويقولون: «سيّدنا، انصحنا!» فيقول: «لقد قلت في الأسبوع الماضي افعلوا هذا، ثمّ تتوقّعون في هذا الأسبوع أن تسمعوا منّي كلامًا خلافه! يا عزيزي، ما معنى أن أنصحكم؟! ألم أقل لكم تلك المسألة في الأسبوع الماضي؟! فهل عملتم بها في هذا الأسبوع؟! هذا بنفسه توجيه سلوكي، وهو أن تنظروا دائمًا إلى الفرد بإيجابيّة.»

  • واجب الأفراد في مقام المشورة

  • نعم، بالطبع، بعض الحالات لها جانب تربويّ وتكليفيّ، وتلك الحالات محدّدة. فمثلًا، في حالةٍ ما، يستشيرون الإنسان قائلين: «يا سيّدي! هل ندخل في شراكة مع فلان أم لا؟» والإنسان لديه نظرة سلبيّة تجاه ذلك الفرد، فلا يحقّ له أن يمدحه، فإن مدحه يكون قد أوقعه في الخطأ. نعم، يمكنه أن يصمت، مثل أن يقول: «ماذا عساي أن أقول؟ لا أعلم، اسألوا شخصًا آخر!» وعندئذٍ، إمّا أن يدرك ذلك الشخص الأمر أو لا يدركه. 

  • أما أن يأتي ويقول: «لا! تفضّلوا يا سادة! لم أرَ في حياتي فردًا أصحّ عملًا من هذا! لو تعلمون، إنّه يسهر الليل حتّى الصباح ليذهب ويسدّد دينه! ويبذل أقصى دقّته في العمل الذي يتولّاه ليخرجه بأحسن وجه!» يا عزيزي، لماذا تكذب؟! فبهذا الكذب، تُلقي بالآخرين في المهالك، وهذا حرام!

  • أو لنفترض أنّهم يأتون إلى الإنسان ويقولون: «يا سيّدي! لقد تقدّم لخطبة ابنتنا فلان، فما رأيك به؟» فيقول الإنسان: «زوّجوها إياه يا سادة! فدرجة هذا الشاب عشرون من عشرين، ولو بحثتم عن شاب مثله في الدنيا، لما وجدتموه حتّى في الآخرة! فهذا يجب البحث عنه في السماوات، وكذا وكذا!» حسنًا، كيف يمشي على الأرض إذًا؟! لا أدري! في حين أنّه ليس كذلك، بل شابٌّ منحرف، ولديه معتقدات منحرفة ومشاكل، فلا يحقّ لك أن تقول هذا الكلام! فإنّ هذا الفرد جاء واثقًا بك ويريد أن يزوّجه ابنته. وهنا أيضًا يمكنك أن تصمت، أو يجب أن تقول الأمر بطريقة يفهمها، أو إذا كنت تعلم شيئًا، وتعلم أنّك إذا قلته سيكون غيبة، فقل: «اسألوا شخصًا آخر عن هذا الموضوع.» فلا يمكنك أن تقول خلاف ذلك.

الشهرة ومشيئة الله - دين الإسلام، دين الرأفة والرحمة

14
  • تجنُّب الشيخ الأنصاري رحمه الله إفشاء عيوب الناس

  • الشيخ الأنصاري رحمه الله، على الرغم من أنّه كان من أولياء الله ورجلًا عظيمًا، وكان هو نفسه يقول مرارًا لأصدقائه وتلامذته: «مع أنّهم يقولون: إن كان الحديث عن العيب الظاهر ليس حرامًا، لكنّه ليس ممدوحًا أيضًا!» كان رحمه الله يتجنّب إفشاء العيوب حتّى إلى هذا الحد.

  • وكان المرحوم الوالد العلّامة الطهراني يقول: «في إحدى الليالي كنّا جالسين في مجلس الشيخ الأنصاري رحمه الله، فجاء أحد الأفراد وأراد أن يسأله عن الرجوع إلى شخصٍ ما، فقال: شيخنا! ما رأيكم في فلان؟ هل يمكننا أن نثق به ونسأله عن أمورنا ونطلعه على شؤوننا؟» فقال سماحته هذه الجملة الواحدة: «ليس محمود السيرة!»

  • لماذا قال مثل هذا الكلام؟! لأنّه لو لم يقل ذلك، لوقع هذا الإنسان في الخطأ. وهذا الإنسان يريد أن يضع دينه ودنياه هنا، ويريد أن يضع زوجته وأطفاله هنا، ويريد أن يأخذ تعاليم دينه ودنياه! لو قال له: «لا! تفضّل واذهب إليه!» لكان قد ألقاه في الهلاك. فالذي معتقداته منحرفة، ومن أهل الدنيا، ويسيّر كل أموره بالهوى والهوس وهو في هذه المرتبة، فبأيّ حقّ تمدحه شخصيّة مثل الشيخ الأنصاري رحمه الله التي هي موضع ثقة مدحًا فارغًا؟! فلا يحقّ له! وليقل بقيّة الأمور، ولكن في هذا الحدّ فقط يقول: «ليس محمود السيرة!» بهذا المقدار فقط!

  • لذلك، كان  المرحوم العلامة يقول مرارًا: «إذا استُشرتَ، فمن الخيانة أن تقول غير ما في ذهنك!» وإذا أردت ألّا تقول، فهذا أمرٌ آخر، أمّا إذا أردت أن تقول، فلا تقل كما يفعل أهل الدنيا الذين يقولون شيئًا في الظاهر لمصالح معيّنة، وفي باطنهم شيء آخر، فهذه خيانة! لا، هذا ليس صحيحًا!

  • ردّ فعل عيسى عليه السلام عند رؤية كلب ميت

  • لكنّ بحثنا ليس عن هذه القضيّة، بل عن الحال الذي يجب أن يكون عليه الإنسان في نفسه وفي ذاته! هل يجب أن يكون سلبيّ النظرة، فهل هذا هو طريق السلوك؟! أم يجب أن يكون إيجابيّ النظرة؟! عندما يتعامل الإنسان مع الناس، هل يأخذ موقفًا معاديًا منهم منذ البداية؟! أم يكون منفتحًا معهم؟! فلديه صفتان سيّئتان، لكن ربّما كانت لديه صفة حسنة أيضًا، أو أنّ لديه ثلاث صفات سيّئة، لكن ربّما كانت لديه صفة حسنة أيضًا.

الشهرة ومشيئة الله - دين الإسلام، دين الرأفة والرحمة

15
  • يُروى، على ما يبدو، عن رسول الله صلّى الله عليه وآله: «أنّ عيسى عليه وعلى نبيّنا وآله السلام مرّ يومًا مع الحواريين بمكانٍ، فرأى كلبًا ميّتًا قد سقط، وقد مضت فترة على موته، ويبدو أنّ روائح كريهة كانت تنبعث منه، وأعضاؤه قد تمزّقت. فكلّ واحد من أصحاب عيسى عليه السلام قال شيئًا، فقال أحدهم: «ما أنتن ريحه!» وقال آخر: «انظروا إلى أيّ حالٍ قد آل!» وقال آخر: «جلده قد تمزّق أيضًا!» فقال عيسى عليه السلام: انظروا «ما أشدّ بياض أسنانه!»۱

  • نعم! من الواضح أنّ هذا نبيّ! فصحيح أنّ رائحته كريهة، ولكنّ هذا لا يستحقّ الذكر! فكلّ إنسان يدرك ذلك، بل يجب أن تتّجه النظرة إلى ذلك الحسن.

  • آثار حُسن الظنّ وسوء الظنّ في سير الأفراد وسلوكهم

  • وما أجمل أن يمرّن السالك نفسه على هذه الحالة، بأن يتعامل دائمًا مع الناس بنظرة حسنة، لا بنظرة سوء، لا برؤية سيّئة، لا بسوء ظنّ. 

  • سمعت مرّة في مكان ما رجلاً يقول: «نحن اليوم في الحكومات وفي القضاء، نبني الأمر أولًا على سوء الظنّ.» كلاّ، فهذا خطأ! لماذا البناء على سوء الظنّ؟! لا داعي للبناء على سوء الظنّ!

  • فإذا رأى الإنسان أنّ أمرًا قد وقع، فيجب أن يسمعه ويحقّق فيه، ولماذا سوء الظنّ؟! فإنّه يبعد الإنسان عن حقيقة الوصول إلى الواقع والتقرّب من الله، أي أنّ الحالة التي تنشأ في نفس الإنسان بسبب هذه القضيّة، تضع حجابًا.

  • والذين لديهم حُسن ظنّ، حالهم أقرب إلى الله وطريقهم أيسر، وسرعة سيرهم أكبر، وهم أقرب إلى رحمة الله من أولئك الذين يتعاملون بسوء ظنّ، فرحمة الله لا تصيبهم، وإن أصابتهم فمن حين لآخر وبمقدار نفحة! أمّا الذين هم في حُسن ظنّ، فهم دائمًا في معرض النفحات، وتأتيهم النفحة باستمرار. لماذا؟ لأنّه قريب! الله نفسه ستّار العيوب، فهذا الفرد قد قرّب نفسه، قرّب نفسه من ستّاريّة الله وغفرانه ورحمته، وقرّب نفسه باستمرار.

  • پیر ما گفت خطا بر قلم صنع نرفت***آفرین بر نظر پاک خطاپوشش باد ٢
  • يقول: قال شيخنا: لم يجرِ على قلم الصنع خطأ *** فتبارك النظر الطاهر الذي يستر الزلل

    1. بحار الأنوار ج۱٤ ص ٣٢۷ عن تنبيه الخواطر ونزهة النواظر (مجموعة ورّام) ج۱ ص ۱۱۷: وروي أنه عليه السلام مر مع الحواريين على جيفة [كلب]، فقال الحواريّون: ما أنتن ريح هذا الكلب! فقال عيسى عليه السلام: ما أشد بياض أسنانه!.
      وفي إرشاد القلوب (للديلمي)، ج‌۱، ص ۱۱۷: «وَ مَرَّ عِيسَى علیه‌السلام وَ مَعَهُ الْحَوَارِيُّونَ بِكَلْبٍ جَائِفٍ قَالُوا مَا أَجْيَفَهُ فَقَالَ هُوَ مَا أَبْيَضَ أَسْنَانَهُ يَعْنِي مَا عَوَّدَ لِسَانَهُ إِلَّا عَلَى الْخَيْرِ.»
    2.  دیوان حافظ (قزوینی)، غزل ۱۰٥.

الشهرة ومشيئة الله - دين الإسلام، دين الرأفة والرحمة

16
  • نأمل إن شاء الله أن يشملنا الله تعالى جميعًا بمعاني هذه الفقرات المباركة ومفاهيمها، وأن يضع في وجودنا من صفاته، وأن يجعلنا مظهرًا لصفاته وأسمائه الحسنى. 

  •  

  • اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ.