1

ما معنى الفزع وكيف يتصوّر عند الإمام؟

318
مشاهدة المتن

المؤلّفآية الله السيد محمد محسن الحسيني الطهراني

القسمدعاء أبي حمزة الثمالي

المجموعةسنة 1430

التاريخ 1430/09/07

جلسات المجموعة(3 جلسة)

التوضيح

: تتحدّث هذه المحاضرة حول محور أساسيّ يدور حول الأسئلة التالية:
ما معنى الفزع وما الفرق بينه وبين الخوف وما هي أسبابه؟ وهل يمكن للإمام المعصوم أن يفزع؟ أفهل له ذنوب يفزع بسببها؟
وفي الأثناء تتعرّض لبحث التعقّل والتدبّر واتّباع الأحسن عن طريق الفطرة المتاحة لجميع الناس.
/۱٤
بي دي اف بي دي اف الجوال الوورد

ما معنى الفزع وكيف يتصوّر عند الإمام؟

1
  •  

  • هو العليم

  •  

  • ما معنى الفزع وكيف يتصوّر عند الإمام

  •  

  • شرح دعاء أبي حمزة الثمالي - سنة ۱٤٣۰ - الجلسة الاولي 

  •  

  • محاضرة القاها

  • آية الله الحاج السيّد محمّد محسن الحسينيّ الطهراني

  • قدس الله سرّه

  •  

  •  

ما معنى الفزع وكيف يتصوّر عند الإمام؟

2
  •  

  •  

  • أعوذُ بِاللَه مِنَ الشَّیطانِ الرَّجیم‌

  • بِسمِ اللَه الرَّحمَنِ الرَّحیم‌

  • وصلَّى اللَه عَلَى سیدنا و نبینا أبي القاسم مُحَمّدٍ

  • وعلى آله الطّيبين الطّاهرين و اللعنة عَلَى أعدائِهِم أجمَعينَ‌

  •  

  •  

  • «إذا رأيت مولاي ذنوبي فزعت وإذا رأيت كرمك طمعت، فإن عفوت فخير راحم وإن عذّبت فغير ظالم‌».

  • ما معنى الفزع وما الفرق بينه وبين الخوف

  • عندما أنظر يا مولاي إلى ذنوبي ومعاصيّ أستوحش، ففزعت تعني أستوحش، والفزع يعني القلق الشديد الذي ينتهي إلى عدم استقرار النفس، فتارة يكون الإنسان قلقًا من أمر ما وحادث يريد أن يقع، كمرض أو مصيبة فهو خائف وفي حالة تشويش وقلق، ومشغول الفكر، إذا أراد أحد أن يحدّثه يقول: لا طاقة لي، سأجيبك لاحقًا، سأردّ عليك لاحقًا، ما إن يريد الإنسان أن يكلّمه كلمتين يرى أنّ فكره مشتّت وهو حزين فيعرض عن الكلام معه. فهذا هو القلق، تشويش الخاطر وانشغال الفكر وانتظار أمر غير متوقّع، فهذا هو القلق. 

  • ولكنّ أمر الفزع والاستيحاش يختلف، فالاستيحاش يعني أن يقال للإنسان إنّه حدث أمر ما فيفقد الإنسان السيطرة على نفسه، أمر سيّئ جدًّا بالنسبة إليه يجعله يفقد توازنه، فهذا هو الفزع، عندما يفقد الإنسان توازنه، وبصورة عامّة تصبح حركاته غير طبيعيّة، وتصبح حركاته غير متزوازنة، يضطرب إلى درجة أنّه يفقد السيطرة على نفسه، وقد شوهد في بعض الأحيان إذا أخبر إنسان بخبر مؤلم أنّه يفقد وعيه ويغشى عليه، وقد شوهد أحيانًا أنّه عندما يخبر الإنسان بخبر غير متوقّع أبدًا يصاب بالشلل النصفي، ويصاب بالسكتة، وهذا حسب مستوى عدم توقّعه للأمر، وحسب مستوى صلابة الإنسان واستقامته أمام هذه الحادثة التي أصابته. وهذا أمر يختلف بين الناس، فهناك واحد من الناس وكان من الأعاظم عندما أُخبر بوفاة الشيخ الأنصاري سقط على الأرض وعلى ما سمعت ويبدو أنّه خبر صادق بقي مدّة لا يستطيع أن يحرّك نصف بدنه، ثمّ بقيت آثار ذلك في وجهه وأحواله حتّى آخر عمره، فمثلاً خبر فقدان إنسان هو متعلّق به وتربطه به علاقة وثيقة ويحبّه كثيرًا… وطبعًا قلت إنّ الأمر يرتبط بحالة النفس، فكثيرون عندما يسمعون هذه الأمور يهضمونها ويتلقّونها بقوّة ومتانة، ولا يصابون بحالات كتلك، فهذا هو الفزع. إنّه يعني الاستيحاش والوقوف بيأس مطلق أمام أمر ما، فعندما يقال لك: لقد مات طفلك وانتهى، عندها لن يكون لتلك الأم أو ذلك الأب أيّ أمل في عودة حياته. ولكن إذا قيل له: لقد تعرّض ابنك لحادث سير وهو في المستشفى وإن شاء الله هناك احتمال لشفائه ومعافاته، فإنّه لا يصاب بتلك الحالة، يخاف ويحزن، ويتابع على الفور، ولكن لو أصابته الضربة بذلك النحو فإنّه لا يكون هكذا. 

ما معنى الفزع وكيف يتصوّر عند الإمام؟

3
  • والآن انظر إلى الإمام السجّاد أيّ كلمة قد استعمل للتعبير عن هذه الحالة، لقد استفاد من كلمة كأنّنا لا نستحضرها في أذهاننا، ولو عمّرنا سبعين سنة وثمانين سنة فكأنّه لا يوجد أمر كهذا وحالة كهذه نستحضرها في أذهاننا. 

  • هل الإمام يتواضع ويجامل حين يعبّر بأنّه يفزع من ذنوبه 

  • نعلم أنّ الإمام عليه السلام لم يكن يمزح، والإمام في أدعيته لا يلاطف أحدًا، ولا يجامل أحدًا، وعندما يأتي ويتحدّث مع الله فإنّه يطرح مع الله ما هو موجود، لا أنّه يريد أن يتواضع قليلاً ويقول: إلهي أنا محبّ لك ومخلص، ورغم أنّك أنت كريم وعظيم وأنا صغير وحقير إلا أنّي أقول الآن ومع غضّ النظر عن ذلك إنّي أستوحش من ذنوبي، وعمومًا ينقلب حالي رأسًا على عقب عند التفكير بحالاتي هذه وتصوّرها، ولكن الحقيقة ليست هكذا، لقد قلت ذلك ولكن لا تصدّقني كثيرًا، ففي النهاية أنا أيضًا إنسان جيّد، أنا أيضًا أقوم بأعمال جيّدة، وأمثال هذا الكلام. فهذا كلّه لنا، نحن نتحدّث مع الله هكذا، نحن لم نتعامل مع الله بجدّ ولا نتعامل، نحن نظنّ أنّ الله مزاح، نحن نأخذ عالم الحساب والكتاب على نحو الهزل، ونتعامل معه على أساس التساهل والإغماض، على أساس إن شاء الله سيكون جيّدًا وسهلاً، إن شاء الله سيكون هكذا، إن شاء الله… .

  • دقّة الحساب الإلهيّ سبب للفزع

  • ولو علمنا ماذا في الحساب الإلهيّ وكيف يخرج الشعرة من العجين بما لا تقدر عليه آلاف المجاهر… فهناك أجهزة في هذا الزمان تحدّد بعض الأمراض منذ بداية ظهورها، من بداية نشوئها، فلو كانت هناك خليّة مختلّة تريد أن تتحوّل بعد أشهر أو سنوات إلى سرطان قاتل يسيطر على جميع البدن فإنّ هذا الجهاز يحدّد من اللحظة الأولى أنّ بين هذه الخليّة وغيرها فرقًا وهذا الفرق يكشف عن أنّ هذه الخليّة فيها خلل وستكبر وتنمو وتتبدّل إلى خطر، ويقومون منذ تلك اللحظة بمنعها من ذلك، فإلى هذه الدرجة هناك دقّة. والأجهزة التي يمتلكها الله هي أجهزة أدقّ بكثير من ذلك، أتدرون أيّ أجهزة لديه؟ لديه جهاز يعلم بالخليّة التي لم تبدأ بعد ولم تنمُ ولم تتكاثر، بل حتّى لا تزال في النطفة، بل وقبل ذلك أيضًا يعلم هذا الجهاز أنّ خليّة كهذه ستوجد. فالله لديه هكذا أجهزة. 

ما معنى الفزع وكيف يتصوّر عند الإمام؟

4
  • فلو التفتنا إلى هذا الأمر وعلمنا به فأيّ تغيير وتحوّل سيحدث في سلوكنا؟ أيّ تغيير؟ أيّ تحوّل؟ هل يمكننا أن نجلس هكذا مرتاحين؟! لو علمنا حقًّا بأنّه حتّى بعد سنتين ستظهر هكذا خليّة فإنّا من الآن نقوم بالقضاء على تلك النقطة كي لا تكون هناك أرضيّة لنموّ هذه الخليّة وهذا المرض، قبل وجوده. فهل فكّرنا بهذا يومًا؟!

  • أليس لدينا في إحدى الآيات الشريفة: وهم من فزعٍ لا من فزعِ يومئذ كلاّ بل {وَ هُمْ مِنْ فَزَعٍ يوْمَئِذٍ آمِنُونَ}۱ ففي يوم القيامة لا وجود لهذا الفزع الذي يتحدّث عنه الإمام السجّاد: «إذا رأيت مولاي ذنوبي فزعت»، إذا رأيت ذنوبي أصبت برجفة في بدني، فهذا معنى الفزع الذي قلناه فما معناه؟ معناه الرجفة لا مجرّد القلق، القلق جميعنا لدينا قلق، ففي النهاية كلّنا نعلم بنحو من الأنحاء ماذا قدّمنا في هذه الأيّام وأيّ أخطاء ارتكبنا خلال هذه المدّة، بنسب متفاوتة قلّت أو كثرت، فجميعنا في النهاية نعلم إذا وصل الأمر إلى الإقرار… ألم تسمعوا بالنصارى؟ فهم لديهم غرفة للاعتراف، ففي هذه الكنائس هناك غرفة يجلسون فيها تشبه غرفة الهاتف، يجلسون فيها وفي المقابل يأتي المطران فيبدأ الإنسان بالاعتراف، لقد فعلت أمس كذا، وفعلت قبل أمس كذا، وقبله كذا وقد ارتكبت الليلة الفائتة ذلك الخطأ وليلة أمس كذا وهكذا… وعلى كلّ حال لنترك ذلك فأنا لا أدري ماذا يجري هناك، فنحن لم نذهب إلى هذه الأماكن، ولكن لو كان لدينا أمثال هذه الأمور فإنّ الناس يعترفون بنسبة ما ويؤخذ منهم مقدار من المال ويصفّى الحساب ويقوم المطران بتطهيره ويخرج هو مرتاحًا يعتقد أنّه صار طاهرًا، وقد تحدّثت بنفسي مع بعض هؤلاء، فقد كنت في مكان ورأيت من هذه الأمور، فلمّا رجع الرجل رأيت أنّه مسرور جدًّا، فذهبت وجلست قربه وقلت له: تعال لديّ عمل. فجلسنا وتحدّثنا نصف ساعة معه وقلت له: ماذا حصل حتّى سررت إلى هذا الحدّ بعد أن ذهبت؟ قال: لا شيء، لقد تطهّرت، فقلت كم أخذ منك من الرشوة وأمثالها؟ قال: أخذ منّي مائتي دولار! لقد أخذ من لا يعرف الله مائتي دولار من هذا المسكين، فقلت له: وماذا فعل حتّى أخذ ذلك؟! قال: لا شيء. أخبرني أنا أيضًا وأخبرني وقال: لا مشكلة في أن أخبرك أنت أيضًا؟ فقلت: لا، لا مشكلة، فأخبرني عن أمرين أو ثلاثة. فقلت له ممازحًا: لو جئت من البداية وأعطيتني عشرين دولارًا لطهّرتك فلماذا أعطيته مائتي دولار؟! ثمّ بدأت بالحديث معه وقلت له لا تعد لمثل هذه الأعمال، وإذا قمت بها فتب إلى الله، عليك أن لا تقوم بها ولكن لو صدرت منك فتب ودع مالك في جيبك وكن مسرورًا به فلماذا تعطيه لهؤلاء الذين من غير المعلوم ما حالهم وهم أسوأ منك بألف درجة. 

    1. سورة النمل، الآية ٨٩.

ما معنى الفزع وكيف يتصوّر عند الإمام؟

5
  • وقد قرأت في بعض الأخبار أنّ واحدًا من هؤلاء الأساقفة المؤثّرين والعجيب هنا، وعلينا أن نستعيذ بالله! أحد الأساقفة في أمريكا لاحقته المحكمة، والعجيب أنّه كان له في كلّ مدينة سجلّ، فلم يكن له في موضع أو موضعين فحسب هذا العديم التربية، والحاصل أنّه بزهده وتظاهره كان إذا تكلّم مع الناس ووعظهم يبدأون بالبكاء فكيف يحصل هذا؟ الأمر عجيب جدًّا فكيف يتأثّر الناس الذين يجلسون معه! وكم يتحدّث بشيطنة ونفاق وحذاقة حتّى يبدأو بالبكاء ثمّ يفعل ما لا يستطيع أن يفعله أيّ منحرف وأيّ فاسد وفاسق!

  • كان الناس يبكون هكذا بما يثير التعجّب، ولمّا فتح سجلّه لم يصدّق الناس، عجيب هذا هو الذي كان يحدّثنا في الكنيسة ويؤثّر بنا. 

  • هذا الفزع الذي يتحدّث عنه الإمام هنا إذا رأيت مولاي ذنوبي فزعت، هو ذلك الفزع الذي تتحدّث عنه الآية الشريفة: {وَهُمْ مِنْ فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ آمِنُونَ}. ففي يوم القيامة من هم الذين يكونون في حالة من الخوف والهلع والفزع والتشويش والاضطراب حيث يرتجف كلّ عضو منهم، هذا هو الفزع، هذا هو المراد من {وَهُمْ مِنْ فَزَعٍ}، هذا هو الفزع الذي يُخرج الإنسان من قبره يوم القيامة فيظهر في مقام الحساب والكتاب فيرى جهنّم أمامه بواسطة هذه الأعمال، هناك لا يعود مجرّد قلق، وهناك لا معنى لأعتقد وأظنّ، إنّها جهنّم التي يراها إلى جانبه، والملائكة منتظرون، الملائكة منتظرون، حسنًا لقد وصل وقت حسابك وكتابك، وأخرجنا الشعرة من العجينة، وسنضع نتيجة أعمالك في يدك فلا يمكنك أن تنكر. 

  • هنا يمكنك أن تتكلّم أمام زوجتك وأولادك خلاف ما في قلبك، هنا يمكنك أن تخفي عن رفيقك المطالب والحقائق بنحو ما وتبرّر، فهل يمكنك هناك أيضًا؟! إن كان بإمكانك فتفضّل بسم الله، إن كنت تقدر أن قادرًا أن تخفي أمام خزنة جهنّم من الملائكة والذين لديهم إشراف على وجودك أكثر منك، فلا إشكال فافعل الآن ما شئت في هذه الدنيا فهو مبارك عليك. 

  • فأنا هنا أقوم بعمل فأرى غدًا أن يا ويلاه في هذه الليلة التي هي الليلة السادسة من شهر رمضان المبارك سنة ۱٤٣۰ للهجرة في بلدة قم الطيّبة حرم أهل البيت عليهم السلام وأثناء الكلام قد قلت هذه الكلم، يا ويلاه هذا الكلام سيّئ جدًّا، فنحن نتكلّم فيقولون لنا: أتدري ماذا قلت الليلة؟! أتدري ماذا قلت؟ لمن قلت؟ لمن قلت؟ فأقول: حقّ ما تقول؟ اذهب وشأنك، ماذا حصل؟ لقد سجّلوا كلامك فاذهب وأحضر التسجيل وأفسد الشريط وامسحه وأزله، الرفقاء الحاضرون لا بدّ أنّ لديهم تسجيلاتي فهم يسجّلون في النهاية، فأوقف عند الباب بضعة رجال وأقول لهم فتّشوا بشكل دقيق من الرأس إلى القدمين كلّ من يخرج من هنا وما يجدونه معهم من التسجيل كي لا يبقى معهم مستند ودليل بأيّ وجه من الوجوه عنّي. فلنفترض أنّي قمت بهذا في الدنيا فتسجيل الملكين اللذين على كتفينا ـ فهكذا كانوا يقولون لنا عندما كنّا صغارًا كانت جدّتنا والدة المرحوم العلاّمة رحمها الله تقول لنا دائمًا: التفتوا إلى الملك الذي على كتفكم الأيمن كي يكتب دائمًا، والذي على كتفكم الأيسر أن لا يكتب أبدًا، ومنذ ذلك الزمان حين كان عمري ثلاث سنوات لا يزال هذا الكلام في أذني أن التفت إلى ذينك الملكين الرقيب والعتيد، الرقيب الذي يكتب الأعمال الحسنة علينا أن نشغله دائمًا، وذاك الذي على اليسار فلنتركه يغفو من الملل، ولكنّنا نحن على العكس من ذلك قد أشغلنا هذا الثاني كالمروحة يكتب بسرعة وأمّا الآخر فليس فقط يغفو وينام بل غاب عن الوعي، أصلا لا يدري بمن وكّله الله، أصلاً لا يبالي بهذه الأمور! نسأل الله أن يكون مقلّب القلوب لنا ومغيّر الأحوال وأن يبدّل حالهما، نأمل ذلك إن شاء الله. 

ما معنى الفزع وكيف يتصوّر عند الإمام؟

6
  • إتمام الحجّة سبب للفزع

  • فذلك الفزع الذي يسبّبه الملائكة في يوم القيامة ويقولون: لقد أتممنا عليكم الحجّة في الدنيا وأريناكم الطريق، وأريناكم القرآن، أيّها المسكين الذي حرم نفسه في هذه الدنيا وبسبب التعصّب والتحجّر وغضّ النظر عن الحقائق دست على جميع الحقائق وركّزت قواك على أمر واحد وأغضيت عن سائر الأمور التي آتاك الله كعبرة فلماذا؟ لماذا لم تقرأ سوى هذا الكتاب لماذا لم تقرأ غيره؟! لماذا لم تقرأ مقالة أخرى وأوصيت الآخرين ولكنّك لم تقرأ؟ لماذا قلت: لا تقرأوا هذا الكتاب؟ لماذا قلت: لا تقرأوا هذه المقالة؟ لماذا؟ ممّ كنت تخاف؟ ممّ كان خوفك؟ هل كنت تخاف من نفسك؟ هل كنت تخاف من الجهل الذي جررته على نفسك؟! ألم تقرأ الآية الشريفة من القرآن حيث يدعو القرآن الجميع إلى التدبّر والتعقّل. 

  • الحريّة الفكريّة شرط التدبّر والتعقّل (معنى آية فيتّبعون أحسنه) 

  • فمتى يحصل التدبّر والتعقّل للإنسان؟ عندما يجعل الأفكار المختلفة والمسائل المتنوّعة تحت حكمه العقلانيّ ووجدانه وفطرته، حينها تختار فطرته ووجدانه وعقله الأحسن من بين تلك الأفكار، فهذا هو الطريق العقلائيّ، فأن يكون هناك مسير واحد فهذا لا يسمّى تعقّلاً، {ٱلَّذِينَ يَسۡتَمِعُونَ ٱلۡقَوۡلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحۡسَنَهُ}۱ عندما يكون أمام الإنسان شخصيّة واحدة فحسب ولا يتعامل إلا مع إنسان واحد ومع فكرة واحدة فماذا يصيب {فَيَتَّبِعُونَ أَحۡسَنَهُ} هذه؟ إلى أين تذهب؟! معنى {فَيَتَّبِعُونَ أَحۡسَنَهُ} هو أن يسمع الإنسان الأفكار المختلفة من مختلف الناس، وأن يسمع الواقعة التي وقعت من الذين كانوا حاضرين، فيقول: بما أنّك رأيت هذا الأمر فبيّن لنا، وبما أنّك رأيت هذه الحادثة وكنت في الميدان فأوضح لنا وحيث إنّك كنت مع فلان فأخبرنا بما رأيت. حينها يعرض الإنسان هذه المعطيات التي جمعها على فطرته ووجدانه وعقله، ثمّ يختار من تلك الأمور المختلفة ما يراه أقرب إليه، ثمّ يتابع الإنسان في التحقيق حتّى يصل إلى النتيجة المطلوبة واليقين. فهذا هو اتّباع الأحسن. 

  • {فَبَشِّرْ عِبَادِ ، الَّذينَ يسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ}، انظر كم هي عجيبة هذه الآية! لم يقل القرآن أبدًا تعالوا وأصغوا وأصمّوا آذانكم عن جميع أصوات الأماكن الأخرى، لا يقول ذلك، إن كانت هناك آية فأئتوا بها، نعم لدينا في آيات القرآن أنّ القرآن حقّ٢ والقرآن نور٣،{فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلَالُ}٤، وأنّ صراط النبيّ هو صراط الله وهو حركة إلى الله٥، ولدينا {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ}٦ فهذا كلّه موجود، ولكن القرآن يريد كلّ ذلك بوعي وعين بصيرة لا على النحو التقليد الأعمى، هذه هي المسألة، عن وعي: {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ}، وأيضًا عن وعي يقول القرآن: {فَبَشِّرْ عِبَادِ ، الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ}، لا مثل الحمار، لا مثل الحيوان، لا مثل الأنعام التي مهما وضعوا أمامها من العلف أكلته، فقرآن كهذا لا فائدة منه، والقبول بالقرآن بهذه الطريقة يزول لأدنى شبهة أو خدشة. يلقي إنسان ما شبهة فيزول، يلقي إنسان ما شبهة في هذه الأمور فيفتتن هذا الإنسان، متى يكون للإنسان يقين بالطريق الذي يسلكه؟ متى يكون الإنسان جازمًا وقاطعًا بذلك المسير الذي يختاره؟ متى يثبت الإنسان عند المسائل التي يعمل بها ويصمد؟ عندما يرى الأمر المخالف لها أيضًا. 

    1. سورة الزمر، الآيتان ۱۷ و۱۸. 
    2. سورة السجدة (٣٢) الآية ٣: {أَمْ يَقُولُونَ افْتَراهُ بَلْ هُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ لِتُنْذِرَ قَوْماً ما أَتاهُمْ مِنْ نَذيرٍ مِنْ قَبْلِكَ لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُون‌}
    3. سورة المائدة (٥) مقطع من الآية ۱٥: {قَدْ جاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَ كِتابٌ مُبينٌ}.
    4. سورة يونس (۱۰) الآية ٣٢. 
    5. سورة يوسف (۱٢) الآية ۱۰۸:{قُلْ هذِهِ سَبيلي‌ أَدْعُوا إِلَى اللَّهِ عَلى‌ بَصيرَةٍ أَنَا وَ مَنِ اتَّبَعَني‌ وَ سُبْحانَ اللَّهِ وَ ما أَنَا مِنَ الْمُشْرِكين}‌؛ وسورة الشورى (٤٢) الآية ٥٢ ـ ٥٣: {وَ لكِنْ جَعَلْناهُ نُوراً نَهْدي بِهِ مَنْ نَشاءُ مِنْ عِبادِنا وَ إِنَّكَ لَتَهْدي إِلى‌ صِراطٍ مُسْتَقيمٍ صِراطِ اللَّهِ الَّذي لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَ ما فِي الْأَرْضِ أَلا إِلَى اللَّهِ تَصيرُ الْأُمُورُ}
    6. سورة آل عمران (٣) الآية ۸٥: {وَ مَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلامِ ديناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَ هُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخاسِرينَ}.

ما معنى الفزع وكيف يتصوّر عند الإمام؟

7
  • الفطرة هبة عامّة لجميع الناس

  • فما يقوم به هذا الإنسان هو هذا، وقد أودع الله عند الإنسان عقلاً، وأودع فيه قلبًا، وأودع فيه دماغًا، وأودع فيه وجدانًا، وأودع حقائق تسعف الإنسان عند الشبهات، لا عند مائدة الأرزّ المزعفر والحلوى، هذه الحقائق التي أودعت في وجدان الإنسان تفيد عند التوقّف وعند هجوم الشبهات والفتن وعند هجوم الحوادث، فيقوم العقل بواسطة هذه الحقائق والمعطيات الفطريّة والمسائل الوجدانيّة التي هي {فِطْرَت اللَّهِ الَّتي‌ فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْها}۱ الفطرة التي خلق الله عليها الناس لا المسلمين ولا الشيعة وفئة خاصّة، الناس {فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْها}، فهذه الفطرة التي خلق الله الناس عليها يقول تعالى حولها: اجعل وجهتك ودينك موجّهة بالخصوص نحو تلك الفطرة، فلو لم تكن لنا تلك الفطرة فكيف يمكن لله أن يأمر بالتوجّه نحوها؟! ما دام الله لم يعطنا هكذا معطيات ولم يجعل فينا هكذا حقائق فإلى ماذا يريد أن يدعونا؟! فأنت لم تعطنا! أنت أعطيت النبيّ وحده، أنت أعطيت الأئمّة فحسب، أنت أعطيت ذلك للمعصومين وأولياء الله، أنت أعطيت القواعد الفطريّة واتّباع الصدق واتّباع الحقّ واتّباع الخلوص والعمل بإخلاص لله فقط للأولياء والأعاظم والعرفاء ولم تعطنا نحن، فلماذا تدعونا إلى تلك الفطرة وأن نقيم وجوهنا نحوها ونجعل حركتنا نحوها؟ فما دمنا لا نملك ذلك فلماذا تدعونا؟ عندما تعطينا كلّفنا، إذا أعطيتنا تشخيص الصدق وقول الحقّ الفهم ومعرفة الحقيقة حينها ادعنا وقل: {فَأَقِمْ وَجْهَك لِلدِّينِ حَنِيفاً فِطْرَتَ اللَه الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيها لا تَبْدِيلَ}٢، حسنًا حينها سنجعل حياتنا ومسيرنا وحوارنا وعلاقتنا مع الناس ومسائلنا الاجتماعيّة وصراعنا مع الخلق على أساس ودائعك هذه، فأنت لم تعطنا القدرة على معرفة هذه الأمور، فلو كذبت فلا إثم عليّ، ولو صدقت فلا فضل في ذلك، لا شيء، لو عملت بالعدل فلا فضل ولو عملت بالظلم فلا فضل، هذا للأنبياء وليس لي، هذا للأولياء وليس لي، هذا للعرفاء وليس لي، هذا لعبادك الصالحين فما شأني أنا وذلك؟! هذا للإمام السجّاد فما دوري أنا في هذا المجال؟! 

  • حينها يقول الله: كلاّ! إنّ هذه الفطرة التي أودعتها في الإمام السجّاد أودعتها فيك أنت أيضًا بعينها، الفطرة التي أودعتها عند النبيّ وكان يتعامل على أساسها مع الناس ومع المشركين، أمرها عجيب!

    1. سورة الروم (٣۰)، الآية ٣۰. 
    2. نفس المصدر السابق. 

ما معنى الفزع وكيف يتصوّر عند الإمام؟

8
  • قصّة النبيّ (صلي الله عليه و آله و سلّم) مع المشرك الذي أراد قتله

  • في إحدى تلك المعارك ذهب النبيّ ليستريح جانبًا، فرآه أحد المشركين، كان مشركًا ولكن لديه فطرة، إنّه ليس خشبًا ولا حديدًا ولا فولاذًا، إنّه إنسان، إنسان أسير لتخيّلاته، أسير لهواه وهوسه، لم يوحّد ولم يؤمن، لا إيمان له بالله، ولكنّه إنسان، بشر، إنسان من بني آدم، له نفس وله عقل وله قلب وله فطرة، أعطاه الله أيضًا ما أعطى عباده المخلَصين،ولكنّ هذا المسكين كان في ظروف وأوضاع جعلته لا يتمكّن من الاستفادة من هذه الفطرة، وقد آن الأوان الآن، لقد تنحّى النبيّ جانبًا ليستريح، أصلاً يريد أن يستريح، وحقًّا عندما يرى الإنسان هذه الأعمال يرى أنّه قد تأخّر عن القافلة كثيرًا، تأخّر كثيرًا عن القافلة، فأين تلك التعاليم الدينيّة التي وصلتنا وأين نحن؟! أين تلك الأمور التي بلغتنا عن الأعاظم والقادة وأين نحن؟! أصلاً أين نحن؟! 

  • رأى أحد المشركين أن يا للعجب إنّها الفرصة المناسبة، رئيسهم جميعًا، النبيّ تنحّى جانبًا جالس تحت الشجرة وقد نام، وكأنّه لا يوجد معركة. يا عزيزي هناك عدوّ قريب… فلو أنّ واحدًا منهم رمى سهمًا لقضى على النبيّ، لو رماه من بعيد. فقال ذلك الرجل: فلأذهب الآن فهذا هو الوقت المناسب. لماذا يقول هذا؟ لأنّه لم يستعمل فطرته، الفطرة والودائع التي أودعها الله فيه لم يستعملها، لا بدّ أن يستعملها، أنت إذ تذهب الآن لتقتل هذا الرجل لماذا تقتله؟ ألأنّه يخالفك؟! لماذا لم تذهب من البداية وتستمع إلى كلامه؟ اذهب واسمع ماذا يقول، حسنًا نبيّ ومخالف لك، أنت مشرك وهو نبيّ، هو مخالف لك، وأنت مخالف له أيضًا، فما دام هناك طريق آخر فلماذا تصرّ؟ لماذا تقتله؟ لماذا هذا القتل؟ لماذا سفك الدماء؟ لأنّه مخالف لك لا بدّ أن تقتله؟! أهكذا؟ أهذا ما جعله الله في الإنسان؟! ألأنّ هذا مخالف لك لا بدّ تريق دمه كالدجاجة؟ لأنّه مخالف؟! أهذه هي التعاليم الإلهيّة؟ هذا يقول: النبيّ مخالف لي فلأرق دمه، فماذا تقول فطرته؟ تقول: لا. إن كان مخالفًا فليكن، اذهب واستمع إلى كلامه، واستمع إلى فكرته، انظر ماذا يريد أن يقول، ما هي عقيدته؟ ما هو هدفه؟ وافهم واعرف ثمّ قرّر ماذا عليك أن تفعل. هل يجب أن تقتله أم يجب أن تتركه؟ لا أنّه لمجرّد كونه مخالفًا لك. فجاء نحو النبيّ شاهرًا سيفه أيضًا حتّى لا يستيقظ النبيّ على صوت إخراج السيف فتفسد خطّته، كلاّ بل هو مستعدّ جيّدًا، أنا قادم، أنا قادم إلى النبيّ ولا أحد هناك، فوصل ووقف فوق رأس النبيّ، وفجأة اصطدمت رجله بحجر فرفع النبيّ رأسه، فرأى مشركًا فوق رأسه وبيده سيف، فما معنى هذا؟ يعني انتهى الأمر، إنّه موقع التشهّد بالشهادتين: أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أنّ محمّد رسول الله، وهنا يجب أن يقول النبيّ "أنّي" فعندما يتشهّد النبيّ يقول: أنا في النهاية. فقال له النبيّ: ماذا يا فلان؟ ماذا تريد ما الأمر؟ 

ما معنى الفزع وكيف يتصوّر عند الإمام؟

9
  • ـ لا شيء لقد جئت لأنهي الأمر وأن أجمع هذا البساط وأقضي على كل شيء، وأجهز على كلّ إنجازاتك. 

  • ـ حسنًا، افعل إن شئت، افعل ما يحلو لك. 

  • فقال: لديّ سؤال أطرحه عليك وبعده نتابع العمل الأساس، أخبرني يا محمّد ـ وسمّاه ـ من يستطيع أن ينجيك منّي؟من يستطيع أن ينجيك؟! 

  • أعتقد أنّ الله قد أدركه هنا، ففي النهاية عندما يريد الإنسان أن يفعل شيئًا فإنّه يقوم به وينتهي، أمّا أنّه وقف وطرح هذا السؤال، فهذا يعني أنّ هناك يدٌ وعناية ما ولطف خفيّ قد شمله وأجبره على هذا السؤال.

  • قال: سأسأله سؤالاً ولن أتأخّر، إنّه بعيد، وجيشه في ذاك الجانب، ولدينا المزيد من الوقت حتّى يصلوا إلينا ـ وقد ابتعدنا نحن أيضًا يا عزيزي عن أصل البحث! ـ هنا جاءت الفطرة وضربت هنا ضربة صغيرة بأنّ هذا الإنسان الآن مظلوم ونائم وبغير سلاح ولا يمكن أن يدافع عن نفسه. فانظروا حتّى لدى المشرك هذه الأمور موجودة، وليست موجودة عندما نحن وحدنا، ونحن أيضًا مشركون، فهذه ليست موجودة عند الأنبياء والمعصومين وأمثالهم فقط، لقد رفعنا أنفسنا كثيرًا عن المشركين! 

  • الفطرة موجودة حتّى عند السافرات وتاركي الصلاة

  • سيأتي يوم القيامة يومًا ما، فهناك يوم قيامة، وقد قلت لكم يوم النصف من شعبان إن كان الرفقاء يذكرون: سيأتي يوم ندرك فيه زمان ظهور الإمام، سيأتي يوم، ونشاهد فيه هؤلاء السافرات والذين لا يصلّون وهؤلاء الذين نعدّهم نحن منحرفين، وهؤلاء الذين نعدّهم نحن بلا دين، سنشاهدهم إلى جانب إمام الزمان عليه السلام، وذلك بواسطة ذلك الصفاء الذي لديهم، وذلك التعقّل الذي لديهم، وتلك الحالة التي صاروا فيها فابتعدت عنهم الحقائق، جعلتهم الأجواء على هذا النحو، وظروف الحياة شكّلتهم بهذا الشكل بحيث لا يتمكّنون من العمل بالوظيفة الدينيّة والتكليف الإلهيّ، وكانت الأمور التي شاهدوها حولهم من الأسباب المهمّة لهذه الحالة. 

  • وسنرى هؤلاء الذين يتحدّثون عن الدين والديانة والشريعة واتّباع دين رسول الله ومدرسة أهل البيت بألف خدعة وكذب ورياء وخيانة وجناية في الصفّ المقابل الذي ينتظر سقوط ذي فقار إمام الزمان عليه السلام على فرقه، سنشاهد ذلك، ففعل الله ليس فعلي أنا وأنت، والمحاكمة التي يحاكم الله وإمام الزمان بها ليست حكمي وحكمك، ولديّ في هذا المجال كلام عن الأعاظم لم أقله بعد ولم تأت ظروف قوله بعد، حول ما يجري في عوالم الغيب وماذا فيها، فجأة ينظر الإنسان فيرى عجبًا! هذا الرجل الذي كان يدّعي القداسة والتقوى والظاهر وكذا وكذا حتّى كنّا نحلف برأسه نحلف برأسه ونعدّه تالي تلو المعصوم…! 

ما معنى الفزع وكيف يتصوّر عند الإمام؟

10
  • كلام آية الله الشيخ حسن علي النخودكي حول بعض المتظاهرين بالقداسة

  • سأحدّثكم بأمر سمعته من آية الله ـ وقد ذكرت ذلك في هذا الكتاب الأخير الذي يحتمل أن أقدّمه للرفقاء بعد مدّة يسيرة ـ سمعت بنفسي من آية الله الشهيد رحمة الله عليه فقد كان رجلاً صالحًا جدًّا، الشيخ مطهّري رحمة الله عليه، في إحدى تلك الجلسات عندما كان يأتي إلى منزل المرحوم الوالد، فرحمة الله عليه، كنت جالسًا هناك فسمعته بنفسي ينقل عن آية الله السيد أحمد الخوانساري رحمه الله والذي كان رجلاً جليلاً جدًّا، وكان من المراجع العظام وكان يسكن في طهران ويصلّي في مسجد سوق طهران، وكان رجلاً شديد التقوى تقيًّا جدًّا جدًّا۱، والعبارة التي سمعتها منه في إحدى الجلسات التي كنت فيها بخدمته هي أنّ والدك المعظّم من مفاخر عالم التشيّع، هذه عبارة مرجع تقليد مثل الآية الله الخوانساري حين كان هناك أمر ما كنت أتحدّث معه حوله، وكان في الحقيقة بحثًا فقهيًّا كنت قد قمت فسرّ به كثيرًا وابتهج له، وكان بالنسبة إليه جديدًا ومدهشًا فقال: من أين لك هذا؟ فقلت: استفدته من الوالد وهو من أفكاره. فقال لي هذا الكلام. 

  • قال الشيخ مطهّري رحمة الله عليه: سمعت من السيّد أحمد الخوانساري ـ وقد كان حينها على قيد الحياة، فقد توفّي بعد انتصار الثورة، توفّي قبل بضع سنوات ـ إنّ أحد الشخصيّات الكبيرة كنّا نعدّه تالي تلو المعصوم ـ وهذه العبارة لم أذكرها في هذا الكتاب "تالي تلو…" ولكنّي أقولها لكم هنا ـ كنّا نعدّه تالي تلو المعصوم قال لنا عنه آية الله الشيخ حسن علي النخودكي الأصفهاني رحمة الله عليه ـ والذي كانت عينه البرزخيّة مفتوحة وكان يرى الناس على صورهم البرزخيّة، وأحواله معروفة جدًّا وقد كتب عنه كتاب٢ ـ قال لنا عنه: أنا أرى هذا على شكل خنزير.

  • فالناقل الشيخ مطهّري عن كلام آية الله… ـ فأنا أقول لكم سلسلة السند وطبعًا يحتمل فيّ جميع احتمالات الكذب، احتمال الكذب والنفاق وسائر ما يليق بي، ولكن خذوه على نحو الاحتمال في النهاية، وحقّقوا فيه من هنا فصاعدًا فإنّي لم أسمعه مباشرة من الوالد، بل سمعته من المرحوم آية الله الشهيد مطهّري رحمة الله عليه ـ فقد كان حقًّا رجلاً جليل الشأن جدًّا، وليت أمثاله موجودون ليتهم ليتهم ليت أمثال هؤلاء موجودون فيستفيد من بركاتهم وآثارهم الجميع ويتمتّعون بها ـ فسلسلة السند هي آية الله مطهّري عن آية الله السيّد أحمد الخوانساري عن آية الله الشيخ حسن علي النخودكي الأصفهاني. 

    1. ممّا جاء في موقع ويكي شيعة حوله: السيد أحمد الخوانساري (۱٣۰۹ ق-۱٤۰٥ق) من مراجع الشيعة في القرن الخامس عشر الهجري، درس في مدينة خوانسار بعضاً من المقدَّمات والسطوح والرياضيات، وسافر إلى مدينة أصفهان، ثمّ إلى مدينة النجف الأشرف لإكمال دراسته عند كبار أساتذتها.
      عاد في سنة ۱٣٣٥ هـ إلى إيران، وذهب إلى مدينة أراك، وبعد انتقال الشيخ الحائري إلى قم، أخذ السيد الخوانساري يقيم صلاة الجماعة التي كان يقيمها الشيخ الحائري في أراك، ولحاجة الحوزة العلمية في مدينة قم لأمثاله، انتقل إليها. 
      رحل إلى طهران في سنة ۱٣۷۰ هـ، بطلب من السيد حسين البروجردي، ليكون إمام جماعة مسجد الحاج سيد عزيز الله في سوق طهران.
      له مؤلفات منها: كتاب جامع المدارك في شرح المختصر النافع، وحاشية العروة الوثقى.
      مرجعيته
      بعد وفاة السيد حسين البروجردي أصبح من مراجع التقليد عند الشيعة، ورجع إليه جمع كثير في التقليد في إيران وخارجها.
      من أساتذته:
      الشيخ فتح الله الأصفهاني، المعروف بشيخ الشريعة.
      الشيخ محمد كاظم الخراساني
      صاحب الكفاية. 
      السيد محمد كاظم الطباطبائي اليزدي
      صاحب العروة. 
      الشيخ محمد حسين الغروي النائيني.
      الشيخ عبد الكريم الحائري اليزدي
      .
      الشيخ ضياء الدين العراقي.
      من تلامذته
      السيد رضا الصدر
      .
      السيد محمد باقر الموحد الأبطحي.
      الشيخ علي بناه الاشتهاردي.
      الشهيد الشيخ علي الغروي
      .
      السيد موسى الصدر
      .
      الشيخ مرتضى الحائري اليزدي
      .
      الشهيد مرتضى مطهري
      .
      علي الغفاري الخوانساري.
      من أقوال العلماء فيه : 
      قال السيد الخميني في برقية تعزيته: "إنّ لهذا العالم الجليل الكبير، والمرجع العظيم، منزلة رفيعة... وأفنى عمره الشريف في العلم والعمل والتدريس والتربية، حق كبير على الحوزات، حيث استطاع بسيرته وتقواه أن يؤثّر في النفوس التواقة فيكون لها أُسوة وقدوة".
      وقال السيد الكلبايكاني في برقية تعزيته: "بقية السلف، وأُسوة الفضائل والتقوى، وفقيه أهل البيت... لقد كان ذلك الفقيه معروفاً، ومشاراً إليه بالبنان في علمه وعمله، ومخالفته لهواه، وطاعته لمولاه، وإعراضه عن الدنيا، وانقطاعه إلى الله "
      وفاته:
      توفّي السيد الخوانساري في ٢۷ ربيع الثاني سنة ۱٤۰٥ هـ بالعاصمة طهران، وعلى أثر انتشار نبأ وفاته أعلنت حكومة الجمهورية الإسلامية في إيران الحِداد العام في البلاد لمدّة أسبوع، وعطَّلت أسواق العاصمة طهران لمدّة ثلاثة أيّام، وتمّ تشييعه في العاصمة طهران، ثمّ نقل جثمانه إلى مدينة قم المقدسة، حيث أُجري له تشييع مهيب، وصلّى عليه السيد محمد رضا الكلبايكاني، ودفن بجوار مرقد السيدة فاطمة المعصومة.
    2. مما جاء عنه في الموسوعة الحرّة: الشيخ حسن علي الأصفهاني المعروف بالنخودكي، ابن الملا علي أكبر بن رجب علي الأصفهاني الخراساني المقدادي، ولد في شهر ذي القعدة ۱٢۷٩ هـ في أصفهان. تلقى مبادئ العلوم هناك، ثم درس فيها الفقه والأصول والمنطق والفلسفة والتفسير على يد كبار علمائها من أمثال الملا محمد الكاشي. وفي عام ۱٣۰٣هـ قصد مدينة مشهد فأقام بها سنة واحدة، ثم توجّه إلى مدينة النجف لاستكمال دراسته في حوزتها فدرس هناك على يد عدد من الأعلام منهم السيد مرتضى الكشميري ومحمد كاظم الخراساني ومحمد كاظم اليزدي. ثم عاد إلى أصفهان وفي سنة ۱٣۱۱هـ توجه إلى مشهد وأقام بها في مدرسة فاضل خان إلى سنة ۱٣۱٤هـ، وقد قام هناك بتدريس بعض الدروس كالفقه والتفسير والفلسفة في سنة ۱٣۱٥هـ عاد إلى أصفهان، ومن بعدها إلى النجف وظلّ فيها إلى سنة ۱٣۱۸هـ، وفي سنة ۱٣۱٩هـ قصد مدينة شيراز فدرس هناك كتاب القانون في الطب لابن سينا على يد ميرزا جعفر الطبيب، ثم توجّه منها إلى زيارة بيت الله الحرام في مكة المكرّمة، ثم رجع إلى مدينة مشهد. وبعد أن أصدر رضاشاه قانون يفرض اللباس الغربي على الرجال سكن الشيخ النخودكي قرية نخودك في أطراف مشهد وبقي هناك إلى آخر عمره.
      كتبه 
      قام الشيخ النخودكي بتصحيح كتاب إرشاد البيان ورسالة الأسرار لعطار النيسابوري وطبعهما عام ۱٣٥٥هـ و ۱٣٥٦هـ في طهران. كما طبع كتاب ترجمة الصلاة للفيض الكاشاني في طهران مع إضافة تأويلاته على الصلاة. وبعد وفاته نشر ابنه علي المقدادي الإصفهاني كتابًا عن أحوال والده وآثاره باسم «نشان از بي نشان». تضمّن الكتاب تعليقات الشيخ على كتاب تذكرة المتقين للشيخ محمد البهاري الهمداني، وكتاباته إلى بعض تلامذته، وبعض تقاريره ورسائله بمحتويات عرفانية وأخلاقية مثل التوحيد والولاية ومحبة أهل البيت والأدعية وشروط استجابة الدعاء والإخلاص.

ما معنى الفزع وكيف يتصوّر عند الإمام؟

11
  • فأنت في هذه الدنيا هكذا يا عزيزي، ولكن ماذا في ذلك العالم؟ هناك أنت كما يرى الشيخ حسن علي، وأمّا في هذه الدنيا فظاهره كأبي ذرّ وسلمان في هذه الدنيا، باطنه كأبي سفيان وظاهره… مثل قبر الكافر مليء بالزينة، فهذا ما نراه من الكفّار والمشركين وأمثالهم وهؤلاء النصارى خاصّة، فهم يهتمّون كثيرًا بمقابرهم، كثيرًا، يجب أن يكون توابيتهم كذا وكذا، وبعض التوابيت التي تجعل لبعضهم تبلغ مئات آلاف الدولارات كما يقال، قيمة التابوت الواحد الذي يوضع فيه، كنت أقرأ في مكان ما في إحدى المقالات أنّ بعض القبور في بعض مدن أوروبا في مقبرة الروم تبلغ ملايين الدولارات! فلأجل ماذا؟ لأجل ذلك الميّت الذي… نعم إنّه رجل ثريّ فأين يصرف كلّ هذا المال؟! فهذه كلّها لأجل أنانيّة النفس، بحيث إنّه حتّى بعد موته ليس مستعدًّا أن يسلّم للتوحيد والعبوديّة، يريد أن يحافظ على هذه الأنانيّة التي كانت لديه هنا في هذه الدنيا والشخصيّة الظاهريّة والاعتباريّة في ذلك العالم غافلاً عن أنّه لا شيء من ذلك هناك. 

  • فظاهره كقبر الكافر مزيّن، وفي المقابل ماذا؟ باطنه غضب الله عزّ وجلّ، هذا في المقابل. لماذا لم تفعل هذا؟ لقد أعطيناك في هذه الدنيا فهمًا، لقد أعطيناك في هذه الدنيا عقلاً، فلماذا غطّيت الحقائق؟ لماذا؟ كان بإمكانك أن تسمع هذا الكلام من هذا ثمّ تذهب إلى ذاك وتسمعه منه أيضًا، فليست حقيقة الأمر في أن تقول فقط هذا ولا غير، ليس الأمر هكذا، فتعال الآن في ذاك العالم وانظر إلى جهنّم، إلى هذا الزفير والشهيق الذي ترتفع معه النار وتهبط وانظر إلى قولها {هَلۡ مِن مَّزِيدٖ} قد جعل كامل بدنك يرتجف، وأنت تشعر بكامل وجودك بذلك الاحتراق الذي سيكون من نصيبك! فتعال الآن وانظر، تعال وانظر ماذا فعلت؟ تعال وانظر ماذا صنعت بنفسك!

  • ما معنى أن يفزع الإمام وهو صاحب العصمة المطلقة

  • هذه الحالة التي تنتاب هذا الإنسان عند مشاهدة هذه الأمور هي التي يقال عنها: {وَهُمْ مِنْ فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ آمِنُونَ}. ارتجاف البدن وسيطرة الرجفة على كامل البدن، فهؤلاء الذين آمنوا وقاموا بأعمالهم لأجل الله هؤلاء هم أولياء الله وفي النتيجة فهم آمنون من هذا الفزع، وهو مأمون لديهم. 

ما معنى الفزع وكيف يتصوّر عند الإمام؟

12
  • فلننظر الآن إلى الإمام السجّاد عندما يقول: «إذا رأيت مولاي ذنوبي فزعت» فماذا يريد أن يقول؟ يقول لله: يا مولاي عندما أنظر وألتفت إلى ذنوبي تصيبني تلك الحالة التي ستصيب بها الفسّاقَ والفاسدين يوم القيامة. فهل نحن ندرك حقيقة هذا الأمر؟ هل فكّرنا يومًا ما بهذا؟ «إذا رأيت مولاي ذنوبي فزعت»، عندما أرى ذنوبي تنتابني حالة فزع، يصاب بدني برعشة بسبب حالتي هذه وواقعي، فأيّة حالة هذه تصيب الإمام السجّاد؟ أيّة حالة هذه؟ 

  • أظنّ أنّني لن أتمكّن الليلة من الخوض في هذه المسألة، فإذا وفّق الله في الليلة القادمة نبحث في هذه الحالة التي لدى الإمام السجّاد عليه السلام، ففي النهاية هناك معادلة واضحة ( ٢= ۱ + ۱) وليس بيننا وبين الله مزاح، فإمّا أنّ هذا المصباح مضيء هنا أو مطفأ، فأن أقول إنّ هذا المصباح مطفأ ولا وجود للطاقة الكهربائيّة فهذا خطأ، فهناك طاقة هنا والمصباح مضيء، متى يمكنني أن أقول: لا كهرباء وهو مطفأ؟ عندما يكون هنا ظلام ومهما ضغطنا على المفتاح نجد أنّه لا يضيء، حينها نقول المصباح معطّل، أو لا تيّار كهربائيّ. 

  • ما معنى ترك الأولى وهل يصدر من الأئمّة عليهم السلام ومن أولياء الله رضوان الله عليهم

  • الإمام السجّاد الذي لا معنى لديه لترك الأولى، فترك الأولى بالنسبة إلى الإمام السجّاد أمره بسيط، بل حتّى بالنسبة إلى أولياء الله هو قبيح أيضًا. 

  • كنت ذات مرّة مع المرحوم العلاّمة رضوان الله عليه وكنّا قد ذهبنا معًا برفقة آية الله الشيخ حسن النوري الهمداني رحمة الله عليه ـ فقد كان رجلاً صالحًا وجليلاً، وكان مخلصًا وكان ذلك واضحًا منه، فمن حركاته وسكناته كان الإخلاص واضحًا، وفي النهاية رحل عن الدنيا في طريق التبليغ، كان ذاهبًا إلى التبليغ في شهر رمضان ومات بحادث سير في طريقه وانتقل إلى رحمة الله رحمة الله عليه، كان رجلاً جليلاً جدًّا، وكان رجلاً مخلصًا ـ كنّا قد ذهبنا إلى منزل أحد المعروفين والعلماء الكبار ولا يزال الآن على قيد الحياة، وهو رجل معروف جدًّا في علمه واجتهاده ومشهور ومن أبرز تلامذة العلاّمة الطباطبائي، كنّا قد ذهبنا إلى منزله لمناسبة ما، وجرى الحديث عن العلاّمة الطباطبائي في ذلك المجلس، فكان ما قاله عنه ذلك الرجل أن ماذا أقول عن هذا الرجل؟ إنّه لم يشاهَد منه ترك للأولى لا في الخلوة ولا في العلن. وهذه عبارته بعينها. فهذا بيان جيّد لمقامه.

ما معنى الفزع وكيف يتصوّر عند الإمام؟

13
  • أفتدرون ما معنى ترك الأولى؟! يعني أنّا إذا قسّمنا الأحكام الإلهيّة إلى التكاليف الخمسة فسيكون منها الواجبات، وهذه لا بدّ من الإتيان بها، ومنها المحرّمات وهي التي نعاقب عليها بالضرب وأمثاله، أمّا لو قمنا بالمكروه فلا نعاقب، ولكنّا نُحرم من كثير من الإفاضات، ولو فعلنا المستحبّ فهناك نعمات وخيرات وبركات تصلنا، وهناك أشياء مباحة أي إنّ طرفيها متساويان لا يختلفان، لا يثاب على فعلها الإنسان ولا يعاقب على تركها. ومن الأمور التي هي أرفع من هذه التكاليف الخمسة الأولويّة، وهي أن يكون هناك أمر أولى من أمر آخر، وهي أدقّ من مسألة الاستحباب وأرقّ وألطف، ويمكن للإنسان أن يفعله وأن لا يفعله، غاية الأمر أنّه لو علم أنّ رضا المولى هو أكثر في واحد منهما فإنّه يفعله. فمن يصل إلى هذه المرتبة فإنّه قد تجاوز مراتب تلك التكاليف، ووصل إلى مقام لا يطلب فيه وجوده خلاف رضا الله. 

  • فهذا البيان لمقام العلاّمة ينبغي أن يكون بيانًا مهمًّا جدًّا، ولكن عندما خرجنا التفت إليّ المرحوم العلاّمة ونحن في الزقاق وقال: أيّ بيان هذا لمقام العلاّمة الطباطبائي؟! ـ وقد كان العلاّمة الطباطبائي حينها على قيد الحياة، وكان ذلك في العهد السابق عهد الشاه، وكان عمري حينها قريبًا من السابعة عشرة أو الثامنة عشرة ـ لقد تجاوز العلاّمة الطباطبائي مرحلة ترك الأولى وأمثالها، فأين العلاّمة الطباطبائي وأين ترك الأولى؟! فهذا ليس بذلك التعبير الذي يقال في مدح شخصيّة كهذه وبيان مناقبها. فانظروا فهو في هذه المرتبة، فالحديث عن ترك الأولى هو للأعاظم والعلاّمة الطباطبائي أرفع من ذلك. 

  • فإذا كان والدنا لا يرى الاتّصاف بترك الأولى مناسبًا للعلاّمة الطباطبائي فكيف بالإمام المعصوم والمطهّر بالإطلاق وصاحب مرتبة العصمة الكاملة المطلقة؟! فماذا فعل ذلك الإمام المعصوم حتّى يقول في النهاية: «إذا رأيت مولاي ذنوبي فزعت»؟ عندما أنظر يا مولاي إلى ذنوبي أستوحش. يقول ذلك والدموع تنهمر من عينيه، لا أنّه يبكي أمام آلة التصوير، كلاّ يا عزيزي ففي ذلك الزمان لم تكن هناك آلة تصوير، وفي ذلك الزمان لم يكن هناك أمثال آلات التسجيل هذه، لقد كان الإمام السجّاد يبكي هذا البكاء في الخلوة وفي ظلمات الليل وحيدًا ولم يكن يسمعه أحد. فأيّة حالة هذه التي تعتري الإمام عليه السلام؟ فإذا كان العلاّمة الطباطبائي ينبغي أن لا يوصف بترك الأولى فكيف يقول الإمام: إذا رأيت مولاي ذنوبي يرتجف بدني؟ فهذا هو معنى فزعت في النهاية، لا أنّي أخاف، ولا أنّي أقلق، بل تصيب بدني رجفة عندما أرى الذنوب التي صدرت عنّي، وإذا رأيت كرمك طمعت، ففي المقابل عندما تقع عيني على كرمك أصاب فجأة بحالة انبساط وحالة ابتهاج، آه لقد استرحت، آه يا إلهي لو لم يكن كرمك هذا ماذا كنت سأفعل؟! وبأيّة حالة كنت؟

ما معنى الفزع وكيف يتصوّر عند الإمام؟

14
  • حسنًا، لقد كانت هذه الليلة الأولى وقد تحدّثت كثيرًا، وإضافة إلى كونها الليلة الأولى لم أكن آمل أن أوفّق في أن أكون في خدمة الرفقاء بسبب حالاتي، ولكنّي أتيت على الله وقلت أذهب وما يأتي فأهلاً وسهلاً به، فلمّا أتيت جاءت هذه الأبحاث، أمّا أنّها كانت جيّدة أم رديئة فإن شاء الله تعفون أنتم بكرمكم. 

  •  

  • اللهمّ صلّ على محمّد وآل محمّد.