14

حقيقة الفعل الخارجيّ وأصالة النيّة

كيف ننجو في فتن آخر الزمان؟

7
مشاهدة المتن

المؤلّفآية الله السيد محمد محسن الحسيني الطهراني

القسمدعاء أبي حمزة الثمالي

المجموعةسنة 1430

التاريخ 1430/09/27


التوضيح

ما الفرق بين العمل الصادر من رجل آليّ والصادر من إنسان؟ لماذا لا يعاقب المجنون والنائم؟ لماذا يعاقب السبب الآمر بارتكاب الجريمة عند ضعف المباشر لها؟ هل يمكن للإمام عليه السلام أن ينفي في كلامه حقيقة خارجيّة كائنة أو يثبت حقيقة منتفية؟ ماذا نصنع في فتن آخر الزمان؟
تجيب هذه المحاضرة على هذه الأسئلة في سياق الاستمرار في بحث أصالة النيّة لتفسير معنى قول الإمام عليه السلام إذا رأيت مولاي ذنوبي فزعت.
/۱۷
بي دي اف بي دي اف الجوال الوورد

حقيقة الفعل الخارجيّ وأصالة النيّة - كيف ننجو في فتن آخر الزمان؟

1
  •  

  • هو العليم

  •  

  • حقيقة الفعل الخارجيّ وأصالة النيّة

  • كيف ننجو في فتن آخر الزمان؟

  •  

  • شرح دعاء أبي حمزة الثمالي - سنة ۱٤٣۰ هـ.ق - الجلسة الرابعة عشرة

  •  

  • محاضرة القاها

  • آية الله الحاج السيّد محمّد محسن الحسينيّ الطهراني

  • قدس الله سرّه

  •  

  •  

حقيقة الفعل الخارجيّ وأصالة النيّة - كيف ننجو في فتن آخر الزمان؟

2
  •  

  •  

  • أعوذ باللَه من الشيطان الرجيم‌

  • بسم اللَه الرحمن الرحيم‌

  •  

  •  

  • «إذَا رَأيتُ مَولاي ذُنُوبِي فَزِعتُ، وَإذَا رَأيتُ كرَمَك طَمِعتُ فَإن عَفَوتَ فَخَيرُ راحِمِ وَإن عَذَّبتَ فَغَيرُ ظالِم».

  • عندما أنظر يا مولاي إلى ذنوبي وأخطائي أستوحش وعندما أنظر إلى عظمتك وكرمك أطمع وأرغب وأشتاق، فإن عفوت عنّي وأنا على الحال هذه فأنت خير راحم، وإن عذّبت والحال هذه فلم تظلم لأنّ هذا العذاب قد وقع في موضعه.

  • خلاصة ما سبق

  • تقدّم للرفقاء أنّ الذنوب والطاعات التي تستحقّ الثواب في عالم التكوين وفي نظام التشريع لا تتعلّق بالفعل الماديّ الخارجيّ في نفسه، لا تتعلّق بهذا العمل الخارجيّ الذي يقوم به الإنسان. ولا يسمّى ذلك في نفسه طاعة ولا معصية ولا يسمّى تمرّدًا؛ فالتمرّد هو عبارة عن صفة فاعليّة لا فعليّة. 

  • حقيقة الفعل الخارجيّ

  • أمّا الفعل الذي يتحقّق في الخارج فهو فعل آليّ، فهل للرجل الآليّ عقل؟! هل لديه شعور؟! هل لديه إحساس؟! لا شيء لديه، وإنّما يجعلون فيه جهازًا معيّنًا، وهو يعمل وفق ذلك البرنامج الذي يعطى له، بحيث إنّهم لو جعلوا هذه الآلة بشكل إنسان فإنّ الناظر لا يميّز هل هذا الذي يصلّي هو إنسان حقًّا أم رجل آليّ. 

  • والآن تصنع بعض المجسّمات بشكل دقيق جدًّا مطابق لشكل الإنسان، فقد ذهبنا ذات يوم إلى مكان، متحف وكان فيه تماثيل رجال ذلك البلد وحكّامه وسياسيّوه وأدباؤه وشعراؤه الذين كانوا فيه، وللوهلة الأولى عندما دخلت تصوّرت أنّهم أجلسوا ذلك الإنسان بعينه، كأنّه هو جالس، فقد صنعوه بشكل طبيعيّ بحيث أنّي لم ألتفت، وبعد لحظة التفت وعدت إلى رشدي. 

  • ويقال إنّه في الزمان السابق كان كمال الملك أحد الرسّامين المشهورين. هل تعلمون أين قبره الآن؟ إنّه في نيشابور إلى جانب قبر العطّار الشيخ فريد الدين العطّار، العطّار النيشابوري… .

  • عدم زيارة الأعاظم خلال طريق الذهاب إلى مشهد

  • إذا تسنّى للرفقاء عند تشرّفهم بزيارة مشهد لا في الذهاب بل في الإياب، فينبغي أن لا نزور العطّار في الذهاب، ولا تزوروا الحاجّ السبزواري في الذهاب إلى مشهد، وهناك في شاهرود أعاظم كالشيخ أبي الحسن الخرقاني والذي تشرّفت بنفسي لزيارة قبره ومقامه، وبايزيد البسطامي قبله ببضعة كيلو مترات، عندما نخرج من شاهرود وهو إلى جانب ابن الإمام الصادق السيّد محمّد على ما يبدو، السيّد محمّد بن جعفر بن محمّد الصادق عليهما السلام إن لم أكن مخطئًا في الاسم، فبايزيد مدفون عند عتبته وقد أوصى أن يدفن هناك، فقد انتقل ابن الإمام الصادق عليه السلام إلى رحمة الله قبل بايزيد، فأوصى أن اجعلوني في فِناء ابن رسول الله، فهناك دهليز دفن فيه. فهؤلاء الأعاظم موجودون هناك. 

حقيقة الفعل الخارجيّ وأصالة النيّة - كيف ننجو في فتن آخر الزمان؟

3
  • رفعة مكانة الشيخ فريد الدين العطّار

  • وفريد الدين العطّار من العرفاء العظام الذين لم يأت لهم مثيل، الشيخ فريد الدين العطّار من أصحاب الدرجة الأولى، أصحاب مراتب الفناء والبقاء، والعظمة والعزّة والمنعة واضحة من ذلك الضريح، فضريحه منيع جدًّا وكما يقول هو في شعره:

  • دائماً او پادشاه مطلق است‌***در کمال عزّ خود مستغرق است‌
  • او زسر ناید زخود آنجا که اوست‌***کی رسد عقل وجود آنجا که اوست‌
  • والمعنى:

  • دائمًا هو ملِك مطلق *** في كمال عزّه مستغرق 

  • هو نفسه لا يعرف مكانه *** متى يصل عقل الوجود إلى حيث هو؟!

  • هذان البيتان من الشعر اللذان أثارا تلك الأبحاث التوحيديّة والمسائل التوحيديّة بين الشيخ محمّد حسين الأصفهاني والسيّد أحمد الكربلائي الطهراني رضوان الله عليهما۱، نعم والإنسان يشعر عند قبره بقوله هذا: في كمال عزّه مستغرق. الإنسان الزائر يشعر بهذه الحالة من الاستغراق في العزّة والمنعة الإلهيّة هناك في تلك البقعة وفي ذلك المرقد الرفيع. وجميع الأعاظم هم هكذا، وجميع أهل التوحيد لديهم هذه الحالة، ولكنّ الأمر يختلف باختلاف الظروف، فعندما تتشرّفون بالذهاب إلى مشهد فلا تزوروا هذه الأماكن أصلاً وأبدًا، ولا تجعلوا في أذهانكم إلا الإمام الرضا عليه السلام وحده الإمام الرضا عليه السلام وحده الإمام الرضا، ففي أوّل السفر الإمام الرضا وفي آخره الإمام الرضا عليه السلام ويجب أن لا نمزج غيره، وبمقدار ما نمزج بغيره فقد خدعنا بلا مجاملة قد خدعنا، نعم عند الرجوع من مشهد جيّد أن يزورهم الإنسان حين العودة، فهؤلاء كلّهم طفيليّو مائدة الإمام الرضا عليه السلام وألف واحد مثل العطّار هم من يكنس دار وفناء الإمام الرضا عليه السلام. فما هذا الكلام؟! وما هذه الأمور؟ فأولئك محيطات وهؤلاء أنهار تروي الصحاري من ذلك المحيط، وتحوّل الحقول السبخة إلى مراتع ورياض، كلّ ذلك ينشأ من المحيط، فالإمام الرضا محيط. نعم عند الرجوع يقصد الإنسان هذه الأماكن ويجدّد فيها أحواله وأجواءه فلا إشكال في ذلك.

  • تتمّة بيان حقيقة الفعل الخارجيّ

  • فإلى جانب العطّار قبر كمال الملك الرسّام، وقد كان رسّامًا مشهورًا جدًّا، وكان ماهرًا جدًّا، ويقول أهل الاختصاص إنّ لوحاته لا نظير لها في تاريخ الرسم. حتّى إنّ الرسّامين الغربيّين وغيرهم من المشهورين جدًّا ولهم لوحات مشهورة لا يصل أيّ منهم إلى مستوى جمال ودقّة لوحات كمال الملك، لقد كان كمال عجيبًا جدًّا، فقد رسم لوحة عن واحد من هؤلاء الغلمان السود الذين كانوا يأتون بهم في ذلك الزمان من هنا وهناك ومن زنغهار، فرسم صورة غلام أسود كما هو في الواقع في حالته وأوضاعه ووضعها في فناء داره، وذات يوم دعا ناصر الدين شاه إلى منزله فما إن دخل ناصر الدين وقعت عينه على تلك اللوحة فخاف وتراجع خطوة إلى الوراء، وظنّ أنّه يتقدّم نحوه ويريد إيذاءه، فخاف وخرج، فقد كان الرسمة بارزة وطبيعيّة بحيث كانت تبدو هكذا.

    1. وذلك في كتاب توحيد علمى وعينى. (م)

حقيقة الفعل الخارجيّ وأصالة النيّة - كيف ننجو في فتن آخر الزمان؟

4
  • فلنفترض أنّهم صنعوا تمثالاً كهذا بشكل إنسان وهو يصلّي يقول بسم الله الرحمن الرحيم الله أكبر ويبدأ وفق البرنامج الذي يعطى له بقراءة الحمد والسورة وبعد الركوع وسائر الأفعال بعد ركعتين أو ثلاث ركعات لصلاة المغرب يسلّم، فهل يخطر في بالكم أنّه تمثال؟! أبدًا لا يخطر. لماذا؟! لأنّ رؤيتنا ظاهريّة، ما إن ينظر الأعاظم حتّى يدركون إنّه خداع، غشّ، هذه صلاةٌ خدعة، والصلاة الخدعة لا تساوي فلسًا، الصلاة التي يصلّيها إنسان هي التي لها أهميّة، أمّا هذه فهي مجرّد ديكور، إنّها "فِلم"، إنّها خداع، إنّها مجاز، نحن ننظر فنستحسنها ونتكلّم مع صاحبها فنجد أنّه ينظر إلينا هكذا متعجّبًا، ومهما قلنا له: يا لها من صلاة هذه التي صلّيتها سلمت يداك، ونحن نقتدي به كإمام جماعة، فهذا جميل جدًّا أن نصلّي خلف هذه الصلاة المخادعة والإنسان المخادع. وهذه هي أعمال الخداع في النهاية، ومعلوم ما هو الخداع والغشّ في النهاية، فنذهب ونصلّي خلفه آه آه آه تعسًا لمن يأتمّ بصلاة مخادعة، يركع ذاك فيركع هذا، يسجد ذاك فيسجد هذا، وفي النهاية يعلم الأمر: آه، لقد صلّيت هذه الصلاة مأتمًّا بمخادع فالمصلّي لم يكن حقيقيًّا، من الأساس هو في هيكله مخادع وصلاته تامّة بحمدها وسورتها، فنقول: يا لها من خدعة! لماذا؟ لأنّنا لا ننظر إلا بهاتين العينين فقط، لا نرى ما هو أعمق، فلو أنّا تعمّقنا أكثر بذرّة واحدة لا أكثر أو بمقدار عقلة إصبع وغصنا قليلاً لعرفنا أنّه مجاز ظهر بشكل إنسان، كلّ هذا الكلام مجاز، كذب، كلّ هذه الحالات هي كذب وخداع، حمده وسورته خداع، ركوعه وسجوده خداع، جلوسه وقيامه خداع، ويقف الإنسان خلفه ويكبّر ويصلّي! 

  • كيف كشف السيّد الحدّاد خداع مدّع أنّه إمام الزمان عليه السلام؟

  • كان المرحوم الحدّاد يقول لنا ذات مرّة عندما كان هناك رجل في الكوفة يتظاهر بأنّه إمام الزمان عليه السلام، وكان قد اعتمر عمامة خضراء وأرخى لها ذؤابة تحت الحنك، ولم يكن يتكلّم مع أحد، ولا يعاشر أحدًا، وقد اتّخذ من مسجدي الكوفة والسهلة منزلاً له، فتارة في مسجد الكوفة وأخرى في مسجد السهلة في تلك الحجرات الموجودة فيهما، وكان قد جذب بعض الناس إليه بهذه الطريقة، فإذا ما دخل بعض الناس إلى حجرته لم يكن يتكلّم، بسط سجّادة ويجلس عليها وهو دائمًا في حالة ذكر، ولكن أيّ ذكر هو؟! خداع، فذكره خداع، وهيئته خداع، وشكله خداع، كان يمثّل «فلمًا»، وقد جذب الناس إليه وكان منهم بعض العلماء اغترّوا به وخدعوا وارتبطوا به وتعاملوا معه على أنّه الإمام عليه السلام، وكان منهم أحد أقاربنا رحمة الله عليه فقد انتقل إلى رحمة الله، فقد جاء ونظر إلى سيماء هذا الرجل عديم الأدب غير الملكوتيّة والمخادعة والكاذبة، فوقع في شراكه وسحر به، ذهب إليه وكان يمجّده: لقد زرت إمام الزمان عليه السلام، لقد رأيت إمام الزمان. وقد ذكرت قصّته في تلك المجموعة التي من المقرّر أن تنشر حول المرحوم العلاّمة، فمن الأشياء التي أضفتها هذه القصّة، وقد أضفت إليها قصصًا أساسيّة لم يذكرها المرحوم العلاّمة نفسه، فقد جاء إليه وهو يعتقد أنّ إمام الزمان عليه السلام في مسجد الكوفة، وكان المرحوم العلاّمة يقول له: هل أنت على يقين؟ فكان يقول: هذا أمر حتميّ حتميّ، هيّا بنا لنذهب إليه. فقال له: اذهب أنت وأبلغه سلامنا، اذهب أنت وزره بالنيابة عنّا. 

حقيقة الفعل الخارجيّ وأصالة النيّة - كيف ننجو في فتن آخر الزمان؟

5
  • ـ كلاّ بل علينا أن نذهب ونراه.

  • قالوا: حسنًا. وانطلقوا من كربلاء نحو النجف وقال السيّد الحدّاد [ممازحًا]: بما أنّا نريد أن نذهب لزيارة إمام الزمان عليه السلام فلنأخذ بيدنا علبة من الحلوى ولا نذهب خالي اليد فهذا ليس جيّدًا!

  • فيا عجبًا في أيّ شيء ابتلي هؤلاء! وحقًّا كيف كانت الأحوال حتّى كان السيّد الحدّد على كبر سنّه أن ينهض لرؤية إمام الزمان! إمام الزمان الذي سأخبركم إلى أين انتهى أمره، فاصبروا قليلاً، والحاصل أنّه قال: لنأخذ معنا عبلة حلوى من النجف، فعندما أرادوا الانطلاق من النجف إلى الكوفة اشتروا علبة حلوى من بائعي الحلوى الذين هناك حتّى يطعموا إمام الزمان الحلوى! فهم ذاهبون إليه فلا تكون أيديهم خالية، فذهبوا معًا اثنان أو ثلاثة أو أربعة، وكان معهم الحاجّ محمّد علي خلف زادة، وكان هناك اثنان أو ثلاثة أو أربعة، وكان قد جاء من الكاظميّة رجل آخر كان معهم أيضًا، فذهبوا ولمّا دخلوا مسجد الكوفة ذهبوا إلى ذلك المكان، فرأوا أنّ حركات ذلك الرجل الذي كان واسطة قد تغيّرت وكلامه قد تغيّر، فالآن يريدون أن يكونوا في محضر الإمام، ثمّ تنحّى جانبًا وقال: تفضّلوا أنتم. فقال له السيّد الحدّاد: أين أنت؟ فأنت من جئت بنا فلماذا تبتعد؟! تقدّم أمامنا.

  • فقال: أنتم تقدّموا وأنا أقف جانبًا، ففي البداية اذهبوا أنتم. لم يكن ذلك الرجل يعتقد بمكانة ومرتبة السيّد الحدّاد كما ينبغي، وهذه أمور تحصل أحيانًا وعلى الإنسان أن يكون ملتفتًا جيّدًا، فوقف ذلك الرجل جانبًا وتقدّم الآخرون وفتحوا الباب، فقد طرق السيّد الحدّاد الباب مرارًا فلم يجب أحد، لم يجب أحد، ثمّ طرق مرّة ثانية، فرأى أنّ أحدًا لا يجيب، كان في حالة تهجّد وفي حالة ذكر، فقد فرش سجّادة صلاة هذا الحقير وهو لا يتحرّك عنها، حتّى لا يحرّك رأسه، يا عزيزي أنت إمام الزمان ولكن في النهاية جاء وليّ الله وله حساب وكتاب، فلا يمكن هكذا، وفي النهاية فتح السيّد الحدّاد الباب بنفسه ودخلوا، فوجدوا رجلاً جالسًا هناك، وقد وضع على رأسه عمامة خضراء، ليس من المعلوم ماذا كان يفعل قبل مجيئهم، ما إن أحسّ بصوت طرق الباب… فقد سمعت من بعض الذين ذهبوا بهدوء ونظروا أنّهم رأوه مستلقيًا جانبًا، وما إن سمع طرْق الباب قفز مثل الفأرة إلى هذه السجّادة وإلى ذكره، فقد سمعت ذلك لاحقًا! أخذ الله بيد الإنسان فأمثال هذه الأمور تقع للإنسان، غاية الأمر أنّ نوعها يكون مختلفًا.

حقيقة الفعل الخارجيّ وأصالة النيّة - كيف ننجو في فتن آخر الزمان؟

6
  • فتح السيّد الحدّاد الباب فجأة فرأى رجلاً جالسًا هناك، فالتفت إليهم وقال: هذا الحمار هو إمام الزمان؟! هذا الحمار هو إمام الزمان. فتحيّروا ماذا يصنعون. فقالوا: فلنرجع، فلنرجع ولنأخذ معنا علبة الحلوى أيضًا فمن الخسارة أن تعطى إليه، ومن الخسارة أن يعطى العلف أيضًا، لقد اشترينا علبة حلوى! دعونا نرجع، فرجع هذا المسكين ولكنّه أصيب بصدمة، فماذا في النهاية؟! لقد اهتزّت جميع معتقداته والبناء الذي كان قد بناه، كان يتوقّع أن يأتي السيّد الحدّاد حافيًا من النجف للقاء إمام الزمان هذا، إمام الزمان الكاذب، فأمثال إمام الزمان الكاذب هذا كثيرون كثيرون، وفي كلّ زمان يأتي منهم ويدّعون ادّعاءات، وفي زماننا هذا أيضًا صاروا كثيرين، أحدهم الذي نقل قصّته المرحوم العلاّمة في الروح المجرّد، فقد كان أحد هؤلاء، وكان يختلف عن ذاك، كان أفضل منه، كان أفضل منه.

  • قال: هذا الحمار هو إمام الزمان؟! ورجعوا، وتأثّر هذا المسكين كثيرًا. ثمّ نظر إليه السيّد الحدّاد، إلى ذلك الرجل الذي كان واسطة وكان وضعه قد تغيّر واهتزّت أحواله وقال له جملة واحدة في أذنه: عن قريب ستتّضح لك أحواله. همس بهذه الجملة بهدوء في أذنه بحيث لا يسمعه أحد، لأنّ السيّد الحدّاد لم يكن من أهل إفشاء السرّ، في بعض الأحيان لا يكون هناك بدّ من ذلك، فكان يرى مصلحة في أن يقول جملة كناية وإشارة. ولم تمض مدّة حتّى جاء رجل وقال إنّه يشفي إنّه يشفي، وكان بعضهم يقول إنّه إمام الزمان نفسه، وآخرون يقولون إنّه نائب إمام الزمان، وكان واضحًا أنّ ذلك الرجل خرج من العزلة وبدأ بالتبليغ، بدأ بتبليغ الرسالة ونشر الشريعة والدين، وخرج من زاوية الخلوة، وكانوا يقولون: إنّه يشفي ويجعل العقيمين أصحاب أولاد بدعائه لهم، أو لا أدري ماذا كان يصنع، فيولد لهم أولاد، أصحاب المشاكل سواء من الرجال أو النساء كان يقوم بعمل ويدعو لهم فينجبون، فلا بدّ أنّه كان يدعو لهم بنحو ما، فكان يذهب هؤلاء المساكين إليه وكان بعضهم يشفى، ولا بدّ أنّكم التفتّم إلى مرادي من هذا الشفاء، فهؤلاء الذين كانوا يشفون لم يكن بإمكانهم أن يخرجوا إلى الخارج ويقولوا بأنّه دعا لنا بهذا النحو، ففي ذلك إراقة ماء وجوههم، فكانوا يرون أنّ هذه المرأة التي لم تكن تنجب كبرت بطنها، فلا بدّ أنّه دعاء لها، أو مسح عليها بيده، أو قام بعمل ما.

حقيقة الفعل الخارجيّ وأصالة النيّة - كيف ننجو في فتن آخر الزمان؟

7
  • استمرّ الأمر هكذا وفجأة ارتفع الصوت من بغداد، أن لماذا أنتم جالسون فهذا إمام الزمان يشفي، ولكنّه يشفي شفاء ماديًّا، لا شفاء بالدعاء، فقبضوا عليه وضربوه، وفرّ واختفى ولا أدري ماذا جرى بعد ذلك.

  • وذات يوم جاء ذلك الواسطة إلى منزل السيّد الحدّاد فالتفت إليه السيّد وقال: هذا إمام الزمان؟! فهل عرفت الآن إمام الزمان هذا؟! هؤلاء أولياء الله يدركون بنظرة واحدة. عندما قال السيّد الحدّاد: أهذا الحمار هو إمام الزمان؟! كان الأمر شديدًا على ذلك الرجل إلى درجة أنّه لم يدر ماذا يصنع، ولولا ثقته بالسيّد الحدّاد لكان الأمر مختلفًا تمامًا ولصرخ في وجه المتكلّم أهكذا تنظر نظرة واحدة وتتكلّم؟! ولكن كانت هناك ثقة.

  • فجأة يرى الإنسان أنّه ويا للعجب جميع ما حاكه في ذهنه خلال سنوات قد انهار دفعة واحدة، انهار وانتهى وزال، فمن الأفضل أن يسير الإنسان من البداية في طريق لا ينتهي إلى هنا، أن يمشي في طريق لا يكون هكذا ويصل إلى هذه الحالة وهذا الوضع.

  • ما الفرق بين الفعل الصادر من رجل آليّ والصادر من إنسان؟

  • فالإنسان الخدعة يعني ذلك الرجل الآليّ الذي صنعوه كتمثال وهو يمثّل هذه الأدوار، لا باطن لعمله، لا نيّة لعمله، لا إرادة لعمله، فعله فعل خارجيّ لا يختلف لا يختلف من هذه الحيثيّة عن الفعل الخارجيّ لإنسان مصلّ حقيقيّ، بل هو أفضل أيضًا، لا يختلف أبدًا. إذا نظرتم إليه تقولون: إنّه مصلٍّ ودرجة صلاته أيضًا عشرون، ومرتبته في صدر الجنّة. أمّا وليّ الله إذا ما نظر يقول: درجته صفر، ولا إلى الجنّة ولا إلى النار، إنّه تمثال، تمثال، الأمر غير واضح لنا نحن، ولكنّه واضح له. وهذا الاختلاف بين الحيّ والميّت، وبين التمثال والإنسان، وبين المريد وعديم الإرادة هو في أيّ شيء؟ إنّه في النفس، الاختلاف يرجع إلى النفس، فالتمثال لا نفس له، وهذا له نفس، إنّه يفعل بغير إرادة، وهذا يفعل بإرادة، هذا لا بدّ أن يعطى طاقة محدّدة لكي يصلّي ثلاث ركعات، ولو أعطوه أكثر يصلّي أربع ركعات، ولو قلّلوا له صلّى ركعتين، أمّا الإنسان فهو ليس هكذا، إنّه يفعل بإرادة، يصلّي ركعتين بإرادة، يصلّي ثلاث ركعات بإرادة، فالنقيصة والزيادة والكيفيّة كلّ ذلك هو بإرادة، وعن فهم، وعن إدراك، وهو يتحقّق بمقتضى مراتب الإدراك والإرادة.

حقيقة الفعل الخارجيّ وأصالة النيّة - كيف ننجو في فتن آخر الزمان؟

8
  • فإذن ذاك العمل الخارجيّ في نفسه بماذا يختلف عن هذا العمل الخارجيّ؟! أبدًا لا يختلف أبدًا، لا يختلف، لا يمكنك أن تعطي درجة لذاك العمل الخارجيّ ولا لهذا، الدرجة التي تعطى هي كلّها حتّى الواحد بالمئة منها إذا ما كانت الدرجة الكاملة هي مائة فإنّ الدرجة التي تعطى هي بنسبة مائة في المائة لذلك الذي يقوم بالفعل بإرادته، ويقوم به بنيّة، ولا تعطى لذلك التمثال ولذلك الرجل الآليّ حتّى درجة واحد في المائة. لماذا؟

  • لأنّ ذلك العمل هو بدون إرادة، والعمل بدون إرادة لا ثواب عليه ولا عقاب في المنطق والعقل ونظام التكوين ونظام التشريع.

  • لماذا لا يعاقب المجنون والنائم؟

  • لو أنّ مجنونًا ارتكب جريمة فماذا يُفعل به؟! أيرمى في السجن؟! كلاّ لا يرمى في السجن، ورغم أنّ الدنيا الآن كلّها مجانين ولكن أقصد من المجنون هذا المجنون المعروف، لا يلقى في السجن، لماذا؟ لأنّه قام بالفعل بغير اختيار. والإنسان النائم مثلاً لو ركل برجله كوبًا فاصطدم بالجدار وانكسر، فليس هذا جريمة، ليس جريمة، لأنّه حصل بغير إرادة، ولو ارتكب مجنون حال جنونه قتلاً فلا قصاص عليه، ولا سجن، ولا يعدّ فعله جريمة ولا يحاكم، لماذا؟ لأنّ الإنسان في حالة جنون كالرجل الآليّ، ولا فرق بين المجنون وبين الرجل الآليّ والتمثال.

  • لماذا لا يعاقب المباشر الضعيف للجريمة؟

  • ولذلك لدينا في مجال العقوبات والقصاص والحدود بحث فقهيّ، فلو حصلت جناية فيها مباشرٌ وسببٌ فإنّهم ينظرون إلى الأقوى منهما، فإمّا أن يكون المباشر أقوى من السبب أو السبب أقوى من المباشر، أو كلاهما في مستوى واحد، كأن يأمر إنسان آخر تحت يده أن يرتكب جريمة فما حكم ذلك شرعًا؟

  • هنا قد يكون السبب أحيانًا بنحو يجعل الحكم ينصبّ عليه هو، وحكم القتل يرجع إليه لا إلى المباشر، فيعدم أو يحبس مؤبّدًا حسب حالته، والتي تختلف باختلاف الخصوصيّات والأزمان والأعمار ونوع المعلومات التي وصلت إليه، ولكلّ إنسان حكمه.

  • وفي كثير من الموارد يكون السبب الآمر أقوى من المباشر، فيحمل هو مسؤوليّة الجناية، ويحمل المباشر نسبة عشرة في المائة أو عشرين أو ثلاثين أو أربعين منها، فأنت عاقل أيضًا، ليس في رأسك جصّ حتّى تطيع كلّ ما يقال لك. فلتعصه، ولو أمرك بقتل ولدك أنت هل كنت ستطيعه، أم كنت ستضرب هذا الآمر على رأسه؟!

حقيقة الفعل الخارجيّ وأصالة النيّة - كيف ننجو في فتن آخر الزمان؟

9
  • فالحاصل أنّ المسألة ليست بهذه البساطة بحيث يحكم الإنسان بحكم واحد في جميع الموارد. وبناء على ذلك ففي جميع هذه الأفعال التي يقوم بها الإنسان لا قيمة لذلك العمل الخارجيّ في حدّ نفسه، لا قيمة له، لا قيمة له.

  • هل يمكن للإمام السجّاد عليه السلام أن ينفي عن نفسه حقيقة أو يثبت لنفسه ما لم يفعل؟ 

  • وعليه فما يقوله الإمام السجّاد عليه السلام: «إذا رأيت مولاي ذنوبي فزعت». عندما أنظر يا مولاي إلى ذنوبي أستوحش. هل يمكن للإمام السجّاد عليه السلام أن ينفي عن نفسه الفعل الخارجيّ الصادر عنه؟ وهل يثبت ذلك الفعل الخارجيّ الذي لم يصدر عنه؟ فمثلاً لو فرضنا أنّ الإمام عليه السلام صلّى، صلّى المغرب والعشاء، وقال: إلهي أنا الليلة التي هي ليلة الأربعاء لم أصلّ صلاة المغرب والعشاء، فهذا كذب، هذا كذب، إن كان المراد من الصلاة هذا العمل الخارجيّ بسم الله الله أكبر أوّلها التكبير وآخرها التسليم، الصلاة بهذه الطريقة ﴿بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله ربّ العالمين﴾۱ إلى آخرها، إن كان هذا هو المراد فلا يمكن للإمام عليه السلام أن ينفي ذلك. لماذا؟ لأنّ هذا كذب، والإمام عليه السلام فعل ذلك، قام بهذا الفعل بخصوصه، هل يمكن للإمام أن يقول: لم أقم بذلك؟! الإمام السجّاد عليه السلام ابن من؟! ابن الإمام الحسين عليه السلام، ابن سيّد الشهداء عليه السلام، واضح، أبوه سيّد الشهداء وأمّه أمّ الإمام السجّاد عليه السلام هي شهربانويه بنت يزدجرد، فهو مِن هذا الأب وهذه الأمّ، فهل يمكن للإمام السجّاد أن يقول: ليس الإمام الحسين بن عليّ عليه السلام أبي؟! بل هو زيد بن أرقم؟! هذا كذب؛ لأنّ هذا العمل الخارجيّ وهذه الولادة كانت من أب باسم الحسين بن عليّ سيّد الشهداء عليه السلام ومن أمّ معيّنة ومعروفة، فأمّ الإمام معروفة وهي بنت يزدجرد شهربانويه، فلا يمكن للإمام هنا أن ينكر ويقول: لا لم يكن أبي الحسين بن عليّ عليه السلام، بل الحسن بن تقي مثلاً، فلو قال الإمام ذلك فقد ارتكب حرامًا، وأنكر أمرًا مخالفًا للواقع الخارجيّ.

    1. سورة الفاتحة، الآيتان ۱و٢.

حقيقة الفعل الخارجيّ وأصالة النيّة - كيف ننجو في فتن آخر الزمان؟

10
  • وهكذا عندما يقول الإمام أنا فعلت ذلك فيكون مراده أنّه قام بهذا الفعل الخارجيّ، فعندما يقول الإمام: «أنا الذي على سيّده اجترا أنا الذي عصيت جبّار السماء أنا الذي أعطيت على معاصي الجليل الرشا»، لو سئل الإمام الإمام ما هو مرادك من قولك: «أنا الذي أعطيت على معاصي الجليل الرشا» تلك الرشوة الخارجيّة، التي هي عبارة عن أن يحرّك الإنسان يده ويخرج مالاً من جيبه ويضعه خفية تحت جريدة الموظّف ثمّ يقول له: أمض من فضلك، هذه هديّة حلوى لك فالليلة هي ليلة ولادة الإمام، تفضّل يا لها من حلوى! كم هي حلوة! ألفان أو ثلاثة ألاف لا أكثر.

  • فينظر فيرى أنّ حلواه ليست سيّئة إنّها شديدة الحلاوة وتترك أثرها في الحلقوم أكثر من العسل والبقلاوة فهي أحلى منهما، فيقول: حسنًا تفضّل، موفّق إن شاء الله بارك الله لك بذلك. هذا هو العمل الخارجيّ، وضع اليد في الجيب وإخراج المال، فلو قلنا للإمام السجّاد عليه السلام هل قمت في حياتك بفعل كهذا؟! فإنّه سيقول: كلاّ لم أفعل، لو قال فعلت فقد كذب. فالإمام السجّاد عليه السلام لم يفعل فعلاً كهذا، العمل الخارجيّ هذا لم يفعله، هذا الفعل الذي نراه نحن واحدًا سواء صدر من تمثال أو إنسان، الفعل الماديّ لا النيّة، فلا شأن لنا بالنيّة، نحن نتحدّث عن هذا العمل الذي تراه العين الظاهريّة، كأن يقول الإمام: أنا الليلة لم أصلّ صلاة المغرب والعشاء، يا الله لم أصم اليوم، لقد أفطرت اليوم. هذا كلّه كذب، لقد صلّيت أنت اليوم، لقد كنت ممسكًا من الصباح حتّى المساء، فلماذا تقول لم أفعل؟! هذا كذب، الإمام عليه السلام لا يقول هذا، الإمام عليه السلام لا يقول: "أنا قمت بهذا العمل الخارجيّ وتلك الرشوة وأخرجت من جيبي مالاً ووضعته"، والحال أنّه لم يفعل ذلك. لا يمكن للإمام أن يقول فعلت ذلك، الإمام عليه السلام والذي ولد من هذا الأب وهذه الأمّ هل يمكن أن يقول ما الفرق؟ يا ربّ ليس والدي الحسين بن عليّ عليه السلام بل هو زيد بن أرقم. كلاّ فإنّ الناس كلّهم رأوا ذلك، جميع الناس رأوا أنّ أباك هو الحسين بن عليّ عليه السلام وأمّك هذه وهي معروفة ومحدّدة، ولا معنى لأن تقول لم يكن ذلك. لا دليل على ذلك، الإمام عليه السلام لا يقول هذا، فلو أنّ الإمام عليه السلام يخاجي الله هكذا فإنّ فعله هذا يغدو كذبًا، والإمام لا يقول باطلاً، ولا يمكن إنكار الحادثة التكوينيّة الخارجيّة.

حقيقة الفعل الخارجيّ وأصالة النيّة - كيف ننجو في فتن آخر الزمان؟

11
  • نحن الآن جالسون هنا في هذا المكان الذي فيه أربعة أعمدة، وفيه مروحة ومصباح وهو مضاء والناس فيه معروفون، الجميع فيه معروفون فلو جئت أنا وقلت يا ربّ ليس في هذا المكان الذي أتكلّم فيه متكلّم مثلي ولا سامع مثل هؤلاء، ولا عامود.

  • ـ فإذن هذا السقف على ماذا يقوم يا عديم الأدب حتّى صرت تتكلّم أنت هنا كالبلبل، ألا أعمدة لهذا السقف؟! فعلى ماذا يقوم إذن؟ أعلى الهواء؟! ألا يوجد شيء؟! يقول الله: يبدو أنّك تهذو، فإمّا أنّك أكلت كثيرًا في وجبة الإفطار، أو أنّ شهر رمضان أدّى إلى اختلالات عندك في عقلك، فلا معنى لأن تنكر الحقائق الخارجيّة التكوينيّة وتنكر الواقع والحقّ الذي في الخارج، هذا كذب، لا يختلف عن الكذب، فالكذب هو ما يخالف ما هو متحقّق في عالم الخارج في وجوده أو عدمه، فلا معنى لأن تقول كلامًا تنفي فيه وجود شيء والحال أنّه ثابت في الخارج، كأن تقول: أنا لم أفعل هذا العمل، والحال أنّك عملته بالأمس، فماذا يكون ذلك؟ إنّه كذب. أو أن تقول: لقد فعلت ذلك في حين أنّك لم تفعل، فجملتك هذه من حيث عدم مطابقتها للواقع الخارجيّ هي كذب.

  • تغيّر حقيقة الفعل بتغيّر النيّة منه والغرض والهدف

  • ولكن إن كان مرادك من هذا الكلام ليس تحقّق ذلك الفعل الخارجيّ ـ دقّقوا ـ بل الغرض والنيّة والهدف والإرادة التي يترتّب عليها ذلك الفعل الخارجيّ، لا نفس الفعل الخارجيّ، كما لو أنّ إنسانًا يعطي لآخر هديّة، يهديه مالاً، أو يكون في حالة لا مفرّ فيها من أن يعطي رشوة ظلمًا وعدوانًا كأن يكون هناك عِرض في خطر أو نفس محترمة في خطر، فهنا تعدّ بالنسبة إلى الآخذ رشوة، ولكن حيث يعدّ هذا العمل لدفع الضرر عن نفس محترمة، كما لو كانوا يريدون أن يقتلوا إنسانًا وأنت تعلم أنّه بريء، فتعطي ذلك المتصدّي مالاً لكي يتنازل، ولا يكون هناك وسيلة سوى ذلك ـ وفي محاكم الظلم ومحاكم الجور هكذا هو الحال، وهكذا تحلّ المسائل ـ فبالنسبة إلى الآخذ والقاضي الظالم وقاضي الجور أخذ هذا المال حرام وسحت ونار، فهو يأكل في بطنه نارًا تأكله وتأكل وجوده، أمّا بالنسبة إلى المعطي فهذا لا يعدّ رشوة، فهو بذلك يحفظ النفس المحترمة.

حقيقة الفعل الخارجيّ وأصالة النيّة - كيف ننجو في فتن آخر الزمان؟

12
  • قصّة اختناق طفل وطلب الطبيب لمبلغ باهظ

  • ينقل أحدهم وقد توفّي وكان من المصلّين في مسجد المرحوم العلاّمة فيقول: إنّ طفلاً لي عمره خمس سنوات أو ست أو سبع سنوات قد ابتلع من تلك النقود المعدنيّة التي كانت في زمان الشاه وكاد يختنق، كاد يختنق! فأوصلناه إلى طبيب قريب، وكانت للمال في ذلك الزمان قيمة، فقال الطبيب لا بدّ أن تعطيني هذا المبلغ، عشرة آلاف أو خمسين ألفًا، عشرين ألفًا، يبدو أنّه طلب عشرين ألفًا أو ألفي تومان، فقد كانت الألفان ذات قيمة حينها، حيث كان الطبيب على ما أذكر يتقاضى على المعاينة مائة تومان، أفضل متخصّص كان يتقاضى مائة تومان، أغلى ما كان يتقاضاه مائة تومان، وأذكر أنّنا كنّا في ذاك الزمان نذهب إلى الدكتور آذر، وكان متخصّصًا بالأمراض الداخليّة ومشهورًا، الدكتور مهدي آذر، فكنّا نراجعه في هذه الأمراض، فكان يأخذ مائة تومان حينها كما أذكر، وهذا يقول: أعطني ألفي تومان. فأخرج هذا الرجل على الفور ألفي تومان وأعطاه وقال: تفضّل. فقد كان ثريًّا، إمّا أعطاه ألفي تومان أو كتب له صكًّا بها، وكان الصبي قد اسودّ لونه عندما أخرج الريالات الخمس من حلقومه، فلمّا أخرجها، خجل الطبيب بسبب طلبه ألفي تومان، فأخذ مائتي تومان وأعاد إليه الباقي، فقد رأى أنّ هذا قبيح منه فهو طبيب وله شأن ويلبس هذا اللباس الأبيض والأخضر وأمثال ذلك لأجل حفظ أرواح الناس، فكيف يقال الآن: إنّه جاء فلان لاستخراج شيء من فم ابنه فأخذ منه ألفي تومان؟! فهذا قبيح جدًّا، فقد كان مبلغًا عظيمًا حينها.

  • فهذا عندما يقول أنا آخذ ألفي تومان يرتكب حرامًا، إنّه يسيء الاستفادة من حالة الانقطاع التي يعيشها هذا الأب، وإلا فألفا تومان لا شيء بالنسبة إلى الأب، بل عشرون ألفًا لا شيء، أخرج دفتر الصكوك وأعطاه، ولم يفعل الطبيب شيئًا، وبخمس ثوان أو عشر ثوان في أقصى الحدود أخرج ما علق، ومع ذلك أخذ مائتي تومان، فهل على ذلك الأب أن يعطي أم لا؟ 

  • لا بدّ أن يعطي، فطفله الآن يموت، يختنق أمام عينيه، ولكن هاتين الألفي تومان التي يأخذها الطبيب هي حرام عليه، وإن كان الأب يعطيها عن طيب خاطر، فهو يعطيها من أجل طفله ولأنّه لا حلّ لديه، لا على أنّها حقّ وعدالة وإنصاف، وكلاهما راض، فعندما يأخذ مائتي تومان لأجل المعاينة نقول: حسنًا فقد عاينني مدّة ربع ساعة أو ثلث ساعة، فهذا يتطلّب هذا المبلغ، فلا ذا يعترض ولا ذاك، ولكن حيث إنّه يراه الآن منقطعًا به فيسيء الاستفادة من حالته هذه فهذا المال يصبح سحتًا وحرامًا، ولكن بالنسبة إلى الأب فإنّه ليس فقط لا إشكال في دفعه بل هو واجب، ولو لم يدفعه فسيموت طفله، فلو قال لماذا تريد أن تأخذ هذه الألفي تومان؟! 

حقيقة الفعل الخارجيّ وأصالة النيّة - كيف ننجو في فتن آخر الزمان؟

13
  • لقال له: تعال وأعطني فإنّ الطفل يسلِم الروح الآن وأنت تناقش وتجادل؟ 

  • حسنًا فلو قالوا لهذا الرجل: لقد أعطيت رشوة بالأمس من أجل رفع هذه المشكلة. 

  • فيمكنه أن يقول: أنا لم أعط، يمكنه ذلك والحال أنّه أعطى، يمكنه أن يقول لم أعط، لماذا؟ لأنّ نسبة هذا الفعل إلى الفاعل ليست نسبة رشوة، بل نسبته إليه نسبة عمل واجب ولازم لأجل دفع مفسدة أهمّ، ولأجل دفع ضرر أهمّ، ودفع مال لأجل دفع مفسدة هو مباح في بعض الموارد ومستحسن في بعضها الآخر وواجب أحيانًا، حتّى يمكن أن يكون واجبًا، مثل هذا المورد الذي لو لم يدفع فيه لكانت روح إنسان في خطر، ووقعت نفس محترمة في خطر.

  • فرغم أنّ هذا العمل الذي تحقّق له حكم الرشوة، ولكن حيث إنّه تعلّق بإنسان لا بدّ أن يفعل ذلك فهو لا يعدّ رشوة، هو بالنسبة إلى الآخذ حرام، فبالنسبة إلى الآخر هذا العمل يصبح حرامًا ونارًا وسحتًا، ويوجب العقاب والغضب والنكال وغضب الله والنكال الأخرويّ وأمثال ذلك، ولكن بالنسبة إلى هذا الرجل لا يعدّ هكذا، ولا إشكال بالنسبة إليه، لذلك فإنّ هذا العمل رغم أنّه تحقّق في الخارج يمكنكم أن تنفوه وتقولوا: كلاّ أنا لم أفعل ذلك.

  • ـ لقد رأينا أنّك تعطيه، رأيناك تدخل يدك في جيبك وتضعه هناك.

  • ـ نعم وضعته ولكن لأجل هذا. لأجل هذا. وكلّ شيء هو في كلمة "لأجل هذا" فقط أعطيته لأجل هذا. لقط دفعت له هذا المال لأجل هذا، لقد قمت بهذا العمل الخارجيّ لأجل هذا.

  • فإذن الفعل الخارجيّ التكوينيّ في نفسه لا يمكن إنكاره، لا يمكن أن يقول: أنا لم أعطه المال أصلاً. فهذا كذب، لقد أعطاه المال، ولكنّ انطباق عنوان الرشوة على هذا المال يختلف بالنسبة إلى كلّ من الطرفين، فبالنسبة إلى الآخذ هو حرام وسحت ونار وشقاء خسارة ونكال في الآخرة، ولكنّ إعطاء هذا المال بالنسبة إلى المعطي ليس كذلك، بل هو واجب، وليس فقط لا يعدّ رشوة وليس فقط مستحسنًا، بل هو واجب، والناس يقرّونه على ذلك، والعقلاء يقرّونه على ذلك، والله يقرّه على ذلك، ولو لم يفعل ذلك لعاقبه الله وقال له: أنت بعملك هذا سبّبت أن تموت نفس محترمة، وألفا تومان لا شيء، فلو طلب منك كلّ حياتك لكن عليك أن تعطيه لو طلب منزلك فعليك أن تأتي بسند منزلك وتسلّمه إليه، إنّه يموت، الطفل يحتضر، فلا بدّ أن يعطي، فهذا ليس من المواطن التي على الإنسان أن يجلس فيها هكذا وينظر، فما قيمة الحجارة أمام روح إنسان؟! ما قيمة هذه الحجارة وهذه الطاولة والمكتب أمام أرواح الناس الأبرياء حتّى يقتلوا هكذا كشربة ماء؟! ما قيمتها؟! ما قيمة هذه الدنيا؟! ما قيمتها؟! ما قيمة هذه الرئاسات؟! لا قدّر الله أن يبتلى الإنسان بذلك وأن يقع في ذلك! 

حقيقة الفعل الخارجيّ وأصالة النيّة - كيف ننجو في فتن آخر الزمان؟

14
  • ضرورة الشكر على نعمة الهداية 

  • علينا أن نشكر الله كثيرًا ونشكر جهود الأعاظم وأعمالهم ومهج قلوبهم التي بذلوها وقدّموا لنا مدرسة الحقّ واضحة ناصعة، وجعلوها بين أيدينا حتّى اجتمعنا اليوم وجلسنا معًا ولدينا بعض الاطّلاع على المسائل، ولدينا اطّلاع على الأحداث، ولدينا اطّلاع على طريقنا وسلوكنا، ولدينا اطّلاع على رضى الله بالمقدار الذي يناسبنا، وهذا ما يختلف عمّا نراه من أوضاع ونسمعه اختلاف الأرض والسماء، اختلاف الأرض والسماء! فمن الذي جاء وجعل ذلك بين أيدينا؟! إنّهم هؤلاء الأعاظم، هؤلاء الأولياء، هؤلاء الأعاظم، هؤلاء الذين جاؤوا وبتلك المرارات التي كنت أشعر بها ورأيتها بعيني وهم يأتون لنا بالحقائق في كلماتهم وفي كتبهم ومؤلّفاتهم، أن افتح عينيك واستعمل عقلك وانظر ماذا هناك! لا تُخدع بهذا وذاك، لا تغترّ بهذه التماثيل المخادعة، لا تخدع بهذه القراءة للحمد والسورة وهذا الركوع والسجود، لا تخدع بهذا الصراخ والصياح، اجلس في مكانك، اجلس واسلك طريقك، وفكّر في طريقك، وفكّر في عاقبتك، وأوكل الآخرين إلى الله، الله نفسه متكفّل بالأمور، وحقًّا أقول لولا هذا المنهج وهذه المدرسة لما كان معلومًا في أيّ طريق كنّا نحن الآن، ولما كان معلومًا من أيّ جماعة كنّا نحن الآن، ولما كان معلومًا أتباع من كنّا، ولما كان معلومًا كيف كنّا سننجو من فتن آخر الزمان ومسائله هذه! كيف كنّا سننجو منها؟!

  • لقاء بين العلاّمة الطهراني وآية الله الشيخ مرتضى الحائري رحمهما الله: الأعاظم ماتوا أسفًا

  • رحم الله الشيخ مرتضى الحائري رضوان الله عليه، فقد ذهبنا يومًا برفقة المرحوم العلاّمة لزيارته في قم وكنت حينها أدرس بحث الخارج عنده، وعلى ما أذكر كان يدرّس صلاة المسافر حينها، فكنت أدرس عنده، ذهبنا لزيارته وجلسنا فطرح المرحوم العلاّمة على الشيخ مرتضى هذا الأمر وأنّه سمعنا أنّ الشيخ عبد الكريم الحائري رحمه الله قد سمّم من قبل الدولة، من قبل الحكومة، وأنّه مات مسمومًا. فقال: كلاّ لم يسمّموه، لقد مات والدنا حنقًا، فعندما رأى هذه الأحوال وعندما رأى حكومة رضا شاه وما تصنعه حكومة رضا شاه بالناس من القتل والتعذيب والسجن والضغط، سواء على الحوزات أو على الناس، لم يحتمل، ومن عدم تحمّله مات حنقًا وأسفًا. فانظروا هؤلاء الأعاظم ماتوا حنقًا وأسفًا من رؤية الفجائع ومن رؤية هذه الجرائم، فلرؤية ما فعلته الحكومات السابقة في الإسلام وفي المسلمين لم يستطيعوا التحمّل وماتوا أسفًا.

حقيقة الفعل الخارجيّ وأصالة النيّة - كيف ننجو في فتن آخر الزمان؟

15
  • وكذلك سمعت عن السيّد البروجرديّ أنّه لم يستطع تحمّل تلك الجرائم والجنايات والفجائع التي كان يراها من الحكومات فانتقل إلى رحمة الله. فهكذا كان الأمر على كلّ حال.

  • ما هو المطلوب عند مواجهة مشاكل وفتن آخر الزمان؟

  • ولكنّكم ترون أنّ الأعاظم بيّنوا الطريق، وميّزوا بين الحقّ والباطل، وأوضحوا أين الحقّ وأين الباطل، فليس من الضروريّ أن يكون من يقف أمام أيّ تيّار [باطل] حقًّا، كلاّ فهناك ألف انشعاب وألف فرقة، وألف جماعة، كلّهم على باطل، والحقّ واحد وفي مكان واحد، وهو مدرسة الإمام عليه السلام، مدرسة أهل البيت عليهم السلام، الحقّ هناك فقط، ولأجل الوصول إلى هناك لا بدّ للإنسان من الجهاد، ولولا هذه التعاليم والإرشادات من الأعاظم فحقًّا ماذا كان سيصنع الإنسان في فتن آخر الزمان هذه التي سيطرت على الدنيا كلّها، فمن كلّ مكان يرتفع صوت ومن كلّ مكان يرى الإنسان نداء ومن كلّ مكان يرى الإنسان دعوة، فهذا يقول: تعال إلى هنا يا فلان، وذاك يقول: تعال إلى هنا. كلّهم يدعون الإنسان، ولكنّ الإنسان وبتلك الرؤية التي وضعها الأعاظم بين يديه، وبذلك التفكّر الذي جعلوه في اختياره يميّز بين الطريق والهاوية، يميّز بين الضلال والمسير المستقيم، فرغم أنّه يتألّم من أجل الآخرين ولكنّه لا يجعل نفسه في هذا الجانب وذاك، يسير في طريقه ويطوي طريقه مطمئنًّا يطويه مطمئنًّا، ويخطو مطمئنًّا، ثمّ يتّضح أنّه ما شاء الله لقد طوى طريقًا صحيحًا! واليوم هو اليوم الذي يرى فيه الإنسان أنّ الذين انحرفوا عن مدرسة أولياء الله ومنهج الأعاظم واكتفوا بألفاظ كيف ابتلوا بهذه المهالك! وكيف خسروا في هذه الأحداث والمسائلِ طريقَهم المستقيم، وكيف نُسيَت تلك التعاليم التي ورثناها من أولئك الأعاظم.

  • آية لا بدّ من قراءتها عند الفتن: الحمد لله الذي هدانا لهذا

  • ﴿وَ نَزَعْنا ما فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهارُ وَ قالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدانا لِهذا وَ ما كنَّا لِنَهْتَدِي لَوْ لا أَنْ هَدانَا اللَه لَقَدْ جاءَتْ رُسُلُ رَبِّنا بِالْحَقِّ وَ نُودُوا أَنْ تِلْكمُ الْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوها بِما كنْتُمْ تَعْمَلُونَ﴾۱ 

    1. سورة الأعراف (٧) مقطع من الآية (٤٣)

حقيقة الفعل الخارجيّ وأصالة النيّة - كيف ننجو في فتن آخر الزمان؟

16
  • هذه الآية علينا أن نقرأها دائمًا، علينا أن نقرأها دائمًا.

  • كان المرحوم العلاّمة يقول لنا: كلّ يوم اقرؤوا هذه الآية، وفي كلّ حادثة تواجهونها اقرؤوا هذه الآية، وعند كلّ حادثة تريدون أن تواجهوها فاقرؤوا هذه الآية لكي تخرجوا من تلك الحادثة بسلامة، ولا يبتليكم الله بها، لأنّ الزمان زمان خطر جدًّا، خطر جدًّا جدًّا، مسائله قاصمة للظهر، المسائل خطيرة جدًّا، وعلى الإنسان أن يجعل يده في حبل الله وحبل إمام الزمان عليه السلام ويتوسّل، كان يقول: يجب أن تُقرأَ هذه الآية بانتظام ويُعتقد بمضمونها: ﴿وَ نَزَعْنا ما فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهارُ وَ قالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدانا لِهذا وَ ما كنَّا لِنَهْتَدِي لَوْ لا أَنْ هَدانَا اللَه لَقَدْ جاءَتْ رُسُلُ رَبِّنا بِالْحَقِّ وَ نُودُوا أَنْ تِلْكمُ الْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوها بِما كنْتُمْ تَعْمَلُونَ﴾‌ وحدها الهداية الإلهيّة هي التي يمكن أن تكون مصباحًا أمامنا وتأخذ بأيدينا وتهدينا إلى الاتّجاه الذي يرضاه هو، وتحفظنا من التمايل ذات اليمين وذات الشمال، لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء، لا يسقط الإنسان ويتقلّب على الأرض نحو هذا الجانب ولا نحو ذاك، يعمل بما يراه حقًّا ويتقدّم نحو الأمام ولا يهمّه الأشخاص، وما لا يراه حقًّا من أيّ إنسان كان لا بدّ أن يحاكمه ويبطله ولا يعمل به، ويجب أن لا تحجب الشخصيّات رؤية الإنسان فتمنعه عمّا يراه حقًّا أيًّا تكن تلك الشخصيّات. فنحن لدينا معصوم واحد، وهو إمام الزمان عليه السلام، جميعنا خطّاؤون، كلّنا يشتبه علينا الأمر ولا يمكن لأحد أن يبرّئ نفسه عن الخطأ والاشتباه والذنب وفعل الحرام، لا يمكن لأحد: ﴿وَ ما أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلَّا ما رَحِمَ رَبِّي إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾‌۱ فالنفس دائمًا تريد أن تجعل نفسها في موضع الحقّ بواسطة تزيين التصرّفات والاستدلالات والتبريرات غافلة عن أنّها هي باطلة من رأسها إلى أخمص قدميها، ولو أردنا في هذه الدنيا أن نشوّه الأمر ونبرّر للبعض سوء أعمالهم فإنّا لا نتمكّن من ذلك في ذاك العالم أيضًا، فذاك العالم ليس عالمًا يمكن للإنسان فيه أن يخدع الله وأن يخدع الملائكة، فإذن علينا أن نفكّر في ذاك العالم، فهذان اليومان من أيام الدنيا يمضيان، وينقضي الشتاء ولا يبقى السواد إلاّ على وجه الفحم.

    1. سورة يوسف (١٢) الآية (٥٣)

حقيقة الفعل الخارجيّ وأصالة النيّة - كيف ننجو في فتن آخر الزمان؟

17
  • على كلّ حال علينا أن نشكر الله على أنّ هداية الأعاظم هي التي سبّبت لنا هذا الاطمئنان، فقد بذلوا الجهود وتحمّلوا المشقّات والأذى، ونحن الآن على مائدة معدّة وجاهزة ونظنّ أنّه لم يكن شيء من ذلك ولم يحصل ما حصل.

  • جعلنا الله دائمًا مشمولين لأنفاس أولياء الله القدسيّة في الدنيا والآخرة، وثبّتنا عن أن نميل ذات اليمين وذات الشمال، وأدام ظلّ إمام العصر المبارك أرواحنا لتراب مقدمه الفداء فوق رؤوسنا، وجعلنا من الأنصار الحقيقيّن له، ولا حرمنا في الدنيا من زيارته وفي الآخرة من شفاعته.