5

المعرفة والمحبّة جناحا الداعي

5329
مشاهدة المتن

المؤلّفالعلامة آیة الله السيد محمد الحسين الحسيني الطهراني

القسممحاضرات العلامة الطهراني

المجموعةشرح دعاء أبي حمزة

التاريخ 1398/09/07


التوضيح

في هذه المحاضرة التي عقدها سماحة العلاّمة آية الله السيّد محمّد الحسين الحسينيّ الطهرانيّ قدّس الله نفسه الزكيّة لشرح فقرات من دعاء أبي حمزة الثماليّ، سعى بدايةً إلى بيان معنى حقّانية قول الله تعالى وصدق وعده، وجريان هذين الأمرين في حقّ عباده، ثمّ تحدّث عن وقوع كافّة الموجودات تحت رعاية الرحمة والعطاء الإلهيّين، وبيّن أنّ التحليق في سماء المعرفة الإلهيّة متوقّف على جناحي المعرفة والمحبّة، وأنّ المعرفة والمحبّة النابعتين من الله تعالى لا من النفس هما اللتان تحظيان بالقيمة، مشيرًا إلى أنّ دعوة الله تعالى لعبده متقدّمة على دعاء عبده له؛ ليخلص في الأخير إلى أنّ الله تعالى أفضل من كافّة المدعوّين والمرجوّين.
/۱۵
بي دي اف بي دي اف الجوال الوورد

المعرفة والمحبّة جناحا الداعي

1
  •  

  • هو العليم

  •  

  • المعرفة والمحبّة جناحا الداعي

  •  

  • شرح فقرات من دعاء أبي حمزة الثماليّ – الجلسة الخامسة

  •  

  • محاضرة القاها

  • العلامة آیة الله الحاج السيد محمد الحسين الحسيني الطهراني

  • قدّس الله سره

  •  

  •  

المعرفة والمحبّة جناحا الداعي

2
  •  

  •  

  • أعوذ بالله مِن الشّيطان الرّجيم‌

  • بسم الله الرّحمن الرّحيم‌

  • وصَلَّى اللَهُ على محمّدٍ وآلِهِ الطّاهِرينَ‌

  • ولَعنةُ اللَهِ على أعدائِهِم أجمَعينَ مِن الآن إلى يومِ الدّين

  •  

  •  

  • معنى حقّانية قول الله تعالى وصدق وعده وجريانُ هذين الأمرين في حقّ عباده

  • اللهمَّ أنت القائلُ وقولُك حقٌّ، ووعدُك صدقٌ‌: ﴿وَسْئَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ﴾؛۱ ﴿إِنَّ اللَّهَ كانَ بِكُمْ رَحِيمًا﴾؛٢ (أليس الأمر بهذا النحو؟! فأنت يا إلهي ذكرت بنفسك ذلك في القرآن)؛ "وليس من صفاتِك يا سيّدي أن تأمُرَ بالسؤالِ (وتقول للناس: اسألوني لكي أعطيكم)، وتمنَعَ العطيَّةَ (بعدما يسألونك)، وأنت المنّانُ بالعَطيّاتِ (الوافرة) على (كافّة الموجودات من) أهلِ مملكتِك، والعائدُ عليهم بتحنُّنِ رأفتِك".

  • فالله تعالى قوله حقّ؛ والحقّ يقع في مقابل الباطل؛ والباطل يُطلق على الأمر التخيّلي والوهميّ الذي لا مصداق له في الخارج، وعلى الشيء غير الواقعيّ الذي يتصوّره الإنسان، بحيث لا يكون له ما يُحاذيه في الخارج؛ خلافًا للحقّ الذي يكون له ما يُوازيه في الخارج. 

  • فقولك يا إلهي حقّ؛ أي أنّه منطبق على الخارج؛ مثلما أنّ الخارج منطبق أيضًا على قولك، بحيث لا توجد بتاتًا أيّة فاصلة بينهما؛ فالمراد من أنّ قولك حقّ هو ما جاء في الآية الكريمة: ﴿إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ﴾؛٣ أي: ما أن يقتضي أمرُ اللهِ تعالى إيجادَ موجودٍ، حتّى يقول له: كن، فيكون؛ ومن هنا، فإنّ قول الله تعالى هي إرادته، وإرادته هي نفس لفظة ﴿كُن﴾؛ هذا، مع أنّه ليست هناك أيّة فاصلة بين هذا اللفظ، وبين لفظ ﴿يكون﴾؛ وبالتالي، فإنّ إرادة الله تعالى وقوله هما عين الوجود والتحقّق الخارجيّ، من غير أن توجد بينهما أيّة فاصلة.

  • وعليه، فإنّ المراد من عبارة: «قولك حقّ» أنّ هذا القول عينُ الواقعيّة والخارجيّة؛ كما أنّ وعدك صادق؛ فلا تُخلف هذا الوعد أبدًا؛ لأنّك قلت في قرآنك المجيد: ﴿إِنَّ اللهَ لا يُخلِفُ الميعادَ﴾؛٤ وقد وبّختَ أيضًا الذين يُخلفون وعودهم، ومدحت نبيّك إسماعيل بقولك: ﴿إِنَّهُ كانَ صادِقَ الوَعدِ﴾؛٥ أي أنّه كان يفي كثيرًا بوعوده، وكان صادقًا في مسألة الوفاء بالعهد والوعد؛ وعلاوةً على هذا كلّه، فإنّك لا تحتاج للمخالفة بتاتًا؛ لأنّ المـُخالف لوعده هو الذي يعِد أحدًا، ثمّ يرى نفسه في مأزق، ولا يتمكّن من تحمّل أعباء هذا الوعد؛ أو الذي يكتشف أنّه قدّم ذلك الوعد من دون سابق تأمّل وتدبّر، ومن غير دراسة لعواقب هذا الفعل، فيندم، ويقول: «لماذا قدّمت هذا الوعد من دون تدبّر!»، ثمّ يُخالف وعده؛ أو أنّه يعد أحدَهم، لكن تطرأ بعض الموانع الخارجيّة التي تصدّه عن تنفيذ وعده، ولا تكون له القدرة على رفع هذه الموانع والعمل بمقتضى هذا الوعد؛ أو أن يعِد أحدَهم، ثمّ يرى في ذلك ضررًا على نفسه، ويقول: «إذا نفّذت وعدي، سيلحقني الضرر؛ ولهذا، لن أعمل به لكي أتحاشى هذا الضرر»؛ أو يُقدّم وعدًا، ثمّ يرى أنّه إذا خالفه، سيجني فائدة معيّنة؛ فيقول: «سأنقض وعدي لكي أحصل على هذه الفائدة»؛ وباختصار، متى ما خالف الإنسان وعدًا، فإنّ ذلك يرجع إلى أحد هذه الأسباب.

    1. سورة النساء، الآية ٣٢.
    2. سورة النساء، الآية ٢٩.
    3. سورة يس، الآية ۸٢.
    4. سورة آل عمران، الآية ٩؛ سورة الرعد، الآية ٣۱.
    5. سورة مريم، الآية ٥٤.

المعرفة والمحبّة جناحا الداعي

3
  • وأمّا الله تعالى، فلا يخضع لهذه الأسباب؛ لأنّ أفعاله لا تصدر عن فكر وتأمّل وتدبّر وتفكّر وتأنٍّ؛ وعلاوةً على ذلك، فإنّ علمه ليس حصوليًّا، حتّى نأتي ونقول: «إنّ صور الموجودات الخارجيّة تنتقش في ذهنه، فيعمد إلى المقارنة بينها، ليحسب درجة المصلحة والمفسدة!»؛ بل إنّ علمه حضوريّ، وله معيّة لكافّة الموجودات؛ كما أنّه لا توجد أيّة قدرة خارجيّة تحول دون تحقّق وعد الله تعالى: إنّ الله هو القاهرُ، إنّ الله هو الغالبُ، ﴿وَهُوَ الواحِدُ القهَّارُ﴾؛۱ فليس بوسع أيّ موجود خارجيّ أن ينقض وعد الله، بل إنّه تعالى يقهر ويُخضع كافّة الموجودات لأمره بواسطة أسمائه العزيز والغيور والقهّار والجبّار؛ وبالتالي، فإنّ وعده غالب، ولا يستطيع أيّ موجود أن يتدخّل في هذا الوعد.

  • وعلاوة على ذلك، فإنّ وجوده تعالى غير متناه، ولا يُعاني من أيّ ضعف، ولا تعود عليه أيّة منفعة [من خلال نقضه للوعد]، بحيث يُتصوّر طروّ النقص عليه أو فقدانه لمكرمة ومنزلة بواسطة هذا الوعد؛ لأنّ وجوده كامل وغير ناقص؛ وبالتالي، لا يُمكننا أن نتصوّر بتاتًا صدور خُلف الوعد منه؛ ولهذا، فإنّ كلّ وعد يُقدّمه يكون صادقًا.

  • وعليه، فأنت يا إلهي الذي قلت، وقولك حقّ، ووعدك صدق؛ أي أنّ الوعد الذي قدّمته صحيح، كما أنّ قولك هذا حقّ؛ وحينما بيّن لنا نبيُّك ذلك، فإنّه نطق صدقًا، وقال عن حقّ: إنّ هذا الكلام صادر منك أنت: ﴿وَسْئَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ﴾،٢ ﴿إِنَّ اللَّهَ كانَ بِكُمْ رَحِيمًا﴾؛٣ فالله تعالى رحيم بكم، وهو يُحبّكم، وهو لطيفٌ بكم، وقد أرادكم أن تدعونه وتطلبون من فضله، فيُعطيكم.

  • إذن، توجد هنا مقدّمتان ضُمّتا إلى بعضهما: الأولى أنّه من المؤكّد صدور هكذا كلام منك، وأنّك ملتزم بهذا الكلام، فلا تُخلف وعدك، حيث إنّ الكلام الذي وصلنا عن طريق رسولك مفاده: «ادعوا الله تعالى، يستجب لكم»؛ وأمّا المقدّمة الثانية التي يتعيّن ضمّها للأولى، فهي: هل إذا أمرَنا العليُّ الأعلى وقال: «اسألوني أعطكم»، فإنّه سيُعطينا، أم سيمنعنا جرّاء بعض الأسباب الخارجيّة، وليس بواسطة خلفه لوعده؟! فهذا أيضًا غير متحقّق هنا: «وَليسَ مِن صِفاتِك يا سيِّدي أن تأمرَ بِالسؤالِ وتمنعَ العطيّةَ»؛ إذ كيف يُمكن أن يحصل ذلك «وأنتَ المنّانُ بِالعطيّاتِ على أهلِ مَملكتِكَ»، حيث يُراد من "مَنَّه بِه": أعطاه، ومنحه، ووهبه إيّاه؛ ويُقال للعطاء الجزيل: منّة. «وأنتَ المنّانُ بِالعطيّاتِ» يعني أنّك تُوزّع عطاياك بوفرة، وتصبّها على كافّة الأهالي الذين يعيشون في ملكك وتحت قدرتك وحكمك.

    1. سورة الرعد، الآية ۱٦.
    2. سورة النساء، الآية ٣٢.
    3. سورة النساء، الآية ٢٩.

المعرفة والمحبّة جناحا الداعي

4
  • وقوع كافّة الموجودات تحت رعاية الرحمة والعطاء الإلهيّين

  • [ففي اللغة]، لدينا مِلك، ولدينا مُلك؛ فالمِلك يعني التسلّط؛ ولهذا، فإنّ كلّ ما يكون في حوزة الإنسان ويكون مسلّطًا عليه، فهو مِلكه؛ وأمّا المـُلك، فيعني الحكم والسيادة في القرار، حيث من الممكن ألاّ يكون شيئًا مملوكًا للإنسان، لكنّ قراره يكون بيده؛ وفي هذه الحالة، لا يُقال هنا: إنّ الإنسان مالك، بل يُقال: إنّه مَلِك؛ فالملِك يعني الحاكم وصاحب القرار؛ وعليه، يُراد من عبارة "لديك مملكة": أنّ كافّة الموجودات تقع تحت مُلككَ، فأنت مَلِكُها، وسيّدها، وصاحب قرارها، وأنت تُفيض بعطاياك على هذه الموجودات التي تخضع بأجمعها لمـُلكك، وترحمها، وتوصل إليها المنفعة «بِتَحنُّن رأفتِك»، أي بترحّم رأفتك، وبهذه الرأفة الرحمانيّة التي تتفضّل بها عليها.

  • وهذا حكم كلّي مفاده أنّ كلّ الموجودات التي تقع تحت مملكتك هي مصبّ لعطائك؛ وحينئذ، ماذا يكون حالي هنا؟ حسنًا، أنا أيضًا أحد هذه الموجودات التي تقع تحت مملكتك؛ فأنت الذي خلقتني؛ وبالتالي، بما أنّني أحد الموجودات التي تعيش في مُلكك وحكومتك، فإنّني غير مستثنى من هذه القاعدة الكلّية؛ فأنت قلتَ، وقولُك حقّ؛ ووعدتَ، ووعدُك صدق؛ وأنت لستَ من الذين يأمرون بالسؤال، ويمنعون العطيّة؛ على أنّ عطاياك تُفاض وتُوزّع على جميع أهل مملكتك؛ وأنا أيضًا من أهل هذه المملكة، حيث خلقتني بيد رحمتك، وربّيتني في فترة طفولتي إلى أن وصلت إلى سنّ البلوغ والكمال.

  • «إلهي، ربّيتَني في نِعَمِك وإحسانِك صغيرًا، ونوَّهتَ باسمي كبيرًا»؛ إلهي، لقد ربّيتني وسط نعمك اللامتناهية وإحسانك وكرمك حينما كنت صغيرًا في رحم أمّي، بل وكنت أصغر من ذلك عبارةً عن نطفة، حيث كان وجودي آنذاك هو هذا بعينه؛ فكم ربّيتَني بيد رحمتك عن طريق تبدّل الأحوال وتغيّر الكيفيّات! فنقلتَني بيد رحمتك في طيّات هذه النعم اللامحدودة من حال إلى حال، إلى أن انتقلتُ من مرحلة الصغر إلى مرحلة الكبر، فصرتُ كبيرًا؛ وبعدما كبرتُ، نوّهتَ باسمي، وأعليت ذكري، ومنحتني شهرةً، وذكرت اسمي بكلّ احترام (وأعليت ذكر اسم الإنسان).

  • «فَيَا مَنْ رَبَّانِي فِي الدُّنْيَا بِإِحْسَانِهِ وَتَفَضُّلِهِ وَ نِعَمِهِ، وَأَشَارَ لِي فِي الْآخِرَةِ إِلَى عَفْوِهِ وَكَرَمِهِ؛ مَعْرِفَتِي يَا مَوْلَايَ دَلِيلِي [دَلَّتنِي] عَلَيْكَ، وَحُبِّي لَكَ شَفِيعِي إِلَيْكَ، وَأَنَا وَاثِقٌ مِنْ دَلِيلِي بِدَلَالَتِكَ، وَسَاكِنٌ مِنْ شَفِيعِي إِلَى شَفَاعَتَكِ».

المعرفة والمحبّة جناحا الداعي

5
  • وعليه، فإنّني بدوري أحد الموجودات التي تنضوي تحت هذه القاعدة الكلّية، وأنا أيضًا واقع تحت رعاية الرحمة والربوبيّة التي يخضع لها أهل مملكتك، وأعلمُ أنّك ربّيتني في فترة صغري من خلال تغيّر الأحوال وتبدّل الصفات بواسطة هذه العطايا الوافرة التي وهبتها لأهل مملكتك، إلى أن بلغتُ مرحلة الكِبر؛ فأعليتَ اسمي وشهرتي، وجعلتني مصبًّا للتكليف، وأمرتني بعبوديّتك، فصرتُ أيضًا مشمولاً بذلك؛ فيا إلهي، لقد ربّيتَني في الدنيا بإحسانك وتفضُّلِك ونعمك اللامحدودة، ووعدتَني في الآخرة وعدَ حقٍّ وكرمٍ بقولك: «سأجعلك في الآخرة موضعًا لعفوي ورحمتي ومغفرتي وكرمي»؛ وبالتالي، فإنّكَ أعمرتَ دنيايَ وآخرتي.

  • التحليق في سماء المعرفة الإلهيّة متوقّف على جناحي المعرفة والمحبّة

  • «مَعْرِفَتِي يَا مَوْلَايَ دَلِيلِي عَلَيْكَ»؛ فأنا عرفتك، «وَحُبِّي لَكَ شَفِيعِي إِلَيْكَ»؛ والمحبّة التي أُكنّها لك هي سندي عندك؛ فأنا أملك شيئين وحسب: الأوّل محبّتي لك، والآخر معرفتي بك؛ فأنا عرفتك وأعرفك، وأنا أيضًا أحبّك؛ والذي حثّني على دعائك بهذه الأسماء، وكان سببًا في علمي بأنّ قولك حقّ ووعدك صدق، وأنّك تُحسن لأهل مملكتك بالعطيّات، وأنّك ربّيتني في فترة صغري، إلى أن بلغت بي فترة الكبر وسنّ الرشد، إنّما هو بأجمعه شعاعٌ من المعرفة التي حصلت لي بك. فلأنّني عرفتُك، فقد علمت أنّ جميع هذه الصفات والأفعال من لوازم وجودك؛ أي أنّ معرفتي بك هي التي دلّتني عليك؛ هذا أوّلاً؛ وثانيًا، بعدما عرفتك، وصارت هذه المعرفة دليلاً لي كي أتوجّه إليك، وأعرض عليك حاجاتي، وأدعوك، فما هو المستند والمتكّأ والمعتمد الذي يُمكنني التعويل عليه؟ فحينما يذهب الإنسان عند أحدهم، ليطلب منه حاجته، نجده يُداهنه بسلام خاصّ، ويُحضر معه هديّة، ويصطحب معه رفيقًا شفيقًا وشفيعًا، حتّى لا يردّه ـ ببركة هذا المعتمد والمستند ـ المسؤولُ عن هذا الأمر؛ فالآن وقد عرفتك، ودلَّتني هذه المعرفةُ عليك، فما هو الشيء الذي بوسعي أن أصحبه معي كمستند ومعتمد، حتّى لا تردّ سؤالي، وتقضي لي حاجتي؟ إنّها محبّتي لك، وحسب! فأنا لا أملك شيئًا، سوى معرفتك ومحبّتك؛ أ فهل يوجد عندي شيء آخر غير أنّني أعرفك وأحبّك؟ لا شيء آخر سوى هذين الأمرين! وبالتالي، فإنّ معرفتي صارت دليلاً، ومحبّتي أضحت شفيعًا.

المعرفة والمحبّة جناحا الداعي

6
  • فالشفيع يعني المعتمد؛۱ إذ حينما يعجز الإنسان عن القيام لوحده بفعل ما، ويأتي إنسان آخر ليُعينه عليه، فإنّه يُقال لهذا الإنسان شفيع؛ فالشفيع من الشفع: ﴿وَالشَّفْعِ وَالوَتْرِ﴾؛٢ أي الزوج والفرد؛ فالشفع يعني الزوج، حيث قد يعجز الإنسان عن القيام لوحده بفعل ما، فيأتي آخر، ليصيرا معًا زوج، ويقوما جميعًا بهذا الفعل؛ كأن يكون هناك حجر ملقى على الأرض، ولا يستطيع الإنسان لوحده أن يرفعه، فيقول لآخر: «تعال أيّها السيّد، وكُن شفيعًا لي»؛ أي: تعال لنتعاون على رفع هذا الحجر؛ أو ألاّ يتمكّن حصان العربة من جرّها لوحده، لقصور قدرته عن ذلك؛ فيشفعونه بحصان آخر؛ أي: يأتون بهذا الحصان، ويُقرِنونه به، فيزيد من قوّته؛ ونتيجة لذلك، يتمّ رفع ذلك الحمل.

  • فأنا أعرفك، ومعرفتي هذه دليلي عليك؛ لكنّ الأمر الذي جعلتُه شفيعًا إليك هو المحبّة؛ فأنا أدعوك، غير أنّ قُدرتي لا تفي بالغرض، ومعرفتي بك لا تكفي في السؤال؛ فهذا الطعام يحتاج إلى نُكهة، وإلاّ، لما أمكن تناولُه؛ وهذه النُكهة هنا هي المحبّة؛ فإذا كان لأحدٍ معرفةٌ بالله، لكنّه كان يفتقر إلى محبّته تعالى، فإنّ تلك المعرفة لن تُفيده في شيء؛ فالشيطان كانت له معرفة بالله، غير أنّه كان يفتقر للمحبّة والولاية؛ لأنّ المحبّة هي جوهر الولاية وأصلها. فهناك العديد من الأفراد الذين يعرفون السلطان؛ لكن من هم هؤلاء الأفراد؟ أ فهل إنّ الذين رزحوا تحت قهر السلطان وجوره، وأُخذوا، وضُربوا بالسوط، وأُودعوا السجن لا يعرفون قدرة السلطان؟! إنّهم يعرفونه أفضل من الجميع؛ وذلك لأنّهم يعانون في السجن من جبروته وقهره؛ وبالتالي، فإنّهم على معرفة تامّة به! غير أنّ أمرهم لا يتمّ بواسطة هذه المعرفة لوحدها؛ وعليه، من هم الذين تتمّ أمورهم؟ إنّهم الذين تكون محبّة السلطان مستقرّة في قلوبهم، علاوةً على معرفتهم به؛ ويكونون أيضًا بالعكس والملازمة ﴿يُحِبُّهُم وَيُحِبُّونَهُ﴾؛٣ أي تكون محبّتهم متبادلة؛ فيُحبّون السلطان، ويُحبّهم السلطان، حيث يلزم من هذه المحبّة رفع الحجاب؛ وحينما يُرفع هذا الحجاب، لن يبقى أيّ معنى للعذاب والسجن، حيث سيكون هؤلاء في سعةٍ، واقعين تحت التجلّيات الجماليّة للحقّ تعالى.

    1. لمزيد من الاطّلاع على مسألة الشفاعة ومعناها وأقسام الشفعاء وشروط المشمولين بالشفاعة، راجع: معرفة المعاد، ج ٩.
    2. سورة الفجر، الآية ٣.
    3. سورة المائدة، الآية ٥٤.

المعرفة والمحبّة جناحا الداعي

7
  • ومن هنا، فإنّ المحبّة ضروريّة لقضاء الحاجات؛ بل ومن دونها، لا يستطيع هذا الطائر التحليق بتاتًا في سماء المعرفة الإلهيّة؛ إذ سيكون آنذاك له جناح واحد؛ في حين أنّ الطائر لا يُحلّق بجناح واحد، بل يحتاج إلى جناحين: جناح المعرفة وجناح المحبّة؛ ولهذا، فإنّ محبّتي لك شفيعي إليك، وانتهى الأمر!

  • نفاسة المعرفة والمحبّة النابعتين من الله تعالى لا من النفس

  • وتوجد هنا مسألة أخرى هي بمثابة "اللمسة الأخيرة" في هذا المعنى؛ ألا وهي عبارة: «وَأَنَا وَاثِقٌ مِنْ دَلِيلِي بِدَلالَتِكَ وَسَاكِنٌ مِنْ شَفِيعِي إِلَى شَفَاعَتِك»؛ ومفادها أنّ معرفتي بك ـ يا إلهي ـ لم آت بها من عند نفسي، حتّى تقول لي: «إنّ هذه المعرفة حصلتَ عليها بنفسك، فهي متعلّقة بك أنت؛ وبالتالي، فإنّها لا تحظى بأيّة قيمة؛ لأنّ كلّ ما يخصّك أنت، هنيئًا لك به! فما الذي تُريده منّي أنا؟! لقد توصّلتَ إلى معرفتي، غير أنّ ذلك حصل بواسطة فكرك وجُهدك وتعبك ورياضتك الاعتباطيّة؛ وهي أمور تخصّك أنت!»؛ كما أنّني أيضًا أحبّك، لكنّ هذه المحبّة لم آت بها من عند نفسي؛ وإلاّ، لقلتَ لي أيضًا: «إنّ المحبّة التي أتيت بها من عند نفسك لا فائدة منها»؛ وحينئذ، لن تقبل بمعرفتي، ولا بمحبّتي؛ كلاّ! فأنا التفتُّ هنا إلى مسألة لطيفة؛ وهي: «أَنَا وَاثِقٌ مِنْ دَلِيلِي بِدَلالَتِكَ»؛ فأنا واثق من معرفتي بك، وبهذه المعرفة التي تدلّني عليك بدلالتك أنت، لا بدلالتي أنا؛ أي أنّ دلالتك شملتني، ومعرفتي صارت دليلي عليك، حيث جاءت دلالتك، وعمّتني، فحصلت لي المعرفة [بك]؛ وبالتالي، فإنّ هذه المعرفة التي حصلت لي، لم تحصل منّي أنا، بل منك أنت؛ فأنت الذي أعملتَ إرادتك، وأوجدت فيّ المعرفة؛ فساقتني هذه المعرفة ـ بواسطة دلالتك ـ نحوك.

  • وأنا أيضًا «سَاكِنٌ مِنْ شَفِيعِي إِلَى شَفَاعَتِك»؛ فقلبي ساكن وهادئ من هذا الشفيع الذي أملكه، وأنّك لن تردّ شفيعي هذا ـ وهو المحبّة ـ ، وتقول: «لن أقبل شفاعة هذا الشفيع!»؛ لأنّك أنت الذي جعلت لي هذا الشفيع، وزرعت بذرة محبّتك في قلبي؛ وحينئذ، كيف يُمكن أن تقول: «لا أقبل به»؟! فلو كنتُ أنا الذي غرستُ هذه البذرة، لقلتَ لي: «أنا لا أرتضي هذا البطّيخ الذي نتج من تلك البذرة؛ لأنّه غير حلو؛ فمع أنّه حلو بالنسبة إليك، إلاّ أنّه ليس حلوًا بالنسبة إليّ»؛ لكن، إذا كنت أنتَ الذي زرعت هذه البذرة، فكيف يُمكنك أن تقول عنها: «لا أقبل بها»؟! فهذا غير ممكن، وغير معقول بتاتًا! ولهذا، فإنّ قلبي ساكن، ونفسي مطمئنّة من هذا الشفيع الذي قدّمتُه بين يديك؛ ألا وهو محبّتي لك.. «إلى شفاعتك»؛ أي: إلى أنّك زرعت هذه الشفاعة ـ وهي المحبّة ـ في قلبي عن طريق شفاعتك أنت؛ أي إعانتك ومحبّتك. وعليه، فإنّ الشفاعة والدلالة صدرتا من لدنك أوّلاً، ثمّ عمّتاني، حيث نقرأ أيضًا في دعاء الصباح:

المعرفة والمحبّة جناحا الداعي

8
  • «إِلَهِي، إن لَم تَبتَدِئني الرحمَةُ مِنكَ بِحُسنِ التوفيقِ، فَمَنِ السالِكُ بي إِلَيكَ في وَاضِحِ الطريق»؛۱ أي: إلهي، إن لم تشملني رحمتُك البَدْويّة وعطفك المتقدّم، ولم تأت منك في البداية تلك الشرارة والبارقة التي صعقت قلبي، وساقتني في هذا الطريق، فمن بوسعه أن يسوقني نحوك في هذا الطريق الواضح؟!.

  • فلو اجتمعت الآلاف من الشرارات والآلاف من قوى الموجودات الممكنة، لما تسّنى لها بتاتًا تحريك الإنسان؛ لكن، حينما تأتي تلك البارقة البَدْويّة من تلك الناحية [أي من عند الله تعالى]، فإنّها تُنهي الأمر؛ وعليه، فإنّ كلّ ما نذّخره لأنفسنا في متجرنا و "عُلب توابلنا" من الكمالات والمعارف والعبادات والزهد والتقوى والورع وبقيّة الأمور التي تخصّنا نحن سيُقال لنا عنها: «هنيئًا لك بها! فإذا كنّا لا نقبل بك أنت بنفسك، فلماذا تأتي لنا بهذه الأمور؟! فكلّ ما لديك من علم وغيره يتعلّق بك أنت؛ لكن، ماذا الذي أحضرته لنا نحن؟ فإذا أحضرت لنا إنّيتك، فإنّ هذه الإنّية تخصّك أنت، وليس من شأنها الورود إلى الحرم الإلهيّ؛ فإذا كانت إنّيتك لا ترد إلى هذا الحرم، فإنّ الأفعال واللوازم المتعلّقة بك لا ترد إليه أيضًا! فما الذي أحضرته إلينا؟ فنحن نريد قلبًا منكسرًا، أي أنّنا نريد [منك] الفناء؛ لأنّنا وجودٌ مطلق، ووجودنا المطلق لا يتوافق مع أيّ وجود آخر؛ فنحن نريد [منك] عدمًا؛ لأنّ العدم هو الذي يتلاءم مع الوجود! ومن هنا، إذا كانت الصبغة التي يصطبغ بها الإنسان في وجوده وكماله وعلمه وورعه وزهده وكافّة شؤونه صادرة من الله وممنوحة من قِبله تعالى، فإنّها ستكون ذات قيمة: ﴿صِبْغَةَ اللَّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ صِبْغَةً وَنَحْنُ لَهُ عَابِدُونَ﴾؛٢ فإن كان الإنسان مصطبغًا بالصبغة الإلهيّة، ستكون له قيمة؛ وإلاّ، فمهما كانت الصبغة التي اصطبغ بها، فلن تنفعه هناك، حيث سيُعمل على تغييرها، ويُقال له: أنت الذي صبغت نفسك؛ وعليك أن تصير من دون صبغة ولا لون، ثمّ تأتي بعد ذلك إلى هنا! فهذه الألوان التي لوّنت بها نفسك لا تنفع في شيء، فتوقّف مكانك!

  • هل انتبهتم جيّدًا للطريقة التي يسلكها الإمام السجّاد عليه السلام من أجل الدخول في صلب الموضوع؟ إنّه يرد فيه بطريقة لطيفة جدًّا! إذن، لقد تمّ الأمر يا إلهي! فأنا لديّ معرفة ومحبّة؛ وقد وهبتهما لي أنت؛ فأنا لا أملك أيّ شيء، بل أنا فقير ومُستجدٍ! بمعنى:

    1. بحار الأنوار، ج ۸٤، ص ٣٤۰؛ نقلاً عن كتاب الاختيار للسيّد ابن باقي، فقرة من دعاء الصباح.
    2. سورة البقرة، الآية ۱٣۸.

المعرفة والمحبّة جناحا الداعي

9
  • ـ ما الذي تملكه؟ لا شيء!

  • ـ هل لديك معرفة؟ كلاّ!

  • ـ هل لديك محبّة؟ كلاّ!

  • ـ لكن، ماذا عن هذه الأمور التي لديك؟ أنت الذي منحتني إيّاها، وإلاّ، فأنا لا أملك من نفسي شيئًا! لماذا؟ لأنّني فقير ومستجدٍ؛ والمستجدي هو الذي لا يملك شيئًا، فيلتجئ إلى الاستجداء، فيتصدّقون عليه؛ وأمّا إذا كان بنفسه يتوفّر على شيء، أو أن يطلب من الآخرين مع أنّه يملك شيئًا، فلن يعود فقيرًا ومستعطيًا، بل سيكون مدّعيًا، والمدّعي يُضرب على قفاه!۱ 

  • «أدعوكَ يا سيّدي بِلسانٍ قد أخرَسَه ذنبُه؛ ربِّ أُناجيكَ بِقَلبٍ قد أوبقَه جرمُه»؛

  • إلهي، لقد أتيت لمناجاتك وعرض حاجاتي بين يديك، فأنا على معرفة جيّدة بك؛ ولهذا، فقد مدحتك أوّلاً بهذه الصفات وقلتُ: «الحمدُ لله الذي تحبّبَ إليَّ وهو غنيٌّ عنّي، الحمدُ لله الذي يحلُم عنّي حتّى كأنّي لا ذنبَ لي»،٢ حيث خصصتُ ذاتَك بكافّة مراتب الحمد والثناء، لكي تعلم أنّني عارفٌ بما أنت عليه؛ فجميع أنواع القدرة والكمال والجمال مكنونة في ذاتك؛ وهذا كلّه صحيح! كما أنّني علمت بأنّ كلّ من يرضى بقضائك ويستغيث بجودك ورحمتك، فإنّك لا تُغلق بابك أمامه، وأنّ هذه الباب مفتوحة في وجه الجميع؛ وأنا عالم كذلك بأنّ مسافة من يعرف قدرك قريبة، وأنّك توصله [إلى هدفه المنشود] بسرعة؛ فحينما جئتُ عندك، أتيتُكَ بحاجاتي، واستغثتُ بك، وتوسّلت إليك بدعائي؛ مع أنّني عالمٌ بعدم استحقاقي لسماعك كلامي، وأنّه لا يحقّ لي إلزامك بالعفو عنّي؛ لكنّني معتمدٌ على كرمك، وقلبي ساكن إلى صدق وعدك، ممّا ساقني إلى الإيمان بتوحيدك، واليقين بعلمِك أنّني عالمٌ بعدم وجود إله غيرك! 

  • وبعدما علمتُ بذلك كلّه، فإنّني علمتُ أيضًا يا إلهي أنّ كلامك حقّ ووعدك صدق، وأنّك تُعطي، ولا تمنع، ولا تُخلف وعدك، وأنّك تُطعم جميع أهل مملكتك، وترزقهم، وتُربّيهم بيد رحمتك؛ وقد أحسنت إليّ يا إلهي، ونعّمتني في فترة طفولتي، إلى أن بلغت بي إلى هذا الحين، وأشرت لي في الآخرة إلى عفوك وكرمك؛ فأنا يا إلهي فقير لا أملك شيئًا؛ وأنا لا أعرف سواك ربًّا يقدر على الإعطاء؛ فكلّ شيء صادر منك أنت؛ وأنا أملك هذه المعرفة؛ وهذا ممّا لا يُمكن إنكاره؛ كما أملك أيضًا المحبّة؛ وهذا كذلك ممّا لا يُمكن إنكاره؛ فهذا الأمران موجودان، غاية الأمر أنّهما نابعان منك أنت لا منّي أنا؛ ولهذا، فإنّني توجّهت إليك بالمعرفة والمحبّة اللتين حصلتُ عليهما منك؛ وأنا لديّ مسائل وحوائج لديك؛ فاسمع وانظر إلى ما أريد قوله:

    1. كناية عن التأديب. المعرّب
    2. مصباح المتهجّد، ج ٢، ص ٥۸٢.

المعرفة والمحبّة جناحا الداعي

10
  • وقوف الداعي بين حالتي الرغبة والرهبة وحالتي الرجاء والخوف

  • «أدعوكَ يا سيّدي بِلسانٍ قد أخرَسَه ذنبُه»؛ فيا سيّدي، ويا مولاي، إنّي أدعوك، وأقول: إلهي! يا الله! اللهمّ! ربِّ! ربّي! ربّنَا! بهذا اللسان الذي أخرسته كثرة المعاصي.

  • «ربِّ أُناجيكَ بَقلبٍ قد أوبقَه جرمُه»؛ (أوبَقَ يُوبِقُ: أي أهلَكَ؛ ربِّ: أي ربِّي) فيا إلهي، إنّي أناجيك، وأُسرُّ لك القول بقلبٍ أهلكته وقتلته الجرائم والمعاصي التي ارتكبها.

  • أي: إلهي، أنا لديّ لسان وقلب؛ لكنّ هذه اللسان أخرسته شدّة العصيان، فلم أعد قادرًا على قول أيّ شيء؛ كما أنّه لديّ منبع للتفكير والتأمّل ـ اسمه القلب ـ ارتكب المعاصي والذنوب، إلى درجة أنّه هلك، فلم يبق لي أيّ قلب!

  • «أدعوكَ يا ربِّ راهبًا راغبًا راجيًا خائفًا! إذا رأيتُ مولايَ ذنوبي فَزِعتُ، وإذا رأيتُ كرمَكَ طَمِعتُ»!

  • ومن هنا، حينما أتيت عندك، أتيت من دون رأسمال، ولا عبادة، ولا علم، ولا زهد، ولا تقوى، ولا أيّ شيء آخر؛ فلا يوجد في هذه الصرّة التي أحضرتها إليك أيّ شيء؛ كما أنّ تلك المعرفة والمحبّة [اللتين أملكهما] صدرتا منك أنت؛ وأمّا ما صدر منّي أنا فهي الذنوب، واللسان الأخرس، والقلب الذي أهلكه العصيان؛ وحينئذ، ما عساي أن أُحضره إليك، سوى الاستحياء والخجل! فيا إلهي، إنّي أدعوك «راهبًا راغبًا»؛ فمن ناحية أولى، أنا خائف؛ لأنّك عظيم، وجليل، وذو كبرياء وعظمة، وقهّار، وجبّار، وذو سطوة وبأس، ومهيمن، ولا تُبقي قدرتك وقهرك أيّ أثر لكافّة الموجودات؛ فقدرتك يا إلهي هي بهذا النحو؛ وحينئذ، من الذي بوسعه الوقوف أمام هكذا قدرة، من دون أن تستولي عليه الرهبة والخشية؟! ومن ناحية أخرى، فإنّني أدعوك «راغبًا»؛ أي أنّ لي رغبة إليك؛ إذ في مقابل تلك الصفات والأسماء التي تتّسم، فإنّك أيضًا عطوف، ولطيف، ورحيم، ورؤوف، وودود، وغفور، بحيث ترى الذنب وتغفره، وكبير، وعظيم، وتغضّ الطرف، وتعفو عن كافّة ذنوب عبدك عند توجّهه إليك بأدنى توجّه، وتتغاضى عن جبل وتصفح عنه، في مقابل قشّة؛ فأنت شريف وعظيم بهذا النحو؛ ولهذا، فإنّني رغبت إليك، وصرتُ تائقًا لكي آتي عندك، وأعرض حوائجي بين يديك. «راجيًا خائفًا»؛ فلأنّ لي رغبة إليك، فقد صار لديّ رجاء وأمل فيك؛ أي أنّ هذه الرغبة أوجدت فيّ الرجاء، وبعثت فيّ الأمل إليك؛ هذا، من جهة؛ ومن جهة أخرى، فلأنّ لديّ رهبةً تجاهك، فقد صرت خائفًا؛ أي على خوف ووجل؛ وبالتالي، فإنّني أنظر إليك دائمًا وأنا متردّد بين صفتي الرهبة والرغبة، وبين الرجاء والخوف، وبين صفات الجلال والجمال؛ إذ لك الجمال والجلال على الدوام! ﴿تَبَارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ﴾؛۱ فالإكرام يعني التفضّل والتنعّم، ويُعبّر عنه بالجمال؛ ولهذا، بوسعنا تفسير ﴿ذِي الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ﴾ في الحقيقة بذي الجلال والجمال.

    1. سورة الرحمن، الآية ۷۸.

المعرفة والمحبّة جناحا الداعي

11
  • «إذا رأيتُ مولايَ ذنوبي فَزِعتُ، وإذا رأيتُ كَرَمَك طمِعتُ»!

  • (مولاي هنا منادى بحذف حرف النداء)؛ أي: متى ما نظرتُ يا مولاي ويا سيّدي إلى الذنوب التي ارتكبتها، فزِعت وخفت، ومتى ما نظرتُ إلى كرمك طمعت!

  • فلا أنّ رغبتي كانت في غير محلّها، ولا أنّ رهبتي كانت في غير موضعها؛ ولا أنّ رجائي كان من غير سبب، ولا خوفي كان من دون علّة! بل إنّ خوفي وهلعي كان بسبب ذنبي وعصياني لك، مع أنّ ذاتك المقدّسة ذات جلال، بحيث إذا أردتَ مؤاخذتي بأصغر صغائر المعاصي، فأيّ شيء سيتبقّى لي؟! إذ ستقول لي حينئذ: «هل أبديتَ أيّها الموجود تمرّدكَ في مقابل ذاتي المقدّسة والقادرة والقاهرة والقيّومة والأزليّة والأبديّة والسرمديّة؟! فمن هذا الذي تمرّدتَ عليه؟! أ فهل تمرّدتَ على صديقٍ من سنخك ونفس مستواك، أم عليّ أنا؟!»؛ فلو أراد مؤاخذتنا على ذنب صغير واحد، لأصابنا الفزع، وارتفعت أصواتنا بالصراخ والبكاء والعجيج، قائلين: إلهي، لا تفعل بنا ذلك! لكنّني، من ناحية أخرى، أنظر إلى كرمك، فأقول: «كم هو واسع هذا الكرم!». فتارةً، قد يفتقر الإنسان في بيته إلى ماء، ويسعى للحصول عليه، فيحفر بئرًا، ويضرب الأرض بالفأس، أو بالإزميل، من دون أن يصل إلى الماء، أو يحصل في الأخير على قطرة ماء واحدة! لكن، تارةً أخرى، يذهب الإنسان إلى النهر، ثمّ إلى البحر، ثمّ المحيط الأطلسيّ، ويصل إلى المحيط الكبير (الهادئ)؛ فهناك، لا مجال بتاتًا للجفاف، بل يوجد ماء وحسب؛ وكم هو مقدار هذا الماء؟ الله وحده يعلم! فاذهبوا إلى وسط هذا المحيط، وجرّبوا ذلك بأنفسكم؛ كما أنّ الماء يغمر أيضًا جهة الشمال إلى القطب الشماليّ، وجهة الجنوب إلى القطب الجنوبيّ، بحيث يُشكّل هذا الماء نصف الكرة الأرضيّة من جهتي المشرق والمغرب؛ وكم يبلغ عُمقه؟ الله وحده يعلم ذلك! فقد يصل هذا العُمق إلى عشرة آلاف متر، أو عشرين ألف متر، أو مائة ألف متر، حيث نجد فارقًا في هذه الجهة بين المناطق المختلفة من المحيطات، إلى درجة أنّهم لم يتمكّنوا إلى الآن من معرفة عمق بعض هذه المناطق؛ وهذا نموذج واحد عن رحمة الله تعالى؛ أي أنّ هذا الماء هو بنفسه مثال على اللطف الإلهيّ؛ فهو غير متناهٍ إلى هذا الحدّ! وحينما تحلّ هذه الرحمة الإلهيّة، فلن يبقى هناك شرك، ولا معصية، ولا كفر، ولا زندقة، ولا أيّ شيء آخر!

المعرفة والمحبّة جناحا الداعي

12
  • ولنفرض أنّ هناك بيداء عاش فيها مجموعة من الناس، وألقوا فيها الأوساخ والقاذورات لفترة طويلة، وجعلوا أوضاعها سيّئة؛ إلى درجة أنّه متى ما شعّت الشمس، فإنّها تسطع على هذه الأوساخ، فتتعفّن، ولا يعود الإنسان قادرًا على المشي فيها؛ لكن، ما إن تبرز سحابة في السماء، وتسقط بعض الأمطار، فتغسل الأرض، حتّى تصير تلك البيداء معشوشبة وخضراء ونقيّة، فينقطع بعد ذلك المطر، وينجلي السحاب؛ وهذا هو حال كرم الله تعالى ورحمته حينما يحلاّن بشيء، ويغسلانه، ولا يُبقيان فيه أيّة أوساخ، بحيث أينما تجوّلتم في البيداء [مثلاً]، لتنظروا إلى تلك المنازل الأولى والمحالّ التي كانت في السابق حبيسَةَ التعيّنات والهويّات المادّية والشخصيّة، فلن تجدوا بتاتًا أيّ أثر لهذه الهويّات؛ لأنّها ستكون قد اندكّت في الذات الإلهيّة المقدّسة، فلم يبق هناك سوى الوجود المطلق لواجب الوجود على الإطلاق! فمن ناحية، حينما أنظر إلى كرمك، أجده واسعًا جدًّا إلى درجة أنّك تقول: مهما كانت المعصية التي ارتكبتها، [فلا يهمّ]، لكن لا تُعد إليها، بل حتّى لو قتلت سبعين نبيًّا!

  • ـ يا رسول الله، هذا هو ذنبي، فهل يُغفر لي؟ يقول الرسول: إذا تُبت حقًّا، يُغفر لك.

  • ـ (والأكثر من ذلك) يا رسول الله، إنّ ذنبي أكبر من الجبال! يقول الرسول: وإن كان كذلك، فإنّ الله يغفره.

  • ـ يا رسول الله، إنّ ذنبي أكبر من الأرض! وإن كان كذلك، فإنّ الله يغفره.

  • ـ يا رسول الله، إنّ ذنبي أكبر من العرش!۱

  • فما معنى هذا الكلام؟! إذ حينما يأتي ذلك الكرم، فلن يبقى هناك أيّ ذنب!

  • فعندما أنظر إلى المعاصي، أراها منّي أنا؛ فنحن نظنّ أنّه بعدما قضينا عمرًا مديدًا في التحصيل، وبذل الجهد، وتكديس هذه الثروات في كشكولنا وحقيبتنا، أنّها تضمّ بلبلاً وطائرًا كناريًا وحمامًا وطائرًا قمريًا وببّغاء؛ لكن، حينما نريد تسليمها لله تعالى، والعبور من الجمارك، ويلجؤون إلى تفتيش ذلك الكشكول، فإنّهم يرون أنّ ثعبانًا قد قفز إلى السماء، وأنّ العقارب تتحرّك في تلك الجهة، ثمّ تدبّ خارجًا، وتخرج الأفاعي من الجهة الأخرى، والتنانين من ذلك الطرف، والسحالي من الطرف الآخر، والفئران البريّة من هذا الطرف؛ يا للعجب! فنحن كنّا نخال أنّ هذا الكشكول يضمّ أشياء ذات قيمة، وأنّه يحتوي بأجمعه على ببّغاوات وطيور كناري وبلابل؛ فلماذا صار الأمر بهذا النحو؟! كلاّ! لقد كانت هذه القاذورات موجودة هناك منذ البداية؛ غاية الأمر أنّ الإنسان يُحبّ نفسه إلى درجة أنّ كلّ ثعبان وعقرب خزّنهما فيها يُلبسهما لباسًا حسنًا، ثمّ يعتبرهما ببّغاءً وبلبلاً و...؛ لكن، حينما تسطع شمس الحقيقة، ويذوب [الظاهر]، وتبرز البواطن، وتنكشف الخفايا والأسرار، يتّضح آنذاك ما كان موجودًا في حقيبة الإنسان! وفي ذلك الحين، يتحسّر الإنسان ويقول: «ماذا جمعت هنا؟ وما الذي أريد أن أحمله معي إلى الله تعالى؟».

    1. الأمالي، الشيخ الصدوق، ص ٤٣.

المعرفة والمحبّة جناحا الداعي

13
  • دعوة الله تعالى لعبده متقدّمة على دعاء عبده له

  • ولهذا، من الأفضل أن يقول الإنسانُ: إلهي، لقد تخلّيت عن ادّعائي بأنّني جمعت هذا وذاك؛ وأنا لا أدّعي بأنّني أحضرت معي بلبلاً وطائرًا كناريًا وببّغاءً، و...؛ لكن، تعال أنت أيضًا ـ برضاك ـ وتكرّم عليّ، وتفضّل عليّ، ولا تفتح هذا الكشكول، ولا تستخرج هذه العقارب والحيّات؛ فأنا غضضت الطرف [عن ادّعاءاتي]، فغُضّ الطرف أنت أيضًا [عن مؤاخذتي]! ؛ غير أنّ الله تعالى سيُجيبه بقوله: أنت مخطئ! فأنا الذي تغاضيتُ أوّلاً، حتّى جرى ذلك التغاضي على لسانك؛ لأنّ لديّ محبّة كبيرة [لك]! لقد عفوتُ عنك، ففاض عفوي على قلبك، فقلتَ أنت أيضًا: إلهي، اعف عنّي!.

  • كان أحدهم يصيح، ويُناجي، ويبكي، ويدعو الله تعالى من الليل إلى الصباح، ويقول: الله، الله، الله، الله!، لكن، من دون أن يسمع أيّ جواب؛ وحينما حلّ الصباح، أتى عند نبيّ زمانه، وقال: من الليل إلى الصباح، وأنا أقول: يا الله! لبّيك! يا الله! يا الله! يا ربّي! غير أنّ الله تعالى لم يردّ عليّ؛ وعندما ذهب ذلك النبيّ لمناجاة ربّه، قال له: إنّ هذا الشابّ يشكو، ويقول: لقد ناديت الله من الليل إلى الصباح من دون أن يردّ عليّ تعالى جوابًا واحدًا؛ فجاءه الخطاب: قل لذلك الشابّ، لقد كنتُ أنا الذي ناديتُك أوّلاً، حتّى جرى لفظ "يا الله" على لسانك! ولهذا، فإنّ عبارات "يا الله" التي تلفّظتَ بها كانت بأجمعها نداءاتي التي انعكست على مرآة قلبك، وظهرت على شكل "يا الله" و "يا ربّاه"؛ فكلمة "الله" التي صدرت منك هي بعينها كلمة "لبّيك" التي صدرت منّي أنا؛ أي أنّ "يا الله" التي كنتَ تقولها هي بنفسها "لبّيك" التي قلتُها، وسطعت على قلبك، وانعكست على لسانك بشكل "يا الله"؛ فهذا الدعاء وهذه الحُرقة وهذا الألم الذين يصدرون منك عبارةٌ عن رسولٍ منّي إليك؛۱ أي أنّ هذا الدعاء الذي ترفع به صوتك، وهذه الحُرقة التي لديك، وهذا الألم التي تشعر به في داخلك إنّما هي رُسل بعثتها إليك، ووفود أرسلتها إليك من الأعلى، لكي أُوجّه انتباهك إلى هذه الناحية، فيرتفع منك هذا العجيج، وتنبثق فيك هذه الحُرقة وهذا التأوّه والأنين؛ ولهذا، عليك ألاّ ترى ذلك من نفسك، وتقول: لقد اكتسبت لوعةً، وانتابني البكاء، وصارت لديّ حُرقة، غير الله تعالى لا يلتفت إليّ؛ لأنّ هذه الحرقة وهذا الألم هما بمثابة رسول أتى من الله تعالى لكي يُقدّم يد العون؛ وبالتالي، فإنّ الأمر بدأ من هناك!

    1. المثنوي المعنوي، الكتاب الثالث:
      این دعا و سوز و دردت پیک ماست***این همه اللهِ تو لبّیـک ماست
      [يقول: إنّ كلّ كلمة «يا الله» تتفوّه بها هي قول الله لك «لبّيك» قبل أن تتفوّه بها، وكلّ دعاءٍ وحرقةٍ وتألّمٍ إنّما هو رسولٌ من الله إليك].

المعرفة والمحبّة جناحا الداعي

14
  • أفضليّة الله تعالى على كافّة المدعوّين والمرجوّين

  • «فإن عَفَوتَ فَخَيرُ راحمٍ، وإن عَذَّبتَ فغيرُ ظالمٍ»؛ إلهي، حينما أنظر إلى ذنوبي، أفزع؛ وعندما أنظر إلى كرمك، أطمع؛ وبالتالي، فإنّني واقعٌ بين الرهبة والرغبة، وبين الرجاء والخوف)؛ وحينئذ، إذا عفوت عن ذنوبي تلك، فما أحسنك من راحم، وما أعظمك من متفضّل، وكم أنت محبوب ومرْضيٌّ! وهذا ليس بالأمر الجديد؛ إذ لطالما عفوت، إلى درجة أنّ عفوك عنّي هنا لا يُعدّ شيئًا في مقابل ذلك! وإن عذَّبتَ: وإذا عذّبتني على ذنوبي هذه، فغيرُ ظالم، بل كنت عادلاً في ذلك، فتعذيبُك إيّاي كان عن استحقاق منّي، ولأنّني ارتكبت تلك الذنوب عن تجرٍّ وتعدٍّ.

  • «حُجَّتي يا الله في جُرأتي على مسألتِك مع إتياني ما تكرهُ جودُك وكرمُك، وعُدَّتي في شدَّتِي مَعَ قِلَّةِ حيائي رأفتُك ورحمتُك، وقد رجوتُ أن لا تُخَيِّبَ بينَ ذَينِ وذَينِ مُنيَتي، فَحَقِّق رجائي»!

  • يا إلهي، أنت ترى بأنّني أمتلك الجرأة على سؤالك ودعائك، مع صدور كلّ هذه الأفعال السيّئة والمكروهة منّي، بحيث لا ينبغي لي بتاتًا أن أحرّك لساني [بالكلام]؛ إذ بسبب كثرة المعاصي، صار لساني أخرسًا، وقلبي هالِكًا؛ فرغم كلّ هذه الذنوب، إلاّ أنّك تراني جريئًا على دعائك وسؤالك؛ لكن، مع ذلك، فإنّك جواد وكريم؛ وقد ساهم هذا الأمران في أن أتوجّه إليك على الرغم من عصياني.

  • وعُدّتي وعتادي وأدواتي في حركتي إليك وطلبي منك رغم ما أعانيه من صعوبة ومتاعب، ومع قلّة استحيائي منك، تتمثّل في أمرين: رأفتُك ورحمتُك، بحيث مهما عصيت، فإنّك رحيم، ومهما أذنبتُ، فإنّك رؤوف.

  • وحينئذ، بما أنّك كريم ورحيم ورؤوف، وجودك وكرمك منبسط، فإنّني أرجو ألاّ تُخيّب رجائي بين هذا الأمل، وبين ذلك الأمل الذي دفعني لكلّ هذا الصراخ والبكاء.

  • يقول الإمام السجّاد في أحد الأدعية ما معناه: «إلهي، لقد انقضى عمري، وكنت أدعوك طوال عمري هذا، فكيف تؤيسني؟!»، لكنّه يقول هنا: «أنا أرجو ألاّ تُؤيسني بين هذه الآمال وتلك»، حيث من الواضح أنّ هذه الآمال عالية جدًّا!

  • والمراد من «ذين وذين» الكناية؛ مثلما نقول: هكذا وهكذا.

  • فَحَقِّق رجائي؛ «ولا تُبطل هذا الرجاء الذي لديّ تجاهك، بل حقّقه، وأمضِه، وأجِزه، وقل: إنّ لديك رجاء حسنًا، وقد ارتضيتُه!

المعرفة والمحبّة جناحا الداعي

15
  • «واسمع دعائي»؛ ولا تردّ هذا الطلب الذي توجّهت به إليك.

  • «يا خيرَ من دعاهُ داعٍ، وأفضلَ من رجاه راجٍ»؛ فيا أيّها الإله الذي هو أفضلُ مَن دعاه داعٍ؛ إذ كم دعا الداعون من الأفراد وكم سألوهم! لكنّك أفضل من كافّة هؤلاء المسؤولين؛ وكم رجا الناس آخرين لكي يُنجزوا لهم أعمالهم، فيتحقّق ذلك على أيديهم، غير أنّك أفضل من هؤلاء بأجمعهم!

  • والمراد هنا أنّك أفضل من جميع المرتَجين والمرجوّين، لا الراجين؛ لأنّ معنى الراجين هم الأفراد الذين كان لديهم رجاء في آخرين يستطيعون تلبية حوائجهم ويُسمّون بالمرتَجين والمرجوّين؛ فأنت أفضل من هؤلاء جميعًا!

  • «عظُم يا سيّدي أمَلي»؛ فأنا لديّ أمل؛ وأملي هذا عظيم جدًّا.

  • «وساءَ عملي»؛ غير أنّ عملي سيّء جدًّا.

  • «فأعطني مِن عفوِك بِمقدارِ أمَلي»؛ وبقدر ما أملكه من أمل ورجاء بأن يشملني عفوك.

  •  

  • بِمحمّدٍ وآلِه الطاهرينَ وصلِّ على محمّدٍ وآلِه أجمعينَ