العلامة آیة الله السيد محمد الحسين الحسيني الطهراني قدس سرّه
العلّامة آية الله العظمى الحاجّ السيّد محمّد الحسين الحسيني الطهراني (1345 – 1416 هـ) من كبار علماء الشيعة، عارفٌ وفيلسوفٌ وفقيهٌ وأصوليٌّ ومحدّثٌ ومفسّرٌ. من سلالة النبيّ الأكرم محمّد صلّى الله عليه وآله من جهة سبطه الإمام الحسين عليه السلام، وينحدر من أسرةٍ علميّةٍ عريقةٍ، درس كلًا من العلوم الحديثة والعلوم الدينيّة في حوزتي قم والنجف الأشرف، شهد له كبار العلماء بالاجتهاد وكثرة العلم والتحقيق وإخلاص العمل والتقوى والتفوّق على الأقران، ويُمثّل تلميذًا خاصّاً للعلّامة الطباطبائي قدّس سرّه في العرفان والحوزة، وهو أبرز تلميذٍ سلوكيٍّ للعارف السيّد هاشم الحدادّ رضوان الله عليه.
كان ناشطًا في الساحة العمليّة والعلميّة وله تأليفاتٌ كثيرةٌ في مجالات متعدّدة كالعرفان والعقائد والفقه والتفسير (90 مجلّد تقريبًا) من أشهرها: كتاب معرفة الإمام، والروح المجرّد ورسالة لبّ اللباب، كان أستاذًا في العرفان والسير والسلوك وله العديد من التلامذة في هذا المضمار.
الحياة الشخصيّة للعلامة الطهراني
ولادة العلامة الطهراني ووفاته
الولادة: ولد العلامة الطهراني في 24 محرم سنة 1345هـ ق في طهران.
الوفاة: كانت وفاته في 9 صفر الخير لعام 1416 هـ ق في المشهد الرضوي المقدّس، و دفن هناك إلى جوار ثامن الأئمة والحجج عليهم السلام. (الشمس المنيرة، ص 16)
نسبه الشريف وعائلته العلميّة
ينتسب العلامة الطهراني إلى عائلة هاشميّة علمائيّة تمتدّ إلى عدد من المجتهدين فهو ابن آية الله السيّد محمّد صادق وهو من أعاظم علماء طهران وأئمة
جماعاتها وكان والده من أوائل المعارضين للنظام الطاغوتي البهلوي، وهو ابن آية
الله الحاجّ السيّد إبراهيم الطهراني الذي كان أحد تلامذة المجدّد آية الله العظمى
الميرزا حسن الشيرازي، والسيد إبراهيم هو ابن السيّد علي الأصغر بن المير إبراهيم
بن المير طاهر الذي يصل نسبه إلى جده الأعلى السيّد محمد ولي.
والسيّد محمّد ولي جده الأعلى مدفون في محلّة
"دركة" في طهران، وله مزار هناك، وينتهي نسبه إلى الإمام السجّاد عن
طريق زيد بن علي بن الحسين عليهما السلام، ومنه إلى النبيّ محمّد صلّى الله عليه
وآله.
أمّا من ناحية الأم، فنسبه يصِل إلى العلامة
محمد تقي المجلسي والد العلامة محمّد باقر المجلسي. (الشمس المنيرة، ص 17)
وكان تربط
العلامة الطهراني بوالده علاقةً خاصّة، قال:
«كانت علاقة والدي بي حميمة، و كان يمتدحني أمام الجميع، ثمّ جعلني وصيّه و وهبني كذلك مكتبته أيّام حياته» (نور ملكوت القرآن، ج 1، ص 51)
هذا على الرغم
أنّه كان يصغر أخيه الكبير بـ 20 سنة تقريبًا.
وكان له عدّة إخوة وأخوات، وله مع ذلك أخٌ شقيقٌ (من الأب والأم) واحدٌ فقط وهو السيّد محمد جعفر لكنّه توفّي وهو طفل وكان العلّامة الطهراني يمتدح ذكائه وكياسته.
(صورة المرحوم آیة اللَه السيّد محمّد صادق الحسیني والد العلامة الطهراني الذي يظهر في الصورة وهو في سنّ الـ 10 سنوات وبحضن والده أخوه السیّد محمّد جعفر في الـ 4 من عمره)
تصدي والده للشاه
لقد تصدّى آية الله السيّد محمّد صادق الطهراني قدّس سرّه للشاه رضا خان البهلوي في ثلاثة مسائل مهمّة، وهي كالتالي:
- الانحرافات
الفكريّة والدينيّة وترك العمل بالقرآن. (وظيفة الفرد المسلم في إحياء حكومةالإسلام، ص 23).
- مسألة نزع العمامة من الناس والعلماء. (وظيفة الفرد المسلم، ص 25)
- مسألة نزع الحجاب من النساء (وظيفة الفرد المسلم، ص 27)
زواجه وأسرته
تزوّج العلامة الطهراني قدّس سره من كريمة الحاجّ السيّد عبد الحسين معين الشيرازي رحمة الله عليه.
(صورة الحاجّ السيّد عبد الحسين معين الشيرازي رحمه الله)
وقد أصبح أبناؤه الأربعة من طلبة العلوم الدينية، وهم:
- آية الله السيّدمحمّد محسن قدّس سرّه
- سماحة السيّد
محمّد صادق
- سماحة السيّد أبو الحسن
- سماحة السيّد علي
(يظهر في الصورة كلًًا من العلّامة الطهراني، وثلاثةٌ من أبنائه: السيّد محمّد محسن والسيّد محمّد صادق والسيّد علي)
والذي يُستفاد من كلمات العلامة الطهراني ونجله السيّد محمد محسن رضوان الله عليهما، هو أنّ كلّاً من السيّد معين الشيرازي، وكريمته (زوجة العلامة) كانا من سلّاك طريق الله ولهم حالات معنويّة.
ويُمكن القول: إنّ وقوف هذه السيّدة الشريفة بجانب زوجها وتبنّيها لأهدافه وغاياته السامية من طلب العلم والتدريس والتبليغ والأخذ بأيدي طالبي طريق الحقّ، له الأثر الكبير في تفرّغه للقيام بجميع المهام المقدّسة التي قام بها، ولذا فجميع من استفاد من بيانات العلامة الطهراني مدينٌ لهذه السيّدة الجليلة كما هو مدينٌ للعلامة الطهراني قدّس سرّه، فرحمة الله عليها رحمةً واسعةً.
دراسته
أوّلًا: دراسته الآكاديميّة (قبل دراسة الحوزة)
لقد أنهى العلامة الطهراني في شبابه الدراسات الآكاديميّة المتعارفة من الابتدائيّة والثانويّة وتخرّج من قسم الهندسة الصناعيّة طِبقاً لمِا كانَ رائجاً آنذاك، فَحازَ على الشهادةِ الفنّية بصفته الطالب الجامعي الأوّل في كليّة الفنون الصناعيّةِ في طهران. وكانَ أنْ مَنَحتْهُ الحُكومة مِنحةً للسّفر إلى أَلمانيا ومتابعة دراسته، ليعودَ ويتسلّم المسؤوليات والمناصب العالية في هذا المجال، وذلك بعنوانه الطالب الأوّل من بين زملائه و (الحائزِ على وسام الفخر والتشجيع). (الشمس المنيرة، ص 17)
لكنّه رفض استلام هذه المنحة، وقرّر الهجرة إلى مدينة قمّ المقدّسة للدراسة في الحوزة العلميّة هناك.
ثانيًا: دراسته في الحوزة
يقول العلّامة الطهرانيّ:
قد شَخصَ أمامي في تلك الفترة خياراتٌ متعدّدة وطرقٌ كثيرةٌ لمستقبلي، حتّى صِرتُ متحيّراً إِزاء تشخيص الخيارِ الأتمّ وانتخابِ المسار النفيس والأرشد، وفي النهاية، بعد الاستنابة الشديدة واللجوء إلى عَتبة قاضي الحاجات، والاتّكال على حَضرة الحقّ ومقدّر المشيئة المطلقة، وتفويض جميع شراشرِ وجودي وأزمّة اختيارِ الصلاح والرشاد، إلى قبضة تدبيرِ مُدبّر الأمور، وفي إحدى الليالي، عَمَدتُ إلى الاستخارة لأجل هذا الموضوع ثمانية عشر مرّة، وما كان إلّا أن جاءتْ- جميعُها واحدةً تِلوَ الأخرى- تصرّحُ بالإلزام والحصر، آمرةً بالاشتغال بخصوصِ العلوم الدينيّة دونَ غيرها، واكتسابِ المعارفِ الإلهيّة، والورودِ في زُمرة الطلّاب والمشتغلين بعلومِ آلِ محمّدٍ صلواتُ الله عليهمْ أجميعن.(الشمس المنيرة، ص 19)
(صورة العلّامة الطهراني في بداية رحلته الحوزويّة)
المرحلة الأولى: الهجرة إلى مدينة قم المقدّسة
كان العلامة الطهراني أوّلَ طالبٍ يسكنُ في مدرسةِ المرحومِ آيةِ الله السيّد" محمّد حجّت كوه كمره اي" (المدرسة الحجتيّة).
لقد كان العلامة الطهراني مجدّاً جدّاً في دراسته في مدينة قم، فمضافاً إلى وقت الحصص الدراسيّة المقرّرة، كان مواظباً على القراءة والمطالعة لمدّة عشر ساعات يوميّاً، وكان على هذه الحال حتّى نهاية المرحلة الدراسيّة في قم؛ بحيث لمّا أراد الانتقال من قم إلى النجف الأشرف لإكمال دراسته،كان بعض أساتذته قد أبرزوا تقييمهم له ونعتوه بالمجتهد. (وظيفة الفرد المسلم في إحياء حكومة الإسلام، ص 35)
(صورة العلّامة الطهراني في شبابه)
أساتذه في حوزة قم:
أمّا أساتذته في دراسته في مدينة قم من السطوح إلى البحث الخارج فهم كالتالي:
- «اللمعة»: آية الله الشيخ محمّد صدوقي اليزدي رحمه الله
- «القوانين» و «الرسائل» و «المكاسب»: فقدْ دَرَسَها على يدَي الآيات العِظام؛ الشيخ عبد الجواد سدهي الأصفهاني، والحاج السيد رضا بهاء الديني رحمهم الله.
- «الكفاية»: لدى آية الله الشيخ مرتضى الحائري اليزدي رحمه الله. (الشمس المنيرة، ص 20)
- دروس الفلسفة والحكمة المتعالية والتفسير والفقه والحديث والعرفان النظري: فقد أكمَلَها في محضرِ الأستاذِ الفريد الذي لا مَثيل له، علّامة الدهر، الحكيم على الإطلاق، العارف بالله وبأمر الله، المرحوم آية الله العظمى الحاج السيد محمّد حسين الطباطبائي التبريزي رضوان الله عليه. (الدر النضيد، ص 42)
- البحث الخارج: حضرَ سنتين عندَ المرحوم آية الله السيد محمّد داماد، رحمة الله عليهم أجمعين. (الشمس المنيرة، ص20)
نشوء رابطة خاصّة بينه وبين العلامة الطباطبائي:
لقد بدأ ارتباط العلامة الطهراني بأستاذه العلامة الطباطبائي من خلال تتلمذه عليه في دروس الفلسفة وكان متميّزًا جدًا في هذا العلم، فقد حصل العلامة الطهراني على عمق الحكمة المتعالية وكنهها، وعلى مبانيها الرصينة الرشيقة. وكان بنفسه صاحب نظر في الآراء الحِكَميّة، بحيث أنّ العلّامة الطباطبائي، ولتحقيق مزيد من الإفاضة والإفادة لتلميذه؛ رأى نفسه مُلزمًا بعقد جلساتٍ ثنائيّةٍ خاصّةٍ بهما. وكان يقول:
«لا يمكنني أن أجيب على أسئلتكم في مجلس الدرس؛ فهو لا يحتمل طرح مطالبكم، ولذا فإنّنا سنطرحها في الجلسة الخاصّة». (الدر النضيد، ص 43)
(صورة العلّامة الطباطبائي مع تلميذه العلامة الطهراني رضوان الله عليهما بعد أن جرت بينهما مباحثات علميّة)
لكن لم يقتصر الأمر على دراسة الفلسفة، فقد انجذب العلامة الطهراني إلى صفات أستاذه الملكوتية أيضًا، واشتداد ظمؤه إلى الارتواء من فيضان علوم التشيّع والولاية، والغوص في بحر معارفهما الحقّة، والتي كانتْ متجليّة في نفسه القدسية؛ وكان ذلك إيذاناً ببدءِ مرحلة جديدة من حياته العلميّة ونضوج بصيرته الباطنيّة، ليشخصَ أمامَ عينيه أفقٌ جديدٌ من المعارف الإلهيّة، يقوده إلى ناحية عوالم الغيب ومراتب الشهود. وصار يأخذ منه البرامج السلوكيّة والبرامج والأوراد مدّة 7 سنوات في مدينة قم. (الشمس المنيرة، ص 21)
المرحلة الثانية: الهجرة إلى النجف الأشرف
حينما أنهى العلامة الطهراني جميع دروسه في مدينة قمّ المقدّسة وصار مجتهدًا، أخذ إذنًا من أستاذه العلمي والعملي والسّلوكي (العلّامة الطباطبائي) ليشدّ رحاله إلى النّجف الأشرف سنة ۱٣۷۱ هجري قمري. وكما كان بعد الأستاذ عن التلميذ صعبًا على التلميذ، كان العكس صحيحًا، حيث جاء في إحدى الرسائل التّي كان قد أرسلها إليه العلّامة الطباطبائي من قمْ، أن:
«لولا عظمة زيارة المشهد العَلَوي المُقَدَّس، وجَلالة قَدره، وفيوضات تلك العتبة المباركة وبركاتها، لَمَا كنتُ لأوافِقَ أبداً على مُضيّكَ وذهابك، ولَمَا استطعتُ تَحمّل فراقك». (الشمس المنيرة، ص 42)
- المرحوم آية الله العظمى وحيدُ العصر وفريد الزمان الحاجّ الشيخ حسين الحلّي أعلى الله مقامه. وقد خلّف من تقريرات بحوثه:
1- تقرير بحث الاجتهاد والتقليد، وقد طُبعت أخيرًا كرسالةٍ مع تعليقةٍ لنجله آية الله السيد محمد محسن الطهراني تحت اسم الدرّ النضيد في الاجتهاد والتقليد والمرجعيّة.
2- تقرير بحث الخيارات من كتاب البيع. (الفقه)
(صورة أستاذ الفقهاء والمراجع آية الله الشيخ حسين الحلي قدّس سرّه)
- المرحوم آية الله الحاج السيّد أبو القاسم الخوئي رحمه الله. وقد وصلنا من تقرير بحوثه:
1- رسالةٌ في القطع والظن. (علم الأصول) (الشمس المنيرة، ص 63)
- والمرحوم آية الله الحاج السيّد محمود الشاهرودي رحمه الله. وقد وصلنا من تقريرات بحوثه:
1- رسالة صلاة الجمعة. (الفقه) وقد طُبعت أخيرًا مع تعليقةٍ لنجله آية الله السيّد محمد محسن الطهراني تحت اسم صلاة الجمعة رسالةٌ فقهيّةٌ في وجوب صلاة الجمعة عينًا وتعيينًا.
- محضر الفيض والعطاء عند آية الله العظمى، الرجالي الكبير الحاج الشيخ آقا بزرك الطهرانيّ أعلى الله مقامه وذلك في فنّ الرجال وصناعة الدراية والحديث، مستفيدًا منه سبع سنوات متوالية.
تميّز العلامة الطهراني في حوزة النجف
لقد بذلَ العلامة الطهراني في حوزة النجف كما في حوزة قم جهداً حثيثاً ومساعي شديدة في تلك الفترة التي كان فيها هناك، حتّى أنّه كانَ
متميّزاً من بين سائرِ الفضلاء وعلماءِ النجف الأشرف ومشاراً إليه بالبَنان، إلى
الحد الذي شهدَ له زملاؤه في محضر
«بأنْ لو لمْ يرجعْ السيّد محمّد حسين إلى إيران ويبقى في النجف، لاستقرّت مرجعيّة الشيعة عنده وبشكلٍ مطلق». (الشمس المنيرة، ص 63)
كلمات العلماء وبعض الشخصيّات وشهاداتهم في العلامة الطهراني
لقد شهد كبار علماء الطائفة للعلامة الطهراني بالاجتهاد والعلم والخلق وعلوّ المرتبة بل وصفوه بأعلى الأوصاف التي يقلّ أن نسمع تلك الأوصاف لغيره، وفيما يلي بعضها:
- شهادة الاجتهاد من العلامة الطباطبائي وإجازته الروائيّة
إنّ كلمات العلامة الطباطبائي في تلميذه النجيب العلامة الطهراني قدّس سرّهما الشريف كثيرةٌ ولها معانٍ راقية ولا يُمكن إيرادها بأجمعها في هذا التعريف المختصر، ولذا سنتقصر على نقل إجازته الروائيّة والتي فيها من الدلالات الكثير الكثير على علو مقام العلامة الطهراني قدّس سرّه:
(صورة الإجازة الروائيّة للعلّامة الطهراني من أستاذه العلّامة الطباطبائي بخطّ يده المباركة ويظهر فيها ارتعاش يده المباركة)
بسم الله الرحمن الرحيم
وهي ما أرويه عن الآية العظمى شيخي وأستاذي الميرزا محمّد حسين النائيني طيّب الله رزمسه بطرقه الروائيّة، وما أرويه عن الآية العظمى البروجردي عظم الله قدس عن شيخه الآخوند الخراساني صاحب كفاية الأصول عن السيد محمّد مهدي القزويني، عن السيّد محمّد باقر القزويني، عن آية الله بحر العلوم بطرقه المذكورة في آخر المستدرك. وما أرويه عن الشيخ العباد الزاهد المجتهد الحاج شيخ علي القمي النجفي عن الحاجّ النوري كتاب المستدرك قرأته وسماعًا، وجميع طرقه المذكورة في آخر المستدرك إجازةً إلى البهبهاني، وما أرويه عن الشيخ المتضلّع في الرواية الحاجّ شيخ عبّاس القمي عن الحاجّ النوري صاحب المستدرك بجميع طرقه إلى البهبهاني بطرقه المتصلة إلى أهل بيت العصمة والطهارة، وما أرويه عن أستاذي الآية الحاجّ ميرزا علي أصغر الملكي التبريزي عن الآية العظمى السيّد حسن الصدر العاملي الكاظمي بطرق الواسعة المتصلة بأهل بيت العصمة، وما أرويه عن الآية العظمى السيّد محمّد الحجّة رضوان الله عليهم أجمعين.
فله سلّمه الله أن يروي ما يروي عن الطرق المذكورة وأرجو من جنابه أن لا ينساني في خلواته من صالح الدعاء.
والسلام عليه ورحمة الله وبركاته
محمّد حسين الطباطبائي
- شهادة الاجتهاد من الشيخ حسين الحلي وإحدى إجازاته الروائية
(شهادة الاجتهاد والإجازة الروائيّة من آية الله الشيخ حسين الحلّي بخطّ يده لتلميذه العلامة الطهراني)
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله ربّ العالمين والصلاة والسلام علي خير خلقه محمّد وآله الطاهرين
وبعد، فإنّ فضلَ علمِ الفقهِ لا يَخفى، وبِه تُنالُ السعادةُ الأبديّة؛ ومِمَّن بَذَلَ الهِمَّةَ في تحصيله، وصَرَفَ على ذلك بُرهةً غير قليلةٍ مِن عُمرِه الشَّريف، جنابُ السيّد العلّامة حجّةِ الإسلام، وعماد الأعلام، العالم التقيُّ السيّد محمّد حسين دامَ تأييده نجل المرحوم حجة الإسلام السيّد صادق الطهراني اللاله زاري طابَ ثراه .
فإنّ جنابه قد جدّ في تحصيل ذلك واجتهد فيه، وقد حَضَر على أبحاثي في الفقه والأصولِ حضور تفهّمٍ وتدقيقٍ، وكتبَ ذلك وحرّره تحرير إتقانٍ وتحقيقٍ، ولم يَزل على ذلك مُجدّاً فيه حتّى نال بِحمدِ الله تعالى بُغيَتَه ، و أدرك بذلك الجدّ غايته وأمنيته، وحَصَلَ على مرتبةٍ من الاجتهاد، وصار له القدرة بحمد الله تعالى على استنباطِ ما يحتاجُ إليه من الأحكام الشرعيّة عن أدلّتها التفصيليّة؛ فله العمل بما يَسْتَنبِطُهُ مِن ذلك حَسَبَ الطَّريقةِ المعروفة الَّتِي جَرَى عليها مشايخنا العِظام، وأساتذتنا الكرام قُدّست أسرارهم. كلُّ ذلك مع الالتزام بالاحتياط مهما أمكن، فإنَّه سبيل النّجاةِ؛ وإنّ ذلك هو أهمّ ما أوصيه به كما أنّه أهمّ ما أوصاني به أساتذتي العظام، و مشايخي الكرام قَدَّسَ اللهُ أسرارهم وطيب مضاجعهم .
و أجزتُ لِجنابِه روايةَ ما أجازوا لى روايتَه على طبقِ ما أجازوه لي على الطريقةِ المعروفة بين أصحابنا رفع الله تعالى درجاتهم وأعلى وأعز كلمتهم .
و أرجو من جنابه أن لا ينساني مِن الدُّعاء في مَظانّ الإجابةِ . والسّلامُ عليه و على كافّة إخواننا المؤمنين ورحمة الله و بركاته. ۲۸ ذق ۱۳۷۷ .
حسين الحلي
[الختم الشريف]
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين
والصلاة والسلام على خير خلقه وأشرف بريته محمّد وعترته الطاهرين المعصومين
وبعد، فإنّ جناب المستطاب، ملاذ الأنام، عماد الأعلام، ركن الإسلام والمسلمين، سماحة السيّد محمد حسين اللاله زاري - دامت تأييداته - الذي قد قضى مدّة طويلةً من عمره الشريف في طلب العلوم الدينية والمعارف الإلهيّة في النجف الأشرف وغيرها، وبحمد الله حباه الله تعالى بمراتب عالية من العلم والفضل والتقوى والورع، هو مأذونٌ ومجازٌ من قبل الأحقَر في تولي الأمور الحسبيّة التي تشترط إذن وإجازة الحاكم الشرعي.
وكذلك هو مأذونٌ في صرف ما يتلقّاه من الأموال الشرعيّة من غير سهم الإمام عليه السلام وآله الكرام، في المصارف المحدّدة في منطقته، وأما ما يتلقاه من سهم الإمام عليه السلام، فيصرف نصفه في تكملة معاشه الاقتصادي وسائر مصارفه الشخصية، وفي خدمة طلاب العلوم الدينيّة وخدّام الدين المبين، ويُرسل النصف الآخر إليّ لإقامة الحوزة العلمية في النجف الأشرف.
وإنه من الواجب على الإخوان المؤمنين أن يغتنموا نعمة وجود هذا الفاضل وأن يستفيدوا ويستفيضوا من محضره، وأن يقوموا بتجليله وتبجيله قدر الإمكان.
وأوصيه - دام فضله - بملازمة التقوى وسلوك سبيل الاحتياط، فإن من سلك سبيل الاحتياط لم يزل عن الصراط المستقيم، وألا ينساني من صالح الدعوات كما أني لا أنساه إن شاء الله تعالى. والسلام عليه وعلى سائر إخواننا المؤمنين ورحمة الله وبركاته.
بتاريخ 21 جمادي الأول 1377 هجري قمري
أبو القاسم الموسوي الخوئي (مطلع أنوار، ج 6، ص 61)
كما يُنقل عن السيّد أبو القاسم الخوئي قدّس سرّه أنّه قال:
أنّا إنّما أبدأ درس الفقه من أجل شخصين: الأوّل السيّد محمّد حسين [أي: العلامة الطهراني]، والثاني: السيّد علي السيّستاني. [أي: آية الله السيّد علي السيستاني مدّ ظلّه]. (أفق وحي، ص 532)
- شهادة الاجتهاد من الآغا بزرك الطهراني وإجازاته الروائيّة
لقد أعطى آية الله العظمى الشيخ الآغا بزرك الطهراني للعلامة الطهراني قدّس سرّهما إجازتين روائيّتين، إحدهما مطوّلة والأخرى مختصرة، وقد صرّح سماحته باجتهاد العلامة الطهراني، وبدورنا سنقل المختصرة هنا مع صورة الشهادة بخطّ يده:
(شهادة الاجتهاد والإجازة الروائيّة من الآغا بزرك الطهراني لتلميذه العلامة الطهراني)
بسم الله الرّحمن الرّحيم و به ثقتي
بعدَ الحمدِ لله والصلاةِ والسّلام على رسولِ الله وعلى آله المعصومين آلِ الله ؛ لا يخفى أنّ السّيّد السَّنَدَ الثّقة المعتمد، الوَرعَ التَّقَي الحَسِيبَ النَّسِيبَ، العلامة الفهامة: حضرة السّيّد محمد حسين نجل العلّامة السيّد محمّد صادق بن آية الله السيّد إبراهيم رَحِمَهُما الله الحسيني الطهراني ، بلَّغه الله غايةَ الأَمالِ والأماني، قد جاور النجف الأشرفَ سِنينَ مُتواليةً بعد ما فرغ من العلوم الآلية، ونال بشهادات أساتيذه في المدارس العالية الإيرانية فحضر في النجف معاهد العلم ومدارسها، وأكبّ على مجالس العلماء لأعلام ودروسهم في الفقه والأصول خارجاً، مُجدّاً في العمل غايته، كاتباً ما اسْتَفادَه مِن تقريراتِهِم بِفَهمه النَّقَادِ، وذهنِهِ الوَقادِ، حتّى حصلت له ملكة الاستنباط للأحكام الإلهيّة مِـن الكتاب والسنة النبوية و صار من المجتهدين؛ فاضطر إلى العود إلى وطنه لبعض الضرورات، وقَدِ اسْتَجازَ مني في الروايةِ قبلَ سِنينَ فَأَجَزْتُه أَن يَروى عنِّى جَميعَ ما أرويهِ عَن مَشايخي، و قد كتب تفاصيلهم بقلمه، فأرجو من مكارمه أن لا ينساني مِن بَرَكَاتِ دُعائه.
حَرَّرْتُه بِيَدِيَ الْمُرتَعِشَةِ فى دارى فى النَّجف الأشرف ، يوم الاثنين الثامن عشر من ربيع الثاني سنة سبع وسبعين وثلثمائة و ألف.
الفاني آقا بزرك الطهراني عُفى عنه [الختم الشريف]
- الإجازة الروائية من آية الله العظمى السيّد محمد رضا الكلبايكاني للعلامة الطهراني
بسم الله الرّحمن الرحیم
الحمد للّه ربّ العالَمین
و الصّلاةُ و السّلام علی خیر خلقه و أشرف بَریَّته، أبیالقاسم محَمَّدٍ
و علی آله الطّیِّبین الطّاهرین و اللعنةُ علی أَعدائهم مِن الآن إلی یوم الدّین
و بعدُ، فإنّ شَرَف العلمِ لا یَخفَی و فضلُه لا یُحصَی، قد وَرِثَه أَهلُه مِن الأنبیاءِ، و فُضِّلَ مِدادهم علی دماء الشُّهداء، و نالوا بذلک نیابةَ خاتِمِ الأَوصیاء. وممّن سَلَک سبیلَ السّلَف الصّالح فی طلب العِلم و بَذَلَ جُهدَه فی تَحصیلِ الکمالات و کَسبِ المَلَکات الفاضِلَةِ و تَهذیبِ النَّفس، فضیلةُ العلّامة حجةُ الإسلام و المسلمین الحاج السّید محَمَّد حسین الحسینیّ الطّهرانیّ ـ دامت برکاته ـ فبلَغ بحمدِ الله و مَنِّه مرتَبةً سامِیةً من الفَضل و الکمالِ.
و قد استجازَنی فی الرِّوایة فأَجَزتُه أن یرویَ عنِّی جَمیعَ ما صَحَّت لی روایَتُه عن الکُتب الأَربعة الّتی علیها المَدارُ و هی الکافی و الفقیه و التّهذیب و الاستبصار، و المجامیعِ المتأخّرة: الوسائل و مستدرَکِه و الوافی و البحار و غیرِها من مصنَّفاتِ أَصحابنا ـ رِضوانُ الله تعالی علیهم ـ فی الأحادیث والأخبار، بأسانیدی المُنتهیةِ إلی أهلِ بیتِ الوَحی و العِصمة الأئمةِ الهُداة الأبرار، صلواتُ اللهِ و سلامُه علیهم أجمعین.
و أُوصِیهِ ـ أیّدَه اللهُ تعالی و سدَّدَ خُطاه ـ بملازمةِ التَّقوی و سلوکِ سبیلِ الاحتیاطِ، فإنَّه لیسَ بناکِبٍ عن الصّراطِ مَن سلک سبیلَ الإحتیاطِ؛ و أن لا ینسانِی من صالحِ الدَّعواتِ. و السَّلام علیه و علی سائر العلماء الأعلام و رحمةُ الله و برکاته.
٩ جمادی الأولی ١٤٠٠هجری قمری
محَمَّد رضا الموسویّ الگلپایگانی (مطلع أنوار، ج 6، ص 59)
وينقل نجل العلّامة الطهراني السيّد محمّد محسن قائلًا:
في يوم من الأيّام زرت المرحوم آية الله الحاجّ السيّد محمّد رضا الكلبايكاني - رحمة الله عليه - وذلك عندما كان قد ذهب إلى إحدى القرى خارج مدينة قم، وقمت بتقديم أحد كتب المرحوم الوالد الذي كان أرسل له، فقال سماحته:
إنّ والدك هو واحد من الشخصيّات قليلة النظير في عالم التشيّع، أوصل سلامنا إليه وقل له إنّ فلان يقول لك:
مگر صاحبدلی از روی رحمت *** کند در حقّ درویشان دعایی
[يقول: لعلّ رجلًا عارفاً يُشفق علينا من وحي الرحمة والعطف فيدعو لنا نحن الدراويش]
- ترجمة رسالة آية الله السيد علي السيستاني إلى العلامة الطهراني
في إحدى المراسلات التي جرت بيّن آية الله السيستاني والعلامة الطهراني يُشير مقامه العلمي السامي، حيث في الرسالة ما يلي:
المحضر المبارك لحضرة آية الله الحاجّ السيّد محمّد حسين الطهراني دامت بركاته
إلى سماحة الأنور العالي، بعد تقديم أصدق مراتب المحبّة والإخلاص، آمل أن تكونوا موفَّقين بتأييدات الغيب دائمًا، وأن تكونوا محفوظين في ظلّ العنايات الخاصّة لحضرة بقيّة الله روحي له الفداء، وأن يستفيض عموم المسلمين ولا سيّما الخواصّ منهم، من العلوم والمعارف الواسعة لسماحتكم.
لقد اطلعت على رسالتكم الكريمة واستفدت كثيراً من قراءة رسالتيكم الشريفتين اللتين تضمنتَا بحوثًا علميّةً عميقةً وآراء ساميةً. وقد ذكرتُ سماحتكم مرّتين بالخير أمام سماحة الأستاذ الأعظم مدّ ظلّه العالي، وقد سألني جنابه المعظّم عن الرسالة الثانية التي قام بتأليفها، والتي وصلت إليّ، فقلت له: إنها إنّها جيّدةٌ، ولكنّها ليست مقنعةً، ولم تُغيّر رأي الحقير، وهو الرأي الذي يتفق مع الرأي المشهور.*
كنتُ قد ذكرتُ سماحتكم بالخير أمام الفضلاء الذين أرتبط بهم بعلاقة علمية، وكم أتأسّف أنّه لماذا لا يُصار إلى حلّ بحيث يتواصل الفضلاء والحوزات العمليّة مع جنابكم، كما ذكرت ذلك حضوريّاً.
في الختام أرجو أن لا تنسى هذا المهجور من الدعاء في أوقات التوجّه.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
27 شوّال المكرّم 1497 هـ
الأقل علي الحسيني السيستاني
*يُشير سماحته إلى المباحثة التي جرت بين العلامة الطهراني وأستاذه السيّد الخوئي قدّس سرّهما حول مسألة رؤية الهلال واتحاد الآفاق.
- الإجازة الروائيّة من آية الله السيد أحمد الخونساري
بسم الله الرّحمن الرحیم
الحمد للّه ربّ العالمین
والصّلاة والسّلام علی محَمَّد وآله الطّاهرین
وبعدُ، کان من دَیدَنِ السَّلَفِ الإجازةُ فی روایة المروّیة عن النّبی صلّی الله علیه و آله والأئمّة المعصومین صلوات الله علیهم اجمعین. واستجازَ المحقِّق النِّحریرُ، قدوةُ الأَعلامِ، السّید محَمَّد حسین الطّهرانیّ ـ دامت برکاته ـ فأجَزتُه أن یرویَ عنّی ما فی کُتب الأخبار. و قد أَجازنی شیخی العلّامة الفقیه أبوالمجدِ محَمَّد الرّضیّ النّجفیّ الأصبهانیّ، و هو یروی عن جماعة منهُم شیخُه العلّامة الحاج المیرزا حسین النّوریّ، و هو یروی عن جماعةٍ منهم شیخُه العلّامة الفقیه المیرزا محَمَّد هاشم
الأصبهانیّ الخوانساریّ، و هو یروی عن جماعةٍ منهم والدُه العلّامة الحاج المیرزا زینُالعابدین، و هو یروی عن جماعةٍ منهم والدُه العلّامة أبوالقاسم جعفر الخوانساریّ، و هو یروی عن والدِه العلّامه الحاج السّید حسین الخوانساریّ، و هو یروی عن جماعةٍ منهم والدُه العلّامة الحاج المیرزا أبوالقاسم، الرّاویّ بطُرُقِه المُتَّصِلة إلی أَصحاب الکتب الأربعة بالأسانید المتّصلة إلی المعصومینَ صلواتُ الله علیهم أجمعین.
أحمد الموسویّ الخوانساري (مطلع أنوار، ج 6، ص 63)
كذلك ينقل نجل العلامة الطهراني السيّد محمد محسن الطهراني رحمة الله عليهما عن السيّد الخوانساري ما يلي:
في يومٍ من الأيّام زرت المرحوم آية الله الحاجّ السيّد أحمد خوانساري - رحمة الله عليه - وناقشته حول رسالة رؤية الهلال التي ألّفها المرحوم الوالد - قدس سره - وبعد مرور بعض الوقت رفع رأسه وقال:
إنّ والدكم من مفاخر عالم التشيع!
- آية الله السيد محمد هادي الميلاني
ينقل نجل العلامة الطهراني السيّد محمّد محسن في كتابه أفق الوحي قائلًا:
كان لدى المرحوم آية الله السيّد محمّد هادي الميلاني - رحمة الله عليه - نظرةً خاصّة إلى مقالاته [أي: العلامة الطهراني] وكلماته ورسائله، وفي زمان الثورة الإسلامية الإيرانية، عندما تواصل جميع العلماء والشخصيات الكبيرة مع سماحته عن طريق الرسائل وغيرها بسبب دخوله في ميدان النضال السياسي، كان يقول:
من بين جميع الرسائل والكلمات التي أتلقاها من العظماء، أحتفظ دائمًا برسالة السيد محمد حسين في جيبي، وأقوم بقراءتها مرة يوميًا، وتبقى هذه الرسائل في جيبي لفترات طويلة.
- المرحوم العلامة محمّد تقي الجعفري
ينقل آية الله السيّد محمد محسن الطهراني قدّس سرّه عن أحد أصدقائه أنّ المرحوم العلامة محمّد تقي الجعفري والذي كان من أساتذة الفلسفة في الجامعة وكاتبٌ معروف ما يلي:
نحن لا نعرف السرّ الكامن في مؤلفات العلّامة الطهراني، إذ إنَّه عندما يقرأ الإنسان تلك الكتب يجد أنَّها تستقر في قلبه ونفسه، والحال أننا قرأنا تلك المواضيع من قبل وذكرناها في مؤلفاتنا؛ إلّا إنَّه ليس لها ذلك التأثير على القارئ.
- ترجمة تأبين آية الله السيد علي الخامنئي عند ارتحال العلامة الطهراني
الحضرات المحترمين حُجج الإسلام السادة، الحاجّ السيّد محمّد صادق الحسيني الطهراني وإخوته. (عنوان المنزل)
تلقيتُ نبأ رحيل العالم الرباني، والسالك المجاهد الروحاني، آية الله الحاجّ السيّد محمّد حسين حسيني الطهراني ببالغ الأسى والحزن، وتأسّفت أسفًا عميقًا بهذه المصيبة!
لقد كان رحمه الله من العلماء المعدودين الذين جمعوا بين مراتب علمية سامية ودرجات عالية من المعنويّة والسلوك توأمًا معًا، فإلى جانب فقاهته الفنيّة والاجتهاديّة، كان قد نال نصيبًا وافرًا من فقه الله الأكبر الذي يتأتّى من الشهود والتجربة الحسيّة والمجاهدة المعنويّة. وفقدان هذا العزيز هو خسارة فادحة وغمٌّ هائل على محبيه وأتباعه.
أتقدّم إليكم أيها الأبناء الأفاضل والوالدة الكريمة، وإلى سائر الأبناء والأخوة والأقارب والأصدقاء ومحبي الفقيد، بأحر التعازي بقلبٍ حزينٍ وملولٌ، سائلاً المولى عز وجل أن يرفع درجاته في عليّين وأن يحشره مع الأنبياء والصديقين والشهداء والصالحين.
هنیئًا له ما اعدّه الله لأولیاء الله و عباده الصالحین
والسلام علیکم و رحمة الله
سیّد علی خامنه ای
18 / 4 / 1374 [شمسي]
العرفان والسير والسلوك إلى الله
أساتذة العلامة الطهراني في السير و السلوك
تتلمذ العلامة الطهراني قدّس سرّه في السير و السلوك على يد ثلاثة من أعظم العرفاء الشيعة في الزمن المعاصر و هم:
- سماحة العلّامة آية الله الحاجّ السيد محمد حسين الطباطبائي رضوان الله عليه
- سماحة آية الله الحاجّ الشيخ محمّد جواد الأنصاري الهمداني رضوان الله عليه
- سماحة الحاجّ السيد هاشم الحدّاد رضوان الله عليه ، و قد كان العلامة الطهراني يعتبر أن السيّد هاشم الحداد هو أعظم أساتذته، و كان يقول: "أنا صفرٌ أمام الحداد" ، و يقول: "الحداد و ما أدراك ما الحدّاد".
استفادته العرفانيّة من أعاظم النجف
كان العلامة الطهراني قدّس سرّه قد بدأ مسيره العرفاني على يد أستاذه العلّامة الطباطبائي قدّس سرّه منذ أن تعرّف عليه في مدينة قمّ المقدّسة، وكانت حصيلة هذه الدروس واللقاءات كتاب رسالة لبّ اللباب في سير وسلوك أولي الألباب.
ثمّ بعد ذلك انتقل العلامة الطهراني إلى النجف الأشرف كما أشرنا سابقًا، ولم يتوقف العلّامة الطهراني هناك عن متابعة سيره وسلوكه رغم الضغوطات التي واجهها من البعض هناك، فاستمرّ يأخذ الدستورات السلوكيّة من أستاذه العلامة الطباطبائي في النجف وفي نفس الوقت كان يستفيد من كلمات ومجالس الفقهاء الصالحين من تلامذة السيّد علي القاضي رضوان الله عليه طبقًا لتوصيات أستاذه العلامة الطباطبائي، فكان يتواصل آنذاك مع كلٍّ من:
- آية الله السيّد جمال الدين الموسوي الكلبايكاني
- آية الله الشيخ عبّاس هاتف القوجاني (صيّ السيّد القاضي الظاهري)
- آية الله السيّد عبد الهادي الشيرازي
وفي هذه السنوات فُتح باب التواصل والارتباط مع العارف الواصل ومربّي النفوس آية الله الشيخ محمّد جواد الأنصاري الهمداني قدّس سرّه، وبقي يكتسب من فيوضات محضره الشريف إلى أن توفي الشيخ الأنصاري الهمداني. (رسالة الدرّ النضيد في الاجتهاد والتقليد والمرجعيّة، ص 44)
(صورة سماحة آية الله السيّد جمال الدين الكلبايكاني قدّس سرّه)
(صورة وصيّ السيّد علي القاضي آية الله الشيخ عبّاس هاتف القوجاني قدّس سرّهما)
(صورة العارف آية الله الشيخ محمّد جواد الأنصاري الهمداني رضوان الله عليه)
تعرّفه على آية الحقّ السيّد هاشم الحدّاد
ثمّ إنّه في السنة الأخيرة من إقامته في النجف عثر على ضالّته، ووصل إلى مراده ومطلوبه الذي كان لسنوات طِوال ينتظر رؤيته وملازمته، وكان قد أوكل أمر ذلك إلى يد التقدير. فبعد مشاهدته للجمال عديم النظير للعارف الكامل سماحة الحاج السيّد هاشم الحدّاد رضوان الله عليه، الذي كان من تلاميذ سماحة سيّد الفقهاء والصدِّيقين وسند الأولياء الكاملين؛ المرحوم آية الله العظمى الحاج السيّد علي القاضي رضوان الله عليه في السلوك والعرفان، نعم بعد مشاهدة جماله؛ لم يبقَ في قلبه وفكره وضميره موضعٌ لسواه، فأوكل قلبه ودينه كاملًا لهذا الوليّ الربّانيّ، فوصل إلى أوج المقصود وذروة المطلوب.
(صورة العلّامة الطهراني مع أستاذه في العرفان والسلوك آية الحقّ السيّد هاشم الحداد رضوان الله عليهما)
كان المرحوم العلّامة الطهراني يقول مرارًا:
«عندما وصلت إلى الحدّاد وصلت إلى كلّ شيء، لقد كان رجلًا مختلفًا عن سواه بالنسبة لي».
إنّ التتلمذ على يد أستاذٍ كهذا لمدّة ثمانية وعشرين عامًا، والوصول إلى مراتب الشهود والفناء في الله والرجوع إلى عوالم البقاء، قد جعل منه عارفًا وفقيهًا وحكيمًا عديم النظير، بحيث أضحى «سيّد الطائفتين» على حدّ تعبير أستاذه السيّد هاشم الحداد. (رسالة الدرّ النضيد في الاجتهاد والتقليد والمرجعيّة، ص 44)
عودة العلامة الطهراني إلى إيران
تبليغ الدين وتربية النفوس المستعدة
وبعد أن انتهى العلامة الطهراني من دراسته في النجف وأصبح مجتهدًا مشارًا إليه بالبنان، عادة من النجف إلى طهران، وهناك كرّس همّه للوعظ والإرشاد وتربية النفوس المستعدّة، والأخذ بأيدي المتحيّرين في سيرهم وسلوكهم إلى الله، وذلك طيلة اثنتين وعشرين سنة في مدينة طهران. (رسالة الدرّ النضيد في الاجتهاد والتقليد والمرجعيّة، ص 45)
انتقاله إلى مدينة مشهد وتأليف الكتب
بعد انتصار الثورة الإسلاميّة في إيران التجأ سماحته إلى العتبة المقدّسة لثامن الحجج عليه السلام، فقضى ما تبقّى من عمره في التأليف والتصنيف لـ «دورة العلوم والمعارف الإسلاميّة» ضمن 90 مجلّدًا. وفي هذه الكتب والمقالات، أوضح سماحته مباني مدرسة التشيّع وأصولها وبيّنها، وحقّاً يمكن أن نقول مذعنين بأنّ ثقافة الشيعة لم تشهد حتّى الآن مؤلّفاتٍ جذّابةً وغنيّةً ورفيعةَ المضامين كهذه. (رسالة الدرّ النضيد في الاجتهاد والتقليد والمرجعيّة، ص 45)
ملاحظة: يُمكن في آخر هذه المقالة الاطلاع على هذه الكتب مع رابط إلى نسخته الالكترونيّة.
لقد قال العلامة الطهراني مرارًا:
«كلّ من يقرأ هذه التأليفات بعنايةٍ وتأمّل، ويعمل بمضامينها فسوف يُفتح له الباب للسير نحو عوالم القدس قطعًا». (مقالة سناء الأبدية)
ارتحال العلامة الطهراني
ينقل نجل العلامة الطهراني آية الله السيّد محمد محسن أنّه في أواخر حياة العلامة حينما كان في المستشفى أوصاه بعدّة وصايا منها ما يلي:
- أن يُدفن جسدي في المقام الأول بجوار عليّ بن موسى الرضا عليهما السلام. في البداية في القسم السفلي من رجله، وإذا لم يكن ذلك مُتيسّرًا، ففي الجزء الخلفي من الرأس؛ ولا أرضى أن تدفنوني فوق الرأس أو قُدّام الإمام.۱
- لا حاجة أن تُخبر الأصدقاء والأقارب والمعارف في البلدان البعيدة، وأن تُوقعهم في المشقّة والتعب، يكفي أن تأخذوا الجنازة مع هؤلاء العدّة من الأشخاص الموجودين هنا، وشيّعوها بالفرح والسرور والابتسامة والطرب، وخلاصة الأمر شيعوها وأنتم ترقصون، شيّعونا إلى منزل الآخرة! ولا يحزنّن أحدكم أو يبكي! فأنتم لا تعرفون إلى أيّ منزلٍ ومكان سأذهب! (السعادة الأبديّة، ص 112)
وبعد سبعين سنة من عمره، المليء بالبركة، جرّاء بعض الأمراض القلبيّة، خلعَ لباسَ البدن البالي، وتلبّس بخلعة التجرّد والغفران في التاسع من صفر سنة ۱٤۱٦ هجري قمري، وبناء على وصيّته فقد دُفن في الصحن المبارك للإمام عليّ بن موسى الرضا عليهما السلام، عندَ مدخل الزوّار في الطرف الجنوبي الغربي من جهة قَدمَي الإمام، فرحمةُ الله عليه رحمةً واسعة.
(صورة صلاة الجنازة على الجسد الشريف للعلّامة الطهراني قدّس سرّه من قبل المؤمنين، ويُؤمّهم آية الله الشيخ محمّد تقي بهجت قدّس سرّه في صحن حرم الإمام الرضا عليه السلام)
ميزة العلامة الطهراني بين الأعلام والأعاظم
يقول آية الله السيد محمد محسن الطهراني قدّس سره (نجل العلامة الطهراني) في هذا الصدد:
إنّ تميّز العلامة الطهراني ليس من جهة اطّلاعه وتسلّطه على العلوم والفنون الظاهريّة المتعارفة من قبيل الفقه والأصول والفلسفة والعرفان النظري وغيرها؛ فإنّ مثل هذه العلوم كانت حاصلةً عند العديد من الأفراد، بل خاصيّته التي تُميّزه هي إشرافه واطّلاعه على الأمور والحقائق التي لا يُمكن أن يحصّلها الإنسان من خلال هذه العلوم والدراسات الرسميّة، بل تحتاج إلى المراقبة السلوكيّة والسير والسلوك إلى الله. (المصدر: سناء الأبدية - المباني العرفانية و الاجتماعية للعلامة الطهراني).
نماذج من المباني البارزة لدى العلّامة الطهراني رضوان الله عليه
ضرورة الأستاذ:
إنّ كمال الإنسان وغاية خلقته هي معرفة الله، وهذه الطريقة منحصرةٌ في التربية والتزكية السلوكيّة تحت إشراف الأستاذ الكامل.
السياسة والحكومة:
في مدرسة التشيّع، تتبلور السياسة والحكم في ظلّ الإشراف على حقائق الأحداث والوقائع العالميّة من مقام الشهود المتولّد والناتج عن الاتّصال بالصقع الربوبي وذات الحقّ تعالى، والاطّلاع على عالم الغيب؛ ففي هذه الحالة فقط يُمكن الوقوف في وجه السياسات الاستعماريّة المعقّدة، فلا يتأتّى لها أبدًا إيجاد أيّة ثغرةٍ في قرارات المتصدّي للزعامة والحكم وإرادته وعزمه المنبثقين من الشهود.
المرجعيّة والإفتاء:
ينبغي على المتصدّي لمقام الإفتاء أن يكون واصلاً لهذه المرتبة من التوحيد والمعرفة الإلهيّة، حتّى يتسنّى له إصدار الحكم والفتوى في مجال أفعال المكلّفين والأحكام ذات الصلة بالمجتمع الإسلامي بإرادةٍ وعزمٍ منبثقين من مقام الشهود، والإشراف على الحقائق والقضايا الخارجيّة.
السلوك العقلاني:
إنّ الفهم والعقل والفطرة هي الأصل والأساس في المعرفة الإنسانيّة والتكامل الذي يحصل للناس، بل هي أساس نزول الأديان الإلهيّة والتزكية والتربية والسير والسلوك إلى الله، حتّى غدا السلوك من دون فهمٍ بمثابة دوران الحيوان حول محور واحدٍ لا يجعله يتغيّر أو يتبدّل، ولا تتدرّج نفسه في مدارج الكمال نحو عالم القدس.
الولاية هي حقيقة الدين
إنّ حقيقة الدين وأساس الشريعة يتمثّل في ولاية الأئمّة المعصومين عليهم السلام، والشريعة من دون الولاية عبارةٌ عن ثمرة لا لبّ فيها.
في منهج الشيعة يجب عدم استخدام العبارات والأوصاف الخاصّة بالمعصومين عليهم السلام في غيرهم، ولذا كان يرى أنّ إطلاق كلمة «الإمام» على غير المعصوم، أمرًا غير جائز.
مطالعة أعمال العلّامة الطهراني مقدّمةٌ لفتح الباب
لقد دوِّن سماحته المباحث الهامّة في الكلام والاعتقاد والاجتماع والسلوك بلغةٍ بسيطةٍ، يُمكن لعامّة الناس الاستفادة منها بسهولة، باسطًا مائدة الأنعام الإلهيّة للجميع، وقد قال مرارًا:
«كلّ من يقرأ هذه التأليفات بعنايةٍ وتأمّل، ويعمل بمضامينها فسوف يُفتح له الباب للسير نحو عوالم القدس قطعًا».
(صورة للعلّامة الطهراني رضوان الله عليه في أواخر عمره في منزله بين كتبه وتأليفاته)
مقالة سناء الأبدية
ولمزيد من الاطلاع على مباني العرفانية و الاجتماعية للعلامة الطهراني قدس سره ، ندعو القارئ الكريم لمطالعة مقالة سناء الأبدية - المباني العرفانية و الاجتماعية للعلامة الطهراني وهي مقالة مختصرة ألّفها نجله آية الله السيد محمد محسن الطهراني قدس سره مبينا فيها مباني والده.
كتاب الشمس المنيرة
كما ندعو القارئ الكريم إلى مطالعة كتاب الشمس المنيرة، وهو عبارة عن رسالة مختصرة كتبها آية الله السيد محمد محسن الطهراني للتعريف بالشخصيّة العلميّة والأخلاقيّة للوالده العلامة الطهراني رضوان الله عليهما. وهي مكونة من فصول ثمانية تعرض فيها لبيان نسب العلامة الطهراني و تحصيله العلوم الدينية في مدينتي قم و النجف الأشرف، كما بين علاقته بأستاذه في العرفان السيد هاشم الحداد قدس سره، كما أشار في فصل خاص إلى مبانيه التربوية و السلوكية، وبين في فصل آخر شخصيته السياسية ودوره في تشكيل الحكومة الإسلامية.
مجموعة كتب ومؤلّفات العلامة الطهراني
1- مجموعة كتب معرفة الله 3 أجزاء
2- مجموعة كتب معرفة الإمام 18 جزء
3- مجموعة كتب معرفة المعاد 10 أجزاء
4- مجموعة كتب نور ملكوت القرآن 4 أجزاء
5- مجموعة كتب ولاية الفقيه في حكومة الإسلام 4 أجزاء
5- مجموعه کتاب انوار ملکوت (نور ملکوت روزه، نماز، مسجد، قرآن و دعا) 2 جلد (فارسي)
6- مجموعه کتاب شرح فقراتی از دعای أبو حمزه ثمالی 2 جلد (فارسي)
7- مجموعه کتاب مطلع انوار 14 جلد (فارسي)
8- مجموعه کتاب مبانی اخلاق در آیات و روایات 2 جلد (فارسي)
9- كتاب الروح المجرّد - في ذكرى الموحد العظيم والعارف الكبير الحاج السيد هاشم الموسوي الحداد آفاض الله علينا من بركات تربته
12- کتاب تفسیر آیه نور (اللَه نور السموت و الارض) (فارسي)
13- کتاب شرح فقراتی از دعای افتتاح
14- كتاب رسالة السير والسلوك المنسوبة إلى بحر العلوم
15- كتاب رسالة لب اللباب في سير وسلوك أولي الألباب
16- كتاب سبيل الفلاح
17- کتاب سالک آگاه
18- کتاب توحید علمی و عینی (فارسي)
19- كتاب الشمس الساطعة - رسالة في ذكرى العالم الرباني العلامة السيد محمد حسين الطباطبائي التبريزي
20- کتاب مهر تابناک يادنامه عارف کامل حضرت آیت اللَه العظمی حاج سیّد علی قاضی رضوان اللَه علیه (فارسي)
21- كتاب وظيفة الفرد المسلم في إحياء حكومة الإسلام
22- كتاب الرسالة النكاحيّة - تحديد النسل ضربة قاصمة لكيان المسلمين
24- كتاب رسالةٌ بَديعةٌ - في تفسير آية الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَي النِّسَاء
25- كتاب نظرة على مقالة (قبض و بسط نظرية الشريعة) للدكتور سروش
26- کتاب سر الفتوح ناظر بر پرواز روح (فارسي)
27- کتاب هدیه غدیریه (فارسي)
28- كتاب الدر النضيد - في الإجتهاد و التقليد و المرجعية
29- کتاب مبانی تشیّع (فارسي)
30- کتاب مناقب اهل بیت علیهم السّلام (فارسي)
31- كتاب رسالة جديدة في بناء الإسلام علي الشهور القمرية
32- كتاب صلاة الجمعة - رسالة فقهية في وجوب صلاة الجمعة عيناً و تعييناً
33- کتاب ترجمۀ صلاة الجمعة (فارسي)
34- کتاب مباحث فقهی (فارسي)
35- مجموعة كتب ولاية الفقيه في حكومة الإسلام