8

الحلم الإلهيّ ومعنى العقل الحقيقيّ

ابن سينا أم السيّد الحدّاد، من كان الأعقل حقًا؟

1
مشاهدة المتن

المؤلّفآية الله السيد محمد محسن الحسيني الطهراني

القسمدعاء أبي حمزة الثمالي

المجموعةسنه 1421

التاريخ 1421/09/12


التوضيح

ما هي أقسام الحلم الإلهيّ؟ ولماذا يُعتبر العارف السيّد الحدّاد أعقل من العبقريّ ابن سينا رغم قلّة علمه الظاهريّ؟ وكيف تكون التربية الإلهيّة للعبد؟ تجيب هذه المحاضرة لآية الله السيّد محمد محسن الطهرانيّ عن هذه الأسئلة، وتكشف عن حقيقة العقل وأهمّيّة إصلاح النفس على حساب السعي وراء الدنيا ومظاهرها.

/۱۵
بي دي اف بي دي اف الجوال الوورد

الحلم الإلهيّ ومعنى العقل الحقيقيّ - ابن سينا أم السيّد الحدّاد، من كان الأعقل حقًا؟

1
  •  

  • هوالعلیم

  •  

  • الحلم الإلهيّ ومعنى العقل الحقيقيّ

  • ابن سينا أم السيّد الحداد، من كان الأعقل حقًا؟

  •  

  • شرح دعاء أبي حمزة الثمالي - سنة ۱٤٢۱ هـ - الجلسة الثامنة

  •  

  • محاضرة القاها

  • آية الله الحاج السيّد محمّد محسن الحسينيّ الطهرانيّ

  • قدّس الله سره

  •  

  •  

الحلم الإلهيّ ومعنى العقل الحقيقيّ - ابن سينا أم السيّد الحدّاد، من كان الأعقل حقًا؟

2
  •  

  •  

  • بِسمِ اللهِ الرَّحمَنِ الرَّحیم‌

  • أعوذُ بِاللَهِ مِنَ الشَّیطانِ الرَّجیم‌

  • بِسمِ اللهِ الرَّحمَنِ الرَّحیم‌

  • وصلَّى اللهُ عَلَى سیدنا ونبینا أبي‌القاسم محمدٍ

  • وعلى آلهِ الطَّیبینَ الطّاهرينَ واللعنةُ الدائمةُ عَلَى أعدائِهم أجمَعینَ

  •  

  •  

  • «والحَمدُ للّهِ الَّذي یَحلُمُ عنّي حَتّى کأنّي لا ذَنبَ لي، فَرَبّي أحمدُ شَی‌ءٍ عِندي وأحقُّ بَحمدي».

  • الحلم، منشأ ستّاريّة الله

  • الحمدُ مختصٌّ بربٍّ حليمٍ صبور، يُداري الإنسان ويرافقه ويصاحبه. فإذا ارتكب الإنسان ذنبًا، فإنّه لا يكشفه على الفور، ولا يؤاخذه عليه سريعًا. فلو كان على جبهة الإنسان عدّادٌ مثل عدّاد الماء والكهرباء، يسجّل رقمًا مع كلّ ذنبٍ يرتكبه، لَفُضِحَ الجميع! وحينها، كلّما عاد الإنسان ليلاً، لكان أوّل ما يفعله بعد قوله «السلام عليكم» هو إلقاء نظرة على العدّاد ليرى كم استهلك! ولكنّ الأمر ليس كذلك، فالله لطيفٌ جدًّا ولم يضع لنا عدّادًا!

  • بل إنّه يقول في الحديث القدسيّ: «إنّي لأُخفي ذنوب عبادي حتّى عن أعزّ خلائقي عندي»!۱ وهذا أمرٌ عجيبٌ جدًّا، كيف يستر الله ذنوب عباده لتبقى مخفيّةً عن الجميع. بالطبع، لهذا الموضوع بحثٌ مفصّلٌ جدًّا، فالذنب له مراتب مختلفة: مرتبة عالم البرزخ والمرتبة الأعلى.

  • الحلم المختوم بالخير هو الذي يستوجب الحمد

  • أيُّ ذنبٍ هذا الذي يحلمُ اللهُ تجاهه ويكون صبورًا أمامه، ويكون حِلمُ ربّ العالمين هذا مستوجبًا للحمد؟ ذلك أنّ بعض أنواع الحِلم خطيرة، ولا يُعلم كيف ستكون عاقبتها، لذا فهي لا تستوجب الحمد. فالحِلم الذي يستوجب الحمد هو ذلك الذي يُختم بالخير وتكون عاقبته حسنة، وهذا الحِلم قسمان.

  • وقد بيّنا سابقًا قسمًا واحدًا من الحِلم، وهو الحِلم والصبر الذي يصبر به الله تعالى على ذنب الإنسان، فيصبر ويصبر، بينما الإنسان يغوص باستمرار في مستنقع الكثرات والنفس، وشيئًا فشيئًا وببطءٍ تتغلّب عليه حالة الغفلة، بحيث تُسلب منه بعد مدّةٍ أهمّیّة القضيّة والطريق، وتصبح نظرته إلى الأمور سطحيّة وبدائيّة، وتصير نظرته تجاه القضايا نظرةً غير جديرةٍ بالاهتمام، وقد ذكرنا أمثلةً لذلك أيضًا. وفجأةً، يشمله لطف الله، ولكنّه لطفٌ لم يعد يجبر ما فات، بل يمنع الضرر من الآتي، أمّا العمر الذي ضاع، فقد ذهب سُدىً، ولم يعد بالإمكان فعل شيء.

    1. نهج الفصاحة، ص ٥۱۷ : «سألتُ اللّٰه أن یَجعَل حِسابَ أمَّتي إليّ لِئلّا تَفتَضحُ عند الأمَم، فأوحی اللّٰه عزّوجلّ إليّ: یا محمّد بل أنا أُحاسِبُهم فإن کان منهم زِلَّة سَتَرتها عَنک لِئلّا تَفتَضح عِندَك.»

الحلم الإلهيّ ومعنى العقل الحقيقيّ - ابن سينا أم السيّد الحدّاد، من كان الأعقل حقًا؟

3
  • الذنوب مختلفة، وهناك قسمٌ من الذنوب يكون على هذا النحو، حيث يقول النبيّ الأكرم صلّى الله عليه وآله: «مَن قارَفَ ذَنبًا فارَقَهُ عَقلٌ لا یَرجعُ إلیهِ أبَدًا»۱. فعندما يرتكب أحدٌ ذنبًا، يُطرَد من وجوده رأسُ مال، وينفصل عنه مقدارٌ من عقله ـ وهو القوّة المميّزة بين الحقّ والباطل، التي تميّز الطريق الصحيح من الباطل، وتُشخّص المنعطفات الحاسمة، وتحدّد المسار عند تلك المنعطفات، فيسلك هذا الطريق لا ذاك، وهذا ما يُطلق عليه العقل.

  • العقل العمليّ، القوّة المميّزة بين الحقّ والباطل

  • كم من العلماء لدينا علمهم غزيرٌ ولكنّ عقلهم ليس كذلك، أي ليس لديهم قوّة التمييز. لقد درسوا كثيرًا وكتبوا الكتب، ولديهم فهمٌ دقيقٌ جدًّا في المسائل، ولكنّنا نراهم في مجال العقل العمليّ، وحينما يجدون أنفسهم على مفترق طرقٍ ويجب عليهم الاختيار، يتوقّفون ويسيرون في المسار الخاطئ! لأنّ تلك المسألة هي عبارة عن حدّة وبصيرة وفطنة خاصّة، تلك الفطنة التي يُعبّر عنها في لسان الشرع بالعقل، وهي المائز بين الحقّ والباطل.

  • الحَدْس القويّ يتجاوز سلسلة العلّيّة

  • كان ابن سينا الأوّل في العالم من حيث الذاكرة. الكتاب الذي ألّفه، وهو كتاب القانون، كان في مجال الطبّ. وعندما ذهب إلى بلدٍ آخر، طُلب منه أن يدرّس القانون. فبدأ بتدريس كتاب القانون من أوّله، وعندما وصل إلى منتصف الكتاب، وصل إليه للتوّ كتاب القانون الذي كان قد ألّفه، ولاحظوا أنّه لم ينقص «واوًا» ولم يزدها. هل تدركون أيّ ذاكرة كان يمتلك!

  • حقًا، لقد كان من حيث النبوغ الفكريّ والفهم فائقًا عن المعتاد، وكانت دقّته وحدّته في المواضيع والمسائل غير عاديّة، وعندما كان ينظر إلى وجه أحدٍ، كان يشخّص مرضه، وكأنّه كان يعتمد على حَدْسٍ قويٍّ جدًّا. الحَدْس هو عبارة عن قوّة وصفة توجد في الإنسان، يصل من خلالها إلى المسائل بطريقٍ غير عاديّ وعن غير طريق قاعدة العلّيّة؛ لأنّه لو كان عن طريق العلّيّة، لوجب على الجميع أن يصلوا؛ إذ كلّ علّةٍ توجب معلولًا، وذلك المعلول هو علّة لمعلولٍ آخر، وإن طال الزمن. ولكنّ الحَدْس قفزة. فعلى سبيل المثال، بدلًا من أن يمرّ الإنسان بمقدّمات ويكتشف ظاهرة من ظاهرة أخرى، يقفز فجأةً من المعلول ويصل إلى العلّة الأولى، أي أنّه يحذف سلسلة العلّيّة.

    1. المحجة البیضاء، ج ۸، ص ۱٦۰.

الحلم الإلهيّ ومعنى العقل الحقيقيّ - ابن سينا أم السيّد الحدّاد، من كان الأعقل حقًا؟

4
  • والأفراد يتفاوتون في الحَدْس؛ فحدس بعضهم ضعيف، وبعضهم قويّ، وبعضهم عالٍ جدًّا. في أحد الأيّام، عندما كان المرحوم العلامة يريد الهجرة إلى مشهد، ذهبتُ أنا وأحد الرفقاء لتوديعه في المطار. هبطت طائرة على الأرض، ثم قال أحد الرفقاء والأصدقاء: «هذه طائرة البلد الفلانيّ، وهي تجلب أسلحةً لإيران». تعجّبتُ كثيرًا، لأنّ الطائرة كانت تحمل علامةً سويسريّة. كيف يمكن أن تكون هذه طائرة البلد الفلانيّ وتجلب أسلحة لإيران؟! قال: «لديّ دليل، كلّ يوم في هذا الوقت تمرّ طائرة فوق منزلنا، ولون تلك الطائرة هو نفسه لون هذه الطائرة، ويقولون إنّ إيران تجلب أسلحةً من هناك كلّ يوم، إذن هذه الطائرة هي نفسها التي تمرّ فوق منزلنا!»

  • وحدسُ بعض الناس هكذا أيضًا! هذه ليست مزحة، بل حقيقة. رحم الله السبزواريّ! كان من الأصدقاء القدامى ومن أهل همدان، وكان له صديقٌ سيّد جليل القدر، لا أدري إن كان الآن في قم أم في مشهد، حفظ الله هذا السيّد، كان سيّدًا بسيطًا جدًّا، طيّب النفس، وصاحب صفاء وتديّن. كان السبزواريّ رحمه الله يقول: «ذهبنا في يوم جمعة في همدان مع هذا السيّد إلى وادي مراد بيك. وفي الأسبوع التالي عندما ذهبنا إلى هناك مرّة أخرى، وصلنا في الطريق إلى مفترق طرق، فقال: "يجب أن نذهب من هذا الطريق". 

  • قلتُ: لا يجب أن نذهب من هذا الطريق؟! فنحن أهل همدان، ثم تأتي أنت لتقول لنا إنّه يجب أن نذهب من هذا الطريق؟! 

  • فقال ذلك السيّد: "في الأسبوع الماضي عندما كنّا ذاهبين باتّجاه البستان، رافقتنا حمامتان من فوق رؤوسنا، والآن رأيتُ أيضًا أنّ تينك الحمامتين تذهبان من هذا الطريق!"» انظروا كم يجب أن يكون الإنسان بسيطًا ليقول مثل هذا الكلام! والآن، لو وقعت هذه البساطة في خضمّ العمل والمسائل الاجتماعيّة، فماذا سينتج عنها يا ترى؟! بعض الناس هكذا أيضًا، حدسهم من هذا الجانب عالٍ جدًّا ويتجاوز الحدّ الواقعيّ!

  • أمّا ابن سينا فكان عجيبًا جدًّا، ومن ناحية الحَدْس لم يكن من هذا القسم. كان قويًّا لدرجة أنّهم يقولون: كان جالسًا في أحد الأيّام، فسمع صوت حركةٍ يأتي من فوق السطح، والجميع أحسّوا بصوت تلك الحركة. بعد فترة، وبينما كان يتحدّث، جاء صوت الحركة مرّة أخرى. فالتفت إلى الحاضرين وقال: «الصوت الأوّل كان صوت فتاة ذهبت، والصوت الثاني كان صوت تلك الفتاة وقد عادت بعد أن أصبحت امرأة!» بقي الجميع في حيرة! ثم تبيّن أنّه كان هناك مجلس عرسٍ على ذلك السطح، وبعد فترة انتهى ذلك المجلس وعادت. هذا الأمر حقيقيّ، أي أنّ مسألة الحَدْس دقيقة وعجيبة إلى هذا الحدّ، حيث يميّز من كيفيّة الحركة والصوت، وهذا يختصّ بأفرادٍ معيّنين.

الحلم الإلهيّ ومعنى العقل الحقيقيّ - ابن سينا أم السيّد الحدّاد، من كان الأعقل حقًا؟

5
  • والآن انظروا أنتم في أيّ مسائل قضى ابن سينا عمره! لقد كان رجلًا عظيمًا، ولكنّه كان إمّا في بلاط هذا الملك أو في بلاط ملكٍ آخر، كان وزيرًا، وكان يصلح الأمور أيضًا، ولكن يا هذا المسكين كان عليه أن يبدأ بإصلاح نفسه أوّلًا! لقد أدرك الأمر عندما كان عمره قد انقضى، وحينها كان يلطم على رأسه! يقولون إنّه كان يبكي في اليوم والليلة اثنتي عشرة ساعة ويقول: «يا إلهي، لقد ضاع عمري سُدى ويداي فارغتان!» إذن، ماذا كان يفعل جنابكم طوال هذه المدّة؟!

  • المرحوم السيّد الحداد، أعقل رجل في الدنيا

  • قارنوا بين المرحوم السيّد الحداد وابن سينا. لم يكن قد درس أكثر من كتاب السيوطيّ، ومن حيث الذكاء والموهبة لم يكن فائقًا أيضًا، بل كان عاديًا، ومن حيث الذاكرة، ربّما كان يقول أمرًا ثمّ ينساه بعد يومين. ولكن كان فيه أمرٌ جعل المرحوم العلامة يقول عنه: «لم أعرف رجلًا في الدنيا أعقل من هذا الرجل!»

  • يُطلق العاقل على من يختار أفضل شيءٍ في أفضل وقت. فأيُّ شيء في عالم الوجود أعزّ من نفس الإنسان؟! الإنسان يريد الدنيا لنفسه، ويريد أن يبقى في هذه الدنيا. فعلى سبيل المثال، لو قيل لكم إنّ جاركم قد أُعطي بستانًا بمساحة مائة هكتار في الشمال، فهل تفرحون؟! لا، بل تقولون: أُعطي له، وما علاقتي أنا بذلك؟! ولو قيل لكم: أُعطي فلانٌ في البلد الفلانيّ عشرة مليارات أو مائة مليار من المال، فإنّكم لا تفكّرون حتّى في خيالكم لمَ أُعطي هذا المال وكيف كانت القضيّة! ولكن لو قيل لكم: يريدون أن يعطوكم سيّارة، تقولون: متى؟! عجيب، هل تقولون هذا بجدّ؟! هل تقولون الصدق؟! ألستم تمزحون؟! تبدأون بطرح الأسئلة باستمرار؛ لأنّ هذه المسألة تتعلّق بكم.

  • لا تزيد قيمة السيارة عن ثلاثة أو أربعة أو خمسة ملايين، ولكن لأنّها تتعلّق بكم وتخصّكم، فإنّكم لا تنامون من الفرحة من الليل حتّى الصباح! ولكن لأنّ إعطاء عشرة مليارات لإنسانٍ آخر لا علاقة له بكم، فإنّكم لا تبدون أيّ ردّ فعل. إذن، نحن نريد الدنيا لأنّها تتعلّق بنا، ولو لم تتعلّق بنا، لما أردناها أصلًا!

الحلم الإلهيّ ومعنى العقل الحقيقيّ - ابن سينا أم السيّد الحدّاد، من كان الأعقل حقًا؟

6
  • يقولون: كانت نملة تتحرّك على ورقة شجر، فجاء ماء الجدول وبدأ يحرّك تلك الورقة ويهزّها. فقالت النملة: يا ويلاه، لقد خربت الدنيا! قيل لها: لم تخرب الدنيا، بل مجرّد قليل من ماء الجدول جرى وحرّككِ. قالت: إن لم أكن أنا، فكأنّ الدنيا ليست موجودة! إذن، الإنسان يريد الدنيا لنفسه.

  • والآن، بما أنّك تعتزّ بوجودك إلى هذا الحدّ، حيث تريد الدنيا لنفسك، وتعتبر نفسك أسمى من الدنيا، وتريد أن تركب الدنيا لتتمكّن من الاستفادة منها، ألا يحكم عقلك وفهمك هذا بأن تأخذ هذا الوجود العزيز، ورأس مال الحياة هذا، وهذا الشيء الذي تريد كلّ الدنيا من أجله، إلى تلك النقطة التي يجب الذهاب إليها والتي تليق بك، وإلى ذلك المنزل والمقصد الذي يستحقّ؟! إن لم يكن الأمر كذلك، فأنت جاهلٌ جدًّا!

  • كان المرحوم السيّد الحداد عاقلًا لأنّه سوّى حسابه مع نفسه من البداية، ولكنّ الآخرين نسوا هذه المسألة! الآخرون هم نحن. لا فرق، فالمجلس مجلسنا ولا مجاملة بيننا، كلّنا مثل بعضنا. نحن ننسى تلك المسألة الأصليّة، وإلّا لو أردنا أن نهتمّ بهذه المسألة، فإنّي لأظنّ حقًا أنّنا لن نقضي عشر دقائق من وقتنا في البطالة! لأنّ تلك الدقائق العشر هي خسارة؛ لقد ذهبت عشر دقائق، وكان من الممكن أن تكون تلك الدقائق العشر نفسها مؤثّرة ومجدية. ولكنّه هو، قبّل ذلك ووضعه جانبًا منذ البداية.

  • كلام المرحوم العلامة الطهراني في الالتفات إلى الذات وعدم الانشغال بالدنيا

  • كان المرحوم العلامة يقول: اتركوا الدنيا لأهل الدنيا.

  • دنیا همه هیچ و اهل دنیا همه هیچ***ای هیچ زبهر هیچ بر هیچ مپیچ
  • يقول: 

  • الدنيا كلّها لا شيء وأهل الدنيا كلّهم لا شيء *** فيا أيّها اللاشيء، لا تتعلّق بلاشيء من أجل لا شيء

  • كلّها لا شيء! كان المرحوم العلامة يذكّر أصدقاءه بهذا الأمر كثيرًا ويقول: «اتركوا الدنيا لأهل الدنيا». وبالطبع، قبله أيضًا قال أعاظم مثل الآخوند الملا حسين قلي الهمدانيّ رحمه الله والسيّد أحمد الكربلائيّ رحمه الله والحاج الميرزا جواد الملكيّ التبريزيّ رحمه الله هذه الأمور، وكانت هذه الكلمات في عباراتهم، أن اتركوا الدنيا لأهل الدنيا.

الحلم الإلهيّ ومعنى العقل الحقيقيّ - ابن سينا أم السيّد الحدّاد، من كان الأعقل حقًا؟

7
  • طبعًا، ليس المقصود بالدنيا المنزل والبناء، فهذه مراتب دنيا من الدنيا. يجب على الإنسان أن يفعل ما تقتضيه الضرورة. المقصود بالدنيا هو السعي وراء الرئاسات والكثرات، ومنازعة الناس، والأخذ والردّ، والتخطيط من الليل حتّى الصباح وأثناء الصلاة والنوم، وأنّي سأفعل كذا وكذا، وغدًا سأقوم بذلك العمل، وأذهب لأبرم هذه الصفقة بسرعة وأنتزعها من يده، وأتاجر على هذا النحو؛ كلّ هذه هي الدنيا.

  • أيّها المسكين، اترك الدنيا لأهلها! فلا تظنّ أنّك إذا تركت الدنيا ستخرب! لا، فلتطمئنّ، فإنّ الله قد خلق للدنيا جماعةً نشطين، في تمام الصحّة والعافية، ممتازين، مفعمين بالحيويّة والنشاط، وإن لم تنشغل أنت بالدنيا، فإنّهم سينشغلون هم بها. فلا تحمل همّ الدنيا! اذهب واحمل همّ نفسك! لا تحمل همّ الدنيا وهمّ هذا وذاك إلى هذا الحدّ!

  • يجب ترك الدنيا لأهلها! وإن كان هناك من لا يريد أن يأتي فاتركه! إن لم تتركه، فستتعطّل وستخسر كلّ شيء! لقد فهم المرحوم السيّد الحداد أنّ كلّ هذه الأمور لعبٌ، ولكن باسم الله! كلّها خداع، ولكنّهم وضعوا الله في المقدّمة! هذه حيلٌ ونحن لن ننخدع بهذه الحيل! لا تتعبوا أنفسكم عبثًا ولا تحاولوا أن تلتفّوا علينا! لقد تعلّمنا أشياء من والدنا، ولم نعد ننخدع بالحيل والمكر! فهل تلتفّون على المرء وتظنّون أنّنا لا نفهم، وأنّكم تتعاملون مع طفل؟! خلاصة القول، إنّه سوّى حسابه.

  • وإنّ صراخ والدنا وصياحه إلى هذا الحدّ، كان من أجل هذا، أن تعالوا واهتمّوا بأنفسكم أوّلًا، تعالوا وتفقّدوا وضعكم أوّلًا! كفاكم لعبًا مع الله! كفاكم مزاحًا مع الله! كفاكم سعيًا وراء هذا وذاك، ذهابًا وإيابًا، صعودًا ونزولاً! لا يمزح الإنسان مع الله! طريق الله لا يحتمل هذه الأقوال، لا يحتمل هذا التظاهر بالظلم، لا يحتمل هذه الخدع! طريق الله مستقيم وواضح؛ يقولون لك: «يا سيّدي، افعل هذا!» انتهى الأمر ومضى! وأنت تقول: «لا!» إذن، وداعًا! ونحن لا نصطدم بك أبدًا ولا نتعطّل.

  • تعلمون أنّي لا أدّعي الأستاذيّة ولا أدّعي الولاية! لقد قبّلنا كلّ هذه الأقاويل ووضعناها جانبًا، وتركناها كلّها لأهل الدنيا. نحن نعتبر هذه الأمور من الأسباب والآلات والوسائل. ولكنّ لي هذا القدر من الحقّ في أن أدافع عن مبانيّ؛ فمن وافق، فبسم الله، ومن لم يوافق، فوداعًا! هل سمعتم منّي حتّى الآن أنّي أقول: أنا أستاذ؟! كلّ من سمع ذلك، فبيني وبينه الله، وبينكم وبين الله، فليأتِ وليشهد وليقل! إن كنتُ قد قلتُها في خلوة أو في جلوة فليقل! هل قلتُ إنّي وصيّ؟! هل قلتُ إنّي وليّ؟! نحن نسعى وراء شيء تكون الولاية والوصاية والأستاذيّة أمامه تافهة! كلّ هذه الأمور لعبٌ ومن الاعتبارات، والله لا ينسجم مع هذه الأقاويل. الله ليس لديه لعبٌ ودكّان. ما هو الوليّ؟! ما هو سماحة السيّد؟! من هو الحاج؟! ما هذه الأقاويل؟! اتركوها لأهل الدنيا ولأولئك الذين يسعون وراءها! كفى هذا القدر من الحديث والمواضيع والنصائح! فلنرجع إلى أنفسنا قليلًا! لقد تقدّم بنا السنّ والعمر! وإن كان من المقرّر أن نبقى في هذه الأقاويل، فبماذا اختلفنا عن الآخرين؟! لو كنّا كذلك، لحللنا مسألتنا مع الجميع من البداية وانتهى الأمر، ولكانوا قد صبّوا لنا تمثالًا من ذهب. كنّا سنقول: أصلًا نحن نريد أن نتحايل ونحبّ أن نكون من أهل المكر، فما شأنكم أنتم؟! وكانوا سيقولون هم أيضًا: أهلًا وسهلًا ومرحبًا، تعالوا وكونوا مريدين، وحينها افعلوا ما يحلو لكم! ما أقوله لكم ليس مزاحًا! لديّ شواهد عينيّة على أنّ المسألة على هذا النحو.

الحلم الإلهيّ ومعنى العقل الحقيقيّ - ابن سينا أم السيّد الحدّاد، من كان الأعقل حقًا؟

8
  • في النهاية، كلّ هذه الأوضاع من أجل أن يكون لدينا مسألة وحساب وكتاب، ودواء لهذا المرض العضال الذي نعانيه. إن كان الأمر دكّانًا وجهازًا، ففي أمان الله! المرحوم السيّد الحداد سوّى حسابه؛ اثنان زائد اثنين تساوي أربعة، وقال إنّه لا يوجد وجودٌ أهمّ من وجودي أنا.

  • وبالطبع، يجب أن نطلب من الله أن يوفّقنا لإدراك الداء، ويوفّقنا لهذا الإحساس بأنّ أصل جميع الأعمال هو هو، وأنّ جميع المسائل ترجع إليه. عندما جاء قيس بن عاصم إلى النبيّ صلّى الله عليه وآله، نصحه النبيّ فيما يتعلّق بأعماله وأفعاله وأشغاله. فقال: «يا رسول الله، من الجيّد جدًا أن نكتب هذه النصائح التي تقدّمها». فقال: «أرسلوا في طلب حسّان الشاعر ليأتي». وقبل أن يأتي حسّان، كان قيس نفسه، الذي كان يمتلك ملكة الشعر، قد نظم النصائح في شعر:

  • تَخَيَّر خَليطًا مِن فِعالِكَ إِنَّما***قَرينُ الفَتى في القَبرِ ما كانَ يَفعَلُ۱
  • «اختر لنفسك صديقًا من أفعالك وأعمالك. ففي الحقيقة، إنّ أصدقاء الدنيا ليسوا قرناء الإنسان ومصاحبيه في القبر، بل قرينه ومصاحبه هو هذه الأفعال والأعمال التي يقوم بها في هذه الدنيا». فاختر لنفسك صديقًا من أعمالك وأفعالك، لا من أصدقاء الدنيا. أصدقاء الدنيا يحملون جنازتك فقط، ويشيّعونك حتّى حافّة القبر ويقولون: «وحّدوه! لا إله إلّا الله».

  • عجيب! كان المرحوم العلامة يقول: «لم يجرِ في طهران تشييع جنازة مثل تشييع جنازة والدنا!» كان والد المرحوم العلامة يعاني من مرض في القلب، وكان في الصيف أيضًا في أملاك أجدادنا في منطقة "أوين"، لأنّ نسبنا كلّه كان في "أوين" و"دركة"، وجدّي العاشر الإمام زاده٢ السيّد محمّد وليّ موجود الآن في "دركة". كان والدي يقول: «طوال تلك الفترة التي كان فيها في "أوين"، لم يأتِ لزيارته إنسانٌ واحد!» ثمّ ما إن فارق الدنيا، حتّى أخذ الناس يقولون في تشييع الجنازة:

  • رَفت زِ دارِ فَنا حُجَّةُ الإسلامِ ما***بِرَس به فَریادِ ما مَهدی صاحِب زَمان!
  • والمعنى: 

  • لقد رحل من دار الفناء حجّة إسلامنا *** أدركنا يا مهديّ يا صاحب الزمان!

  • يا سيّدي، اسمع منّي، هؤلاء الناس أنفسهم الذين يتودّدون إليك ويقولون " روحي فداك"، سيتركونني وإيّاك وحدنا غدًا؛ والآن، إن لم تسمع منّي، فإن شاء الله عندما نلتقي في ذلك العالم، ستقول: يا سيّد محسن، لقد كنتَ تقول الصدق! سأقولها أنا لك، وستقولها أنت لي، وسنقولها جميعًا لبعضنا البعض: لقد قلتم الصدق! هؤلاء أنفسهم يتركون الإنسان، وقد تركوه. والآن ما الذي يبقى مع الإنسان؟

    1.  معرفة المعاد، ج٣ ص ۱۷٤؛ بحارالأنوار، طبع بيروت، ج ۷٤، ص ۱۱۱، باب ٦؛ الأمالي (للصدوق)، ص ٣؛ الخصال، ج ۱، ص ۱۱٥. والبيت لقيس بن عاصم نظم به كلام النبيّ صلّى الله عليه وآله:يروي الصدوق في «الأمالي» بسنده المتّصل عن العلاء بن محمّد بن فضل، عن أبيه، عن جدّه قال: قال قيس بن عاصم: وفدتُ مع جماعة من بني تميم إلى النبيّ صلّى الله عليه وآله، فدخلتُ و عنده الصلصال ابن الدلهمس، فقلت: يا نبيّ الله عظنا موعظة ننتفع بها فإنّا قومٌ نعبر في البرية.فَقَالَ رَسُولُ اللهِ: «يَا قَيْسُ، إِ نَّ مَعَ الْعِزِّ ذُلًّا، وَإنَّ مَعَ الْحَيَاةِ مَوْتاً، وَإِنَّ مَعَ الدُّنْيَا آخِرَةً، وَإِنَّ لِكُلِّ شَيْ ءٍ حَسِيباً، وَ عَلَي كُلِّ شَيْ ءٍ رَقِيباً، وَإِنَّ لِكُلِّ حَسَنَةٍ ثَوَاباً، وَ لِكُلِّ سَيِّئَةٍ عِقَاباً، وَ لِكُلِّ أجَلِّ كِتَاباً، وَ إِنَّهُ لَابُدَّ لَكَ يَا قَيْسُ مِنْ قَرِينٍ يُدْفَنُ مَعَكَ وَ هُوَ حَيُّ، وَ تُدْفَنُ مَعَهُ وَأنْتَ مَيِّتٌ، فَإِنْ كَانَ كَرِيماً أكْرَمَكَ، وَإِنْ كَانَ لَئِماً أسْلَمَكَ؛ ثُمَّ لَا يُحْشَرُ إِلَّا مَعَكَ، وَلَا تُبْعَثُ إِلَّا مَعَهُ، وَلَا تُسْألُ إِلَّا عَنْهُ؛ فَلَا تَجْعَلْهُ إِلَّا صَالِحاً. فَإِنَّهُ إِنْ صَلُحَ أنَسْتَ بِهِ، وَإِنْ فَسَدَ لَا تَسْتَوْحِشُ إِلَا مِنْهُ، وَ هُوَ فِعْلُكَ.»فقال (قيس): يا نبيّ الله أحبّ أن يكون هذا الكلام في أبيات من الشعر نفخر به على من يلينا من العرب و ندّخره، فأمر النبيّ صلّى الله عليه و آله من يأتيه بِحسّان (بن ثابت)، قال (قيس): فَأقبلتُ أفكّر فيما أشبه هذه العظة من الشعر فاستتبّ لي القول قبل مجي ء حسّان، فقلتُ: يا رسول الله قد حضرتني أبيات توافق ما تريد، فقلتُ:
      تَخَيَّرْ خَلِيطاً مِنْ فعَالِكَ إِنَّمَا***قرِينُ الْفَتَي في الْقَبْرِ مَا كَانَ يَفْعَلُ
      وَ لَا بُدَّ بَعْدَ الْمَوْتِ مِنْ أنْ تُعِدَّةُ***لِيَوْمِ يُنَادَى الْمَرءُ فِيهِ فَيُقْبِلُ
      فَإِنْ كُنتَ مَشْغُولًا بِشي ءٍ فَلَا تَكُنْ***بِغَيْرِ الذي يَرْضَي بهِ اللهُ تُشْغَلُ
      فَلَنْ يَصْحَبَ الإنْسَانَ مِنْ بَعْد مَوْتِهِ***وَ مِنْ قَبلهِ إِلَّا الذي كَانَ يَعمَلُ
      ألَا إنَّمَا الإنْسَانُ ضَيفٌ لأهْلِهِ***يقيمُ قَلِيلًا فِيهم ثُمَّ يَرْحَلُ
    2. لقب إمام زاده يطلق بالفارسيّة على أبناء الأئمّة وأحفادهم الذين سكنوا إيران ودفنوا فيها، وغالبًا ما تبنى لهم أضرحة ومزارات. (م)

الحلم الإلهيّ ومعنى العقل الحقيقيّ - ابن سينا أم السيّد الحدّاد، من كان الأعقل حقًا؟

9
  • أعمال الإنسان وأفعاله هي قرينه الوحيد في القبر

  • إنّ مجمل مضمون هذه القضايا والمواضيع التي قالها النبيّ الأكرم صلّى الله عليه وآله يدور حول هذه القضيّة، وهي أنّه في كلّ هذا السير، من القبر إلى يوم القيامة، أعمالك هي التي تكون معك ولا يوجد أحد غيرها. وطبقًا للآية الشريفة في القرآن يقول: ﴿يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ * وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ * وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ﴾۱. في يوم القيامة يفرّ الأب من الابن، وتفرّ الزوجة من الزوج، ويفرّ الزوج من الزوجة، وتفرّ الأمّ من الطفل، ويفرّ الصديق من الصديق. في هذه الدنيا كانا زوجين لمدّة خمسين عامًا، ولكن في يوم القيامة، يحمل هذا المرء ملفّه على كتفه ويمضي، ومهما قيل له: لقد كنّا معًا خمسين عامًا، فأين تذهب الآن؟! يقول: كنّا معًا هناك، أمّا هنا فكلّ واحد يذهب وشأنه. ﴿لِكُلِّ امْرِئٍ مِّنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ﴾٢. أي لكلّ امرئ منهم شغلٌ وشأنٌ وعملٌ يغنيه ويكفيه. ولا يدعه ينصرف إلى أعمال أخرى. هذا العمل والملفّ الذي على كتفه يكفيه، ولا يستطيع أبدًا أن يلتفت ويأخذ بيد آخر؛ طبعًا، هؤلاء هم العاديّون، ولكن هناك فئة يختلف حسابهم وقضيّتهم منفصلة، مثلًا قال النبيّ صلّى الله عليه وآله عن أويس القرنيّ: «إنّ أويسًا ليشفع في مثل ربيعة ومضر».٣

  • أهمّیّة الالتفات إلى الذات في كلام المرحوم السيّد الحداد

  • إذن، المرحوم السيّد الحداد قام بحسابه؛ اثنان زائد اثنين تساوي أربعة، وقال: «لا يوجد أحد في هذه الدنيا أهمّ بالنسبة لي من نفسي». 

  • يقولون: لقد اختبروا الحيوانات ليروا أيّها أكثر تعلّقًا بصغيره؛ وفي النهاية، تبيّن لهم أنّ تعلّق القرد هو الأكثر. وضعوا قردة مع صغيرها في غرفة حارّة، تشبه تقريبًا غرفة السونا، وأخذوا يرفعون درجة حرارة المكان باستمرار. كانت هذه القردة الأمّ قد وضعت صغيرها على كتفها وتقفز هنا وهناك حتّى لا يشعر صغيرها بالحرّ، وكانوا هم يرفعون حرارة الغرفة باستمرار وتزداد درجة الحرارة؛ وعندما رأت القردة أنّ الوضع لم يعد يُحتمل، وضعت صغيرها تحت قدميها ووقفت عليه.

  • في النهاية، القضيّة هكذا. يقول مولانا:

    1. سورة عبس (۸۰) الآيات ٣٤-٣٦.
    2. سورة عبس (۸۰) الآية ٣۷.
    3. رجال الكشّي، ص ٩٩: «أبشروا برجلٍ من أمّتي یقال له أويسٌ القرني فإنه یشفع لمثل ربيعة ومضر.»

الحلم الإلهيّ ومعنى العقل الحقيقيّ - ابن سينا أم السيّد الحدّاد، من كان الأعقل حقًا؟

10
  • کای مَلِکَ الموتِ مَن نَه مَهسَتیم***من یکی زالِ پیرِ مِحنَتیم
  • يا مَلَكَ الموت، لستُ أنا "مَهسَتي" *** أنا عجوزٌ طاعنةٌ في السنّ ومُعذَّبة

  • كانت لأمّ ابنة اسمها "مهستي" وكانت مريضة، وفي منتصف الليل أدخلت بقرة رأسها في قِدر ولم تستطع إخراجه ودخلت إلى غرفتها، فظنّت الأمّ أنّه عزرائيل عليه السلام، ولذلك قالت: «إن كنتَ قد جئتَ من أجل "مهستي" المريضة، فهي في تلك الغرفة». هذه هي نفسها التي كانت تقول لابنتها: «جعلني الله فداءكِ من البلاء!»

  • عندما يتزوّج اثنان، يكونان في البداية جيّدين مع بعضهما البعض، ويعيشان شهر العسل. إن شاء الله يكون شهر العسل دائمًا لنا ولكم! ولكن في بعض الأحيان لا يكون الأمر كذلك، ثم يبدأ بالتغيّر شيئًا فشيئًا وتختلط الأمور قليلًا، ويصبح اثنان زائد اثنين يساوي خمسة، وثلاثة في اثنين يساوي ثمانية أو تسعة، وتضطرب الأوضاع، ويظهر بعض العبوس والتقطيب، ثمّ يقولون: يا للعجب، ما الذي حدث! وبعد سنتين أو ثلاث سنوات، يلجؤون إلى المحكمة. ماذا حدث؟! أنتم الذين كنتم تقولون في البداية: لقد تفهّمنا بعضنا البعض، لمَ الآن تطردون بعضكم البعض؟!

  • الدنيا هكذا. هذا القول: "فدتك روحي" و"أفديك بنفسي"، لا يا سيّدي، لا وجود لهذه القضيّة وهذه الأخبار، ويجب ألّا ننخدع! نعم، يجب أن تكون هناك محبّة وأنس، وكلّ هذه الأمور محفوظة في محلّها، ولكن النقطة هنا هي أنّ الإنسان العاقل يجب دائمًا أن يترك مكانًا فارغًا لنفسه، وألّا يملأ قلبه تمامًا ومائة بالمائة بتخيّل وتصوّر واحد، حتّى إذا حدث خلافٌ في وقت ما، لا يكون الأمر صعبًا عليه، وأن يكون لديه دائمًا وفي جميع المسائل مكانٌ فارغٌ للالتفات إلى ذلك الجانب. السيّد الحداد اختار نفسه منذ البداية، والآن هل هو العاقل أم ابن سينا؟!

  • والنتيجة هي أنّكم الآن لو انفتحت عينكم البرزخيّة ـ وإن شاء الله قد انفتحت وستنفتح أكثر، ونأمل أن يبذل الرفقاء والأصدقاء همّة ومددًا في النهاية ويمسكوا بيدنا نحن أيضًا. خلاصة القول، يقولون إنّ سلام القرويّ ليس بلا طمع. لا تظنّوا أنّكم تأتون بهذه السهولة وتقولون: يا سيّدي، تحدّث، وأنا سأتابع القضيّة غدًا! حينها سيصعب أمركم، لأنّ حِملي ثقيلٌ جدًا ـ تلاحظون الفرق.

الحلم الإلهيّ ومعنى العقل الحقيقيّ - ابن سينا أم السيّد الحدّاد، من كان الأعقل حقًا؟

11
  • لا شكّ في أنّ ابن سينا له مقامٌ عالٍ، وهو رجلٌ عظيمٌ ومن مفاخر الإسلام، وقد بذل جهدًا؛ كلّ هذه الأمور محفوظة في محلّها، ولكن عندما ننظر إلى المرحوم السيّد الحداد، نرى أنّ الفرق من الأرض إلى السماء! والآن، أيّهما كان أعقل، وفهمه ودرايته أكبر؟! حتّى إنّ المرحوم السيّد الحداد ربّما لو قرأ كتاب الشفاء للشيخ الرئيس بحسب الظاهر لما فهمه! بالطبع، لقد درسنا نحن الشفاء للشيخ الرئيس، ولكن الحديث ليس عن الشفاء والقانون والإشارات، بل الحديث عن إدراك المسألة والمكانة الحقيقيّة. أيّ من هذين الرجلين أدرك المكانة الحقيقيّة بشكل أفضل؟

  • ندم ابن سينا وتنبّهه في أواخر عمره

  • تمضي هذه المسألة، وقد تمضي مدّة طويلة، وقد لا يلتفتون حتّى النهاية، ولكن ابن سينا التفت في آخر عمره. يقولون إنّه في الأشهر الأخيرة من عمره كان يقضي كلّ أوقاته في التهجّد والابتهال والبكاء ومثل هذه الأمور. قد لا ينتبه الإنسان ولكنّ الله أخذ بيده. ولكن هل ذلك العمر كلّه الذي مضى منه، والذي كان يستطيع أن يضعه في مرتبة أعلى؛ هل تعود تلك المرتبة الأعلى مرّة أخرى؟! لا تعود مطلقًا. ذلك القدر الذي قمت به، والجهد الذي بذلته، ومساعدة الأيتام التي قدّمتها، وكانت نيّتك خالصة، يكتبونه في حسابك؛ كلّ عمل قمت به في وزارتك وكانت نيّتك فيه للّه وخالصة، ولم تكن هناك مسائل أخرى في الأمر، كلّها يكتبونها في حسابك، ولكن يا أيّها المسكين أنت الذي أردت أن تخلص نيّتك، على الأقلّ كان بإمكانك أن تضع قدمك في مرتبة أعلى!

  • وهناك الجانب الآخر أيضًا. كان هناك رجل دين ومنبريّ في قم هذه، كان في السابق يأخذ راتبًا ومالًا من "سافاك" الشاه، وبعد ذلك تبيّن بناءً على الوثائق أنّه كان يأخذ خمسمائة تومان شهريًّا من السافاك. ـ طبعًا، توفّي هذا الرجل بعد الثورة مباشرةً. على أيّ حال، إن شاء الله يعامله الله بغفرانه! ـ وفي يوم من الأيّام، طرحتُ هذه القضيّة على المرحوم العلامة وقلت إنّه بناءً على الوثائق تبيّن أنّ فلانًا كان يأخذ مالًا من السافاك. فقال: «أيّها المسكين، أنت الذي من المقرّر أن تبيع نفسك لهؤلاء، لمَ تبيعها بخمسمائة تومان شهريًا؟! لو أردتَ، لأعطوك مائة ألف تومان في ذلك الوقت شهريًّا! لمَ تتنازل إلى خمسمائة تومان شهريًّا؟! والآن بعد أن تقرّر أن تبيع دينك، على الأقلّ خذ مقابله مالًا محترمًا!».

الحلم الإلهيّ ومعنى العقل الحقيقيّ - ابن سينا أم السيّد الحدّاد، من كان الأعقل حقًا؟

12
  • خمسمائة تومان في ذلك الوقت تعادل تقريبًا أربعين أو خمسين ألف تومان الآن. حسنًا، هذا الجانب موجود أيضًا؛ عندما يريد الإنسان أن يخلص نيّته، فليخلصها بحيث يستطيع أن يصل إلى تلك الرتبة العليا والمرتبة الأعلى؛ وإلّا فنصيبه هو هذا المقدار، ولا يرتقي أعلى من ذلك.

  • القسم الثالث من الحلم، المقترن بالمداراة والتربية

  • القسم الآخر من الحلم هو حلمٌ يعاملنا الله فيه معاملة الرفيق، لا أنّه يتغاضى، وهذا عجيبٌ جدًّا! وأنا أظنّ أنّ مقصود الإمام السجّاد عليه السلام هو هذا القسم الثالث. وإن كان لا إشكال في أن يكون القسم الثاني أيضًا، أي أنّ الله يصبر أخيرًا، يصبر، ثمّ ينبّه الإنسان بصيحة أو ضربة أو بمسألة ما؛ فهذا جيّدٌ أيضًا، ويستحقّ الشكر، لأنّه على الأقلّ لم يدع الإنسان يسقط ويهلك ويفقد وجوده وكيانه.

  • قصّة رعي موسى للغنم وجهود الأستاذ في تربية الأفراد

  • ولكنّ القسم الأسمى من هذا هو الذي يذنب فيه الإنسان ولكنّ الله صديقٌ له، يخطئ الإنسان ويزلّ، ولا يتغاضى الله فحسب، بل يتقدّم معه، وبهذا التقدّم يربّيه باستمرار. لا أنّه يضرب الإنسان، بل هذا الذنب مقترنٌ بتربية الإنسان، مثل قضيّة موسى عليه السلام والغنم ـ لأنّ موسى عليه السلام كان راعيًا لمدّة ـ حيث يقول الشاعر:

  • شبانِ وادیِ ایمن، گهی رسد به مراد***که چند سال به جان، خدمتِ شعیب کند۱
  • والمعنى: 

  • يصل راعي الوادي الأيمن إلى مراده أحيانًا *** بعد أن يخدم شعيبًا عليه السلام بروحه لسنواتٍ عدّة

  • جاء موسى عليه السلام ليخدم شعيبًا عليه السلام، ولكنّه ألقاه في الرعي وقال له: «اذهب الآن واشتغل بمهنة الرعي»، لأنّ شعيبًا عليه السلام نبيّ ويعلم من أيّ طريق يدخل، وما هي المسؤوليّة التي سيتحمّلها موسى عليه السلام لاحقًا، وإلى أين يجب أن يذهب، ولذلك ألقاه في مطبّات التربية وأعطاه رعاية قطيع. قطيع من الأغنام التي لا تمشي مثل الإنسان، واحدة تذهب من هذا الطرف وأخرى من ذاك الطرف؛ الجدي يُنزل رأسه ويذهب من جهة، والغنم تذهب من جهة أخرى. وهي صحراء، وفيها ذئب وسارق ووادٍ ونهر ماء وألف خطر آخر، وهو راعٍ ويجب عليه أن يوصل القطيع سليمًا صحيحًا.

    1. دیوان حافظ، غزل ۱۸۸.

الحلم الإلهيّ ومعنى العقل الحقيقيّ - ابن سينا أم السيّد الحدّاد، من كان الأعقل حقًا؟

13
  • صار عمل النبيّ موسى عليه السلام كلّ يوم هو أن يلتقط الحجارة ويركض باستمرار خلف الحملان. وفي أحد الأيّام قال أحد هذه الحملان المشاكسة: «الآن بعد أن أردتَ أن تذهب إلى الناس، دعنا نضايقك قليلًا ونتعبك قليلًا لترى ما طعمه، حتّى تستطيع بعدها أن تجعل نفسك مستعدّة لتحمّل الناس!» بالطبع، كلّ هذا لسان حال أقوله أنا. فبدأ الحَمَل بالركض وموسى عليه السلام يركض خلفه ولكنّه لا يلحق به، لأنّ الحَمَل مخلوق للمنحدرات والمرتفعات، ويقفز صعودًا وهبوطًا، ولكنّ النبيّ موسى كان يذهب خلفه باستمرار ولم يكفّ عن ذلك، ولم يرمه بحجر، ولم يطلق عليه سهمًا، ولم يسبّه أو يشتمه، لأنّ موسى عليه السلام كان يفهم أنّ هذا الحَمَل يركض من أجل بنائه وتربيته هو.

  • ماذا يقول النبيّ موسى في نفسه؟! ولو كنّا نحن، ماذا كنّا سنفعل؟! كنّا سنذهب ونقول للحَمَل: لعنة الله عليك، أنت الآن تبلغ قيمتك عشرين أو ثلاثين ألف تومان وتلحق الضرر بمالي! وإذا عاد، فإنّنا على الفور نلتقط السكّين ونذبح رأسه حتّى لا يكرّر مثل هذه الأخطاء في حياته فيركض بنا إلى هذا الحدّ!

  • ولكنّ موسى عليه السلام ذهب خلفه، وعندما تعب الحَمَل ولم يعد يستطع الركض، وصل إليه. والآن لسان حاله يقول: «أيّها الحَمَل الذي شردتَ عن هذا القطيع، أنا لا يحترق قلبي على تلك العشرين ألف أو العشرة آلاف تومان التي ذهبت من جيبي، بل يحترق قلبي عليك أنت، لأنّك ستقع الآن في فخّ الذئب! أنا أُتعب نفسي من أجل تكاملك. هذا الجهد الذي أبذله الآن لنفسي هو من أجل ألّا تقع في الخطر! مع عصيانك، أنا أُتعب نفسي! أنت تعصي باستمرار وأنا آتي خلفك باستمرار، وأنت تخالف باستمرار وأنا آتي معك باستمرار، وأنت تنحرف عن الطريق باستمرار وأنا آتي معك باستمرار لآخذك وأعيدك إلى السعادة، والحياة، والفلاح، والرشد، والكمال، وتفعيل استعداداتك. أنا أفعل هذا من أجلك، فهل تظنّ أنّي آتي خلفك ليعود عليّ نفع؟! هل تظنّ أنّي آتي خلفك الآن لتمسك بيدي يومًا ما؟! هل تظنّ أنّي آتي خلفك لتنفعني يومًا ما؟! هل تظنّ أنّي آتي خلفك لتتأمّن شؤوني وحيثيّاتي ومصالحي الاجتماعيّة بواسطتك؟! لا يا عزيزي، المسألة ليست هذه! هذا المجيء وهذه الحركة منّي هما من أجل أن تصل أنت إلى الكمال!

الحلم الإلهيّ ومعنى العقل الحقيقيّ - ابن سينا أم السيّد الحدّاد، من كان الأعقل حقًا؟

14
  • يبيّن حضرة مولانا حركة الأستاذ مع تلميذه في حركة موسى عليه السلام في الرعي، ويقول هذا الموضوع: عندما يدخل تلميذ تحت التربية السلوكيّة لأستاذ، فإنّه لا يجلس هادئًا؛ ولكنّ بعضهم لديهم عقل وفهم وهم هادئون ولا يزيدون الحِمل على الأستاذ، بل يرفعون الحِمل عن كاهل الأستاذ. وبعضهم يخالفون ويخطئون ويزلّون، والأستاذ يتعامل معهم ويذكّرهم دائمًا؛ فيظنّ هؤلاء أنّ الأستاذ يفعل ذلك لنفسه ليكون مجلسه أكثر حيويّة! يظنّ هؤلاء المساكين أنّ الأستاذ كان يتعامل معهم حتّى الآن ليعود عليه نفع، ومن أجل أن يقولوا: لقد ربّى عدّة تلاميذ وأوصلهم إلى الكمال، ومن أجل أن يشتهر في المجتمع! أيها المسكين، هذا كلّه من أجلك أنت! كلّ هذه الصعاب والشدائد التي يتحمّلها هي من أجلك أنت! والامتحان مجّانيّ، إن أردتَ فاذهب وانظر هل يتأثّر ويحزن أم لا؟! لن يلحقه ضرر، بل سيلحق الضرر بك أنت!

  • حلم الله والأستاذ تجاه منّة العباد

  • هذا الحلم هو الحلم الذي يقوله الإمام السجّاد عليه السلام: «الحَمدُ للّه الّذي یَحلُم عَنّي، کأني لاذَنبَ لي». الله يداريني، وكأنّي لا أذنب أبدًا، بل كأنّي أطيع الله! ولكنّه يتحمّل ذنبي هذا في طريق تربيتي، ويتجاهل ذنبي ويقول إنّ هذا طفل، ولديه نفس، ويخطئ، وأحيانًا يخدعه الشيطان أو أحيانًا يتغلّب عليه هوى النفس، لا ينبغي لنا أن نشدّد! هل سمعتهم يقولون: الله لا يشدّد، فلمَ تشدّد أنت؟!

  • إذن، هذا الله الذي يدارينا الآن، هو من أجل تكاملنا نحن، ولا يعود عليه شيء. هو الغنيّ بالذات، له استغناء ذاتيّ، هو الصمد، هو الممتلئ الذي لا فراغ فيه، ليس له جانب نقص واستعداد ليحتاج إلى أن يصل إلى الفعليّة. بل كلّ هذا من أجلنا. ولكنّنا عندما نقوم ليلة واحدة ونصلّي صلاة الليل، نتوهّم ونقول: يا إلهي، لديك عبدٌ قام في الساعة الرابعة وصلّى! والله لا يقول شيئًا، بل يقول: أنت صلِّ، وقل ما تريد أن تقول! قم وصلِّ صلاتك، ثمّ تعال وافخر علينا!

  • كانت مشكلة المرحوم العلامة رضوان الله عليه معنا أنّنا كنّا أفرادًا متمرّدين وعصاة، وهذا الأستاذ كان عالقًا في التزامه وتكليفه تجاه التلميذ. والعجيب هنا أنّهم كانوا أحيانًا يشترون يمنّون على الأستاذ بسبب طاعته وهو لا ينطق بكلمة! أي أنّ التلميذ كان يقوم بعمل في علاقته بالأستاذ ويمنّ به على الأستاذ! فمثلًا، كان يقول: لأنّك قلت، أنا أفعل هذا! ولكنّ الأستاذ، لعظمة نفسه، لم يكن يتحدّث، بل كان يقول: دعه يفعل، وليمنّ به عليّ أيضًا! فهل تفهمون كم يتطلّب الأمر من عظمة نفس؟! هذه المواضيع التي أذكرها لكم هي من أسرار السلوك وتربية الأستاذ والتلميذ!

الحلم الإلهيّ ومعنى العقل الحقيقيّ - ابن سينا أم السيّد الحدّاد، من كان الأعقل حقًا؟

15
  • وكان المرحوم العلامة أيضًا يتحمّل هذه المنّة في نفسه. فأنا ابنه، وكنتُ مطّلعًا على أوضاعه وعلاقته بالأفراد. أيّها المسكين، هذا الأمر الذي يعطيك إيّاه، لا يعطيه لأجل نفسه بل لنفسك أنت! طبعًا، الأمر الذي يعطيه صعبٌ قليلًا. هل تصوّرت أنّه سهل؟! لو أعطى أمرًا بحلوى وأرز بالزعفران، فإنّ القيام به ليس مهارة ولا مشكلة فيه؛ في هذه الحالة، لكان كلّ صعلوك تافه وكلّ شخص من الأوباش سالكًا! في الأمر الذي يعطيه، يوجد مقدار من الضغط والتضييق، وهذا الأمر يعطيه لك، ثمّ هل تمنّ عليه وتقول: لأنّكم قلتم، قمنا به؟! وهو بعظمة نفسه لا يظهر شيئًا ويصبر باستمرار ويقول: أنت افعل واعبر هذا الجسر وتجاوز هذه القضيّة! لأنّه يرى شيئًا آخر، ويتوجّه إلى مكان آخر، ولا ينظر إليك، وأصلًا وجهته واتّجاهه شيء آخر، وعينه ترى شيئًا آخر. فهل تدركون كم هي دقيقة هذه النقطة!

  • أظنّ أنّه لم يعد هناك وقتٌ لمواصلة المسألة. إن شاء الله إذا وُفّقنا وأراد الله، سنعرض بقيّتها في المجلس القادم. على كلّ حال، نأمل أن يفتح الله فهمنا ويعلي همّتنا، ويجعلنا ملتزمين بواجبنا وتكليفنا!

  •  

  • اللَّهُمَّ صلِّ على محمدٍ وآل محمدٍ