2

اتّباع القرآن والعترة سبب هداية الإنسانيّة والوصول إلى الكمال

6937
مشاهدة المتن

المؤلّفآية الله السيد محمد محسن الحسيني الطهراني

القسمالمناسبات الإسلامية

المجموعةعيد الفطر

التاريخ 1415/10/01


التوضيح

لماذا قرن الله تعالى النبيّ والإمام بالقرآن؟ وما هو دور القرآن الحقيقيّ وما وجه إعجازه؟ وما هو الدور الذي يقوم به النبيّ والإمام إلى جانبه؟ ولماذا لا يصحّ شعار حسبنا كتاب الله؟ وهل هذا الشعار خاصّ بمن نطق به أم أنّه عامّ لكلّ من يخالف الإمام والولاية وإن لم ينطق به؟ وهل هو خاصّ بذاك الزمان أم يشمل زماننا أيضًا؟
ما هي النظرة الصحيحة إلى الإمام هل النظر إلى خصوصيّاته الشخصيّة أم إلى حقيقته وباطنه؟
ماذا نطلب من الله يوم العيد؟
يجيب آية الله السيّد محمّد محسن الحسيني الطهراني في هذه الخطبة على هذه الأسئلة مبيّنًا معنى حديث الثقلين، والأسباب الحقيقيّة لأحداث السقيفة وشعار حسبنا كتاب الله.

/۱۲
بي دي اف بي دي اف الجوال الوورد

اتّباع القرآن والعترة سبب هداية الإنسانيّة والوصول إلى الكمال

1
  •  

  • هو العليم 

  •  

  • اتّباع القرآن والعترة سبب هداية الإنسانيّة والوصول إلى الكمال

  •  

  • خطبة عيد الفطر ۱٤۱٥ هـ 

  •  

  • محاضرة القاها

  • آية الله الحاجّ السيّد محمّد محسن الحسينيّ الطهرانيّ

  • قدس الله سره

  •  

  •  

اتّباع القرآن والعترة سبب هداية الإنسانيّة والوصول إلى الكمال

2
  •  

  •  

  • أعوذ بالله مِنَ الشيطان الرجيم

  • بسم الله الرحمن الرحيم

  • الحمد لله ربِّ العالمين

  • والصلاة والسلام على سيّدنا أبي القاسم محمّد

  • (اللهمّ صلّ على محمّدٍ وآلِ محمّد)

  • وعلى آله الطيّبين الطاهرين واللعنة على أعدائهم أجمعين

  •  

  •  

  • «الحمد للّه‌ الواصل‌ الحمدَ بالنعم‌، والنعم بالشكر. نحمده على آلائه، كما نحمده على بلائه. ونستعينه على هذه النفوس البطاء عمّا أمرَت به، السراع إلى ما نهيَت عنه. ونستغفره ممّا أحاط به علمه وأحصاه كتابه: علم غير قاصر، وكتاب غير مغادر. ونؤمن به إيمان من عاين الغيوب ووقف على الموعود، إيمانًا نفى إخلاصه الشرك ويقينه الشكّ. ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأنّ محمدًا عبده ورسوله صلّى الله عليه وآله، شهادتين تصعِدان القول وترفعان العمل، لا يخفّ ميزان توضعان فيه، ولا يثقل ميزان ترفعان عنه. أوصيكم عباد الله بتقوى الله التي هي الزاد وبها المعاد: زاد مبلّغ ومعاد منجح. دعا إليها أسمع داع ووعاها خير واع، فأسمع داعيها، وفاز واعيها».۱

  •  

  • بسم الله الرحمن الرحيم

  •  

  • {بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ، اللَّهُ الصَّمَدُ ، لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَد}

  • اللهُمَّ أفِضْ صِلَةَ صَلَوَاتِكَ‌ وَ سَلَامَةَ تَسْلِيمَاتِكَ عَلَى أوَّلِ التَّعَيُّنَاتِ المُفَاضَةِ مِنَ العَمَاءِ الرَّبَّانِيّ، وَآخِرِ التَّنَزُّلَاتِ المُضَافَةِ إلى النَّوْعِ الإنْسَانِيّ، المُهَاجِرِ مِنْ مَكَّةَ "كَانَ اللهُ وَ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ شَي‌ءٌ ثَانِي" إلى مَدِينَةِ "وَهُوَ الآنَ عَلَى مَا كَانَ".

  • مُحْصِي عَوَالِمِ الحَضَرَاتِ الخَمْسِ [الإلهيّة] في وُجُودِه، {وَ كُلَّ شَيْ‌ء أَحْصَيْناهُ فِي إِمامٍ مُبِينٍ}.٢ أب الأكوان بفاعليّته، وأمّ الإمكان بقابليّته، الرسول النبيّ المدنيّ المكيّ التهاميّ القرشيّ، صاحب لواء الحمد والمقام المحمود٣ أبي القاسم محمّد الحميد المحمود، وعلى صهره ووصيّه وأخيه ووزيره والخليفة من بعده أمير المؤمنين ويعسوب الدين وقائد الغرّ المحجّلين، وعلى فاطمة الزهراء سيّدة نساء العالمين، وعلى الحسن والحسين سيدي شباب أهل الجنّة أجمعين. اللهمّ صلّ وسلّم على عليّ بن الحسين زين العابدين ومحمّد بن عليّ وجعفر بن محمّد وموسى بن جعفر وعليّ بن موسى ومحمّد بن عليّ وعليّ بن محمّد والحسن العسكريّ والخلف الحجّة المهديّ صلواتك وسلامك عليهم أجمعين. 

    1. نهج البلاغة، ج ۱، ص ٢٢٣- ٢٢٤
    2. الآية ۱٢، من السورة ٣٦: يس.
    3. مقتبس من صلوات محي الدين بن عربي المعروفة في كتاب الأئمّة الاثنا عشر والصلوات الكبرى، ص ۱٥۱؛ مطلع انوار، ج٤، ص ۱٢٤. 

اتّباع القرآن والعترة سبب هداية الإنسانيّة والوصول إلى الكمال

3
  • «اللهمّ كن لوليكّ الحجّة بن الحسن صلواتك عليه وعلى آبائه في هذه الساعة وفي كلّ ساعة وليًّا وحافظًا وقائدًا وناصرًا ودليلاً وعينًا حتّى تسكنه أرضك طوعًا وتمتّعه فيها طويلاً».۱

  • اللهمّ إنّا نرغب إليك في دولة كريمة تعزّ بها الإسلام وأهله وتذلّ بها النفاق وأهله وتجعلنا فيها من الدعاة إلى طاعتك والقادة إلى سبيلك وترزقنا بها كرامة الدنيا والآخرة».٢

  • {يا أَهْلَ الْكِتابِ قَدْ جاءَكُمْ رَسُولُنا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثيراً مِمَّا كُنْتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتابِ وَ يَعْفُوا عَنْ كَثيرٍ قَدْ جاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَ كِتابٌ مُبينٌ ، يَهْدي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوانَهُ سُبُلَ السَّلامِ وَ يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَ يَهْديهِمْ إِلى‌ صِراطٍ مُسْتَقيمٍ}

  • دور الرسول صلّى الله عليه وآله إلى جانب القرآن الكريم

  • لأجل هداية البشر والوصول إلى الكمال، جعل الله تعالى ـ في هذه الآية المباركة ـ الذكر قرينًا للمذكّر، والحديث قرينًا للمحدّث، والكتاب المبين قرينًا للمبيّن والمفسّر. يقول: لقد جاء من عندنا رسول، وهذا الرسول يبيّن لكم الأمور ويبيّن الحقائق إلى جانب الذكر، كتابنا هذا ذكر ونور، وإذا أراد إنسان أن يهتدي إلى سبل السلام فلا بدّ أن يتّبع هذا الكتاب ويسير خلفه وأن لا يتخلّى عنه. 

  • ما هو وجه الإعجاز في القرآن الكريم ودوره الحقيقيّ؟

  • القرآن الكريم كتاب تشريع، كتاب تشريع مطابق لكتاب التكوين، وكتاب التشريع هذا يرافقنا في جميع مراحل العوالم الوجوديّة. كتاب إعجاز رسول الله، ولماذا هو معجز؟ قول الكلام البليغ ليس بالأمر الصعب، والإتيان بالكلام المثير للإعجاب لا يحقّق إعجاز القرآن، حيث لدينا في النثر والقافية والشعر الكثير من الألفاظ التي لم يأت لها مثيل، لدينا الكثير من المخطوطات منذ مئات السنين لم يأت بمثلها أحد! فإذن هذه ليست دليلاً على الإعجاز، بل هي دليل على وجود القوى النفسيّة لدى أصحابها ودليل على استعداد البشر وقدرتهم. 

  • فإذن ما هي علّة كون هذا الكتاب معجزًا؟ 

  • العلّة هي أنّ هذه العبارات وهذه المعاني لا يمكن أن تنزل إلا من قبل موجود قد نشأت منه جميع عوالم الوجود. أمّا نحن فلا يمكن أن نخبر عن حقائق عالم الوجود، لأنّا نقع في برهة وحدود معيّنة من عالم الوجود.

    1. إقبال الأعمال، ج۱، ص ۸٥ باختلاف يسير. 
    2. تهذيب الأحكام، ج٣، ص ۱۱۱. 

اتّباع القرآن والعترة سبب هداية الإنسانيّة والوصول إلى الكمال

4
  • پشه کی داند که این باغ از کی است *** کاو بهاران زاد ومرگش در دی است۱ 
  • يقول: 

  • أنّى للبعوضة أن تعرف تاريخ روضتها *** وهي التي في الربيع مولدها وفي الشتاء مماتها!

  • ولكنّ هذا الكتاب معجزة، هذا الكتاب في عالم الظاهر معجز ويفتح الطرق، وهو نور ويعين في الشبهات، وحقًّا لو تدبّر إنسان في القرآن وتأمّل فبإمكانه أن يساعده في المشكلات والشبهات، ولكن بشرط أن يتأمّل حقًّا! كما أنّنا لا نستغني عن هذا الكتاب في عالم الظاهر، بل نحن محتاجون إليه، فالقرآن الكريم يأخذ بأيدينا في كلّ عالم من عوالم السلوك. إنّ أعيننا لفي غطاء عن حقائق القرآن وبواطنه، والحقيقة أمر آخر. 

  • فكما أنّنا نقرأ ونأنس ونبتهج بمضامينه، فهكذا الأعاظم الذين طووا الطريق والسالكون المحترقو القلوب يستفيدون من القرآن أيضًا، وهكذا الأولياء يستفيدون من القرآن أيضًا، وكذلك الأئمّة والنبيّ الأكرم يستفيدون منه. فكلّما كان النبيّ يرى ابن مسعود كان يناديه أن «يا ابن مسعود اقرأ عليّ القرآن». فكان يقرأ بصوت حسن وتتسقاط قطرات الدمع من عيني النبيّ.٢ فماذا كان النبيّ يدرك من هذا القرآن؟! فهل ما ندركه نحن كان يدركه هو أيضًا؟ وهل ما كان يدركه هو ندركه نحن أيضًا؟! هل السجع والقافية والألفاظ المرتّبة والمنظّمة هي التي كانت تجعل النبيّ يتغيّر ويتحوّل حاله؟ أيّ شيء؟ نحن لا يمكننا أن ندرك! ولأجل الوصول إلى تلك المعاني علينا أن نصل إلى حيث وصل النبيّ، علينا أن نبلغ ما بلغه النبيّ لندرك ماذا كان يدرك فينقلب حاله! وحده من كان محور عالم الوجود وكلّ شيء ينبع من عنده وكان أصل العالم وكلّ ما سوى الله وأساسه ولبّه، وحده هو الذي يمكنه أن يعرف ذلك، فلا يمكن لهذه العبارات الظاهريّة أن توقع النبيّ في حال من الإعجاب.

  • ضرورة المبيّن والمفسّر إلى جانب القرآن وبطلان شعار "حسبنا كتاب الله"

  • ولكن لا بدّ أن يكون إلى جانب هذا القرآن مبيّن ومفسّر ليوضّح لنا معانيه. فنحن نستفيد بقدر ما تحتمله أذهاننا وبقدر ما يمكننا أن نستخرج المعاني من الآيات بدون مساعدة من المبيّن والمفسّر، ولكنّ المبيّن هو الذي يكشف لنا عن حقائق القرآن، فالقرآن بدون مبيّن وبدون نبيّ لن يكون له ذاك الأثر. 

    1. مثنوی معنوی (آذر یزدی) دفتر دوم ص ٢۷٦
    2. صحيح البخاري، ج٦، ص ۱۱٤: 
      عن عبد الله قال قال رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلّم «اقرأ عليّ. قال: قلت آقرأ عليك وعليك أنزل؟ قال: إني أشتهي أن أسمعه من غيري. قال فقرأت النساء حتّى إذا بلغتُ: فكيف إذا جئنا من كلّ أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدًا قال لي: كفّ أو امسك. فرأيت عينيه تذرفان».
      وكذا أنساب الأشراف، ج۱۱، ص ٢۱٢

اتّباع القرآن والعترة سبب هداية الإنسانيّة والوصول إلى الكمال

5
  • وهنا جاءت جماعة فرّقت بين هذين الأمرين بجملة "حسبنا كتاب الله"۱. ومعنى "حسبنا كتاب الله" هو أنّا نحكّم عقلنا وإحساسنا وتخيّلنا ونرجّحها على تبيين المبيّن وتفسير المفسّر، وفي النتيجة لا نعود بحاجة إلى النبيّ في تفسير القرآن، ولا نعود بحاجة إلى عليّ لبيان معارف القرآن. منطق هؤلاء هو منطق حكومة الأهواء والتخيّلات على الحقّ والواقع وبيان كتاب الله وتبيينه؛ لذلك نرى أنّهم لا استفادوا من كتاب الله ولا استطاعوا أن يستفيدوا من بيان المبيّن، وقد سار الناس في طرقهم الخاصّة سوى عدّة معدودة من أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام.

  • فكم هو عدد الذين كانوا حول الإمام واستطاعوا أن يستفيدوا من كتاب الله الناطق هذا؟! وكم هي تلك الجماعة التي كان لسان حالها: «فقَد وَفَدتُ إلیکُم إذ رَغِبَ عنکُم أهلُ الدّنیا واتّخذوا آیاتِ الله هُزُوًا واستَکبَروا عَنها»؟!٢ وأمّا سائر الناس فقد كانوا أتباع "حسبُنا كتاب الله". 

  • نعم رجل واحد هو الذي نطق بهذه الكلمة، ولكنّها كانت في قلوب كلّ الذين ابتعدوا عن أمير المؤمنين، ولو لم تكن في قلوبهم فلماذا مضوا إلى السقيفة؟! ولماذا اختاروا شيئًا آخر على كتاب الله الناطق المبيِّن والمفسِّر؟! إنّه الخليفة الثاني هو الذي نطق بهذا، ولكنّها كانت في قلوبهم جميعًا: «إذ رغب عنكم أهل الدنيا واتّخذوا آيات الله هزوًا واستكبروا عنها». لقد قال هؤلاء إنّا نأخذ كتاب الله فلا حاجة بنا إلى الأئمّة. هذا المنطق منطق عمر، هذا المنطق هو منطق من يجعل خياله حاكمًا على كلام الإمام عليه السلام الحقّ، ويتّبع أهواءه، هذا الكلام كلامه، وإن لم ينطق به. لقد كانت كافّة جهود النبيّ لأجل أن يبقى هذا المبيّن والمفسّر قرينًا للقرآن: «إنّي تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي».٣ 

  • لماذا أخذ هؤلاء كتاب الله؟ لأنّهم لم يكونوا يتمكّنون من الاعتراض على المبيّن، لأنّ المبيّن حيّ وله لسان وهو يبيّن. لذلك قاموا بدايةً بضرب المبيّن وأزاحوه جانبًا، ثمّ فعلوا ما يريدون. لأنّهم لم يكونوا يتمكّنون في وجود أمير المؤمنين والاعتقاد بحقانيّته من الوصول إلى تخيّلاتهم وأهوائهم، لذلك كانوا مضطرين أن يزيحوه من الميدان، لأنّ أمير المؤمنين حيّ يبيّن ويتكلّم بصراحة وبنصّ الإمامة، فلم يكن يترك لهم مجالاً لاجتهادهم. فالاجتهاد عندما لا يكون هناك إمام، ولكن ما دام هناك إمام فهو بنفسه يبيّن الأمر. لذلك لأنّهم يريدون أن يجتهدوا أزاحوا النصّ جانبًا واعترضوا على النصّ والتصريح، كان هناك عدد يسير من المتّبعين لأمير المؤمنين والثابتين. والأمر دائمًا هو كذلك، دائمًا هناك عدد يسير مستقيمون {ولا يخافون في الله لومة لائم}٤ لا خوف لديهم من اللوم، لأنّهم يرون أنّ هذا اللوم ينطلق من الأهواء، لا يتأثّرون بالذمّ، لأنّهم يرون هذا الذمّ في عالم الدنيا والانغمار في عالم الدنيا، إنّهم يتّكئون على ركن وثيق، يستندون إلى متّكأ لا تحرّكه العواصف٥ فلو سار العالم كلّه في جانب لوقف هؤلاء عند عقيدتهم؛ لأنّهم عرفوا الحقّ. 

    1. الأمالی، شیخ مفید، ص ٣٦
    2. کامل الزیارات، ص ٥٤
    3.  معرفة الإمام، ج۱، ص ٣۷: يروي أحمد بن حنبل هذا الحديث عن حديث زيد بن ثابت بطريقين صحيحين، أوّلهما بداية ص ۱۸٢ من الجزء الخامس من مسنده، لكن العبارة هكذا: قال رسول الله صلّي الله عليه [و ءاله‌] و سلم: «انّي تارك فيكم خليفتين كتاب الله حبلٌ ممدود ما بين السمآء و الأرض او ما بين السماء إلى الأرض و عترتي اهل بيتي و انّهما لن يفترقا حتي يردا علي الحوض». و ثانيهما في نهاية ص ۱۸٩ من الجزء الخامس من مسنده، لكنّ عبارته بهذه الكيفية: قال النبررر: «إنّي تارك فيكم نليفتين كتاب الله و أهل بيتي و انّهما لن يفترقا حتّي يردا علي الحوض جميعاً». و يقول في تفسير (الدّر المنثور)، ج ٦، ص ۷: و أخرج الترمذي وحسن ابن الانباري في المصاحف عن زيد بن أرقم رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلي الله عليه [و ءاله‌] و سلّم: «إنّي تارك فيكم ما إن تمسّكتم به لن تضلّوا بعدي، أحدهما أعظم من الآخر، كتاب الله حبلٌ ممدودٌ من السماء إلى الأرض و عترتي أهل بيتي، و لن يفترقا حتّي يردا عليّ الحوض فانظروا كيف تخلفوني فيهما».
    4. اقتباس من سورة المائدة (٥) الآیة ٥٤: {وَلَا يَخَافُونَ لَوۡمَةَ لَآئِمٖ}.
    5. مقتبس من الكافي، ج۱، ص ٤٥٥. 

اتّباع القرآن والعترة سبب هداية الإنسانيّة والوصول إلى الكمال

6
  • لا تستوحشوا طريق الهدى لقلّة أهله

  • يقول أمير المؤمنين عليه السلام: «أیّها النّاس، لا تَستَوحِشوا فی طَریقِ الهُدیٰ لِقِلَّة أهلِه فَإنّ النّاسَ قَد اجتَمَعوا علیٰ مائدةٍ شَبَعُها قَصیرٌ وجوعُها طَویلٌ»

  • أيّها الناس لا يوجدنّ فيكم قلّة الناس حولكم تزلزلاً، ولا يشكّكنّكم قلّة أتباع الحقّ، فالناس يبحثون عن أمور أخرى، فحطام الدنيا هذا له ظاهر جميل وخادع، ولكنّه سريع الزوال. هذه الرئاسة التي تخدع الناس وتحرق الدنيا كلّها بجهلها وجميع أمور الناس والخلق تترتّب وتتناسق على أساس أهوائهم، كلّ ذلك سريع الزوال «شبعها قصير»، يعني يتمتّعون أيّامًا معدودات بالرئاسات والماديّات وما في هذا العالم ويفرحون ولكن:

  • أعقبتهم خسرانًا طويلاً فهناك خسارة طويلة ولا نهاية لها تنتظرهم؛ لأنّهم قضوا أوقاتهم في هذه الدنيا بهذه الأمور. 

  • «أیّها النّاس، مَن سَلكَ الطّریقَ الواضحَ وَردَ الماءَ وَمَنْ خَالَفَ وَقعَ في التّیه» 

  • من كان يبحث عن الهداية فإنّه يدخل إلى شريعة الماء، ومن أراد أن يخدع نفسه ولا يصفّي الأمر بينه وبين الله فإنّه يبتلى بصحراء الهلاك ويقع في الضلال، والمراد من الضلال ليس كما نعتقد من أنّه يقع في بعض الحالات، بل المراد من الضلالة هو أن يعمّر الإنسان سبعين أو ثمانين سنة والماء في الإبريق إلى جانبه ولا يتمكّن من الاستفادة منه. هذه هي الضلالة، هؤلاء الذين ينصحون الناس ويعظونهم ويشرحون لهم الحقائق ولكن لا أحد يصغي إليهم ويعترضون عليهم ويطعنون عليهم، والآن حيث لا خبر عن الواعظ ولا عن المخاطبين يُعلم من هو الخاسر، الآن يلتفتون ولكن لات حين التفات. 

  • ونحن الآن على تلك الحال أيضًا، فهذه الدنيا في النهاية ستنقضي، وسيأتي يوم نكون فيه أنا وأنتم في التراب ونكون في ذلك العالم، فلا نفعلنّ ما يجعلنا من الذين «اجتمعوا على مائدة شبعها قصير وجوعها طويل» فالزمان متغيّر ولكنّ قوانين الزمان لا تتغيّر. يخاطب أمير المؤمنين أصحابه قائلاً: 

  • «من سلك الطريق الواضح ورد الماء ومن خالف وقع في التيه والله مٰا أسمَعکُم الرّسولُ شیئًا إلاّ وهٰا أنا ذا مُسمِعُکُموه».۱ 

  • أيّها الناس رغم أنّ النبيّ ليس بين أظهركم، ولكن أنا بينكم، رغم أنّنا لا نصل إلى النبيّ، ولكنّي أنا الآن أقول لكم الحقائق وأقول لكم ما قاله النبيّ لكم.

    1. نهج البلاغة (صبحي الصالح)، ص : ٣١٩: «أیُّها النّاسُ، لا تَستَوحِشوا فی طَریقِ الهُدَی لِقِلَّةِ أهلِهِ، فَإنّ النّاسَ قَدِ اجتَمَعوا عَلَی مائِدَةٍ شِبَعُها قَصیرٌ وَجوعُها طَویلٌ! أیُّها النّاسُ، إنّما یَجمَعُ النّاسَ الرِّضا وَ السُّخطُ. وَ إنّما عَقَرَ ناقَةَ ثَمودَ رَجُلٌ واحِدٌ فَعَمَّهُمُ اللهُ بِالعَذابِ لما عَمّوهُ بِالرِّضا. فَقالَ سُبحانَهُ {فَعَقَرُوهَا فَأَصۡبَحُواْ نَٰدِمِينَ} *. فَما کانَ إلّا أن خارَت أرضُهُم بِالخَسفَةِ خوارَ السِّکَّةِ المُحماةِ فی الأرضِ الخَوّارَة. أیُّها النّاسُ، مَن سَلَکَ الطَّریقَ الواضِحَ وَرَدَ الماءَ، وَ مَن خالَفَ وَقَعَ فی التّیه»
      * سوره شعرا (٢٦) آیه ١٥٧

اتّباع القرآن والعترة سبب هداية الإنسانيّة والوصول إلى الكمال

7
  • الحقّ ليس بالخصوصيّات الشخصيّة

  • من يبحث عن الحقّ فعليه أن يتخلّى عن الخصوصيّات والفوارق والمميّزات الشخصيّة، لأنّ ما يؤدّي إلى التشخّص الظاهريّ ليس هو معيار التبعيّة. فكوننا أتباع أمير المؤمنين عليه السلام ليس لأنّه يمتلك خصوصيّات شخصيّة، ليس هناك اختلاف بين أمير المؤمنين والإمام السجّاد، ولا بين الإمام السجّاد والإمام الهادي، ولا بين الوليّ والإمام من هذه الناحية.

  • ألم يكن بين الشيعة أفراد ابتلوا بالتوقّف في قبول الأئمّة وتقبّلهم؟! أليس منطقهم هو عين منطق حسبنا كتاب الله؟! هل منطق الواقفيّة الذين توقّفوا في الإمام الرضا عليه السلام مغاير لمنطق حسبنا كتاب الله هذا؟! هل هو غير ما قاله أهل السنّة من أنّا نعمل بروايات النبيّ ونضع الإمام جانبًا؟! فهؤلاء أيضًا يقولون هذا الكلام بعينه. هؤلاء يقولون أيضًا: هذه الروايات التي جاءت إلى الآن تكفي لتمضية الحياة وللأحكام ولا حاجة لنا بعد ذلك إلى الإمام الرضا عليه السلام، ولا حاجة لنا إلى الأئمّة اللاحقين من بعده! فهذا المنطق هو عين ذاك، والاختلاف هو في التفاصيل، ليس هناك من فارق بيننا وبين العامّة، بل الفارق بيننا وبينهم هو في الاعتقاد بالإمام الحيّ وعدمه، فهؤلاء يعملون بالسنّة أيضًا، أليس بين مجتهدينا من يقدّم فتاوى معارضة لفتاوى الآخرين؟! فما الفرق؟! ما الفرق بين الفتاوى المختلفة بين الشيعة والفتاوى المختلفة بين السنّة والشيعة، فهذا الأمر ليس بالأمر المهمّ إلى تلك الدرجة، وإنّما الكلام هو في أنّ العمل بالسنّة من دون مبيّن ومفسّر هو عين مقولة "حسبنا كتاب الله" لذلك فإنّ الواقفيّة كأهل السنّة لا يختلفون عنهم أبدًا، فأولئك أزاحوا الإمام وأخذوا بالسنّة، والعامّة أيضًا أزاحوا الإمام وأخذوا بالسنّة. نعم هناك تفاوت في النسبة، ولكنّ حقيقة الأمر واحدة.

  • وهكذا الذين يرجّحون الاعتماد على عقولهم وتخيّلاتهم بعيدًا عن رأي المبيّن الحيّ وبعيدًا عن رأي الوليّ الحيّ هم في تلك المرتبة وذلك الطريق. فما الفرق بيننا وبين الواقفيّة؟! فهل مجرّد الاعتقاد بوجود إمام حيّ هو أمر بنّاء لنا ويكفي ويحلّ المشاكل ويساعد؟! أنا شخصيًّا بعد كلّ هذه القراءة والتدبّر والتأمّل في الكتب المدوّنة والكتب التي بين أيدينا من الروايات والأحاديث والقرآن وأمثال ذلك، انتهيت إلى هذا الأمر وهو أنّه لولا الاعتماد والاتّكاء على المبيّن الحيّ لما أمكن لكلّ ذلك أن يأخذ بيدي بأيّ وجه من الوجوه، وهذا أمر وجدانيّ. وهكذا هو نهج الأعاظم والواصلين إلى المطلوب، هكذا كانوا. 

اتّباع القرآن والعترة سبب هداية الإنسانيّة والوصول إلى الكمال

8
  • فلو تأمّلتم في أعمالهم وحقّقتم في المقابل في كلام وسلوك الآخرين من أهل الظاهر لاتّضح أنّهم في أيّ واد يسيرون والآخرون في أيّ واد، وإلى أيّ شيء وصلوا والآخرون في أيّ شيء غارقون، فلو كانت الدراسة وحدها تكفي لكفت هؤلاء أيضًا. 

  • بيان أولياء الله هو بيان الإمام عليه السلام

  • لذلك فالتشكيك في كلام الأولياء لا يختلف عن التشكيك في كلام الإمام، لأنّ التشكيك هو الملاك، والملاك واحد. ونحن على هذا الأساس سلّمنا لاتّباع الأولياء، لأنّا لا نرى كلامهم منافيًا لكلام الإمام، ونرى أنّ التمايز بينهم هو في المميّزات الشخصيّة للهويّة الظاهريّة، وأمّا من ناحية بيان الطريق الناتج عن الإشراف على النفوس وعوالم الغيب فلا فرق بينهم في شيء أبدًا ولا اختلاف، وليس هناك مجال للشكّ والترديد بأيّ وجه من الوجوه، أفهل كان الذين اتّصلوا بالمبدأ الأعلى في زمان الغيبة على ارتباط بالإمام؟! أيّ منهم كان على صلة بالإمام، وهل كان في هذا المجال أولئك الذين كان لهم ارتباط بالإمام؟ انظروا إلى كتاب النجم الثاقب للمحدّث النوري وانظروا من هم الذين كانوا على علاقة مع صاحب الزمان رغم أنّ الكثير من هذه الموارد لم تكن ظاهريّة، ولكن لأنّ ناقلها وكذلك سائر الناس لا اطّلاع لهم عليها، فإنّهم يعتقدون أنّها كانت ظاهريّة، من هو المعروف ظاهرًا بين الناس بأنّ له حظًّا في نيل عوالم الباطن هذه؟ 

  • ليس طريق السلوك إلى الله طريقًا ظاهريًّا، بل هو طريق باطن، لذلك نرى أنّ الأولياء لم يدعوا الناس ومريديهم إلى مسائل الظاهر، بل كان اهتمامهم دائمًا بالباطن، وكانوا دائمًا يقودونهم نحو الباطن. لا شكّ أنّ هذه الأمور تؤدّي إلى انحراف السالك واعوجاجه ووقوفه في هذه المراحل، الاهتمام بأمور الظاهر، الاهتمام بالخصوصيّات الشخصيّة والاهتمام بالمزايا الظاهريّة، لذلك على السالك أن يتجاوز هذه المرحلة، على السالك أن يكون له اتّباع في الحقيقة وفي باطن الأمر، لا للشخص. فأنا أريد أن أقول إنّ الإنسان إذا كان يتّبع وليًّا وإمامًا حيًّا فينبغي أن لا تحرّك ذهنه نحوه خصوصيّة هذا الإمام الذي هو أمامه، فاتّباع أمير المؤمنين ليس لأنّه هو شخص أمير المؤمنين، بل اتّباع لباطنه. اتّباع الإمام المجتبى وسيّد الشهداء يجب أن لا يكون لأنّ هناك أمامنا شخصيّة سيّد الشهداء نخاطبها. فلو كان الاتّباع لأجل الباطن لما اختلف الأمر.

اتّباع القرآن والعترة سبب هداية الإنسانيّة والوصول إلى الكمال

9
  • فالذين كانوا يتبرّكون بوضوء النبيّ ويمسحون به وجوههم ورؤوسهم۱ لماذا انفصلوا بعد النبيّ ولماذا أقاموا السقيفة؟ لأنّهم كانوا يعانون من هذه المشكلة، أي إنّ أبّهة رسول الله وجلاله وشأنه كانت قد سيطرت عليهم وجذبتهم لا رسول الله نفسه، ينبغي أن لا يكون اتّباع رسول الله لأنّه رسول الله، هو رسول الله وله هذه الخصوصيّة فينبغي أن يتّبع، بل لأنّ رسول الله متحقّق بالحقّ يجب اتّباعه، ولو كان هذا الحقّ في طفل عمره خمس سنوات لما اختلف الأمر، هذا معنى السلوك. 

  • من هنا يتنحّى الظاهر جانبًا ويصل السالك إلى سرّ السلوك وحقيقته، إذا وصلنا إلى هذا الأمر لن يتمكّن أيّ مانع ورادع من منعنا عن طريقنا، ولن يتمكّن أيّ حاجب أن يقف في وجهنا، ولن يتمكّن أيّ مشكّك أن يوجد فينا الشكّ. ويرجع كلّ ذلك إلى حكومة الظاهر على الحقّ وحكومة الظاهر على الباطن، فالأمور تنشأ من هنا. 

  • علينا أن ننظر أنّ هؤلاء الأعاظم الذين جاؤوا الواحد تلو الآخر عبر التاريخ وبلّغوا هذه الحقيقة وهذه الرسالة ماذا كانوا؟ لماذا كانت الثلاث وعشرون سنة من جهاد النبيّ؟ ولماذا كانت كلّ مشقّات النبيّ ومشكلاته؟ لكي يصنع اثنين، وهو النبيّ الذي تجعله لحظة واحدة من النزول من عالم الوحدة إلى عالم الكثرة في اضطراب بحيث لو أعطوه كلّ ما سوى الله لم يكن حاضرًا لأن يتنازل! ليست هذه الأمور هزلاً! إن شاء الله جعل من نصيبنا جميعًا رشحة من رشحات بحرهم تلك، عندها سندرك ماذا كانوا يعانون عندما جاء نداء: {يَـٰٓأَيُّهَا ٱلۡمُزَّمِّلُ ، قُمِ ٱلَّيۡلَ إِلَّا قَلِيلًا}٢ و{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلۡمُدَّثِّرُ ، قُمۡ فَأَنذِرۡ}٣، نحن الآن لا ندرك ذلك، لأنّنا ننظر إلى أنفسنا، نحن نعتقد أنّ علاقتنا نحن هي علاقتهم، وعلاقتهم مع الناس كعلاقتنا. 

  • ...***من که ملول گشتمی از نفس فرشتگان 
  • يقول: أنا الذي مللت من أنفاس الملائكة

  • واقعًا حقيقة الأمر هي هكذا، فالنبيّ لا يحتمل أن يغضّ الطرف لحظة عن النظر إلى الجمال والجلال الإلهيّين وينظر إلى الملائكة المقرّبين، عليه أن يقوم ويتعاطى مع أبي سفيان وأبي جهل. 

    1. راجع صحيح البخاري، ج۱، ص ٩٩.
    2. سورة المزّمّل (٧٣) الآیة ١ و ٢
    3. سورة المدّثّر (٧٤) الآیة ١ و ٢

اتّباع القرآن والعترة سبب هداية الإنسانيّة والوصول إلى الكمال

10
  • قال و مقال عالمی می‌کشم از برای تو *** من که ملول گشتمی از نفس فرشتگان۱
  • يقول: أنا الذي مللت من أنفاس الملائكة أتحمّل من أجلك كلام الناس جميعًا.

  • عندما نصح أمير المؤمنين الناس فعلى من كان قلبه يحترق؟ هل يحتاج أمير المؤمنين إلى الناس؟! يجب أن يبلغ به الحال أن يركب ابنة رسول الله على حمار وأن يطوف من أجل هذه الأمّة على بيوت المهاجرين والأنصار.٢ لأجل من يقوم بهذه الأعمال؟! فهل عليّ يسعى إلى الخلافة وهو الذي يقول: «فَمَا رَاعَنِى إلَّا وَالنَّاسُ كَعُرْفِ الضَّبُعِ إلَىَّ... مُجْتَمِعِينَ حَوْلى كَرَبيضَه الْغنَم»؟٣ لقد جلس خمسًا وعشرين سنة مرتاحًا في الدار وهم يستفيدون منه، فلماذا يوقع نفسه في المشقّة إذن؟ ولكن منذ أن وصل إلى الخلافة بدأت المشكلات، لقد مضت مدّة الخلافة كلّها بالبلاء. 

  • أليس ذلك إلا لأجل ذلك التعهّد والميثاق الذي أخذه الله من أوليائه لبقاء هذا الأمر؟! أليس هذا سوى ذلك الميثاق الذي جعله الله في أعناق أوليائه كي لا يخلو التاريخ من الحجج وليكونوا في كلّ زمان وبرهة شريعة للظامئين والطالبين فلا يشعرون بالألم والأذى؟! أليس هذا سوى ذلك؟!

  • علينا أن ندرك موقعنا في زماننا

  • والآن علينا أن ندرك موقعنا نحن وننظر في الأمور التي تجري الآن وأنّها لا تختلف عمّا سبق، فالزمان الآن هو زمان رسول الله، والزمان الآن هو زمان أمير المؤمنين، والزمان الآن زمان الإمام المجتبى وسيّد الشهداء ولم يختلف! بماذا يختلف؟! فالوصول إلى الواقع والحقيقة في كلّ برهة وفي كلّ زمان هو أمر واحد لا يختلف.

  • لقد جاء هؤلاء الذين لا يمكنهم أن يتنزّلوا لحظة واحدة وهم بشراشر وجودهم غير راضين أن يتنزّلوا عن ذلك المقام والاتّصال بذلك المبدأ الأعلى، جاؤوا وهم يبذلون الوقت من أجلي ومن أجلك ويقضون وقتهم معي ومعك. لست أمازح في ذلك والأمر أعلى من الجدّ، نحن ننظر إلى هذه الأمور بعين الظاهر. 

  • فماذا علينا أن نصنع الآن وأيّ منهج علينا أن نسلك؟ وكيف علينا أن نتعاطى مع هذا الأمر؟ وماذا فعلنا نحن من أجلهم؟ وإذا جاء سيّد الشهداء عليه السلام يوم القيامة واحتجّ علينا بأنّي بذلت من أجلكم رأسمال، وقضيت من أجلكم وقتي وخصّصته لكم، وتحمّلت كلّ هذه المشقّات، فماذا صنعتم في مقابل ذلك؟ فما هو جوابنا؟ 

    1. دیوان حافظ (قزوینی)، غزل ٤١١.
    2. راجع الإمامة و السیاسة، ج ١، ص ٢٩.
    3. نهج البلاغة (صبحي الصالح)، ص ٤٩

اتّباع القرآن والعترة سبب هداية الإنسانيّة والوصول إلى الكمال

11
  • گل مراد تو آنگه نقاب بگشاید *** که خدمتش چو نسیم سحر توانی کرد۱
  • يقول: الوردة التي تريدها إنّما تكشف النقاب عن وجهها عندما تتمكّن أنت أن تكون في خدمتها كنسيم السحر.

  • دعاء العيد

  • نقرأ في دعاء هذا اليوم: «اللهمّ إنّی أسألُك خیرَ ما سَألك بِه عبادُك الصّالحونَ!»٢ 

  • اللهمّ أنت جعلت هذا اليوم عيدًا للمسلمين ولرسولك، لقد دخلنا في ضيافة الله شهرًا كاملاً، لقد صمنا لمدّة شهر، أمسكنا لبضع ساعات، ولكن لدينا توقّع كبير، صمنا، ولكن كان صيامنا صيامًا ظاهرًا، أمسكنا، ولكن كان إمساكنا ظاهريًّا، هل تحقّق في هذا الشهر ما كان يوصي به الأعاظم؟ هل كنّا نبحث عن ذلك الصيام الذي يرضاه الأولياء؟! ولكن هناك أمر مهمّ وهو أنّ لدينا دائمًا نظر إلى الرحمة الواسعة، «يا من سبقت رحمته غضبه»٣، عمَلنا قليل، ولكن توقّعنا وطلبنا كبيران، ولدينا أمل بأن يعاملنا بتلك الرحمة وأن يبدّل أعمالنا المجازيّة هذه بحقّه وواقعيّته «اللهمّ وعٰامِلنٰا بِفَضلِك ولا تُعامِلنٰا بِعَدلِك»!٤ 

  • ماذا علينا أن نطلب اليوم من الله؟ لقد انقضى شهر رمضان وهذا الدعاء هو لهذا اليوم والأيّام الآتية: 

  • «اللهمّ إنّی أسألُك خیرَ مٰا سَألك بِه عِبادُك الصّالحونَ و أعوذُ بك ممّا استَعاذَ منهُ عِبادُك المُخلِصونَ».٥

  • اللهمّ إنّا نريد منك ونسألك أن تحقّق فينا أفضل الأدعية والأماني وأفضل المطالب والرغبات التي يطلبها منك عبادك الصالحون! 

  • اللهمّ احفظنا في حفظك! فإنّا نعوذ بك من كلّ ما استعاذ منه عبادك المخلصون الذين هم أصحاب النوايا الصافية ولا ذرّة أبدًا من شوائب عالم الكثرة في نفوسهم، فما أبعدتهم عنه أبعدنا عنه نحن أيضًا. 

  • اللهمّ احفظ آثار هذا الشهر في وجودنا في الشهور القادمة.

  • اللهمّ احفظ إمام الزمان وإمامنا الحيّ في كنف حراستك من كلّ بليّة. 

  • اللهمّ أطل في أعمار أوليائنا في صحّة وعافية، وأدم ظلّهم فوق رؤوسنا واجعلنا شاكرين لجهودهم وتضحياتهم واهتمامهم من أجل كمالنا. 

  • اجعلنا مستقرّين في أسرارهم وسويداء قلوبهم. 

  • اجعل أفعالنا وأقوالنا وأسرارنا متّحدة مع عوالم أوليائك. 

  • اللهمّ أيّد وسدّد قيادة المسلمين وزعامة الشيعة وهب لها طول العمر بصحّة وعافية. 

    1. دیوان حافظ (قزوینی)، غزل ١٤٣.
    2. مصباح المتهجد، ج ٢، ص ٦٥٤.
    3. المصدر السابق، ص ٦٩٦
    4. منهاج البراعة فی شرح نهج البلاغة، خوئی، ج ١٤، ص ٣٥٦:
    5. مصباح المتهجد، ج ٢، ص ٦٥٤

اتّباع القرآن والعترة سبب هداية الإنسانيّة والوصول إلى الكمال

12
  • اللهمّ شاف مرضى المسلمين.

  • اللهمّ ارحم موتاهم.

  • اللهم اقرن شهداءنا بالكرامة والنورانيّة ورحمتك الواسعة. 

  • اللهمّ لا تخيّب الذين يعملون من أجل الإسلام ومن أجل اعتلاء كلمة التوحيد الحقّة. 

  • اللهمّ عجّل في فرج إمام الزمان عليه السلام واجعلنا من المنتظرين الحقيقيّين له. 

  •  

  • اللهمّ صلّ على محمّد وآل محمّد