11

استجابة دعوة الله والرسول سبب إحياء القلوب

خطبة عيد الفطر لعام 1424 هـ

2206
مشاهدة المتن

المؤلّفآية الله السيد محمد محسن الحسيني الطهراني

القسمالمناسبات الإسلامية

المجموعةعيد الفطر

التاريخ 1424/10/01


التوضيح

ما معنى الحياة و الموت والسمع والصمم والعمى والبصر في الثقافة القرآنيّة؟
ما معنى الإحياء والإماتة في قوله تعالى دعاكم لما يحييكم؟
وكيف يضمن الإنسان حياته بواسطة التسليم لأوامر الله؟
وكيف يهيّئ لموت نفسه من خلال الامتناع عن طاعة الله؟
ما معنى اللهو واللعب في القرآن الكريم؟
ما معنى طبيب دوّار بطبّه...؟
تتناول هذه المحاضرة المحاور الآنفة للتأكيد على دور الولاية والوليّ في حياة الإنسان.
/۱۸
بي دي اف بي دي اف الجوال الوورد

استجابة دعوة الله والرسول سبب إحياء القلوب - خطبة عيد الفطر لعام ۱٤۲٤ هـ

1
  •  

  • هو العليم 

  •  

  • استجابة دعوة الله والرسول سبب إحياء القلوب

  • خطبة عيد الفطر لعام ۱٤٢٤ هـ

  •  

  • محاضرة ألقاها 

  • آية الله الحاجّ السيّد محمّد محسن الحسينيّ الطهرانيّ

  • قدس الله سره

  •  

  •  

استجابة دعوة الله والرسول سبب إحياء القلوب - خطبة عيد الفطر لعام ۱٤۲٤ هـ

2
  •  

  • أعوذُ بِالله مِنَ الشَّیطانِ الرَّجیم

  • بسم الله الرّحمن الرّحیم 

  •  

  •  

  • الحمدُ للهِ الواصلِ الحمدَ بالنِّعمِ و النِّعمَ بالشّكرِ. نَحمدُه علیٰ آلائِه كمٰا نَحمَدُه علیٰ بَلائِه، ونَستَعینُه علیٰ هذه النّفوسِ البِطاءِ عمّا أُمِرَت بِه، السِّراعِ إلیٰ ما نُهیَت عَنه، و نَستَغفِرُه عمّا أحاطَ به عِلمُه و أحصاهُ كتابُه؛ عِلمٌ غیرُ قاصرٍ و كتابٌ غیرُ مُغادرٍ، و نُؤمِنُ به إیمانَ مَن عایَنَ الغُیوبَ و وَقَفَ علیٰ المَوعودِ؛ إیمانًا نَفیٰ إخلاصُه الشّرك و یقینُه الشّك، و نَشهَد أن لا إله إلّا الله وَحدَه لا شَریك لَه و أنّ محمّدًا [صلّی الله عَلیه و آله و سَلّم] عَبدُه و رَسولُه؛ شَهادتینِ تُصعِدانِ القَولَ و تَرفَعانِ العَملَ، لا یَخِفُّ میزانٌ توضَعانِ فیه و لا یثقُلُ میزانٌ تُرفَعانِ عنه.

  • اُوصیكم عِبادَ الله بِتَقویٰ الله الّتی هی الزّادُ و بِها المَعاذُ [المعاد]؛ زادٌ مُبلِّغٌ و مَعاذٌ [معاد] مُنجِحٌ، دَعا إلَیها خیرُ داعٍ و وَعاها خَیرُ واعٍ؛ فَأسمَعَ داعیها و فازَ واعیها!۱

  • ﴿بِسۡمِ ٱللَهِ ٱلرَّحۡمٰنِ ٱلرَّحِيمِ ۱ قُلۡ هُوَ ٱللَهُ أَحَدٌ ٢ ٱللَهُ ٱلصَّمَدُ ٣ لَمۡ يَلِدۡ وَلَمۡ يُولَدۡ ٤ وَلَمۡ يَكُن لَّهُۥ كُفُوًا أَحَدُۢ﴾.٢

  • اللهمّ صلّ و سلّم و زِدْ و بارِك علیٰ رسولِك و خاتمِ رُسلِك و شاهدِ سرِّك و مُبلِّغِ رسالاتِك، الرّسولِ النبیِّ الاُمیِّ المكیِّ المدنیِّ التهامیِّ القرَشیّ، صاحبِ لواء الحمد و المقامِ المحمود أبی‌القاسم محمّدٍ الحمیدِ المحمود، و علیٰ أخیهِ و وصیِّه و صهرِه و ابن‌عمِّه و خلیفتِه مِن بعده قائدِ الغُرِّ المُحجَّلین و یعسوب الدّین و إمام المتّقین أمیرالمؤمنین علیّ ابن أبی‌طالب علیه السلام، و علیٰ الصدّیقةِ الطاهرةِ الحَوراء الإنسیّةِ الشّفیعةِ یومَ الجزاء فاطمةَ الزّهراء سلام الله علیها، و علیٰ سِبطَیِ الرّحمة و سیّدَیْ شَبابِ أهلِ الجنّة الحسنِ و الحسین. اللهمّ صلّ علیٰ أئمةِ المُسلمینَ و الهداةِ المهدیّین و الحجَجِ المَیامین علیِّ بنِ الحسین ومحمّدِ بن علیّ و جعفرِ بن محمّدٍ و موسیٰ بن جعفرٍ و علیّ بن موسیٰ و محمّد بن علیٍّ و علیِّ بن محمّدٍ و الحسنِ بن علیّ و الخلَفِ القائمِ المنتظَرِ المهدیّ، حُجَجِك علیٰ عبادِك و اُمَنائك فی بلادك. اللهمّ سَهّلْ مَنهجَهم و عجّلْ فی فرجهم و اجْعلنا مِن شیعتهِم و مَوالیهِم و الذّابّین عنهم.

    1. نهج البلاغة (صبحي الصالح)، ص ١٦٩.
    2. سورة الإخلاص (١١٢).

استجابة دعوة الله والرسول سبب إحياء القلوب - خطبة عيد الفطر لعام ۱٤۲٤ هـ

4
  •  

  •  

  • أعوذ بالله من الشّیطان الرّجیم

  • بسم الله الرّحمٰن الرّحیم

  • ﴿يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱسۡتَجِيبُواْ لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمۡ لِمَا يُحۡيِيكُمۡ وَٱعۡلَمُوٓاْ أَنَّ ٱللَهَ يَحُولُ بَيۡنَ ٱلۡمَرۡءِ وَقَلۡبِهِۦ وَأَنَّهُۥٓ إِلَيۡهِ تُحۡشَرُونَ﴾.۱

  • صلّوا على محمّد وآل محمّد

  • استجابة دعوة الله والرسول سبب إحياء القلوب

  • يخاطب الله تعالى في هذه الآية جميع المؤمنين ويقول يا أيّها الذين آمنوا استجيبوا دعوة الله ورسوله، فهذه الإجابة هي سبب لإحياء قلوبكم وإحيائكم. استجيبوا لما يسبّب حياتكم ويخرجكم من الموت والميتة إلى الحياة، واعلموا أنّ الله حائل وحاضر بينكم وبين قلوبكم، وأنتم جميعًا راجعون إليه. 

  • النقطة المهمّة التي تطالعنا في هذه الآية الشريفة هي أنّ الله تعالى يعدّ دعوته ودعوة النبيّ سببًا للإحياء، والإحياء يعني جعل الشيء حيًّا وإعطاؤه الحياة والإخراج من الموت والعدم والهلاك، هذا المعنى هو معنى الإحياء، وفي مقابله الهلاك والبوار والعدم والإماتة. 

  • يقول الله إنّ دعوة الله والرسول تسبّب إحياءكم. فكلّ من يجعل نفسه تحت هذه الدعوة ويمتثل لأوامر الله وأولياء الدين سيسبّب حياة نفسه، وإذا ما امتنع إنسان ما وأخرج نفسه من تحت نفوذ هذه الأمور وسيطرتها فقد تسبّب في هلاك نفسه وإماتتها، وهذه الإماتة وهذا الإحياء أيّ إماتة وإحياء هما؟ وكيف يضمن الإنسان حياته بواسطة التسليم أمام أوامر الله؟ وكيف يهيّئ لموت نفسه من خلال الامتناع عن طاعة الله؟ 

  • ما معنى الحياة والموت في القرآن والثقافة الإسلاميّة؟

  • في كتاب الإسلام المبين القرآن الكريم، وفي الثقافة الإسلاميّة وعند العلماء والأعاظم وأولياء الدين تختلف مسألة الحياة ومسألة الموت عن المعنى المستعمل في الثقافة المتعارفة. 

  • فنحن نعدّ الموت هذا الموت الظاهري وتعطّل القوى الظاهريّة وأجزاء البدن وعدم الحركة، وفي المقابل نعدّ الحياة سبب الحركة وبقاء العيش والمشي والتنفّس والتمتّع من هذه النعم الظاهريّة في الدنيا، أمّا في الثقافة الإسلاميّة وعند أولياء الله فإنّ مسألة الحياة والموت تختلف عن ذلك. 

  • ففي الثقافة القرآنيّة يعبّر بالحياة عن حياة القلب وحياة الروح وحياة النفس، وبالموت والإماتة والهلاك بعمى الباطن وانغلاق أبواب الرحمة الإلهيّة أمام القلب، تمامًا كالبصر والسمع في القرآن الكريم حيث عبّر بهما عن عمى القلب، لا العمى الظاهر: 

    1. سورة الأنفال (٨) الآیة ٢٤.

استجابة دعوة الله والرسول سبب إحياء القلوب - خطبة عيد الفطر لعام ۱٤۲٤ هـ

5
  • ﴿فَإِنَّهَا لَا تَعۡمَى ٱلۡأَبۡصَٰرُ وَلَٰكِن تَعۡمَى ٱلۡقُلُوبُ ٱلَّتِي فِي ٱلصُّدُورِ﴾۱

  • أيّها الناس إنّ هذا العمى ليس كما تظنّون، بل هو عمى القلب وعمى الضمير وعمى باطن الإنسان الذي لا يسمح له أن يتّضح الحقّ، ومهما قيل له أمر حقٌّ مرّ عليه مرور الكرام ولم يدعه يستقرّ في روحه! إنّ العمى الظاهريّ هو تعطّل آلة من آلات البدن، يحدث يومًا ويرتفع آخر مثل سائر الأمراض والآلام التي تصيب البدن والتي تحدث بسبب سلسلة علل وأسباب طبيعيّة في هذه الدنيا! وهذا العمى هو هكذا وليس بالأمر المهمّ، بل هو حدث ظاهريّ يحدث بسبب سلسلة علل وأسباب. 

  • الصمم الحقيقيّ هو أن لا تتمكّن أذن القلب وأذن الوجدان وضمير الإنسان من أن تسمع رسالة الحقّ وأن تدركها وتعمل بها، وأمّا الصمم الظاهريّ وعدم السمع الظاهري فهو ظاهرة طبيعيّة تقع أحيانًا ثمّ ترتفع. 

  • ما يبقى لنا كروح وكإنسان هو الإنسان الذي يمتدّ بامتداد واستمرار عالم الوجود والظواهر الماديّة وغير الماديّة ولا يمكن بعد ذلك أن يتصوّر له أمد ومدّة، إنّ عمى هذا الإنسان وبصره، وصممه وسمعه، وحياته وموته هي أمور مختلفة. 

  • إن كان لا بدّ أن نعبّر بالحياة فلا بدّ أن نحمل الحياة على ذلك الإنسان ونعبّر بها عن حياته. الحياة في هذه الدنيا هي يومان لا أكثر وتنتهي، وبمرض يسير يرحل الإنسان إلى دار أخرى، وبأدنى سبب يبدّل الإنسان لباسه المادّي بلباس التجرّد ولباس يناسب العوالم الأخرى. 

  • فإذن ما يستحقّ الحياة والسمع والبصر هو الحياة الأخرويّة وحياة القلب وحياة النفس وقبول النفس للحقائق! أمّا هذه الأمور الظاهريّة في هذا العالم فإنّها تزول، ولا يبني العاقل أموره أبدًا على ما يزول، على أمور أعيرت له كعارية ليومين ثمّ ستؤخذ منه يومًا ما. 

  • يقول القرآن الكريم: 

  • يا أيّها المؤمنون بما أنّكم آمنتم فـ ﴿ٱسۡتَجِيبُواْ لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ﴾؛ تعالوا وأجيبوا ما أمر به الله والرسول لتكسبوا لأنفسكم الحياة الحقيقيّة والأبديّة. 

  • فالحياة هي الحياة بفلاح ونجاج والتخلّص من الموت وعمى القلب والختمِ على القلب بخاتم البطلان وخاتم التعطيل، هذه هي الحياة. 

    1. سورة الحج (٢٢) الآية ٤٦. 

استجابة دعوة الله والرسول سبب إحياء القلوب - خطبة عيد الفطر لعام ۱٤۲٤ هـ

6
  • يقول في الآية الشريفة: 

  • ﴿مَنۡ عَمِلَ صَٰلِحٗا مِّن ذَكَرٍ أَوۡ أُنثَىٰ وَهُوَ مُؤۡمِنٞ فَلَنُحۡيِيَنَّهُۥ حَيَوٰةٗ طَيِّبَةٗ وَلَنَجۡزِيَنَّهُمۡ أَجۡرَهُم بِأَحۡسَنِ مَا كَانُواْ يَعۡمَلُونَ﴾.۱

  • كلّ من عمل صالحًا من ذكر وأنثى فإنّا سنخرجه من الموت ونحييه بحياة طيّبة، لا الحياة المتعارفة والحياة الحيوانيّة والحياة الدنيويّة الدنيّة، بل حياة طيّبة! حياة فيها نور وبهاء وبهجة ولقاء بالصالحين، ولقاء بأسماء الله وصفاته الجماليّة، لقاء بذاته المقدّسة واندكاك وفناء في ذاته ومعرفة كاملة بجميع مراتب الأسماء والصفات والانمحاء الكامل في حريم القدس والأمان الإلهيّ. هذه الحياة هي الحياة الطيّبة. 

  • وفي مقابل هذه الحياة المتعارفة والحياة الظاهريّة، قضاء ليومين في هذه الحياة الدنيا، والأكل والنوم والتمتّع بالميول والأغراض الحيوانيّة، ثمّ انقضاء العمر وانتهاؤه وتسليم الوديعة إلى صاحبها ومغادرة هذه الدنيا. فهذه الحياة حياة دنيّة. هذه الحياة حياة حيوانيّة. هذه الحياة حياة عابرة، ولو كان للإنسان عمر نوح أو عمر الخضر فإنّ هذا العمر سنتهي في يوم من الأيّام، ثمّ ماذا؟ لو لم يكن للخضر حياة أخرويّة ولم تتعطّر روحه بتلك الحياة ولم تتنشّط بها فلنفترض أنّه بقي بضعة آلاف سنة في هذه الدنيا فما الفائدة من ذلك وما النتيجة؟! فالليل والنهار لم يتغيّرا، السنة والشهر لم يتغيّرا، السماء والأرض هي كما هي، فاليوم يسلّم للغد، والغد لما بعده، وهكذا الأسابيع وهكذا تنقضي هذه المتع الدنيويّة الواحدة تلو الأخرى حتّى ينتهي سجلّ عمره ويقولون له: انتهى الأمر، إنّ أمد هذه الحياة ومدّتها ليست بغير نهاية وليست مطلقة. بل ستنتهي في النهاية، ويأتي دور فتح السجلّ الأبديّ والتحقيق في الأمور التي ليست فقط لا أمد مؤجّلاً لها، بل لا أمد لها أصلاً. 

  • ولذلك فإنّ الله تعالى يدعو الناس منّة عليهم ولطفًا وعناية بهم أن يحيوا قلوبهم وأرواحهم بتلك الحياة الأبديّة وأن يخرجوها من عالم الحيوانيّة سواء بقوا في الدينا أم لم يبقوا، وسواء كان لهم عمر قصير أم طويل ﴿مَنۡ عَمِلَ صَٰلِحٗا مِّن ذَكَرٍ أَوۡ أُنثَىٰ وَهُوَ مُؤۡمِنٞ فَلَنُحۡيِيَنَّهُۥ حَيَوٰةٗ طَيِّبَةٗ وَلَنَجۡزِيَنَّهُمۡ أَجۡرَهُم بِأَحۡسَنِ مَا كَانُواْ يَعۡمَلُونَ﴾ فمن يعمل عملاً صالحًا أيًّا يكن هذا العامل فإنّا ننجّيه من الموت ونحييه حياة طيّبة. 

    1. سورة النحل (١٦) الآیة ٩٧.

استجابة دعوة الله والرسول سبب إحياء القلوب - خطبة عيد الفطر لعام ۱٤۲٤ هـ

7
  • وفي المقابل يقول في آية أخرى: 

  • ﴿يَعۡلَمُونَ ظَٰهِرٗا مِّنَ ٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَا وَهُمۡ عَنِ ٱلۡأٓخِرَةِ هُمۡ غَٰفِلُونَ﴾؛۱ إنّ أعين الناس أسيرة نعم الدنيا هذه والتي لا تدوم لأكثر من يومين، أن نلبس جيّدًا ونصل إلى أهدافنا، وأن نحصّل أسباب الوصول إلى أفضل عيشة، ندرس لكي نحسّن دنيانا، ندرس لكي نشرب أفض ونأكل أفضل ونستفيد أكثر من نعم الدنيا هذه ونعيش في هذا المجتمع بشكل أفضل! فهذه هي آمال الناس وأمنياتهم التي لا يقصّرون من أجل الوصول إليها عن أيّة وسيلة وأيّ عمل. ولكنّهم غالفون، فإلى متى في النهاية؟! فلنفترض أنّكم وصلتم إلى ذلك فكم سنة ستعمّرون، وهل العمر بأيدكم أنتم؟ وهل تقدرون على المحافظة على أنفسك إلى ما بعد ساعة والمحافظة على حالتكم؟ لنفترض أنّكم وصلتم إلى هذه الأمور، فهل يمكنكم الاستفادة من ذلك واستعماله؟! ولنفترض أنّكم استعملتموها فإلى كم يوم أنتم أحياء؟ هل يمكن أن تبقوا أحياء إلى الأبد؟! 

  • فإذن الأساس في منطق القرآن واستنادًا إلى العقل هو الحياة الأخرويّة والعقل هو الحاكم. فالإنسان العاقل في اختياره بين الحياة الدنيا والحياة الأخرى لا يختار الحياة الدنيا، ولا يرجّح هذه الحياة على حياة الآخرة، ولا يجعل الحياة الآخرة مقهورة ومحكومة فداء ليومين من حياة الدنيا. فلو صنع إنسان ذلك فهو ليس عاقلاً بل مجنون. فالمجنون هو الذي لا تكون أعماله على أساس حكمة وغاية وهدف، ولا غاية ولا هدف لعمله، أمّا العاقل والحكيم فهو الذي يجعل لفعله وعمله هدفًا غائيًّا. وقد أشير في القرآن الكريم إلى هذا الأمر.

  • ﴿وَمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَهْوٌ وَلَعِبٌ وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ﴾.٢

  • أيّها الناس كلّ ما يتحقّق بأيديكم في هذه الدنيا لا فائدة منه! لا تتصوّروا أنّ أمر اللهو واللعب يختصّ بالأطفال وصغار السنّ، بل إذا لم نراع في أمور دنيانا وما يجري فيها وفي أفعالنا وأعمالنا ذلك الجانب الدائم والباقي في وجودنا فنحن أطفال! إن لم نلاحظ ذلك الدوام وكانت أعيننا فقط على هذين اليومين من الدنيا فإنّ هذه الثلاثين سنة وهذه الستين سنة التي نعيشها هنا غافلين عن تلك الحياة الأبديّة، نحن فيها أطفال صغار السنّ كهؤلاء بلا فرق. وبعد هذا العالم لا يوجد أمد، ولم يقل الله أنّي سأبقيكم في الجنّة ألف سنة مثلاً ثمّ تنتهي، بل جاء في آيات القرآن الخلود: ﴿خَالِدِينَ فِيهَا﴾؛٣ فالذين يرحلون من هذه الدنيا مخلّدون في ذلك العالم ولا نهاية لهم.

    1. سورة الروم (٣٠) الآية ٧.
    2. سورة العنكبوت (٢٩) الآیة ٦٤. 
    3. سورة البقرة (٢) الآية ١٦٨؛ سورة آل ‌عمران (٣) الآية ١٥؛ وكثير من الآيات الأخرى.

استجابة دعوة الله والرسول سبب إحياء القلوب - خطبة عيد الفطر لعام ۱٤۲٤ هـ

8
  • ما معنى اللهو واللعب في القرآن الكريم؟

  • فإذا جاء أناس ورجّحوا هذه الدنيا وغفلوا عن الآخرة، فهم مبتلون أيضًا باللهو واللعب، وهم أيضًا كالأطفال، فكما نضحك نحن لأعمال الأطفال وما يجري بينهم أن انظروا لأيّ شيء يختلفون ولأيّ قضايا يتنازعون، فهكذا جميع الأعمال التي تحدث في هذه الدنيا وتسبّب أن نبقى بمنأى عن تلك الحياة الحقيقيّة التي يهتمّ بها أنبياء الله وأولياؤه ونبتعد عنها هي أيضًا في حكم ألعاب الأطفال التي إذا نظر إليها الكبار ضحكوا ويروننا مجانين ويعدّوننا محرومين من نعمة العقل. 

  • إنّ هذا الوقت الذي وهبه الله للإنسان، وهذان اليومان من الدنيا اللذان وهبهما الله للإنسان لن يرجعا مرّة أخرى ﴿فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ﴾؛۱ إذا ما أغلق الملف وانتهى فمن الذي يمكنه أن يفتحه؟! من الذي يمكنه أن يؤخّره ثانية واحدة؟! من الذي يمكنه ومن لديه العلم؟! هذه الفرصة التي قدّمها الله إنّما قدّمها على أساس حكمة معيّنة، أي إنّ هذه الفرصة لا بدّ وهذان اليومان في الدنيا والوقت الذي نقوم نحن بإتلافه لا بدّ أن يدّخر لأجل تلك الحياة، ولا بدّ أن تستعمل هذه الفرصة لتحصيل تلك الحياة! ولو أنّ إنسانًا يوصل النهار بالليل لأجل تحصيل منافع الدنيا، ويوصل الليل بالنهار وهو يفكّر كيف يشغل منصبًا مهمًّا في غده، وكيف يصل إلى مكانة مهمّة وإلى حطام من الدنيا، فليعلم أنّه يسير في طريق الابتعاد عن تلك الحياة، ويتلف عمره عبثًا، ولن تتكرّر له هذه الفرصة مرّة أخرى! 

  • لقد خطّ في الخطاب القرآني بقلم البطلان وبالخطّ الأحمر على جميع الأمور التي تقوم بها البشريّة اليوم لأجل الوصول إلى المطامع وتمضية الحياة بشكل أفضل وجمع المال وتكديس بعضه فوق بعض، وقد عدّ ذلك أمورًا تسبّب القضاء على الإنسان وإتلافه ودهسه وإغلاق جميع منافذ النور عن قلبه، لا أمورًا في سبيل إحياء القلوب. 

  • نحن اليوم نسير نحو الإماتة ونحو القضاء على الحياة! كلّ يوم يمرّ علينا نحمل فيه كأسًا من السمّ ونشرب منه، وسيأتي زمان نوكل هذا العمر إلى الهلاك. هكذا هي حالنا، وكلّ وقت ينقضي منّا ولا يكون الله المتعال هو الهدف فيه، فإنّ هذا الوقت هو بالنسبة إلينا ميتة وجيفة، ذلك الوقت هو بالنسبة إلينا موت وذلك الوقت بالنسبة إلينا هلاك. 

    1. سورة الأعراف (٧) الآیة ٣٤؛ سورة النحل (١٦) الآية ٦١.

استجابة دعوة الله والرسول سبب إحياء القلوب - خطبة عيد الفطر لعام ۱٤۲٤ هـ

9
  • على المؤمن في خطاب القرآن أن يجعل حياته الدنيا عبورًا ومعبرًا لا استقرارًا! عليه أن يستفيد من قيامه وقعوده لأجل الوصول إلى تلك الحياة، عليه أن لا يخالط أيّ إنسان كان، فكثيرًا ما يكون في بعض هذه المصاحبات سمّ مهلك يدسّ في نفوسنا وأرواحنا، وكثيرًا ما لا يرد إلى قلوبنا من هذه المعاشرات إلا الاهتمام بالدنيا! على المؤمن أن يلاحظ الله في علاقاته، وهكذا كان الأعاظم.

  • كلام العلاّمة الطهراني حول الاستفادة من الوقت

  • فالمرحوم العلاّمة رضوان الله عليه كان يقول: "على المؤمن والسالك أن يستفيد من كلّ لحظة ولحظة في حياته". لا من كلّ ساعة وساعة، أو من كلّ يوم ويوم، أو من كلّ أسبوع وأسبوع، كلاّ بل هذه اللحظة، ومن هذه اللحظة الحاضرة الآن والتي هي منقضية! 

  • عجيب جدًّا، التفتوا إلى هذا الأمر، فقد قال لي: 

  • "عندما كنت أجلس في مقابل أستاذي فقد كنت ألتفت إليه بحيث لا يبقى خافيًا عليّ منه حتّى إشارته وطرفة عينه!" 

  • أي إنّني عندما أنظر إليه ألتفت إليه إلى درجة أنّه حتّى لو أشار إشارة فإنّي لا أكون غافلاً عن هذه الإشارة؛ لأنّ بعض الأمور لا تتأتّى من اللفظ ولا بدّ من فهمها بالإشارة والكناية، ويمكن أن تفوت وتفوت الفرصة عن أخذها. فقد كان هؤلاء هكذا. 

  • كان يقول: "أنا كنت أستفيد من كلّ لحظة ولحظة" لا من كلّ ساعة وشهر وكذا وما شابه، فهذه أمرها محسوم! فالمسألة دقيقة وحسّاسة إلى هذا الحدّ. 

  • لقد كان ينبّه مرارًا على هذا الأمر: 

  • ألا و إنّ لربّكم فی أیّام دَهرِكم نفَحات، ألا فتَعرَضّوا لها و لا تُعرِضوا عنها.۱

  • قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم أيّها الناس اعلموا أنّ الله تعالى جعل على مدى حياتكم فرصًا، وهذه الفرص لن تتكرّر، وهناك نفحات تأتي من عند الله...

  • فالآن إذ نجلس نحن ها هنا لا ندري هل ستدوم هذه النفحات، يمكن لتلك النفحة أن تأتي فجأة بعد ثمان عشرة دقيقة، ويمكن أن تأتي تلك النفحة بعد ربع ساعة! هناك في سلسلة العلل والأسباب الغيبيّة أمور نحن عنها غافلون. فما دام الأمر كذلك يقول رسول الله إنّ عليكم دائمًا أن تحافظوا على نافذة القلب لتكون مستعدّة لتلقّي تلك النفحات، ولا بدّ من التوجّه دائمًا، ولا قدّر الله أن يفعل الإنسان شيئًا يجعل تلك النفحات تأتي وتمضي وهذا القلب في غفلته لا يقدر على جذبها! فالأمر مهمّ إلى هذه الدرجة! والحياة حياة أخرويّة وحياة طيّبة وليس الأمر مزاحًا! 

    1. المعجم الكبیر،الطبراني، ج ١٩، ص ٢٣٤؛ رسالة لبّ اللّباب، ص ۱٩

استجابة دعوة الله والرسول سبب إحياء القلوب - خطبة عيد الفطر لعام ۱٤۲٤ هـ

10
  • طريق الوصول إلى لقاء الله

  • يقول في الآية الشريفة: ﴿فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا﴾؛۱ كلّ من أراد لقاء الله والوصول إلى لقاء ذاته فعليه أن يعمل عملاً صالحًا؛ لا أن يصلّي فقط، وأن يقتصر على صيام شهر رمضان وينتهي الأمر، ولا أن يحجّ مرّة ويقوم بالحجّ الواجب عليه! كلاّ فهذه لأجل المراتب الدانية والسفلى. من أراد لقاء الله فعليه أن يبذل أكثر وأن ينفق أكثر هنا؛ إنّ لقاء الله يختلف عن لقاء الجنّة المتعارفة والجنّة الظاهريّة.

  • ﴿فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ﴾ من أراد أن يصل إلى لقاء الله فعليه أن يقضي الأربعة والعشرين ساعة في جميع أيّامه بالعمل الصالح، لا أن يقضي أربعًا وعشرين ساعة فقط بالصلاة والذكر! بل عليه أن يعمل في هذه الأربعة والعشرين ساعة بحيث لا يكون فعله ناشئًا عن الهوى والهوس والرغبات النفسيّة. فإن كان يصلّي فليصلّ لأجل الله، وإن كان يقوم بعمل فليصفّ قلبه مع الله قبل القيام بهذا العمل ثمّ يقدم عليه، لا أنّه بعد أن ينهي ذلك العمل يفكّر في فيه هل كان صحيحًا أم خاطئًا؟ 

  • ﴿فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا﴾

  • من أراد أن يصل إلى لقاء الله فعليه أن لا يشرك، وعليه أن لا يجعل أحدًا مساويًا وموازيًا لله شريكًا في عمله!

  • معنى الاستجابة والفرق بينها وبين الإجابة في قوله تعالى استجيبوا لله وللرسول 

  • الملفت في الآية التي كانت مدار البحث والدقّة التي وردت فيها هي لفظ ﴿اسْتَجِيبُوا﴾

  • ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ﴾٢

  • يا أيّها الذين آمنوا إذا دعاكم الله والرسول فاستجيبوا! وهناك فرق بين الاستجابة والإجابة. الإجابة تعني أن يقوم الإنسان بالعمل، والاستجابة تعني أن يجعل نفسه تحت التصرّف وفي مقام الطاعة! وهذه النقطة مهمّة فعندما يأتي أمرٌ من قبل الله ومن قبل الرسول فعلى الإنسان أن لا يجيبه بإكراه ولا يجيبه عن اضطرار، ولا يجيبه عن خوف، ولا يكون حاله أن يقول: إن لم أجب ولم أعمل فسأعاقب في ذاك العالم، بل أن يجعل نفسه تحت التصرّف والاختيار! 

    1. سورة الكهف (١٨) الآیة ١١٠.
    2. سورة الأنفال (٨) الآیة ٢٤.

استجابة دعوة الله والرسول سبب إحياء القلوب - خطبة عيد الفطر لعام ۱٤۲٤ هـ

11
  • يا أيّها الذين آمنوا إن كنتم تريدون أن تصلوا إلى ذلك الإحياء وتلك الحياة الحقيقيّة فلا تنتظروا أن يقول لكم الله والرسول وأولياء الله شيئًا ثمّ تقومون به اضطرارًا وإجبارًا وبأيّ شكل من أشكال النفس، فإنّه لا فائدة منه هكذا أو أنّ فائدته يسيرة جدًّا. بل عليكم أن تعملوا بما يقولون بكامل الرغبة! ألا تريدون أن تبلغوا إلى الحياة؟! ألا تريدون أن تغدو قلوبكم حيّة؟! أولا تريدون أن تخرجوا من الموت والكون ميتة وجيفة؟! إن كان الأمر هكذا فلا تأتوا بوجوه مكفهرّة وتقوموا بالعمل مكرهين، واعلموا أنّهم يريدون خيركم وصلاحكم. ما فائدة الأمر بالنسبة إليهم؟! لقد مضوا في طريقهم ووصلوا إلى الهدف، وأنتم إن شئتم فتفضّلوا وإن شئتم فانصرفوا! الأمر بالنسبة إليهم منتهٍ. 

  • ورغم أنّه من الممكن أن تكون هذه الأمور صعبة على النفس ويكون في تحمّلها شيء من العسر، ولكن الطريق هو هذا. طريق الحياة هو هذا، ففي النهاية فيه مشاكل وعلى الإنسان أن يتحمّل وهذه الفرصة لن تتكرّر. على الإنسان أن يكون مسلِّمًا في الأمور؛ لأنّ ذلك الرسول لديه إشراف أكثر في الأمور، ويعرف حقائق أرفع، ويمكنه أن يأمر وينهى بشكل أفضل، ويمكنه أن يجعل الإنسان في المواضع المختلفة من الصلاح، وغيره وإن كان عالمًا وإن كان قد استفاد من هذه العلوم الظاهريّة، فإنّه ما لم تتنوّر عين قلبه بحقائق هذه العلوم لا يمكنه أن يقوم بذلك، ولا يمكن أن يصف دواء كلّ إنسان بما يناسب حاجته، ويكتب وصفة كلّ مريض بما يفيده. فهذا يختصّ بأصحاب الإشراف على النفوس والقادرين على تشخيص المصالح. 

  • يقول أمير المؤمنين عليه السلام في وصف النبيّ: 

  • طَبیبٌ دَوّارٌ بِطِبّه قَد أحكمَ مَراهِمَه و أحمیٰ مَواسِمَه یضَعُ ذلك حَیثُ الحاجةُ إلیه مِن قلوبٍ عُمیٍ و آذانٍ صُمٍّ و ألسِنَةٍ بُكم مُتَّبِعٌ بِدَوائِهِ مَواضِعَ الغَفلَةِ وَ مَواطِنَ الحَیرَةِ.۱

  • طَبیبٌ دَوّارٌ بِطِبّه كان رسول الله طبيبًا ولكنّ أيّ طبيب؟ هل كان هكذا يكتب الوصفة دون التفات إلى المريض؟ وهكذا يكتب دواء واحدًا على الدوام للجميع؟! 

  • أبدًا! دوّار بطبّه يعني أنّه حاذق في طبّه ومتمكّن ويعرف مواضع الابتلاء ويعرف جيّد الدواء. 

    1. نهج البلاغة (عبده)، ج ١، ص ٢٠٧. 

استجابة دعوة الله والرسول سبب إحياء القلوب - خطبة عيد الفطر لعام ۱٤۲٤ هـ

12
  • قَد أحكمَ مَراهِمَه و أحمیٰ مَواسِمَه كان طبيبًا إذا ما وضع مرهمًا فإنّه كان يضع هذا المرهم في موضعه بشكل كامل لا ناقص، وفي الموضع الذي يحتاج إلى دواء فإنّه كان يسمح بذلك الدواء في وقته، وعندما يحتاج الأمر إلى الكيّ ـ وهذا مهمّ! ـ فإنّه يكوي الموضع بشكل دقيق ويقتلع البلوى من جذورها. وهذا لا يتأتّى من أيّ إنسان. 

  • یضَعُ ذلك حَیثُ الحاجةُ إلیه لم يكن يقول اعتباطًا أن اذهبوا وصلّوا بهذا المقدار، اذهبوا واذكروا يوميًّا بهذا المقدار، اذهبوا وقوموا بهذه الأعمال والأعمال المستحبّة، لم يكن يكتب الوصفات الطبيّة هكذا بغير حساب، بل يكتب لكلّ إنسان ما يحتاجه، كان يدرك أمراض كلّ إنسان على حدة ويكتب له الدواء بشكل دقيق، لا لغيره، فلدى رسول الله لكلّ إنسان سجلّه الخاصّ وهو يلاحظ هذا الملفّ لكلّ إنسان. 

  • مِن قلوبٍ عُمیٍ و آذانٍ صُمٍّ و ألسِنَةٍ بُكم

  • إلى أين كان يتّجه رسول الله؟ هل كان يتّجه إلى البدن؟! فهذا البدن لا قيمة له! رغم أنّه ذكر أمورًا حول صحّة البدن، ولكن لا قيمة له، كان نبيّنا يتوجّه نحو القلوب العمياء، القلوب التي لا يمكن أن تدرك الحقيقة، ولو تكلّمت معه سنة كاملة فإنّه لا يصغي ولا يعي شيئًا. إذا قيل له شيء فإنّه لا يدخله إلى أذنه أساسًا، وإذا ما طرح عليه أمر فإنّه لا يفكّر فيه. 

  • فرسول الله وأئمّة الهدى والأولياء يتوجّهون إلى القلب، القلوب المغلقة. هم يريدون أن يفتحوا هذه القلوب، القلوب الميّتة ولا نافذة لها إلى الحقّ! هم يريدون أن يفتحوا هذه النافذة، وهذا الأمر يحتاج إلى عمل، على هؤلاء أن يعملوا على المواضع التي سبّبت إغلاق هذه النافذة، فليس كلّ عملهم مرضيًّا ومناسبًا للميول والأغراض، بل ربّما يأتي أمر ونهي في بعض الموارد وخلافًا للتمنيّات التي نظنّها نحن خيرًا، ولكن الإنسان لا يدري السبب، بل يخيّل إليه أنّ لرسول الله عداوة معه، يخيّل إليه أنّ له عليه حسابًا! ولا يدري أنّ هذا الأمر الذي يقوله رسول الله إلى أين ينتهي وأيّ نقطة يحرق، وأيّ موضع يكوي، ولأنّه لا يعرف ذلك فإنّ صوته يرتفع. 

استجابة دعوة الله والرسول سبب إحياء القلوب - خطبة عيد الفطر لعام ۱٤۲٤ هـ

13
  • مِن قلوبٍ عُمیٍ و آذانٍ صُمٍّ رسول الله يريد أن يجعل هذه الآذان سميعة، الآذان التي لا يدخلها الكلام الحقّ وهي مبتلاة بأمور الدنيا وترى الفلاح والنجاح فقط في التمتّع الأفضل بالطعام والرعي بشكل أفضل وادّخار المال وتقضية الحياة! لأجل من؟ يا ابن آدم أنت ستموت بعد يومين ولا خبر لديك عن غدك، فبدلاً من أن تفكّر في غدك الذي تمضي إليه تفكّر دائمًا في تخزين المال! فإلى من سيصل هذا المال؟ إلى أيدي الورّاث، وأنت ستكون قد مضيت! وهنا سيشملنا ذاك الحديث الذي يقول فيه رسول الله: شقيّ۱ الأشقیاء مَن باعَ دینَه بدنیاه، و أشقیٰ مِنه مَن باعَ دینَه بدُنیا غیرِه٢

  • فالذي يقضي الآن عمره ويتلف وقته لأجل من يفعل ذلك؟ لأجل الذين سيأتون لاحقًا ويستفيدون منه؟ أي إنّك قضيت على دينك لتعمر دنيا غيرك؟! هل هذا العمل عقلائي، وهل العاقل يفعل ذلك؟ هذا عمل المجانين.

  • قصّة عن مراقبة آية الله حجّت لنفسه

  • قال المرحوم العلاّمة رضوان الله عليه: 

  • عندما شارف آية الله حجّت رحمة الله عليه على فراق الدنيا جمع أرحامه (لقد كان رجلاً عظيمًا جدًّا، رجلاً صاحب حميّة، رجلاً ملتزمًا، رجلاً حازمًا، رجلًا ثابتًا، كان راسخ القدم على المبادئ ولا يتنازل) فلمّا جمع الجميع نظر إليهم وقال: يا ورّاثي ويا أرحامي اعلموا أنّي من الزمان الذي أتذكّره إلى الآن، لم أصرف لحظة من حياتي الخاصّة لأجل القضاء على ديني، لم أصرف لحظة واحدة، ولم أطلب أبدًا أن أقضي على دِيني لكي أصل إلى دنياكم.

  • ثمّ طلب بعد ذلك الخاتم الذي كان يختم به وفتّته أمام أعينهم كيلا يتمكّن أحد من سوء الاستفادة منه. 

  • هذا هو الرجل المستقيم والرجل المراقب لنفسه والذي يحرس نفسه ويحميها. أمّا أنّ الآخرين يسرّون من ذلك أم لا؟ فلا شأن له بذلك. فهناك الكثير من الأعمال التي يقوم بها الإنسان ولا تعجب الآخرين. أفهل نحن أحياء لأجل الآخرين؟! هل نحن نتنفّس لأجل الآخرين؟ وهل نحن في هذه الدنيا لأجل الآخرين؟ الآخرون يريدون القيام بكثير من الأعمال ما شأننا نحن؟! على كلّ إنسان أن يطوي طريقه الخاصّ، وعلى كلّ إنسان أن يراقب أعماله هو وسلوكه هو ويحمل صحيفته هو، لأنّنا يوم القيامة لا نحمل صحائف غيرنا.

    1. في بعض المصادر شرّ وفي بعضها أشقى أيضًا. (م) 
    2. روض الجنان، ج ٢، ص ٤٩.

استجابة دعوة الله والرسول سبب إحياء القلوب - خطبة عيد الفطر لعام ۱٤۲٤ هـ

14
  • ففي يوم القيامة لا الأب يفكّر بالابن، ولا الابن يفكّر بالأب، ولا الأمّ تفكّر بطفلها:

  • ﴿يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ ، وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ ، وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ ، لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ﴾.۱

  • في يوم القيامة يبتعد الأب عن الابن، والأم عن الابن، ولكلّ إنسان شأنه الخاص، وشأن كلّ إنسان يكفيه عن شأن غيره فلا يتفرّغ له، نحن هناك علينا أن نحمل مسؤوليّة أعمالنا، هناك لا يقبلون منّا قولنا: لقد قمت بهذا العمل لأجل هذا ولأجل ذاك. فلا فائدة هناك لهذا الكلام. يقولون: :لو شئت لما عملته؟ من كلّفك بهذا؟ فلنفكّر من الآن! 

  • لقد كان رسول الله يبحث عن القلوب العمي، ليست حركة الأئمّة وأولياء الله نحو الدنيا والدعوة إليها، لأنّ هذه الدعوة دعوة إلى الإماتة والضلالة والنفس والبهيميّة، في حين أنّ دعوتهم دعوة إلى الإحياء والفلاح، فما دام الأمر كذلك فمن الذي يحترق قلبه من أجلنا هم أم الآخرون؟ أيّهم يحترق قلبه وأيّهم هو الحنون علينا؟ أهؤلاء الذين يدعوننا إلى تحسين مطعمنا ومرعانا والعيش في الدنيا بشكل أفضل؟ أم هؤلاء الذي يريدون أن يخرجونا من هذه الحالة؟ أيّهم هو العطوف وأيّهم يريد مصلحتنا؟ 

  • مُتَّبِعٌ بِدَوائِهِ مَواضِعَ الغَفلَةِ وَ مَواطِنَ الحَیرَةِ واقعًا عجيب! لقد كان رسول الله يستعمل دواءه في الموضع الذي تسيطر فيه الغفلة على ابن آدم وتغشاه أستار الجهل والحماقة! فهنا يضع رسول الله الدواء. يقول: هنا عليك أن لا تفعل هذا! وهنا عليك أن تفعل هذا! هنا قم واهنا اجلس! هنا سر وهنا توقّف! وهنا قم بهذا العمل! 

  • جاء رجل إلى المرحوم العلاّمة وقال: سيّدنا أريد منكم برنامجًا عباديًّا فأرشدوني! فقال له: لا يمكنك! فأصرّ ذلك الرجل كثيرًا فقال له المرحوم العلاّمة لا يمكنك! ثمّ وضمن حديثه معه قال له: إلى أيّ حدّ تستطيع أن تسلّمني نفسك؟ هل تصغي لكلّ ما أقوله وتقبل؟ 

  • فقال: كلّ أمر تتفضّل به أنفّذه إلا في الأمور السياسيّة التي أنا مشغول بها الآن لأنّي تعهّدت مع الآخرين، وهي أمور كانت في السابق، فلتترك لي حريّة فيها. 

    1. سورة عبس (٨٠) الآیات ٣٤ ـ ٣٧. 

استجابة دعوة الله والرسول سبب إحياء القلوب - خطبة عيد الفطر لعام ۱٤۲٤ هـ

15
  • ولكنّه وضع يده على ذلك الموضع. 

  • و أحمیٰ مَواسِمَه مشكلتك أنت هنا! لن أتعرّض لصلاتك وصيامك، فالعمل الذي تقوم به أنت الآن ليس لأجل الله، فلو كان لأجل الله لما وقفتُ في وجهك، فأنت إذ تسير في هذا الطريق هل تسير على أساس التكليف أم على أساس النفس؟ إن كان على أساس النفس فلتستيقظ إذن. وإن كان على أساس التكليف فلماذا تطلب منّي أن لا أقرب هذا؟! أنت الآن اخترتني كواحد من الأعاظم وانتخبتني كوليّ وخبير وبصير، فلماذا تستثني؟! ولماذا تقول في موضع: نعم وفي موضع: لا؟! 

  • وهنا تتجلّى مسألة ﴿اسْتَجِيبُوا﴾ تلك: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا﴾؛۱ فوّضوا إليّ وسلّموا أنفسكم واقبلوا ما يأتي ولا تكونوا بحيث تقولون في موضع: نعم. وفي موضع آخر: لا، في موضع تقولون: نمتثل، وفي موضع آخر تقولون: لا نمتثل، لأنّ من بيده الأمر وبيده مقود السفينة قبطان ماهر، من بيده زمام الأمر يختلف عن الناس العاديّين، لقد فتحت عينه، والأمر واضح أمامه وهو يقول برؤية واضحة: قم بهذا العمل أو لا تقم به، ويريد لك الخير، فإن كنت لا تريد فاذهب وافعل ما شئت، فلا أحد يتدخّل بأمرك. 

  • ألم يأت أفراد إلى المرحوم الوالد ثمّ غادروا؟! لقد جاء هؤلاء جميعًا وغادروا فماذا حصل؟! ألم يكونوا يعترفون أنّه باتّصالهم به ظهر النور في حياتهم؟! ألم يكن المحيطون بهم يقولون إنّه بعد ارتباطهم به اختلفت أحوال ذلك المرتبط أو أحوال تلك الجماعة المرتبطة، وصارت الأمور تحلّل بطريقة أخرى، وتغيّرت الأفكار والروحيّة وطريقة الكلام؟! ألم يكونوا يقولون ذلك؟! كلّ ذلك هو لأجل ذلك المقدار الذي سلّموا فيه أنفسهم! 

  • ذات يوم وفي ذلك العهد السابق قلت للمرحوم العلاّمة: في نظركم هل سلّم فلان الذي يأتي إليك تمام وجوده؟ فقال: "كلا يا سيّد محسن لقد سلّم عُشر وجوده". وقد أثّر ذلك العشر في حياته إلى هذا الحدّ، فكيف لو سلّم كامل وجوده؟! ثمّ رأيتم كيف أنّ هذا الأمر وما حدث سبّب أن لا يتمكّن أيّ أحد من الاستفادة من تلك الحالة التي أوجدها لنفسه! فهذه الحالة لا تحصل لأيّ إنسان في النهاية، فعندما يعطون لا يعطون لأيّ إنسان، وهذه الفرصة التي حصلت له لا تتكرّر، أما لو أنّ الإنسان مضى مستبدًّا برأيه في تلك الأمور المهمّة التي يجب أن يسلّم نفسه فيها وسار في الطريق متقدّمًا فلا فائدة من ذلك. 

    1. سورة الأنفال (٨) الآیة ٢٤.

استجابة دعوة الله والرسول سبب إحياء القلوب - خطبة عيد الفطر لعام ۱٤۲٤ هـ

16
  • إنّ رسول الله والأئمّة يضعون أيديهم في مواضع الغفلة، يقولون: رغم أنّك عالِم، رغم أنّك فاضل، ورغم أنّ لك خبرة بالعلوم، ولكن يا عزيزي هذه الأمور هي وراء العلم الظاهري، ولا شأن لها بالعلم الظاهريّ، وهذا الأمر يتطلّب نور باطن آخر، لا علم ظاهر فقط! وهذا الأمر يتطلّب نافذة أخرى إلى العالم! فبما أنّ هذه النافذة قد فتحت فلماذا لا تقدّرونها؟ لذلك فإنّ مواضع الغفلة تلك تبقى على حالها! هو يريد أن يصلح هذه الموارد، ولكنّ الإنسان يشعر أنّ هذا ليس صحيحًا، ولذلك فإنّ ذاك الإحياء الذي لا تتحقّق لنا لوازمه ونبقى في تلك المراتب السفلى والأمور السفلى ونتوقّف ونبقى في تلك الدائرة التي سلّمنا أنفسنا فيها. 

  • أمّا الذين يتقدّمون واقعًا وإذا ما قيل أمر ما يقبلونه ولا يتصوّرون أنّ هذه الأمور هي لإيذائهم، بل يعلمون أنّ هناك أمرًا ما، فهؤلاء يأخذون نصيبهم من الفائدة، نصلّي ولكن بعد مدّة ندرك أيّ مشكلات كانت في صلاتنا! نقيم المجالس لأجل الإمام الحسين، ولكن بعد مدّة ندرك أنّه كان في هذه المجالس هوى نفس، ولكي يجتمع الناس ويكون في المجلس حفاوة، ماذا يريد الله؟ الله يقول: "لا تقم هذا المجلس!" هو يريد مصلحتك، فإن لم ترد فاذهب وأقمه، هو يريد أن تؤدّي هذا الصيام الذي كتب لك بأفضل نحو، هو يريد أن يمضي شهر رمضان هذا الذي حلّ بأفضل نحو! فإن كان لا بدّ أن نجلس على هذه المأدبة الإلهيّة ونستفيد من هذه المائدة فلماذا لا نستفيد الاستفادة الفضلى؟! فمن هناك لا بخل، فليستفد الإنسان بشكل أفضل! فلو أنّ الإنسان لم يذهب إلى مكان ما ولم يشارك فلن تحدث مشكلة! يقولون للإنسان: تفضّل إلى هذا المكان. نقول: هل هناك مشكلة في أن أذهب إلى ذاك المكان؟ فيقولون: لا تفضّل واذهب! فلتذهب ألف سنة! 

  • ـ هل هناك مشكلة سيّدنا في أن لا نشارك في هذا المجلس وبدلاً منه نشارك في مجلس آخر؟

  • لو بقينا ألف سنة واضعين القرآن على رؤوسنا ونحن على هذه الحالة فلا فائدة، لأنّ هذا الذهاب هو على أساس النفس، هذا الذهاب هو تجوّل في التخيّلات والخيالات، هذا الذهاب هو توجيه لأمور الباطن، هذا الذهاب لا حقيقة له. 

استجابة دعوة الله والرسول سبب إحياء القلوب - خطبة عيد الفطر لعام ۱٤۲٤ هـ

17
  • يقولون: لا تقم بهذا العلم! وقم بذاك ﴿اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ﴾؛۱ فما داموا يريدون أن يحيونا فعلى الإنسان أن يسير إليهم بكامل وجوده. 

  • تعامل الله مع الإنسان على أساس أمله ورجائه

  • لقد انقضى شهر رمضان وأراد الله أن نعيش هذا الشهر، وعلى كلّ حال جميعنا معترفون بأنّنا لم نؤدّ ما يلزم للعبوديّة والانقياد، ولكن من ناحية أخرى فإنّ رحمة الله ومغفرته وسعة غفرانه ورضوانه أرفع من هذا الكلام. كلّنا أمل أن يعاملنا الله بلطفه وكرمه وفضله، وأن يرزقنا ما رزق أولياءه والواصلين إليه. نحن أحياء بالأمل فقط، ووجودنا كلّه وذخيرتنا كلّها هي الأمل، وهذا هو أيضًا ما يريده الله منّا. وهو لا يسرّ من العبد اليائس. من الجيّد دائمًا أن يتعامل الإنسان بأمل مع إلهه، ولا يغلّب أبدًا جانب اليأس على حالته. لا يقل: من نحن؟! ماذا نحن؟! متى يصل الدور إلينا؟! أين نحن من هذا الطريق؟ فالله لا يسرّ من هذه الحال! على الإنسان أن لا يرى لنفسه حسابًا ولا يحسب لعمله حسابًا، ولكن في المقابل فإنّ مقام عزّة الله وكبريائه ومولويّته هي أعلى أيضًا من أن تكون نظرة الله إلى عبده هكذا، وكأنّنا نستقلّه ولا يمكننا أن نرى شمول رحمته لنا وأن نقرّب أنفسنا من ذلك الحريم! فالله لا يسرّ من هذه الحال. الله يريد أن يتوجّه العبد إليه دائمًا بحالة من الشعف والأمل، ودائمًا بحالة من الالتماس والالتجاء وقضاء الحاجات. فهو يقول: أنا عندَ حُسنِ ظَنّ عَبدِیَ المؤمنِ بی٢ بمقدار ما يكون للعبد ظنّ حسن بالله فأنا أكون معه بهذا المقدار. 

  • فما دام الأمر كذلك والطريق من هذه الناحية مفتوحًا والمائدة مبسوطة، فلماذا نبخل نحن ونقصّر؟! ما دام الأمر من هناك مفتوحًا فعلينا أن نضاعف من أملنا. 

  • لقاء الله أعظم عناية لله بعباده في يوم عيد الفطر

  • في دعاء اليوم نقرأ: اللهمّ إنّي أسألك خير ما سألك به عبادك الصالحون! 

  • يا ربّ أنا صمت هذا الشهر، ولكنّي لا أرى نفسي تستحقّ أن تكون في زمرة الصالحين، ولكنّ كرمك يقتضي أن أقرأ هذا الدعاء، أنت طلبت أن أقوم بذلك، وأنت أمرت أن أدعوك الآن بهذا النحو، فلتجبني أنت إذن، وافتح لي أنت الباب، وارفع الموانع أنت بنفسك وقم بنفسك بهذا الإحياء! 

    1. سورة الأنفال (٨) الآیة ٢٤.
    2. بحار الأنوار، ج ٦٧، ص ٣٦٦، نقلاً عن الكافي.

استجابة دعوة الله والرسول سبب إحياء القلوب - خطبة عيد الفطر لعام ۱٤۲٤ هـ

18
  • اللهمّ إنّی أسألك خیرَ ما سَئلك به عبادُك الصّالحون. لا الأمور الجيّدة بل الأرفع! فالله يقول: أنا لا أبخل فلماذا تبخل أنت؟! 

  • أرفع شيء يريده الله لعباده الصالحين هو لقاؤه ﴿فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا﴾.۱ 

  • علينا أن لا نكتفي بأقلّ من لقاء الله أيّها الرفقاء! وهذا الكلام الذي يقول: أين أنت وأين هو؟ متى يمكنك أن تصل إلى ذلك المقام؟! كلّه كلام الشيطان، فلنقل للشيطان: لأنّك أنت ابتعدت جئت إلينا تريد إبعادنا! كلاّ نحن لا نخدع! لقد قال الله لنا وأخبرنا أولياؤه ووصلتنا الحقائق، وإن شاء الله سنصل تحت ظلّ أولياء الله والأئمّة المعصومين وإمام الزمان عجّل الله تعالى فرجه الشريف وإن شاء الله سيأخذ الإمام بأيدينا جميعًا! 

  • و أعوذُ بك ممّا استَعاذَ مِنه عِبادُك المُخلِصونَ؛٢

  • هذا الجانب الذي جعله الله لنا اليوم، نسأل الله أن يجعل هديّة عيدنا اليوم شفاعة قائم آل محمّد وأن يعدّنا من زمرة شيعته الحقيقيّين.

  • اللهمّ إنا نَرغبُ إلیك فی دَولةٍ كریمةٍ تُعزّ بها الإسلامَ و أهلَه و تُذلّ بها النّفاقَ و أهلَه و تَجعلُنا فیها مِن الدُّعاة إلیٰ طاعتِك و القادةِ إلیٰ سَبیلك و تَرزُقُنا بها كرامةَ الدّنیا و الآخرة.٣

  • إلى أرواح شيعة أمير المؤمنين عليه السلام الذين ودّعوا دار الفناء وتشرّفوا بدار البقاء صلّوا على محمّد وآل محمّد ثلاثًا. 

  •  

  • اللهمّ صلّ على محمّد وآل محمّد.

    1. سورة الكهف (١٨) الآیة ١١٠.
    2. إقبال الأعمال، ج ١، ص ٢٨٩.
    3. مصباح المتهجد، ج ٢، ص ٥٨١.