قسم السؤالالاعتقادات
كود المتابعة 5613
تاريخ التسجيل 1441/12/14
آية الله السيد محمد محسن الحسيني الطهراني

ما السبب في تصدي بعض المدعين للعلم وخوارق العادات؟


بسم الله الرحمن الرحيم
يودّ الحقير أن يعرف ما هي العلة في أنّ عدة من العلماء وغير العلماء يقومون بادعاء الدعاوى الباطلة ويجمعون الناس من حولهم معتمدين في ذلك على حد تعبير المرحوم الحداد رحمة الله عليه على خداعهم بالمظاهر؟ والسلام عليكم ورحمة الله
لا تختص هذه المسألة بزماننا هذا، فقد ظهرت على مدى التاريخ جماعات تدّعي المسؤولية والرسالة نفاقاً وكذباً، والحال أنّهم هم أنفسهم لم يكونوا يمتلكون ما يؤهلهم لتبليغها، ولم يكن ذلك فقط في مجال العرفان والسلوك، بل كان في سائر مجالات الدعوة الدينية. هل كان مدّعو الفقه و الفقاهة في أوساطنا قلّة؟ وقد تسبّب هؤلاء للإسلام والمسلمين على مدى الأزمان ما سببوا، واستطاعوا جذب الناس المتحيرين إلى أنفسهم ومنافعهم وأغراضهم ونواياهم الدنيوية والنفسانية من خلال خداعهم بالمظاهر. وهل كان عمل كلّ أولئك الكذابين وواضعي الأحاديث والأخبار كأبي هريرة وسمرة بن جندب الذين قامت على أكاذيبهم حكومات خلفاء الجور، وكلّ أولئك العلماء من أهل السنة الذين كانوا السبب في بقاء واستمرار الأنظمة المستبدة، هل كان عملهم سوى اجتذاب الناس نحو رغباتهم الفاسدة بواسطة اختلاق ما يجذب الآخرين ويخدعهم؟!ولا يخفى أن ديدن كل دعوى باطلة وادعاء نفساني شيطاني هو التخفي خلف هدف خيّر صالح بظاهره، كيلا يفتضح وجه نفاقها وباطن مكرها وحيلتها أمام الناس، جاعلة من هذه الصورة المقبولة والصالحة الظاهر وسيلة للارتزاق وحفظ كيانها الخاص. لقد كان الأمر كذلك منذ آدم وحتى النبيّ الخاتم، ومن زمان النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم حتى الآن وسيبقى هكذا. ولم تكن مسألة العرفان مستثناة عن هذه القاعدة، فدائماً كان وسيكون أيضاً فئة يجمعون الناس من حولهم، بطرحهم للقصص وبيانهم للنكات والظرائف وحالات الأجلاء وخوارق العادات والكرامات والروايات الواردة في المسائل الأخلاقية والعرفانية، وتشكيل الجلسات وادعاء الانتساب إلى الأجلاء والتتلمذ والتربية عندهم، وكانوا يستفيدون من ذلك في حفظ حياتهم الدنيوية وإرضاء لذائذهم النفسانية والشيطانية، ومنشأ كلّ ذلك هو أهواؤهم النفسية وميولاتهم الشيطانية، وما دام هناك نفس ونفسانيات ستبقى هذه السُّنة قائمة. والشيء المهم هنا هو أن يكون كلّ فرد مسؤولاً عن فعله وقوله، لا يتجاوز حدّه، ولا يكون موجباً لفتنة وهلاك الآخرين وخسران نفسه وسوء حظه، كما يقول مولى المتقين أمير المؤمنين عليه السلام: "رحم الله من عرف قدره".