السيد هاشم الحداد قدس سره

الولادة: ولد السيد هاشم الحداد في سنة 1318هـ.ق، في مدينة كربلاء المقدّسة
الوفاة: 12 رمضان المبارك 1404 هـ. ق. ، كربلاء المقدّسة
نسب سماحة الحاجّ السيّد هاشم الحدّاد رضوان الله عليه:
كان والد السيّد هاشم السيّد قاسم قد تزوّج بامّه و اسمها زينب. و
تزوّج السيّد الحدّاد بامرأة اسمها هديّة و
تكنّي بامّ مهدي، و تنتمي إلى عشيرة
الجنابات و هي من العشائر العربيّة الأصيلة و العريقة و المشهورة بعراقتها و
أصالتها، و تتواجد حاليّاً في الحلّة و كربلاء و النجف الأشرف و بعض المناطق
الاخرى، و من عادة أفرادها أن لا يزوِّجوا بناتهم لغيرهم و لا يتزوَّجوا من غيرهم.
و يشغل أفرادها غالباً المناصب الحكوميّة من الرؤساء و الضبّاط؛ لذا فحين ذهبت امّ
مهدي مع السيّد الحدّاد مرّة إلى المحكمة لإصدار شهادة الجنسيّة لأولادها، قال لها
الحاكم: أليس من الحيف أن تتزوّجي من هذا السيّد الغريب الهنديّ المجهول الذي لا
أصل له و لا نسب؟!
فما كان من هذه المرأة الثابتة الجنان إلّا أن زمجرت في وجهه كاللبوة: أنت الذي لا أصل لك و لا نسب! فهذا السيّد ابن رسول الله و ابنأمير المؤمنين و فاطمة الزهراء. هذا هو نسبه، فقل لي نسبك إلى ما قبل مائة سنة، فضلًا عن ألف و أربعمائة سنة! و هكذا فقد أذعن الحاكم أمام منطقها و اعتذر منها.
أما أبو زوجته فهو حسين أبو عَمْشة، و كان اسم امّ زوجته نجيبة.
و كانت كربلاء مسقط رأس
السيّد هاشم، كما كان أبوه من مواليد تلك المدينة أيضاً؛ أمّا جدّه السيّد حسن
فكان من شيعة الهند، و كان قد وقع في الأسر خلال النزاع و الحرب الدائرة بين
طائفتَينِ من أهل الهند بِيَدِ الطائفة المنتصرة، فباع هؤلاء المرحوم السيّد حسن
-جدّ الحدّاد- إلى عائلة شيعيّة ملقّبة بـ «أفضل خان»،
ثمّ هاجرت هذه العائلة إلى كربلاء و أخذوا السيّد حسن معهم إليها. ثمّ إنّهم
أطلقوه من الأسر لمّا شاهدوا منه الكرامات العديدة و لم يعودوا يكلّفوه بعمل. لكنّ
السيّد حسن كان يأبى منهم تركه بلا عمل؛ فخيّروه بين عدّة أعمال، فاختار منها
السقاية، و قال: هي شغل عمّي العبّاس سلام الله عليه.
و هكذا فقد حطّ السيّد حسن رحاله في كربلاء المقدّسة، ثمّ تزوّج بجدّة السيّد الحدّاد. و من أبنائه السيّد قاسم الذي انجب ثلاثة أولاد: السيّد هاشم الذي وُلِد في «قلعة هندي»، و كان ذلك بسبب الهجوم الذي وقع على كربلاء و قَطْع الماء عنها، ممّا اضطرّ السيّد قاسم و عائلته إلى النزوح عنها و الذهاب إلى المنطقة المذكورة؛ و السيّد محمود و السيّد حسين. و كان السيّد محمود يعيش في كربلاء، و قد توفّي قبل السيّد حسين. أمّا السيّد حسين فكان يعيش في بغداد، و يعمل في صناعة الأحذية. و مع أنّهما كانا أصغر من السيّد هاشم، إلّا أنّهما التحقا بالرحمة الأبديّة قبله.
أستاذ السيد الحداد في السير و السلوك العرفان:
لقد تتلمذ السيد هاشم الحداد في السير و السلوك عند أستاذ واحد ، و هو العارف بالله وبأمر الله، فريد عصره ووحيد دهره سماحة آیة الله الحاجّ السیّد علي القاضي قدّس الله سرّه. يقول العلامة الطهراني في هذا الصدد:
يُعدّ [السيد هاشم الحدّاد] من أقدم تلامذة تلك الآية الإلهيّة [السيد علي القاضي]، و أكثرهم قدرة و تمكّناً في سلوك درب التجرّد، و في طَيّ عالم الملك و الملكوت و تخطّي نشآت التعيّن، و الورود في عالم الجبروت و اللاهوت، و الاندكاك المحض و الفَناء الصِّرف في الذات الأحديّة للحقّ جلَّ و علا.
...
و في الأوقات التي كنت أستفيد فيها من المحضر الفيّاض للُاستاذ العلّامة آية الله الطباطبائيّ قدّس الله نفسه في بلدة قم الطيّبة، كنت أسمعه أحياناً يذكر اسم السيّد هاشم بأنّه من تلامذة المرحوم القاضي القدماء؛ و الذين يملؤُهم العشق و الهيجان، و يلفّهم التحرّر و التمرّد على القيود، و كان ساكناً في كربلاء؛ و كان المرحوم القاضي قد اعتاد الحلول عليه في بيته كلّما تشرّف بالذهاب إلى كربلاء.
اهتمام السيد القاضي بالسيد الحداد
يقول العلّامة اللاهيجي الأنصاريّ في هذا الصدد:
لقد كان للمرحوم القاضي اهتمام خاصّ به، و كان لا يعرّفه لأصحابه في السلوك و يضنّ به لئلّا يضايقه أحد منهم، و كان هو التلميذ الوحيد الذي كان يحصل له الموت الاختياريّ زمن حياة المرحوم القاضي، و كانت ساعات موته تطول أحياناً إلى خمس ساعات أو ستّ. و كان المرحوم القاضي يقول: إنّ السيّد هاشم في التوحيد أشبه بالسنّة المتعصِّبين لمذهبهم؛ فقد كان متعصِّباً في توحيد ذات الحقّ تعالى، و لقد ذاق طعم التوحيد و لمسه بشكل استحال معه لأيّ شيء أن يوجد خللًا فيه.
تعرف السيد الحداد على أستاذه السيد علي القاضي
يقول السيّد هاشم الحداد: كنت مشغولًا في كربلاء بالدروس العلميّة و غيرها من دروس الطلبة، فقرأتُ للسيوطيّ، و حين تشرّفت بالذهاب إلى النجف للدراسة و التحصيل لأنهل من محضر السيّد المرحوم القاضي و لأقوم بخدمة المدرسة (المدرسة الهنديّة: محلّ إقامة المرحوم القاضيّ)؛ و ما إن دخلتُ هناك حتّى رأيت أمامي سيّداً جالساً فأحسست بانجذاب نحوه بلا إرادة، فذهبتُ و سلّمت عليه و قبّلت يده، فقال المرحوم القاضي: لقد وصلتَ!
ثمّ اتّخذتُ غرفة هناك
لنفسي، و منذ ذلك الوقت و من هناك فتح باب المراودة مع السيّد. و صادف أن كانت
غرفة السيّد الحدّاد هي غرفة المرحوم السيّد بحر العلوم. و كان المرحوم القاضي
يتردّد عليها كثيراً؛ و كان يقول له أحياناً: أخلِ الغرفة الليلة! اريد أن أبيت
هنا لوحدي!
و كان السيّد يقول: و بعد عودتي إلى كربلاء كنت أتشرّف أحياناً بالذهاب إلى النجف في أوقات الزيارة و غيرها -غير الأوقات التي كان السيّد القاضي يتشرّف فيها بالمجيء إلى كربلاء- فذهبتُ يوماً من كربلاء إلى النجف الأشرف و أخذتُ للسيّد خمسين فلساً (أي درهماً واحداً،و الدينار العراقيّ عشرون درهماً) و كان منزل السيّد في محلّة الجُدَيْدَة (الشارع الثاني) و كان الجوّ حارّاً، فعلمتُ أنّ السيّد نائم، و قلتُ في نفسي: إن طرقتُ الباب استيقظ السيّد. فجلستُ على الأرض جنب باب البيت، و كنت تعباً لدرجة أنّ النعاس سرعان ما غلبني. ثمّ استيقظت بعد ساعة فرأيت السيّد و قد خرج إلى و لاطفني كثيراً و دعاني إلى الدخول، ثمّ قدّمت له الخمسين فلساً و عدتُ.
تشرّف العلامة السيد محمد حسين الطهراني في محضر سماحة الحدّاد
استفسرت ممّن في العَلْوَة و ميدان الخضار المعروف في كربلاء عن عنوان السيّد الجديد. فقيل لي: إنّه يقع خارج المدينة خلف مركز الشرطة، و هو يعمل في دكّان له في إصطبل مديريّة الشرطة.
و هكذا فقد قطع الحقير
شارع العبّاسيّ المنتهي بمديريّة الشرطة و سألت في آخره عن الإصطبل فدلّوني عليه،
فدخلت ساحة كبيرة مُسَيَّجة تقرب مساحتها من ألف متر مربّع انتظمت محيطها حظائر
الخيول المنهمكة في تناول العلف. فسألت هناك: أين يقع محلّ السيّد هاشم؟ قيل: في
تلك الزاوية!
توجّهتُ إلى تلك
الزاوية، فشاهدت: دكّة صغيرة تقرب أبعادها من ٣ × ٣متراً، يقف فيها سيّد شريف خلف
سندان حديديّ و قد غطس نصف جسده في الأرض، بشكل يجعل في متناول يديه الفرن الواقع
إلى اليمين و السندان الذي يقابله، و كان منهمكاً بطرق الحديد لصناعة الحدوات، و
إلى جانبه مساعده.
كان وجهه متوهّجاً
كوردة حمراء تلتمع فيه عيناه أشبه بياقوتتَينِ حمراوين، و قد اكتنف الغبار و ذرّات
الفحم و دخان الفرن رأسه و وجهه، كان حقّاً و حقيقةً عالَماً عجيباً، يمدّ يده
بالمقبض إلى الفرن فيُخرج الحديد المبيضّ و يضعه على السندان فينهال عليه طرقاً
بالمطرقة بِيَدِه الاخرى. عجباً! أيّ أمر هذا؟! و أيّ حساب و كتاب؟! و ما الذي
ينطوي عليه؟!
دخلت فسلّمتُ، ثمّ قلت:
جئت لتسمِّروا في قدمي نعلًا!
فرفع سبّابته تجاه أنفه
فوراً و قال: صه! ثمّ صبّ قدحاً من الشاي المعطّر ذي المذاق اللطيف من إناء الشاي
الموضوع على جانب الفرن و وضعه أمامي و قال: باسم الله، تفضّل!
و لم تدم لحظات حتّى بعث بالمساعد بحجّة إنجاز عمل و شراء شيء ما، فلمّا غادر المساعد المحلّ، التفت السيّد إلى فقال: أيّها السيّد العزيز! هذا الكلام محترم جدّاً؛ فَلِم تلفظون كلاماً كهذا أمام معاوني الذي يجهل مثل هذه الامور؟!
- ثمّ صبّ لي قدحاً آخر من الشاي و صبّ لنفسه آخر، و بينما كان يستمرّ في عمله فلا يغفل عن الفرن و المطرقة و المقبض لحظة واحدة، أنشد لي هذه الأشعار بلحن بديع و صوت رخيم يتفجّر عشقاً و هيجاناً و ينثال جاذبيّة و روحانيّة.
روستائى گاو در آخُر
ببست | *** | شير گاوش خورد و بر
جايش نشست |
روستائى شد در آخُر سوى
گاو | *** | گاو را مىجست شب آن
كنجكاو |
دست ماليد بر أعضاى شير | *** | پشت و پهلو گاه بالا
گاه زير |
گفت شير ار روشنى افزون
بدى | *** | زهرهاش بدريدى و دلخون
شدى |
اين چنين گستاخ زان مى
خاردم | *** | كو در اين شب گاو مىپنداردم |
حق همى گويد كه اى
مغرور كور | *** | نى ز نامم پاره پاره
گشت طور |
كه لو
أنزلنا۱ كتاباً للجبل | *** | لا نصدع ثم انقطع ثم
ارتحل |
از من ار كوه احد واقف
بدى | *** | پاره گشتىّ و دلش پر
خون شدى |
از پدر و از مادر اين
بشنيدهاى | *** | لاجرم غافل در اين پيچيدهاى |
گر تو بىتقليد زان
واقف شوى | *** | بىنشان بىجاى چون
هاتف شوي٢ |
ثمّ عاد المساعد، فقال
السيّد: موعدنا معكم في المنزل لأداء الصلاة. ثمّ أعطاني عنوان المنزل.
و هكذا فقد ذهبتُ قُبيل أذان الظهر إلى منزله في شارع العبّاسيّة، شارع البريد، جنب منزل الحاجّ صمد الدلّال. و كان منزلًا بسيطاً، يضمّ عدّة غرف بسيطة مبنيّة على الطراز العربيّ، و في زاويته نخلة. و كان بيته ذا طابق واحد، لذا فقد قادونا إلى السطح حيث كان السيّد هناك و قد فرش سجّادته و استعدّ للصلاة؛ و كان هناك شخص واحد من مريديه و هو الحاجّ محمّد علي خلف زاده يريد الاقتداء به في الصلاة؛ و اتّضح بعد ذلك أن الحاجّ محمّد علي كان غالباً ما يصلّي الظهر في معيّته. فاقتديت به كذلك، و اقيمتْ صلاة الجماعة بمأمومَينِ فقط. و قد أبدى السيّد منتهى اللطف و المحبّة، ثمّ قال: فلتذهبوا إلى النجف، و لقاؤنا في السفر القادم إن شاء الله تعالى. فقبَّلتُ يديه و ودّعته ذلك اليوم: النصف من شعبان، و عدتُ قافلًا إلى النجف.
بعض تلامذة السيد هاشم الحداد:
لقد استفاد الكثير من طلاب الحق و الحقيقة و سالكي سبيل الله من معين السيد الحدّاد رضوان الله عليه، إلا أنّه مما لا ريب فيه أن أبرز تلامذته في السير و السلوك هو سماحة العلاّمة آیة الله الحاجّ السیّد محمّد الحسین الحسینيّ الطهرانيّ رضوان الله عليه، حتى أنّ السيد الحداد قد صرّح في وصيته بكون العلامة الطهراني هو وصيّه في شئون الظاهر و الباطن، و أرجع جميع تلامذه إليه.
ومن الطلاب البارزين أيضاً للسيد الحداد :
- العارف الكامل، سماحة آیة الله الحاجّ السیّد محمّد محسن الحسینيّ الطهرانيّ قدس سرّه.
- المرحوم آیة الله الحاجّ السیّد عبد الكریم الكشمیريّ رضوان الله عليه.
- الشهید المرحوم آیة الله الحاجّ الشیخ مرتضی مطهّري رضوان الله عليه.
- و لم يصحب العلامة السيد محمد حسين الحسيني الطهراني في نهجه في متابعة السيّد الحدّاد إلّا الرفقاء الهمدانيّون الذين كانوا تلامذة المرحوم آية الله الأنصاريّ و من ملازميه ذوي السابقة و الخبرة، كالسيّد الحاجّ أحمد الحسينيّ الهمدانيّ رحمة الله عليه، والد الصديق العزيز الدكتور السيّد أبي القاسم الحسينيّ الهمدانيّ الطبيب في الأمراض النفسيّة و المقيم في مشهد المقدّسة منذ خمس و عشرين سنة، و المرحوم غلام حسين الهمايونيّ (الخطّاط المعروف) و المرحوم الحاجّ غلام حسين السبزواريّ، و الحاجّ محمّد حسن البياتيّ، و حجّة الإسلام و المسلمين السيّد أحمد حسينيّان، و الحاجّ إسماعيل تختهسنگي (مهدوي نيا)، و المرحوم الحاجّ آقا اللهياريّ من أبهر، و الحاجّ محسن شركت من إصفهان.
- أمّا مريدوه في العراق فهم: حجّة الإسلام الشيخ صالح الكميليّ، و آية الله السيّد هادي التبريزيّ (و هو أحد تلامذة المرحوم الشيخ مرتضى الطالقانيّ القدماء الذين استفادوا من ذلك المرحوم كثيراً، و كان يحضر أحياناً عند المرحوم القاضي)، و حجّة الإسلام الحاجّ الشيخ محمّد جواد المظفّر من البصرة، و حجّة الإسلام السيّد حسن معين الشيرازيّ من طهران (أخو زوجة الحقير) و حجّة الإسلام السيّد شهاب الدين الصفويّ من أصفهان، و كذلك الحاجّ الشيخ أسد الله طيّارة من أصفهان، و الحاجّ محمّد علي خلف زاده، و الحاجّ أبو موسى محيي، و الحاجّ أبو أحمد عبد الجليل محيي، و الحاجّ موسى محيي، و الحاجّ عبد الزهراء، و الحاجّ قدر السماويّ (أبو أحمد)، و الحاجّ حبيب السماويّ، و الحاجّ محمّد حسن ابن الشيخ عبد المجيد السماويّ (أبو عزيز)، و الحاجّ حسن أبو الهوى، و كان يحضر عنده أحياناً من النجف الأشرف آية الله السيّد عبد الكريم الكشميريّ و المرحوم السيّد مصطفى الخمينيّ رحمة الله عليه، كما كان المرحوم السيّد كمال الشيرازيّ يحضر عنده أحياناً؛ فكان المرحوم الحدّاد يستقبل جميع هؤلاء و يُشير عليهم و يوردهم كلًّا حسب استعداده و استيعابه. و كذلك فقد كان آية الله الشيخ حسن الصافيّ الأصفهانيّ، و حجّة الإسلام الشيخ ناصر دولتآبادي، و حجّة الإسلام الشيخ محمّد تقي جعفريّ الأراكيّ دام عزّهم يتشرّفون بالحضور لديه و الاستفادة من محضره، لكنّ استاذهم في النجف كان المرحوم آية الله الشيخ عبّاس القوجانيّ، كما كان السيّد حسين دانشمايه النجفيّ و الميرزا محمّد حسن النمازيّ بهذه الكيفيّة.
عظمة ومكانة السيد الحداد في كلمات العظماء:
السيد علي القاضي رضوان الله عليه:
كان المرحوم القاضي يقول: إنّ السيّد هاشم في التوحيد أشبه بالسنّة المتعصِّبين لمذهبهم؛ فقد كان متعصِّباً في توحيد ذات الحقّ تعالى، و لقد ذاق طعم التوحيد و لمسه بشكل استحال معه لأيّ شيء أن يوجد خللًا فيه.
كان المرحوم القاضي يقول: إنّ السيّد هاشم مثله كمثل هؤلاء السنّة المتعصّبين، فهو لا يتنازل و لا يتخلّى أبداً عن عقيدته في التوحيد، فهو في تعصّبه في الإيقان و الإذعان بالتوحيد لا يفرِّق بين رأسهو قدميه.
إنّك لو أعطيت بعض هؤلاء العامّة المال و المقام و الدنيا بأسرها، لما أمكنك أن تزعزع عقيدتهم، و كانت مسألة السيّد هاشم في مسألة توحيد الذات المقدّسة بهذه الكيفيّة.
العلامة الطباطبائي رضوان الله عليه:
كنت أسمعه أحياناً يذكر اسم السيّد هاشم بأنّه من تلامذة المرحوم القاضي القدماء؛ و الذين يملؤُهم العشق و الهيجان، و يلفّهم التحرّر و التمرّد على القيود، و كان ساكناً في كربلاء؛ و كان المرحوم القاضي قد اعتاد الحلول عليه في بيته كلّما تشرّف بالذهاب إلى كربلاء.
العلامة السيد محمد حسين الحسيني الطهراني رضوان الله عليه:
لقد كان سماحة الحاجّ السيّد هاشم يعيش في افق آخر، و إذا ما أوفينا التعبير حقّه فقد كان يعيش في اللاافق، حيث تخطّى التعيّن، و اجتاز الاسم و الصفة، و صار جامعاً لجميع أسماء الحقّ المتعالي و صفاته بنحو أتمّ و أكمل، و صار مورداً للتجلّيات الذاتيّة الوحدانيّة القهّاريّة، و لقد طوى الأسفار الأربعة تماماً و وصل إلى مقام الإنسان الكامل.
و لم يكن أيّاً من القوى و الاستعدادات في جميع المنازل و المراحل السلوكيّة من الملكوت الأسفل و الملكوت الأعلى و طيّ أدوار عالم اللاهوت و التجوال فيها، إلّا و كان قد تحقّق في وجوده القيّم و وصل إلى الفعليّة.
و لقد كان السيّد هاشم إنساناً له الفعليّة التامّة في جميع زوايا الحياة المعنويّة و نواحيها.
و لقد كان الموت و الحياة، الصحّة و السقم، الفقر و الغناء، مشاهدة الصور المعنويّة و عدمها، و الجنّة و الجحيم، بالنسبة له على حدّ سواء؛ فقد كان رجلًا إلهيّاً انقطعت عنه جميع العلائق و النسب في جميع العوالم إلّا نسبة الله تعالى.
و لقد كان هذا الرجل ذا مغزى عظيمٍ، جمّ الفضل و العلم يقصر عنه لفظ العظمة، و كان واسع الافق رحبه إلى درجة لا سبيل للتعبير عن سعة إدراكه. و كان متوغّلًا في التوحيد، مندكّاً فانياً في ذات الحقّ تعالى إلى الحدّ الذي يبقى ما نقوله و نكتبه عنه اسماً و رسماً؛ فهو خارج عن التعيّن، متخطٍّ للاسم و الرسم.
نعم، كان السيّد هاشم الحدّاد روحي فداه حقّاً و واقعاً رجلًا تقصر أيدينا عن نيل أذيال أثوابه المتطاولة. و غالباً ما كنتُ ألتقي به أثناء هذه المدة المديدة في أسفاري التي كانت تحصل مرّة أو مرّتين في السنة و تدوم شهرين أو ثلاثة، فأرد منزله في كربلاء و اعَدُّ من عياله و أولاده؛ لكنّه مع ذلك رحل، و بعد رحيله فقد بَقِيتُ حتّى يومي هذا تلفّني الحيرة و يكتنفني الحياء، خاضعاً مطأطئاً أمام ذلك الشموخ و الرفعة و ذلك المقام و تلك الجلالة.
لقد عَجَزَتِ الألفاظ عن وصفه؛ فما ذا أقول في رجلٍ وقفتْ أمامه الكلمات حيرى و أ كلَّ الواصفين عن وصفه ناهيك عن إدراكه؟!
آية الله السيد محمد محسن الحسيني الطهراني رضوان الله عليه:
أذكر أنّ واحدًا من أقدم الرفقاء السلوكيّين للمرحوم الوالد رضوان الله عليه، وهو المرحوم الحاجّ غلام حسين السبزواري رحمة الله عليه -الذي كان من أقدم تلامذة الأستاذ والمربي الأخلاقي العارف الكبير المرحوم آية الله العظمى الحاج الشيخ محمّد جواد الأنصاري الهمداني قدّس الله نفسه- كان ينقل للوالد المعظّم بعض الخصائص والصفات البارزة للمرحوم الأنصاري، ومن جملة ما قاله:
«إنّ من خصوصيّات المرحوم الأنصاري الواضحة جدًا، ولم أر طوال عمري أحدًا غيره يتمتّع بها، هو أنّه عندما كان يعطي رأيه في أيّ موضوعٍ، فإنّ المصلحة وإن لم تكن واضحة فيه من أوّل الأمر لجميع الناس، إلّا أنّه بعد مرور مدّةٍ يتّضح أنّ المصلحة كانت مطابقةً لرأيه ونظره».
وبعد سكوت المرحوم الوالد رضوان الله عليه فترةً تأييدًا لكلام المرحوم السبزواري قال:
«إلّا أنّ المسألة بالنسبة للحاجّ السيّد هاشم الحدّاد لها شكلٌ آخر يختلف كثيرًا عن المرحوم الأنصاري، فالمسألة عند السيّد الحدّاد كانت هكذا: كان نفس كلامه منشأً للمصلحة وهو الموجب والموجد لها، لا أنّ كلامه منطبق على المصلحة وتجري عليه معايير الصحّة والسقم، بل إنّ أصل الصلاح متولّد من فعله وكلامه وهو عينه، وهذا يختلف كثيرًا عمّا تذكره بالنسبة للمرحوم الأنصاري».
آية الله الشيخ مرتضى مطهري رضوان الله عليه:
... و لم أسأل من سماحة السيّد و لا من الشيخ المطهّريّ عمّا دار بينهما، و لست أعلم منه شيئاً حتّى يومنا هذا، لكنّ المرحوم المطهّريّ قال للحقير بصوتٍ خافت عند خروجه: إنّ هذا السيّد يبعث الحياة و الروح في الإنسان!
و جدير بالقول إنّ المرحوم المطهّريّ قال للحقير يوماً: لقد كنتُ مع السيّد محمّد الحسينيّ البهشتيّ في قم في ورطة مهلكة، لكنّ لقاؤنا بالعلّامة الطباطبائيّ و إعانته لنا قد أنجانا من تلك الورطة.
و عليه، فإنّ كلام المرحوم المطهّريّ بشأن سماحة الحاجّ السيّد هاشم و قوله: إنّ هذا السيّد يبعث الحياة و الروح في الإنسان، كان في زمن حياة سماحة العلّامة و قبل رحيله -الذي صادف في الثامن عشر من محرّم الحرام ۱٤۰٢ هجريّة- بستّ عشرة سنة؛ على أنّ العلّامة قد خلع لباس البدن و ارتدى ثوب البقاء بعد المرحوم المطهّريّ.
المكانة المعنويّة للسيد هاشم الحداد
لقد كان سماحة الحاجّ السيّد هاشم يعيش في اللاأفق، حيث تخطّى التعيّن، واجتاز الاسم والصفة، وصار جامعًا لجميع أسماء الحقّ المتعالي وصفاته بنحو أتمّ وأكمل، وصار موردًا للتجلّيات الذاتيّة الوحدانيّة القهّاريّة، ولقد طوى الأسفار الأربعة تمامًا ووصل إلى مقام «الإنسان الكامل»..
ولقد كان الموت والحياة، الصحّة والسقم، الفقر والغنى، مشاهدة الصور المعنويّة وعدمها، والجنّة والجحيم، بالنسبة له على حدّ سواء؛
فقد كان رجلًا إلهيًّا انقطعت عنه جميع العلائق والنسب في جميع العوالم إلّا نسبة الله تعالى.
المكانة العلميّة للسيد هاشم الحداد
كان حضرة الحاجّ السيّد هاشم الحدّاد أستاذًا كاملاً خبيرًا في العلوم العرفانيّة والمشاهدات الربّانيّة، فهو يرفض الكثير من كلمات محيي الدين بن عربي، وينقد أصولها، ويُبَيِّن جانب الخطأ لديه؛ وإن سُئل عن أعقد مطالب «منظومة» الحاجّ السبزواريّ و«أسفار» الآخوند [صدر المتألّهين] وأقوال «شرح فصوص الحكم» و«مصباح الأنس» و«شرح النصوص» الأشدّ إبهامًا وغموضًا، فإنّه كان يُجيب، ويُعدّد مطالبها الصحيحة والسقيمة.
الفضائل الأخلاقيّة للسيد هاشم الحداد
أصبح بعض الفضلاء والدارسين من النجف الأشرف وبعض كسبة النجف والكاظميّة وبغداد من مريديه؛ حتّى صاروا تدريجيّاً ما يقرُب من عشرين نفراً يجتمعون في مجلسه أوقاتَ الزيارة. وكان يقوم بنفسه بتأمين ما يحتاجونه ظاهرًا وباطنًا.
و ما أكثر ما شوهد هذا السيّد الكريم السخيّ الحَيِيّ وهو يشتري بنفسه الخبز من الخبّاز فيجلبه إلى البيت، أو يأتي حاملًا قالبًا من الثلج في يده. ولم يكن ليتوقّف عن تنظيف المنزل وتطهيره، بل كان سعيداً كأستاذه المرحوم القاضي بخدمة الزوّار وأولياء الله وسالكي الطريق.
محبّة السيد هاشم الحداد لأهل البيت
كان حضرة الحاجّ السيّد هاشم الحدّاد يتشرّف يوميًّا في الصباح بزيارة حضرة سيّد الشهداء أوّلاً، ثمّ زيارة حضرة أبي الفضل عليهما السلام بعد ذلك.
كان السيّد يجري على لسانه كثيرًا قول «يَا صَاحِبَ الزَّمَانِ» بشكل خاصّ، وذلك في قيامه وقعوده، وبشكل عامّ عند تغيير حاله إلى حالة أخرى.
سأله أحدهم يومًا: «هل تشرّفتم برؤية وليّ العصر أرواحنا فداه؟»
فقال: «عَمِيَتْ عينٌ تُفتح صباحًا من نومها فلا يكون أوّل نظرها إليه!»
(روح المجرد ص496)
السيد الحداد و وحدة الوجود
كان السيد هاشم الحداد يقول:
«إنّ ذكرنا الدائم هو عن التوحيد، فوحدة الوجود أمر عالٍ وراقٍ لا يمتلك أحدٌ القدرةَ على إدراكه.
[فوحدة الوجود تعني أنّ] الوجود المستقلّ وبالذات هو واحد في العالم، أمّا باقي الوجودات فهي ظلّيّة وتبعيّة ومجازيّة ومتعلّقة به».
و كان يقول أيضاً:
«تعامل مع الله في كلّ حال! أي: اجعل معاملتك لخلق الله معاملة مع الله. إذ إنّه ينبغي الالتفات إلى أنّ العيال والأولاد والجار والشريك ومأمومي المسجد كلّهم مظاهر الباري تعالى».كان السيّد يقول: لا يمكن إدراك أغلب مسائل المعارف الإلهيّة -بل جميعها- بدون إدراك التوحيد الشهوديّ. فمسألة الجبر و التفويض و الأمر بين الأمرين، مسألة الطينة و الخلقة، مسألة السعادة و الشقاء، مسألة القضاء و القدر، مسألة اللوح و القلم و العرش و الكرسي، مسألة الأزل و الأبد و السرمد، مسألة ربط الحادث بالقديم، مسألة الدعاء و إجابته؛ و أمثال ذلك من المسائل الكثيرة المذكورة في هذا الباب قد حلّت بتوحيد الحقّ جلّ و علا، أمّا بدونه فهي مستعصية مغلقة.
كلام السيد الحداد عن العبوديّة
كان السيد الحداد يقول:
«إنّ الله تعالى يُحبّ أن يكون عبده مسلمًا خاضعًا، وأن يختار هو لعبده لا أن يختار العبد لنفسه شيئًا. فاختيار العبد ليس مستحسنًا، ومهما استجيب له ويُستجاب، فإنّ ذلك أمر مغاير لنهج المحبّة والعبوديّة، لأنّ الله سبحانه يحبّ أن يتمثّل عبده بالعبوديّة، أي أن يتنصّل ويخرج من دائرة الإرادة والاختيار».
· إذا ما أراد السالك في السير و السلوك -أو في غير هذا الطريق عموماً- شيئاً غير الله، فإنّه لم يرد الله سبحانه، و ستكون إرادته و رغبته النفسيّة هذه مانعة من وصوله إلى ذات الحقّ القدسيّة.
· فإن طلبتَ الجنّة، أو الحوريّة و الغلمان، فلن تكون قد طلبت الله أو أردته! و إن طلبت المقامات و الدرجات فمن الممكن أن يمنّ بها الله عليك، لكنّك لم ترد الله؛ لذا فقد تسمّرت في ذلك المقام و الدرجة و استحال عليك الارتقاء منها إلى أعلى منها، و ذلك لأنّك لم ترد و لم تطلب.
· و لو جاءك جبرئيل مثلًا فقال لك: تَمَنَّ ما شئت من الدرجات و المقامات و السيطرة على الجنّة و الجحيم و خلّة سماحة النبيّ إبراهيم عليه السلام و مقام الشفاعة الكبرى لمحمّد صلّى الله عليه و آله و سلّم و الحبّ له، فقل: ما أنا إلّا عبد! و لا طلب للعبد في شيء؛ فما أراده لي ربّي فهو المطلوب. و إن أنا أردتُ، لتخطّيت بذلك القدر من إرادتي المتعلّقة بي، ساحةَ عبوديّتي و لوضعتُ قدمي في ساحة عزّ الربوبيّة، لأنّ الإرادة و الاختيار مختصّان به وحده سبحانه.
· ﴿وَ رَبُّكَ يَخْلُقُ ما يَشاءُ وَ يَخْتارُ ما كانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ سُبْحانَ اللَّهِ وَ تَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ﴾.
· كما لا تقل: اريد الله! فمن تكون أنت -ترى- لتريد الله؟! فأنت لا تقدر و لن تقدر أن تريده و تطلبه! فهو غير محدود و أنت محدود و طلبك بنفسك و الناشئ عن نفسك محدود، فلن تقدر به أبداً أن تريد الله اللامتناهي أو أن تطلبه. و ذلك لأنّ الإله الذي تطلبه محدود في إطار طلبك و محدود و مقيّد بإرادتك، و وارد في حدود مجال نفسك بسبب طلبك، و ذلك الإله ليس هو الله، بل إنّ ذلك الإله المتصوَّر و المتوهَّم بتصوّرك و توهّمك، ليس في الحقيقة إلّا نفسك التي تصوّرتها إلهاً.
كلام السيد الحداد عن العقلانيّة والإيثار
كان السيد الحداد يقول:
«ما ینفعكم فی السير والسلوك هو أن تزيدوا من عقلكم وفهمكم، وتتمكّنوا من استيعاب المسائل.
لا تنظروا إلى عمل الإنسان، بل انظروا إلى مقدار استيعابه، ودرجة فهمه السلوكيّ؛ فهذا هو المهمّ!».
و كان يقول تكرارًا:
«إنّ هذا النهج والسبيل يستلزم الإيثار والتضحية، بينما البعض من رفقائنا كسالى وغير مستعدّين للإنفاق والإيثار؛ لذا فهم يتوقّفون لا يريمون حراكًا».
السيد الحداد و الأمل في الرحمة الإلهيّة
كان يقول: ينبغي لنا ألّا نحرم أحدًا من رحمة الله، ذلك لأنّ الأمر ليس في أيدينا بل هو في يده سبحانه وتعالى.
فإن سألكم أحد أن تدعوا له فقولوا: سندعو، ولو قال: أ يغفر الله الذنب؟! فقولوا: يغفر.
لماذا يبخل الإنسان بالدعاء مع أنّ الأمر بيده سبحانه؟! لما ذا لا يلهج لسانه بالخير والسعة؟ لما ذا يُقنِّط الناس من رحمة الله؟
ضرورة الأستاذ وأهمية الرفيق في السير والسلوك
و كان للسيّد إصرار تامّ منذ البدء على ضرورة وجود الاستاذ.
و كان يبيّن الأخطار الشديدة التي يواجهها التلميذ في طريقه، و يذكّر بمطالب من
الآيات القرآنيّة و الأخبار و القصص و الحكايات العربيّة و الفارسيّة في الأشعار و
غيرها في تأكيده على ضرورة هذا الأمر، بَيدَ أنّه لم يُلاحَظ عنه أبداً الإشارة
إلى نفسه كاستاذ في هذا الأمر، فقد كان يقول باستمرار:
إنّ الرفيق ضروريّ عند طيّ الطريق، فالمرء يحتاج في سفره في طريق
المعنى و المنازل السلوكيّة إلى رفيق يصحبه في هذا السفر، أكثر منه في سفره في
طريق الظاهر و الطريق الصحراويّ، لأنّ منتهى الخطر الذي يتهدّده من الانفراد في
ذلك السفر هو هلاك بدنه و جسمه، أمّا خطر الانفراد في هذا السفر فيتضمّن هلاك نفسه
و روحه الآدميّة و انضمامه إلى زمرة الأشقياء و الأبالسة.
كلام السيد الحداد عن الأسرة
كان يقول: تعامل مع الله في كلّ حال! أي: اجعل معاملتك لخلق الله
معاملة مع الله. إذ إنّه ينبغي الالتفات إلى أنّ العيال والأولاد و
الجار و الشريك و مأمومي المسجد كلّهم مظاهر الباري تعالى.
و كان يقول: لو تخاصمتَ مع
الناس أو مع أولادك فليكن ذلك بشكل صوريّ لا يلحقك منه أذى و لا يحيق بهم الضرر،
فلو خاصمتهم بجدّ فإنّ ذلك سيلحق الأذى بالطرفين؛ و العصبيّة و الجدّيّة تضرّك و
تضرّ الطرف المقابل.
كان يقول: أ تفرّ من الناس كي
لا يصيبك أذاهم، أو كي لا يصيبهم أذاك؟! إنّ الاحتمال الثاني هو الجيّد لا الأوّل،
و أفضل منهما أن لا تراهم و لا ترى نفسك!
و كان يوصي: عوّدْ أولادَك و أهل بيتك أن يبقوا مستيقظين فيما بين
الطلوعَينِ.
كلام السيد الحداد عن احترام الأطفال
كان يقول: لذا فإنّ من
الأجدر على الإنسان احتراماً للطفل المولود حديثاً أن يجتنب الجماع أربعين يوماً،
و أن يؤخذ الطفل الصغير الذي لم يتعدّ عدّة أشهر و هو في قماطه إلى مجالس العلم و
محافل الذِّكر، و إلى الحسينيّة و أماكن إقامة العزاء التي يذكر فيها اسم سيّد
الشهداء؛ لأنّ نفس الطفل أشبه بالمغناطيس تجذب العلوم و الأوراد و الأذكار و
قدسيّة روح الإمام الحسين عليه السلام. و مع أنّ الطفل لا يستطيع الكلام لكنّه
يتمتّع بالإدراك، و لو وُضعت روحه في محلّ أو محالّ المعصية، لتلوّثت بذلك الجرم و تلك المعصية، أمّا لو
اخذ إلى محلّ أو محالّ الذِّكر و العبادة و العلم لاكتسب تلك الطهارة و الصفاء.
و كان يقول: ضعوا أطفالكم في زاوية الغرفة التي يُقام فيها قراءة التعزية أو الذِّكر الذي تقومون به! فلقد كان العلماء السابقون يفعلون ذلك، لأنّ الآثار التي يكتسبها الطفل في هذه المرحلة تبقى ثابتة فيه إلى آخر عمره و تصبح ضمن غرائزه و صفاته الفطريّة، ذلك لأنّ نفس الطفل في هذه الفترة لها قابلية محضة، مع أنّ عامّة الناس لا يدركون هذا المعنى المهمّ و السرّ الخطير.
كان يقول: لشدَّ ما يفرحني كلام رسول الله صلّى الله عليه و آله
هذا، فهو يبهجني و يبعث في السرور كلّما تذكّرته، فقد قال:
إنِّي
احِبُّ مِنَ الصبيان خمْسَةَ
خِصَالٍ: الأوَّلُ أنَّهُمْ البَاكُونَ، الثَّانِي: على التُّرَابِ يَجْتَمِعُونَ،
الثَّالِثُ: يَخْتَصِمُونَ مِنْ غَيْرِ حِقْدٍ، الرَّابِعُ: لَا يَدَّخِرُونَ
لِغَدٍ، الخَامِسُ: يَعْمُرُونَ ثُمَّ يُخْرِبُونَ .
و المراد بذلك إنّ الأطفال - باعتبار
قربهم من الفطرة، أي قربهم من التوحيد - خالون من الأنانيّة الجوفاء و الاستكبار
الواهيّ و الشخصيّة المجازيّة؛ لذا فلا يوجد لديهم الضحك الباعث على
الغفلة، و العمارة الباعثة على البهجة، و الأحقاد المستحكمة بالرغم من كونها بلا
داع، و ينعدم لديهم حبّ اكتناز الأموال و ادّخارها على أساس من الوهم و التخيّل، و
الاعتماد على الدنيا و التعلّق بها، أي أنّهم بأجمعهم من أهل التوحيد بالفطرة، كما
أنّ فناءهم في ذات الله سبحانه أشدّ، فصاروا بذلك مورد اهتمام النبيّ و حبّه
الشديد.
(روح االمجرد ص595)
كلام السيد الحداد عن التوسل
كان سماحة السيّد الحدّاد قدّس الله سرّه يقول: أرى الناس في جميع
المشاهد المشرّفة يُلصقون أنفسهم بالضريح و يضرعون باكين بالدعاء فيقولون: أضفْ
خرقة إلى خرق لباسنا المتهرّئ ليصبح أثقل. و ليس هناك مَن يقول: خذ هذه الخرقة
منّي ليخفّ كاهلي و ليصبح ردائي أبسط و ألطف و أرقّ!
إنّ حاجات الناس تنصبّ غالباً
على الامور المادّيّة و لو كانت مشروعة، كأداء دَين، أو الحصول على رأس مال
للتجارة و الكسب، و شراء بيت، و الزواج من فتاة، و شفاء مريض، و القيام باستضافة
الناس و إطعامهم في شهر رمضان و أمثال ذلك. و هذه الامور جيّدة لو أدّت إلى قرب
الإنسان و تجرّده، لا إلى زيادة شخصيّته و أنانيّته و تقوية وجوده. لأنّ تقوية
الوجود هذه ستؤدّي إلى ثقل النفس و بُعدها عن سبيل الله، لا إلى خفّة النفس و
انبساطها و قربها.
إنّ العمل الصالح للبشر و
صلاحه الحقيقيّ هو الذي يؤدّي إلى قُربه من الله تعالى و إلى تحرير نفسه، سواء
اقترن بالمنفعة الطبعيّة و الطبيعيّة أم لم يقترن.
إنّ دموعنا على أبي عبد الله الحسين عليه السلام تجري من أعماق قلوبنا و سويدائها، فنحن نريد إفراغ قوالبنا بتلك الدموع، لأنّ تلك الدموع تنساب خارجاً ممزوجة بنفوسنا و أرواحنا؛ لا هذه الدموع التي تنبع من تخيّلاتهم و تصوّراتهم، فهؤلاء هم الذين يقتلون سيّد الشهداء ثمّ يجلسون فيقيمون عليه العزاء و يلطمون في مأتمه الصدور.
الطعام والتغذية
- كان من ضمن كلام السيّد الحدّاد قوله: أنت تأكل ما يلزمك من الغذاء، أمّا ما زاد عليه فإنّ الغذاء يأكلك.
- (روح المجرد ص 195)
عشق الباري عزوجل
إن البكاء للّه أو البكاء من شدّة الشوق أو
خوف الفراق و الهجران هو من أشدّ الطاعات و المثوبات.
(روح المجرد ص 547)
الإخلاص
إنّ المجالس التي يشكّلها بعض السالكين فيقرءون
فيها الشعر، هي غالباً من حظوظ النفس، و مع أنّهم يحصلون فيها على لذّة معنويّة
لكنّها تبقى من حظوظ النفس، كذلك الذين يأتون بالكثير من الأذكار و الأوراد لأغراض
النفس و حظوظها.
فالقرآن الذي يتلونه، إن جذبهم فيه جمال جلده و
ورقه و خطّه، و لو تلوه و هو على رَحْل مشبّك بحيث أثَّر ذلك الرحل في حال قراءتهم
لكان ذلك من حظّ النفس. كما أنّ السجّادة البيضاء بلا نقوش أمر مطلوب و مقبول، في
حين أنّ السجّاد الجميل الملوّن الذي تنتظمه النقوش هو من حظّ النفس. كذلك
فإنّ تربة سيّد الشهداء عليه السلام أمر مطلوب لو كانت على هيئة القالب
المعيّن المعهود المستعمل للسجود عليه في الصلاة و لو كان سطحها خشناً غير مستوٍ،
أمّا لو اشترط فيها صفاء سطحها و صقله لتحوّلت إلى حظوظ النفس.
و من ثمّ ينبغي الانتباه بدقّة كم أنّ الشيطان
قد وسّع دائرة نفوذه، بحيث إنّه يرغب في إعمال تأثيره في محلّ سجود المؤمن
الشيعيّ، و ذلك على التربة الطاهرة لتلك الأرض المقدّسة.
كما أنّ المِسبحات الجميلة التي تؤثّر في ذِكر
الإنسان هي جميعاً من حظّ النفس، و هكذا الأمر بالنسبة للعمامة و العباءة و الرداء
و غيرها من الأشياء التي تؤثّر في عبادة و صلاة و دعاء و زيارة و تلاوة و ذِكر
المؤمن و ورده.
الكرامات والكشف
إنّ الرغبة في الأحلام و الرؤيا المعنويّة و
الروحيّة هي من حظوظ النفس، كما أنّ طلب المكاشفات و الاتّصال بعالم الغيب و
الاطّلاع على الضمائر و العبور على الماء و الهواء و النار و التصرّف في موادّ
الكائنات و شفاء المرضى هي بأجمعها من حظوظ النفس.
إنّ الله تعالى يحبّ أن يكون عبده مسلماً
خاضعاً، و أن يختار هو لعبده لا أن يختار العبد لنفسه شيئاً. فاختيار العبد ليس
مستحسناً، و مهما استجيب له و يُستجاب، فإنّ ذلك أمر مغاير لنهج المحبّة و
العبوديّة، لأنّ الله سبحانه يحبّ أن يتمثّل عبده بالعبوديّة، أي أن يتنصّل و يخرج
من دائرة الإرادة و الاختيار.
و كان يوصي تلامذته: لا تسعوا
وراء الكشف و الكرامات! فأمثال هذه الطلبات تُبعد السالك عن الله و لو
تحقّق طلبه و نال غايته؛ أنّ الكرامة و الكشف الذي يأتي به الله هي
الكرامة المحمودة لا التي يسعى إليها العبد.
أعجبُ لتلك الجماعة من السالكين الذين
يريدون المكاشفة! فليفتحوا أعينهم، فهذا العالم كلّه مكاشفات.
إن المكاشفة ليست مشاهدة صورة في
زاوية على هيئة خاصّة و حالة استثنائيّة، بل إنّ كلّ كشف عن إرادة الحقّ و اختياره
و علمه و قدرته و حياته هومكاشفة. فافتح عينيك و تأمّل
أنّ كلّ ذرّة في هذا العالم الخارجيّ مكاشفة، و أنّها تحوي عجائب و غرائب لا
سبيل للفكر إلى منتهاها.
وصايا ودساتير
كان يقول: إنّ تكرار الاستغفار التالي عند السحر مفيد لطريق السالك، و الإكثار من تكراره زيادة في فضله و فائدته:
أسْتَغْفِرُ اللهَ الذي لَا إلَهَ إلَّا هُوَ الحَيّ القَيُّومُ، الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ، بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَ الأرْضِ؛ مِنْ جَمِيعِ ظُلْمِي وَ جُرْمِي وَ إسْرَافِي على نَفْسِي وَ أتُوبُ إلَيْهِ.
فمن داوم على هذا الاستغفار وفق رغبته و قابليّته فإنّه سينال غايته، و لا ضيرَ في قوله حال الحركة و العمل.
وكان يقول: قال المرحوم السيّد (القاضيّ): إنّ قراءة ﴿كهيعص، حم عسق، وَ عَنَتِ الْوُجُوهُ لِلْحَيِّ الْقَيُّومِ وَ قَدْ خابَ مَنْ حَمَلَ ظُلْماً﴾ مفيد لدفع الأعداء.
(روح المجرد ص495)
كان يقول: إنّ تكرار الاستغفار التالي عند السحر مفيد لطريق السالك، و الإكثار من تكراره زيادة في فضله و فائدته:
أسْتَغْفِرُ اللهَ الذي لَا إلَهَ إلَّا هُوَ الحَيّ القَيُّومُ، الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ، بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَ الأرْضِ؛ مِنْ جَمِيعِ ظُلْمِي وَ جُرْمِي وَ إسْرَافِي على نَفْسِي وَ أتُوبُ إلَيْهِ.
فمن داوم على هذا الاستغفار وفق رغبته و قابليّته فإنّه سينال غايته، و لا ضيرَ في قوله حال الحركة و العمل.
وكان يقول: قال المرحوم السيّد (القاضيّ): إنّ قراءة ﴿كهيعص، حم عسق، وَ عَنَتِ الْوُجُوهُ لِلْحَيِّ الْقَيُّومِ وَ قَدْ خابَ مَنْ حَمَلَ ظُلْماً﴾ مفيد لدفع الأعداء.
(روح المجرد ص495)
ارتحال السيد الحداد
ارتحال السيد هاشم الحداد في 12 شهر رمضان المبارك سنه 1404 هجري قمري في كربلاء المقدسة
يروي العلامة الطهراني ما حصل في آخر أيام حياة السيد الحداد:
قد صادف مرض السيّد و رحيله نفس زمن مرض الحقير، فقد ابتليت
في أواخر شهر جمادي الأولى لسنة ألف و أربعمائة و أربع هجريّة قمريّة بمرض اليرقان
الناشئ من انسداد كيس الصفراء. فرقدتُ في مستشفى «القائم» في مدينة مشهد المقدّسة
أربعين يوماً، ثمّ خرجت منها في أوائل شهر رجب بعد إجراء عمليّة جراحيّة و استخراج
كيس الصفراء، حيث تحسّنت صحّتي آنذاك.
و كان السيّد قد ابتلي بالمرض في نفس الوقت، و لم تثمر الجهود التي
بذلها أولاده لمعالجته و خاصّة ولده السيّد حسن، حتّى أنّه أخذه إلى بغداد فرقد في
المستشفى، لكنّ ذلك كلّه لم يُجدِ نفعاً.
و كان السيّد يقول: إنّ حالتي
جيّدة، فَلِمَ تتعبون أنفسكم إلى هذا الحدّ؟ و لكن أنّى لأولاده الصبر على ذلك، و
باعتقاد الحقير فإنّهم كانوا يسبّبون الأذى للسيّد، فيجرّونه إلى هذا الجانب أو
ذاك من أجل تسكين خواطرهم و تهدئة قلوبهم. حتّى ارتحل أخيراً إلى فِناء الأبديّة،
بعد شهرين من تحسّن حال الحقير، و أبدل ثيابه القديمة بخلعة دائميّة، و ارتدى تلك
الحلل من الإسْتَبْرَقِ وَ السُّنْدُسِ مع
الذين هم على ﴿سُرُرٍ مُتَقابِلِينَ﴾.
هذا و قد قامت ابنته المخدّرة
العلويّة فاطمة و أحفاده السيّد عبّاس و السيّد موسى أولاد السيّد حسن بالفرار من
جور صدام اللعين إلى الأردن ثمّ إلى إيران، حيث يقيمون حاليّاً في مشهد المقدّسة.
و قد نقلوا جميعهم أنّهم كانوا قد أرقدوا السيّد قرب رحيله في مستشفى كربلاء، و
كان طبيبه الخاصّ المعالج هو الدكتور السيّد محمّد الشروفيّ و
هو من المعارف و الأصدقاء.
ثمّ يقول السيّد للدكتور
المعالج يوم الثاني عشر من شهر رمضان قبل الغروب بحوالي ثلاث ساعات: اسمح لي
بالذهاب إلى المنزل، فالسادة قد شرّفوا بالحضور و هم ينتظرونني!
فيقول الدكتور: لا إمكان
لذهابك إلى البيت مطلقاً.
فيقول له السيّد: اقسم عليك
بجدّتي فاطمة الزهراء أن تدعني أذهب! إنّ السادة مجتمعون في انتظاري، و سأرحل عن
الدنيا بعد ساعة!
و حين يسمع منه الدكتور قسمه
المغلّظ و يطرق سمعه اسم فاطمة الزهراء عليها السلام فإنّه يسمح له بالذهاب و يقول
لمن حوله: إن حالته مُرضية فعلًا، و لن يموت بهذه السرعة.
ثمّ يأتي السيّد فوراً إلى
المنزل، و كان أولاد الحاجّ صمد الدلّال (عديله) و هم أبناء خالة أولاده في المنزل
آنذاك. فيسألونه عن الآية الكريمة: ﴿إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا﴾؛
ما المقصود بالقول الثقيل في هذه الآية؟ هل اريد به هبوط جبرائيل؟
فيقول مجيباً: ليس لجبرائيل
ثقل أمام عظمة رسول الله ليُعبَّر عنه بالقول الثقيل، بل إنّ المراد بالقول
الثقيل: هو؛ لَا هُوَ إلَّا هُو!
ثمّ يطلب أن يؤتي بحنّاء، و
على عادة العرسان الشبّان العرب الذين
يقومون قبل زفافهم بخضب أيديهم و أرجلهم بالحنّاء، فإنّ السيّد
يقوم بخضب أصابع و أظفار قدميه بالحنّاء، ثمّ يقول: أخلوا الغرفة!
ثمّ يرقد مستقبلًا القبلة، و
تمرّ لحظات ثمّ يدخلون الغرفة فيجدونه قد أسلم الروح.
يقول الدكتور السيّد محمّد
الشروفيّ: لقد ذهبت إلى منزل السيّد تبعاً لقوله «سأرحل بعد ساعة» لأرى ما سيحدث!
فشاهدت السيّد نائماً مستقبلًا القبلة، فوضعت السمّاعة على قلبه فرأيته متوقّفاً
عن الحركة.
و يضيف أولاد السيّد: ثمّ ينهض
الدكتور و يخبط سمّاعته على الأرض و يجهش بالبكاء. ثمّ يشارك بنفسه في مراسم
التكفين و التشييع.
و قد جرى غسل بدن السيّد و
تكفينه ليلًا، و تجمّع عدد غفير غير متوقّع، سواء من أهالي كربلاء أم من المناطق
الاخرى لا يعرفهم أحد، فحملوه و الفوانيس الكثيرة في أيديهم إلى الحرمين
المطهّرينِ لأبي عبد الله الحسين و أبي الفضل العبّاس عليهما السلام و طافوا به
تلك المراقد الشريفة، ثمّ واروه الثرى في «وادي الصفا» بكربلاء في المقبرة الخاصّة
التي أعدّها له ولده السيّد حسن هناك. رَحْمَةُ اللهِ عَلَيهِ رَحمَةً واسِعَةً،
وَ رَزَقَنَا اللهُ طَيّ سَبِيلِهِ وَ مِنْهَاجَ سِيرَتِهِ، وَ الحَشْرَ مَعَهُ وَ
مَعَ أجْدَادِهِ الطَّيِّبِينَ الطَّاهِرِينَ صَلَوَاتُ اللهِ وَ سَلَامُهُ
عَلَيهِمْ أجْمَعِينَ.
عجب از كشته نباشد به در خيمة دوست | *** | عجب از زنده كه چون جان بدر آورد سليم۱ |
- يقول: «لا عجب من القتيل بباب خيمة الحبيب، بل العجب من الذي ظلّ حيّاً بعد دخولها».
﴿رِجالٌ صَدَقُوا ما عاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضى نَحْبَهُ وَ مِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَ ما بَدَّلُوا تَبْدِيلًا﴾.
كتاب الروح المجرد - في ذكرى السيد هاشم الحداد
لقد كان السيّد هاشم الحداد كنزا مخفياً، و لكن الرحمة الإلهية أبت إلا أن تظهره من خلال القلم الزلال لتلميذه الأفضل العلامة الطهراني قدّس الله سرّهما، و ذلك من خلال كتابه القيّم : الروح المجرّد الذي ألفه العلامة الطهراني في ذكرى أستاذه الموحد العظيم والعارف الكبير الحاج السيد هاشم الموسوي الحداد آفاض الله علینا من برکات تربته، و بيّن من خلال هذا الكتاب بعض أسرار هذه الشخصية الفذّة ، و كشف بعض رموز الطريق إلى الله، حتى أنّ آية الله السيد محمد محسن الطهراني قدّس سره يعبّر عن هذا الكتاب بأنّه : دستور السلوك ومنهجه.
ومن هنا يجدر بكلّ من يرغب في التعرف على هذا العارف الكبير، و كذا كلّ من يرغب أن يتعرف على هذه المدرسة أن يطالع هذا الكتاب و يتأمل في مطالبه القيّمة.