المؤلّفآية الله السيد محمد محسن الحسيني الطهراني
المجموعةسنة 1424
التاريخ 1424/09/06
التوضيح
كيف يرى أهل البصيرة بواطن الأمور وأثر الأعمال في تكوين الإنسان؟ ما هي حقيقة انتقال الأرواح إلى وادي السلام أو برهوت في اليمن، وهل يقتصر ذلك على ما بعد الموت؟ كيف يمكن لكلام الأفراد وكتاباتهم أن يكشف عن حالاتهم النفسيّة وخبث بواطنهم أو صفائها؟ وما هو الموقف الشرعيّ من الاغترار بظواهر الناس وأعمالهم؟ تجيبك هذه المحاضرة القيّمة لسماحة آية الله الحاج السيّد محمّد محسن الحسينيّ الطهرانيّ قدّس الله سرّه عن هذه الأسئلة.
هوالعليم
الشهرة والأثر التكوينيّ لأفعال الإنسان
حقيقة واديي السلام وبرهوت
شرح دعاء أبي حمزة الثمالي - سنة ۱٤٢٤ هـ - الجلسة الرابعة
محاضرة القاها
آية الله الحاج السيّد محمّد محسن الحسينيّ الطهرانيّ
قدّس الله سره
أعوذُ بِاللَهِ مِنَ الشَّیطانِ الرَّجیمِ
بِسمِ اللَهِ الرَّحمٰنِ الرَّحیمِ
و صلَّى اللَهُ عَلَى سیِّدِنا ونبیِّنا أبیالقاسمِ مُحَمَّدٍ
وعلى آلِهِ الطَّیِّبینَ الطَّاهرینَ
واللَّعنةُ الدائمةُ عَلَى أعدائِهم أَجْمَعینَ
[يقول الإمام السجاد عليه السلام في دعاء أبي حمزة:]
«إلَهی ربَّیتَنی فی نِعَمِک و إحسانِک صغیرًا و نَوَّهتَ بِاسمی کبیرًا»
يا إلهي! أنتَ ربيتني في نعمك وإحسانك في صِغَر سنّي، ورفعتَ اسمي بالخير بعد كِبَر سنّي.
كيفيّة التعامل مع شهرة الآخرين
تقدّم الليلة الماضية للرفقاء والأصدقاء أنَّ الله تعالى هو الذي يجعل الإنسان مشهورًا ومعروفًا، ويجعله متميّزًا ومتعيّنًا بين الأفراد. ولا ينبغي للإنسان أنْ يخطر بباله خيالٌ أو فكرٌ أو هاجسٌ لمجرّد شعوره بأنَّ فلانًا قد أصبح معروفًا ومشهورًا؛ لأنَّ مجرّد هذه المعروفيّة والشهرة ليست بالأمر الذي يستحقّ أنْ يغبطه الإنسان عليه، أو يشغل فكره، أو يسدّ طريقه إلى فهم الأمور. المهمّ للإنسان هو أنْ يؤدّي واجبه، وينفّذ ما أوجبه الله تعالى عليه، سواءٌ أكان معروفًا بين الناس أم لا، وسواءٌ ذاع صيته أم لا.
تأثير كون الله ستّار العيوب في شهرة الإنسان
ذُكِرَ أنَّ مسألتين أو ثلاثًا يمكن أنْ تكون موضع اهتمامٍ هنا.
المسألة الأولى: يقول الإمام عليه السلام: «نَوَّهتَ بِاسمی کبیرًا»، أي أنت شهرت اسمي بالخير، فالله تعالى يلفت انتباه الأفراد إلى إنسانٍ ما، فيُذكر اسمه بالخير. وذلك في حالٍ قد تكون لذلك الإنسان عيوبٌ ونقائص، ولكنَّ الله تعالى لا يركّز على تلك العيوب والنقائص، ويجعل اسمه معروفًا ومشهورًا، فيذكره الناس بالخير والإحسان. الأمر الأوّل الذي يتبادر إلى الذهن هنا هو: أنَّ من أوصاف الله تعالى صفة «ستّار العيوب». فالله تعالى ستّار العيوب، وهذه مسألةٌ مهمّةٌ جدًا، كيف أنَّ لهذه الصفة آثارًا وتأثيرات في هذا العالم. كان بإمكان الله تعالى أنْ يخلق الناس بحيث إذا صدر خطأٌ أو زلّةٌ أو ذنبٌ من أحدهم، اطّلع عليه جميع الأفراد! كان بإمكانه، على سبيل المثال، أنْ يحدث في خلقة الإنسان تغييرًا ما أو أمرًا، بحيث عندما ينظر إنسانٌ إلى آخر، يدرك هل ارتكب ذنبًا اليوم أم لا.
كيفيّة التأثير التكوينيّ للأفعال والسلوك
بالطبع، عندما يرتكب الإنسان ذنبًا، شاء أم أبى، سيحدث فيه أثرٌ تكوينيّ. تمامًا كما أنَّ العمل الصالح مثل: قراءة القرآن، وأداء الصلاة، والصيام، وأداء الحجّ؛ شاء أم أبى، يحدث فيه أثرًا. الذين يذهبون إلى الحجّ، عندما يعودون يكون فيهم أثر، وهذا عجيبٌ جدًا! يعني أنَّ هناك أمرًا تكوينيًّا موجودًا، يترك أثرًا ما. لذا كان المرحوم العلامة يقول: «اسعوا إلى استمرار هذا الأثر، لا تضيّعوه بسرعة، لا تفقدوا تلك الحالة بسرعة بالوقوع في المعاصي والأخطاء».
وقد قلتُ سابقًا إنّ الذين يذهبون إلى الحجّ، عندما يحلقون رؤوسهم يوم عيد الأضحى، تتغيّر حالهم وأوضاعهم تمامًا، بل تتغيّر ملامحهم! وهذا التغيّر في الصورة الملكوتيّة يؤثّر حتّى في الصورة الظاهريّة! يعني أنَّ هذا العمل له تأثيره حتّى في الوضع الظاهريّ. وبشكلٍ عامّ، فإنَّ مسألة التغيّرات والتحوّلات هذه مسألةٌ عجيبةٌ جدًّا. بالطبع، في بعض الحالات، يميّز أهل الفنّ وأهل الخبرة؛ فعندما ينظرون إلى إنسانٍ ما، يدركون أيّ ذنبٍ وأيّ خطأٍ ارتكب اليوم.
كان بعض الرفقاء يقولون: كنّا أحيانًا عندما نذهب لزيارة المرحوم العلامة، وكنّا قد ارتكبنا عملًا خاطئًا أو زلّةً ما، كان ينظر إلينا نظرةً ويفهمنا بعينيه: «نحن نعلم؛ اذهب يا عزيزي ولا تعد لمثل هذه الأفعال!» كنّا نفهم الأمر، فنخفض رؤوسنا وننصرف. أو عندما كنّا نصل إليه، كنّا نفهم من كيفيّة تعامله معنا كيف هي أوضاعنا: هل هي صحيحة؟ أم فيها إشكال؟ وأين موضع الخلل في المسألة؟!»
ولكنَّ الآخرين لا يدركون. البعض ممّن تنفتح بصائرهم الملكوتيّة، عندما يرتكب إنسانٌ ذنبًا، يدركون صورته البرزخيّة في تلك اللحظة، حتّى لو لم يروه، يدركون! يدركون أنّ فلانًا في أيّ وضعٍ هو، وكيف حاله. فإذا التقوا به، فالأمر يكون أوضح. عندما تنفتح البصيرة الملكوتيّة، فإنَّ تلك الحالة التي يكتسبها الإنسان بواسطة الذنب أو بواسطة الثواب، شاء أم أبى، ستنطبع تكوينيًّا هناك.
مكاشفةٌ حول تأثير الأعمال على الإنسان
قبل عامٍ أو عامين، جاءني أحد الرفقاء يومًا، فقال: سيّدنا، رأيتُ أمرًا يتعلّق بفردٍ ما، رأيتُ هذا الإنسان (وذكر اسمه) يسير متّجهًا نحو مكّة، فسار وقطع الصحاري، ووصل إلى أرضٍ بالقرب من اليمن، وهناك توقّف فجأة، ولم تدعه الملائكة يتابع نحو مكّة، وتوقّف هناك وتوقّف! فما هي هذه القضيّة؟! قلتُ: «إنْ شاء الله خير، وليست بشيء». كانت مكاشفةً قد رآها. هذا الإنسان لم يرَ ذلك الفرد أصلًا، أو رآه نادرًا جدًّا ولا يستطيع تمييزه، فلم يكن من الذين يتواصلون معه ويعاشرونه باستمرار. بالطبع، بعد ذلك، تنبّه ذلك الرجل وحصلت له حالة من الالتفات، وترك ذلك العمل. وعلى كلّ حال، شمله الله تعالى برأفته وغفرانه أيضًا. ولكن ما حقيقة الأمر؟
اجتماع أرواح المؤمنين في وادي السلام
لدينا أكثر من روايةٍ عن أمير المؤمنين والإمام الصادق عليهما السلام ـ الرواية عن أمير المؤمنين عليه السلام هي بالتأكيد في ذهني، أمّا عن الإمام الصادق عليه السلام فلديّ شكّ ـ وهذه الرواية وردت أيضًا عن عدّة أئمّة عليهم السلام في أنّه «عندما يموت الناس، فإن كانوا من زمرة الصالحين والمؤمنين، تنقلهم الملائكة إلى وادي السلام في النجف»۱. بالطبع، هذه الرواية تتعلّق بوقت وفاة الأفراد وارتحالهم من هذا العالم إلى العالم الآخر. وادي السلام، إن كان الرفقاء قد تشرّفوا بالزيارة فقد رأوه، وإذا لم يتشرّفوا فأسأل الله أنْ يرزقهم ذلك، بل يرزق الجميع. وهي مقبرةٌ عجيبةٌ جدًّا، عجيبةٌ جدًا! وقد نُقلت حكاياتٌ وعجائب وغرائب عن هذه المقبرة، وكثيرٌ من الذين التقوا بالإمام الحجّة صاحب الزمان عليه السلام كان لقاؤهم في هذه المقبرة. وهناك مكانٌ يسمّى «مقام حضرة الصاحب» حيث شوهد الإمام عليه السلام كثيرًا. وقد نُقلت مرارًا وتكرارًا زيارة الإمام عليه السلام في ذلك المقام عن الصالحين والعبّاد. ومنها أيضًا لقاء وزيارة حضرة الصاحب في مسجد السهلة، ولهذا أيضًا حكايةٌ وقصّة. كلّ مؤمنٍ في أيّ بقعةٍ من العالم، سواءٌ على الكرة الأرضيّة أو في غير الكرة الأرضيّة، عند موته يُنقل إلى وادي السلام.
إذا جاء يومٌ وأخذتنا هذه الوسائل إلى القمر، وقالوا إنَّ الكرة الأرضيّة قد ضاقت بنا! كأنَّ السادة لم يعودوا يستطيعون العيش هنا، والآن يريدون الذهاب لبناء منازل على القمر والعيش هناك. فما كلّ هذا؟! على حدّ قول المرحوم العلامة: «كلّ هذا من البطالة!» الإنسان العاطل لا يعرف ماذا يفعل. يا هذا! اذهب واجلس في مكانٍ ما، صلِّ ركعتين فتجد حالًا! ما معنى أنْ أصعد إلى القمر لأرى ماذا هناك. لماذا جعلت طريقك بعيدًا وصعبًا إلى هذا الحدّ؟! اجلس هنا، وفي لحظةٍ واحدةٍ تجول في كلّ العوالم. أيّها المسكين، أيّها البائس! بدلًا من أنْ تنفق كلّ هذه الأموال وتتكبّد كلّ هذا العناء، لا تنفق قرشًا واحدًا، واحتفظ بأموالك في جيبك، واجلس هكذا وانظر ما الخبر هناك، وماذا يجري هناك. فهذه الأمور هي للأفراد العاديّين!
كنتُ يومًا في مجلس، وكان فيه عدد من الحضور، وكان هناك إنسانٌ منخرطٌ في هذه الأمور ومن أهل هذا الكلام، وكان فردًا عاديًّا أيضًا، لم يكن بتلك المراتب العالية، كان زاهدًا وعابدًا ومن أهل بعض الرياضات ونحوها، ولم يكن واضحًا جدًّا أنَّ أفكاره ومعتقداته صحيحة. ولكنّه كان يصف ماذا يوجد الآن على سطح القمر، وماذا في جانبه الآخر، وماذا في هذا النصف الآخر من كرته، وماذا على كوكب عطارد». وكان يقول الصدق ولم يكن يكذب عبثًا؛ كان يرى ما هناك ويخبر عنه، ونحن كنّا جالسين صامتين، نستمع فقط ونستفيد، بالطبع لم نكن نستفيد! فلماذا نستفيد؟! وهذه الأشياء لا فائدة منها. هل التفتّم؟!
تبيين حقيقة انتقال المؤمنين إلى وادي السلام
في أيّ بقعةٍ من العالم كنّا، إن كنّا من الصالحين، فإنْ شاء الله تأتي بنا الملائكة إلى وادي السلام في النجف، بجوار قبر أمير المؤمنين عليه السلام، وهناك يدفنوننا. ليس معنى هذا أنَّ الملائكة تأتي بهذا الجسد الماديّ وتضعه هناك. فهذا الجسد معروف، ووضعه معروف. بل المقصود هو البدن المثاليّ. فكما أنَّ للإنسان بدنًا ماديًّا، فإنَّ له بدنًا مثاليًّا أيضًا. وهذا البدن الذي نراه في المنام هو بدننا المثاليّ الذي تعلّقت به النفس والروح، ونحن نشاهده في عالم النوم الذي هو عالم المثال وهو يتحرّك. هذا البدن المثاليّ، في عالم المثال، ينطبق على وادي السلام في النجف؛ أي أنَّ وادي السلام في النجف الذي له صورةٌ ماديّةٌ وترابيّة، له جانبٌ ملكوتيٌّ ومثاليّ، وتُدفن أرواح المؤمنين في عالم المثال في الجانب المثاليّ من وادي السلام، وتكون مقاماتهم وقبورهم هناك، ووادي السلام الماديّ هذا هو معلولٌ ومتأثّرٌ بوادي السلام المثاليّ ويحاذيه. وفي المقابل، فإنَّ الكفّار والمعاندين والفسّاق والمغرضين والذين لديهم ظلمةٌ وكدورةٌ شيطانيّة، عندما يفارقون الدنيا يُدفنون في وادي برهوت في اليمن. وذلك أيضًا بنفس المعنى، وهناك الكثير من الروايات حول هذه المسألة۱، وقد أوردها المرحوم العلامة في كتاب "معرفة المعاد". ولكن لا أعلم في أيّ مجلّد، لكنّه بالتأكيد أوردها، هذه الروايات موجودةٌ هناك.٢
حقيقة وواقع وادي السلام في النجف وبرهوت اليمن
ولكنَّ الأمر هنا هو أنَّ هذه المسألة لا تختصّ بوقت الوفاة، فإنَّ كلّ إنسانٍ في أيّ وضعٍ كان، إمّا أنْ يكون في وادي السلام أو في برهوت اليمن، حتّى لو كان حيّا، ويتكلّم، ويأكل. وادي السلام في النجف هو عالم الجنّة البرزخيّة التي تسبق تلك الجنّة الحقيقيّة والقيامة الكبرى، وهي للإنسان بمثابة مرحلةٍ وسيطةٍ وواسطةٍ للوصول إلى تلك القيامة الكبرى. بناءً على هذا، فإنَّ مَنْ كان في هذه الدنيا ذا نفسٍ طاهرةٍ وعملٍ خالصٍ ونيّةٍ صالحة، فهو الآن في وادي السلام بالنجف وبجوار أمير المؤمنين عليه السلام. يعني أنَّ جانبه المثاليّ موجودٌ في ذلك المكان؛ المكان ليس من الناحية الماديّة، بل المكان الذي هو عالم المثال، وهو بالنسبة لهذا المكان ذو جانبٍ عِلّيّ. وكلّ مَنْ كان في هذه الدنيا ذا فسقٍ وكدورةٍ وظلمةٍ وحيوانيّةٍ وبهيميّة، فهذا الإنسان الآن في برهوت اليمن. هو نفسه في برهوت، وإنْ كان يمشي ويتحرّك هنا. مَنْ يراه يراه بصورةٍ مثاليّةٍ مظلمة، يراه على شكل ذئب، أو خنزير، أو كلب، أو ثعلب؛ فإن كان من أهل المكر والحيلة يرى على شكل ثعلب، أي هو الآن في برهوت، ومقامه على شكل ثعلب، أو على شكل خنزير، أو على شكل سبعٍ وحيوانٍ مفترس. هذا أيضًا من هذا الجانب.
والآن هذا الإنسان الذي رأى هذه المسألة بشأنه، كانت القضيّة كالتالي: ذلك الذي كان منذ مدّة يرتكب عملًا مخالفًا، وكان لا يزال باقيًا على ذلك العمل المخالف ولم يرجع ولم يتب منه. ولأنّه كان باقيًا في هذه الحالة، فإنَّ هذا الإنسان الذي لا يعلم عنه شيئًا ولا علاقة له به، ولا يراه حتّى مرّةً واحدةً في السنة، رآه هذا الإنسان في برهوت. يعني رآه يتّجه نحو مكّة. حسنًا، هذا إنسانٌ له هدفٌ وطريق، ولكنّه لديه مشكلة ما، فهو فجأةً يرتكب هذا العمل؛ فتقول الملائكة: لا، ليس الآن، فأنت لا تذهب إلى مكّة، ومكانك في برهوت! فإن تاب واستغفر، وطلب المغفرة من الله، يعود مرّةً أخرى نحو مكّة، ويتحرّك مرّةً أخرى في نفس الاتّجاه ويتقدّم. أترون كم هو الأمر ظريفٌ ودقيق!
نحن نتخيّل أننا إذا فعلنا شيئًا، فإنّه يضيع ويختفي في هذا العالم التكوينيّ، فنقول: "إنْ شاء الله الله لن يرى" ونخفض رؤوسنا للتخفي. لا يا عزيزي! نأكل لقمة، فتأثّرُ أثرًا خاصًّا. أو نقوم بعملٍ ما، فيكون له أثر. مَنْ كان من أهل الخبرة يدرك ويميّز، ومَنْ ليس كذلك، لا يدرك، وينظر هكذا فقط.
فكلام الإمام السجّاد عليه السلام من أنّه لا تنظروا إلى ظاهر الناس، ولا إلى صلاتهم وصيامهم، فربّما تكون هذه الصلوات وهذه الصيامات في سياق أهدافٍ غير إخلاص السلوك في الطريق إلى الله، وغير نيّة الاقتراب لمرضاة الله۱. هو هذا بعينه. نحن ننظر إلى الظاهر: ما شاء الله! كم هو مناسب، هادئ، مطمئنّ، كم يتكلّم بكلماتٍ محمودةٍ وبليغةٍ وأدبيّة، وجملٍ عذبةٍ وكلامٍ جذّابٍ يجمع الناس. ما شاء الله! السيّد يقول كذا، كم يقرّر الأمر بشكلٍ جيّد، لا مثيل له. عجيب!
ظهور حالات النفس لدى الأفراد في كلامهم وكتاباتهم
أظنّ أنَّ هذا الأمر الذي تذكرته الآن، قد ذكرته مرّةً للرفقاء أيضًا. ففي الزمن السابق كان هناك كاتبٌ قد توفّي. ولم أكن قد استمعتُ إلى أحاديثه، ولكنّي قرأتُ له كتابًا فقط، وكلّما فتحت هذا الكتاب وقرأته، كانت أحوالي تنقلب؛ أي كنت أشعر بكدورةٍ وظلمة! ومع ذلك لم أكن أتركه، وكنت أقرأ باستمرار، ثمّ أترك البقيّة للغد. يا هذا، إن كنت أدركت حقيقة الكتاب فاتركه! قرأتَ صفحتين وفهمتَ ما هو فقد كفى إذًا. لكن لا! بما أنّهم يمدحونه كثيرًا، فلأقرأ لأرى ما بداخله؟! إلى هذا الحدّ يمدحونه وكذا. فكنت أقرأ عشرين صفحةً أخرى، فيتعكّر مزاجي وأشعر مرّةً أخرى بكدورةٍ وظلمة، فكنت أقول: لا، لنرَ مرّةً أخرى ما هو! كنت أقول في نفسي باستمرار: لنرَ مرّةً أخرى، ومرّةً ثالثة، حتّى قرأت الكتاب كلّه. ولم يكن الحال أنّني لم أفهم منه كلمةً واحدةً فحسب، بل لم يصلني من هذا "العظيم"، أيّ نفعٍ سوى الكدورة والظلمة وتشوّش الحال، لا شيء!
كنتُ يومًا في الزمن السابق (زمن الشاه) ذاهبًا من قم إلى طهران بسيّارات الأجرة الخاصّة. وكنتُ جالسًا في الخلف، وكان هناك شابٌّ يجلس في مقدّمة السيّارة، فأخرج شريطًا مسجّلاً من جيبه ووضعه طوال الطريق وقال: «يا سيّد، ضع هذا لنستمع إليه حتّى نصل، هل هناك مانع؟ إنّه تسجيل». فقلتُ: «لا مانع». قال: «إنّه شريط، ضع الشريط». ولم يذكر اسم المحاضر. فوضع الشريط وبدأ المتحدّث بالكلام، وما إنْ تكلّم حتّى قلتُ في نفسي: آه آه! عجيب! مَنْ هذا؟! أيّ كلامٍ هذا الذي يقوله؟! ورأيتُ أنَّ عشرة أضعاف تلك الظلمة والكدورة التي كنتُ أشعر بها في نفسي وقت قراءة ذلك الكتاب، تخرج من فمه وتستقرّ على قلبي. فقلتُ إن لم أكن مخطئًا، فهذا المحاضر لا بدّ أنْ يكون هو الكاتب نفسه. فقلتُ: «يا سيّد، لمَنْ هذا الشريط؟» قال: «عجيب! ألا تعرفه؟!» قلتُ: «لا». قال: «إنّه فلان». فقلتُ: «نعم؛ شكرًا جزيلًا، شكرًا». ولم يكمل هو الآخر، وبالفعل مرّت بضع دقائق ولا أعرف ماذا حدث، لكنّه انصرف عن الاستماع وأطفأ المسجّل. الحمدُ للّه أنَّ الله أعاننا وانتهت المسألة.
سبب اختلاف تأثير كلام الأفراد
لماذا هو هكذا؟ لماذا عندما تستمع إلى شريطٍ أو حديثٍ أو صوت المرحوم العلامة، تنقلب رأسًا على عقب حتّى إنّك تريد أنْ تقطع علاقاتك بجميع الأفراد وتنطلق مباشرةً إلى ذلك المكان وذلك المقصد وذلك المبدأ الذي انطلق هو إليه؟! لأنّ حالتك تتغيّر. أيّ حسابٍ وكتابٍ يوجد هنا وفي ذلك الشريط؟! بحيث أنَّ ذاك يجلب الظلمة والكدورة التي تسلب من الإنسان حال الصلاة وكلّ شيء؟ أيّ حسابٍ هذا؟! ماذا فعل هذان الاثنان؟! بينما، على فرض، يقولان نفس الكلام. يا رجل، ما هذا؟! هذا الانقطاع عن جميع الأفراد والسير نحو المقصود والمبدأ، هي نفسها الآثار التكوينيّة لعمل هذا الإنسان وحركته في هذه الدنيا، والتأثيرات التي أحدثها هذا العمل وهذا الفعل في نفسه، وتلك الظلمة والكدورة هي أيضًا الآثار التكوينيّة للأعمال، والأفعال، وخبث الباطن، وشقاوة السرّ، التي اكتسبها بسبب الأعمال غير اللائقة التي قام بها. وهكذا اكتسب كدورةً ذاتيّة؛ أي أنَّ الكدورة تجاوزت مرتبة العَرَض واتّحدت مع الذات. {خَتَمَ ٱللَّهُ عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ وَعَلَىٰ سَمْعِهِمْ ۖ وَعَلَىٰٓ أَبْصَٰرِهِمْ غِشَٰوَةٌ ۖ}۱ لقد ختم الله على قلوب هؤلاء، هذا القلب لم يعد مستعدًّا!
مكاشفة السيّد الحدّاد رضوان الله عليه عن ظلمة قبر في الشام
في تلك السفرة التي جاء فيها السيّد الحداد رضوان الله عليه إلى الشام، كان يقيم بجوار مرقد السيّدة زينب سلام الله عليها في نفس المكان. وقد جاء المرحوم العلامة أيضًا إلى هناك والتقى به وبقي معه عدّة أيّام. وذات يوم، قال السيّد الحداد لأحد من كان معه: «يا هذا، دعنا نذهب لنشاهد قبور هؤلاء الأفراد الذين يقولون إنّهم هنا، ونرى مَنْ كانوا». فذهبوا إلى هناك، وأخذوا يتردّدون على ذلك المكان. فقيل له: «يا سيّد، يوجد قبرٌ هنا في هذه الأنحاء». فاقتربوا وبمجرّد أنْ فتحوا الباب قال السيّد الحدّاد ثلاث مرّات: «آخ آخ آخ يا للظلمة الموجودة هنا! ما أشدّ ظلمة هذا الإنسان! ما أشدّ ظلمته!» بينما رأيتُ بنفسي أفرادًا يذهبون ويقفون هناك، وهناك لوحةٌ مكتوبة، وكلماته القصار مسجّلةٌ عليها! يقرأون ويقولون: ما شاء الله، ما شاء الله! ويا له من بكاءٍ يبكونه! طبعًا ليس رجالهم، ولكنَّ النساء يأتين إلى هناك، ورأيتُ كيف يذرفن الدموع!
تأثير الارتباط بالأفراد غير المؤهّلين
ماذا يرى هو؟ وماذا يرى هؤلاء؟ وكيف ينظر هو؟ وكيف ينظرون هؤلاء؟! إنّ هذه الأمور مهمّةٌ جدًا! هذا الذي لدينا الكثير منه في روايات الأئمّة: لا تذهبوا إلى كلّ مكان، ولا تسلّموا رقابكم لأيّ كان، ولا توطئوا أقدامكم في وادي أيّ إنسان، ولا تدخلوا منزل أيّ كان، ولا تبايعوا كلّ مَنْ هبّ ودبّ! كلّ هذا لأنّهم يقولون: أيّها المساكين! أنتم الذين لستم من أهل التمييز، فحذارِ أنْ تقعوا في الفخّ، تأمّلوا في الذهاب إلى هنا وهناك؛ فأنتم لا يمكنكم الذهاب إلى كلّ مكان، ليست كلّ يد أمينة، وليست كلّ نظرة جائزة، بل هناك أيادٍ خائنة، ونظرات محرّمة، وقلوبٌ فاسدة تأتي وتسرق قلبك ودينك، وتأخذ دنياك وآخرتك. متى يتّضح ذلك؟! عندما تمرّ عشرٌ أو عشرون سنة، فيقول أحدهم: «يا له من خداعٍ وقعنا فيه! كنّا نظنّ فلانًا كذا وكذا، فلان الذي كان لديه كلّ هذا العلم، ذهب إلى النجف، وبقي سنوات في النجف. وذاك كان هناك لسنوات، وذاك كان صاحب كتاب، وذاك كان صاحب كذا وكذا ورسالةٍ وغيرها. فماذا حدث؟! لماذا أصبح الأمر هكذا؟!»
لا يا هذا! كلّ شيءٍ صحيح، وأنت أخطأت! كان عليك ألّا تذهب، بيّنوا لك الأمر، لكنّك لم تستمع، أوضحوا لك الطريق، فأغمضت عينيك وطأطأت رأسك؛ أتريد أن تُفقأ عينك، وأن يكسر ضلعك حتّى تعمل بالكلام! فكم قالوا: «يجب وضع كلّ إنسانٍ في موضعه»؟! وكم نبّهوا على أنّه: «يجب إجلاس كلّ فردٍ في مقامه؟!» وكم جاءوا وأظهروا الشفقة؟! لكن أين الأذن الصاغية؟! هم فعلوا كذا، فنحن نفعل كذا، هم سلكوا هذا الطريق، فنحن نسلكه أيضًا! لا شأن لنا بهذا الكلام، ولا شأن لنا بذلك الكلام. لا شأن لكم! هنيئًا مريئًا، مباركٌ لكم، مبارك! لدينا الكثير في الروايات، وفي كلام الأعاظم: يا هذا، لا يمكن الاعتماد على ظاهر أحد، لا يمكن الاعتماد على مشي أحدهم بخطى هادئة وهو مطأطئ الرأس. لا يمكن الاعتماد على النعلين الصفراوين والعصا في اليد، لا يمكن الاعتماد على اللحية الممشّطة والمرسلة! ولكن المسألة بشكلٍ آخر، والأمر من نوعٍ آخر. فهذه تأثيراتٌ يتركها الذنب. والأمر دقيقٌ إلى هذا الحدّ! والمسألة مهمّةٌ إلى هذا الحدّ! أيّ عملٍ بمجرّد أنْ يتحقّق فإنّه يترك أثره.
إشراف الوليّ الإلهيّ على أعمال الإنسان
كان المرحوم العلامة يقول: «أيّ واحدٍ من رفقائنا يقوم بأيّ عمل، فإنَّ ذلك العمل يؤثّر في نفسي تلقائيًّا سواءٌ شئت أم أبيت». وكان يقول لأحدهم: «أنت كن حيثما شئت، وافعل ما شئت من عمل، فإنّه ليس بعيدًا عن أنظارنا». صراحةً، ألقى عليهم الحجّة كاملة. يعني الأمر أشبه بحالةٍ مبرمجةٍ ميكانيكيًّا، فكما أنَّ كلّ فعلٍ من الناحية الميكانيكيّة يولّد ردّ فعل، فبمجرّد أنْ يقوم هو بذلك، تكون نسخةٌ منه هناك! إذا عمل خيرًا، فنسخةٌ منه هناك، وإذا عمل شرًّا، فنسخةٌ منه هناك. والرفقاء يعلمون ذلك أيضًا، وفي هذا المجال حكاياتٌ إلى ما شاء الله. وإذا عمل أحدٌ خيرًا، فإنَّ هذا ينتشر كثيرًا. المرحوم العلامة نفسه لا بدّ أنّه أورد أمورًا حول هذه القضيّة في كتاب "معرفة المعاد". حول كيفيّة التأثيرات التكوينيّة للأعمال على الروح المثاليّة وعلى الجسد المثاليّ وعلى الجسد الملكوتيّ. هذه حقيقة! هذا العالم هو عالم التكوين وليس عالم الاعتباريّات، بل هو عالم الحقائق.
حكايةٌ عن اطّلاع الأعاظم على بواطن الأفراد
أحد الذين حصلت لهم مكانةٌ في هذا المجال وخضع للامتحان ثمّ اتّضح للجميع أمره، كان فردًا سمعتُ لاحقًا من المرحوم العلامة أنّه قال عنه: «كنتُ كلّما رأيته، تحدث فيّ حالةٌ منه! ولم أكن أرى ذلك الإنسان أهلًا لتولّي هذه المناصب أبدًا!» هذا كان مفاد كلامه، فعندما يأتي الامتحان تظهر البواطن، حينها يدرك الإنسان ما هو الواقع، حينها ينكشف لجميع الأفراد: عجيب! هذا الفرد هو نفسه الذي كان على علاقةٍ بالبلاط في زمن الشاه، عجيب! لم نكن نعلم، هذا هو نفسه الذي كان على ارتباطٍ بجهاز ذلك السلطان والحكومة في زمن الشاه، هذا هو نفسه الذي كان يقوم بتلك الأعمال في زمن الشاه! فماذا حدث؟ تحدث قضيّةٌ ما أو ظرفٌ ما، فتنكشف كلّ القضايا، وتنكشف كلّ المسائل. ولكن كيف يبرّر بقيّة الأفراد؟! كيف يفهم البقيّة هذه المسائل؟! هل يفهم أحد؟! هل يدرك أحدٌ هذه الأمور؟
العلامة وحيدي من الأركان المُثبِّتة لنظام الطاغوت والظلم
في تلك الفترة من أوائل الثورة، كان هناك فردٌ في مجلسٍ ما غاضبًا ومستاءً من إعدام السيّد وحيدي. وحيدي، كان حقًّا من هؤلاء الموالين ومن الأركان المؤثّرة جدًا في النظام الشاهنشاهيّ! هو الذي عندما قام رضا شاه بكشف الحجاب، كان قد وصل لتوّه في ذلك الوقت من النجف إلى كرمانشاه ـ وكان كثيرٌ من أكابر النجف قد أجازوه بالاجتهاد ـ عندما وصل إلى هناك، أوّل عملٍ قام به هو أنّه خلع عمامته، ثمّ أحضر زوجته سافرةً إلى مجلس احتفالٍ أقيم بهذه المناسبة هناك، وأظهرها للجميع وأثبت غيرته للجميع! كانت لديه إجازة اجتهادٍ من علماء النجف، وبقي من الموالين حتّى النهاية. وكان من الذين كانوا مصداقًا حقيقيًّا للمفسد، كان حقًّا من الأركان الحقيقيّة للظلم والمثبّتة له. وأُعدم هذا الفرد، وأُعدم بحقّ، وكان يستحقّ الإعدام ألف مرّةٍ أكثر من غيره!
كنّا في مجلسٍ في قم، في منزل أحد السادة، كنّا مدعوّين لتناول طعام الغداء مع المرحوم العلامة. كان أحد السادة المعروفين في طهران مستاءً وغاضبًا جدًا من هذا الأمر وكان يقول: «ما ذنب هذا الرجل حتّى يعدموه؟! هل قتل أحدًا حتّى يعدموه؟!» يعني عجيب! ثمّ يستدلّ قائلًا: «يا سيّدي، لحية هذا الرجل كانت أطول من لحية هذا السيّد!» فهل تلتفتون؟! يا هذا، إنّ الشمر الذي قطع رأس الإمام الحسين عليه السلام كانت لحيته أطول من لحيتك أيضًا! فهل المسألة باللحى؟! انظروا أيّ دليلٍ يأتي به وكيف كان يقول: «يا سيّدي، لحية هذا الرجل كانت أطول من لحيته، ومع ذلك أعدموه» هنا لم يستطع المرحوم العلامة أنْ يتمالك نفسه وقال أمام أولئك الأفراد: «إعدامٌ واحدٌ كان قليلًا عليه! كان يجب إعدام هذا الفرد ألف مرّة!»
إنسانٌ كان من الأركان المُثبِّتة لنظام الطاغوت، النظام الطاغوتيّ والنظام الشاهنشاهيّ ونظام الظلم يحتاج إلى هؤلاء. هؤلاء هم العلل المُبقية للنّظام. ذلك الإنسان يقتل إنسانًا أو اثنين ولكنّه يتوب فيما بعد إمّا في نفسه أو في حالة ما. أمّا ذلك الذي يقف وبصفته مجتهدًا يقيم الأدلّة لكشف الحجاب، ويلقي خطبًا في مجلس الشيوخ، ويخاطب الشاه الظالم بصفته منقذًا، وينسب زورًا إلى رسول الله صلّى الله عليه وآله رواية: «السلطانُ ظلُّ اللَهِ فی أرضه» ويأتي بالأدلّة الأربعة بحسب زعمه، من الكتاب والسنّة والإجماع والعقل، ليضفي على هذه السلطنة صفةً إلهيّة. هؤلاء ليسوا أفرادًا عاديّين، هؤلاء ليسوا أفرادًا عاديّين! حقًّا، كيف يصل هؤلاء الأفراد إلى هذا الحال؟! علينا حقًّا أنْ نكون متضرّعين جدًا ومبتهلين كثيرًا حتّى لا يبتلينا الله بمثل هذا، لا يبتلينا الله بمثل هذا!
نتيجة العمل بتوجيهات الأئمّة عليهم السلام
ولكن من ناحيةٍ أخرى، تنظر فترى إنسانًا يأتي ويقرأ هذه الأمور نفسها ويعمل بما يقوله الإمام عليه السلام ولا شأن له بأيّ أحدٍ آخر، هو والإمام عليه السلام. حينئذٍ انظر ماذا يشرق في قلبه، وكيف تؤثّر كلماته. فعندما يتحدّث الإنسان معه، تنشرح روحه، وأيّ صفاءٍ يجده! وأيّ أمورٍ يكتشفها. لماذا كلّ هذا؟! هذا لأنّه سار بشكلٍ صحيح، وسلك الطريق بشكلٍ صحيح، وسنرى آخرته أيضًا.
الوقت الآن تقريبًا خمس دقائق قبل العاشرة، وبالطبع سيعذرنا الرفقاء إنْ شاء الله عن مواصلة الحديث. رغم أنَّ حالي لم يكن مناسبًا للحديث، إلّا أنّني قلتُ إنّه من باب {يَمْحُوا اللّٰهُ مَا يَشَاۤءُ وَيُثْبِتُ ۖوَعِنْدَهٗٓ اُمُّ الْكِتٰبِ}۱ «عرفتُ الله بفسخ العزائم ونقض الهمم»٢
وفّقنا الله ألّا نُحرم من الحضور بين الرفقاء هذه الليلة أيضًا. إنْ شاء الله تتمّة الأمور، وهي مسائل في هذا الصدد، لليالي القادمة، إذا وفّق الله.
اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ