هل سعى أمير المؤمنين إلى مقتله؟

محاضرة ليلة القدر 19 من شهر رمضان لعام 1429 هـ

10314
مشاهدة المتن

المؤلّفآية الله السيد محمد محسن الحسيني الطهراني

القسممباني الإسلام

التاريخ 1429/09/19


التوضيح

لماذا لم يتنازل أمير المؤمنين عليه السلام عن الحقّ و يتوافق مع الظالمين؟ وما هو سبب عدم مقابلته عليه السلام لمعاوية بالمثل؟ و هل كان سلام الله عليه يهتمّ بكثرة الأتباع؟ وهل كان عليه السلام عالماً بما سيقع في ليلة التاسع عشر من شهر رمضان؟ وكيف يمكننا أن نفسّر ذلك؟
تساؤلات عالجها آية الله السيد محمد محسن الحسيني الطهراني قدس سرّه في هذه المحاضرة التي عقدها في ليلة القدر الأولى ، أي الليلة التاسعة عشرة من شهر رمضان المبارك في سنة 1429 هـ ق

/۱٦
بي دي اف بي دي اف الجوال الوورد

هل سعى أمير المؤمنين إلى مقتله؟ - محاضرة ليلة القدر ۱٩ من شهر رمضان لعام ۱٤۲٩ هـ

1
  •  

  • هو العليم

  •  

  • هل سعى أمير المؤمنين إلى مقتله؟

  • محاضرة ليلة القدر ۱٩ من شهر رمضان لعام ۱٤٢٩ هـ

  •  

  • محاضرة ألقاها

  • آية الله الحاجّ السيّد محمّد محسن الحسينيّ الطهرانيّ

  • قدس الله سره

  •  

  •  

هل سعى أمير المؤمنين إلى مقتله؟ - محاضرة ليلة القدر ۱٩ من شهر رمضان لعام ۱٤۲٩ هـ

2
  •  

  •  

  • أعوذُ بالله مِن الشّیطان الرّجیم

  • بسمِ الله الرّحمٰن الرّحیم

  • الحمد لله رب العالمین

  • و صلّی الله علی سيّدنا و نبيّنا محمّد و آله الطاهرین

  • اللعنة علی أعدائهم أجمعین إلی یوم الدین

  •  

  •  

  • هل كان أمير المؤمنين عالمًا بما يجري عليه ليلة التاسع عشر؟

  • الليلة هي الليلة التاسعة عشرة من شهر رمضان المبارك، وهي الليلة التي أجاب فيها أمير المؤمنين عليه السلام ذلك الوعد الإلهيّ، واستقبل تلك الحادثة بقلب مفتوح متوجّهًا نحو ذلك الهدف الموعود. لم تكن حادثة ضربة أمير المؤمنين عليه السلام أمرًا بسيطًا ومتعارفًا وأمرًا اتّفاقيًّا وصدفة! ووفق التوضيح الذي سأقدّمه للرفقاء إن شاء الله سيتّضح أنّ هذا الأمر كان باختياره عليه السلام، لا عن غفلة وجهل بها! بل كان الإمام يعلم بذلك وهو بنفسه قبِل به وقام بتمام وجوده لتحقيقه. 

  • ألا يتنافى العلم بالخطر مع الإقدام عليه؟

  • يجري الحديث في هذه الأيّام حول أنّه هل من الممكن أن يكون الإنسان مطّلعًا على أمر ما ومع ذلك لا يبالي به من حيث التكليف والحكم الشرعيّ؟! 

  • فوفق الاصطلاح والقاعدة هم يقولون: إنّ القطع والعلم منجّز.۱ أي موجب للتكليف! فإذا ما قطعتَ بأمر ما فلا بدّ أن ترتّب الأثر عليه، وعندما تعلم أنّه مضرّ لك ويؤدّي تناول هذا الشيء إلى الضرر بك، فإنّ تناوله يغدو حرامًا. وليس في هذا الأمر أيّ شكّ وترديد.

  • أو إذا علمت أنّك إذا ما وضعت رجلك على هذا الحجر فإنّه غير محكم وستسقط نحو الأسفل وتهلك، فهذا حرام وهذا علم. وبصورة عامّة إذا ما حصل للإنسان علم فإنّه منجّز، ولا حاجة بعده إلى دليل آخر غير ذلك القطع والعلم، فلا حاجة إلى أن يأتي من يقول: "بما أنّك علمت بهذا الأمر فافعله، أو لا تفعله". كلاّ لا حاجة إلى ذلك. 

  • ضرورة اعتماد الإنسان على العلم دون الظن والحدس والأوهام والخيالات

  • ولكن حتمًا علينا أن لا نخلط بين العلم والظنّ والحدس والتخمين والأوهام والخيالات، فهناك فرق بينها. فكثيرًا ما يكون لدى الإنسان ظنّ بأمر ما، وأغلب الأمور التي نعدّها نحن علمًا ونسمّيها في محاوراتنا قطعًا وعلمًا هي ظنون أي لا أساس علميًّا ومنطقيًّا لها أبدًا. 

    1. راجع فرائد الأصول ج۱، ص ٢٩. 

هل سعى أمير المؤمنين إلى مقتله؟ - محاضرة ليلة القدر ۱٩ من شهر رمضان لعام ۱٤۲٩ هـ

3
  • وهذه بنفسها مسألة مهمّة أن لماذا على الإنسان أن يبتلى بمثل ذلك بحيث يعتمد الأمور الظنيّة والخياليّة بدلاً من الأمور العلميّة؟ ويهبط من مقام العلم ويعمل على أساس الخيال والأوهام ويقول: "يخيّل إليّ كذا، وأحدس بكذا، ويبدو لي كذا، وربّما كان الأمر كذا، ويحتمل كذا"؟ فبهذا لا تصلح الأمور! وبهذا لا تحلّ المشاكل! أنت تخطئ إذ تقول: "في نظري إنّ هذه الآية من القرآن تفيد هذا المعنى"! فبقولك: "في نظري"، لا يصلح الأمر ولا تحلّ المشكلة، فإمّا أن تقول قطعًا هو كذا أو قطعًا ليس كذا. أمّا القول "يحتمل أنّه يجب أن يكون كذا في تلك المسألة" فقيمته هي في مستوى هذا الاحتمال. فلماذا على الإنسان أن يكون مبتلى بهذه المصيبة بحيث يجعل الظنون أساس حياته ومنهجه وعلاقاته؟! 

  • لقد كان أولياء الله والأعاظم يدعوننا جميعًا إلى العلم، اخط خطوة واحدة عن علم خير من تخطو ألف خطوة عن ظنّ وتخمين؛ لأنّ الحركة عن ظنّ لا يعرف فيها ما إن كان الإنسان سيصل إلى الغاية أم لا؟ إضافة إلى أنّ نفس الإنسان تعتاد على الظنّ، ومصيبة النفس التي صارت أسيرة للظنّ والحدس أنّها يسلب منها الحركة والتكامل ويقرأ عليها الفاتحة! ومعنى ذلك أنّه لا بدّ من إغلاق سجلّ هذه النفس، وإغلاق سجلّ هذا الإنسان. 

  • هل تغيّر الإنسان المعاصر وترك العمل بالأوهام؟ 

  • قبل مدّة قلت للرفقاء في جلسة عنوان البصريّ إنّ الناس لم يتغيّروا، وأنّ الناس على ما كانوا عليه ولم يختلفوا أبدًا. خلافًا لما يقال من أنّ الأدمغة في هذا الزمان قد تغيّرت، وأنّ الجزيئات قد تبدّلت، والخلايا قد اختلفت، فمثلاً كان وزن ذهن الإنسان قبل ۱٤۰۰ سنة ثمانمائة غرامًا، وقد صار الآن ألفاً ومائتا غرام أو ألفًا وثلاثمائة غرام. لقد انتفخ، لقد انتفخت الرؤوس. كلاّ يا عزيزي، فالأدمغة لا زالت كما هي. والبلازما والكريات البيضاء والحمراء ونحوها لم تتغيّر أيضًا. وخلايا الجسم لا تزال كما هي ، فالشعر والصوف والرأس والأنف والوجه والعين والحاجب كلّ ذلك لا يزال كما كان.

هل سعى أمير المؤمنين إلى مقتله؟ - محاضرة ليلة القدر ۱٩ من شهر رمضان لعام ۱٤۲٩ هـ

4
  • فالأمر لم يختلف ولم يزد مستوى فهم الناس. الفهم الذي يسلك بالإنسان إلى السعادة ويخرجها من الكثرات ويمنعها من الغرق في الكثرة ومن الانغماس في الدنيا حيث يقتتلون لأجل الوصول إلى المال والموقع بالسيوف والأسنّة فيغصب بعضهم حقّ بعض. 

  • لا تزال في هذا العصر تلك النيّة بعينها وذلك الهدف نفسه وتلك الغاية الخبيثة ذاتها، ولكن بآلات شديدة الخطر والإهلاك والتدمير، ولم يختلف الأمر شيئًا. لقد كان الناس سابقًا يتوسّلون لأجل الوصول إلى الرئاسة و المناصب والخصوصيّات بأيّة حيلة وبأيّ بهتان وتهمة! واليوم ترون بأنفسكم وتسمعون أنّهم لا يمتنعون عن أيّ تهمة، وإذا ما امتنعوا في وقت ما فخوفًا من العواقب. إن كان هناك حدّ لذلك فلأجل العواقب ففي النهاية يمكن لأمر أن يرجع إلى ما كان عليه وتحدث أمور لم تكن بالحسبان، فالهدف هو الهدف، وتلك النوايا الخبيثة هي نفسها الآن موجودة. 

  • لقد كانوا آنذاك يتوسّلون بأيّة وسيلة للوصول إلى الغاية، فيأسرون بريئًا ليصلوا إلى أطماعهم، واليوم يقومون بذلك بمئات الأضعاف وملايين الأضعاف وآلاف الأضعاف، فالأمر لا يزال كما كان. 

  • الأمور التي تحدث في الدنيا وهذه الأعمال التي يخجل الإنسان من ذكرها وإحداث كلّ هذا الفساد لأجل الوصول إلى الأطماع الدنيويّة فمتى ترقّى الإنسان إذن؟! أين هي هذه الألف والأربعمائة عام، وهذه السبعة آلاف عام من زمان النبيّ آدم؟! أين ذلك الرقيّ؟! أين ذلك الفهم؟! إلى أين ذهب وماذا حصل له؟! 

  • الانحطاط الأخلاقي للمجتمعات البشريّة المعاصرة

  • أين ذهبت النجابة؟ أين ذهب الحياء؟ أين ذهب الخجل؟ فهذا الإنسان الذي يعرض نفسه أمام الآخرين في المظاهرات كما ولدته أمّه وهو في عمر الثلاثين والأربعين كم ازداد فهمه في هذه السبعة آلاف سنة؟! فالحيوان لا يفعل ذلك! فالحيوان إذا… الحيوانات تحسب حسابًا! الحيوانات تراعي! الحيوانات لها شعور! لها حياء وغيرة، اذهبوا واقرؤوا في الكتب عن الطيور وغيرة الطيور، اذهبوا واقرؤوا حول غيرة بعض الحيوانات، فهذا الإنسان الذي يليق بمقام خلافة الله يصل إلى نقطة يصبح أسفل من الحيوان من حيث القيم الأخلاقيّة والفضائل الأخلاقيّة! أيمكن الثقة بهذا الإنسان بعد ذلك؟ أهذا الإنسان يجب أن يؤتى بقوانين جديدة ولم تعد تنفعه قوانين ما قبل ۱٤۰۰ سنة؟! هذا الإنسان الذي يتصرّف هكذا كحمار وحيوان لا شعور له أصلاً ولا يشعر بذي شعور أمامه، أهذا هو صاحب الذهن المنفتح والفكر النيّر المتنوّر وصاحب البصيرة! هؤلاء الذين يفعلون ذلك لم يأتوا من القمر بل كانوا على هذه الأرض، وولدوا من هؤلاء الآباء والأمّهات، وهم بيننا! لم يأتوا بهم من القمر، فماذا حصل؟! ما الأمر؟! حقيقة الأمر أنّه إذا ما انعدمت المعرفة والفهم فلا يعود هناك فرق بين الإنسان والحيوان! بماذا يختلف؟ ما الفرق بينهما؟! 

هل سعى أمير المؤمنين إلى مقتله؟ - محاضرة ليلة القدر ۱٩ من شهر رمضان لعام ۱٤۲٩ هـ

5
  • هل سجد الملائكة للإنسان العامل بالأوهام والظنون؟! وما سرّ سجود الملائكة للإنسان؟

  • هذا الإنسان الذي كان يستحقّ مقام الخلافة الإلهيّة، وهذا الإنسان الذي كان بإمكانه أن يصل إلى مرتبة تجعل الملائكة مكلّفين بالسجود له بسببها، فهل فكّرنا يومًا بهذا؟! واقعًا هل فكّرنا بذلك؟! نحن الآن ننظر إلى أنفسنا وإلى حالتنا فماذا نرى امتيازًا على الملائكة؟! هل عقلنا أكثر من عقل الملائكة أم تديّننا أكثر من الملائكة؟! هل تقوانا أكثر من الملائكة؟! هؤلاء الملائكة المقرّبون الذين هم كتلة من العقل والنور والبهاء والعظمة، هؤلاء الملائكة الذين ﴿لا يَسۡبِقُونَهُۥ بِٱلۡقَوۡلِ وَهُم بِأَمۡرِهِۦ يَعۡمَلُونَ﴾۱ هؤلاء الملائكة الذين هم المدبّرات، هؤلاء الملائكة الذين هم تحت أمر الله، والذين لا يتجاوزون عن طريقهم ومنهجهم قيد أنملة، هل نحن مثلهم أيضًا؟! فماذا حصل إذن؟! ولماذا أمر الله الملائكة أن تسجد لنا رغم أعمالنا هذه وسلوكنا هذا؟! ورغم أنّ الملائكة أصلاً لا ينظرون إلينا ولا يبالون بنا؟! فما هي المسألة وما هو السرّ؟! 

  • فهؤلاء الناس هم الذين يفعلون ذلك في النهاية، وقد ولدوا من آدم وحوّاء.

  • فهذا الإنسان الذي لا تساوي عنده روح غيره من الناس قيمة بعوضة وذبابة ما قيمته بالنسبة إلى الملائكة حتّى كلّفها الله بالسجود له؟! فإذن ليس هذا هو الطريق وليس هذا هو المسير!

  • لماذا صار أمير المؤمنين المصداق الأكمل لمقام الإنسان وخليفة الله؟

  • لقد عمل أمير المؤمنين عليه السلام على تحقيق فعليّة ذلك البعد الذي بسببه قال الله للملائكة:﴿إِنِّي خَٰلِقُۢ بَشَرٗا مِّن طِينٖ ، فاذا سَوَّيۡتُهُۥ وَنَفَخۡتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُواْ لَهُۥ سَٰجِدِينَ﴾٢

  • ولم يجلس هكذا في الدنيا واضعًا يدًا على أخرى، ولم يقض حياته عبثًا، ولم يقنع قلبُه بأنّه صاحب هذه المكانة وصاحب هذا المقام، كلاّ، بل جعل مسير حياته على هذا الأساس، وفتح حسابًا لذهابه وإيابه، ولكلامه ماذا يقول فيه وماذا لا يقول، وفي سلوكه مع الناس ماذا يفعل، ولم يكن في المصائب والفتن كالآخرين الذين فرّوا لثلاثة أيّام، وبعد أن وضعت الحرب أوزارها أرسلوا رسولاً يستخبر لهم عن أوضاع الأمن والأمان لكي يعودوا٣، بل كان حول النبيّ يحميه ويدافع عنه وعن حريمه. لقد كانت عباداته وأموره الشخصيّة وعلاقاته الاجتماعيّة محسوبة بدقّة.

    1. سورة الأنبياء (٢۱) الآية ٢۷. 
    2. سورة ص (٣۸) الآية ۷۱ و۷٢. 
    3. معرفة الإمام ج۱٣، ص ٢۸ و ٣٦. 

هل سعى أمير المؤمنين إلى مقتله؟ - محاضرة ليلة القدر ۱٩ من شهر رمضان لعام ۱٤۲٩ هـ

6
  • هل كان أمير المؤمنين قادرًا على تغيير مسار قتله؟ وكيف كانت مواقفه التي أدّت إليه؟ 

  • كان بإمكان أمير المؤمنين أن لا يسمح لمثل تلك الليلة بأن تأتي، ألم يكن بإمكانه؟! كان بإمكانه. وكان بإمكانه عندما استلم الخلافة أن يصانع طلحة والزبير فلماذا قال لهما انصرفا؟۱ إنّه يعلم ماذا وراء الستار، فلماذا لم يصانع؟ لماذا لم يسايرهما؟ لماذا لم يسلّم لهما؟ لأنّه لو فعل ذلك لما كانت هذه الليلة! 

  • ولو أنّ أمير المؤمنين صانع عائشة لصنعوا له تمثالاً من ذهب ونصبوه في كلّ ساحة، ولما كان له كلّ هؤلاء الأعداء ولما كانت تلك الرسائل إلى هذا وذاك: "من عائشة أمّ المؤمنين إلى فلان". كانت ترسل الرسائل تلك المرأة. زوجة رسول الله وأمّ المؤمنين! ترسل بالرسائل إليك وتدعوك لنصرة الحقّ أن ماذا؟ لقد قتل عثمان، وقد قتله عليّ وعلينا أن نطلب بدمه.٢ 

  • ما شأنك أنتِ؟! لنفترض أنّ عليًّا قتل عثمان فما شأنك أنتِ؟! ما صلتك أنت بعثمان؟! لقد كنت في حياته من ألدّ أعدائه وكنت تشتمينه!٣ 

  • هكذا هم الناس، هؤلاء هم الناس.

  • كلّ حادثة تنظرون إليها في التاريخ هي سبب للعبرة، والعبرة هي أن نطبّقها على أنفسنا، فنحن عين أولئك، أقسم بالله وبروح أمير المؤمنين أنّنا أيضًا عين هؤلاء الذين كانوا في زمان أمير المؤمنين ينظرون هكذا حين جاء الآخرون وحطّموا دار أمير المؤمنين وأشعلوا فيها النار، وضربوا ابنة رسول الله أمام عيني أمير المؤمنين.٤ فنحن عين هؤلاء أيضًا، نحن عين هؤلاء، والذين كانوا يفعلون ذلك كانوا يرون أنّهم يضرمون النار، فلماذا؟ ما شأننا نحن، فنحن نصلّي صلاتنا، ونصوم شهرنا، وكان عليه أن لا يفعل ذلك، فعليّ حادّ شيئًا ما، إنّه يبالغ قليلاً، فبما أنّ الناس قد رضوا، فتعال أنت أيضًا وسايرهم فما معنى أن تخالفهم؟! لا معنى للمخالفة! فلتأت أنت أيضًا إلى صلاة الجماعة مع أبي بكر. 

  • نعم، وقد كان من هذا الكثير، ولم يكن هؤلاء شاربي خمر، لقد كان أبو موسى الأشعري وأمثاله وسعد بن أبي وقّاص وأمثاله هم الذين كانوا يقولون: لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء٥، لماذا الاختلاف؟ لماذا يجب أن يكون المسلمون مختلفين؟ على الجميع أن يكون في صلح فيما بينهم! على الجميع أن يعيشوا معًا بأخوّة! فيجب أن تأتي!٦ 

    1. راجع نهج البلاغة (صبحي الصالح) ص ٥۰٥. إحقاق الحقّ ج۸، ص ٥٣٩. 
    2. الجمل، الشيخ المفيد، ص ٤٣۱. 
    3. تاریخ الطبری، ج ٤، ص ٤٥٩.
    4. کتاب سلیم، ج ٢، ص ٥۸٦؛ السقیفة و فدك، ص ۷۱؛ الإمامة و السياسة، ج ۱، ص ٣۰؛ الهدایة الكبری، ص ۱۷٩ و ٤۰۷؛ الاحتجاج، ج ۱، ص ۸٣؛ الملل و النحل، الشهرستاني، ج ۱، ص ۷۱؛ الوافي بالوفیات، ج ٦، ص ۱٥؛ شرح نهج البلاغة، ابن‌ أبي الحدید، ج ٦، ص ٤۸؛ میزان الاعتدال، ج ۱، ص ۱٣٩.
    5. سورة النساء (٤) الآية ۱٤٣. 
    6. شرح نهج البلاغة، ابن‌ أبي الحديد، ج ۱٤، ص ۱٤ و ۱٥؛ مروج الذهب، ج ٢، ص ٣٥٣ و ج ٣، ص ۱٤ و ۱٥.

هل سعى أمير المؤمنين إلى مقتله؟ - محاضرة ليلة القدر ۱٩ من شهر رمضان لعام ۱٤۲٩ هـ

7
  • وكان بإمكان أمير المؤمنين أن يكون هكذا أيضًا. يصلّي صلاته ويصوم شهره، ويقرأ قرآنه، ويذهب إلى المسجد ويشارك في جماعتهم! وإن لم يذهب كلّ يوم ففي كلّ أسبوع مرّة ليقول إنّي لست مخالفًا، فقد أتيت وشاركت في صلاة جناب أبي بكر أيضًا! كان بإمكانه أن يفعل ذلك، فلماذا لم يفعل؟! لأنّه لو فعل ذلك لما وصل إلى هنا!

  • لماذا لم يهادن أمير المؤمنين معاوية؟

  • لماذا لم يهادن أمير المؤمنين معاوية؟! لو أنّه هادنه لكانت الأمور على ما يرام! "فلتكن لمعاوية حكومته ونحن لا نتدخّل في شؤونه! وأنت أصلح أمورك هنا ولا تخالف كثيرًا! ونحن هنا في الكوفة والمدينة وأمثالهما ولا نتدخّل في شؤونك!" وكلام من هذا القبيل!

  • لماذا قال أمير المؤمنين لا يمكنني أن أحتمل وجود هكذا إنسان على كرسيّ الحكم والإمارة حتّى لحظة واحدة؟!۱ لماذا كان الإمام هكذا؟! لماذا كانت طبيعته هكذا؟! لماذا كان تفاعله وتركيبه هكذا؟ ونحن لسنا كذلك! فلنفكّر في أنفسنا! ألم يقل الآخرون له ذلك؟! ألم يأت المغيرة بن شعبة وينصح أمير المؤمنين بهذا الكلام عينه الذي نقوله: 

  • يا علي! لا يزال هذا الكلام قبل أوانه. هذا الكلام حادّ لا تقله! بالله عليك إنّه ليس جيّد. يا عليّ تعال وتناغم مع معاوية واصبر قليلاً! انتظر حتّى إذا صرت قويًّا واستقرّ أمرك وقبلك الجميع وتجذّرت أسس حكومتك في قلوب الجميع وثبتت ولايتك وسيطرتك على جميع القلوب، عندها يمكنك أن تنحّيه ولا يمكن لأحد أن يقول شيئًا! 

  • ولكنّ أمير المؤمنين رفض أن يفعل ذلك.٢ أفتعلمون لماذا؟

  • لأنّ أمير المؤمنين لم يكن يرى نفسه في البين، فقط هذا هو سرّ الأمر وليس هناك سواه، لم يكن يرى نفسه. وهذا أمر مهمّ علينا أن ندقّق فيه الليلة! أمر مهمّ جدًّا، لكي نفهم لماذا تقدّم أمير المؤمنين بنفسه ليستقبل هذه الليلة، فهو الذي استقبلها لا أنّها واقعة حدثت له ولم يكن على علم بها، وهكذا لم أكن أعلم كنت أصلّي وفجأة وقع سيف من الخلف على رأسي، كلاّ. هو نفسه استقبلها، وهو نفسه كان يخبر هذا وذاك أنّهم سيقتلونني الليلة. 

    1. راجع نهج البلاغة (صبحی صالح)، ص ٤۱۸ و ٤۱٩. ومما قاله عليه السلام: و سَأجهَدُ في أن اُطَهِّرَ الأرضَ مِن هذا الشَّخصِ المَعكوسِ، و الجِسمِ المَركُوسِ.
    2. الأخبار الطوال، ص ۱٤٢؛ الاستيعاب، ج ٤، ص ۱٤٤۷.

هل سعى أمير المؤمنين إلى مقتله؟ - محاضرة ليلة القدر ۱٩ من شهر رمضان لعام ۱٤۲٩ هـ

8
  • ولكن الآن هناك جماعة تنكر كلّ شيء! والإنكار سهل جدًّا. يقولون: كلاّ هذه المصابيح مطفأة! نقول: مضيئة. يقولون: عبثًا تقولون ذلك! حسنًا فالإنكار ليس أمرًا مهمًّا. 

  • لماذا أباح أمير المؤمنين الماء لجيش معاوية في معركة صفّين؟

  • ماذا حصل مع أمير المؤمنين في معركة صفّين؟ لقد خادع معاويةُ جيش أمير المؤمنين فقطع عنه الماء ليضعفه ويجبره على الاستسلام ۱، سبق إلى الماء ومنعهم عنه. فالناس يريدون الماء، والخيول تحتاج الماء، والجميع يريدون الماء في النهاية، والماء مثل الهواء إذا بقي الإنسان من دونه يضعف. فرأى أمير المؤمنين أنّه لا يمكن ذلك! وهو لا يريد أن يبدأهم بالحرب. ورأى أنّ المسألة تتّجه شيئًا فشيئًا نحو الضعف والعجز وسيغلبونهم فأمر، جماعة من المقاتلين بقيادة الإمام الحسين ـ ولكلّ ذلك حساب، فلا بدّ أن يتقدّم الإمام الحسين ـ فتقدّمت هذه المجموعة بقيادة سيّد الشهداء وضربوهم وبطرفة عين قضوا عليهم وكشفوهم عن الماء وسيطروا عليه. والآن صار الأمر بيد هؤلاء:

  • ـ نحن لا نسمح لهم أن يشربوا الماء.

  • فقال الإمام: لا، هذا ليس من آدابنا.٢ 

  • إن كان أمير المؤمنين قد فعل ذلك فبأيّة نيّة؟! وبأيّ هدف مقدّس؟! لم يكن أمير المؤمنين ليقضي على حكومة معاوية في الشام لينشئ دور القمار والحانات والخمّارات! لم يكن ليقول على النساء أن يخرجن سافرات كاشفات بغير حجاب ويحدثن الفساد! بل كان سيوجد الأمن ويحقّق العدالة، ويدعو الناس إلى الله! هكذا كان في النهاية، فهو ليس يزيد، إنّه أمير المؤمنين، ولو أنّ أمير المؤمنين فعل ذلك وضيّق على جيش معاوية وألقى به في المشقّة فهل كان سيحقّق هدفه أم لا؟ نعم كان سيحقّقه. 

  • الهدف من الحكومة عند كلّ أمير المؤمنين عليه السلام ومعاوية

  • الهزيمة التي كان معاوية سيلحقها بأمير المؤمنين كان بإمكان أمير المؤمنين أن يلحقها بمعاوية، ولكن مع فارق واحد وهو أنّ نيّة معاوية نيّة شيطانيّة وهي الوصول إلى الحكومة كما قال عندما مزّق وثيقة الصلح مع الإمام الحسن وجعلها تحت قدميه: أيّ صلح هذا؟! إنّي والله ما قاتلتكم لتصلّوا ولا لتصوموا ولا لتحجّوا ولا لتزكّوا إنّكم لتفعلون ذلك ولكنّي قاتلتكم لأتأمّر عليكم وقد أعطاني الله ذلك وأنتم كارهون.٣ فأنا ما انتصرت عليكم لتصلّوا، فهذا شأنكم أنتم ما شأني أنا بذلك؟! تصومون وتحجّون، كلّ ذلك راجع إليكم، أنا أريد أن أصل إلى حكومتي، وقد وصلت. 

    1. وقد زرت ذلك المكان في موضع يدعى الرقّة على بعد مائتي كيلو متر من حلب حيث وقعت معركة صفّين، فنهر الفرات الذي يأتي من تركيا يمرّ من هناك ويتوجّه نحو العراق. فالفرات هناك. وقد سقط في تلك الأرض القتلى والشهداء من أصحاب أمير المؤمنين، وقد بني هناك بناء ضهم لعمّار بن ياسر وأويس القرني ويبدو أيضًا لأبيّ بن كعب، لهؤلاء الثلاثة، وخصوصًا عمّار وأويس من الواضح جدًّا أنّ لهما جلالاً عظيمًا. على بعد مائتي كيلو متر من حلب.
    2. بحار الأنوار، ج ٤٤، ص ٢٦٦؛ وقعة صفين، ص ۱٦٩ ـ ۱٩٦.
    3. معرفة الإمام، ج‌۸، ص: ٢٣٣

هل سعى أمير المؤمنين إلى مقتله؟ - محاضرة ليلة القدر ۱٩ من شهر رمضان لعام ۱٤۲٩ هـ

9
  • والآن أيضًا ماذا يجري في الدنيا؟! ما هذه الحكومات التي في الدنيا الآن؟! هذا التصويت الذي يقدّمونه هل يسألون…؟ أنت إذ تصوّت لرئيس الجمهوريّة هل يسألونك إن كنت صلّيت صلاة الليل ليلة أمس أم لا؟! يقولون: أنت مسلم، حسنًا، بل ولو كنت مجوسيًّا صوّت لي لأكون رئيس الجمهوريّة ولا تصلّ حتّى نهاية عمرك فلا شأن لي بك، أنا أريد أن تعطيني صوتك! انتخبني! لا شأن لي بكونك شيعيًّا أو سنيًّا، أو مسيحيًّا! المهمّ أن يكون لك حضور وتنتخب، هذا ما يهمّني!. 

  • أمير المؤمنين عليه السلام لم يكن هكذا، كان يقول: أيّها الناس إن كنتم تختارونني فلا بدّ أن تكونوا من أهل الصلاة، وإلا فلا قيمة لذلك أبدًا. هكذا كان، هكذا كان عليّ. إذا جئت إلى المسجد وصلّيت خلفي فلا تظنّ أنّي أسرّ بمجيئك! لا تظنّ أنّ حالتي تتغيّر لصيرورة الصفّ صفّين! كلاّ أبدًا، اذهب إلى بيتك وصلّ فأنا أقف في هذا المحراب. 

  • كيف كان حال المرحوم العلاّمة؟! هكذا كان: عند أوّل الظهر أقف في هذا المحراب وأصلّي فمن جاء فلنفسه، ومن لم يجئ فلا أبالي. 

  • ـ سيّدنا انتظر قليلاً حتّى ينهي التجّار أعمالهم. 

  • قال المرحوم العلاّمة: فلينهِ التجّار أعمالهم أسرع، فأنا أصلّي صلاة الظهر أوّل الوقت بعد رفع الأذان، فمن أراد أن يشارك فليأت ومن لم يرد فشأنه. 

  • لقد كنت أرى بنفسي أنّه كان يصلّي وخلفه ستّة مأمومين أو خمسة، وبعد أن يبدأ بصلاة العصر كانوا يزدادون قليلاً فيصبح عددهم عشرين أو ثلاثين أو أربعين مأمومًا. وقد قالوا له مرّات. فرأوا أنّه لا فائدة، وأنّ هذا السيّد لا يستسلم لهذا الكلام وأنّ هذه عظمة وأبّهة المسلمين وهذا شعار، وهذا من الشعائر وكثرة المصلّين تسبّب القوّة… لقد كانوا يقولون من أمثال هذا الكلام، ولكنّها لا تصل إلى ثوبي، لقد قرأنا مثل هذه الدروس في قم والنجف! لا حاجة لأن تخبروني بها! أنا أصلّي صلاة الظهر أوّل وقتها والسلام! والشعائر احتفظ بها لنفسك وكثرة المشاركين احتفظ بها لنفسك! 

  • الهدف من صلاة التراويح جماعة هو إظهار الأبّهة 

هل سعى أمير المؤمنين إلى مقتله؟ - محاضرة ليلة القدر ۱٩ من شهر رمضان لعام ۱٤۲٩ هـ

10
  • ألا يصلّون الآن في المسجد الحرام صلاة التراويح ليلاً؟! أيّهما أكثر عددًا الذين يصلّون في مساجدنا أم هم؟! ما يزيد على المليون يقفون ويصلّون. ولكن أيّة صلاة؟! كلّ صلواتهم إلى غير القبلة، كلّ صلواتهم نحو الشيطان. لماذا؟ لأنّ الصلاة مخالفة لأمر رسول الله. يتوجّهون إلى الكعبة وقد رأينا ذلك بأعيننا في سفرنا هذا، يتوجّهون إلى الكعبة ويصلّون، ويولون اهتمامًا، يأتون من بيوتهم ويركبون السيّارات كي يصِلُوا، ويهتمّون بهذه الصلاة أكثر من الصلاة الواجبة!

  • ولكن ماذا يجري هناك؟ عندما يقفون فجأة تصبح الوجوه كلّها مستدبرة الكعبة! الظاهر نحو الكعبة، والباطن مستدبر الكعبة، لذلك فإنّ صلاتهم كدرة، لماذا؟ كثير من الأصدقاء الذين زاروا ذلك المكان ودقّقوا جيّدًا كلّهم يقولون هذا الكلام! إذا حلّ وقت الصلاة سيطرت على الجوّ كدورة لأنّه يصلّي خلاف الشريعة! 

  • يقول النبيّ إنّ صلاة التراويح۱ يجب أن تصلّى فرادى٢ وتخطئ أنت إذ تصلّيها جماعة، أفهل أنت من جاء بالدين؟! ما هي وظيفتك أنت؟! لقد كان عمر يبحث عن الأبهة، يبحث عن جمع الأصوات، لا شأن لي بسائر أموره الآن، فقد كان هكذا، وما أقوله لا أقوله من نفسي! فقد كان المرحوم العلاّمة يقوله وأنا أقول كلامه، لقد كان عمر يبحث عن زيادة العدد لا عن المصلّي. 

  • استبدال حيّ على خير العمل بالصلاة خير من النوم لأجل الأبّهة

  • لذلك استبدل حيّ على خير العمل بالصلاة خير من النوم. لقد قال النبيّ أعلنوا وارفعوا شعارًا ونادوا أن: حيّ على الفلاح وأسرعوا إلى أفضل الأعمال، فهذه هي معرفة النبيّ ورؤيته، ولكنّ عمر كان يقول: كلاّ ما معنى حيّ على خير العمل؟! إذا قيلت لما توجّه الناس نحو القتال!٣ يقول: نقف ونصلّي! ونفتح البلدان، الجموع غفيرة تملأ العيون، والأصوات عالية تصمّ الآذان، عظمة وأبّهة واهمة وجوف خال. لقد استبدل حيّ على خير العمل بالصلاة خير من النوم٤، شكرًا لك، الصلاة خير من النوم، لا تنم وقم فصلّ، بالله عليكم من أين جاءت هذه؟ ومن أين تنزّل ذلك الذكر وإلى أين وصل؟ الصلاة خير من النوم، لا تناموا، استيقظوا من نومكم واركعوا وقوموا من ركوعكم لتعرف عظمة الإسلام، فانظروا بعد ذلك إلى عظمة الإسلام أين هي! 

    1. راجع معرفة الإمام، ج۸، ص ٢٢۸. 
    2. دعائم الإسلام، ج ۱، ص ٢۱٣؛ هدایة الأمة، ج ٣، ص ٣۰۰.
    3. دعائم الإسلام، ج ۱، ص ۱٤٢.
    4. الموطأ، ص ۷٢.

هل سعى أمير المؤمنين إلى مقتله؟ - محاضرة ليلة القدر ۱٩ من شهر رمضان لعام ۱٤۲٩ هـ

11
  • هؤلاء يصلّون الآن ولكنّ صلاتهم كدرة، وليسوا لا يقتربون من الله فحسب، بل هناك ضربتان بالعصى تنتظرهما هناك أيضًا، إحداهما من هذا الجانب والأخرى من ذاك، لماذا؟ لأنّكم لم تفعلوا ما أمرتكم وأنّ عليكم أن تصلّوا فرادى فلماذا صلّيتم جماعة؟ أقلبك يرقّ على الإسلام أكثر منّي أنا الله؟! أقلبك يرقّ على الإسلام أكثر منّي أنا النبيّ؟! أنت أيّها الملوكيّ أكثر من الملك ما هي وظيفتك؟ أخبرني ما هي وظيفتك يا عمر يا من لم تكن قبل أن تصل إليك الخلافة إلاّ واحدًا من الناس؟! وقد قال الناس الآن: تفضّل واجلس على منبر النبيّ لا يمكن إلا في مكان النبيّ! 

  • لماذا حدث ذلك؟ لأنّ عمر جعل نفسه في مكان النبيّ۱ جعل نفسه مكان الله! لو أنّه عرف حدّه لما جاء من البداية، لما جاء. 

  • محاجّة أويس القرني لعمر حول الخلافة

  • كم هو راق كلام أويس! عندما أذكر اسم أويس تتغيّر حالي، فكم كان رجلاً! كم كان حرًّا! كم كان متحرّرًا! كم كان متخلّصًا من القيود والأغلال! جاء إلى المدينة فاجتمع الناس حوله، جاء أويس جاء أويس جاء أويس! إنّه الذي قال عنه رسول الله: يشفع يوم القيامة في مثل ربيعة ٢ أي يشفع بلا حساب كما لو قلت مثلاً بعدد رمل الصحراء، له نفس بإمكانها أن تسوق إلى الجنّة هذا العدد وتطهّرهم وتحرّكهم. 

  • انظروا أهكذا جاء: إنسان ألقى على عنقه ملفحًا، يلبس رداء، ويلبس سروالاً، وهو سروال قصير أيضًا، ويحمل بيده كيسًا لا بدّ أنّ فيه خبزًا للسفر، رأوا أنّه هذا هو، هذا هو أويس! كانوا يظنّون أنّ له قرونًا. عندها جاء عمر فانظروا إلى خداعه جاء بهذه الهيئة! نعم أنت أويس صاحب ذلك الشأن؟! ادع لي ادع لي! 

  • فقال له أويس: أنا أدعو للمؤمنين كلّ ليلة فإن كنت منهم فدعائي يشملك، وإلا فإنّ دعائي لا أضيعه هكذا عبثًا، فالدعاء لك لا يستجاب، أنا أدعو دعاء يستجيبه الله. 

  • فرأى أنّ الأمر عجيب! أيعقل أنّ مثل هذا الرجل يجيبه؟! لم أر مثل هذا! فماذا جرى؟! ثمّ تظاهر بأنّه لم يتأثّر بكلامه فقد كان ذا مكر وحيلة من الدرجة الأولى في العالم. يجعل الأمر بحيث يظهر بلباس الحياء والتواضع! وتعساء الحظّ يُخدعون! فيظهر هنا ويقول: من يشتري منّي هذه الخلافة برغيفين من الخبز؟! 

    1. راجع: تاریخ الطبری، ج ٤، ص ٢٢٥ و ٢٢٦.
    2. الفضائل، ابن‌شاذان، ص ۱۰۷.

هل سعى أمير المؤمنين إلى مقتله؟ - محاضرة ليلة القدر ۱٩ من شهر رمضان لعام ۱٤۲٩ هـ

12
  • فقال أويس: إنّ من يشتري منك لأحمق.

  • لقد قال أويس هذا لمن يشتري: إن كانت الخلافة له فأنت مخطئ إذ تأخذ مال الخلافة، وإن لم تكن له فحتّى رغيفان من الخبز كثيران كثمن لها. فلتأخذ هذين الرغيفين ولتشبع بهما بطنك، إن كانت حقًّا لك فليس من حقّك أن تعطيها لغيرك، وإن لم تكن حقّك فلتتركها ليأتي صاحبها ويأخذها. فلم يحر عمر جوابًا وتراجع ومضى في سبيله. توقّف لماذا أنت ذاهب؟! هل أريق ماء وجهك؟! 

  • هكذا جاء أويس.۱ 

  • هل الغاية تبرّر الوسيلة؟ 

  • هل جاء أمير لينفّذ هذه الخطط الشيطانيّة؟! كلاّ، بل جاء أمير المؤمنين إلى معركة صفّين ليأخذ الحكومة ويقيم العدل ويقيم الصلاة، ويقضي على الفحشاء! ليحقّق الاحترام والحجاب! وليجعل الصلاح حاكمًا على المجتمع! فهذا ما كان يفعله أمير المؤمنين في النهاية. 

  • لماذا لم يمنع أمير المؤمنين الماء عن جيش معاوية؟! ألم يكن يهدف إلى هذا؟! بما أنّك أخذت الفرات الآن ومنعتهم فلو سأل أحد أمير المؤمنين: أليس هذا هدفك؟ فمن هذا الطريق سنصل إلى الهدف أسرع! فلماذا لا تمنع الماء عنهم؟! 

  • فسيقول: كلاّ! السيف بيدنا، نقاتل فإمّا أن ننتصر وإمّا أن نهزم! ماذا يقول أمير المؤمنين في الجواب؟! يقول الإمام: أعبد الله أنا أم عبد الأنا؟! ألست أعمل لأجل الله؟! فتلك الحكومة وتلك العدالة وذلك الأمن وذلك الصلاح لا قيمة لها إن كانت بالتقدّم في الحرب بالخداع والمكر.

  • فأعلى هدف لأمير المؤمنين يمكن أن نتصوّره بأذهاننا لا قيمة له بمقدار هذه الورقة التي في يدي! لماذا؟ لأنّ هذا الهدف يتحقّق بالخداع! هذا الهدف يتحقّق بالاحتيال! وإذا كان الهدف يتحقّق بالاحتيال، فإنّ الهدف الذي في نفس أمير المؤمنين سيخسر قيمته! 

  • الهدف المهمّ هو الذي يكون بالصدق خطوة بخطوة، يكون فيه إخلاص في كلّ خطوة!

  • ـ فلتكذب الآن هذه الكذبة لا بأس، فذلك المقصد مهمّ، وهذه الحركة والمسألة أهمّ فلنقم بها! 

  • ـ كلاّ لا فائدة من ذلك وانتهى الأمر! ما إن تحصل هذه النيّة ينتهي الأمر، ويصبح الهدف متعفّنًا. وتلك العدالة تصبح عدالة متعفّنة، والأمن يصبح أمنًا متعفّنًا، والصلاح يصبح صلاحًا متعفّنًا! لماذا؟ لأنّ مقدّمته لم تكن مقدّمة صلاح، ولم تكن مقدّمة صدق، ولم تكن مقدّمة صفاء وخلوص. هذا هو أمير المؤمنين. 

    1. راجع تذكرة الأولياء، ص ۱۸ـ ٢۱. 

هل سعى أمير المؤمنين إلى مقتله؟ - محاضرة ليلة القدر ۱٩ من شهر رمضان لعام ۱٤۲٩ هـ

13
  • نتيجة البحث وسرّ استقبال أمير المؤمنين لقدره

  • فإذن هل أراد أمير المؤمنين نفسه أن يحدث ما حدث في هذه الليلة أم لا؟! 

  • هو أراد. كان الله يقول: بإمكانك أن تمنع حصول هذا الأمر، كان بإمكانك أن تقف أمام تحقّقه. ماذا علينا أن نفعل نحن؟ علينا أن ننظر، ننظر هل هذه الليلة هي ليلة الضربة؟! فالضربة لا بدّ منها في النهاية، ففي النهاية سيموت الإنسان بنحو من الأنحاء. فاعلموا أنّه ليس فقط أمير المؤمنين وحده كان يعلم بأنّها ليلته، بل تلك الإوزّات التي أمسكت به وبثوبه حين أراد الخروج أيضًا كانت تعلم، ولو لم تكن تعلم لما أخذت بثوبه بمنقارها، ولما صاحت وضجّت.۱ ماذا يعني هذا؟! يعني أنّي أعلم ماذا سيحدث، أنا أعلم أيّ حادث سيقع، ثمّ بعد ذلك أمير المؤمنين لا يعلم؟! 

  • يأتي أمير المؤمنين إلى المسجد ويؤذّن ويرى ابن ملجم نائمًا، والنائم لا يمكنه أن يؤدّي مهمّته، فيوقظه، يوقظ قاتله ويقول: قم إنّه وقت الصلاة، ولا تنم هكذا فهذه نومة الشياطين، نم على ظهرك فهي نومة الأنبياء، أو نم على يمينك فإنّها نومة المؤمنين، أو نم على يسارك فإنّها نومة الحكماء، لماذا تنام هكذا؟٢ يوقظ قاتله ليقتله! وهذه أمور دقيقة علينا أن نتأمّلها! وإلا ففي النهاية يُضرب الإنسان، إمّا أن يقتله أحد أو يستشهد أو تصيبه سكتة أو حادث سير أو يقع على رأسه حجر بناء، ففي النهاية سيموت الإنسان بنحو من الأنحاء. 

  • ولكن ما قلته من أنّ أمير المؤمنين خرج بنفسه لاستقبال هذه الليلة فهو يعني أنّ أمير المؤمنين يقول: أنا لست شيئًا. انظر أنا كالماء في يدك! يا ربّ إن شئت أن تلقيني في هذا الجانب فلتقلني، وإن شئت أن تلقيني في ذاك فافعل، فالماء ماء سائل لا قوّة له. تقول: لقد اخترت لك الضربة. 

  • ـ أنا أبحث عنها وأسعى إليها وأتوجّه إلى قاتلي فأوقظه: قم إنّه وقت الصلاة! أنا بنفسي. 

  • لماذا؟ لأنّه يعلم ماذا هناك. لا تظنّوا الأمر سهلاً، ولو كنّا نحن مكانه فعلينا أن نكون هكذا، أليس طريق أمير المؤمنين هذا هو لنا أيضًا؟ ليس من الضروريّ أن نصاب بضربة على رؤوسنا، كلاّ! بأيّ نحو كان. ولكنّهم لا يوزّعون الخبز والحلوى. 

    1. راجع: الإرشاد، ج ۱، ص ۱۷.
    2. راجع: بحار الأنوار، ج ٤٢، ص ٢۸۱.

هل سعى أمير المؤمنين إلى مقتله؟ - محاضرة ليلة القدر ۱٩ من شهر رمضان لعام ۱٤۲٩ هـ

14
  • ضرورة الاقتداء بأمير المؤمنين

  • أليس لدينا السلام عليك يا ميزان الأعمال۱ أي لا بدّ أن تقاس الأعمال على عملك، فلا بدّ من القتال مثلك، ولا بدّ من الصلح مثلك، ولا بدّ من التعاطي مع وقائع الأيّام وأحداث المجتمع مثلما تعاطيت، لا يبايعهم على الباطل، وعندما يجبر يضع يده في أيديهم.٢ ولحفظ المسلمين يشارك في جماعتهم.٣ لماذا؟ لحفظ هؤلاء الناس. لحفظ هذه العدّة المعدودة، ولو لم يشارك لأثارهم عليه: إنّ عليًّا لا يشارك في الصلاة، هذا يقول لذاك: عجيب عليّ ليس حاضرًا؟! وذاك يقول: لماذا لم يأت عليّ؟ أليس عليّ موافقًا؟! لماذا؟ أفهل نفعل شيئًا آخر بدل الصلاة؟! فنحن نصلّي في النهاية! ولحسن الحظّ فإنّنا نصلّي في محراب النبيّ أيضًا! أفهل هناك ما هو أفضل من ذلك، في المكان نفسه الذي كان النبيّ يصلّي فيه نحن نصلّي، وكلّ هؤلاء المؤمنون يأتون فلماذا عليّ لا يأتي؟! ثمّ تثور نفسه ثمّ يبدأ بالأذى. 

  • إنّما يقول أمير المؤمنين لمصلحتهم: "أخذتم الخلافة فلا بأس! قتلتم زوجتي فلا بأس! أسقطتم جنيني فلا بأس!٤ أنزلتم كلّ هذه البلايا على رأسي فلا بأس، ثمّ بعد ذلك نصلّي في جماعتكم لكي ترضى قلوبكم!" فهذا ما يجب أن نتعلّمه، هذه هي المسألة، وهذا كان سرّ أمير المؤمنين، سرّه أنّه لم يكن يرى نفسه، وعندما لا يرى الإنسان نفسه فهل يخاف ويهلع؟! كلّ أموره تصبح منتظمة وكلّ أعماله تصبح على أساس التكليف. 

  • نعم، يمكن أن يخطئ الإنسان أحيانًا في التكليف فنحن لسنا مثل أمير المؤمنين، لسنا معصومين، وهم يقبلون منّا ذلك! حسنًا فلتخطئ، ولكن لا تتعمّد! أخطئ فإنّا نقبلك، بل ونكتب لك الثواب، هذا الخطأ بعينه نكتبه لك ونرفعك، نجعل خطأك هذا سببًا لرفعك، فماذا تريد خيرًا من ذلك؟! 

  • فنحن بحر ومحيط، إن عملت صالحًا رفعناك! وإن أخطأت أيضًا رفعناك، ولكن لا يكن لديك عناد، لا تغمض عينك! ولا تدسّ رأسك في الرمل! وحدّد الطريق الذي تريده، وعلى أساسه انزع الحجب بينك وبين الله واجعلها إلى جانبك وانظر إلى الله، فماذا تفعل إذا أخطأت؟! لا بأس، نحن نرضى، نحن أصحاب كرم ونقبل. 

    1. المزار، الشهيد الأول، ص ٤٦.
    2. راجع: کتاب سلیم، ج ٢، ص ٥٩٣؛ تفسیر العیاشي، ج ٢، ص ٦۸؛ شرح نهج البلاغة، ابن‌أبي الحديد، ج ٢، ص ٥۷.
    3. راجع: تفسیر القمی، ج ٢، ص ۱٥٩؛ الاحتجاج، ج ۱، ص ٩٤.
    4. راجع: الهداية الکبری، ص ۱۷٩ و ٤۷۰.

هل سعى أمير المؤمنين إلى مقتله؟ - محاضرة ليلة القدر ۱٩ من شهر رمضان لعام ۱٤۲٩ هـ

15
  • هذه هي المسألة، هذا ميزان الأعمال، وعلى الإنسان أن يعمل هكذا، فإن عمل فهو جليسي في الجنّة فالإمام يقول: هذا الإنسان جليسي.۱ هذا أنيسي ومسامري ويسكن معي في غرفتي، هذا في مرتبتي وهذا في درجتي. والوعد الذي يقطعه هؤلاء يعملون به، وليسوا مثلنا كلام الليل يمحوه النهار، يفون، يحقّقون ما وعدوا به.

  • معنى فزت وربّ الكعبة

  • لقد جاء أمير المؤمنين ليحرّك هذه الدنيا، قال أمير المؤمنين في هذه الليلة: فزت. فما معنى فزت؟ أي إنّ ذلك السجلّ الذي دوّن لي تقدّمت به خطوة فخطوة ورتبة فرتبة ودرجة فدرجة على الدوام حتّى الليلة حيث انتهى الأمر، هذا معنى فزت. أي أنّي أوصلت أحمالي إلى حيث يجب، قمت بتكليفي، ولم تستطع المصالح الدنيويّة أن تخدعني، ولم يستطع طلب الراحة أن يخدعني، ولم تستطع نصائح الخنّاسين أن تخرجني عن طريقي وعن تلك النقطة التي كنت أسعى إليها، وقد سرت في طريقي لم تستطع ولم تستطع… والآن كيف أمضي؟ أمضي سعيدًا فارغ البال نحو ذاك العالم. 

  • بيان العلاّمة الطهراني لسبب تغيّر أحوال أمير المؤمنين في أيّامه الأخيرة

  • كانت لأمير المؤمنين في أيّامه الأخيرة حالات عجيبة، كانت حاله متغيّرة، وقد سألت المرحوم العلاّمة يومًا عن الموضوع وأنّ الأمر لا يقتضي ذلك، فعندما يسير الإنسان طريقًا محدّدًا يكون مستقرّ الحال، وقد كنت أرى أحوال المرحوم العلاّمة نفسه وسلوكه، فقد كنت في قلب الحدث، وكنت ألاحظ حاله في ساعاته الأخيرة أو في تلك الوعكة، وكانت حاله أنّه يتمنّى الموت ويتساءل لماذا يتأخر؟ كان يتمنّى الموت فقد كان هكذا، فلماذا كانت حال أمير المؤمنين في هذه الأيّام منقلبة وملتهبة؟ 

  • فقال: أمير المؤمنين صاحب الولاية، وذهاب أمير المؤمنين يختلف عن ذهابنا نحن كثيرًا، لأنّ كلّ العالم يختلّ بذهابه! هذه هي الحقيقة، فالإمام يودّع عالم الوجود كلّه ويتحرّك نحو ذاك العالم. وليس مثلنا نحن إذا أراد أحدنا مثلاً أن يموت لا يحصل شيء، فلا علاقه له بالعالم، ويمكنه أن ينتقل بسهولة! لذلك فإنّ هذا التغيّر الذي سيحدث في العالم وهذه الولاية التي تنتقل قد جعلت أمير المؤمنين في حالة من الالتهاب والاضطراب، أي إنّ ذلك الارتباط وكيفيّة الربط التي بين نفس الإمام وبين جميع الموجودات وبين الله يجري فيها تغيّر الآن. 

    1. الأمالي، الشيخ المفيد، ص ٦.

هل سعى أمير المؤمنين إلى مقتله؟ - محاضرة ليلة القدر ۱٩ من شهر رمضان لعام ۱٤۲٩ هـ

16
  • لذلك فإنّ أمير المؤمنين في هذه الليلة التاسعة عشرة والتي كان فيها في منزل أمّ كلثوم كان مضطربًا جدًّا، وكلمة مضطرب ليست كلمة صحيحة! بل كان متغيّر الأحوال، فسألته أمّ كلثوم: يا أبه لماذا أنت في هذه الليلة على غير عادتك في سائر الليالي؟ فيجيب الإمام بأنّ وعد الله قريب وسيحدث ذلك الأمر.

  • لقد كانت أحوال أمير المؤمنين تتأثّر بتأثّر العالم، وحتّى اقتراب موعد أذان الصبح لم ينم الإمام، فبدأ بصلاة النافلة، صلّى النافلة، وقد حدثت تلك الحادثة بعد الفجر لا قبله، أي أنّ أمير المؤمنين عليه السلام عندما صلّى النافلة وأذّن وبعد الأذان عندما دخل المسجد ليصلّي نافلة الصبح لا نافلة الليل حدث ما حدث أثناء صلاة نافلة الصبح، فقد أذّن الإمام ثمّ مشى فلمّا وصل إلى ابن ملجم قال له كما ذكرت: قم وانهض فإنّي أعلم ما تخفي في سرّك وما تنوي فإنّ الأرض والسماء ستضطرب من نيّتك هذه وستغلي وتفور. 

  • صلّى الإمام الركعة الأولى من نافلة الصبح، وفي الركعة الثانية ضربه ابن ملجم. فتلاطمت أحوال الدنيا كلُّها وتلاطمت الأرض والسماء، وتغيّرت أحوال السماء، وهبّت الرياح، وهذا لأجل الربط الذين بين نفس الإمام والعالم والذي يظهر تأثيره هكذا من الملكوت إلى عالم الملك بهذا النحو! وكان جبرائيل ينادي بين الأرض والسماء: تَهَدَّمَت و اللهِ أرکانُ الهُدَی... وانفَصَمَت [والله] العُروَةُ الوُثقَی... قُتِلَ عَلی المُرتَضَی... قَتَلَهُ أشقَی الأشقياء. 

  • ويُنقل أنّ هذا النداء بلغ الكوفة كلّها واطّلع الناس على ما حدث فأقبلوا جميعًا نحو أمير المؤمنين فرأوه على الأرض يحثو التراب على رأسه ويقول: ﴿مِنۡها خَلَقۡنَٰكُمۡ وَفِيها نُعِيدُكُمۡ وَمِنۡها نُخۡرِجُكُمۡ تارَةً أُخۡرَىٰ﴾۱و٢

  •  

  • اللهم صل على محمد وآل محمد

    1. سوره طه (٢۰) الآیة ٥٥.
    2. بحار الأنوار، ج ٤٢، ص ٢۷٦ ـ ٢۸٢.