2

الولاية التكوينيّة للملائكة

8745
مشاهدة المتن

المؤلّفآية الله السيد محمد محسن الحسيني الطهراني

القسمجبل عامل

المجموعةالولاية التكوينيّة

جلسات المجموعة(4 جلسة)

التوضيح

في المحاضرة الثانية مِنَ البحوث التأسيسيّة الّتي ألقاها سماحة آية الله السيّد محمّد محسن الحسينيّ الطهرانيّ (قُدّس سرّه) حول الولاية التكوينيّة، في لبنان سنة 1420 هـ باللغة العربيّة، عرض في البداية موجزًا لِما جرى بيانه في الجلسة السابقة، ثمّ بيّن أنّ صدور الأفعال مِن قِبَل الإنسان إنّما يكون مِن خلال الصفات الّتي أودعها الله فيه، ثمّ بيّن أنّ الأفعال الصادرة مِنَ الله تعالى إنّما تتمّ مِنَ خلال أسماء الله وصفاته الحسنى. وعرض مباحث قرآنيّة متميّزة، بيّن خلالها: أنّ مدد الله لكافّة المخلوقات بالصفات يكون آناً بآن، وأنّ أمير المؤمنين هو ميزان الأعمال يوم القيامة، وأن ّالموجودات لا تؤثّر في العالَم الخارجيّ إلاّ بمقدار ما أودعهم الله مِن أسمائه وصفاته، وأنّ قِوى المخلوقات داخلة في قوّة الله ومستمدّة منه، لا خارجة عنه، وأنّ تصرّفات المخلوقات وأفعالهم إنّما تحصل مِنَ المخلوق نفسه بواسطة الأسماء والصفات المودعة فيه، لا بالطلب والدعاء. ثمّ وظّف كلّ هذه المباحث بمجموعها لاستنتاج ما يلي: إن كانت القدرة مِنَ الله تعالى، وهو مَن أودعها في ملائكته وغيرهم، ليقوموا بما أمرهم الله به، فلماذا يُستثنى مِنَ ذلك الأئمّة والأنبياء عليهم السلام؟! وبهذا يكون قد دحض إنكار المنكرين للولاية التكوينيّة.

/۱۳
بي دي اف بي دي اف الجوال الوورد الصوت

الولاية التكوينيّة للملائكة

1
  •  

  • هو العليم

  •  

  • الولاية التكوينية للملائكة

  •  

  • محاضرات تأسيسيّة حول الولاية التكوينيّة - الجلسة الثانية

  •  

  • محاضرة القاها

  • آية الله الحاج السيّد محمّد محسن الحسيني الطهراني

  • قدّس الله سرّه

  •  

  •  

الولاية التكوينيّة للملائكة

2
  •  

  •  

  • أعوذ بالله مِنَ الشيطان الرجيم

  • بسم الله الرحمن الرحيم

  • الحمد لله ربّ العالمين 

  • والصلاة والسلام على أشرف المرسلين 

  • وخير البريّة أجمعين الرسول النبيّ الأميّ التهاميّ القرشيّ 

  • أبي القاسم المصطفى محمّد

  • (اللهمّ صلِّ على محمّد وآل محمّد)

  • وعلى آله الطيّبين الطاهرين المعصومين المكرّمين

  • واللعنة الدائمة الأبديّة على أعدائهم أجمعين إلى يوم الدين

  •  

  •  

  • كلّ حادث معلول لسلسلة عالَم العلل الّذي يعبّر عنه بالملكوت

  • تعرّضنا في الجلسة السابقة إلى أنّ عالَم الأمر هو عبارة عن عالَم العِلل والأسباب بالنسبة إلى عالَم الشهادة وعالَم الملك، والّذي يُعبّر عنه بعالَم الملكوت، وأنّ كلّ شيء يحدث في هذا العالَم لا بدّ أن يكون معلولًا لسلسلة العلل، أي سلسلة عالَم الغيب وعالَم إرادة الله تعالى ومشيئته، وذلك لكي يحدث هذا الحادث في العالَم. وهذا الحادث: إمّا أن يكون هو نفس الخلق ونفس الوجود، وإمّا أن تكون هي التطوّرات والأطوار [الّتي تحصل للشيء] بعد الخَلق وبعد الوجود. وقد صرّح الله تعالى بهذا في كتابه بقوله العظيم: ﴿إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ﴾۱، وذلك في سورة يس؛ فقوله: ﴿إِنَّمَا أَمْرُهُ﴾، يعني إرادته ومشيئته في خلق العالَم في عالَم الوجود، [وإرادته ومشيئته في إحداث] التطوّرات والحوادث بعد الوجود في هذا العالَم، أي عالَم الكون.

  • تفسير معنى الملكوت في بعض الآيات القرآنيّة

  • [قوله تعالى:] ﴿إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ﴾، يعني أنّ إرادة الله تعالى ومشيئته وتقديره في عالَم الوجود هو عبارة عن خطاب كلمة ﴿كُنْ﴾، [والمراد] هو كلمة ﴿كُنْ﴾ الوجوديّة، لا كلمة ﴿كُنْ﴾ الخارجيّة الّتي هي كالألفاظ الّتي يتلفّظ بها الإنسان، لأنّ الله تعالى مُبرّأ عن المادّة وشوائبها وآثارها. فـ ﴿كُنْ﴾ في خطاب الله تعالى هي عبارة عن إعمالٍ وإجراءٍ للمشيئة في الشيء.

  • ﴿إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ﴾ (أي فيَحْدث، نعم) ﴿فَسُبْحَانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ﴾٢ (الفاء هنا فاء التفريع، فقوله: ﴿فَسُبْحَانَ الَّذِي﴾، يعني: فعلى ذلك، تنزّه اللهُ تعالى ﴿الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ﴾، والملكوت هو عالَم الأمر، فهذه الآية مترتّبة على الآية الأولى٣).

    1. سورة يس، الآية ۸٢. 
    2. سورة يس، جزء مِنَ الآية ۸٣. 
    3. يعني أنّ قوله تعالى: ﴿فَسُبْحَانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ﴾، مترتّب على قوله تعالى: ﴿إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ﴾. (م)

الولاية التكوينيّة للملائكة

3
  • ﴿إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ﴾ (فعلى هذا) ﴿فَسُبْحَانَ الَّذِي بِيَدِهِ﴾ (أمر الأشياء، وأمر الأشياء هو عبارة عن ملكوت الأشياء، والملكوت عبارة عن عالَم الأمر، وعالَم الأمر هو عالَم العِلل وعالَم تقدير الله تعالى ومشيئته [وهو معنى قوله تعالى:]) ﴿مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ﴾ (والمقصود مِن هذه الآية لا نفس الشيء، بل ملكوت الأشياء، إذ قال: ﴿مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ﴾، والأشياء في العالَم، أي عالَم الشهادة والمادّة، هي الإنسان والحيوان والأشجار والأرض والأجرام السماويّة والحيوانات وحتّى الصور المجرّدة، جميعها يُعبّر عنه بالشيء، والملكوت عبارة عن تعلّق هذه الأشياء بالله تعالى، والملكوت عبارة عن العلّة المُحدِثة والعلّة المُبقية للأشياء).

  • ويفصح الله تعالى عن هذه المسألة في آية أخرى حيث يقول: ﴿وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ﴾۱، فهو لم يقل (وكذلك نُري إبراهيم السماوات والأرض)، لأنّه يرى السماوات والأرض فلا يحتاج إلى الاراءة. فما هو الملكوت في قوله: ﴿مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾، وكذلك ملكوت الأشياء [كلها]، كملكوت الأشجار وملكوت الأجرام والأفلاك؟ [قال تعالى:] ﴿وَكَذَلِكَ نُرِي﴾ (أي نريه) ﴿لِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ﴾، فما هو الحدث الّذي وقع في قلب إبراهيم (على نبيّنا وآله وعليهم السلام) حتّى أصبح مِنَ الموقنين؟ ما الّذي وقع في قلبه، والحال أنّه يرى العالَم ويرى القمر والشمس والأرض وجميع الحوادث؟ فهو كان يرى هذا، ولكن لم يكن مِنَ الموقنين، فلمّا رأى ملكوتها أصبح مِنَ الموقنين، والملكوت عبارة عن العلّة، يعني عبارة عن كيفيّة إرادة الله تعالى ونزول المشيئة في هذا العالَم. وكثيرة هي الآيات [الّتي تفيد هذا المعنى للملكوت].

  • أسماء وصفات الله تعالى هي مصدر كلّ فعل

  • هذه المسألة الأولى، أمّا المسألة الثانية، وهي مسألة مهمّةٌ جدًّا، ويجب أن نتأمّل في النكتة الموجودة فيها، وهي أنّ للإنسان صفاتٍ وغرائزَ وخصوصيّاتٍ شخصيّة، وهو بهذه الخصوصيّات والصفات يفعل كلّ ما يريد ويُقدِم على كلّ شيءٍ. ففي الإنسان عقل وإرادة [وقدرة على] التدبير، وفيه الرحمة والشفقة والرأفة والعطف، وفيه الغضب والقهر، وفيه [القدرة على] التفكّر والتأمّل، وفيه غريزة الشهوة وغريزة الحياة وغيرها مِنَ الغرائز، كغريزة حبّ النفس واستجلاب المنافع للنفس، وغريزة حبّ النفس هذه مِن أهمّ الغرائز في الإنسان، فهو بهذه الغرائز يفعل كلّ شيء على ما تقتضيه الغريزة فقط؛ مثلًا، إذا أراد شخص أن يحلّ مسألة أو مشكلة، فهو لا يحلّها بغريزة الشهوة أو بغريزة الغضب، لأنّ الإنسان في هذه الحالة [أي في حالة الشهوة أو الغضب] يكون بحالة مشخّصة ومعيّنة وهي حالة عدم القدرة على حلّ المسألة والمشكلة، والحال أنّه يحتاج في حلّها وحلّ عقدتها إلى أن يفرّغ ذهنه وفكره حتّى يتمكّن مِنَ التأمّل في المشكلة وصعوبتها، فبأيّ غريزة وبأيّ صفة يحلّ هذه المسألة، أيحلّها بغريزة الشهوة؟! لا، فهل يحلّها بغريزة الغضب وبصفة الغضب؟! لا. [يقول سماحته متبسّمًا:] مَنَ الممكن أحيانًا أن يحلّ الإنسان المشكلة بالغضب، خاصّة في المسائل الخارجيّة، أمّا المسائل الصعبة والرياضيّة والحسابيّة والهندسيّة والمشاكل التجاريّة والمعاملات التجاريّة، فهل تحلّونها بغريزة الغضب، أو أنّكم تذهبون إلى مكان لا أصوات فيه ولا أي شيء آخر، وتقولون: أغلقوا جميع الأبواب وقولوا لكلّ مَن يتّصل: إنّني مشغول في غرفتي، فتركّزون خواطركم وأذهانكم في هذه المسألة والمشكلة حتّى تُحلّ؟ نعم، فأنتم تحِلّون ذلك بغريزة الفكر والعقل. وكذلك الحال مع سائر الغرائز؛ فبغريزة حبّ النفس واستجلاب المنافع لها، نداوم على الحياة ونستمر فيها، يعني مِن حيث إنّنا نحبّ أنفسنا ونحبّ البقاء، [ترانا] نذهب للاشتغال بكلّ شيء حتّى نستجلب المنافع ونستجلب ما يفيدنا لإدامة الحياة واستمرارها، فنحن لا نُقدم على ذلك بغريزة الغضب، بل بغريزة حبّ النفس. وكذلك إذا واجه الإنسان واقعة نفسانيّة وشهوانيّة، فهو لا يُقدم عليها بغريزة العقل أو بغريزة القهر، فالقهر يخالف هذا الموضع. وإذا واجه الإنسان العدوّ، فهو لا يواجهه بغريزة الرأفة والمحبّة و .. بل يواجهه بغريزة القهاريّة والغضب والدفع واستجلاب المنافع ودفع المضارّ اللازم للإنسان.

    1. سورة الأنعام، الآية ۷٥. 

الولاية التكوينيّة للملائكة

4
  • فيجب على الإنسان أن يستفيد مِن هذه الوسائط في كلّ موقف وموطن، وهي وسائط موجودة في نفس الإنسان ومستودعة فيه؛ فإحدى هذه الوسائط العقل، وإحداها الشهوة، وأخرى القهر والغضب، وكذلك الرحمة والعطف وحبّ النفس، وإحدى هذه الوسائط حبّ النوع، كما في الإنسان، فهو يحبّ نوع الإنسان، لأنّ جميع أفراد الإنسان يشتركون في الإنسانيّة وغيرها مِنَ المشتركات. وليس لأيٍّ مِن هذه الوسائط دخالة في الواسطة الأخرى، إلّا في بعض المواضع وبحدّ محدود؛ مثلًا، يمكن للإنسان أن يستفيد مِن عقله حتّى في موضع الاستفادة مِن غريزة الغضب، يعني إذا أراد العاقل أن يستفيد مثلًا مِن غريزة القهر والقوّة والغضب، فيستفيد منها مع استفادته مِن غريزة العقل لا بدونها، وإلّا يصبح كالمجانين يفعل كلّ شيءٍ، كأن يقتل ويقطع ويضرب إلى حدّ القطع والإماتة، فيقول له العقل: اضربه بحدِّ كذا، ولا تضربه إلى حدِّ كذا، اضربه على كتفه ولا تضربه على رأسه. فهذه الغرائز الّتي يوسّطها الإنسان للإقدام على الضرب يستفيد منها مع عقله، يعني أنّ غريزة القهر والغضب وصفة الغضب تستفيد مِنَ العقل والعقل يحدّدها. وكذلك بالنسبة إلى الشهوة، وكذلك بالنسبة إلى التجارة واستجلاب المنافع، فالعقل يتدخّل في جميع هذه الموارد، فيستجلب [المنافع] بهذه الوسائط ويستفيد منها في كلّ موضع بحسبه، بحيث لا يزيد على الموضع ولا ينقص؛ لأنّه لو تركَنا الله تعالى وترك العقل [لِنَفعل] ما نشاء، فقد يُعمل الإنسانُ ويستفيد مِن الغريزة الكذائيّة في كلّ شيء، ومِنَ المعلوم الواضح حينئذٍ ما سيترتّب على ذلك!

  • وهذا هو الحال في سائر الأشياء؛ فللحيوان غرائز متعدّدة، يستفيد مِن كلّ واحدة منها في موضعه، وللأشجار غرائز متعدّدة، تستفيد منها كلًّا في موقعه.

  • وهذا القانون [يجري] في الله تبارك وتعالى بما يناسب حاله، يعني أنّ الله تعالى المجرّد عن كلّ شيء وعن شوائب المادّة وعالَم الطبيعة، والمنزّه عن القياس والتمثيل، والمنزّه عن أن يكون له مثال وشبيه، فمع كونه مجرّدًا، ففيه أسماءٌ وصفات، وهو يستفيد مِن كلّ اسم ومِن كلّ صفة في موقع خاصٍّ ولموقف خاصٍّ ولخلقٍ خاصٍّ ولحادث خاصٍّ.

الولاية التكوينيّة للملائكة

5
  • توجد في الله تعالى ثلاثة أسماء: الأوّل اسم العِلم واسم الحياة وبعدها اسم القدرة، يعني أنّ الله تعالى حيّ وقادر وعالِم – ونحن نقول إنّ هذه الأسماء الثلاثة موجودة في كلّ شيء، أي إنّ كلّ شيء موجود في العالَم له قدرة وحياة وعِلم، وإلّا لَمات هذا الشيء واضمحلّ كلّيًّا، سواء كان إنسانًا أو حيوانًا أو جمادًا أو مجرّدًا – ومِن هذه الأسماء الثلاثة تتولّد الصفات الأخرى؛ فمِن صفة الحيّ تتولد صفات مثل صفة القيوميّة، القيوميّة بالذات والقيوميّة على الأشياء. ومِن صفة العِلم تتولّد صفات العِلم الكلّي الإلهيّ، وبهذه الصفة يُقدِّر الله تعالى الأشياء، فله القضاء والتقدير والإرادة في خلق كلّ شيء بحسبه: ﴿رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ﴾۱، فالتقدير ووزن الأمور في الخلق يكون بناء على عِلم الله تعالى وبحسب ما هو الأصلح والمهمّ والصلاح بالنسبة إلى الأشياء والحوادث الخارجيّة. ومِن صفة القدرة تتولّد القهاريّة والغضب والرحمة والعطف والقوّة، كلّ هذا مِن صفة القدرة. فلهذا، نرى لله تعالى أسماءً حسنى، كما يقول هو في القرآن: ﴿وَللهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا﴾٢، فالأسماء كلّها لله تعالى، الأسماء العظمى هي لله تعالى، كالعالِم والقادر والحيّ والقيوم والرازق والخالق والقهّار والمُعطي والمهيمن والمسيطر وغيرها مِنَ الأوصاف المذكورة في القرآن الكريم، وهناك أسماء مذكورة في الأدعيّة، كدعاء الجوشن، الّذي عدّ فيه ألفًا مِن أسماء الله تعالى، كالمصوّر والمهيمن والقدّوس، هذه جميعها مِن صفات الله تعالى وأسمائه.

  • فإذا أراد الله تعالى أن يخلق شيئًا في هذا العالَم، فإنّه يستفيد مِن اسم خاصٍّ لخلق خاصّ ولِوجود خاصّ؛ يعني أنّ جميع الخلائق في هذا العالَم وفي عالَم الغيب والمجرّدات وفي عالَم المادّة، تُخلق مِن مجموعة مِن أسماء الله تعالى وصفاته، وذلك بمقدار خاصّ منها؛ مثلًا، إنّ القدرة الموجودة فينا، والّتي نستفيد منها لتناول الأشياء وللحركة والتطوّر وغيرها مِن أمور، فهذه القدرة هي حدٌّ متعيّنٌ مِن قدرة الله تعالى ومِن اسم القادر، والعِلم الّذي فينا هو عبارة عن حدٍّ خاصٍّ مِن عِلم الله تعالى المنزَّل علينا، والحياة الموجودة فينا هي عبارة عن حدٍّ خاصٍّ مِنَ الحياة الكلّية، الّتي هي اسم مِن أسماء الله تعالى المنزَّل علينا، والتربية الموجودة فينا هي عبارة عن اسم المربّي [المأخوذ مِن] ربّى، الّذي هو مِن أسماء الله تعالى، فهو مربّي الأشياء: ﴿رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى﴾٣، فقوله ﴿أَعْطَى﴾ يعني أنّه لم يخلِ سبيل الخلائق ولم يتركهم، بل هداهم بعد الخلق وبعد الإيجاد، فالنبيّ موسى (على نبيّنا وآله وعليه السلام) لم يقل (ربنا الّذي أعطى خلق الإنسان ثمّ هدى) أو (أعطى خلق الإنسان المؤمن ثمّ هدى)، بل قال (أعطى خلق كلّ شيء)، ﴿رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ﴾، أي كلّ شيء بالنسبة للإنسان والحيوان والأحجار والأشجار والسماوات والأرضين، وبالنسبة إلى الملائكة وغير الملائكة، جميعها داخل في قوله ﴿كُلَّ شَيْءٍ﴾.

    1. سورة طه، جزء مِنَ الآية ٥۰. 
    2. سورة الأعراف، جزء مِنَ الآية ۱۸۰. 
    3. سورة طه، جزء مِنَ الآية ٥۰. 

الولاية التكوينيّة للملائكة

6
  • ﴿أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ﴾ (ولم يتركهم بل أبقاهم) ﴿ثُمَّ هَدَى﴾ (أي لم يتركهم)، سواء كان الإنسان مؤمنًا أو منافقًا أو كافرًا – فنبيّنا لم يستثن أحدًا في هذه الآية – وسواء كان هذا الخلق إنسانًا أو حيوانًا، وسواء كان شجرًا أو حجرًا أو غير ذلك، وسواء كان مِنَ الملائكة أو مِنَ الجنّ أو غير ذلك؛ [فهو قد] ﴿أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ﴾ (ثمّ لم يتركهم، بل) ﴿ثُمَّ هَدَى﴾ (أي هداهم إلى المراتب الّتي يجب أن يصلوا إليها)، ولكن بأيّ علّة؟ [كان ذلك] بواسطة أسماء الله الحسنى، يعني إذا أراد الله تعالى أن يوصل ويُبلِغَ شخصًا أو أيّ شي، سواء كان إنسانًا أو غير إنسان، إلى مراتبه الكماليّة، فإنّ الله تعالى يستفيد مِن أسمائه وصفاته الجلاليّة، صفة العِلم وصفة القدرة وصفة الحياة، وصفات الرحمة والعطف والخلق والتقدير والمشيئة – هو المقدّر وهو المدبّر – وغير ذلك، فيستفيد مِن هذه الصفات لإيصال هذا الشيء إلى المرتبة الّتي يجب أن يصل إليها، فآية: ﴿أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى﴾ تصرّح بذلك.

  • إنّ الله يمدّ الجميع مِنَ أسمائه وصفاته فمِنهم مَن يُحسن الاستفادة مِنها ومِنهم مَن يُسيء

  • نحن نرى جميع الغرائز والصفات الّتي في الإنسان وفي الحيوان وغيرهما، كصفة القدرة والمشيئة والإرادة وغيرها مِنَ الصفات المستودعة في الإنسان وفي كلّ الأشياء، والصفات المنزّلة مِنَ الله تعالى بحسب المصلحة، والّتي بها يصل الإنسان إلى المراتب الكماليّة، ولا فرق في هذا بين الإنسان وغير الإنسان، كما يفصح الله تعالى عن هذا الأمر في كتابه حيث يقول – بحسب الظاهر – في سورة الإسراء: ﴿مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَنْ نُرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلَاهَا مَذْمُومًا مَدْحُورًا﴾۱؛ فقوله: ﴿مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ﴾ (يعني مَن كان يريد الدنيا) ﴿عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَنْ نُرِيدُ﴾، أي نحن نمدّه ونساعده في هذا الأمر، فنُنزِل عليه القدرة ونُنزّل إليه الإرادة والمشيئة ونتيح له الاستفادة مِن كلّ شي، الاستفادة مِنَ الروحيّة والاستفادة مِنَ المواهب الطبيعيّة والاستفادة مِن نِعَمِنا، فنحن نساعده ونمدّه الآن؛ فهؤلاء الأفراد غير الملتزمين الّذين نراهم الآن يشتغلون في التجارات وفي الأمور الماديّة والدنيويّة، إنّ كلّ ما هم فيه هو مِنَ الله تعالى: ﴿مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَنْ نُرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلَاهَا مَذْمُومًا مَدْحُورًا﴾، يعني أنّ القدرة الّتي في الإنسان غير الملتزم والكافر والمشرك، هي مِنَ الله تعالى، فنحن نساعده بهذه القوّة ونعطيه القوّة والقدرة، وليس ذلك مِن عنده، بل هي مِن الله تعالى. نعم، هذا واضح، فهذه القدرة هي مِنَ الله تعالى، فقد أعطيناهُ إيّاها ليستفيد منها لصلاح الآخرة، ولكنّه يستفيد منها لفساد الآخرة ولصلاح الدنيا، وقد أعطيناه الإرادة وقدرة الاختيار والانتخاب، وأعطيناه الغرائز والغرائز الإنسانيّة، كالرحمة والعطف والشفقة والغضب والشهوة وغير ذلك، حتّى يستفيد منها لصلاح الآخرة والجنّة، ولكنّه يستفيد منها استفادة سوء، فيستفيد منها لصلاح الدنيا وفساد الآخرة: ﴿ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلَاهَا مَذْمُومًا مَدْحُورًا﴾.

    1. سورة الإسراء، الآية ۱۸. 

الولاية التكوينيّة للملائكة

7
  • ﴿وَمَنْ أَرَادَ الْآَخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُورًا ، كُلًّا نُمِدُّ هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاءِ مِنْ عَطَاءِ رَبِّكَ وَمَا كَانَ عَطَاءُ رَبِّكَ مَحْظُورًا﴾۱، يعني أنّ القوّة الّتي أعطيناها للكافر والمشرك هي نفسها القوّة الّتي أعطيناها للمؤمن، كلٌّ قد أعطيناه على حدّ سواء، حتّى أنّه في بعض الأحيان يمكن أن نعطي للكافر قوّةً أكثر مِنَ المؤمن؛ فقد كانت قوّة عمرو بن عبد ودّ أكبر مِن قوّة جميع الأفراد حتّى مِن علِيّ بن أبي طالب، نعم إنّ عمرو بن عبد ودّ الّذي كان يواجه أمير المؤمنين عليه السلام في وقعة الخندق، كانت قوّته أشدّ مِن قوّتِه [عليه السلام]. وهذا أمرّ طبيعيّ، فليس مِنَ الضروريّ أنّه إذا كان الإنسان مؤمنًا وملتزمًا، أن يكون أقوى مِن جميع الأفراد، أو أن يكون مثلًا أجمل الأفراد، وهذا أمر بديهيّ وطبيعيّ، فقد يكون الشخص نحيفًا. ومع ذلك يكون ملتزمًا جدًّا أو يكون إمامًا أو نبيًّا.

  • نحن قد نعطي الجمال للإنسان، وفي يوم القيامة يأتي اللهُ تعالى بالأشخاص والأفراد غير الملتزمين، فيقول لهم: لماذا دخلتم في المهالك في الدنيا، وفعلتم كذا وكذا؟! سيقولون: أنت أعطيتنا الجمال فوردنا في المهلكة. حينئذ يُحضر الله تعالى النبيّ يوسف ويقول لهم: هل جمالكم أعلى وأشدّ مِن جمال يوسف؟! هل أنتم أجمل مِن يوسف؟! فقد أعطيناه الجمال، ومع ذلك أمسك ووقف، أمسك نفسه عن الورود في الهلكة.

  • نعم، ما نقرؤه في زيارة أمير المؤمنين عليه السلام «السلام عليك يا ميزان الأعمال»٢، يعني أنّ مقياس العمل يوم القيامة هو علِيّ بن أبي طالب، فمقياس الصلاة وميزان الصوم والجهاد والإخلاص هو علِيّ بن أبي طالب، فيُحضر اللهُ علِيّ بن أبي طالب أمام الناس، [فمَن كان]٣ إخلاصه ونيّته أقرب إلى علِيّ بن أبي طالب يكون أقرب إلى الله تعالى، ويكون قريبًا مِن أمير المؤمنين. لاحظوا، إنّ مولانا أمير المؤمنين هو بهذا الشكل، فالله تعالى يجيء به..

  • [إنّ قوله:] «يا ميزان الأعمال»، يعني ميزان الصلاة وميزان العبادة وميزان الجهاد والإيثار وجميع الأمور الّتي لا بدّ للإنسان منها، سواء للعيش في هذه الدنيا أو أمام الله تعالى. لهذا أصبح أمير المؤمنين عليه السلام أسوة، فهل [تستطيعون بعد هذا أن] تنظروا إلى أمير المؤمنين عليه السلام على أنّه شخصٌ عاديّ كساير الأفراد؟! يعني هل نفسيّته كنفسيّتنا وأعماله كأعمالنا وأفعاله كأفعالنا؟! [يقول أمير المؤمنين:] «إنّكم لا تقدرون على ذلك ولكن أعينوني بورع واجتهاد وعفّة وسداد»٤، فأنتم لا تقدرون. هذا هو ميزان الأعمال. 

    1. سورة الإسراء، الآية ۱٩ و ٢۰.
    2. مصباح الزائر، السيّد ابن طاووس، ص۱٢٦. (م) 
    3. يوجد انقطاع في التسجيل الصوتيّ. (م)
    4. نهج البلاغة، تحقيق صالح، مِن رسالة أمير المؤمنين لعثمان بن حنيف واليه على البصرة، ص ٤۱۷. (م)

الولاية التكوينيّة للملائكة

8
  • فإذا قال شخص مثلًا: أنا كنتُ أسجد لله تعالى وأراقب [نفسي] وأستيقظ في الأسحار، فسيأتي اللهُ [حينئذ] بأمير المؤمنين عليه السلام، ويقول لذلك الشخص: أنظر إلى نفسك وإلى علِيّ بن أبي طالب، أأنت أقرب إلينا أم علِيّ بن أبي طالب أقرب! وبهذا تنتهي القضيّة.

  • وإذا قال شخص: أنا مجاهد في سبيل الله، وأنا فعلت كذا وكذا وكذا، فسيأتي اللهُ [حينئذ] بأمير المؤمنين علِيّ بن أبي طالب، ويقول لذلك الشخص: أنت فعلت ذلك، وعلِيٌّ فعل كذا، فقد ضُرب يوم أُحد تسعون ضربةً شديدةً ثقيلة جدًّا، أمّا عمر وأبو بكر وعثمان فقد فرّو مِنَ المدينة ثلاثة أيّامٍ، ولم يرجعوا حتّى أرسلوا جاسوسًا وعينًا ليرى ما هي أحوال المدينة، وإن كان المشركون قد سيطروا عليها، إذ ظنّوا أنّ القضيّة قد انتهت، هؤلاء هم خلفاء العامّة، فقد فرّو. يقول ابن أبي الحديد في شعره بحقّ عمر وأبو بكر، سأذكر ما بوزانه وشبيها بوزنه لا بالدقّة: نسميكم رجالًا أنتم أم ناعم الخدّ أنتم۱؛ يعني هل أنتم رجالٌ أو لستم برجال! فهذا عالِم سنيّ يقول: أنسمّيكم رجالًا [أم] ناعم الخدّ أنتم! فقد فررتم مِنَ المعركة ثلاثة أيّام ولم ترجعوا، وأمير المؤمنين عليه السلام كان حول النبيّ وأصيب بتسعين ضربة شديدة، وعندما كان مستلقيًا على الفراش شاع في المدينة أنّ المشركين قد هجموا، فقام مِن فراشه وهو في تلك الحالة وهجم على الكفّار وتابع حتّى .. فمَن الّذي يمكن أن يكون بهذه المثابة؟!

  • وسيجيء اللهُ تعالى بسيّد الشهداء عليه السلام الإمام الحسين يوم القيامة، ويقول لذاك الشخص: أأنت مَن بذلت دمائك وغير ذلك، أم الإمام الحسين عليه السلام؟! يعني هل يمكننا أن نقايس هذه القضايا بالأئمّة عليهم السلام؟! تذكّرتُ الآن هذه المسألة: كان السيّد الوالد (رضوان الله عليه) في مشهد، وكان يحضر صلاة الجمعة، ففي إحدى الخطب، قال أحد الخطباء – لن أذكر اسمه – أثناء خطبته: يا حسين، إن كنتَ قد بذلت في الله تعالى الشباب والرجال، مثل حبيب بن مظاهر، فنحن قد فدينا بمئات أضعافٍ مِن أمثال حبيب بن مظاهر، وإن كنت قد بذلت في الله تعالى ابنك علِيّ الأكبر، فنحن بذلنا في الله تعالى المئات مِن أمثال علِيّ بن الحسين، وإن كنت.. فقال الوالد: فضَّ اللهُ فاك! يعني هل يُقاس علِيّ بن الحسين بالأفراد الّذين يجاهدون الآن؟! نحن نقرّ بأنّ موقعيّة هؤلاء الأفراد والشبّان جيّدة عند الله تعالى، وأنّ الله تعالى سيدخلهم الجنّة وكذا وكذا، ولكن هل موقعيّة علِيّ بن حسين (علِيّ الأكبر) كسائر الأفراد، هل الأمر كذلك؟! إنّ هذا الشخص هو الّذي ورد في حقّه – وهذه المسألة [صحيحة] جدًّا – أنّه لو لم يكن علِيّ بن الحسين زين العابدين إمامًا بعد أبيه، لانتقلت الإمامة مِنَ الحسين إلى علِيٍّ الأكبر. فالمسألة بهذه المثابة، فهل يكون هكذا شخص كسائر الأفراد، حتّى تقول: يا حسين، أنت بذلت شبابك وابنك ونحن بذلنا شبابنا!! إنّ الله تعالى سيؤاخذنا على ذلك ويعاتبنا عليه.

    1. الروضة المختارة، ابن أبي الحديد، ص٩٢، والبيت المشار إليه هو:
      أحَضْرهما أم حضْرُ أخرج خاضِبٍ***وذان هما أم ناعم الخدّ مخضوب. (م)

الولاية التكوينيّة للملائكة

9
  • على كلّ حالٍ، [قال تعالى:] ﴿كُلًّا نُمِدُّ هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاءِ مِنْ عَطَاءِ رَبِّكَ﴾، يعني نحن نمدّ الكفار والمشركين والمنافقين، ونمدّ المؤمنين والمسلمين والملتزمين؛ ﴿كُلًّا نُمِدُّ﴾، أي [نمدّ] الطائفة الأولى والطائفة الثانية ﴿مِنْ عَطَاءِ رَبِّكَ﴾، فما هو عطاء ربك؟ عطاء ربّك هو عبارة عن القدرة والإرادة والمشيئة والاختيار وتهيئة الأسباب، وكلّ ذلك للوصول إلى الكمال؛ فهذا يستفيد منه لصلاح الآخرة، وذاك يستفيد منه لصلاح الدنيا، والحال أنّ جميعها مِنَ الله تعالى؛ فهذا يعاتبه الله تعالى على سوء الاستفادة، وذاك يُؤجره ويثيبه ويُدخله الجنّة على حُسن الاستفادة.

  • فطبقًا لهذه الآية، فإنّ استمرار حياة جميع الأشياء في هذا العالَم يكون بتنزيل الحياة مِنَ الله تعالى عليها. هل تبيّن الأمر؟ فنحن أعطينا للإنسان الفكر والعين والأذن واليد والرِّجل [والقدرة على] الجهاد وأعطيناه الرحمة والشفقة والعقل و.. فنحن مَن أعطى ذلك لكلّ شخص: ﴿إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًا ، إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ﴾ (في هذه الحالة فيكون) ﴿إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا﴾۱، فنحن مَن أعطى الإنسان وخلقه وأودعنا فيه هذه الغرائز والصفات فـ ﴿كُلًّا نُمِدُّ هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاءِ مِنْ عَطَاءِ رَبِّكَ﴾، نعم، فإذا استفاد الإنسان مِنَ العقل، فهو يستفيد مِن نِعَم الله، وإذا استفاد مِنَ القدرة فهو يستفيد مِنَ القدرة العظمى والصفات العظمى لله تعالى، كما يقول الله تعالى: ﴿وللهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا﴾، فهو لم يقل (لله اسمٌ أو لله صفةٌ خاصّةٌ فادعوه بها)، بل قال (لله الأسماءُ كلّها)؛ يعني إذا كنتَ مثلًا في ضيق فقُل: يا قاضي الحاجات، يا كافي المهمّات. وإن كنت في مرض فقُل: يا شافي، يا كافي. وإن كنت مثلًا في السوق فقُل: يا رازق. وإن لم يكن لديك ولد فقل: يا واهب، يا واهب الإنسان، يا واهب الولد، ﴿يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ﴾٢، فإحدى صفات الله تعالى هو الواهب والمعطي.

  • فلكلِّ صفةٍ آثارٌ خاصّة، ويقول الخبراء إنّ لصفات وأسماء الله تعالى تأثير وحدود [في التأثير]، فهم خبراء [يعلمون] ما لهذه الأسماء مِن خصوصيّات وآثار، فيقولون إنّ في هذا الاسم آثار وخصوصيّات بهذا المقدار، وفي ذاك الاسم الآثار والخصوصيّات الكذائيّة، ولهذا الاسم خصوصيّة ليست في اسم آخر، ولهذه الصفة خصوصيّة ليست [في صفة أخرى]، [وهم يعلمون] كيف يمكن للإنسان أن يتوسّل بهذا الاسم وكيف يتوسل [بذاك الاسم]، مثلًا كأن يكرّر ذِكر هذا الاسم بعدد خاصّ، [على كلّ حال] فهذه مسألة أخرى وهي عميقةٌ واقعًا؛ ﴿وللهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا﴾.

    1. سورة الإنسان، الآية ٢ و ٣. (م)
    2. سورة الشورى، جزء مِنَ الآية ٤٩.

الولاية التكوينيّة للملائكة

10
  • كيف تستفيد المخلوقات مِن أسماء وصفات الله تعالى

  • على كلّ حال، كلُّ شيء في عالَم الكون، حتّى يَفعل ويَعمل ويُقدم على الأمور، لا بدّ أن يستفيد مِن اسمٍ أو أسماءٍ لله تعالى أو مِن صفةٍ أو صفاتٍ لله تعالى، وذلك بحسب القدرة والمقدرة الموجودة في الأشياء، وإلّا يستحيل أن يفعل أحدٌ [شيئًا] حتّى لو كان تحريك يده. إنّ قيامي بعمل بسيط كتحريك يدي وأخذ القرآن بيدي الآن إنّما هو بقدرة الله تعالى، فلأنّ الله تعالى أودع فييّ هذه القدرة، [تراني] بهذه القدرة آخذ هذا القرآن وأرفعه، وإلّا لمَا قدرتُ أن أرفع هذا القرآن، نعم، كما لو كنتُ مثلًا مقبوض اليد، فكيف لي أن أرفع القرآن! هذا هو الحال في جميع الأشياء.

  • وعلى هذا، نفهم أنّ الملائكة الّذين يفعلون في عالَم المادّة وعالَم الشهادة، ويُقدمون على أمورٍ [وعلى إحداث] الحوادث بأمر الله تعالى، يستفيدون مِن جميع هذه الأسماء؛ يعني أنّ ملائكة الحياة يستفيدون مِن اسم المُحيي ومِن اسم الحيّ، لإعمال مشيئة وإرادة الله تعالى في عالَم الحياة، وملائكة العذاب يستفيدون مِن اسم القهاريّة، لتعذيب المشركين، وملائكة الإماتة، مثل عزرائيل والملائكة الّذين هم تحت [إمرته]، يستفيدون مِن اسم الله تعالى المُميت، كلٌّ بحسبه.

  • مثلًا بالنسبة إلى عزرائيل، يقول القرآن: ﴿قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ﴾۱، يعني أنّ عزرائيل يتوفّاكم، فهل [يتوفّاكم] بواسطة اسم المحيي أو بواسطة اسم المميت؟ بل باسم المميت، أي باسم المميت الّذي في عزرائيل، أي الّذي أودعه اللهُ تعالى في عزرائيل، الّذي هو مِنَ الملائكة المقرّبين، فيستفيد عزرائيل مِن هذا العِلم بواسطة الإمام. وأنا الآن أسألكم: إذا أراد عزرائيل مثلًا أن يُميت شخص ويحوّله إلى عالَم الآخرة، فهل يدعو الله تعالى لكي يميته هو؟ لا، بل يتوفّاه عزرائيل بنفسه، أي إنّ هذا المَلَك المقرّب هو مَن يتوفّاه بدون دعاء وطلب، فإنّ الله تعالى يأمره وهو يتوفّاه بنفسه، وهذا واضح.

  • ويقول في آية أخرى: ﴿الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ﴾٢، أي إنّ الملائكة تتوفّاهم. حسنًا، فهو يقول في موضع: ﴿قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ﴾، وفي موضع يقول: ﴿تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ﴾، أليس بينهما تعارض، إذ لو كان عزرائيل هو مَن يتوفاهم، فماذا يفعل هؤلاء الملائكة حينئذ، وإذا كانت الملائكة الّتي تحت إمرة عزرائيل هم مَن يتوفَّون الأنفس، فماذا يفعل عزرائيل؟! فهل جناب عزرائيل هو مجرّد ملك الموت والآمر على أولئك الملائكة؟! لا، بل هو يتوفّاهم [أيضًا]، ولكن هذا خلاف ظاهر الآية [الثانية]؟!

    1. سورة السجدة، جزء مِنَ الآية ۱۱.
    2. سورة النحل، جزء مِنَ الآية ٢۸، وجزء مِنَ الآية ٣٢.

الولاية التكوينيّة للملائكة

11
  • فما هو معنى هذه القضيّة؟ إذا فهمنا هذه القضيّة سيتبيّن كلّ شيء، والقضيّة هي: نحن الآن نفعل [أمورًا] في هذا العالَم، فنتكلّم ونتفكّر ونمشي ونضرب ونقعد وننام ونأكل ونشرب وغير ذلك، فهل هذه القوّة والغرائز والصفات الّتي بها يتمكّن الإنسان مِنَ الوصول وإيجاد الحوادث والوقائع في الخارج، فهل هذه القوّة والإرادة والغرائز خارجة عن إرادة الله تعالى وصفاته، أم داخلة في هذه الصفات؟ بل داخلة ... ﴿كُلًّا نُمِدُّ﴾، فما هو معنى ﴿نُمِدُّ﴾؟ يعني أنّنا الآن وفي كلّ لحظة نعطي القوّة للإنسان، والآن وفي كلّ لحظة نعطي الحياة للإنسان، والآن [وفي كلّ لحظة] نعطيه العِلم والإرادة والشعور، ﴿كُلًّا نُمِدُّ﴾.

  • ﴿رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ﴾ (فهو قد أعطى) ﴿ثُمَّ هَدَى﴾، أي إنّه أعطى أوّلًا وبعد ذلك استمرّ على هذا العطاء، أي استمرارٌ في إعطاء العقل والإرادة والشعور والاختيار والنعمة في كلّ لحظة، وذلك بواسطة إيداع الغرائز وتهيئة الموارد ورفع الموانع [وإيجاد] الموارد الجذابة والأمور الّتي تساعد الإنسان للوصول إلى هذه المسألة. وكلّ هذه الأمور الّتي في الإنسان هي منزّلة مِنَ الله تعالى: فإمّا أن يستفيد الإنسان منها في طريق الصلاح، أو أن يستفيد منها في طريق الفساد، ولكن كلّها مِنَ الله تعالى، فقوله: ﴿كُلًّا نُمِدُّ﴾، يعني ﴿كُلًّا نُمِدُّ﴾ مِن عندنا سواء المشرك والمؤمن والملتزم وغير الملتزم، ﴿كُلًّا نُمِدُّ﴾ فنحن لا نترك المشرك ولا نخلّي غير الملتزمين في حال سبيلهم.

  • أو كما قال في قصّة هود: ﴿مَا مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آَخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾۱، هل المقصود بالناصية هذه الناصية؟ لا، بل المقصود هو زمام الأمور:

  • (أزمّة الأمور طرًّا بيده***والكلّ مستمدة مِن مدده)٢.
  • ﴿مَا مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آَخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا﴾ أي هو مسيطر ومشرف على أحوالها. هذه الآية مثيل الآية الّتي عن لسان النبيّ موسى: ﴿رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ﴾٣، فهما الشيء نفسه، هذه بهذا التعبير وتلك بتلك التعبير٤.

  • على هذا، (...)٥ [فكلّ مَلَك يُعمِل الأسماء والصفات المودعة فيه] بحسب ما يأمره الله تعالى به، فيُوجده في عالَم الخارج؛ فمَلَك العذاب يستفيد مِن قوّة قهاريّة الله تعالى، الّتي أودعها الله تعالى فيه، ومَلَك الرحمة ومَلَك الرضوان يستفيد مِن صفة الرحمة والعطف والنعمة الّتي أودعها الله تعالى فيه، ومَلَك الموت يستفيد مِن صفة الإماتة الّتي أودعها الله تعالى فيه، ومَلَك الحياة إسرافيل يستفيد مِن صفة الإحياء والمحيي الّتي [أودعها] الله تعالى فيه، ومَلَك العِلم جبرائيل يستفيد مِن صفة العِلم الّتي أودعها الله تعالى فيه، [كما في قوله:] ﴿نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ ، عَلَى قَلْبِكَ﴾٦.

    1. سورة هود، جزء مِنَ الآية ٥٦.
    2. شرح المنظومة، الحاج الملّا هادي السبزواريّ، طبعة نشر ناب، ج٢، ص٣٥. (م)
    3. سورة طه، جزء مِنَ الآية ٥۰.
    4. أي إنّ الأخذ بالناصية (في الآية الأولى) والإعطاء (في الآية الثانية)، هما شيء واحد غاية الأمر أنّ الألفاظ مختلفة فقط. (م)
    5. يوجد انقطاع في التسجيل الصوتي. (م)
    6. سورة الشعراء، الآية ۱٩٣ وصدر الآية ۱٩٤.

الولاية التكوينيّة للملائكة

12
  • ويُفصح الله تعالى عن هذه المسألة في آية: ﴿فَالْمُدَبِّرَاتِ أَمْرًا﴾۱، أي الّذين يدبّرون الأمر؛ فكلٌّ يستفيد مِنَ صفات الله تعالى الّتي أودعهم إيّاها، فهم لا يطلبون مِنَ الله تعالى ولا يدْعونه ولا يصلّون ويدعون لله تعالى، حتّى يفعل الله تعالى ما [يطلبونه]، لا، بل هم بأنفسهم يفعلون، كما في الآية عن قوم [لوط، حيث قال]: ﴿وَلَقَدْ جَاءَتْ رُسُلُنَا إِبْرَاهِيمَ بِالْبُشْرَى قَالُوا سَلَامًا قَالَ سَلَامٌ فَمَا لَبِثَ أَنْ جَاءَ بِعِجْلٍ حَنِيذٍ ، فَلَمَّا رَأَى أَيْدِيَهُمْ لَا تَصِلُ إِلَيْهِ نَكِرَهُمْ وَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً قَالُوا لَا تَخَفْ إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَى قَوْمِ لُوطٍ﴾٢، يعني أنّ الله تعالى أمرنا بإيجاد هذا الحادث في الخارج، فإنّا أُرسلنا، أي فنحن رُسل ربّك، [إلى أن يقول] ﴿قَالُوا لَقَدْ عَلِمْتَ مَا لَنَا فِي بَنَاتِكَ مِنْ حَقٍّ وَإِنَّكَ لَتَعْلَمُ مَا نُرِيدُ ، قَالَ لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آَوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ ، قَالُوا يَا لُوطُ إِنَّا رُسُلُ رَبِّكَ لَنْ يَصِلُوا إِلَيْكَ فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ وَلَا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ إِلَّا امْرَأَتَكَ إِنَّهُ مُصِيبُهَا مَا أَصَابَهُمْ إِنَّ مَوْعِدَهُمُ الصُّبْحُ أَلَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ﴾٣، يعني أنّ الله تعالى أمرهم بإيجاد وإيقاع هذا الحادث والتكوين في عالَم الخارج، فالله تعالى أودع في نفس ملائكته هذه الصفات، أودع في نفس مَلَك الموت صفة الإماتة، وأودع في نفس جبرائيل صفة العِلم، وأودع في نفس إسرافيل صفة الحياة، وأودع في نفس هذه الرُّسُل والملائكة صفة القهاريّة، فهم بأنفسهم وذواتهم يفعلون.

  • نعم، إنّ الله تعالى يجعل في نفس كلّ مَلَك مِن ملائكته – كما يجعل في الإنسان يجعل في الملائكة – صفةً، وبهذه الصفة يصبح المَلَك قادرًا على إيجاد الحادث، وكذلك الحال في كلّ حادث حادث.

  • فأسألكم الآن: بأيّ دليل [نرفض أن يكون هذا الأمر موجودًا في الأنبياء والأولياء]؟! لماذا إذا أراد الله أن يفعل شيئًا بواسطة ملائكته، [ترانا نتقبّل الفكرة] ولا نهتمّ ونعبُر عن المسألة بسهولة، أمّا إذا أراد الله تعالى أن يفعل أمرًا بواسطة نبيّ مِن أنبيائه أو عبدٍ مِن عباده فنستنكر ذلك؟! ما هو الفرق، ما الفرق بين الملائكة وغير الملائكة؟! فإذا كان الأصل والأساس مِن الله تعالى، فكما أنّ الله تعالى أودع وجعل في نفس جبرائيل مِن باب المثال أو في نفس مَلَك الموت أو الملائكة الأخرى، هذه الصفات ليستفيدوا منها في إيجاد الحوادث في الخارج، كذلك الحال في الأئمّة عليهم السلام، فبواسطة الصفات الّتي أودعها وجعلها اللهُ تعالى فيهم، يستفيدون منها فيما فيه مصلحة، [فيقومون] بالمعاجز وتدبير العالَم وغير ذلك. فبأيّ دليل نقبل هذه المسألة في الملائكة ولا نقبلها في الأئمّة؟! ما الفرق [بين الحالين]؟! فإذا كانت هذه المسألة [مِنَ الله تعالى] وإذا كان الأساس مِنَ الله تعالى، فكما يجعل الله تعالى ذلك في هذا يجعله في ذاك. نعم، هذا هو المهمّ.

    1. سورة النازعات، الآية ٥.
    2. سورة هود، الآية ٦٩ و ۷۰.
    3. سورة هود، الآيات ۷٩ إلى ۸۱.

الولاية التكوينيّة للملائكة

13
  • فالمهمّ بالنسبة إلينا هو أن نعلم: أنّ أساس القضيّة وأساس المسألة والأصل الكلّي في جميع الحوادث في العالَم، هو عبارة عن مشيئة الله تعالى، وأنّ كلّ هذه التطوّرات والاختلافات، وكلّ هذه الأمور الّتي نراها، ترجع إلى أصلها، وأصلها هو الله تعالى، يعني أنّ جميع القِوى في العالَم ترجع إلى قوّة واحدة، وهي قوّة الله تعالى، وجميع القدرات في العالَم ترجع إلى قدرة واحدة، وهي قدرة الله تعالى، والحياة في العالَم، سواء في الإنسان أو الحيوان أو الأشجار أو السماوات أو الأرض، جميعها ترجع إلى حياة واحدة وهي حياة الله تعالى. وكما أنّ الملائكة يستفيدون مِن هذه الصفات والأسماء لتكوين الأشياء وإيجادها في الخارج، كذلك الإنسان، فهو يفعل ذلك، ويستفيد مِن هذه الصفات والأسماء لتكوين الأشياء في الخارج، وكذلك الجنّ يستفيد مِن هذه الأسماء والصفات، فيما هو مِن شأنهم، وكذلك الشياطين يستفيدون مِن هذه الأسماء، فيما هو مِن شأنهم: ﴿الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ﴾۱، والأنبياء أيضًا يستفيدون مِن هذه الأسماء والصفات في مسائلهم الشخصيّة والعامّة، وكذلك الأئمّة عليم السلام، فما هو الفرق حينئذ [بين الملائكة وغيرهم كالأئمّة والأنبياء في هذه المسألة]؟!

  • سنقدّم لكم في الجلسة الآتية بعض المطالب إن شاء الله، وسنبيّن إن شاء الله كيفيّة الإذْن – الّذي ذكرناه قَبل يومين – بتوضيح أكبر، وكيفيّة استفادة أولياء الله تعالى وأنبيائه [مِن ذلك]، [وسنبيّن] خصوصيّة هذه الكيفيّة إن شاء الله، على نحو يتّضح به الأمر.٢

  •  

  • والسلام عليكم ورحمة الله

  •  

  • [إقامة الصلاة] 

    1. سورة الأنعام، جزء مِنَ الآية ۱٢۱.
    2. تنويه: نلفت عناية القارئ الكريم أنّ هذه المحاضرات أُلقيت بشكل شفاهيّ وباللغة العربيّة، واقتصرت على تفهيم المستمع بأبسط الكلام، فلم يُلتفت كثيرًا إلى ضوابط اللغة، كما اشتملت على كلام عاميّ. ولذا عمدت اللجنة العلميّة بأمر مِن سماحة السيّد (قدّس الله سرّه) إلى إعادة تقويم الكلام وضبطه مِنَ الناحية اللغويّة، ومع ذلك آثرنا المحافظة على عبارة المحاضِر وترتيبها وبساطتها قدر الإمكان. كما تجدر الإشارة إلى أنّ العناوين الواردة هي مِنَ اللجنة.
      أمّا الرموز المستخدمة في المحاضرة فهي كالتالي: رمز الثلاث نقاط للكلام المحذوف، والرمز (...) للكلام غير الواضح وعند انقطاع الصوت، والرمز (م) لكلام المحقّق، والكلام المدرج في هذا [] فهو مِن وضع اللجنة لإتمام الجملة الناقصة بحسب ما يقتضيه السياق.
      ختامًا نلفت النظر إلى أنّ التسجيل الصوتيّ للمحاضرة متوفّر في الموقع لمَن يرغب الاستماع والمراجعة.
      (اللجنة العلميّة)