4

من هو السالك الحقيقيّ، مهر الزهراء عليها السلام، و...

محاضرات جبل عامل - أسئلة وأجوبة الأخوات - ج 4

10040
مشاهدة المتن

المؤلّفآية الله السيد محمد محسن الحسيني الطهراني

القسمجبل عامل

المجموعةأسئلة و أجوبة - نساء

جلسات المجموعة(5 جلسة)
/۱٩
بي دي اف بي دي اف الجوال الوورد الصوت

من هو السالك الحقيقيّ، مهر الزهراء عليها السلام، و... - محاضرات جبل عامل - أسئلة وأجوبة الأخوات - ج ٤

1
  •  

  • هو العليم

  •  

  • من هو السالك الحقيقيّ، مهر الزهراء عليها السلام، و...

  • محاضرات جبل عامل - أسئلة وأجوبة الأخوات - ج ٤

  •  

  • محاضرة ألقاها

  • آية الله الحاجّ السيّد محمّد محسن الحسينيّ الطهرانيّ

  • قدس الله سره

  •  

  •  

من هو السالك الحقيقيّ، مهر الزهراء عليها السلام، و... - محاضرات جبل عامل - أسئلة وأجوبة الأخوات - ج ٤

2
  •  

  •  

  • بسم الله الرحمن الرحيم

  • الحمد لله ربّ العالمين

  • والصلاة والسلام على سيّدنا محمّد

  • وعلى آله الطيّبين الطاهرين

  •  

  •  

  • العمل بفتاوى العلّامة الطهرانيّ (قُدّس سرّه) بعد ارتحاله

  • أحد الحضور: يوجد هنا حوالي مئة سؤال [مع أجوبتها]، والنُّسخ [الأصليّة] موجودة عندي، كنتُ قد أرسلتها لنرى على أيّها يوافق وعلى أيّها لا يوافق، وذلك بناء على ما تفضّلتم به بعد ارتحال العلّامة مِن وجوب الرجوع في فتاوى العلّامة إلى إذن مِنَ السيّد محمّد صادق أو إلى [المرجع] الحيّ، فقد أرسلتُ كلّ ما كنّا قد سألناه للعلّامة، ولكن لم يصلنا حتّى الآن أيّ جواب (...).

  • سماحة السيّد: هل أجاب عنها السيّد الوالد؟

  • السائل: نعم أجاب عليها.

  • سماحة السيّد: يعني، هل تعملون بها الآن؟

  • السائل: نعم، الآن نعمل بها.

  • سماحة السيّد: جيّد.

  • السائل: هل نحتاج إلى إجازتكم أو إجازة السيّد محمّد صادق للعمل بها؟

  • جواب سماحة السيّد: لا، بل يجوز العمل بها كما في السابق.

  • فيما يتعلّق بالجلسات السلوكيّة وبرامجها

  • [الظاهر أن سماحة السيّد يقرأ هنا سؤالًا ثمّ يُجيب قائلًا:] نعم يجوز لهم الخروج مِنَ الجلسة.

  • أحد الحضور: أنا أسأل هنا عن برنامج الجلسات، فإذا جمعنا الأفراد في جلسة واحدة، فأيّ برنامج سيكون الأنسب؟

  • سماحة السيّد: هل هذه الجلسة في عصر الجمعة؟

  • السائل: نعم، هذه [الجلسة] هي في الثامنة صباحًا، وتلك [الجلسة] هي في عصر الجمعة الساعة الخامسة (أي قبل ساعتين مِنَ الغروب)، فهل ترون مِنَ الأنسب جمعهما في جلسة واحدة أو الأنسب أن [نُبقي كلّ واحدة على حِدى]؟

  • [لم يظهر في التسجيل الصوتيّ جوابًا مِن سماحته]

  • السؤال: [ما هي الأدعية الّتي يجب قراءتها في جلسة الجمعة، وهل نقرؤها جميعها أم بعضها؟]

  • جواب سماحة السيّد: إنّ دعاء السمات هو بدل المناجاة، أي إمّا المناجاة وإمّا دعاء السمات [بالكيفيّة التالية:] إما أن تختاروا قراءة واحدة مِنَ المناجاة الخمسة عشر مع خمس أو ست أو سبع أو ثماني فقرات مِنَ الجوشن – لا كلّ الجوشن بل فقرات منه – وإما أن تختاروا [قراءة] دعاء السمات مرّة واحدة، فدعاء السمات [وحده] يكفي.

  • في معنى الاختلاط وتعلُّم الفتاة في الصروح الأكاديميّة

  • السؤال: [ماذا تقولون بالنسبة إلى تعلُّم الفتاة في المدارس؟]

من هو السالك الحقيقيّ، مهر الزهراء عليها السلام، و... - محاضرات جبل عامل - أسئلة وأجوبة الأخوات - ج ٤

3
  • جواب سماحة السيّد: بالنسبة إلى المدرسة، إن كان [الذهاب إليها] بحيث لا يوجب مواجهةً بين الرجال والنساء، بحيث تذهب المرأة إلى المدرسة دون أن يواجهها الرجال والمعلّم ولا يمازحوها ولا يخاطبوها، فإن كان الأمر بهذا الشكل كما [هو الحال] في جامعات إيران، فإنّ المرأة تذهب إلى الجامعة وتجلس على كرسيّ وتنظر إلى الكتاب والأوراق دون أن تلتفت [بنظرها] إلى المعلِّم والأستاذ، فينظر [الأستاذ] إلى باقي الأفراد [دون أن يلتفت إليها]، فإذا كان الأمر بهذا الشكل – مع أنّه ليس مستحسنًا ولكن عند الضرورة – إذا كان الأمر بهذا الشكل فلا يوجد إشكال. أمّا إذا كان الرجل سيواجهها ويتكلّم معها ويمازحها ويخاطبها، وطبعًا لا بدّ [في هذه الحالة] أن تتجاوب مع الرجل وتتكلّم مع سائر الأفراد سواء كانوا رجالًا أم نساءً [فيوجد إشكال].

  • أحد الحضور: [ماذا لو] قررّت الإدارة أنّه مِنَ الجيّد أن تكون هذه الفتاة في الفرع الأدبيّ، والحال أنّها لا تحبّ أن تكون في الفرع الأدبيّ، حيث [تُدرَّس] الغزليّات والقصائد والأشعار، فأرادت أن تنتقل إلى مدرسة أخرى، ولا يوجد مدرسة أخرى غير مختلطة إلّا مدرسة واحدة فقط، ولكن يوجد فيها أساتذة [رجال] (...)؟

  • جواب سماحة السيّد: (...) إذا لن تتواجه الفتاة مع الرجال، بل تذهب إلى المدرسة وتتعلّم وترجع إلى المنزل دون المواجهة فلا إشكال، ولكن إذا كانت ستواجه الرجال وتتكلّم معهم ففيه إشكال.

  • السائل: لدى الفتاة نفس محصّنة، ولكن لا بدّ أن تواجه الأصدقاء والرفقاء في الصفّ والملعب؟

  • سماحة السيّد: هل تقصدون الرجال؟ هل المدرسة مختلطة أم لا؟

  • الحضور: [نعم، المدرسة] مختلطة، فالفرع العلميّ الّذي تحب [أن تدرسه موجود في مدرسة] مختلطة، ولكن تستطيع أن تجلس [جانبًا]، فليس مِنَ الضرورة أن [تواجه] الشباب أو الرجال، فهناك فتيات أيضًا تستطيع أن تنتخب رفيقة منهم، حتّى أنّه ليس مِنَ الضروري أن يكون الأستاذ رجلًا، بل مِنَ الممكن أن تكون أنثى، ويمكنها أن لا تتعامل مع الصِبية في المدرسة، فتكون هي على حِدى وهم على حِدى ..

  • جواب سماحة السيّد: المهمّ أنّه إذا كان ذهابها إلى هذه المدرسة بحيث يمكن أن تنعزل عن الرجال ولا تخاطبهم، فلا إشكال، أمّا إذا كانت الفتاة ستخالط الرجال ففيه إشكال.

من هو السالك الحقيقيّ، مهر الزهراء عليها السلام، و... - محاضرات جبل عامل - أسئلة وأجوبة الأخوات - ج ٤

4
  • أحد الحضور: ماذا تعني بالاختلاط؟

  • جواب سماحة السيّد: الاختلاط مثلًا هو عندما يتكلّمون ويجلسون مع بعضهم بشكل مختلط ويضحكون ويتحدّثون بهذا الشكل والمقدار، ولكن إذا كانوا في الصفّ [معًا] والفتاة منعزلة عنهم تتعلّم وتنشغل بالأوراق والكتب ولا تنظر إليهم وهم لا ينظرون إليها، وكلٌّ ينشغل بما لديه، فإذا كان الأمر بهذا الشكل فلا إشكال.

  • أحد الحضور: حتّى لو كان المعلّم رجلًا؟

  • جواب سماحة السيد: [نعم] حتّى لو كان المعلّم رجلًا.

  • أحد الحضور: لكن قد يَطلب الأستاذُ منها الصعود إلى السبّورة لتكتب وتحلّ المسائل، وأن تقرأ أمام الجميع وأن تقرأ وتُلقي ما حفظته مِن أناشيد وغيرها؟

  • جواب سماحة السيد: لا يجوز ذلك، لا يجوز.

  • أحد الحضور: عفوًا، حتّى أنّه على مستوى شبّان المدرسة الثانويّة [المختلطة] – حيث إنّ أعمارهم ستّة عشر وأربعة عشر سنة – يحصل في ملعب المدرسة مِن بعض الطلّاب الشبّان الكثير مِنَ الأمور الّتي هي خارجة عن قدرتها على التحكّم [والاجتناب] .. فإنّ عدم التزام الشبّان أمر شائع في مجتمعنا في لبنان، فحتّى لو حاولتْ أن تتجنب هؤلاء الشبّان إلّا أن الأمر لا يخلوا مِن حدوث مشكلة، كأن يُسمعوها كلامًا ويتعرّضوا لها.

  • جواب سماحة السيد: لا بدّ أن تنعزل عنهم، فإن كان مِنَ الممكن أن تنعزل عنهم بحيث لا يقتربوا منها .. يعني على أيّ حال أنا قد بيّنتُ المسألة، وأنا لم أر هذه المدرسة حتّى أشخّص إن كان هذا حرامًا أو حلالًا، فأنا أبيّن المسألة الكليّة، أمّا الانطباق [والتشخيص] فعليكم؛ فإذا أمكن للفتاة أن تذهب إلى المدرسة وتنعزل عن الرجال ولا تخاطبهم ولا تختلط معهم، بحيث تذهب وتعود بدون الاختلاط معهم، فإن كان الأمر بهذا الشكل فلا يوجد إشكال، ولكن إذا لم يكن الأمر بهذه [الكيفيّة] ففيه إشكال، ثمّ الانطباق [والتشخيص] عليكم.

  • أحد الحضور: هل يجوز التعلّم في مدرسة التمريض، والحال أنّ نظام المدرسة يفرض أن تكون الطالبة ملتحقة بالمنامة داخل المدرسة، كما يوجد مربّين وأساتذة، أمّا الإشراف فكلّهنّ معلّمات ... كما أنّها قد تذهب للتمرّس والتدريب العمليّ، فمِنَ الممكن أن تغرز إبرة لرجل أو تقيس نبض الرجل وضغط [دمه]، فهل هذا جائز؟

من هو السالك الحقيقيّ، مهر الزهراء عليها السلام، و... - محاضرات جبل عامل - أسئلة وأجوبة الأخوات - ج ٤

5
  • جواب سماحة السيّد: لا إشكال في ذلك، ولكن إذا أرادت أن تستعمل إبرةً لرجل فلا بدّ أن يكون هناك حاجبًا [بينهما، كأن تلبس] القفّازات في يدها، فلا يجوز أن تباشر [لمس] الرجل.

  • أحد الحضور: أيّهم أفضل برأيكم، تعلُّم التمريض أو الاستمرار في الدراسة حتّى الجامعة للتخصّص؟

  • جواب سماحة السيد: التخصّص، نعم التخصّص. 

  • أحكام النرد والكحول والجيلاتين والمخدّرات والزبيب والتمر المنقوعان والمغليان

  • السؤال: هل اللعب بالنرد أو الزهر [حرام، وهو ما يُعطى] للأطفال للاستفادة منه في بعض الألعاب؟

  • جواب سماحة السيد: [بالنسبة] للنرد، فإنّ الموجود في الروايات هو أنّ النرد حرام، اللعب بالنرد [حرام]، ولكن المشروط في [حرمته] – بخلاف القمار والشطرنج – أن يكون اللعب [بالنرد] مختلطًا بالقمار، يعني [أن يكون] المقصود مِنَ النرد هو القمار، فيصبح هذا اللعب حرامًا. والنرد في السابق كان مِن آلات القمار .. ولهذا نقول أنّ الشطرنجَ حرامٌ على أيّ حال، سواء قُصد منه المقامرة أو غير المقامرة (كأن يكون لمجرّد اللعب)، ولكن [بالنسبة] للنرد؛ فإن كان اللعب به بقصد المقامرة فهو حرام، وإن لم يكن بقصد المقامرة فليس حرامًا، ولكن الأفضل عدم اللعب به احتياطًا لأنّه آلة للقمار.

  • أحد الحضور: إذا اقتطعوا قطعة مكعّبة مِنَ الخشب وكتبوا عليها الأرقام (مِنَ الواحد إلى ستّة) فهل يجوز [استعماله]، أو أنّ حكمه هو حكم الزهر [أي النرد]؟

  • جواب سماحة السيد: نعم يجوز، ويكون حكمه حكم الزهر، ولكن الأفضل أن لا يُلعب به، إلّا أنّه ليس حرامًا.

  • أحد الحضور: إذا كتبنا الأرقام (واحد إلى ستة) على أوراق متفرّقة [بحيث يكون كلّ رقم على ورقة] فهل يكون حكمها حكم النرد؟

  • جواب سماحة السيد: لا، لا يكون.

  • السؤال: هل كلّ ما كُتب عليه (كحول) فهو حرام ونجس؟ مثلًا بعض علماء الكيمياء يقولون أنّ الكحول موجود في كلّ مادّة، ولكن هناك نوع مِنَ الكحول يسمّى بالسبيرتو فهو النجس؟

  • جواب سماحة السيد: إذا كان الكحول مأخوذًا مِن مادّة رطبة ومايعة، فهو حرام، أي الّذي يؤخذ مِنَ المايع بالأصالة مثل العنب والفواكه، [فالكحول المأخوذ مِن] كلّ هذه الأمور حرام. ولكن إذا كان الكحول [معمولًا] مِن تركيب وامتزاج [موادّ]، كأن يتركّب مِن [موادّ مأخوذة مِنَ] الخشب وغيره، فليس نجسًا ولكنّه حرام. [يوجد] فرق بين النجس وبين الحرام، إذ يمكن أن يكون الشيء حرامًا ولا يكون نجسًا، كالمخدّرات، فإنّ المخدّرات ليست نجسة (كالحشيشة والكافيين والكوكايين والسجائر) فهي ليست نجسة ولكنّها حرام. وأمّا إذا كان [الكحول] يؤخذ مِنَ المايع بالأصالة – كما قلتم – فهو نجسٌ وحرامٌ معًا. أمّا هذا الّذي يُصنع مِنَ الخشب أو مِن غير الخشب (كالمواد الكيميائيّة)، ويصنع بالتركيب ([كمزج] الكربون وغيره مِنَ المواد)، مثل السبيرتو – الّذي سمّيتموه – فهذا أكله حرام ولكنّه ليس نجسًا بذاته بل هو طاهر.

من هو السالك الحقيقيّ، مهر الزهراء عليها السلام، و... - محاضرات جبل عامل - أسئلة وأجوبة الأخوات - ج ٤

6
  • أحد الحضور: ماذا لو كان موجودًا في الدواء، ونحن لا نعلم على ماذا يحتوي هذا الدواء؟

  • جواب سماحة السيّد: إذا لم نعلم أهو مِنَ القسم الطاهر أو مِنَ القسم النجس، يكون طاهرًا.

  • أحد الحضور: يعني نستطيع أن نتناوله ..

  • أحد الحضور: الجيلاتين كذلك، فهناك جيلاتين حيوانيّ وجيلاتين نباتيّ، وهو ما يغلّفون به كبسولة [الدواء]، فيذكرون أن في الشيء جيلاتين دون أن يحدّدوا إن كان الجيلاتين حيوانيًّا أم نباتيًّا؟

  • جواب سماحة السيّد: لا إشكال فيه.

  • الحضور: ماذا عن استعمال الزبيب الّذي يُنقع في الماء؟ والزبيب مولانا هو العنب المجفّف.

  • جواب سماحة السيّد: لا إشكال فيه.

  • أحد الحضور: والتمر [أيضًا]؟

  • جواب سماحة السيّد: لا إشكال فيه.

  • أحد الحضور: ماذا عن الزبيب إذا تمّ غليه بالماء؟

  • جواب سماحة السيّد: لا، فمجرّد غليانه لا يصيّره نجسًا، ولكن إذا مثلًا ذهب منه الكثير حتّى مثلًا ينضج ويفقد خصوصيّاته كليًّا ويصبح مركّبًا مع الماء، فإذا كان بهذا الشكل يصير نجسًا، أمّا مجرّد غليانه في الماء لا يصيّره نجسًا ولا إشكال فيه. حتّى في الطبخ مثلًا؛ إذا وُضع الزبيب في الأرز أو طُبخ مع الدهن وغير ذلك حتّى تنفجر [حبّاته]، فلا إشكال إذا كان بهذا الشكل.

  • بعض مِن ضوابط وخصائص السلوك وبرامجه والعرفان والأولياء 

  • السؤال: [هل يمكن] أن أُعلِم بعض الأقارب والأصدقاء أنّكم وليّ مِنَ الأولياء؟

  • جواب سماحة السيّد: أنا لست بوليٍّ ولا مؤمنٍ ولا أيّ شيء .. وهذا حرامٌ جدًّا وإعلانه ذنب. فالوليّ له مقام عالٍ و .. وأنا لست بقدر أنملة مِنَ الأولياء، فكيف أكون مِنَ الأولياء! لا أبدًا أبدًا، أنا لستُ وليًّا، ولكنّا نحبّ أن يأخذ الله تعالى بأيدينا، وبواسطة دعاء الأصدقاء والرفقاء والرفيقات يرزقنا الله تعالى مِن نعمائه. ولكن [إعلان] كلّ هذه المسائل لا يجوز أبدًا، يعني هذا خلاف الواقع جدًّا.

  • السؤال: لقد علمتُ أنّه توجد بعض السريّة فيما بين الأستاذ والتلميذ في السير والسلوك، فما هو حدّ هذه السريّة؟

  • سماحة السيّد: ما هو المعنى والمقصود مِنَ [السؤال]؟

  • توضيح مِنَ الحضور: تقول أنّه إذا ارتبطتْ بالأستاذ، فيجب أن تكون هناك سريّة، [بمعنى] أن لا تفشي ما يقوله لها، فما هي حدود ذلك؟

من هو السالك الحقيقيّ، مهر الزهراء عليها السلام، و... - محاضرات جبل عامل - أسئلة وأجوبة الأخوات - ج ٤

7
  • جواب سماحة السيّد: المهمّ [في المقام أن نعلم] أنّ بعض الأفراد قد لا يتحمّلون هذه المسائل [العرفانيّة والسلوكيّة] ولا يفهمون ولا يعرفون حقيقة المسألة وواقعيّة المسألة، كما أنّنا نسمع ونشاهد في هذا الزمان بعض الأفراد غير الملتزمين بالدين يعلنون هذه المسائل ويطلبون الأتباع ويدَّعون أنّهم مؤهّلين للسير والسلوك، مع أنّهم كلّهم كاذبون ودعواهم [هي مجرّد] دعاية وغواية وضلال وإضلال؛ وعلى هذا، فإنّ الأفراد الّذين لا يفهمون ذلك قد يظنّون ظنًّا مخالفًا للواقع. فالإنسان إذا اتّخذ أستاذًا يجب أن يكون سريًّا، فلا يعلنه لكلّ شخص، فإذا أراد مثلًا أن يُفشي بعض المسائل الّتي ألقاها الأستاذ عليه؛ فإنّ بعضها يمكن إعلانه وإفشاؤه كالمسائل المتعارفة، وبعضها لا يمكن [إفشاؤه كالمسائل] غير المتعارفة مثل الأذكار الخاصّة وغير ذلك.

  • على كلّ حال، أنا لستُ أستاذًا ولا غير أستاذ، وإنّما المسائل الّتي يمكن أن أقولها للأساتذة والسادة والسيّدات، هي المسائل الّتي تفحّصتها مِنَ السيّد الوالد وعندي إجازة منه لإعلانها للسيّدات والأصدقاء، فأنا لا أقول هذا مِن تلقاء نفسي ولا أدّعي أنّي أستاذ، بل أنا تلميذٌ كسائر التلامذة ورفيقٌ كسائر الرفقاء.

  • السؤال: إذا كنتُ قد أخذتُ برنامجًا وعلِمتُ أنّ هناك مَن تستطيع القيام به وهي راغبة في ذلك، فهل يجوز لي إعلامها بذلك؟

  • جواب سماحة السيّد: لا، فإنّ هذا البرنامج ليس لكلّ شخص، بل هو [خاصّ] بالّذي أُعطيَ له هذا البرنامج. ولكن لا إشكال في المذاكرة أحيانًا [حول العرفان والسلوك] مع الشخص الّذي نجد عنده الاستعداد والاستطاعة وهو مهيّأٌ لذلك، فلا إشكال، فالمذاكرة تصحّ ومستحسنة على كلّ حال، ولكن إعطاء هذا البرنامج لكلّ شخص فلا، فإنّ هذا يحتاج إلى الاستشارة.

  • إذن الزوج شرط في عمل الزوجة

  • السؤال: ... وزوجي لا يرغب بذلك، فهل يجوز لي أن أقوم بها ...؟

  • جواب سماحة السيّد: لا بدّ في هذا مِن التوافق مع الزوج، وبدون الموافقة لا يجوز ذلك، مع أنّه على الزوج أن يوافق زوجته في ذلك، ولكن بدون الإجازة والموافقة وكسب الإجازة والموافقة مِنَ الزوج فلا يجوز ذلك. هذه المسألة مِن ناحيته ...

  • في معنى السلوك إلى الله وأنّه أمر النبيّ والأئمّة منذ البداية

من هو السالك الحقيقيّ، مهر الزهراء عليها السلام، و... - محاضرات جبل عامل - أسئلة وأجوبة الأخوات - ج ٤

8
  • السؤال: أودّ أن أنضمّ إلى السالكين إلى الله تعالى كي اطمئنّ مِنَ الخطّ الصحيح الّذي أسير فيه، هل تنصحوننا بشيء، ولكم جزيل الشكر؟

  • جواب سماحة السيّد: هذه المسألة مِنَ المسائل الّتي تكلّمنا عنها في الجلسات الماضية، خصوصًا في الجلسة السابقة، حيث تبيّنت المسألة واتّضحت؛ إنّ السلوك إلى الله ليس بالشيء الغريب حتّى ينفر منه الناس، بل السلوك إلى الله هو ما أمرنا به النبيّ والأئمّة عليهم السلام، ومِن بداية الأمر قال النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم «قولوا لا إله إلا الله تفلحوا»۱، يعني أنّه مِن بداية الأمر ألقى عليهم هذه الكلمة، وهي كلمة التوحيد؛ فبعضهم سمع هذه الكلمة وقبِلها باللفظ فقط ولم يعمل شيئًا، فكان المنافق، وهو الّذي يكون إسلامه ظاهرًا وفي باطنه مرض. وبعضهم قبِل هذا بالتلفّظ وشهد بالتوحيد والرسالة وعمل بها، فهذا هو المسلم، وله درجات، كما هو حال كلّ هؤلاء المسلمين والمؤمنين. وبعضهم تلفظ بهذه الكلمة، أي كلمة التوحيد، وعمل بها، وحقّق هذا الأمر في نفسه، يعني أنّ نفسه أصبحت موحّدة، وفهِم هذا الأمر في سرِّه وحقيقته وضميره ووجدانه، هذا هو الموحِّد الّذي كان الرسول والأئمّة عليهم السلام يدعون المسلمين إلى مرتبته. ولهذا لا بدَّ للوصول إلى هذه المرحلة مِنَ العمل والاهتمام بالأعمال والاهتمام بالمسائل الّتي نعلم [بها]، فلا بدّ مِنَ الوصول إلى الله تعالى وإلى حقيقة هذه الكلمة [أي التوحيد] بواسطة هذه الأعمال. هذه هي حقيقة التوحيد.

  • [فعلى] كلّ مسلم أن يهتمّ للوصول إلى حقيقة هذا المطلب (لا إله إلا الله)، أن يصل إلى حقيقة معنى التوحيد، ويرى الله تعالى كما يرى نفسه، ويشعر بالله تعالى كما يشعر بنفسه، ويُدرك صفات الله تعالى وأسماءه العليا وحقيقة التوحيد وحقيقته العليا؛ فإذا أحبّ [الإنسان] مثلًا أن يصل إلى هذه المرحلة، لا بدّ أن يسلك طريق الأئمّة عليهم السلام؛ هذا هو السير والسلوك إلى الله تعالى. فالسير والسلوك ليس شيئًا غريبًا [فهو ليس] مخالفًا للإيمان ومخالفًا للإسلام ومخالفًا للتشيّع، بل كلّ مَن يعمل بالأوامر ويترك النواهي ويسلك طريق الأئمّة عليهم السلام، ويأخذ بأوامرهم ونواهيهم، يكون أيضًا سالكًا، والله يأخذ بيده. ومَن لا يهتمّ بهذا لا يكون سالكًا ولو كان اسمه سالكًا؛ يعني أنّ المهمّ هو العمل.

    1. بحار الأنوار، الشيخ المجلسيّ، ج۱۸، ص٢۰٤. (م)

من هو السالك الحقيقيّ، مهر الزهراء عليها السلام، و... - محاضرات جبل عامل - أسئلة وأجوبة الأخوات - ج ٤

9
  • لقد جمع السيّد الوالد، قبل ثلاث سنوات مِن ارتحاله، جميعَ الرفقاء الّذين كانوا في مشهد، وتكلّم معهم وقال: لا يكون السلوك باللفظ، ولا يكون السلوك بالاجتماع في الجلسات والمناسبات، ولا يكون السلوك فقط ... بهذه المسائل، لا تفتتنوا ولا تَغترّوا بأن يُقال لكم (سالك)، ولا تُسَرّوا بقول الناس عنكم (أنتم السالكون)، لا! [بل] مَن كان مِن شيعة أمير المؤمنين عليه السلام ويتّبعه ويطيعه في الضيق والسعة، ويَعمل بما يُأمر ويَترك ما يُنهى [عنه] ويهتمّ بذلك ويعمل بما كان يأمر به الأولياء والأكابر [مِن] هؤلاء القوم، فهو السالك. ومَن لم يعمل بما يأمره به الأستاذ ولم يعمل بالشريعة، بل يترك كلّ ذلك ويُهمله ولا يعتني به، لا يكون سالكًا ولا يخطو خطوةً ولا يتحرّك [بمقدار] ذرّة ولو كان اسمه مِنَ السلّاك والسالكين. لقد قال هذا .. حتّى أنّه قال: أنا بلَّغت وأبلغت بما في عُهدتي، فليس علَيَّ شيء.

  • والآن أنا أقول: مَن يريد أن يصل إلى المراتب الّتي يُوصي بها الأئمّة عليهم السلام والأنبياء والأولياء، {فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا}۱؛ فمَن عمل بذلك كان سالكًا، ومَن لم يعمل بذلك لا يكون سالكًا، ولو كان يعدّ نفسه مِنَ السالكين. والسلوك كما قلتُ في الجلسة العامّة: هو تهيئة النفس وإخلاص العمل لله والعمل بما يعلَم والاهتمام به. هذا هو السلوك. وإذا شرع المؤمن بذلك والتزم به، كان لزامًا على الله أن يأخذ بيده.

  • السؤال: مِن حيث معرفتكم بأحوال إيران، هل تقترحون برنامجًا خاصًّا للشباب الإيرانيّ الملتزم والّذي يبلغ مِنَ العمر ۱٥ سنة، وإحدى بناتنا تبلغ ۱۱ سنة والأخرى ۸ سنوات، ولكم جزيل الشكر؟

  • جواب سماحة السيّد: حفظكم الله، قد لا يكون فرق في المسائل الدينيّة والالتزامات بين إيران وغيرها، فكلّ مَن يتمنّى أن يسلك طريق الأولياء يكون طبعًا له برنامج حتّى يتّبعه. طبعًا المسائل في إيران أسهل منها هنا [في لبنان]، لأنّ الحكومة في إيران – بحمد الله – حكومة إسلاميّة، والفساد ليس ظاهرًا، فنحن طبعًا قادرون على تربية أولادنا وأطفالنا بشكل صحيح وإسلاميّ وسهل، لكن هنا [في لبنان] ليس الأمر كذلك، بل يصعب هنا تربية الأولاد بشكل صحيح، أمّا في إيران فهو أسهل حتمًا. ولكن لا بدّ مِنَ الاهتمام، مِن اهتمام الوالدين بتربية الأولاد، ويوجد هناك برنامج، فإن شاء الله إذا كنتم تحبّون [ذلك] نقدّمه لكم.

    1. سورة الكهف (۱۸)، جزء مِنَ الآية (۱۱۰). (م)

من هو السالك الحقيقيّ، مهر الزهراء عليها السلام، و... - محاضرات جبل عامل - أسئلة وأجوبة الأخوات - ج ٤

10
  • الخوف والرجاء جناحا النجاة وليس للإنسان مِن أمره شيء

  • السؤال: أشعر بالذنب (...) وأشعر كأنّي أجرمتُ جرمًا كبيرًا وطوال النهار (...).

  • جواب سماحة السيّد: المذكور في الروايات وكلام الأئمّة عليهم السلام أنّه لا بدّ للإنسان مِن جناحين (الخوف والرجاء)؛ فبواسطة الخوف يجتنب الإنسان الكبائر والمعاصي، وبواسطة الرجاء يشتاق الإنسان إلى لقاء الله ونعمائه. وفي كلّ مرحلة، إذا غلبت تلك الحالة النفسيّة على الإنسان، فذلك يوجب طبعًا الاختلال في بعض الحالات. وعلى أيّ حال، فإنّ الخوف والحزن في ذلك جيّد، ويجب على الإنسان دائمًا أن يفكّر في أحواله، في أحواله يوم القيامة وفي حالته مع الله تعالى، [وأن يفكّر] كيف سيواجه الله تعالى، بأنّه ليس بيده شيء وأنّه ليس بشيء، ولا بدّ أن يرى دائمًا أنّ النعمة والتوفيق هما مِنَ الله تعالى، فهذا أمرٌ جيّد ..

  • بعضُ أصدقاء السيّد الوالد في الزمن السابق، كان كلّما اَلتقي به يقول لي: أنا أجد في نفسي الاستعداد والأهليّة للوصول إلى المراتب العالية، ولا أرى هذا في باقي الأفراد، وكلّما أرى السيّد والدكم يسرّني أن أتكلّم معه بما لديّ مِن مسائل ومكاشفات .. وأنا لم أكن أحبّ [منه] ذلك وانزعجت منه وقلتُ: إنّ هذه الحالة ليست جيّدة، بل العبد إنّما يكون عبدًا ما دام لا يرى هذه [الأمور إلّا] مِنَ الله تعالى، أمّا إذا رأى أنّ هذه الأمور مِن نفسه فهذا أوّل الخطر. وهكذا حصل، إذ إنّه سقط، والله تعالى أسقطه بواسطة تلك المسائل الّتي قلتها لكم. على هذا، لا بدّ للعبد أن يرى دائمًا أنّه ليس مؤهّلًا للوفود إلى هذه المرحلة والصعود إلى هذه المرحلة، بل أن يرى نفسه مُخطئًا ومذنبًا، وبواسطة هذا الأمر يأخذ الله تعالى بيده، وإلّا إذا أغرّه الشيطان ورأى أنّه مستعدّ لذلك، مستعدّ للصعود مستعدّ للقيام بهذه الأمور، بدون أن يرى أنّ ذلك كلّه مِن توفيقات الله تعالى، فهذا يوجب سخط الله تعالى .. على أيّ حال، تلك الحالة جيّدة ولا بدّ مِنَ الحفاظ عليها.

  • القضاء والقدر بيد الله فقط وليس علينا إلّا مرضاته

من هو السالك الحقيقيّ، مهر الزهراء عليها السلام، و... - محاضرات جبل عامل - أسئلة وأجوبة الأخوات - ج ٤

11
  • السؤال: حسب استقرائي لحالات الناس قبل وفاتهم، وجدتُ أنّ مَن يخاف مِن شيء يقع فيه ويمُت فيه؛ مثلًا مَن يخاف مِن ركوب الطائرة يموت بذلك، ومَن يخاف مِن أمواج البحر العالية يموت بذلك .. وأنا أخاف أن أموت والله غير راضٍ عني ودون أن أُتمّم ما علَيَّ مِن قضاء الواجبات، وأنا أشعر بالذنب خاصّة لتقصيري بالواجبات الكثيرة المطلوبة منّي، فهل يوجد عمل أستطيع أن أكفّر به عن تقصيري وأن أُعطي كلّ ذي حقّ حقّه؟

  • جواب سماحة السيّد: الأمر يختلف عمّا تفضّلتم به؛ فإنّ القضاء والقدر كلّه بيد الله تعالى، ولا بدّ أن يرتحل الإنسان عن هذه الدنيا بأيّ نحو كان، إمّا بالسقوط مِنَ الطائرة أو بالغرق في البحار أو باصطدام سيّارة أو بالأمراض .. فعلى أيّ حال لا بدّ أن يموت الإنسان، ولملَك الموت (خبرة)۱ كبيرة في نزع الروح مِن كلّ شخص، ولكن العمدة هي أن يموت الإنسان ويرتحل عن هذه الدنيا والله راضٍ عنه، هذا هو المهمّ، ولا فرق في كيفيّة الارتحال [سواء كانت] الكيفيّة بالسقوط أو الهلاك بالأمراض وغير ذلك، فكلّها مِنَ الأسباب الّتي لا بدّ للإنسان أن يرتحل بواسطتها عن هذه الدنيا. وعلى أيّ حال، فإنّ المهمّ هو القيام بالأعمال والأمور الّتي نعلم أنّ الله تعالى يكون راضٍ عنّا بها، وذلك بمقدار الاستطاعة والمقدرة. وكما قلتُ في الجلسة العامّة قبل أيّامٍ أنّه لا بدّ أن نقوم بالأعمال الّتي إذا كان إمام العصر (أرواحنا فداه وعجّل الله تعالى فرجه) حاضرًا أمامنا لأمرنا بها، يعني بهذه الحيثيّة، يعني لا بدّ للإنسان أن يُهيّئ نفسه ويستعدّ بحيث إذا كان إمام العصر (عجّل الله تعالى فرجه) حاضرًا وجالسًا عنده وأمره بشيء لَفَعَل .. يعني أنّ الإنسان لا يجوز أن يغترَّ بنفسه، لا يجوز أن يحتال لنفسه، فإذا احتال .. فهو يحتال لنفسه. وإذا استعدّ الإنسان وتهيّأ لهذه المرحلة فعمل بكلّ ما يعلَم – فإذا كان [كذلك] – حتمًا سيكون الله تعالى راضٍ عنه في هذه الحالة، وإذا ارتحل في هذه الحالة عن الدنيا سيكون الله تعالى راضٍ عنه في حال الارتحال. هذا هو السالك الواقعيّ. ولكن كلّما تساهلنا ... وجاملنا [وأبدينا] عدم مبالاتنا واعتنائنا بالمسائل، تفوتنا بمقدار ذلك النعمة، ويفتونا التوفيق.

    1. هذه الكلمة هي تقدير لما يكون قد قاله سماحته، راجع الدقيقة (٤۷:٢٥) مِنَ التسجيل الصوتيّ. (م)

من هو السالك الحقيقيّ، مهر الزهراء عليها السلام، و... - محاضرات جبل عامل - أسئلة وأجوبة الأخوات - ج ٤

12
  • ليس مِنَ الواجبات شيء يوجب الكفّارة وغير ذلك. نعم، إنّ القيام بالواجب واجتناب الحرام والقيام بالأمور الّتي كلّفنا الله تعالى بها، هي المكفِّر عن السيّئات وهي المستجلبة لرضا الله تعالى. ولكن يوجد بعض الأعمال الّتي توجب تخفيف تلك المسألة بالنسبة إلينا، كالقيام بخدمة الناس ورفع حوائجهم وزيارة القبور وكذلك عيادة المرضى.

  • وعلى أيّ حال، إنّ تحسين تربية الأولاد وخدمة الزوج وتدبير المنزل وتربية الأولاد، هذا ما يطلبه الله تعالى منكم، فهو يطلب مِن كلّ شخص ما هو مؤهّل له؛ يطلب مِنَ الرجال شيئًا، ويطلب مِنَ النساء شيئًا آخر، فإذا قام كلّ فرد بما كلّفه الله تعالى به، سيكون الله راضٍ عنه. وفي خاطري أنّ الكثير مِنَ الأولياء ذكروا أنّ الّذي يفيد كثيرًا في السير والسلوك هو زيارة المقابر، وأقلّها مرّة واحدة كلّ أسبوع، وعيادة المرضى والقيام بحوائج الناس، وهذا مِن أهم الأمور الّتي توجب السرعة في الحركة والصعود إلى الله تعالى.

  • لزوم إحياء سنن النبيّ؛ منها الجلوس على الأرض والسجود على التراب

  • السؤال: هل لكم أن تزوّدونا بالآداب السلوكيّة المتوجّب على المؤمنين والسالكين مراقبتها والتقيّد بها ...

  • جواب سماحة السيّد: تختلف الآداب السلوكيّة باختلاف الأشخاص والمَواطن والمواقف .. وعلى أيّ حال، كلّ شخص يرى في نفسه الأدب [اللازم] بلحاظ الأمور والآداب، وهي ليست متعلّقة فقط بالأستاذ، بل هي متعلّقة بكلّ شخص؛ بالرجل المحترم والمرأة المحترمة .. فهذه كلّها مِن آداب الله تعالى، فهذه الآداب ليست متعلّقة فقط بالأستاذ، بل متعلّقة بكلّ شخص؛ «وقّروا كباركم وارحموا صغاركم»۱، فهذا أدب سلوكيّ متعلّق بكلّ شخص، فعلى كلّ إنسان أن يراعي هذا [الأدب]. ومِنَ الآداب الّتي – للأسف – نحن الآن مُبتلون بعدم رعايتها [هو الجلوس على الأرض]، فالجلوس على الكرسيّ والكراسي ليس [أمرًا] جيّدًا في الإسلام وفي الشريعة، ومِنَ التواضع أن يجلس الإنسان على الأرض، كما نحن الآن جالسون على الأرض، هذا مِنَ الآداب الإسلاميّة الّتي أوصانا بها النبيّ الأكرم (صلّى الله عليه وآله وسلم) حيث قال: أنا أجلس على الأرض وأوصي أمّتي بالجلوس على الأرض.٢ والله تعالى يحبّ التواضع، والجلوس على الكرسيّ ليس مِنَ التواضع؛ وكأنّ الإنسان [بذلك] يرى نفسه أعلى وأشرف مِن سائر الأفراد؛ ومِنَ المستحسن أن نبدأ بهذا مِن أنفسنا. يعني كما يقولون أنّ الأفراد يختلفون بلحاظ ثقافاتهم وخصوصيّاتهم وسعتهم، فربّما كانوا متأثّرين بالثقافة الغربيّة وببعض الآثار الّتي هجمت علينا مِنَ الغرب، ولكن [علينا] أن نبدأ بأنفسنا، فنحن مِن أمّة نبيّنا ونحن أبناؤه وعبيده وإماؤه، فلا بدّ أن نلتزم به. وعلى أيّ حال، إنّ المستحسن والمُرجّح أن يكون في كلّ بيت غرفة مهيّأة للجلوس، فإذا جاء الأطفال مثلًا، جلسوا فيها على الأرض .. إلّا إذا كان عند [الإنسان] مرض، فهذا لا بأس عليه، فإذا كان عند الإنسان مرض يجوز له أن يجلس على الكرسيّ، أمّا إذا لم يكن فيه مرض فالأحسن إذن أن يجلس على الأرض ويأكل الطعام على الأرض ويتكلّم مع الأفراد [وهو جالس] على الأرض، فالله تعالى يُحبّ ذلك، والإنسان يجد في نفسه هذه الحالة، أي حالة التواضع أمام الله تعالى.

    1. بحار الأنوار، الشيخ المجلسيّ، ج٩٣، ص٣٥۷. (م)
    2. راجع حول ذلك كتاب (وسائل الشيعة) للشيخ الحرّ العامليّ، طبعة (آل البيت)، ج۱٢، ص ۱۰۷، الباب ۷٥. (م)

من هو السالك الحقيقيّ، مهر الزهراء عليها السلام، و... - محاضرات جبل عامل - أسئلة وأجوبة الأخوات - ج ٤

13
  • حتّى أنّنا نرى أنّه مِنَ الأنسب أن يسجد الإنسان على التراب وليس على القرص۱، ولكن لا يوجد الآن مثلًا مَن يحمل معه في كلّ وقت ترابًا فيضعه أمامه [ليسجد عليه]، يعني أنّه مِنَ الضرورة – أي نحن مضطرّون إلى – حمل الأقراص. ولكن إذا كان الإنسان قادرًا على السجود على التراب فهو أفضل.٢

  • إن مِن مفاخر أمير المؤمنين عليه السلام، ومِنَ الأوصاف الّتي مدح النبيّ بها مولانا أمير المؤمنين (عليه السلام)، هو أنّه (أبو تراب)، (أبو تراب) يعني الجالس على الأرض، ذلك أنّه [عندما] جاء النبيّ إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) وهو نائم على التراب تحت الشجرة، قال له: قم يا أبا تراب، قم، قم يا أبا تراب. فـ (أبو تراب) يعني الجالس على الأرض؛٣ ونحن رفضنا كلّ ذلك، ومع الأسف هجمت علينا هذه الثقافة الغربيّة، هجمت علينا واستوعبت كلّ أحوالنا ونحن غافلون عن ذلك؛ ولكن لا بدّ لشيعة أمير المؤمنين والملتزمين بالدين، وهو دين النبيّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) أن يشرعوا شيئًا فشيئًا وقليلًا قليلًا [في الالتزام بتلك الأمور] حتّى يكونوا أسوة لسائر الأفراد. فهذه المسألة مهمّة؛ يعني أنّ الله تعالى يحبّ العبد ويحبّ منه التواضع، والجلوس على الأرض مِنَ التواضع، ومِنَ المستحسن للمسلم أن يتَّبع سنن النبيّ وسنن الأئمّة عليهم السلام. فقد كان بمقدورهم أن يصنعوا لهم الكراسي وغير ذلك، فلماذا لم يصنعوها؟ لأنّ هذا ليس مِن أدب العبد مع الله تعالى.

  • لزوم إحياء سنن النبيّ؛ منها مهر السنّة

  • حيثيّتا الانفاق والفرق بينه وبين المهر

  • وكذلك الأمر – كما طرحنا هذا المطلب [سابقًا] – بالنسبة إلى إحياء سنن النبيّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) والأئمّة (عليهم السلام)، فهذا أيضًا مِنَ الأمور الّتي لا بدّ أن يقوم بها المسلم. وأنا متأكّد مِن وجود كتاب حول ذلك، ولا بدّ للمسلم أن يقرأه؛ فالنبيّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) قد يقوم بأعمال مختصّة به في ذاك الزمان، ولا يمكننا مثلًا اتّباعه فيها، وهذا [الأمر] موجود، ولكنّنا نجد الكثير مِن أفعاله أسوة لنا؛ مثلًا بالنسبة إلى مهر السنّة، فإنّ النبيّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) قال: أتاني جبرائيل وأمرني أن أجعل مهر ابنتي فاطمة الزهراء (سلام الله عليها) خمسمئة درهم مِن فضّة، وأنا فعلت ذلك لأكون أسوة لأمّتي.٤ فهل نحن مِن أمّة محمّد أم لا؟! أم أنّ أمّة النبيّ هي الّتي كانت في زمن النبيّ؟! ألسنا نحن مِن أمّة محمّد؟! نعم [نحن كذلك]. فهل هذا الكلام يشملنا أم لا؟! طبعًا يشملنا. فلماذا نفرُّ [حينئذ] مِن هذه المسائل؟! لماذا؟!

    1. (القرص) هو تراب مُجمّد على شكل قرص. (م)
    2. راجع حول ذلك كتاب (وسائل الشيعة) للشيخ الحرّ العامليّ، طبعة (آل البيت)، ج٥، ص ٣٦٥ الباب ۱٦، و ص٣٦۷ الباب ۱۷. (م)
    3. راجع حول ذلك كتاب (بحار الأنوار) للشيخ المجلسي، ج ٣٥، ص ٥۰. (م)
    4. راجع حول ذلك كتاب (بحار الأنوار) للشيخ المجلسي، ج ۱۰۰، ص ٣٤۸ وما يليها. (م)

من هو السالك الحقيقيّ، مهر الزهراء عليها السلام، و... - محاضرات جبل عامل - أسئلة وأجوبة الأخوات - ج ٤

14
  • أحد الحضور: لقد كان أمير المؤمنين فقيرًا فأعطاها كل ما يملك.

  • جواب سماحة السيّد: هذا ولو كان أمير المؤمنين عنده كلّ شيء ليعطيه للزهراء سلام الله عليها ..۱

  • مداخلة: كان الدرع غاليًا.

  • جواب سماحة السيّد: لا، هذا الدرع ليس غاليًا، كانت قيمة هذا الدرع ٥۰۰ درهم ..

  • مداخلة: [إلّا أنّه] قد قدّم أثمن ما عنده ..

  • جواب سماحة السيّد: لو كان الأمر بهذا الشكل، لَما قال النبيّ: إنّي فعلتُ ذلك٢ لأكون أسوة ... يعني لو كانت كلّ الأرض مثلًا لأمير المؤمنين، فهل كان سيُعطيها لفاطمة الزهراء عليها السلام؟! أنا لا أظنّ ذلك! فإنّ بعض العلماء الآن الّذين يريدون أن يوجّهوا كلام النبيّ، هم الّذين يقولون بذلك!

  • أحد الحضور: هم بالاتفاق يحدّدون المهر..

  • جواب سماحة السيّد: يعني إذا كان عنده كلّ شيء، آلاف وملايين الدولارات، فهل لا بدّ عليه أن يجعل ذلك مهرًا لزوجته، أهكذا يكون الأمر!! لا هذا غير صحيح.

  • أحد الحضور: إنّما بقدر الاستطاعة! 

  • جواب سماحة السيّد: حسنًا، ولكنّني أقول أنّه مثلًا إذا كان عند شخص ملايين مِنَ الدولارات ويستطيع .. فهل لا بدّ أن يجعل مهر ابنته أو مهر زوجته [تلك الملايين]؟! لا!

  • أحد الحضور: الآية القرآنية تقول {لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ}٣

  • جواب سماحة السيّد: فلينفق .. هذا الإنفاق غير [عنوان] المهر، نعم غير المهر. والإنفاق يكون على كلّ [بحسبه].

  • مداخلة مِنَ الحضور: كلّ إنسان بحسب استطاعته .. فإذا كان رجلًا غنيًّا وجامعًا للأموال فليس مِنَ الأخلاق أن تعيش زوجته بالقليل، فمَن عنده الملايين ويستكثر أن يدفع القليل مِنَ المهر لزوجته، هذا ليس مِنَ الأخلاق الإسلاميّة ..

  • جواب سماحة السيّد: إنّ لمسألة الإنفاق شأن وللمهر شأن آخر؛ الإنفاق هو أن يُشرك المرءُ زوجته في إنفاقه وفي الأكل والشرب ... وغير ذلك، ونحن لا ننكر هذا، ولكنّ المهر غير ذلك؛ المهر هو أنّ الإسلام قد جعل [للمرأة مكانة] ورَفع مقامها، فيقول للزوج: لا بدّ أن لا تعاملها معاملة الأملاك؛ يعني أنّ الزوج [يحتاج] إلى الزوجة بدون المهر [أي بغض النظر عن المهر]، فكما أنّ الزوج يطلب الزوجة كذلك الزوجة تطلب الزوج، مثلًا هل يمكن للزوجة أن تجلس في بيتها وتقول أنا لن أذهب إلى بيت الزوج؟! كلا! يعني كما أنّ الزوج يحتاج للزوجة، فالزوجة كذلك تحتاج للزوج، فلا يوجد فرق بالنسبة لكليهما [مِن هذه الجهة]. ولكن الإسلام رفع مقام الزوجة ومقام المرأة وقال: لا بدّ للمرأة مِن هديّة؛ يعني مثلًا إذا كنتم تحبّون شخصًا وذهبتم إلى منزله، فإنّكم ستهدونه هديّة، والمهر هديّة، فليست المرأة كالبقر والحمير حتّى نتعامل معها بناءً على ذلك .. قيمة هذا الفرس كذا وذلك الفرس كذا وهذا الحمار كذا!! وليس [المهر] كذلك .. فذلك غير إسلاميّ، الإسلام لا يقول ذلك، [بل] مقام المرأة أحسن مِن مقام الحمار والبقر والفرس وغير ذلك. والحال أنّهم يتعاملون مع المهر – هذه هي الأجواء وكذلك هي المسألة [عندهم] وكذلك يصنعون – في الجلسات وكأنّهم يتعاملون مع فرس وحصان لا بدّ مِن بيعه، [فيقولون:] قيمة هذا ألف دولار، وقيمة هذا ألفي دولار .. ما هذه الأمور!! هذا غير إسلاميّ! المهر هبة وهديّة؛ عندما تذهبون إلى بيت أختكم أو بيت أخيكم تذهبون بالورد، فهذا برسم الهديّة، وهذا هو مقام الإنسانيّة، فهل [سيعترض] قائلًا: قد أعطيتموني وردًا، وهذا الورد ليس [مناسبًا]، فلا بدّ أن تعطوني دولاراتٍ وغير ذلك؟! [فإن فعل ذلك] ستحزنون [وتقولون:] كيف تقول ذلك! فأنا أتيت إلى بيتك وأريد أن أتكلّم معك وأن أهديك هذا الورد، وأنت لا تقبله منيّ؟!

    1. الجملة ليست تامّة، ولم يُكملها سماحة السيّد لمقاطعته بالمداخلة التالية، إلّا أنّ تمام الجواب يأتي في الفقرات الآتية. (م)
    2. إشارة إلى جعل مهر الزهراء هو مهر السنّة حتّى يقتدي بذلك المسلمون. (م)
    3. سورة الطلاق (٦٥)، جزء مِنَ الآية (۷). (م)

من هو السالك الحقيقيّ، مهر الزهراء عليها السلام، و... - محاضرات جبل عامل - أسئلة وأجوبة الأخوات - ج ٤

15
  • احتياج الزوج للزوجة مثل احتياج الزوجة للزوج، فكما أنّ الزوج يحتاج إلى المرأة كذلك المرأة تحتاج إلى الزوج، ألا ترون ذلك؟ فهو يحتاج إليها، يعني أنّ الأمر سواء بلحاظ هذه الجهة، ولكن خصّص الإسلام المرأة بهذه الخصوصيّة، وهي أنّه لا بدّ للزوج مِن إهدائها هديّة؛ فالزوج الآن يطلب زوجة ويطلب منها أن تأتي إلى بيته، [فلا بدّ أن] لا يُدخلها هكذا بدون هديّة، بل لا بدّ أن تُهيّئ هديّة، وهذه الهديّة لا بدّ أن تكون هديّة لا تُقاس [بقيمتها الماديّة]، لأنّ قيمة المرأة لا تُقاس، بأن تكون قيمة المرأة آلاف [الدولارات]، فهل أنتم ترضون الآن بأن تكون قيمة ابنتكم ألف دولار؟! وأن تكون قيمة تلك ألف وخمسمئة دولار أو ألف وستمئة دولار أو أعلى مِن ذلك مثلًا؟! هذا ليس أبدًا مِن شأن الإسلام، [بل] هذا مِن شأن الكفر، هذا مِن آداب الجهل، هذا مِن آداب الكفر والجهالة. فالنبيّ يقول: أتاني جبرائيل وقال أنّه لا بدّ مِن تخفيف مهور النساء، فقلتُ لعلِيٍّ بِع هذا الدرع، بِع هذا، فباعه بخمسمئة [درهم]، وقال: إنّي جعلتُ هذا [مهرًا]. هذا، مع أنّ الأفراد – في زمن النبيّ – الّذين كانوا يطلبون فاطمة الزهراء كانوا يدفعون ما يفوق هذا بملايين، لم يكن حينها دولارٌ بل ذهبٌ، والنبيّ رفضها جميعها، وقال: إنّ قيمة ابنتي أعلى مِن ذلك، أعلى مِن أن تجعلوا الكرة الأرضيّة ذهبًا فتقدّموها لها، قيمة فاطمة الزهراء لا يكون [ذلك، فقيمتها] أعلى مِن كلّ شيء، أعلى مِنَ السماوات والأرض، وأعلى مِنَ عوالم المادّة وعوالم المعنى، هذه هي قيمة فاطمة الزهراء، فليست قيمة الزهراء الذهب والفضّة! ما الذهب والفضّة، [فهو] يوم يأتي ويوم يذهب!!

  • [يحاول أحد الحضور المداخلة هنا إلّا أنّ سماحة السيّد يُكمل قائلًا]: عفوًا عفوًا .. هذه قيمة فاطمة الزهراء، ففاطمة الزهراء لا تُقابَل بأيّ شيء، يعني لو كانت السماوات السبع والأرضون السبع مِن ذهب فهي لا تقابل قيمة فاطمة الزهراء. وكذلك كلّ مؤمنة وكلّ امرأة مؤمنة تطلب الله تعالى، لا تساوي قيمتها السماوات والأرض ولو كانتا مِن الذهب. هذه المسألة هي لتأليف القلوب [ولإيجاد] المحبّة والأنس في القلوب، يعني لا بدّ أن يكون في كلّ زواج تآلف .. إنّ الزوج سيرى أنّه قدّم هذا المقدار الثمين مِن الذهب وسيقول في نفسه دائمًا: أنا أعطيتها هذا. وكذلك الزوجة ستقول: هذا الزوج أعطاني هذا المقدار. إنّ ذلك سيوجب مشاكل، ونحن نرى ذلك، نحن نرى كلّ هذا ممّا [يفيده] الحكّام والقضاة في المحاكم، حيث يقرّرون ويقدّمون الإحصاءات حول المشاكل والمسائل الموجودة الآن في المحاكم. فلا بدّ مِن تربية المجتمع [وتصحيح] طريقهم وتصوّراتهم وتربيتهم بالتربية الإسلاميّة والتربية النبويّة. هذه مِن سنن النبيّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم).

من هو السالك الحقيقيّ، مهر الزهراء عليها السلام، و... - محاضرات جبل عامل - أسئلة وأجوبة الأخوات - ج ٤

16
  • ... سأقدّم مثالين مِن سنن النبيّ، وكلّ شخص [أراد] أن يهتدي بالنبيّ، لا بدّ أن يسلك ويخطو بهذه الخُطى ولا بدّ أن يتحرّك وينتهج هذا المنهج، ومَن لا يريد فهو إذًا لا يريد؛ فإنّ الله تعالى لا يكلّف نفسًا [ويجبرها] للقيام بذلك أبدًا، لا، بل يقول الله هذا طريقي وذاك طريقكم ... فلكم أن تسيروا في هذا الطريق أو ذاك الطريق، فمَن كان [يريد] أن يسلك طريق النبيّ فلا بدّ أن يسلك هذا المسلك، ومَن لا يريد أن يسلك فالله تعالى يجعل [المجال] أمامه مفتوحًا لمختلف الطرق. فعلى هذا، مِنَ المؤكّد أنّ [على] كلّ مؤمنٍ ومؤمنةٍ مِنَ الرجال والنساء قراءة ومطالعة سننَ النبيّ وسننَ الأئمّة عليهم السلام، [فنتعلّم] ما [علينا] فعله في هذا المجتمع وفيما بيننا حتّى نتقرّب إليهم، يعني أنّ اتّباع سنن الأئمّة عليهم السلام يوجب التقرّب إليهم، وعدم الاتّباع يوجب التباعد عنهم. على هذا، فإنّ المهمّ بالنسبة إلينا في هذا المجتمع هو القيام بهذا الواجب، أي اتّباع سنن النبيّ وسنن الأئمّة عليهم السلام وتطبيق هذه السنن بالنسبة إلينا.

  • أحد الحضور: ... إذا قصدنا بالمهر الهديّة [وذلك] لإيجاد المحبّة والمودّة والرحمة، [ولكن] بعد المهر توجد النفقة، فهل المطلوب في النفقة الحدّ الأدنى أم أن يُنفق كلّ شخص مِن سعته؟

  • جواب سماحة السيّد: بالنسبة للإنفاق فهي مسألة شرعيّة، وهي مختلفة – كما قلتُ لكم – عن المهر؛ فالإنفاق مسألة والمهر مسألة أخرى. كلٌّ لا بدّ أن يُنفق مِن سعته .. يعني لا بدّ هنا مِن ملاحظة مسألتين في هذا الموضع:

  • الأولى: موقعيّة البنت في أهلها، يعني قد يطلب الرجل امرأة مِن أهلها، والحال أنّ أهلها مِنَ الأثرياء أو أنّ أهلها ذوو شأن وحيثيّة اجتماعيّة وغير ذلك، وقد يطلب الرجل امرأة، وأهلها ليسوا مِنَ الأثرياء؛ فهذه المسألة لا بدّ مِنَ الاهتمام بها، كما هو مضبوط في الفقه والشرع، يعني إن طَلبتَ امرأةً مِنَ الأغنياء والأثرياء، فلا بدّ أن تُهيّئ لها ما يليق بها، وهذا صحيح. فهذه مسألة.

  • [والثانية] أنّه إذا طلب الرجل هذه الفتاة، ولكن بمقتضى الظروف ومصادفات الأيّام انقلب حاله، فلم يعد قادرًا على الإنفاق عليها بما يليق بشأنها وخصوصيّتها، فإنّ الله [في هذه الحالة] لا يكلّفه بأن يجعل عليه كلفة تهيئة ذلك، لا! بل لا بدّ أن يُنفق وفق المقدرة والإمكانيّات والاستعداد، وإن لم يُنفق يكن مسؤولًا. فعلى هذا، لا بدّ مِن ملاحظة هذه المسألة مِن ناحيته.

من هو السالك الحقيقيّ، مهر الزهراء عليها السلام، و... - محاضرات جبل عامل - أسئلة وأجوبة الأخوات - ج ٤

17
  • فالمسألة الأولى هي الإنفاق بحسب خصوصيّات المرأة؛ فإذا كانت المرأة في أهلها مِنَ الأثرياء وذات شأن اجتماعيّ في المجتمع، فلا بدّ مِن ملاحظة هذا في الإنفاق. [والمسألة] الثانية متعلّقة بالزوج؛ فهل يقدر عل الإنفاق أو لا يقدر. وعلى هذا لا يبقى إشكال في هذا الأمر.

  • أحد الحضور: ماذا تعني كلمة {نِحْلَة}۱ الواردة في القرآن الكريم؟

  • جواب سماحة السيّد: النحلة هي المهر.

  • أحد الحضور: هي الهديّة؟

  • سماحة السيّد: نعم الهديّة، النِحْلَة هي الهديّة.

  • أحد الحضور: عفوًا سيّدنا، في مجتمعاتنا عندما نطلب مهر الزهراء لابنتنا، نجد أن الشابّ المتقدّم للزواج يظلم حقّها.

  • جواب سماحة السيّد: حسنًا، ولكن [ينبغي] أن لا تعطوا ابنتكم لأيّ شابّ ترونه في الشارع! لا أبدًا! إلّا أنّ هذا ما نفعله ..

  • مداخلة: يوجد شباب مؤمنون وملتزمون، ولكن بمجرد أن تُعطى له الفتاة بهذه البساطة، يستهين بها، ولو كان مؤمنًا! أمّا عندما تعطى له الفتاة مع شروط تصبح عزيزة في نظره، يوجد مشكلة اجتماعيّة، وهذا ما نلاحظه فعلًا، لا أنّنا [نتوقّعه]!

  • جواب سماحة السيّد: عندي الآن إحصائيّة مِن إيران، والقضاة في إيران هم الّذين أتوا بهذه الإحصائيّة، كلّها تقول أنّه لا توجد خلافات أبدًا وأبدًا بين الزوج والزوجة ليس لها ارتباط بالمهر، بل كلّ ما كان المهر أغلى كلّما كان الاختلاف في هذا المجتمع أكثر، وهذه الإحصائيّات موجودة عندي ... وأنا أقول لكم بكلّ صراحة، أنا تزوّجت بزوجتي على هذا المهر [أي مهر السنّة]، مع أنّ هذا المهر لم يكن يُسمع به عند أهلها أبدًا، ولكنّها قبِلتْ ذلك وقالتْ: أنا أريد أن أستنَّ بسنَّة النبيّ. والآن أنا أقول – وبكلّ صراحة – أنّه وقعتْ بيني وبينها أمورٌ مختلفة، والشيء الّذي حجزني عن أن أُقدِم على فعل شيء هو قبولها لهذه المسألة [أي مهر السنّة]، أي أنّ قبولها لهذا الأمر، وهو أنّها تريد أن تستنّ بسنّة النبيّ، هو الّذي حجزني عن الإقدام على أيّ فعل تجاه المسائل [الّتي وقعت بيننا]. كلّ الاختلافات في المجتمع الآن في [أمور] الزواج مشهودة، ولا بدّ أن نرفع الخلافات بأشياء أخرى لا فقط بغلاء المهور وغير ذلك .. يمكن للزوج أن يغرّر بزوجته ويتّبع بعض الأساليب ... وهو يعرف [كيف يقوم بذلك] ويُحزن زوجته ببعض المسائل الأخرى؛ يعني أنتم ترون أنّه إذا كان المهر غاليًا، فهذا يُقيّد يد الزوج ولا يُطْلِقها [فيمنعه ذلك مِنَ] التعامل مع زوجته بالطرق العنيفة! لا، هناك قوانين وطرق [لمعالجة هذه المسائل]. فهي تقدر إذا رجعت إلى أهلها – وهذا يحصل مع أنّ مهرها كان غاليًا وبملايين الدولارات – وكان هناك قوانين، يمكنها الرجوع إلى ذلك لمطالبة الزوج. لكنّ المسألة الأساسيّة هي أنّ الزوج يرى أن زوجته بنفسها أقدمت على هذا الأمر٢، هذه المسألة أساسيّة وهذه المسألة نفسيّة، ولا بدّ أن يفكّر الإنسان في هذا ... أنا عندي إحصائيّة كما قلتُ لكم، إحصائيّة [تقول] أنّ كثيرًا مِنَ الخلافات نشأت مِن هذه المسألة [أي مسألة] غلاء المهر، وأنا لا أتكلّم [كلامًا] ساذجًا، بل عندي إحصائيّة، فإنّ حكّام وقضاة المحاكم أعطوني هذه الإحصائيّات؛ فحتّى لو كان الشخص غير ملتزم، ولكنّه صاحب وجدان ونفسيّة [طيّبة]، سيقول حينئذ: إن هذه الزوجة بهذا المقدار البسيط [مِنَ المهر] قبِلت [الزواج بي]. فهذا في بعض الموارد، بل في كثيرٍ مِنَ الموارد يوجب [حلّ] المسألة [الخلافيّة بين الزوجين].

    1. سورة النساء (٤) الآية ٤: وَآَتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا. (م)
    2. لعله يشير إلى قبولها أو طلبها لمهر السنّة (أي مهر الزهراء عليها السلام). (م)

من هو السالك الحقيقيّ، مهر الزهراء عليها السلام، و... - محاضرات جبل عامل - أسئلة وأجوبة الأخوات - ج ٤

18
  • على كلّ حال، لا بدّ مِن اتّباع سنن النبيّ، والمسألة الصحيحة هنا أنّه يوجد أحكام في الشرع تمنع الزوج مِنَ الانقلاب على الزوجة. فليس الأمر بهذه البساطة – كما تقولون – بأنّ هذا الزوج إن لم يُحبّ زوجته يتركها بكلّ بساطة لأنّ مهرها قليل، لا! يعني لو كانت الحكومة حكومة إسلاميّة، وكنّا نلتزم بالأحكام الإسلاميّة، فهذه الأحكام الإسلاميّة حتمًا تكلِّف الزوج بالقيام بتكاليفه، فلو كان الزوج بالشكل الّذي يحبّ أن يستفيد استفادة سوءٍ مِن قلّة المهر، فالشرع سيأخذ برقبته ويكلِّفه ويجبره أن يُعطي الزوجة المهر ويُلزمه [بتعويض] الضرر الّذي ألحقه بها.

  • وهذه مِنَ المسائل الّتي لا بدّ أن نفكّر فيها، وهو أنّ الشرع في كلّ حال لا يُجوِّز ولا يسمح بضرر المرأة والمرء في أيّ حال.

  • مداخلة: ما يتوافق مع كلامكم مولانا، أنّه نرى في مجتمعنا في لبنان مَن مهورهنَّ غالية جدًّا – يعني يفوق المئة ألف دولار مثلًا أو غير ذلك – ولكن زوجها يُكرهها ويُعضِلها۱ حتّى تبذل وتتنازل عن مهرها، بل وتبذل له [فوق] المهر حتّى يطلّقها بعد سنوات!

  • سماحة السيّد: نعم يؤذيها حتّى تبذل .. ولكن يوجد قوانين .. نحن في إيران، وأنا لا أتكلّم هكذا، بل بناءً على الإحصائيّات، فالقضاة يقولون أنّ الكثير مِن الخلافات بين الزوج والزوجة ناشئ مِن غلاء المهر. وكلام النبيّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ليس بسيطًا، فهو النبيّ والرسول .. حسنًا، مثلًا هل تُدخلون وتُعطون بناتكم لأيّ شخص يأتي ويطرق الباب؟! [كلّا] بل لا بدّ أن تتأمّلوا، فلماذا تعطونه بهذه البساطة! لا بدّ أن تتأمّلوا وتتفحّصوا عنه لشهر وشهرين، لسنة وسنتين .. على أيّ حال، في بعض المواضع يقلب الله الأحوال، أو أنّ هذا الشخص مثلًا .. ولكن لا بدّ للإنسان أن يفكّر في أحواله، فهذه [البنتُ] ابنته، قد تربَّت عنده، فلا يجوز له أن يعطيها لأيّ شخص، بل لا بدّ مِنَ الفحص [عن أحوال الشابّ] ذلك عن طريق صديقه وأستاذه، والسؤال عنه في السوق وفي تجارته وعند أصدقائه، ثمّ مِن حيث المجموع لمَّا يرى منه التديّن والصدق والأمانة والغيرة يُعطيه ابنته. [أمّا نحن، فإذا] رأينا أنّ لديه سيّارة جميلة أو عنده مثلًا عمل خاصّ [ترانا] نُعطيه ابنتنا فورًا، [فترونه] يطلّقها في الغد ويذهب! هذه المسألة ..

    1. أي يضيّق عليها ويؤذيها ويجعلها في حرج شديد. (م)

من هو السالك الحقيقيّ، مهر الزهراء عليها السلام، و... - محاضرات جبل عامل - أسئلة وأجوبة الأخوات - ج ٤

19
  • أحد الحضور: عفوًا، نحن نتكلّم عن رجال مؤمنين وملتزمين، لكن عندهم استهانة، فعندما يتزوّجون الفتاة ببساطة [أي بمهر قليل]، يمكن أن يُسيء لها ويبخس حقّها ويتساهل بحقوقها!

  • جواب سماحة السيّد: كلّا! أنا رجل، أنا رجل وأنا لا أقبل بذلك .. هذا ليس حلًّا للمسألة، حلّ المسألة لا يكون بالمهر الغالي.

  • أحد الحضور: عفوًا هناك حديث للرسول عليه الصلاة والسلام أنّ (المرأة عزيزة في أهلها ذليلة مع بعلها)۱ ... 

  • أحد الحضور: هذا لا علاقة له [بما نحن فيه].

  • أحد الحضور: مولانا إذا يوجد مجال لجلسة أخرى بعد يومين أو ثلاثة، فالآن أصبح وقتَ المغربِ، وطبعًا للأخوات بعض الأسئلة حول تربية الأولاد، ينتظرون الإجابة عنها، وإذا تحبون أن تناقشوا بعض (...)

  • سماحة السيّد: نعم إن شاء الله. [نعم] يوجد بعض الأسئلة أجيب عنها – إن شاء الله – في الجلسة [القادمة] ... إن شاء الله.

  • أحد الحضور: هل يحقّ للحاكم الشرعيّ أن يطلّق [الزوجة] والحال أن الزوج يرفض أن يطلّقها؟ 

  • جواب سماحة السيّد: إذا رأى الحاكم الشرعيّ أنّ الخلاف لن ينتهِ، وأنّ الحقّ مع الزوجة، فللحاكم الشرعيّ أن يطلّقها، نعم.

  • أحد الحضور: حتّى لو لم يُرد الزوج [ذلك]؟

  • جواب سماحة السيّد: [نعم] حتّى لو [لم يقبل الزوج].٢ و ٣

    1. هذا إشارة إلى حديث النبيّ (صلّى الله عليه وآله): إنّ خير نسائكم الولود الودود العفيفة، العزيزة في أهلها، الذليلة مع بعلها، المتبرّجة مع زوجها، الحصان على غيره الّتي تسمع قوله وتطيع أمره وإذا خلا بها بذلت له ما يريد منها ولم تبذل كتبذل الرجل. راجع الكافي للشيخ الكليني، ج٥، ص٣٢٤. (م)
    2. تجدر الإشارة إلى أنّ المحاورة كثُرت في هذه المحاضرة، وكان التسجيل الصوتيّ غير واضح في كثير مِنَ المواضع، فاجتنبنا الإشارة إلى أكثرها في الهامش – بخلاف المعتاد – وحذفنا مِنَ المتن أعلاه بعض الكلام المتقطّع الّذي لا يفيد معنى تامًّا، وذلك كلّه تسهيلًا للقارئ ورفعًا للإرباك، وصحّحنا العبارة في تلك الموارد مقتصرين على القدر المتيقّن. ومَن أراد الوقوف على ذلك فليراجع الصوتيّة. (م)
    3. تنويه: نلفت عناية القارئ الكريم أنّ هذه المحاضرات أُلقيت بشكل شفاهيّ وباللغة العربيّة، واقتصرت على تفهيم المستمع بأبسط الكلام، فلم يُلتفت كثيرًا إلى ضوابط اللغة، كما اشتملت على كلام عاميّ. ولذا فقد عمدت اللجنة العلميّة بأمر مِن سماحة السيّد (قدّس الله سرّه) إلى إعادة تقويم الكلام وضبطه مِنَ الناحية اللغويّة، ومع ذلك آثرنا المحافظة على عبارة المحاضِر وترتيبها وبساطتها قدر الإمكان. كما تجدر الإشارة إلى أنّ العناوين الواردة هي مِنَ اللجنة.
      أمّا الرموز المستخدمة في المحاضرة فهي كالآتي: رمز الثلاث نقاط للكلام المحذوف، والرمز (...) للكلام غير الواضح وعند انقطاع الصوت، والرمز (م) لكلام المحقّق، والكلام المدرج في هذا [] فهو مِن وضع اللجنة لإتمام الجملة الناقصة بحسب ما يقتضيه السياق.
      ختامًا نلفت النظر إلى أنّ التسجيل الصوتيّ للمحاضرة متوفّر في الموقع لمن يرغب الاستماع والمراجعة.
      (اللجنة العلميّة)