المؤلّفالهیئة العلمیة لموقع مدرسة الوحي
القسم أدبیات وأشعار
هو العليم
هُوَ الحُبُ
أبيات من لاميّة ابن الفارض في ضرورة المجاهدة للقاء الله تعالى
إعداد: الهيئة العلمية في موقع مدرسة الوحي
هُوَ الحُبُّ فَاسْلَمْ بِالحَشَا مَا الهوى سَهْلُ | *** | فَمَا اخْتارَهُ مُضْنىً بِهِ، وَ لَهُ عَقْلُ |
وَعِشْ خالِياً، فَالحُبُّ راحَتُهُ عَنَا | *** | وَ أوَّلُهُ سُقْمٌ، وَ آخِرُهُ قَتْلُ |
وَلَكِنْ لديّ المَوْتُ فِيهِ صَبَابَةً | *** | حَيَاةٌ لِمَنْ أهْوَى، عليّ بِهَا الفَضْلُ |
نَصَحْتُكَ عِلْماً بِالهَوَى وَ الذي أرَى | *** | مُخَالَفَتِي، فَاخْتَرْ لِنَفْسِكَ مَا يَحْلُو |
فَإنْ شِئْتَ أن تَحْيَا سَعِيداً، فَمُتْ بِهِ | *** | شَهِيداً وَ إلَّا فَالغَرَامُ لَهُ أهْلُ |
فَمَنْ لَمْ يَمُتْ في حُبِّهِ لَمْ يَعِشْ بِهِ | *** | وَ دُونَ اجْتِنَاءِ النَّحْلِ مَا جَنَتِ النَّحْلُ |
تَمَسَّكْ بأذْيَالِ الهوى، وَ اخْلَعِ الحَيَا | *** | وَ خَلِّ سَبِيلَ النَّاسِكِينَ، وَ أن جَلُّوا |
وَ قُلْ لِقَتِيلِ الحُبِّ: وَفَّيْتَ حَقَّهُ | *** | وَ لِلْمُدَّعِي: هَيْهَاتَ مَا الكَحِلُ الكَحْلُ ۱ |
تَعَرَّضَ قَوْمٌ لِلْغَرَامِ وَ أعْرَضُوا | *** | بِجانِبِهِمْ عَنْ صِحَّتِي فِيهِ وَ اعْتَلُّوا |
رَضُوا بِالأمَانِي، وَ ابْتُلُوا بِحُظُوظِهِمْ | *** | وَ خَاضُوا بِحَارَ الحَبِّ دَعْوى فَمَا ابْتَلُّوا |
فَهُمْ في السُّرَى لَمْ يَبْرَحُوا مِنْ مَكَانِهِمْ | *** | وَ مَا ظَعَنُوا في السَّيْرِ، عَنْهُ وَ قَدْ كَلُّوا |
وَ عَنْ مَذْهَبي، لَمَّا اسْتَحَبُّوا العَمَى عَلَى الـ | *** | هُدَى حَسَداً مِنْ عِنْدِ أنْفُسِهِمْ ضَلُّوا |
أحِبَّةَ قَلْبِي، وَ المَحَبَّةُ شَافِعِي | *** | لَدَيْكُمْ، إذَا شِئْتُمْ بِهَا اتَّصَلَ الحَبْلُ |
عَسَى عَطْفَةٌ مِنْكُمْ عليّ بِنَظْرَةٍ | *** | فَقَدْ تَعِبَتْ بَيْنِي وَ بَيْنَكُمُ الرُّسْلُ |
أحِبَّايَ أنْتُمْ، أحْسَنَ الدَّهْرُ أمْ أسَا | *** | فَكُونُوا كَمَا شِئْتُمْ، أنَا ذَلِكَ الخِلُ |
إذَا كَانَ حَظِّي الهَجْرُ مِنْكُمْ وَ لَمْ يَكُنْ | *** | بِعَادٌ فَذَاكَ الهَجْرُ عِنْدِي هُوَ الوَصْلُ |
وَ مَا الصَّدُّ إلَّا الوُدُّ مَا لَمْ يَكُنْ قِلىً | *** | وَ أصْعَبُ شَيءٍ غَيْرَ إعْرَاضِكُمْ سَهْلُ |
وَ تَعْذيبُكُمْ عَذْبٌ لديّ وَ جَوْرُكُمْ | *** | عَلَيّ بِمَا يَقْضِي الهوى لَكُمُ عَدْلُ |
وَ صَبْرِيَ صَبْرٌ عَنْكُمُ، وَ عَلَيْكُمُ | *** | ..أرَى أبَداً عِنْدِي مَرَارَتُهُ تَحْلُو |
أخَذْتُمْ فُؤَادِي وَ هْوَ بَعْضِي فَمَا الَّذي | *** | يَضُرُّكُمُ لَوْ كانَ عِنْدَكُمُ الكُلُ |
نَأيْتُمْ فَغَيْرَ الدَّمْعِ لَمْ أرَ وَافِياً | *** | سِوَى زَفْرَةٍ مِنْ حَرِّ نَارِ الجَوَى تَغْلُو |
فَسُهْدِيَ حَيّ في جُفُونِي مُخَلَّدٌ | *** | وَ نَوْمِي بِهَا مَيْتٌ وَ دَمْعِي لَهُ غُسْلُ |
هَوى طَلَّ مَا بَيْنَ الطُّلُولِ دَمِي فَمِنْ | *** | جُفُونِي جَرَى بِالسَّفْحِ مِنْ سَفْحِهِ وَبْلُ |
تَبَالَهَ قَوْمِي، إذْ رَأوْنِي مُتَيَّماً | *** | وَ قَالُوا: بِمَنْ هَذَا الفَتَى مَسَّهُ الخَبْلُ؟ |
وَ مَاذَا عسى عَنِّي يُقَالُ سوى: غَدَا | *** | بِنُعْمٍ لَهُ شُغْلٌ، نَعَمْ لي بِهَا شُغْلُ |
وَ قَالَ نِسَاءُ الحَيّ: عَنَّا بِذِكْرِ مَنْ | *** | جَفَانَا، وَ بَعْدَ العِزِّ لَذَّ لَهُ الذُّلُ |
إذَا أنْعَمَتْ نُعْمٌ عليّ بِنَظْرَةٍ | *** | فَلَا أسْعَدَتْ سُعْدَى وَ لَا أجْمَلَتْ جُمْلُ |
وَ قَدْ صَدِئَتْ عَيْنِي بِرُؤْيَةِ غَيْرِهَا | *** | وَ لَثْمُ جُفُونِي تُرْبَهَا لِلصَّدَا يَجْلُو |
وَ قَدْ عَلِمُوا أنِّي قَتِيلُ لِحَاظِهَا | *** | فَإنَّ لَهَا في كُلِّ جارِحَةٍ نَصْلُ |
حَدِيثِي قَدِيمُ في هَوَاهَا وَ مَا لَهُ | *** | كَمَا عَلِمَتْ بَعْدٌ، وَ لَيْسَ لَهُ قَبْلُ |
وَ مَا لي مِثْلٌ في غَرَامِي بِهَا، كَمَا | *** | غَدَتْ فِتْنَةً في حُسْنِهَا مَا لَهَا مِثْلُ |
حَرَامٌ شِفَا سُقْمِي لَدَيْهَا رَضِيتُ مَا | *** | بِهِ قَسَمَتْ لي في الهوى وَ دَمِي حِلُ |
فَحَالِي وَ أن سَاءَتْ فَقَدْ حَسُنَتْ بِهَا | *** | وَ مَا حَطَّ قَدْرِي في هَوَاهَا بِهِ أعْلُو |
وَ عِنْوَانُ مَا فِيهَا لَقِيتُ وَ مَا بِهِ | *** | شَقِيتُ وَ في قَوْلِي اخْتَصَرْتُ وَ لَمْ أغْلُ |
خَفِيتُ ضَنى حتى لَقَدْ ضَلَّ عَائِدِي | *** | وَ كَيْفَ تَرَي العُوَّادُ مَنْ لَا لَهُ ظِلُ |
وَ مَا عَثَرَتْ عَيْنٌ عَلَى أثَرِي وَ لَمْ | *** | تَدَعْ لي رَسْماً في الهوى الأعْيُنُ النُّجْلُ |
وَلِي هِمَّةٌ تَعْلُو إذَا مَا ذَكَرْتُهَا | *** | وَ رُوحٌ بِذِكْرَاهَا إذَا رَخُصَتْ تَغْلُو |
جَرَى حُبُّهَا مَجْرَى دَمِي في مَفَاصِلِي | *** | فَأصْبَحَ لي عَنْ كُلِّ شُغْلٍ بِهَا شُغْلُ |
فَنَافِسْ بِبَذْلِ النَّفْسِ فِيهَا أخَا الهَوَى | *** | فَإنْ قَبِلَتْهَا مِنْكَ يَا حَبَّذَا البَذْلُ |
فَمَنْ لَمْ يَجُدْ في حُبِّ نُعْمٍ بِنَفْسِهِ | *** | وَ لَوْ جَادَ بِالدُّنْيَا إليه انْتَهَى البُخْلُ |
وَ لَوْ لَا مُرَاعَاةُ الصِّيَانَةِ غَيْرَةً | *** | وَ لَوْ كَثُرُوا أهْلُ الصَّبَابَةِ أوْ قَلُّوا |
لَقُلْتُ لِعُشَّاقِ المَلَاحَةِ أقْبِلُوا | *** | إلَيْهَا عَلَى رَأيِي وَ عَنْ غَيْرِهَا وَلُّوا |
وَ إن ذُكِرَتْ يَوْماً فَخِرُّوا لِذِكْرِهَا | *** | سُجُوداً وَ إن لَاحَتْ، إلى وَجْهِهَا صَلُّوا |
وَ في حُبِّهَا بِعْتُ السَّعَادَةَ بِالشَّقَا | *** | ضَلَالًا وَ عَقْلِي عَنْ هُدَايَ بِهِ عَقْلُ |
وَ قُلْتُ لِرُشْدِي وَ التَّنَسُّكِ و التُّقَى | *** | تَخَلَّوْا، وَ مَا بَيْنِي وَ بَيْنَ الهوى خَلُّوا |
وَ فَرَّغْتُ قَلْبِي عَنْ وُجُودِيَ مُخْلِصاً | *** | لَعَلِّيَ في شُغْلِي بِهَا مَعَهَا أخْلُو |
وَ مِنْ أجْلِهَا أسْعَي لِمَنْ بَيْنَنا سَعَى | *** | وَ أعْدُو، وَ لَا أغْدُو لِمَنْ دَأبُهُ العَذْلُ |
فَأرْتَاحُ لِلْوَاشِينَ بَيْنِي وَ بَيْنَهَا | *** | لِتَعْلَمَ مَا ألْقَى وَ مَا عِنْدَهَا جَهْلُ |
وَ أصْبُو إلى العُذَّالِ حُبَّاً لِذِكْرِهَا | *** | كَأنَّهُمُ مَا بَيْنَنَا في الهوى رُسْلُ |
فَإنْ حَدَّثُوا عَنْهَا فَكُلِّي مَسَامِعٌ | *** | وَ كُلِّيَ إن حَدَّثْتُهُمْ، ألْسُنٌ تَتْلُو |
تَخَالَفَتِ الأقْوالُ فِينَا تَبَايُناً | *** | بِرَجْمِ ظُنُونٍ بَيْنَنَا مَا لَهَا أصْلُ |
فَشَنَّعَ قَوْمٌ بِالوِصَالِ وَ لَمْ تَصِلْ | *** | وَ أرْجَفَ بِالسِّلْوَانِ قَوْمٌ وَ لَمْ أسْلُ |
فَمَا صَدَقَ التَّشْنِيعُ عَنْهَا لِشِقْوَتِي | *** | وَ قَدْ كَذَبَتْ عَنِّي الأرَاجِيفُ وَ النَّقْلُ |
وَ كَيْفَ أرَجِّي وَصْلَ مَنْ لَوْ تَصَوَّرَتْ | *** | حِمَاهَا المُنَى وَهْماً، لَضاقَتْ بِهِ السُّبْلُ |
وَ إن وَعَدَتْ لَمْ يَلْحَقِ الفِعْلُ قَوْلَهَا | *** | وَ إن أوْعَدَتْ فَالقَوْلُ يَسْبِقُهُ الفِعْلُ |
عِدِينِي بِوَصْلٍ وَ امْطُلِي بِنَجَازِهِ | *** | فَعِنْدِي إذَا صَحَّ الهوى حَسُنَ المَطْلُ |
وَ حُرْمَةِ عَهْدٍ بَيْنَنَا عَنْهُ لَمْ أحُلْ | *** | وَ عَقْدٍ بِأيْدٍ بَيْنَنَا مَا لَهُ حَلُ |
لأنْتِ عَلَى غَيْظِ النَّوَى وَ رِضَى الهَوَى | *** | لَدَيّ وَ قَلْبِي سَاعَةً مِنْكِ مَا يَخْلُو |
تُرَى مُقْلَتِي يَوْماً تَرَى مَنْ أحِبُّهُمْ | *** | وَ يُعْتِبُنِي دَهْرِي وَ يَجْتَمِعُ الشَّمْلُ |
وَ مَا بَرِحُوا معنى أرَاهُمْ مَعِي فَإنْ | *** | نَأوْا صُورَةً في الذِّهْنِ قَامَ لَهُمْ شَكْلُ |
فَهُمْ نُصْبُ عَيْنِي ظَاهِراً حَيْثُمَا سَرَوْا | *** | وَ هُمْ في فُؤَادِي بَاطِناً أيْنَمَا حَلُّوا |
لَهُمْ أبَداً مِنِّي حُنُوٌّ وَ إن جَفَوْا | *** | وَلِي أبَداً مَيْلٌ إلَيْهِمْ وَ إن مَلُّوا |