قسم السؤالالأحكام الشرعية
كود المتابعة 6074
تاريخ التسجيل 1441/12/14
آية الله السيد محمد محسن الحسيني الطهراني

ما هي فلسفة حرمة الربا؟


بعد التحيّة والسلام .. أنا طالب جامعيّ في مجال العلوم السياسيّة في جامعة الشهيد بهشتي، وقد طرح في الجامعة عدّة شبهات حول موضوع الربا، فأرجو من حضرتكم أن تتكرمّوا علينا بتعريف شرعيّ للربا جامع مانع وكامل، وهل الربا يشمل الأموال والأعيان، كما يذهب العلامة الطباطبائيّ أم لا؟ كما ألتمس من سماحتكم اعتماد الأدلّة العقليّة وبيان الأسباب والعلل بمعزل عن العلل والأدلّة النقليّة؛ وذلك بما يتناسب مع المحيط الذي نعايشه في الجامعات.
الربا يعني الزيادة، وهو يطلق عرفاً و شرعاً على الزيادة الماليّة، وحصول الربح بغير عوض أو مقابل؛ فالقاعدة في المعاملات ذات الطابع الإلزاميّ، والتي تتضمن التزاماً بين كلّ من الطرفين اتجاه الآخر، هي أن يُبذل المال في مقابل سلعة أو عمل يُنجزه الطرف الآخر؛ فعلى من يقبض المال أن يقدّم عوضاً عنه عملاً معيّناً، سواء أكان هذا العمل منه بالمباشرة، أم بتوسّط آخرين ولكن بحيث يكون هو المتكفّل بذلك العمل في صورتَي نجاحهم فيه أو فشلهم على حدّ سواء، كما لو تعهّد المموّل للشركة بالقيام ببعض الأعمال فيها، أو بضمان الضرر المحتمل عليها، فهذا التعهد هو في نفسه فعل يرفع عن صاحبه الحصانة التي تُعفيه من تحمّل المسؤوليّة. أو كالمضاربة حيث يكون المال من أحد الطرفين والعمل من الآخر، ولكن يكون المموِّل شريكاً في تحمّل الضرر فيما لو مُنيت الشركة بالخسارة. ففي كلّ هذه الصور نجد العميل يحصّل الأرباح إمّا من خلال عمله وإمّا من خلال ما لديه من رأسمال يَشغل ذمّته بالخسارة أيضاً إلى جانب تحصيله الربح بحيث يصير شريكاً للآخر في عمله. وأمّا لو تمت مضاربةٌ على نحو يجعل المموّل بريئاً من أيّة خسارة محتملة، ويُثبت له الحقّ بالمطالبة بالربح فحسب، فإنّها ستكون رباً حينئذ؛ بداهة أن لا عوضَ فيها مقابل الربح.وعلى ضوء ذلك؛ لم يكن حكم الإسلام بتحريم الربا إلا احتراماً للناس فيما يقومون به من الأعمال، وصوناً لأتعابهم من أن تذهب سدىً بغير عوض، أو أن تكون في سبيل رفاهية فئة خاصّة من الناس وترفها، وأن يتحوّل واقع الحياة العمليّة إلى بقاء جماعة من الناس في مواقعها بينما يتّجه آخرون نحو البطالة. وهذا قانون عقلائيّ ومقبول لدى عرف العقلاء.