المؤلّفآية الله السيد محمد محسن الحسيني الطهراني
القسممباني الإسلام
المجموعةوصايا وتعاليم ودستورات
التاريخ 1421/09/23
التوضيح
هو العليم
أهميّة ليلة القدر وأعمالها
محاضرة ليلة ٢٣ من شهر رمضان لعام ۱٤٢۱
محاضرة ألقاها
آية الله الحاجّ السيّد محمّد محسن الحسينيّ الطهرانيّ
قدس الله سره
بسم الله الرّحمٰن الرّحیم
اللَهمّ کُنْ لِوَلیِّك الْحُجَّةِ بْنِ الْحَسَنِ صَلَواتُكَ علَیهِ و عَلی آبائِهِ فی هذه السَّاعَةِ و فی کُلِّ ساعَة وَلیًّا وَ حافِظًا و قائِدًا وَ ناصِرًا وَ دلیلًا و عیْنا حتّی تُسْکِنَهُ أرْضَك طَوْعًا و تُمِتِّعَهُ فیها طویلًا.
اللَهمَّ امْدُدْ لي في عُمُرِي وَ أَوْسِعْ لي في رِزْقي وَ أَصِحَّ لِی جِسْمِي وَ بَلِّغْنِي أَمَلِي وَ إِنْ كُنْتُ مِنَ الْأَشْقِیاءِ فَامْحُنِی مِنَ الْأَشْقِیاءِ وَ اكْتُبْنِي مِنَ السُّعَدَاءِ فَإِنَّكَ قُلْتَ فِی كِتَابِكَ الْمُنْزَلِ عَلَی نَبِیِّكَ الْمُرْسَلِ صَلَوَاتُكَ عَلَیهِ وَ آلِهِ: ﴿يَمْحُو اللَهُ مَا يشَاءُ وَ يُثْبِتُ وَ عِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ﴾.۱
أعُوذُ بِالله مِنَ الشّیطان الرّجیم
بسم الله الرّحمٰن الرّحیم
الْحَمْدُ للهِ حَمْدًا أَبَدیًّا بِأَزَلیَّته، هو أَزَلیًّا بأَبَدِیَّتِهِ، سَرْمَدًا فی إطلاقِهِ، مُتَجَلیًّا مَرایا آیاتِهِ، ثُمَّ الصَّلاةُ و السَّلام علی البَشیرِ النَّذیر و السِّراجٍ المُنیر، أبِ الأَکْوانِ بِفاعلیّته و أمِّ الإِمْکانِ بِقابِلیَّته، الرَّسولِ النَّبيّ الأميّ التَهاميّ القُرَشيّ، صاحبِ لِواءِ الحَمدِ و المَقامِ المَحمود أَبي القاسم محمّدٍّ الحَمیدِ المَحمود و علی آله الطیِّبینَ الطّاهرینَ المَعصومین المُکَرَّمین و اللَّعنَةُ علی أعدائِهِمْ أجمَعین إلی یَوم الدّین.
قال الله تعالی فی کتابه:
﴿بِسۡمِ ٱللَهِ ٱلرَّحۡمَٰنِ ٱلرَّحِيمِ ، حم ، تلك آيات ٱلۡكتَٰبِ ٱلۡمُبِينِ ، إِنَّآ أَنزَلۡنَٰهُ فِي لَيۡلَةٖ مُّبَٰرَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنذِرِينَ ، فِيهَا يُفۡرَقُ كُلُّ أَمۡرٍ حَكِيمٍ ، أَمۡرٗا مِّنۡ عِندِنَآ إِنَّا كُنَّا مُرۡسِلِينَ﴾٢
لتعجيل ظهور إمام الزمان عليه السلام باطنًا وظاهرًا صلّوا على محمّد وآل محمّد.
اللهمّ صلّ على محمّد وآل محمّد
تفسير قوله تعالى: فيها يفرق كلّ أمر حكيم
بيّنت هذه الآيات الشريفة كيفيّة نزول أمر الله من مراتب الأسماء والصفات وعالم المشيئة والإرادة الأزليّة إلى عوالم الوجود والتعيّنات الإمكانيّة.
﴿تلك آيات ٱلۡكتَٰبِ ٱلۡمُبِينِ﴾
تلك الآيات، آيات القرآن هي آيات كتاب مبيّن وموضّح، مبيّن للواقع، مبيّن لمصالح الإنسان، مبيّن لحقائق عالم الوجود. وقد أنزلنا هذا الكتاب في ليلة مباركة. في هذه الليلة تنزل كلّ الأمور مفصّلة ومفرّقة محكمة وثابتة إلى عالم الوجود. هذه الأمور هي من عندنا ومن جانبنا ثمّ تتوسّع وتتفرّع في عالم الوجود وتتفصّل وتخرج من مقام الإجمال إلى منصّة الظهور والبروز.
كيفيّة تحقّق الموجودات بتنزّل الأسماء الإلهيّة
إنّ كلّ ما يتحقّق في عالم الوجود والخارج فهو واجد لمظهر اسم أو صفة من أسماء الله وصفاته. لأنّ الله تعالى يظهر بواسطة الأسماء الكليّة والصفات الكليّة في عالم الأعيان وفي عالم الماهيّات.
إن كنّا نرى في هذا العالم علمًا في فنون مختلفة، فإنّ هذا العلم أو هذه العلوم هي نزول لاسم العلم الكليّ، وإن كنّا نرى في العالم قدرة بجميع أنواعها وأنحائها فهي نزول لاسم القدير الكلّي والذي يظهر في صور مختلفة في الموجودات المختلفة. وإن كنّا نرى في هذا العالم وسائر عوالم الوجود حياة واستمرار بقاء فبواسطة نزول اسم الحيّ الكليّ، والذي تتحقّق ترشّحاته في صورة حياة الموجودات في هذا العالم. وجميع هذه الحوادث التي وجدت وتوجد من ناحية المبدأ العلّي والمبدأ الأعلى في هذا العالم هي كلّها لها وجود خارجيّ وحقيقة خارجيّة في علم الله على هيئة علم حضوريّ.
فقبل أن نضع أرجلنا في ساحة الوجود وعالم الشهادة وعالم الملك والذي هو عالم المادّة هذا، كان لنا وجود عينيّ خارجيّ في علم الله. ولا ينبغي أن نتصوّر أنّ حقيقة الوجود العلميّ لله والوجود العيني هي كالوجود العلميّ الذي لدينا في نفوسنا عن الأشياء، فهذا النحو من الوجود والتصوّر هو الصور العلميّة للأشياء والتي تحكي عن الصور الخارجيّة. أمّا الوجود الخارجيّ للأشياء فليس موجودًا بعينه في نفوسنا، فللأشياء وجود مستقلّ، وهناك صورة عن تلك الحقيقة الخارجيّة تنتقش في أذهاننا نحن. ولكن ليس الأمر هكذا عند الله، بل هو مختلف.
تحقّق الوجود الأصليّ للعالم قبل وجوده الماديّ
إنّ حقائق عالم الوجود بتمام مراتبه لها قبل تعيّنها وتحقّقها الخارجيّ حيثيّة تعلّق وربط ولها وجود أصليّ من حيث هي علّة، وما نشاهده في عالم الأعيان وعالم الخارج هو وجود ظلّي ووجود تبعيّ. وبعبارة أخرى فإنّ حقيقة الأشياء وحقيقة وجودنا وحقيقة تلك الأعمال التي نقوم بها حتّى الكلام الذي نتكلّمه وحتّى طرفة العين التي تصدر منّا، وتلك الخواطر التي تحدث في تصوّرنا وفي نفوسنا كلّ يوم، كلّ ذلك له وجود علّي في علم الله. أي إنّ وجوده هو أقوى حتّى من هذا الوجود الذي نشاهده الآن.
فكما نشعر الآن بوجودنا ولا يمكن لأحد أن ينكره، وكما نشاهد في الواقع أعمالنا ولا مجال للشكّ فيها أبدًا، هكذا أعمالنا وسلوكنا في علم الله، بل هي أقوى من هذا النحو الذي نشاهده الآن، وليست مجرّد صور، وليست مجرّد خطوط، وليست مجرّد تصوّرات، بل عين الحادثة الخارجيّة وعين الأعمال الخارجيّة موجودة في علم الله. غاية الأمر أنّه حيث لا سبيل في ذلك العالم للزمان والمكان، وحيث إنّ الجهات الربوبيّة والمراتب الربوبيّة ما فوق الزمان والمكان، فإنّ البعد الزماني والمكاني للأشياء التي لا بدّ أن تتحقّق في الزمان والمكان يحتاج إلى تدريج واستمرار لنزول ذلك الفيض.
فلو فرضنا مثلاً أنّ إنسانًا ما يفترض أن يولد بعد عشر سنوات وبضعة أشهر وبضعة أيّام وبضعة ساعات فإنّه الآن موجود واقعًا، والآن لذلك الإنسان صورة خارجيّة، لا صورة ماديّة بل صورة خارجيّة عينيّة حقيقيّة، فحقيقته موجودة الآن، غاية الأمر أنّه لم يبلغ بعد إلى مرتبة البروز والظهور.
مثال جميل للوجود الخارجيّ للأشياء
تمامًا مثل الكلام الذي يسجّل على شريط، فالآن في هذا الشريط الذي يحتوي مدّة ساعة من الكلام قد سجّل كلام ساعة، وقد خزّن فيه ساعة واحدة من الكلام، ولكن لكي نتمكّن من استماع هذا الشريط ونطّلع على الكلام الذي قيل فيه لا بدّ أن نجعله في جهاز فيبدأ هذا الجهاز بالدوران، فتأتي الكلمة الأولى وبعدها الثانية وبعدها الثالثة وهكذا لا بدّ أن يدور هذا الشريط بالتدريج لكي يصل ذلك الكلام إلى أسماعنا. لا يمكن أن تجعلوا هذا الشريط في الجهاز وفجأة تنتقل تلك المعلومات إلى آذانكم دفعة واحدة، لماذا؟ لأنّ ذلك الشريط من جهة يحتاج إلى زمان، كما أنّ آذاننا من جهة أخرى تحتاج إلى زمان لاستماع الكلام الذي فيه.
ولكن لو وجدت آلة تنقل جميع الكلام الموجود فيه بلحظة واحدة، فإنّها ستخرج عن تلك القاعدة. وهذه الآلة هي فوق الزمان. وطبعًا ذكرت هذا كمثال، فلو وجد جهاز ينقل دفعة واحدة كلام ساعة إلى جهاز آخر، ينقلها بلحظة واحدة إلى شريط آخر فإنّه خارج عن هذه القاعدة.
فلو استطعنا برؤية أخرى وبإشراف آخر أن نطّلع على الكلام الذي في هذا الشريط فإنّنا سنكون خارجين عن قوانين المادّة والصورة والزمان والمكان.
وكلّ ما في هذا العالم خاضع لهذه القاعدة، أي إنّ أعيان الأشياء وحقائقها موجودة في العلم الربوبي، وتحتاج إلى زمان لوجودها الخارجيّ.
إشراف الأولياء على الماضي والحاضر والمستقبل
أمّا الذين يطّلعون على عوالم الملكوت بعين أخرى وإدراك آخر ويشرفون بقلوبهم وأسرارهم عليها فلا معنى للزمان والمكان عندهم. فهؤلاء يرون الوقائع التي نراها نحن الآن، هؤلاء يشاهدون الحوادث كما نراها نحن الآن، هؤلاء لهم إشراف على الماضي والحاضر والمستقبل كما نشرف نحن الآن على أوضاعنا الراهنة. لماذا؟ لأنّ هذه النظرة تختلف عن تلك، هذه النظرة لم تعد زمانيّة ومكانيّة، ولم تعد تستفيد من العين والأذن والحواسّ.
أنتم عندما تكونون نائمين ألا ترون أنفسكم في المنام؟ هل ترونها بهذه العين التي تنظرون بها إلى بعضكم ليلاً؟! كلا. هل تسمعون في النوم بهذه الأذن تلك الأمور الحقّة والصادقة والواقعيّة والتي ربّما وقعت لكلّ منّا؟ إنّ هذه الأذن لا تعمل، قدرتها ضعيفة جدًّا. هل الكلام الذي تتكلّمونه في عالم الرؤيا هو بهذا اللسان؟ هذا اللسان مغلق، فكيف نقول في الصباح لقد قلنا كذا ليلة أمس وكذا؟! لماذا لا نقول: إنّ صورتي قالت هذا، ولم أكن أنا؟! لماذا؟ لأنّ حقيقتنا ووجودنا لا يسعه قالب المادّة. تلك الأنا التي نخبر عنها أرفع من نزوله وتجسّده في المادّة وعالم المثال. فلذلك نقول: رأيتك أمس في عالم الرؤيا، فلا يقول ذلك الرجل: لقد كنت نائمًا في بيتي. نقول رأيتك ولا نقول رأيت صورتك في الرؤيا. فهل عالم الرؤيا والصور المثاليّة والبرزخيّة تنطبع كما تنطبع الصورة الماديّة على الصفحة الورقيّة؟! كلاّ!
فالصورة الماديّة هي على صفحة الورق، أمّا الصورة التي نراها في النوم فهي حقيقة ذلك الشيء الخارجيّ. وتلك الحقيقة لها صورتان: إحداهما صورة مثاليّة تتمثّل في عالم الرؤيا بلباس المثال. وهناك صورة ماديّة تتمثّل في عالم المادّة بصورة المادّة، ويمكن أن تظهر لذلك الشخص وتلك الروح وذلك الإنسان بصور مختلفة حتّى في عالم المثال أو في عالم المادّة، وتجعل المادّة تحت قانونها وسيطرتها وولايتها.
حضور جابر بن يزيد الجعفي في زمان واحد في أكثر من مكان
جابر بن يزيد الجعفي من الأصحاب الخواصّ وصاحب سرّ الإمام الباقر والإمام السجّاد والإمام الصادق عليهم السلام. وذات يوم كان جالسًا في محضر الإمام الباقر، فتكلّم أصحابه في حضوره عليه السلام عن مكارم الأخلاق والكلام الجذّاب والنصائح التي تكلّم بها جابر الليلة الفائتة. فقالت جماعة أخرى إنّ جابرًا الليلة الفائتة كان في منزلنا. وقالت جماعة أخرى إنّا كنّا إلى جانب جابر في الوقت نفسه وكان يحدّثنا. فعرف أنّه كان له في آن واحد حضور خارجيّ وكان يتكلّم مع الجميع. فنظر إليه الإمام الباقر عليه السلام ونهاه عن الاستمرار في ذلك. فما السرّ في هذا الأمر؟
يمكن للروح أن تجسّد وجودها المتنزّل في المادّة الخارجيّة، فكما أنّ الروح لا تنحصر في قالب وهي متحقّقة فيما فوق القالب والصور المثاليّة، كذلك لها بعد ملكوتيّ هو فوق الصورة. بل بعبارة أدقّ هي فوق المعنى والآية الشريفة التي تقول: ﴿ونَفَخۡتُ فِيهِ مِن رُّوحِي﴾ تحكي عن نقطة لطيفة وهي أنّ روح الإنسان قد ظهرت وبرزت من حقيقة وجود الله التي هي فوق الصورة والمادّة وفوق المعنى، بل إنّ ذلك الوجود البسيط يستوعب في ذاته جميع الصور والموادّ والتجليّات المختلفة الوجوديّة. وعليه فإنّ حقيقة الإنسان وكذلك سائر الحقائق لها سبق بالرتبة على المادّة والمدّة، لها سبق طبعيّ.
فما نشاهده نحن في عالم الخارج كان له وجود في العلم الربوبيّ.
تأثير صلاة الوحشة على المؤمن حتّى في الأيّام المتأخّرة عن الدفن
من باب المثال، جاء في الروايات أنّ صلاة ليلة الدفن تسبّب سهولة أمر المؤمن في السؤال والجواب الذي عليه أن يجيب به منكرًا ونكيرًا. فلو فرضنا أنّ إنسانًا مات ودفن فلماذا لدينا أنّه إذا اطّلع الإنسان بعد ليلتين أو ثلاث ليال بل حتّى بعد أسبوع فصلّى صلاة ليلة الدفن فإنّها ستكون مفيدة له؟ لماذا تفيد رغم أنّ هذه الصلاة لم تتحقّق صورتها الخارجيّة في ليلة الدفن؟
السرّ في ذلك أنّه ليس في عالم المعنى وعالم المثال زمان، وهذه الصلاة التي يصلّيها هذا المؤمن بعد أسبوع أو بعد شهر أو بعد سنة من الوفاة وجودها الخارجيّ سيكون متحقّقًا ومتعيّنًا في عالم الملكوت وفي عالم البرزخ والمثال. فما الفرق بين أن يصلّي الإنسان لهذا الميّت ليلة الدفن أو إذا ما اطّلع بعد سنة؟! لا يختلف الأمر مقدار ذرّة بالنسبة إلى تلك الراحة والسهولة التي تحصل لهذا المتوفّى.
ذلك العالم ليس عالم الزمان، وصور الملائكة والسؤال والجواب من منكر ونكير ليست في الزمان والزمانيّات. لذلك فإنّ المتوفّى إذا لم يدفن في الليلة الأولى بعد وفاته فإنّه سيحاسب من قبل منكر ونكير، لأنّ المسألة في الليلة الأولى هي مضيّ ليلة برزخيّة لا مضيّ ليلة زمانيّة خارجيّة. وفي الليلة البرزخيّة لا وجود للقمر والشمس والنجوم والأرض والكواكب.
حضور الأعاظم عند مزار الشيخ محمّد البهاري وأسراره
ومن هنا ندرك الكلام الذي ذكره المرحوم العلاّمة رضوان الله عليه في الروح المجرّد من أنّه عندما زار السيّد الحدّد قبر الشيخ محمّد البهاري كانت الجملة التي قالها للمرحوم العلاّمة هكذا: لقد سمعنا بأنّ المرحوم الأنصاريّ كان يتردّد كثيرًا على هذه المقبرة و يأتي ليزور قبر المرحوم الحاجّ الشيخ محمّد البهاريّ، و كم كان يأتي ماشيًا من همدان التي تبعد عن بهار بمسافة فرسخَين، و ذلك للحصول على الأمور الروحيّة و المعنويّة و للاستعانة بروحه. و قد اتّضح الآن أنّ المرحوم البهاريّ لم يكن ليمتلك تلك الدرجة التي تستأهل أن يستمدّ المرحوم الأنصاريّ العون منه و يستعين بروحه و يبحث عن ضالّته فيه؛ لقد كان المرحوم الأنصاريّ يبحث عني، و كان يأتي إلى هذا المكان و يطوي كلّ هذا الطريق لاستنشاق هذه الرائحة في هذه الساعة.۱
لماذا؟ لأنّ هذا الوجود الذي كان في الخارج قد حصل على صورة خارجيّة، وحقيقته العلميّة وحقيقته العليّة التي لها حيثيّة العلّة بالنسبة إلى الزمانيّات وبالنسبة إلى هذه الصورة الخارجيّة كان لها وجود فيما سبق، ولأنّ استفادة النفس من أنوار هذه البقعة المباركة استفادة برزخيّة ومثاليّة وملكوتيّة ولا علاقة لها بالزمان والزمانيّات في عالم الخارج، لذلك فإنّ ذلك الرجل العظيم كان يتردّد على هذا المكان للاستفادة من هذه الأنوار وكان يتصوّر أنّ هذه البركات وهذه الأنوار من صاحب هذا القبر الشيخ محمّد البهاري رضوان الله عليه، وطبعًا فإنّ البركات قد تضاعفت بمجيء السيّد الحدّاد، ولا يعني كلامه أنّ قبره لم يكن سببًا للبركات، فقد كان رجلاً جليلاً جدًّا ومن أولياء الله، وآثار الجلال والعظمة والبهاء والروحانيّة والنورانيّة مشهودة بوضوح من قبره، ولكن تلك الجوانب الزائدة على ذلك كانت بواسطة قدوم وليّ آخر ربّما هو أقوى منه من حيث السعة والوجوديّة ومن حيث السعة في الجذب للأنوار الربوبيّة وإظهارها وإبرازها.
هذه هي حقيقة الوجود الخارجيّ للأشياء وكيفيّة ثبوتها قبل خلق الأشياء. يقول في الآية الشريفة: نحن أنزلنا هذا القرآن في ليلة مباركة، فأيّة ليلة هي تلك الليلة؟ إنّها هذه الليلة ﴿فِي لَيۡلَةٖ مُّبَٰرَكَةٍ﴾ فقد أنزلنا القرآن دفعة على قلب النبيّ في ليلة مباركة. لا أنّا خلقنا القرآن في تلك الليلة ولم يكن له وجود قبلها!
قراءة أمير المؤمنين لسورة المؤمنون وهو في المهد
لقد كان لهذا القرآن وجود في العلم الربوبيّ، ولو أنّ هذا القرآن لم يكن موجودًا فكيف بدأ أمير المؤمنين عليه السلام ـ حين ولادته وهو في المهد عندما أعطي للنبيّ ـ بقراءة القرآن وسورة المؤمنون ﴿بِسۡمِ ٱللَهِ ٱلرَّحۡمَٰنِ ٱلرَّحِيمِ ، قَدۡ أَفۡلَحَ ٱلۡمُؤۡمِنُونَ ، ٱلَّذِينَ هُمۡ فِي صَلَاتِهِمۡ خَٰشِعُونَ ، وَٱلَّذِينَ هُمۡ عَنِ ٱللَّغۡوِ مُعۡرِضُونَ﴾۱ إلى آخر ما قرأ، فقد قرأ مقدارًا منها.
فلو كان القرآن في ليلة القدر هذه قد خلق فمن أين قرأ أمير المؤمنين؟! لو أنّ هذا القرآن قد خلق الساعة فكيف كان النبيّ مطّلعًا على سوره؟! ومن أين؟!
قراءة إمام الزمان عليه السلام بعد ولادته لآية حول الظهور
لو كان هذا القرآن قد وجد حينما نزل على قلب النبيّ فكيف قرأه إمام الزمان عليه السلام ـ والذي ترتبط به هذه الليلة ـ عندما ولد من بطن أمّه السيّدة نرجس خاتون وسجد وقرأ هذه الآية التي هي حول الظهور: ﴿وَ نُريدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَ نَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَ نَجْعَلَهُمُ الْوارِثين﴾٢ فمن أين قرأها؟! فالطفل الذي يولد للتوّ لا يعرف بعد القراءة، إنّه لا اطّلاع له بعد على ما حوله، إنّه لم يكتسب المعلومات، هذه الآية التي يقرؤها إمام الزمان عليه السلام من أيّ مرتبة يتلقّاها؟! من أيّ مرحلة وبالاتّصال بأيّ مرتبة يطّلع على هذه الآية؟!
أليس هذا سوى لأنّ هذه الصورة الخارجيّة لهذا القرآن لها صورة خارجيّة في العلم العنائي للحقّ؟! فهناك جميع الأشياء لها صورة. ثمّ بعضهم لهم اطّلاع ويلتفتون، وبعضهم مثلنا لا يطّلعون، ويحتاج تحقّقها الخارجيّ إلى مرور الزمان وتبدّل المكان.
النزول التدريجيّ والنزول الدفعيّ للقرآن على نفس النبيّ
على كلّ حال، رغم أنّ تحقّق هذا القرآن في قلب النبيّ كان بالتدريج، فقد كان له وجود آخر دفعيّ. وذلك الوجود الدفعيّ هو وجود خارج الزمان والمكان. ذلك الوجود التدريجيّ له حكم ذلك الشريط الذي يبدأ أوّله الذي هو سورة العلق ﴿بِسۡمِ ٱللَهِ ٱلرَّحۡمَٰنِ ٱلرَّحِيمِ ، ٱقۡرَأۡ بِٱسۡمِ رَبِّكَ ٱلَّذِي خَلَقَ ، خَلَقَ ٱلۡإِنسَٰنَ مِنۡ عَلَقٍ﴾۱ في غار حراء، وينتهي في المدينة في الأيّام الأخيرة لحياة النبيّ الأكرم. هذا الوجود وجود تدريجيّ. ولكن له وجود آخر ينتقل فيه هذا الشريط كلّه دفعة واحدة وفي لحظة واحدة إلى نفس النبيّ فيطّلع النبيّ على جميع هذه الآيات. وتلك الليلة وتلك اللحظة هي هذه اللية الثالثة والعشرون. ففي هذه الليلة نزل القرآن دفعة واحدة على وجود النبيّ الأكرم.
ما هي خصوصيّات ليلة القدر؟
﴿فِيهَا يُفۡرَقُ كُلُّ أَمۡرٍ حَكِيمٍ﴾ ما خصوصيّات هذه الليلة وما هي خواصّها؟
جميع الأمور الثابتة سواء في العلم الربوبيّ أو في لوح التقدير أو في مقام القضاء والقدر تقدّر وتحدّد مقاديرها في هذه الليلة لأجل الوجود الخارجيّ. ﴿يُفۡرَقُ كُلُّ أَمۡرٍ حَكِيمٍ﴾ أيّ كلّ أمر من الحوادث الخارجيّة ومن الأعمال الخارجيّة، حكيم لا شكّ فيه، ثابت، لا يقبل الزوال، محكم، يفرّق في هذه الليلة ويجعل مفصّلاً كلّ منه على حدة ومستقلاًّ. العلوم التي ستحصل لنا ابتداء من الليلة وحتّى سنة، فأيّ مقدار من العلم سيكون من نصيبنا في هذه السنة القادمة؟ وأيّ مقدار من القدرة سيكون في وجودنا في هذه السنة القادمة؟ وأيّ مقدار من المرض سيصيبنا في هذه السنة القادمة؟ وهل سيكون الموت من نصيبنا في هذه السنة أم أنّ الحياة ستستمرّ؟! والقضايا والأمور التي ستكون لنا خلال هذه السنة كلّها تأتي في هذه الليلة. أي في ليلة القدر، وإنّما تسمّى ليلة القدر لأجل هذا، ليلة المقايسة والحساب والميزان والتوزين والتقسيم للرزق، فإذن هذه الليلة ليست سهلة وعلينا أن لا نتساهل بها.
ما المقصود من رزق سنة؟
ما هو رزقنا من الله الليلة؟ ليس المراد من الرزق الخبز والماء، المراد من الرزق ذلك النصيب الذي يقدّر لنا من هذا الوجود، فهذا هو المراد، وهذا ما يحصل في هذه الليلة.
فطبقًا لرواية الإمام الصادق عليه السلام التي في تفسير سورة القدر ﴿بِسۡمِ ٱللَهِ ٱلرَّحۡمَٰنِ ٱلرَّحِيمِ ، إِنَّآ أَنزَلۡنَٰهُ فِي لَيۡلَةِ ٱلۡقَدۡرِ ، لَيۡلَةُ ٱلۡقَدۡرِ خَيۡرٞ مِّنۡ أَلۡفِ شَهۡرٖ ، تَنَزَّلُ ٱلۡمَلَـٰٓئِكَةُ وَٱلرُّوحُ فِيهَا بِإِذۡنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمۡرٖ ، سَلَٰمٌ هِيَ حَتَّىٰ مَطۡلَعِ ٱلۡفَجۡرِ﴾
نحن أنزلنا هذا القرآن في ليلة القدر، وهذه الليلة لها فضيلة على ألف شهر ليس فيها ليلة القدر، ﴿تَنَزَّلُ ٱلۡمَلَـٰٓئِكَةُ وَٱلرُّوحُ فِيهَا بِإِذۡنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمۡرٖ﴾ الروح والملائكة تتنزّل من كلّ جهة، فملائكة العلم تأتي الليلة إلى هذا العالم ويعرضون علم هذه السنة على ذلك الوجود والذي سنتحدّث عنه. وملائكة القدرة تأتي الليلة ويأتون بكلّ ما يحتاجه عالم الوجود لاستمرار الحياة من الأجرام والكواكب السيّارة والمجرّات والناس والجماد والحيوان، وملائكة الحياة الليلة يأتون بها، وملائكة الرزق الليلة يأتون به.
﴿سَلَٰمٌ هِيَ حَتَّىٰ مَطۡلَعِ ٱلۡفَجۡرِ﴾ سلام الله ورحمته تتنزّل في هذه الليلة هكذا حتّى وقت طلوع الفجر، يقول الإمام الصادق إنّ جميع التقديرات إلى السنة القادمة تتحدّد في هذه الليلة.۱ ماذا سيحدث؟ وماذا سنفعل غدًا؟ يتعيّن من الليلة ما سيواجهنا غدًا.
ماذا نفعل في ليلة القدر؟
لذلك يقول الإمام في جوابه لمن يسأله ماذا نفعل يا ابن رسول الله في هذه الليلة؟ يقول: بعد أن أوضحت لك خصوصيّات هذه الليلة فأنت بنفسك عليك أن تعلم بأنّه كلّما عبدت الله أكثر في هذه الليلة وكلّما كان لديك توسّل أكثر، وكلّما كان بينك وبين ذلك المبدأ صفاء وخلوص، وكلّما كان ذلك القلب صافيًا فإنّ الملائكة ستكون أكثر صفاء واستقامة في تنزيلها للتقديرات. فهل التفتّم ماذا أريد أن أقول؟! كلّما كان هذا القلب أكثر صفاء فإنّه سيكون أكثر نصيبًا من ذلك الرزق الذي ينزل هذه الليلة كزاد إلى السنة القادمة.
النهي عن النوم والغفلة في ليلة القدر
لقد نهينا بشدّة عن النوم في هذه الليلة حتّى طلوع الشمس، نهينا بشدّة في هذه الليلة عن الغفلة؛ لأنّه في تلك اللحظة التي نغفل فيها ربّما يواجه واحد من الملائكة الآتين بشأن من الشؤون الوجوديّة قلبًا غافلاً لا قلبًا مستيقظًا. فإذا غفلنا لحظة واحدة فإنّ كيفيّة النزول ستصاب بالضعف، وستصاب بالتشويش. لذلك يقول الإمام إنّه كم من المناسب أن نبقى في هذه الليلة مستيقظين. يسألونه يا ابن رسول الله هل ليلة الواحد والعشرين هي ليلة القدر أم ليلة الثالث والعشرين؟ فيقول: ما أقلّ ليلتين فيما تطلب؟
يقول جاء خبر أنّهم في أحد الأماكن رأوا الهلال ونحن لا ندري هل الليلة هي ليلة القدر أم لا؟ فيقول الإمام ما المشكلة في أن تحيي أربع ليال؟! ألا يستحقّ الأمر المهمّ الذي تسعى إليه في هذه الليلة أن تحيي أربع ليال؟! هل إحياء أربع ليال صعب؟! هل فيه مشكلة؟ لماذا كلّ ذلك؟ لأجل هذا الأمر الذي يقول عنه الإمام بعد ذلك: إنّ ذلك الحكم الجازم الذي نزل من قبل الله يقدّر في هذه الليلة لبني آدم، والملائكة الموكّلون بذلك العلم يأتون به ويريدون أن يمزجوه بالوجود المثالي والمكلوتيّ لذلك الإنسان الذي يسعى في هذا الظرف.۱ وبعبارة أخرى يجعلون مصيره في هذه الليلة بيده ليعرفوا أيّ مقدار من العلم يريدون أن يجعلوا له. فينظرون إليه ليروا كيف حاله الليلة؟! في أيّ وضع هو الليلة فإن كان في حال جيّدة يزيدون من نصيبه، وإلا قلّلوا منه.
تقدير سلسلة العلل في ليلة القدر
في هذه الليلة تقدّر سلسلة العلل والمعاليل في العالم وسلسلة الأسباب والمسبّبات، فلكي تتحقّق الحوادث والأمور في السنة القادمة تحتاج إلى علل ومعاليل، تحتاج إلى أسباب ومسبّبات، وجميع المسائل التي ستحدث لنا في المستقبل خاضعة لسلسلة العلل، وكيفيّة ترتيب هذه السلسلة هي التي توصلنا إلى نقطة جيّدة، وتبعدنا عن النقطة المنحرفة، وهذا الترتيب يحصل في هذه الليلة، وأنّه كيف تحدث الحوادث هذه السنة وتتّجه بنا من هذه الناحية إلى تلك، فتمنعنا أن تزلّ أقدامنا في هذا الموضع، وتمنعنا أن تتوجّه أذهاننا إلى هذا الخطأ، وتمنعنا أن نرتكب هذا الحرام، وتمنعنا أن نقع في هذا الخطأ، سلسلة العليّة هذه هي التي توجّهنا وتفتح طريقنا، وسلسلة العلل هذه تُقَدَّر في هذه الليلة، والتخطيط يتحقّق في هذه الليلة، فهذه الليلة هي ليلة التخطيط. نعم هي الليلة.
فما دام الأمر كذلك فما يهمّنا إذن هو أن نلتفت إلى كيفيّة قضائنا لهذه الليلة فهي ليلة بالغة الأهميّة.
عرض صحائف أعمال الناس على إمام الزمان في ليلة القدر وضرورة التوسّل به فيها
لدينا روايات عديدة حول أنّ ليلة القدر هي الليلة التي تعرض فيها الملائكة صحيفة أعمال السنة على إمام زمان كل عصر، فلكلّ زمان إمامه، ففي زمان أمير المؤمنين تعرض أعمال السنة عليه، وفي زمان الإمام المجتبى تعرض عليه وهكذا…
يأتي عبد الله بن أبان الزيّات إلى محضر الإمام الرضا عليه السلام، فيقول له: اُدْعُ اَللَّهَ لِي وَ لِأَهْلِ بَيْتِي فَقَالَ أَ وَ لَسْتُ أَفْعَلُ وَ اَللَّهِ إِنَّ أَعْمَالَكُمْ لَتُعْرَضُ عَلَيَّ فِي كُلِّ يَوْمٍ وَ لَيْلَةٍ قَالَ: فَاسْتَعْظَمْتُ ذَلِكَ. فَقَالَ لِي: أَمَا تَقْرَأُ كِتَابَ اَللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: «وَ قُلِ اِعْمَلُوا فَسَيَرَى اَللّٰهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَ اَلْمُؤْمِنُونَ»۱ قَالَ هُوَ وَ اَللَّهِ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ .٢
اعملوا ما شئتم فإنّ الله ورسوله والمؤمنون يرون أعمالكم. ومن هم المؤمنون؟ يقول الإمام إنّه عليّ بن أبي طالب، فأمير المؤمنين وأولاده هم الذين يرون جميع أعمالنا.
لذلك فإنّ الليلة هي ليلة إمام الزمان، والتوسّل بإمام الزمان عليه السلام في هذه الليلة أكثر الأعمال أثرًا. كلّ ما يتحقّق في العالم فإنّما يتحقّق من نافذة نفس إمام الزمان.
قصّة إعادة روح السيّد محمّد الكتابجي
وقد تذكّرت الآن هذه القصّة، فقد كان للمرحوم العلاّمة رضوان الله عليه صديق صالح جدًّا وعابد، وهو صاحب المطبعة الإسلاميّة يدعى السيّد محمّد الكتابجي رحمة الله عليه، وكان من أصدقاء المرحوم العلاّمة السابقين ومن الأخيار ومن الصلحاء وواقعًا كان من المتّقين، وعلى حدّ تعبير المرحوم العلاّمة كان من اللطيفين. وقد مرض هذا الرجل، فنقلوه إلى المستشفى حيث بات فيه للمعالجة. وبينما زوجته وعياله حوله يفاجؤون بأنّ حالته قد ساءت ـ وما أنقله هو أمور كان قد سجّلها بنفسه على شريط وأرسلها إلى المرحوم العلاّمة ـ يقول: فرأيت أنّ زوجتي وأولادي قلقون على حالي. جاء الطبيب وقطع أملهم وقال لهم: ليس بوسعي بعد هذه اللحظة أيّ عمل! كان يقول: أحسست في لحظة واحدة أنّي لا تعلّق لي بهذا البدن، وانطلقت وقد أزيح سقف المستشفى وعبرت منه وطرت. فارتفع صوت بكاء زوجتي وأولادي من الغرفة، فجاءت الممرّضات والأطبّاء فقالوا: انتهى الأمر. فجازوا بي وجازوا حتّى وصلت إلى السماء الأولى فرأيت الملائكة هناك قد استقبلتني، ووصلت إلى السماء الثانية هكذا، حتّى وصلت إلى السماء الرابعة أو الخامسة ولا أدري إلى أين وصلت بالدقّة، فلمّا وصلت إلى هناك رأيت الأئمّة حاضرين جميعًا. النبيّ حاضر، الأئمّة حاضرون، السيّدة فاطمة الزهراء سلام الله عليها حاضرة. فجلست إلى جانبهم، واحتضنني النبيّ ـ وكان الرجل سيّدًا ـ وقال لي: أهلا بك يا بنيّ. وأبدى الجميع لي احترامًا وقبّلوني. وقد أصبت من هذه الحالة بالوجد إلى درجة أنّي لم أكن أعرف رأسي من قدميّ، فقد كنت في المستشفى فأين هذا المكان؟! أين كنت وأين صرت؟! وفي هذه اللحظة جاءت رسالة تحملها الملائكة وقدّمتها إلى النبيّ الأكرم وقالت: عليك أن تمضي هذه الرسالة. هذه الرسالة هي رسالة خروجه. فقد كانت هذه الرسالة عبارة عن جواز مروره من هذا العالم إلى ذاك، فأمضاها النبيّ وأعطاها إلى أمير المؤمنين فأمضاها وأعطاها إلى الإمام الحسن وهكذا… أمضى جميع الأئمّة الرسالة، وأنا لم أكن أريد الرجوع، فلمّا وصلت إلى يد إمام الزمان عليه السلام حتّى نظر إليها الإمام وقال: أنا لا أمضي هذه الرسالة.
لماذا لا تمضيها؟
يتوجّه الإمام إلى النبيّ ويقول له إنّ زوجته الآن قد توسّلت بي من أجل شفائه، وأنا لا يمكن أن أردّ حاجتها. فيرجع الرسالة ويعطيها للملائكة فيعيدونني إلى الأسفل. كان يقول: فجأة وجدت نفسي في المستشفى وقد قمت وجلست، وفجأة ارتفعت الأصوات من الأقارب أن قد أفاق، فجاء الأطبّاء يسألون ماذا حصل؟! هل حصلت معجزة؟! كان هذا قد توفّي. ثمّ بدأت أنا بتأنيب زوجتي أن لماذا أبعدتني عنهم؟! لماذا أقصيتني عن تلك السعادة؟!
وهذه حقائق ووقائع بيّنوها لنا فهؤلاء يصعدون ويشاهدون ثمّ يرجعون. وهي مطابقة لما سمعناه.
ماذا ندعو في ليلة القدر؟
الليلة هي ليلة إمام الزمان عليه السلام، فبأيّ دعاء علينا أن ندعو الليلة؟ ـ انقضى الوقت وكنت أودّ طرح الكثير من الأمور ـ فبماذا ندعو؟
أولاً: ندعو لصاحب الزمان.
ثمّ بحسن العاقبة وأن يختم أمرنا بخير "اللَهمّ اجْعَلْ عَواقِبَ اُمورَنا خیرًا" وواقعًا دعاء حسن العاقبة هذا دعاء مهمّ، اللهمّ اجعلنا واجعل أعمالنا بحيث إذا قيل لنا في أيّ وقت هيا تعالوا للرحيل لا نلبث، ولا نصبر، أن نكون دائمًا مستعدّين، دائمًا حاضرين، بل أصلاً نحن نستبق الأمور ونتقدّم، فكم كان هناك من هم صالحون في بداية أمرهم ثمّ وقعوا في المشاكل.
كيف كان عبد الرحمن بن ملجم؟
وعبد الرحمن بن ملجم المرادي هذا الذي أوجد هذه المصيبة في عالم الحقيقة وعالم الواقع وعالم نفس الأمر وجعل العالم كلّه في عزاء، فعبد الرحمن هذا أيّ إنسان كان؟ هل كان هكذا في البداية؟
لدينا في التاريخ أنّه أرسل في عهد عثمان رجل إلى اليمن يدعى حبيبًا بن منتخب، وقد ذهب هذا الرجل إلى اليمن وبقي فيها حتّى نهاية حكومة عثمان. وبعد مقتل عثمان أبقاه أمير المؤمنين عليها، وكان رجلاً صالحًا، لمّا وصلته رسالة أمير المؤمنين قبّلها وجعلها على عينه وصعد المنبر وأخبر الناس بقتل عثمان وأخذ منهم البيعة لأمير المؤمنين. فاختار الناس من بينهم عشرة وأرسلوهم لمبايعة أمير المؤمنين عليه السلام. وكان رئيسهم عبد الرحمن بن ملجم المرادي. وكان من أتقيائهم وأزكيائهم وعلمائهم.
جاء هؤلاء الرجال العشرة ودخلوا على أمير المؤمنين عليه السلام، فبدأ كلّ واحد منهم بالحمد والثناء حتّى وصل الدور إلى ابن ملجم فبدأ بتعظيم أمير المؤمنين ووصفه بأوصاف وكمالات: السلام عليك أيّها الإمام العادل، السلام عليك أيّها البدر التمام، السلام عليك… ويبدأ بالكلام ويعدّد صفات الإمام، فيثني عليه الإمام ثمّ يقول له: ما اسمك؟ فيقول: عبد الرحمن.
فيقول الإمام: ما اسم أبيك؟
فيقول: ملجم المرادي.
فيقول الإمام: أنت المرادي؟
فيقول: نعم.
فيقول الإمام هنا: إنّا لله وإنّا إليه راجعون۱ ولا حول ولا قوّة إلا بالله العليّ العظيم.
فيتعجّب الجميع أن ماذا حدث؟!
فعندما يسمع الإمام باسم المرادي يسترجع إنّا لله… يقول لماذا حصل هذا؟ لماذا يكون الأمر هكذا؟ كلّ هذا بسبب الغفلة. ثمّ يقول الإمام: أريد حياته ويريد قتلي. فيمضون إلى سبيلهم فيناديه الإمام ويقول له عد: فيعود، فيقول له الإمام: بايعني، فيبايع ويمضي، فيناديه الإمام من جديد، فيشكّ ويقول: يا عليّ لماذا تصنع ذلك؟ فيقول سترى عن قريب أيّةَ مصيبة ستُحدِثُ في العالم!
وصيّة أمير المؤمنين عليه السلام وهو على الفراش
يقول الإمام الحسن عليه السلام: عندما ضرب ابن ملجم أبي ساءت حاله. وفي الساعات الأخيرة من حياته ثقلت حاله فجمعنا وأوصانا بوصيّة ـ وهي موجودة في نهج البلاغة ٢ـ ثمّ خاطبني: يا حسن إذا أنا متّ فغسّلني وحنّطني بفاضل حنوط رسول الله الذي جاءه به جبرائيل من الجنّة، ثمّ اجعلني في الكفن واحمل جنازتي وسيحملها جبرائيل وميكائيل من أمامها فاحملوها أنتم من خلفها وسيروا بها، وأينما توقّفت الجنازة فضعوها هناك واحفروا، فستجدون لحدًا معدًّا، اللحد الذي حفره لي جدّي نوح قبل سبعمائة عام من الطوفان، ثمّ ألحدوني في اللحد ورصّوا الأحجار فوقي، ثمّ ارفعوا حجرًا وانظروا فلن تجدوني، فسألحق بجدّك وأخي رسول الله فقد أقسم الله أنّه إذا مات نبيّ في أيّ بقعة من الأرض ثمّ مات وصيّه ألحق به بدنه وروحه، ثمّ أعاده إلى مكانه بعد مدّة.
يقول الإمام المجتبى لمّا مات أبي غسّلناه، ويقول محمّد بن الحنفيّة: والله رأيت الإمام الحسين يريق الماء والإمام الحسن يغسل البدن وكان البدن يتحرّك بنفسه من هذا الجانب إلى ذاك.
قال الإمام الحسن: أخيّ زينب ائتني بفاضل حنوط جدّك رسول الله وأمّك فاطمة الزهراء، فلمّا فتح ذلك الحنوط تعطّرت الكوفة كلّها برائحة كافوره.
كفّنوا أمير المؤمنين ووضعوه على السرير وانطلقوا به في جوف الليل برفقة عدد من خواصّ أصحابه فكانت الجنازة تتقدّم بنفسها من الأمام وهم يحملون بها من خلفها. يقول محمّد بن الحنفيّة: والله ما مرّت جنازة أبي على شجرة أو بناء أو جدار إلا وانحنى تواضعًا له.
فحملوا الجنازة حتّى وصلوا إلى المكان الذي هو موضعها الآن، فحفروا القبر فوجدوا كما أخبرهم أمير المؤمنين عليه السلام لوحًا مكتوبًا عليه باللغة السريانيّة: بسم الله الرحمن الرحيم هذا قبر عليّ بن أبي طالب وصيّ رسول الله صلّى الله عليه وآله، حفره نوح النبيّ بسبع مائة عام قبل الطوفان.
ثمّ وضعوا بدنه في اللحد، وكما أمر جعلوا فوقه الحجارة، ثمّ رفعوا حجرًا فلم يجدوه، وبعد مدّة رأوا أنّه في القبر.
ثمّ وكما أوصى الإمام صلّى عليه الإمام المجتبى عليه السلام، وبعد الصلاة نظر إلى القبر قبل أن يهال عليه التراب فرأى ثوبًا من سندس أخضر على بدنه، فرفعه من جهة الرأس فرأى النبيّ الأكرم جالسًا والنبيّ آدم والنبيّ إبراهيم الخليل عليهم السلام يتكلّمون مع الإمام، ورفع الإمام الحسين القسم الأسفل فرأى أمّه فاطمة الزهراء سلام الله عليها والسيّدة حوّاء وآسية ومريم ينحن عليه.
أهالوا التراب على القبر، فأخذ صعصعة بن صوحان أحد أصحاب أمير المؤمنين قبضة من التراب وجعلها على رأسه وقال: هنيئًا لك النعم الإلهيّة والله كنت مطهّرًا ومولدك مطهّر وجاهدت في الله وكان صبرك قويمًا. ثمّ خاطب الإمام المجتبى وسيّد الشهداء عليهما السلام وسائر الأبناء وعزّاهم على هذه المصيبة العظمى.
ثمّ ساروا نحو الكوفة، وفي بعض كتب التاريخ أنّهم لمّا بلغوا ظهر الكوفة سمعوا صوت أنين من خربة، فتوجّهوا نحوه، فإذا برجل عاجز ضرير جالس يبكي ويردّد قائلاً: يا من كان يأتيني كلّ ليلة أين أنت؟! يقول الإمام المجتبى عليه السلام: ماذا تقول أيّها الشيخ؟! يقول: كنت كلّ ليلة أنتظر رجلاً يأتيني بالخبز والتمر ويتفقّد أحوالي. فيقول له: أتعرف شيئًا من خصوصيّاته؟ فيقول: من خصوصيّاته أنّه كان إذا دخل هذا المكان سُمعت من جميع الأبواب والجدران والذرّات والحصى الموجود هنا صوت التسبيح والتقديس تسبّح معه. فعزّاه الإمام المجتبى عليه السلام وقال: أيّها الشيخ إنّه والدنا الذي ودّع دار الفناء بضربة من سيف البغي قبل ثلاث ليال.
ونحن هنا الآن نحسّ بالحضور المعنويّ لأمير المؤمنين عليه السلام، فالإمام قلب عالم الوجود، وهو على ارتباط بجميع ذرّات العالم، ومصيبته مصيبة للجميع.
يروي أبو حمزة الثمالي عن الإمام الصادق عليه السلام أنّه بعد قتل أمير المؤمنين ما رفع حجر إلى ثلاثة أيّام إلا ووجدوا تحته دمًا عبيطًا، وكانت السماء تمطر دمًا في كثير من الأماكن ومنها بيت المقدس.
هذه حقيقة، فقلب العالم قد انتقل من عالم الملك إلى عالم الملكوت، فتحوّل معه كلّ شيء، ألم يناد جبرائيل في ليلة ضربة أمير المؤمنين بين الأرض والسماء: تهدّمت والله أركان الهدى وانفصمت العروة الوثقى قتل عليّ المرتضى قتله أشقى الأشقياء؟!
هذه الحقيقة جارية في جميع عوالم الوجود، والجميع مطّلعون على هذه المصيبة الأليمة. وقد نقل كثير من الناس أنّهم شاهدوا في ليلة الواحد والعشرين من شهر رمضان تلك الأحداث، ولا زالت هذه الحقائق موجودة وهذه المصيبة موجودة.
وكم هو رائع وجميل بيان المرحوم الكمباني رضوان الله عليه لهذه الحالات في شعره:
خم گردون دون، لبريز خون است | *** | به كام باده نوشان واژگون است |
هر آشوبى است در ملك وشهادت | *** | ز شور عالم غيب مصون است |
اگر شورى ندارد عقل رهبر | *** | چرا سر گشته دشت جنون است؟ |
مگر بالا بلند رايت دين | *** | ز تيغ ابن ملجم سرنگون است؟ |
ز خون، محراب و مسجد لاله گون است | *** | اميرالمؤمنين غرقاب خون است |
(يقول: إنّ دنّ شراب الدهر طافح بالدماء، و كؤوس الشاربين مقلوبة
إنّ كلّ انقلاب يحلّ في عالم الملك والشهادة، فإنّ منشأه عالم الغيب المصون
فلولا أنّ حماسًا قد حلّ في عقل قائد الجيش، لما رأيته يهيم حيراناً في وادي الجنون
ماذا جرى؟! هل نُكّست راية الدين العليا بسيف ابن ملجم؟!
إنّ المحراب والمسجد ـ بسبب الدماء ـ باتا كالوردة الحمراء
فأمير المؤمنين عليه السلام غارق بالدماء).
چرا نبود رعيت را رعايت | *** | مگر رفت از جهان شاه ولايت؟ |
ز خون، محراب و مسجد لاله گون است | *** | اميرالمؤمنين غرقاب خون است |
(يقول: لماذا ليس هناك رعاية للرعية؟! هل رحل من العالم صاحب الولاية؟!
إنّ المحراب والمسجد ـ بسبب الدماء ـ باتا كالوردة الحمراء
فأمير المؤمنين عليه السلام غارق بالدماء).
چرا اسلام مى نالد ز غربت | *** | مگر رفتش ز سر ظل حمايت؟ |
ز خون، محراب و مسجد لاله گون است | *** | اميرالمؤمنين غرقاب خون است |
(يقول: و لماذا يبكي الإسلام من الغربة؟! هل زال عنه ظلّ الحماية؟
إنّ المحراب والمسجد ـ بسبب الدماء ـ باتا كالوردة الحمراء
فأمير المؤمنين عليه السلام غارق بالدماء).
چرا از نو حرم بيت الصّنم شد | *** | مگر ويران شد اركان هدايت؟ |
ز خون، محراب و مسجد لاله گون است | *** | اميرالمؤمنين غرقاب خون است |
(يقول: ولماذا عاد الحرم بيتاً للأصنام من جديد؟! أفهل تهدّمت أركان الهدى
إنّ المحراب والمسجد ـ بسبب الدماء ـ باتا كالوردة الحمراء
فأمير المؤمنين عليه السلام غارق بالدماء).
چرا قرآن قرين سوز و ساز است | *** | مگر شد هر سوره محو و هر آيت؟ |
ز خون، محراب و مسجد لاله گون است | *** | اميرالمؤمنين غرقاب خون است |
(يقول: و لماذا صار القرآن قرينًا للحزن و الحرقة؟! أفهل مُحيت كلّ سورة و كلّ آية
إنّ المحراب والمسجد ـ بسبب الدماء ـ باتا كالوردة الحمراء
فأمير المؤمنين عليه السلام غارق بالدماء).
چرا سنت زند بر سينه و سر | *** | مگر از حادثى دارد روايت؟ |
ز خون، محراب و مسجد لاله گون است | *** | اميرالمؤمنين غرقاب خون است |
(يقول: ولماذا تلطم السنّة صدرها و رأسها؟! أفهل عندها عن حادثٍ رواية؟
إنّ المحراب والمسجد ـ بسبب الدماء ـ باتا كالوردة الحمراء
فأمير المؤمنين عليه السلام غارق بالدماء).
چرا خونابه مى بارد ز گردون | *** | مگر از غصّه اى دارد شكايت؟ |
ز خون، محراب و مسجد لاله گون است | *** | اميرالمؤمنين غرقاب خون است |
(يقول: ولماذا تمطر السماء دمًا؟! هل عندها من غصّة شكاية؟!
إنّ المحراب والمسجد ـ بسبب الدماء ـ باتا كالوردة الحمراء
فأمير المؤمنين عليه السلام غارق بالدماء)
إذا ألقينا الليلة نظرة بعين القلب إلى الكوفة، إلى منزل أمير المؤمنين عليه السلام، إلى أبنائه وذريّته فكيف يا ترى ستكون حالهم؟!
يُنقل أنّه لمّا ارتحل أمير المؤمنين عليه السلام من هذه الدنيا الفانية إلى الدار الباقية، ارتفعت أصوات بكاء ذرّيته و أبنائه، بل إنّ كل مدينة الكوفة غرقت في البكاء والعويل، حتّى إنّه في رواية أنّ الناس رأوا و سمعوا قبائل الجنّ أيضاً تبكي عليه.
و نحن بدورنا من هنا، فالطريق ليس بعيدًا، نشارك أبناءه بالبكاء و الحزن في مصيبتهم، وننادي كما ينادون:
وا محمّداه.. وا محمّداه
وا علياه.. واعليّاه
وا حمزتاه.. وا حمزتاه
وا جعفراه.. وا محمداه.. وا حمزتاه.. وا علياه.. وا جعفراه.
آثار استجابة الدعاء ظاهرة! فلنفرض أنفسنا في حرم أمير المؤمنين عليه السلام، ولنقدّم فرق رأسه المشقوق شفيعًا بين أيدينا، و لنستحضر ذنوبنا، ولنتب من جميع ذنوبنا وخطايانا إلى الله تعالى، قولوا معًا عشر مرّات:
إلهي العفو! إلهي العفو! إلهي العفو! إلهي العفو! إلهي العفو! إلهي العفو! إلهي العفو! إلهي العفو! إلهي العفو! إلهي العفو!
استحضروا ذنوبكم، و استغفروا منها!
افتحوا المصاحف وضعوها مقابل وجوهكم:
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم إني أسألك بكتابك المنزل وما فيه وفيه اسمك الأكبر وأسماؤك الحسنى وما يخاف ويرجى أن تجعلني من عتقائك من النار.
أغلقوا المصاحف الآن و ضعوها على رؤوسكم:
اللهم بحقّ هذا القرآن، وبحقّ من أرسلته به، وبحقِّ كلِّ مؤمن مدحته فيه، وبحقّك عليهم فلا أحد أعرف بحقّك منك.
بك يا الله.. بك يا الله.. بك يا الله.. بك يا الله.. بك يا الله.. بك يا الله.. بك يا الله.. بك يا الله.. بك يا الله.. بك يا الله.
إلهي بمحمد.. إلهي بمحمد.. إلهي بمحمد.. إلهي بمحمد.. إلهي بمحمد.. إلهي بمحمد.. إلهي بمحمد.. إلهي بمحمد.. إلهي بمحمد.. إلهي بمحمد..
إلهي بعليّ.. إلهي بعليّ.. إلهي بعليّ.. إلهي بعليّ.. إلهي بعليّ.. إلهي بعليّ.. إلهي بعليّ.. إلهي بعليّ.. إلهي بعليّ.. إلهي بعليّ..
إلهي بفاطمة.. إلهي بفاطمة.. إلهي بفاطمة.. إلهي بفاطمة.. إلهي بفاطمة.. إلهي بفاطمة.. إلهي بفاطمة.. إلهي بفاطمة.. إلهي بفاطمة.. إلهي بفاطمة..
إلهي بالحسن.. إلهي بالحسن.. إلهي بالحسن.. إلهي بالحسن.. إلهي بالحسن.. إلهي بالحسن.. إلهي بالحسن.. إلهي بالحسن.. إلهي بالحسن.. إلهي بالحسن..
إلهي بالحسين.. إلهي بالحسين.. إلهي بالحسين.. إلهي بالحسين.. إلهي بالحسين.. إلهي بالحسين.. إلهي بالحسين.. إلهي بالحسين.. إلهي بالحسين.. إلهي بالحسين..
إلهي بعلي بن الحسين.. إلهي بعلي بن الحسين.. إلهي بعلي بن الحسين.. إلهي بعلي بن الحسين.. إلهي بعلي بن الحسين.. إلهي بعلي بن الحسين.. إلهي بعلي بن الحسين.. إلهي بعلي بن الحسين.. إلهي بعلي بن الحسين.. إلهي بعلي بن الحسين..
إلهي بمحمد بن علي.. إلهي بمحمد بن علي.. إلهي بمحمد بن علي.. إلهي بمحمد بن علي.. إلهي بمحمد بن علي.. إلهي بمحمد بن علي.. إلهي بمحمد بن علي.. إلهي بمحمد بن علي.. إلهي بمحمد بن علي.. إلهي بمحمد بن علي..
إلهي بجعفر بن محمد.. إلهي بجعفر بن محمد.. إلهي بجعفر بن محمد.. إلهي بجعفر بن محمد.. إلهي بجعفر بن محمد.. إلهي بجعفر بن محمد.. إلهي بجعفر بن محمد.. إلهي بجعفر بن محمد.. إلهي بجعفر بن محمد.. إلهي بجعفر بن محمد..
إلهي بموسى بن جعفر.. إلهي بموسى بن جعفر.. إلهي بموسى بن جعفر.. إلهي بموسى بن جعفر.. إلهي بموسى بن جعفر.. إلهي بموسى بن جعفر.. إلهي بموسى بن جعفر.. إلهي بموسى بن جعفر.. إلهي بموسى بن جعفر.. إلهي بموسى بن جعفر..
إلهي بعلي بن موسى.. إلهي بعلي بن موسى.. إلهي بعلي بن موسى.. إلهي بعلي بن موسى.. إلهي بعلي بن موسى.. إلهي بعلي بن موسى.. إلهي بعلي بن موسى.. إلهي بعلي بن موسى.. إلهي بعلي بن موسى.. إلهي بعلي بن موسى..
إلهي بمحمد بن علي.. إلهي بمحمد بن علي.. إلهي بمحمد بن علي.. إلهي بمحمد بن علي.. إلهي بمحمد بن علي.. إلهي بمحمد بن علي.. إلهي بمحمد بن علي.. إلهي بمحمد بن علي.. إلهي بمحمد بن علي.. إلهي بمحمد بن علي..
إلهي بعلي بن محمد.. إلهي بعلي بن محمد.. إلهي بعلي بن محمد.. إلهي بعلي بن محمد.. إلهي بعلي بن محمد.. إلهي بعلي بن محمد.. إلهي بعلي بن محمد.. إلهي بعلي بن محمد.. إلهي بعلي بن محمد.. إلهي بعلي بن محمد..
إلهي بالحسن بن علي.. إلهي بالحسن بن علي.. إلهي بالحسن بن علي.. إلهي بالحسن بن علي.. إلهي بالحسن بن علي.. إلهي بالحسن بن علي.. إلهي بالحسن بن علي.. إلهي بالحسن بن علي.. إلهي بالحسن بن علي.. إلهي بالحسن بن علي..
إلهي بالحجّة القائم.. إلهي بالحجّة القائم.. إلهي بالحجّة القائم.. إلهي بالحجّة القائم.. إلهي بالحجّة القائم.. إلهي بالحجّة القائم.. إلهي بالحجّة القائم.. إلهي بالحجّة القائم.. إلهي بالحجّة القائم.. إلهي بالحجّة القائم.
نسألك اللهم و ندعوك ونقسم عليك و نرجوك بحقّ محمد و آله يا الله يا الله يا الله،
يا ربّ اغفر لنا و تب علينا، يا ربّ لا تأخذنا من هذه الدنيا قبل أن تغفر لنا و تعفو عنّا،
يا ربّ أجر قلم عفوك على جميع أعمالنا، يا ربّ ضعنا على صراط أوليائك
يا ربّ اجعل حياتنا حياة محمّد و آل محمد، و مماتنا ممات محمد و آل محمد صلواتك عليهم أجمعين
إلهي، وفّقنا لزيارتهم في هذه الدنيا، ولا تحرمنا شفاعتهم في الآخرة
اللهمّ عجّل في فرج صاحب الزمان عليه السلام، و اجعلنا من أصحابه الواقعيين و المنتظرين الحقيقيين لفرجه
اللهم اقض جميع حوائج شيعة أمير المؤمنين عليه السلام
اللهمّ عظم البلاء وبرح الخفاء وانكشف الغطاء وانقطع الرجاء،
وضاقت الأرض ومنعت السماء وأنت المستعان وإليك المشتكى،
وعليك المعول في الشدّة والرخاء،
اللهمّ صلّ على محمد وآل محمد أولي الأمر الذين فرضت علينا طاعتهم،
وعرفتنا بذلك منزلتهم، ففرج عنا بحقهم فرجاً عاجلاً قريباً كلمح البصر أو هو أقرب من ذلك،
يا محمد يا علي يا علي يا محمد اكفياني فإنّكما كافيان وانصراني فإنكما ناصران،
يا مولاي يا صاحب الزمان الغوث الغوث الغوث، أدركني أدركني أدركني،
العجل العجل العجل، الساعة الساعة الساعة، برحمتك يا أرحم الراحمين.
الفاتحة إلى جميع شيعة أمير المؤمنين الذين تشرّفوا بالارتحال من هذه الدنيا إلى الدار الباقية.
اللهم صل على محمد وآل محمد