المؤلّفالعلامة آیة الله السيد محمد الحسين الحسيني الطهراني
القسم الاخلاق والحکمة والعرفان
التوضيح
هو العليم
البرنامج السلوكي العام
لسماحة العلامة الراحل
آية الله الحاج السيد محمد الحسين الحسيني الطهراني
رضوان الله عليه
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم
بسم الله الرحمن الرحيم
وصلّى الله على محمّد وآله الطاهرين
ولعنة الله على أعدائهم أجمعين
[يقول سماحة آية الله السيد محمد محسن الحسيني الطهراني حفظه الله في المجلد الثاني من كتابه "أسرار الملكوت":]
أجل.. يمكن أن يُرى في بعض الأحيان من أساتذة العرفان والسلوك صدور أوامر كلية ودستورات عامّة المنفعة لتلامذتهم، ويجوّزون العمل بها لكل الأشخاص، مثل دستور العمل الذي أرسله المرحوم الوالد رضوان الله عليه إلى أحد مريديه في الخارج، ويستفاد من محتوى هذا الدستور أنّه يحتوي على جنبة كلية وعمومية وليس له اختصاص بفرد خاصّ أو له شروط خاصّة:
نموذج من البرامج العامة التي أعطاها المرحوم العلاّمة لبعض الأصدقاء
بسم الله الرحمن الرحيم
جناب الأخ المحترم السيد ... سلّمه الله تعالى، جواباً على الرسالة المرسلة من قبل ...
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، لقد وصلتني رسالتكم الكريمة واطّلعت على مضمونها.
يقول علماء السلوك : إنّه لا بد لطيّ الطريق من توبةٍ كاملة (أي الغسل، وصلاة ركعتين، واستغفار مائة مرة، وأداء جميع حقوق الناس وردّ مظالم العباد، وقضاء ما فات من حقوق الله تعالى).
وأيضاً ملازمة السكوت والأكل في موعده وبمقدار محدّد، والإقلال من أكل اللحوم الحيوانية، والابتداء ببسم الله، والصيام ثلاثة أيام في الشهر مع الإمكان، والاستيقاظ صباحاً قبل الفجر وعدم النوم بين الطلوعين والإتيان بصلاة الليل في هذه الحالة وكذا نافلة الفجر وصلاة الصبح. ثمّ قراءة حزب من القرآن على الأقلّ في اليوم وإهداء ثوابه إلى روح الرسول الأكرم صلّى الله عليه وآله وسلم. والاستغفار أربعين يوماً يقول في كل يوم:"أستغفر الله ربي"، مع المحافظة على شروط الذكر (من طهارة البدن واللباس والكون على وضوء والجلوس في مكان خال واستعمال العطر والبخور والجلوس متربعاً باتجاه القبلة، والتختّم بخاتم عقيق في اليد اليمنى والتوجه الكامل إلى معنى الذكر)، ثمّ السجود وترديد ذكر {لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين} أربعمائة مرة على الأقل، وبعد ذلك الجلوس ومعاهدة الله تعالى على عدم المعصية أثناء اليوم (المشارطة)، ويراقب نفسه أثناء النهار (المراقبة)، ويحاسب نفسه عند النوم (المحاسبة) ويبتعد عن مجالس عبيد الدنيا ومحافلهم وعدم الاختلاط مع أبناء الدنيا، والتفكّر الدائم في نفسه، والمحافظة المستمرّة على الطهارة (الوضوء وغسل الجمعة) والإتيان بالصلاة في أول وقتها، والإتيان بالنوافل مع الإمكان، واجتناب المعصية كلّياً، ووضع العطر ولبس الخاتم أثناء الصلاة، ورعاية الخشوع وحضور القلب في الصلاة، والنوم على وضوء وفي اتجاه القبلة، والنوم على أمل ملاقاة الله، وقراءة سورة التوحيد ثلاث مرات، وقراءة آية الكرسي۱ وآية {لو أنزلنا هذا القرآن}٢، وآية {قل إنما أنا بشر مثلكم}٣، وآية {شهد الله...}٤، وذكر تسبيح الزهراء، وبعدها يقول لا إله إلا الله إلى أن ينام، وأن ينام في عشق الله ويقوم في عشق الله.
وفي الأربعين الثاني والثالث يستمرّ على هذا المنوال باستثناء تبديل الاستغفار ألف مرة إلى ذكر (لا إله إلا الله) ألف مرة. والسعي بشكل أكيد على تطهير الذهن من ورود الخاطرات أثناء الصلاة والذكر والتفكّر. وإن شاء الله فإنّ الله تعالى سيوصل المشتاقين لرؤية جماله إلى كعبة المقصود بتفضله ...
والعمدة للعامل السير في طريق المجاهدة النفسانية واجتناب المنهي عنه، حتى ينكشف الستار عن جمال المحبوب الأزلي بحول الله وقوته، وتحترق شراشر الوجود ببارقة الجلال السرمدي ولا يبقى شيء من الذات والأنانيّات.
نسأل الله المتعال أن يوفقنا جميعاً لرضاه وأن يثبت أقدامنا في سبيل طي الطريق نحو كعبة جماله وجلاله، بمحمد وآله الطاهرين، وصلى الله على محمد وآله أجمعين.
السيد محمد الحسين الحسيني الطهراني
مشهد المقدسة ٤ محرم ۱٤۱۱ هجرية قمرية
[ملاحظة: انتخب هذا البرنامج العام من كتاب «أسرار الملكوت» ج ٢، لسماحة آية الله السيّد محمّد محسن الحسيني الطهراني حفظه الله، وقد تمّ توثيقه ومقارنته مع المصدر الفارسي من قبل الهيئة العلمية في لجنة الترجمة والتحقيق]