المؤلّفالهیئة العلمیة لموقع مدرسة الوحي
القسم الاخلاق والحکمة والعرفان
التوضيح
هوالعليم
هل العرفان والتصوّف أمرٌ واحدٌ؟
العلاقة بين العرفان والتصوف
بحث منتخب من كتاب «مطلع أنوار» (فارسي)
لسماحة العلاّمة السيّد محمد الحسين الحسينيّ الطهرانيّ
و كتاب «حريم القدس» للسيّد محمد محسن الحسينيّ الطهرانيّ
بسم الله الرّحمن الرّحيم
الحَمدُ للّه ربّ العالَمين
والصّلَاةُ علَى المَبعوثِ إلى الخَلائق أجمَعين
وآلِه الأوصياءِ المـُنتَجَبين
ولعنَةُ اللهِ على أعدائهِم
مِن الأوّلين والآخرين إلى يومِ الدّين
أوّلاً: علاقة التصوّف بالعرفان
قد اختلف مصطلح «الصوفيّ» في الثقافة الشرقية هذه الأيام عن مصطلح «العارف»، وخصوصًا عند الناطقين باللغة الفارسية.
لكنّ حقيقة «العِرفان» و«التصوُّف» واحدةٌ، وهى الإدراك الشهوديّ لذات الحقّ المقدّسة، وكشف خفِيات عالم الوجود ببصيرةِ القلب والعلم الحضوريّ، وقد كان هذا النهج والمسلك شائعًا ومتحقّقًا ـ منذ زمن رسول الله وخلال مدّة ولاية أهل البيت عليهم السلام ـ بين مجموعةٍ من خواصّ أصحابهم؛ مثل: سلمان الفارسيّ، وأويس القرنيّ، والمقداد بن الأسود، وميثم التمار، ورشيد الهجري، وحبيب بن مظاهر الأسديّ، وجابر بن يزيد الجعفيّ، ومحمّد بن مسلم، وبِشر الحافي، وأبو يزيد البسطاميّ، ومعروف الكرخيّ، وسري السقطيّ، وأمّا بعد زمن الحضور ـ أي في عصر الغيبة إلى زماننا هذا ـ فقد تحقّقت في أمثال: الخواجة شمس الدين حافظ الشيرازيّ، وشمس المغربيّ، وشاه نعمة الله ولي، وأبو سعيد أبو الخير، والشيخ محمود الشبستريّ، ومولانا جلال الدين محمّد البلخيّ، والشيخ العطار النيشابوريّ، ومحيى الدين بن عربي، وابن الفارض المصريّ، والسيد مهدى بحر العلوم، والسيد على الشوشتريّ، و[أستاذه] النسّاج، والآخوند ملا حسين قلى الهمدانيّ، والشيخ محمّد البهاريّ، والسيد أحمد الكربلائيّ، والسيد جمال الدين الگلبايگانيّ، والسيد علي القاضي، والعلّامة الطباطبائيّ، والسيد حسن المسقطيّ، والسيد هاشم الحدّاد، والعلّامة السيد محمّد الحسين الحسيني الطهرانيّ.
وهناك الكثير من نخب المعرفة والتوحيد حتمًا؛ كالمرحوم الآخوند ملا محمّد جعفر كبوتر آهنگي، والسلطان محمّد الجنابذيّ، والمرحوم الأنصاريّ الهمداني، وآخرين ممن لا يسع المجال في هذه الرسالة لذكرهم جميعًا.
يقول المرحوم العلّامة الطهرانيّ عن أستاذ الأخلاق الأوحد السيد علي القاضي:
كان السيد على القاضي يتمتّع بالجهتين العِلميّة والعِرفانيّة، أي إنّه كان فقيهًا عظيمًا وعالمًا جليلاً في العلوم الفقهية الظاهريّة، كما كان عارفًا واصلاً وإنسانًا كاملاً، طوى الأسفار الأربعة في العلوم الباطنية، وقد قاده جمعه بين الظاهر والباطن، والشريعة والطريقة بكلّ ما للقيادة من معنى إلى وادى الحقيقة واقعًا.
وكان ينتقد العلماء الذين يشتغلون على الدوام بكتابة المصنّفات الظاهرية وأبحاث أصول الفقه المفصّلة والتي لا طائل منها، في حين كانت تبقى أيديهم خاليةً من المعرفة، وكان يقبِّح هذه الطريقة في نظر تلاميذه.
وفى الوقت نفسه كان يعارض ويحارب بشدّة الدراويش والمتصوّفة الذين لا يعيرون أهمّيةً لظاهر الشريعة، ويقول: «إنّ سلوك طريق الله مع عدم الاعتناء بالشريعة ـ التي هي نفس الطريق ـ هو جمع بين المتضادين أو المتناقضين».
وهو نفسه كان يهتم بإتيان المستحبّات وترك المكروهات إلى حدٍّ صار مَضربًا للمثل بهذا الأمر في النجف الأشرف، حتّى أنّ بعض المعاندين وعديمي البصيرة، الذين لم يكن لديهم القدرة على تحمّل هذا النور وتلك الحقيقة، ممّن يجدهم الإنسان متمركزين في الحوزات العلمية دائمًا وخصوصًا في النجف، والذين لا يألون جهدًا في تشويه الصورة الحقيقية للعارف الجليل والإنسان النزيه إلّا ويبذلونه من خلال إلقاء التهم، فكانوا يقولون: إنّ هذه الدرجة من الزهد والعبادة والالتزام بالمستحبّات وترك المكروهات هي لخداع الناس ووضع الشبهات في طريقهم، وإلّا فهو مجرّد رجلٍ صوفيّ لا يعتقد ولا يلتزم بشيء!!
وفى أحد الأيّام، وفى مجلسٍ عظيمٍ يضمّ العديد من المراجع وعلماء الفقه والحديث- وكان من جملتهم المرحوم آية الله السيد أبو الحسن الأصفهانيّ والآغا ضياء الدين العراقيّ وآخرون ـ وقد دار بينهم أطراف الحديث وجرى أخذٌ وردٌّ، فقال المرحوم السيد القاضي بصوت مرتفع بحيث يسمعه الجميع: «نِعمَ الرجل أن يكون فَقيهًا صُوفيًّا»، وقد بقيت هذه العبارة من كلمات السيد القاضي كالأمثال التي تُضرب؛ فالفقيه يعنى: العالم بالشريعة والأحكام، والصُوفي يعني: العالم بطرق النفس الأمّارة، وبطرق النجاة من شراك الشيطان، وكيفية محاربة المشتهيات النفسية ومواجهتها من أجل رضا الربّ المحمود والمنان ذي الطَوْل والإحسان»۱ ـ انتهى كلام العلّامة الطهرانيّ.
إنّ مذهب وطريقة هؤلاء العرفاء بالله والأولياء الإلهيّين ينحصر فقط في معرفة ذات الحقّ بالشهود والإدراك القلبيّ، حيث نالوا معرفة ذات الله واتّخذوا من حريم القدس مأوىً لهم، وذلك من خلال العبور من مراتب النفس والإعراض عن اعتبارات عالم الدنيا ورفض جميع الأنانيات وشوائب النفس الأمّارة وطيّ مدارج الجمال والجلال والعبور من عوالم الظلمة والحجب النورية، وقد دعوا الآخرين إلى تلك المعرفة.
من كه ملول گشتمى از نفس فرشتگان | *** | قال ومقال عالمى مى كشم از براى تو٢ |
[يقول: أنا الذى صرت ملولاً من أنفاس الملائكة والحديث معهم، تحمّلت لأجلك كلام الناس وأذاهم].
ذلك المقام الذي يقول عنه رسول الإسلام الأكرم: «لِي مَعَ اللهِ وَقْتٌ لَا يسَعُنِي مَلَك مُقَرّبٌ وَلَا نَبِيٌّ مُرْسَلٌ»۱.
أو كما يقول المرحوم السيد هاشم الحدّاد: «نحن في مقام لا يقدر جبرائيل على الدنوّ منه، وإنّه عاجز عن إدراك مرتبتنا الوجودية».
اگر ذره اى زين نمط بر پرم | *** | فروغ تجلى بسوزد پرم٢ |
[يقول: لو تقدّمْتُ أكثر من ذلك مقدار ذرةٍ، لأحَرَقتْ أنوارُ التجلّي رِيشي].
ولا يخفى أنّ هذا العبد قد قام إلى حدٍّ ما بتوضيح بعض الأمور المتعلّقة بمرتبة العرفاء الإلهيين وخصوصياتهم وآثارهم في المجلّد الثاني من كتاب «أسرار الملكوت».
ثانيًا: الصوفيّ صِنفان: مخلص أو محتال
ومع ذلك، فقد ظهر في زمان الأئمّة عليهم السلام بعض المرائين والمخادعين والماكرين؛ أمثال سفيان الثوري، وجمعوا الناس حولهم، مقابل مدرسة أهل بيت الوحى والطهارة، وقد هيّئوا لعوامّ الناس أرضية الانحراف والاعوجاج، من خلال التظاهر بالعزلة والزهد والإعراض عن الدنيا، وشوّهوا اسم الصوفيّ والأصحاب الواقعيّين لهذه المدرسة من خلال إطلاق اسم «الصوفية» على أنفسهم، وقد استمرّت هذه الحالة على مرّ التاريخ؛ حيث لم يخل هذا المسرح من كلا الصنفين: أهل التوحيد والشهود، وأهل الاحتيال والمكر وعبادة الدنيا.
ويُطلق حافظ الشيرازيّ اسم الصوفيّ على السالك النزيه والسائر مسير الحرم الإلهيّ قائلاً:
صوفى ار باده به اندازه خورد نوشش باشد | *** | ورنه انديشه اين كار فراموشش باد٣ |
[يقول: فليهنأ الصوفيّ إذا شَرِب مقدارًا من «الخمر»، وإلّا فعليه أن يترك هذا العمل ولينسه].
أو كما يقول في موضعٍ آخر:
سحرگه رهروى در سرزمينى | *** | همى گفت اين معما با قرينى |
كه از صوفى شراب آنگه شود صاف | *** | كه در شيشه برآرد اربعينى٤ |
[يقول: في وقت السحر؛ كان «سالك» في بلدٍ من البلاد يحكى هذا اللغز لواحد من أقرانه!!
قال: يا أيها الصوفيّ، إنّما الشراب يُصبح صافيًا عندما يبقى «أربعينًا» في زجاجته!!]
لكنّه يحمل بشدّة على من يقف مقابل هؤلاء الأفراد من أهل النِفاق والمكر والخداع، الذين يظهر عليهم الصلاح والسير والسلوك، فيقول:
اگر يك سر موي برتر پرم | *** | فروغ تجلى بسوزد پرم |
نقد صوفى نه همه صافى بى غش باشد | *** | اى بسا خرقه كه مستوجب آتش باشد |
خوش بود گر محك تجربه آيد بميان | *** | تا سيه روى شود هر كه در او غش باشد |
[يقول: ليس «نقد» الصوفيّ جميعه صافيا نقيا وما أكثر «الخرق» التى تستحق أن تأكلها النيران!!
وحبّذا لو يأتي محك التجربة، لكي يسوَدَّ وجه كلّ كاذبٍ منافقٍ غشّاشٍ].
ويقول أيضًا:
صوفى نهاد دام وسر حقه باز كرد | *** | بنياد مكر با فلك حقه باز كرد |
بازى چرخ بشكندش بيضه در كلاه | *** | زيرا كه عرض شعبده با اهل راز كرد |
فردا كه پيشگاه حقيقت شود پديد | *** | شرمنده رهروى كه عمل بر مجاز كرد |
حافظ مكن ملامت رندان كه در ازل | *** | مارا خدا ز زهد ريا بى نياز كرد |
[يقول: لقد نصب الصوفيّ فخًا وأعدّ الأوعية؛ يريد المكار أن يخادع الأفلاك.
إنّ مكر السماء سيغلبه، لأنّه يمارس الشعوذة على أهل السرّ.
وغدًا عندما يظهر مقام الحقيقة، سيخجل الذى بنى عمله على المجاز.
لا تلم يا حافظ المحتالين؛ وذلك لأنّ الله جعلنا من الأزل أغنياء عن زهد الرياء والدجل].
ثالثًا: متى يكون العرفان والتصوّف شيئًا واحدًا؟
ولذا يرى العديد من أهل الفن أنّ مِصداق هذين العنوانين (العارف والصوفيّ) واحدٌ؛ وذلك بمعنى أنّ المراد من «العرفان» إن كان هو الإدراك الشهوديّ لذات الحقّ المُقدّسة والفناء بالله والبقاء بالله، فإنّ إطلاق لفظة «العارف» و«الصوفيّ» و«الدرويش» على الشخص الواجد لهذا المقام، هو إطلاقٌ حقيقيّ وواقعي، وإن كان المقصود: هو مجرّد حفظ أحد الأفراد لبعض المصطلحات وقيامه ببعض الأوراد والتظاهر بالزهد والاعتزال والاعتراض على العُلماء والكبار من صالحي الشريعة، فإنّ العناوين الثلاثة تطلق أيضًا على المنحرف المتظاهر بهذه الأمور ولكن بنحوٍ مجازيّ أو من باب الخطأ والاشتباه.
يُحكى أنّ جماعةً من المعمّمين من أهل الظاهر كانوا ينسبون إلى المرحوم آية الله العارف الكامل ومُرّبى الأخلاق أستاذ الكل الآخوند الملّا حسين قُلّى الهمدانيّ تُهمًا مُشينةً، وكانوا يحاولون إيذاءه، حتّى سمّوه باسم «الصوفيّ» في رسالة كتبوها إلى المرحوم الشربيانيّ مرجع التقليد في ذلك الزمان، فقال المرحوم الشربيانيّ في جوابهم:
«إذا كان الصوفيّ هو ما يمثّل مصداقه شخصيةٌ مثل الآخوند [الهمدانيّ]، فأسأل الله تعالى أن يجعلني من الصوفيّة أيضًا».
وكذلك بعد وفاة المرحوم آية الله العارف الواصل الشيخ محمّد جواد الأنصاريّ الهمدانيّ، صار بعضهم يسمّيه صوفيًّا، وقد سعوا إلى محق الشخصيّة العلميّة والروحيّة لذلك الوليّ الإلهيّ وتدميرها؛ عند ذلك، قام المرحوم آية الله الآخوند الملّا علي الهمداني، والذي كانت له رتبة المرجعيّة في ذلك الوقت، وكتب في إعلانه عن مجلس الفاتحة الذى أقامه عن روحه:
«إِذَا مَاتَ العَالِمُ ثُلِمَ في الإِسْلَامِ ثَلْمَةٌ لَا يسدّهَا شَيءٌ»۱.
أي: إذا مات عالمٌ من سالكي طريق الهداية ومذهب أهل بيت العصمة (أولئك الذين يقول الإمام الصادق عليه السلام في وصفهم: «أَنْتُمْ وَاللهِ نُوْرٌ في ظُلُمَاتِ الأَرْضِ»٢ ثُلم في الإسلام ثلمةٌ لا يسدّها شيءٌ.
وحيث أنّ محور هذه المقالة هو لزوم السير والسلوك إلى الله وضرورته، وكذلك بيان أنّه بدون توجّه النفس إلى حقائق الأفعال والعبادات فلن يحصّل الإنسان أيّ مرتبةٍ أو منزلةٍ من خلال أدائه لتلك العبادات، وكذلك التأكيد على أنّ متابعة الإنسان للأستاذ الكامل والعارف الواصل هو أصلٌ مسلّمٌ في الترقّي والتكامل لا يتبدّل ولا يتغير؛ لذا فإنّ التحقيق في مسألة «العرفان» و«التصوّف» موجبٌ لتطويل البحث بلا طائلٍ، وسيؤدى إلى الخروج عن الهدف المرجوّ منه؛ ولذا نكتفى بهذا المقدار من التوضيح في هذا المجال، ولكن ما يراه الكاتب- وإن كانت كلمات الأعاظم مختلفةٌ في هذه المسألة- هو نفس ما تقدّم، وأنّه لا فرق بين مصداقي هذين العنوانين؛ سواءً مصداق الفرد الكامل والسالك الواصل منهما، أو مصداق الفرد المتظاهر المرائي.٣
رابعًا: اتّحاد حقيقة التشيّع والعرفان في كلمات المجلسيّ الأوّل والعلاّمة الحلّي رضوان الله تعالى عليهما
أثبت الملّا محمّد تقي المجلسيّ الأوّل في «رسالة تشويق السالكين» التي كتبها رضوان الله تعالى عليه حول لزوم التصوّف والسلوك، أنَّ حقيقة التصوّف والتشيّع شيء واحد، وأنّ الصوفيّ يعني الزاهد في الدنيا والراغب في الآخرة والملتزم بتطهير الباطن، وأنّ علماء الإسلام الأعلام كانوا بأجمعهم من الصوفيّة؛ ومن جملة من ذكرهم: الخواجة نصير الدين الطوسيّ، وورّام الكنديّ، والسيّد رضيّ الدين عليّ بن طاووس، السيّد محمود الآمليّ (صاحب كتاب نفائس الفنون)، والسيّد حيدر الآمليّ (صاحب تفسير بحر الأبحار)، وابن فهد الحلّيّ، والشيخ ابن أبي جمهور الأحسائيّ، والشيخ الشهيد المكّي، والشيخ بهاء الدين العامليّ، والقاضي نور الله الشوشتريّ الذي هو من السلسلة العليّة النوربخشيّة. ويُثبت في كتاب «مجالس المؤمنين» بالدلائل القويّة أنَّ جميع المشايخ المشهورين كانوا من الشيعة.
ويقول العلّامة الحلّيّ في كتاب الإمامة من «شرح التجريد»:
«نقل بالتواتر عنه أنه عليه السلام كان سيّد الأبدال وإليه تُشدّ الرحال في معرفة الزهد والتسليك فيه وترتيب أحوال الرياضات وذكر مقامات العارفين... وقَدْ نشَرُوا مِنَ العِلْمِ والفَضْلِ والزُّهْدِ والتَّرْكِ لِلدُّنْيا شَيْئًا عَظيمًا، حَتَّى أنَّ الفُضَلَاءَ مِنَ المَشايخِ كَانُوا يَفْتَخِرُونَ بِخِدْمَتِهمْ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ. فَأبُو يَزِيدَ البَسْطَامِيُّ كَانَ يَفْتَخِرُ بِأنَّهُ يَسْقِي المَاءَ لِدَارِ جَعْفَرٍ الصَّادِقِ عَلَيْهِ السَّلَامُ؛ ومَعْرُوفٌ الكَرْخِيُّ أسْلَمَ عَلَى يَدَيِ الرِّضَا عَلَيْهِ السَّلَامُ، وكَانَ بَوَّابَ دَارِهِ إلَى أنْ مَاتَ».۱
ويقول أيضًا في كتاب منهاج الكرامة حينما يُعدّد الجهات التي يفضُل بها أمير المؤمنين عليه السلام عن غيره:
وأمّا علم الطريقة فإليه منسوبٌ؛ فإنّ الصوفيةَ كلّهم يُسنِدونَ الخِرقَةَ إليه.٢
نتيجة: أصل التصوّف وحقيقته
وحاصل الكلام أنّ أصل التصوّف تصفية الباطن عن صدأ الغير، والتخلّق بأخلاق الله تعاليّ، وتحصيل الكمالات الروحانيّة، والوصول إلى مقام القرب والمعرفة العيانيّة، والمتابعة التامّة للشريعة المصطفويّة والطريقة المرتضويّة على صاحبيهما سلام الله تعالى؛ كما أنّ كلّ شيخ من مشايخ هذه الطائفة كان أيضًا عَلَم زمانه في العلوم الظاهريّة؛ مثلما يظهر من مصنّفاتهم؛ وذلك نظير: مولانا الروميّ، والشيخ علاء الدّولة السمنانيّ، والشيخ شهاب الدّين السهرورديّ صاحب حكمة الإشراق، والشيخ محيي الدّين بن عربي صاحب الفتوحات، والشيخ عبد الرّزاق الكاشي صاحب التأويلات، وشيخ أبو حامد الغزاليّ، والشيخ روزبهان صاحب تفسير العرائس، والشيخ العطّار وغيرهم.٣