6

أسئلة وملاحظات ترتبط ببعض جوانب الذكر

8170
مشاهدة المتن

المؤلّفمدرسة الوحي

القسم الاخلاق والحکمة والعرفان

المجموعةمقالات الورد والذكر

العدد التسلسلي6

مقالات مجموعة (7 مقالة)

التوضيح

خصصت هذه المقالة للجواب عن ثلاث أسئلة مهمة حول الذكر والورد، هي:
- كيف نذكر الله في خضمّ الحياة الاجتماعيّة ومشاغلها؟
- كيف نعالج قلّة المبالاة بالعبادة والذكر؟
- هل يتوقّف الإنسان عن الذكر في مرحلة ما أم أن الواصلين هم أيضا يحتاجون للذكر؟
جدير بالذكر أن هذه هي المقالة السادسة من سلسلة مقالاتٍ حول الذكر والورد في السير والسلوك قد استفادتها الهيئة العلمية لموقع مدرسة الوحي من محاضرات شرح رواية عنوان البصري لسماحة آية الله السيّد محمد محسن الحسيني الطهراني رضوان الله عليه

/۱۵
بي دي اف بي دي اف الجوال الوورد

أسئلة وملاحظات ترتبط ببعض جوانب الذكر

1
  •  

  • هو العليم

  •  

  • أسئلة وملاحظات ترتبط ببعض جوانب الذكر

  • المقالة السادسة من سلسلة مقالات حول 

  • الذكر والورد في السير والسلوك

  •  

  • بالإفادة من محاضرات شرح رواية عنوان البصري 

  • لسماحة آية الله السيّد محمد محسن الحسيني الطهراني رضوان الله عليه

  •  

أسئلة وملاحظات ترتبط ببعض جوانب الذكر

2
  •  

  •  

  • تمهيد الهيئة العلمية

  • بين يديك أخي القارئ بحث حول الذكر والورد في السير والسلوك، مستفاد من محاضرات سماحة آية الله الراحل السيّد محمّد محسن الحسيني الطهراني رضوان الله عليه حول الذكر في شرح فقرة: «مَعَ ذلكَ لي أورادٌ في كُلِّ ساعَةٍ مِن آناءِ اللَيلِ والنَّهارِ، فَلا تشغلني عَن وِردي وخُذ عَن مالكٍ واختَلِف إليهِ كَما كُنتَ تَختَلِفُ إليه» من رواية عنوان البصريّ، والتي شملت المحاضرات من الثامنة إلى الثامنة عشرة من سلسلة شرح تلك الرواية.۱

  • ويقع البحث ضمن فصول يصلح كلّ منها مقالة مستقلّة صغيرة:

  • المقالة الأولى: حقيقة الذكر والورد 

  • المقالة الثانية: تأثير الذكر وكيفيّة هذا التأثير 

  • المقالة الثالثة: ضرورة الذكر ومشروعيّته

  • المقالة الرابعة: اختلاف الأذكار باختلاف الأحوال والأوقات والمراتب 

  • المقالة الخامسة: الظروف المحيطة بالذكر النافع

  • المقالة السادسة: أسئلة وملاحظات ترتبط ببعض جوانب الذكر(وهي هذه المقالة التي بين يديك)

  • خاتمة: خلاصة أبحاث الورد و الذكر وأهم النتائج المستفادة.

    1. حيث إنّ المحاضرات بصورة عامّة تتميّز بأسلوب خاصّ من مراعاة حال السامع وتلبية حاجاته الفعليّة، والتكرار والتلخيص لما سبق والتعرّض للنقطة الواحدة من جوانب مختلفة في محاضرات عدّة ممزوجة بالنقاط الأخرى. وحيث تمسّ الحاجة إلى تكوين رؤية شاملة حول مفردة الذكر بشكل منتظم ومتسلسل وعلميّ، فقد قامت الهيئة العلميّة في موقع مدرسة الوحي بإعداد هذا البحث من نفس كلماته رضوان الله عليه مقتصرة على الجمع والترتيب والتقديم والتأخير وربّما اقتضى ذلك تكرار الفقرة نفسها إن كانت تفيد في أمرين، ولم تضف سوى ما ورد تحت عنوان "تلخيص واستنتاج" في ختام كلّ فصل إذا ما قضت الضرورة وذلك للمساعدة على جمع المعلومات الأساسيّة من بين البيانات المختلفة والشواهد.

أسئلة وملاحظات ترتبط ببعض جوانب الذكر

3
  •  

  •  

  • أعوذُ باللهِ منَ الشّيطانِ الرّجيم‌

  • بسمِ الله الرّحمنِ الرّحيم‌

  • الحمدُ لِلّه ربِّ العالمينَ و الصّلاةُ و السّلامُ على أشرفِ المرسلينَ‌

  • وخاتمِ النّبيّينَ أبي القاسمِ محمّدٍ و على آلِهِ الطّيّبينَ الطّاهرينَ‌

  • واللعنةُ على أعدائِهم أجمعين‌

  •  

  •  

  • السؤال الأول: كيف نذكر الله في خضمّ الحياة الاجتماعيّة؟

  • لا شكّ أنّ من لوازم الوجود في الدنيا الاشتغال بالأمور الدنيويّة والأخذ والردّ والعلاقة مع الناس، غير أنّ أمير المؤمنين [في قوله وإنَّ لِلذِّكرِ لَأهلًا أخذوهُ مِنَ الدّنيا بَدَلًا، فَلَم تَشغَلهُم تِجارَةٌ و لا بَيعٌ عَنهُ.۱] يقول: لقد رسخ ذكر الله فيهم رسوخًا لا تشغلهم معه هذه الانشغالات ولا تردعهم.

  • والآن كيف تطبّق هذه الصفات التي ذكرها أمير المؤمنين للذاكرين في الحياة الاجتماعيّة للإنسان؟٢

  • الذكر ليس للعاطلين

  • من الحديث الذي تفضّل به الإمام الصادق عليه السلام لعنوان البصري: 

  • "مَعَ ذلكَ لي أورادٌ في كُلِّ ساعَةٍ مِن آناءِ اللَيلِ والنَّهارِ، فَلا تَشغَلني عَن وِردي"

  • وهذه الفقرة تلفت انتباهنا إلى أنّه إلى جانب موقعيّة الإمامة في العلاقة مع الناس والتبليغ والإرشاد وبيان الأحكام، وبشكل عام أمور المعاش الیوميّة، هناك أمر آخر هو الاشتغال بالنفس، لأنّ الإمام الصادق عليه السلام لم يكن إنسانًا عاطلاً عن العمل يجلس في البيت لا أكثر، ويذكر الله ويقرأ القرآن. 

  • نعم هناك حالات يمرّ بها الإنسان لا يمكنه معها أن يقوم بغير العبادة والذكر، كالحالة التي كان عليها الإمام موسى بن جعفر في السجن، حيث لم يكن الإمام قادرًا على القيام بأيّ عمل، ولم يكن أحد على ارتباط معه.٣ لذلك عندما أمر هارونُ الفضلَ البرمكيّ بالتضييق على الإمام وتعذيبه أكثر، قال الفضل: نحن لا نرى منه عملاً سوى السجود والصلاة والذكر لنعذّبه أكثر٤، ولكن عندما كان موسى بن جعفر خارج السجن، كان الناس يتردّدون عليه، ويطرحون عليه أسئلتهم، وكان الإمام يجيب على رسائلهم، فالإمام ليس إنسانًا عاطلاً ليجلس في المنزل ويشتغل بالذكر والورد. 

  • يجب الالتفات إلى أنّ الذكر والورد وتهذيب النفس والعمل بالبرامج والتهجّد وقيام الليل وقراءة القرآن خلال النهار والنوافل وأمثال ذلك، والتي أكّد عليها الأئمة، وأمر بها الأعاظم ليست للعاطلين عن العمل، بل هي للذين هم كسائر الناس في ارتباطهم بمسائل الدنيا والأعمال اليوميّة. 

    1. نهج البلاغة (عبده) ج٢، ص ٢۱۱. 
    2. عنوان البصري ۱۱.
    3. نعم كون نفسه القدسيّة والملكوتيّة مشغولة بتدبير العالم هو أمر في مكانه، ولكن من حيث الاشتغال الظاهري كان الإمام في زنزانة انفراديّة ولم يكن له ارتباط مع الناس. 
    4. الإرشاد، ج ٢، ص ٢٤۰.

أسئلة وملاحظات ترتبط ببعض جوانب الذكر

4
  • ومقام الجامعيّة والشمول۱ الذي جعله الله في شريعة النبيّ الأكرم هو عبارة عن الحركة نحو الكمالات الإنسانيّة مع الالتفات إلى رعاية كافّة القوانين والأعمال الظاهريّة في العلاقة مع الزوجة والأبناء، والأقارب والأرحام، والرفيق والشريك والجار، وسائر الجوانب التي لا بدّ للإنسان منها في هذه الدنيا. 

  • موقف الإسلام من الرهبانيّة

  • والنقطة المهمّة للغاية هي أنّ الإسلام لا يرى رهبانيّة النصارى كافية ووافية للوصول؛ لذا فإنّ الرهبانيّة في الإسلام ليست مذمومة٢ ولكنّها ليست كافية. 

  • فليس في الإسلام عقاب على الرهبانيّة والانعزال وعدم الدخول في المسائل الاجتماعیّة، وليست أمرًا محرّمًا مخالفًا لرضى الله، بل يعدّها الإسلام منهجًا ناقصًا لتكامل الفرد، وحيث إنّ الإسلام هو الطريق الأتمّ والأكمل، فمن ناحية عقليّة يعدّ انتخاب الطريق المرجوح محلّ تأمّل.٣ و ٤

  • اهتمام الأئمة والأولياء بالأوراد رغم مزاولتهم شؤون الحياة

  • إنّ الإمام عليه السلام يريد بعبارة: مع ذلك لي أوراد في كلّ ساعة من آناء الليل والنهار أن يقول لعنوان البصري: رغم أنّ لي أعمالاً وأنّي على ارتباط مع الناس وأهتمّ بإدارة أمور المنزل وما هو خارجه، فقد جعلت في الوقت نفسه وقتًا لأورادي وأذكاري، فلو لم تكن، لما استطعت أن أقوم بذينك الجانبين وآخذ نصيبي من هذه الحياة. 

  • الشيخ محمّد حسين الأصفهاني صاحب السجدات الطويلة لم يكن عاطلاً عن العمل

  • لم يكن المرحوم الشيخ محمّد حسين الكمباني الأصفهاني ـ والذي كان يقضي ساعات في حرم أمير المؤمنين عليه السلام ساجدًا يذكر الله ـ بالإنسان العاديّ العاطل عن العمل، هذا الرجل العظيم الذي تُقرأ اليوم كتبه ككتب دراسيّة، كان من أعلم فضلاء النجف ومراجعه، لم يكن إنسانًا مجنونًا خسر عقله ليجلس ساعات في الحرم المطهّر لأمير المؤمنين عليه السلام ويذكر الله. 

  • في حين أنّ هؤلاء العلماء والشيوخ كانوا يسخرون منه ويطعنون عليه ويقولون: "انظروا إلى هذا الإنسان العاطل قد سجد كالدراويش في الحرم يذكر الله." 

  • لئن كان ذكر الله والسجود يجعلان الإنسان من الصوفيّة، فإنّ موسى بن جعفر ـ الذي كان يسجد من الصباح حتّى الظهر وبعد صلاة الظهر يسجد من جديد إلى الغروب ـ هو رئیس المتصوفة!

    1. تفسير بيان السّعادة، ج ٤، ص ٩٩: «إنّ محمّدًا صلّى اللهُ عليهِ و آلِهِ و سَلَّمَ قالَ: "إنَّ أخى موسى عليهِ السّلامُ كانَ عَينُهُ اليُمنى عَمياءً و إنَّ أخى عيسى عليهِ السّلامُ كانَ عَينُهُ اليُسرى عَمياءً و أنا ذو العَينَينِ."»
    2. الذمّ هنا بمعنى الحرمة والمخالفة لرضى الله، بناء على ذلك فإنّ الرهبانيّة ليست مذمومة في الإسلام. 
    3. الشمس الساطعة، ص: ٣٩٢: وَ إِذْ أَوْحَيْتُ إِلَى الْحَوارِيِّينَ أَنْ آمِنُوا بِي وَ بِرَسُولِي قالُوا آمَنَّا وَ اشْهَدْ بِأَنَّنا مُسْلِمُونَ ، إِذْ قالَ الْحَوارِيُّونَ يا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ أَنْ يُنَزِّلَ عَلَيْنا مائِدَةً مِنَ السَّماءِ قالَ اتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ‌. (الآية ۱۱۱ و ۱۱٢، من السورة ٥: المائدة.)
      قيل إنّ جميع الحواريّين كانوا من الصالحين الطيّبين إلّا واحداً منهم دلَّ أعداء المسيح عليه عند ما كانوا في صدد البحث عنه، فجاءوا للقبض عليه إلّا أنّه عرج إلى السماء و رُفع من بين الناس تماماً.
      و كان مجموع الحواريّين اثنى عشر، تبيّن انحراف أحدهم، أمّا الباقون فبقوا ثابتين على سيرة المسيح و نهجه، و صمّموا بأجمعهم أن لا يتخذوا أزواجاً لهم و ذلك متابعة لنهجه، و أن لا يتّخذوا لهم مكاناً و لا مسكناً، و لا يُقيموا في مدينة؛ بل يجولون من مدينة إلى أخرى و من قريةً إلى أخرى في مهاجرة دائمة للتبشير و دعوة الناس لدين السيّد المسيح عليه السلام و نهجه، منتهجين الرهبانيّة و الاعتزال. و مع أنّ الله لم يشرّع الرهبانيّة، إلّا أنّه ارتضاها.
      ثُمَّ قَفَّيْنا عَلى‌ آثارِهِمْ بِرُسُلِنا وَ قَفَّيْنا بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَ آتَيْناهُ الْإِنْجِيلَ وَ جَعَلْنا فِي قُلُوبِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ رَأْفَةً وَ رَحْمَةً وَ رَهْبانِيَّةً ابْتَدَعُوها ما كَتَبْناها عَلَيْهِمْ إِلَّا ابْتِغاءَ رِضْوانِ اللَّهِ فَما رَعَوْها حَقَّ رِعايَتِها فَآتَيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا مِنْهُمْ أَجْرَهُمْ وَ كَثِيرٌ مِنْهُمْ فاسِقُونَ. (الآية ٢۷، من السورة ٥۷: الحديد).
      بيد أنّهم لم يراعوا شرائط الرهبانيّة و آدابها كما ينبغي أن تكون، و لم يحافظوا على القيام بها كما يجب.
      نعم، لقد أنجز الحواريّون دعوتهم و نشروها و أرسوا أسسها و أقاموا دعوة كاملة شملت العالم.
      التلميذ: هل عدم زواج السيّد المسيح عليه السلام دليلًا على النقصان؟
      العلّامة: ليست دليلًا على النقصان، بل هي دليل على نورانيّة النبيّ عيسى عليه السلام و روحانيّته، أنّه لم يرتبط بهذه النشأة أبداً، فلم يتزوّج و لم يتّخذ له مسكناً و لا بيتاً؛ لقد كان بحدّ ذاته موجوداً خاصّاً.
      أمّا الرسول الأكرم فكانت له الجامعيّة و الشمول، إذ كان جامعاً لكلّ آثار و خصائص هذه النشأة بنحو أوفي، و خاصّةً و أنّ سُنّة الزواج هي من مختصّات رسول الله.
      وَ مِنْ آياتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْواجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْها وَ جَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَ رَحْمَةً إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ. (الآية ٢۱، من السورة ٣۰: الروم‌)
    4. مقطع من عنوان البصري ۱٣.

أسئلة وملاحظات ترتبط ببعض جوانب الذكر

5
  • إنّ كلّ ذلك الكلام هو لأجل الفرار من المسؤوليّة، لا يمكن لأحدهم أن يسلك هذا الوادي فيشرع بالطعن على الآخرين. لا قدرة له على الدخول في هذا الطريق فيأخذ بالاستشكال على الآخرين.۱

  • كان المرحوم العلامة يقول: 

  • كنت في مجلس في النجف الأشرف فنشب نزاع بين اثنين، وسمعت بأذني رجلاً من بيوت أحد العلماء يقول لرفيقه: لماذا جئت بفلان (الحاج عبد الرزاق الكرمانشاهي) من كرمانشاه إلى النجف، وأسكنته في هذا البيت ولم تأخذه إلى فلان؟ هؤلاء الذين يأتى بهم إلى النجف لا بدّ أن يبقوا بضعة أيّام فقط ثمّ يُخرجون منها، لأنّهم لو بقوا في النجف واطّلعوا على حقيقة أفكار وأخلاق بعض الناس ورأوا القضايا التي تجري في البيت، فإنّهم إذا رجعوا إلى بلادهم نقلوا للآخرين فيُسدّ طريق الحقوق الشرعيّة. ٢

  • أيّة مصيبة هي هذه؟! وما هي الأحداث والمسائل التي تجري في هذه البيوت حتّى أنّهم لا يجرؤون على إسكان أحد من الخارج في ذلك المحيط؟! ومع ذلك فإنّ هذا الرجل بعينه يعترض على المرحوم الكمباني ويقول: 

  • "إنّ هذه الأعمال التي يقوم بها هي أعمال الدراويش والتصوّف، والعلماء مكلّفون بالتبليغ ويجب عليهم أن يكونوا حاضرين في المجتمع، فماذا ينتفع الإنسان من السجود والذكر؟!

  • في النهاية أيّها الأحمق، أنت لا تدرك أصلاً لذّة الحلاوة التي يذوقها هذا العظيم بهذه الأذكار لكي تتّبعه! إنّ لذّتك هي في الفتنة بين اثنين، في الاتّهام، في إلقاء الخلاف والتعرّض لمن يريد أن يسير في طريقه الخاص ويشتغل بأعماله الخاصّة والقضاء على جذور الإسلام. 

  • كانوا يعترضون على العلامة الطباطبائي، لأنّه عندما كان يخرج إلى الدرس كان يطأطئ رأسه ولاينظر إلى أحد،٣ فالعلامة يرى من أمثالكم هذه المسائل فلا یعتني بكم ولا يرتبط بكم.٤

  • المعاني الأربعة لاستبدال الدنيا بالذكر في كلام أمير المؤمنين

  • إنّ أمير المؤمنين عليه السلام قال في خطبة له حول الآية الشريفة: ﴿رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة﴾٥وإنَّ لِلذِّكرِ لَأهلًا أخذوهُ مِنَ الدّنيا بَدَلًا، فَلَم تَشغَلهُم تِجارَةٌ و لا بَيعٌ عَنهُ.٦ ويمكن أن نتصوّر تباعًا كيف يمكن للإنسان أن ينشغل بالذكر بدلاً من الدنيا ضمن عدّة معان: 

    1. ذهبنا يومًا إلى مكان كان فيه عدد من الفقراء، فقلت للرفقاء هؤلاء واقعًا محتاجون فمن كان بإمكانه فليساعدهم، وكان الأصدقاء يساعدون بكلّ رضى، ولكنّ رجلاً لم يكن ليمدّ يده إلى جيبه، وكان يعترض على الآخرين بأنّكم بفعلكم هذا تزيدون المتكدّين، فهؤلاء الناس لا يدخلون في هذه المسائل، وبدلاً من ذلك يقضون أوقاتهم بالاتّهام والغيبة وأنّ فلانًا ماذا صنع وماذا سيصنع؟ وكأنّ هذه الأفكار أن كيف نرسل رسالة عن فلان ونوقع الاثنين في الفتنة؟ وما هي الطرق التي نسدّها؟ هي من الوظائف والواجبات!
    2. سالك آگاه، ج ۱، ص ٥۷.
    3. آيين رستگارى، ص ۱٦۱.
    4. مقطع من عنوان البصري ۱٣
    5. سورة النور (٢٤)، الآية ٣۷. 
    6. نهج البلاغة (عبده) ج٢، ص ٢۱۱. 

أسئلة وملاحظات ترتبط ببعض جوانب الذكر

6
  • المعنى الأول: الاعتزال والرهبانيّة والتفرّغ للذكر

  • فالمعنى الأول هو أنّ المراد من الدنيا هو الاشتغال بالكسب والتجارة والانشغال بالمسائل الدنيويّة والماديّة؛ بمعنى أنّ أهل الذكر هم جماعة كالرهبان الذين هم في الأديرة والكنائس، همّهم الذكر، وليس لهم أيّ اهتمام بالمسائل الدنيويّة، فهذه الجماعة بدلاً من أن تمضي نحو الاكتساب تجلس في المنزل وتذكر الله، وبدلاً من أن تتزوّج تشتغل دائمًا بالعبادة متّخذة مسلك الرهبانية. 

  • محاكمة المعنى الأول: منافٍ لشموليّة الإسلام

  • وهذا الطريق ليس ممدوحًا في الإسلام، لأنّه يتنافى مع شموليّة الإسلام۱، فالإسلام دين متكفّل بالسعادة الدنيويّة والأخرويّة للناس، وكون هذه المرتبة من الذكر ممدوحة سيتعارض مع الهدف الغائي للإسلام.

  • فالإسلام دين قد اهتمّ بالمسائل العباديّة وبالمسائل السیاسيّة للإنسان، وبعبارة أخرى الإسلام دين الكمال وليس فيه عبادة وسياسة، فنحن أصحاب تلك المقولة: "ديانتنا عين سياستنا، وسياستنا عين ديانتنا." أجل، فلو أردنا أن نفسّر كلام المرحوم المدرّس بأنّ مراده منه أنّ الإسلام دين الكمال وفي هذا الكمال يوجد كلّ شيء، فعندها يمكن أن نجد معنى صحيحًا لهذه الجملة. 

  • كمال الإسلام هو بوجود جميع الظروف التي تبلغ كافّةُ الاستعدادات في ظلها إلى الكمال. 

  • المعنى الثاني: تقسيم الوقت بين العمل والعبادة

  • المعنى الثاني من كلام أمير المؤمنين عليه السلام: فلم تشغلهم عنه تجارة ولا بيع عنه. هو أنّ أهل الذكر قد رسموا لأنفسهم محورين:

  • المحور الأوّل: الاشتغال بشؤون الدنيا. 

  • المحور الثاني: الاشتغال بالمسائل العباديّة. 

  • هذه الجماعة تفتح متاجرها عند الصباح على وضوء وبذكر الله لأجل طلب الرزق الحلال والمعيشة المحلّلة، أمّا عند الظهر والغروب فإنّها تصلّي في أوّل الوقت ثمّ تمضي إلى منازلها، فهذا العمل لا يؤدّي بهم إلى الحرمان من ذكر الله، ويراعي حقّ كلٍّ من هذين الأمرين. 

  • محاكمة المعنى الثاني

  • ورغم أنّ هذا المعنى صحيح، ولكنّه أُولى مراتب العمل للمسلم. فهل يتوقّع أن يكون الإنسان في وقت الظهر مشغولاً بالتجارة ويمضي أول وقته، ويصلّي صلاتي الظهر والعصر قبل غروب الشمس بدقيقتين؟! هذه المرتبة هي أقلّ مراتب رؤية الإنسان ومراتب الإخلاص والعبادة، ومن البعيد أن يكون كلام الإمام ناظرًا إليها.

    1. هناك معنى آخر لشموليّة الإسلام ذكره سماحة السيّد في المحاضرة ۱٣ من عنوان البصري: المطروح في الإسلام والذي بعث عليه النبيّ الأكرم هو أن تتضح للإنسان حقيقة التوحيد في كافّة مراحل الحياة بكلّ صورها، لا أنّ هذه الحقيقة هي فقط في صلاة الجماعة مع النبيّ في مسجده، دون أن تكون عند هجوم الكفّار وانتصارهم وبقاء النبيّ وحيدًا. 
      اعتراضنا على عمر وأبي بكر وأمثالهما هو أنّهم يقولون: "إن كان الحقّ مع الإسلام والنبيّ فلماذا كان النصر في كثير من الموارد للكفّار والهزيمة للنبيّ؟ لماذا يعِدُ النبيّ بفتح مكّة ولكنّه لا يتمكّن من دخولها بل يصالح؟! ينبغي أن لا يكون النبيّ كذلك! نحن نريد نبيًّا يتحرّك كالآليّات المدرّعة تدمّر كلّ شيء أتت عليه في طريقها وتهلكه، ولا تترك شيئًا وراءها، ولا تنتهي قذائفها، فهذا النبيّ هو الجيّد ونحن نرضى به." (لمزيد من الاطلاع على النظرات الخاطئة إلى النبيّ راجع: أسد الغابة، ج٣، ص ۱٥٥؛ أنساب الأشراف ج۱، ص ٣٥۸؛ الإرشاد، ج ۱، ص ۱٥٣.)

أسئلة وملاحظات ترتبط ببعض جوانب الذكر

7
  • المعنى الثالث: ملاحظة رضا الله أثناء العمل

  • المعنى الثالث الذي هو أعلى من المرتبتين السابقتين هو أنّ هذه الجماعة هي رجال يراقبون الله في الأحداث، وغرضهم من السعي وراء المال هو أن يصرفوه في كمالهم، فعندما يبيعون سلعة للمشتري يلاحظون رضا الله، لا الهوى والشهوة والمنافع الماديّة والادّخار، وعندما يفتحون المتجر فإنّ هدفهم هو أن يساعدوا فقيرًا ويرفعوا حوائج الناس وأن ينتفع الناس الذين يقصدونهم، وليس غرضهم فقط أن يصلوا إلى المال. وبعبارة أخرى فإنّ أهل الذكر في تجارتهم وبيعهم يلاحظون الله أولاً وينظّمون حياتهم ويرتّبونها على أساس هذا الهدف.

  • المعنى الرابع: امتلاك ملكة الرؤية التوحيديّة ورؤية الله في البائع والمشتري وفي كلّ شيء

  • المعنى الرابع وبقرينة "وإنّ للذكر لأهلاً"، يبدو بنظري القاصر أنّه يمكن أن يكون مراد الإمام من عبارة "فلم تشغلهم تجارة ولا بيع عنه" أنّ أهل الذكر أناس ليست وجهتهم هي الظاهر ولا الباطن، بل لا يرون تجارة ولا بيعًا، وإنّما يرون الله فحسب. هذا المعنى الأعلى والأكمل من المعاني السابقة، هو معنى نفهمه من هذه العبارة ولا نقول إنّه هو المراد منها على القطع.۱

  • فإذا صارت رؤية الإنسان توحيديّة فإنّه يرى البائع والمشتري واحدًا، تمامًا كما لو أخذت مالاً من أحد جيوبك ووضعته في جيب آخر فلا ينقص من مالك شيء. في المعاملة التي يكون البايع فيها والمشتري "هو"، والآخذ والمعطي فيها "هو"، و "هو" المنقص والزائد، فلن يكون هناك حينها مكان للربح والخسارة.

  • إنّ أفرادًا كهؤلاء يرون كلّ شيء واحدًا لا تشغلهم تجارة ولابيع.

  • بناء على ذلك فإنّ ما نفهمه من كلام أمير المؤمنين ومن آية ﴿رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله﴾٢ هو أنّ هؤلاء لا يتصوّر في حقّهم اللهو أصلاً، وقد بلغوا مرحلة لو أرادوا فيها اللهو لما استطاعوا.٣ 

  • النظرة الآليّة إلى الأشياء ذكر يجتمع مع الخوض في الحياة 

  • إنّ حقيقة المسألة وأصل المطلب هو في نظرة الإنسان الاستقلاليّة ونظرته الآليّة إلى الأشياء، فعلى الإنسان أن ينظر إلى ما حوله نظرة آليّة وعلى أنّها واسطة للوصول إلى المطلوب، فالنظرة الاستقلاليّة وعدّ هذه الأمور هي الأصل وهي كلّ شيء، يؤدّي إلى انحطاط الإنسان في الدنيا، والانغماس في الشهوات والابتعاد عن الحقّ، ويستتبع الخسران والحرمان من النعم الإلهيّة. 

    1. أمّا ما هي المتربة التي تصوّرها الإمام فهذا ما لا يصل إلى عقولنا، فأين نحن من كلام ذلك الإمام؟! فما لنا والفضول والقول إنّ مراد الإمام عليه السلام هو هذا المعنى؟! علينا أن لا نقول أبدًا: إنّ مراد الإمام هو هذا المعنى حتّى لا نقع في الفضول، بل علينا أن نقول: نحن نفهم هذا المعنى من كلام الإمام. 
      ولو قلنا إنّ مراد الإمام هو هذا لقال الإمام: لقد أخطأتم إذ قلتم أنّ مرادي هو هذا المعنى، أفهل أنتم في مكاني وفي فكري وخيالي؟! وهنا أیضًا سنكون من المخطئین لو قلنا إنّ مراد أمير المؤمنين عليه السلام هو هذا المعنى. ونسأل الله أن يوضّح لنا المسألة أكثر من هذا!
    2. سورة النور( ٢٤) آيه ٣۷.
    3. عنوان البصري ۱٢. 

أسئلة وملاحظات ترتبط ببعض جوانب الذكر

8
  • لو أنّا اعتبرنا ما نشتغل به خلال الأربع والعشرين ساعة وسيلة وواسطة للصعود إلى الغاية فإنّ نظرتنا إلى المسائل الدنيويّة ستتغيّر وتغدو أدق وألطف.۱

  • [فالحاصل أنّ] الأمر الذي يمكن أن يكون حقًّا وجامعًا لجميع مظاهر الله الجماليّة والجلاليّة هو الأكثر انطباقًا على مشيئة الله في نظام التكوين. ورغم إمكان أن تكون كيفيّة الأعمال السلوكيّة في بعض المراحل بنحو تجعل السالك يمتنع عن المشاركة في المسائل الاجتماعيّة٢، حيث قضى الرسول الأكرم وكثير من الأنبياء والأولياء برهة من أعمارهم في الانعزال وعدم الارتباط مع الناس، ولكن أن يكون السلوك عبارة عن ترك جميع الأمور التي يرتبط بها الإنسان وتتّصل بالحياة الدنيا، فإنّ مسيرًا كهذا لا يمكن أن يكون حقًّا بتمام معنى الكلمة.٣

  • السؤال الثاني: كيف نعالج قلّة المبالاة بالعبادة والذكر؟

  • أحيانًا يراجعني بعض الناس ويقولون: نحن لدينا شغل يمنعنا من قراءة القرآن، أو ماذا علينا أن نصنع حتّى نقوم عند الصباح؟ 

  • إنّ هذه المسائل البسیطة والاعتياديّة لا تستحقّ السؤال، فمثلاً على الإنسان أن يتناول في الليل طعامًا خفيفًا وينام مبكّرًا كي يتمكّن من الاستيقاظ.

  • ولكنّ الأمر الذي يستحقّ الاهتمام هو أنّه لماذا عندما يصاب بمرض حسّاس وخطر لا يطرح هذه المسائل والمطالب ولا یقول: "بعد أسبوع نأتي إلى السيّد ونسلّم عليه ونقول له يا سيّد إنّ بطني تؤلمني فهل ترى من الصلاح أن نراجع الطبيب؟!" بل لا یقول الإنسان في تلك الحالة إلاّ: "دعونا نعالج أنفسنا!" وحينها لا يتذكّر التلفون ولا أنّه هناك سيّد. فلو أن الإنسان يمشي باهتمام، فإنّ الأحداث نفسها تجري وفق ما يشتهي فلا يحتاج بعد ذلك إلى سؤال وكلام وأمثال ذلك.٤ فلماذا لا يطرح الإنسان مسائله وآلامه بصدق؟! 

  • فمثلاً بعضهم يقولون: ماذا نصنع يا سيّد حتّى يوجد في باطننا الإحساس بالحاجة؟ فماذا عليّ أن أقول؟! الإحساس بعدم الحاجة هو أعظم الأمراض، وليس شيئًا يمكن أن يقال فيه اقرأ ذاك الدعاء لكي يزداد شعورك بالحاجة، عندما تكون متألّمًا فإنّك تسعى إلى الدواء. الإحساس بالألم يرجع إلى التأمّل والتفكّر، التأمل في أسباب الشقاء والمسكنة والمشكلات، والمسائل التی تنتظرنا والعمر الذي لم يبق لنا منه شيء. عندما يجعل الإنسان هذه الأمور أمام ناظريه ولا يدرك الألم فينبغي أن يكون قد أكل التبن سابقًا! فالاطلاع على الوضع الحقيقي يعني الوصول إلى الألم والسعي إلى العلاج، والإنسان الذي يشعر بهذه الحالة لا يقول: سننظر كيف ستكون الأمور؟ بل يلقي بنفسه بأيّ وضع حتّى يصل إلى النتيجة المرجوّة. 

    1. عنوان البصري ۱۱
    2. وسيأتي في الأبحاث الآتية كيف يمكن للإنسان في بعض المراتب أن يحدّ بنحو ما دائرة علاقاته مع الناس لكي يحصل لديه ذلك الأثر الخاصّ الذي يترتّب على العمل بالأمور المعنويّة والعباديّة. (وانظر في ذلك الفصل الرابع الظروف المعدّة للذكر النافع)
    3. مقطع من عنوان البصري ۱٤.
    4.  
      هركجا دردى، دوا آنجا رود***هركجا فقرى، نوا آنجا رود
      هركجا مشكل، جواب آنجا رود***هر كجا كشتى است آب آنجا رود
      تا ﴿سَقاهُمْ رَبُّهُمْ﴾
      آيد خطاب‌***تشنه باش (اللَّهُ أَعْلَمُ بالصَّواب‌)
      والترجمة: إلى حيث الألم يمضي الدواء *** وإلى حيث الفقر تمضي القوّةوحيث تكون المشكلات يأتي الجواب *** وإلى حيث السفن تجري المياهقلل من البحث عن الماء وعش الظمأ لكي *** يفور ماؤك من فوق رأسك ومن تحت رجليلككن عطشًا لكي يأتي خطاب *** ﴿سقاهم ربّهم﴾ والله أعلم بالصواب. 

أسئلة وملاحظات ترتبط ببعض جوانب الذكر

9
  • أحيانًا تحصل لبعض الناس إلهامات أنّهم سيموتون بعد أسبوع، فيتغيّرون فجأة ويحصل لديهم تحوّل، فيدفعون قروضهم، ويعتزلون الناس، ويعبدون ويتهجّدون، ويصلّون صلاة الليل، فلأنّ هؤلاء فهموا أنّ المسألة جادّة، يظهر لديهم الألم. 

  • أحيانًا يمكن لبعض الناس أن يعمل ما يحلو له إلى سنّ الخمسين، ولكن ما إن يحكم عليه بالإعدام يتذكّر اشتباهاته ويرسل الرسائل إلى كلّ حدب وصوب للاستحلال والمسامحة من الناس أن سامحوني وتذكّروا الله! فهذا الإنسان هو واقعًا يريد أن يصحّح ولا يكذب، لأنّه عندما يحكم بالإعدام فإنّ ضميره الغافل يتجلّى فجأة وتظهر له حساسيّة المسألة وحقّانيتها. لماذا يشرع بذلك بعد كلّ هذه المدّة؟ لأنّه إلى الآن كان الحجاب قد غطّى هذه الحقيقة ولذلك لم يكن يصدّق، ولكن الآن أزيح الحجاب ويرى أنّ الأمر قد انتهى. فالإنسان الذي تصبح تلك الحقيقة ملموسة ومحسوسة عنده يشرع بطلب المسامحة وكتابة الرسائل والاعتذار ولو كان من أسوأ الناس. الآن اتّضحت له تلك الحقيقة، أمّا لو قالوا: لقد حصل خطأ بين سجلّك وسجّل رجل آخر، وليس عليك أنت إلاّ ستّة أشهر من السجن ثمّ يطلق سراحك. فإنّه يخفي تلك الرسائل التي كتبها وتتغيّر أحواله!

  • يحكي الحكيم السنائيّ أنّ فتاة تدعى مِهْسَتي قد مرضت، وكانت أمّها تتودّد لها كثيرًا وتقول: "جعلني الله فداء لك، ومتّ في سبيلك." وفي ليلة من الليالي خرجت بقرة لهم من الحظيرة ومشت نحو بيتهم، وفي الطريق أدخلت رأسها في قِدر لتشرب الماء، ولكنّه علق في القِدر، فكانت تسير في تلك الليلة المظلمة نحوهم بذلك القدر، فظنّت العجوز أنّ عزرائیل هو الذي يأتي نحو غرفتهم وأنّ استجابة دعائها أمر حقيقيّ فقالت:

  • كاى مَقَلموت! من نه مِهسَتى‌ام‌***من يكى زال‌پير محنتى‌ام‌‌۱
  • والمعنى: 

  • يا ملك الموت أنا لست مهسَتي *** أنا عجوز مسكينة ممتحنة 

  • فالناس هكذا، لو تغيّرت القضيّة عن ذلك الواقع المحسوس الذي ظهر لهم، يعودون إلى ما كانوا عليه، وينسون كلّ كلامهم: ﴿ولو ردّوا لعادوا لما نهوا عنه﴾. ٢

  • بعضهم یقول إنّ كلمة إنسان مشتقّة من النسيان. ٣ فالنسیان والغفلة یسيطران على الإنسان وقلّة هم الذين يحافظون دائمًا على تلك الحقيقة الملموسة في أنفسهم، فلو بقيت تلك الحقيقة دائمًا معنا لما مضى أربعون يومًا إلا وقد تغيّرت حالنا بشكل كبير. يقول الرسول الأكرم صلّى الله عليه وآله وسلّم: 

    1. حديقة الحقيقه، ص ٤٥٤.
    2. سورئ الأنعام (٦) الآية ٢۸.
    3. كتاب العين، ج ۷، ص ٣۰٤.

أسئلة وملاحظات ترتبط ببعض جوانب الذكر

10
  • واللهِ لَو تَدومونَ علَى الحالِ الّتى وَصَفتُم بِها أنفُسَكُم لَصافَحَتكُمُ المَلائِكةُ و لَمَشيتُم علَى الماءِ.۱

  • أي لوأنّكم تبقون على تلك الحال التي كنتم عليها عندما كنتم جالسين إلى جوار النبيّ تستمعون إلى المسائل وقد تغيّرت أحوالكم واتّضحت أمامكم الحقائق وداومتم على ذلك، فإنّ الملائكة تصافحكم ويمكنكم أن تمشوا على الماء! 

  • وكذلك يقول في رواية أخرى: 

  • لَو لا تَمريجٌ فى قُلوبِكُم و تَكثيرٌ فى كَلامِكُم لَرَأيتُم ما أرَى و لَسَمِعتُم ما أسمَعُ.٢ 

  • فبمجرّد أن يخرج الإنسان من عند النبيّ لا تحلّ المشكلة، بل يغطّي تلك الحقيقة حجاب من التخيّلات والأفكار والمؤامرات، فكلّما حافظ الإنسان على هذه الحقيقة في نفسه أمكنه أن يستفيد أكثر من المواهب الإلهيّة. 

  • آمل أن يأخذ الله بأيدينا، وأن يقدّر لنا ما هو أحسن في كافّة مراحل الحياة، وأن يجعلنا عبادًا أرقّاء له في ظلّ مقام عظماء الولاية الإلهيّة الأتمّ.٣

  • السؤال الثالث: هل يتوقّف الإنسان عن الذكر في مرحلة ما ولماذا يحتاج الواصل إلى الذكر؟

  • يتصوّر البعض أنّ السير والسلوك والحركة في طريق الله هي بسبب نزول الإنسان إلى الدنيا والتعلّق بها، ولأنّ حجاب الغفلة قد غطّى كامل وجود الإنسان، فإنّ هذه الحجب أدّت إلى حدوث بون بعيد بينه وبين المحبوب، ولذلك ولكي يطوي تلك المسافة الفاصلة لا بدّ من المجاهدة والمراقبة وأن يلاحظ تلك الأسماء والصفات الإلهيّة، ويعمل على أساسها. فهذا أمر صحيح ويستحقّ الدراسة، ولكنّ المسألة ليست تامّة. 

  • فالأسماء والصفات الإلهيّة التي تقوم بعملها بشكل منبسط ومفصّل وخارج عن الإجمال في هذه الدنيا وفي العوالم العليا، هي عبارة عن الآثار التي ترشّحت وانبعثت عن الذات الإلهيّة في مقام الإطلاق لا مقام المحدوديّة. 

  • فمعنى كون الله عالمًا هو أنّ علمه هو في مقام الإطلاق لا المحدوديّة، وليس لأحد حتّى الرسول الأكرم صلّى الله عليه وآله أن يصل إلى علمه. ومعنى كونه قادرًا هو أنّ قدرته هي في مقام الإطلاق وليس هناك أحد حتّى الذوات المقدّسة للأئمة عليهم السلام يمكنه أن يصل إلى منتهى تلك القدرة التي هي أثر تلك الذات ونتيجتها. 

    1. الكافى، ج ٢، ص ٤٢٤.
    2. الميزان فى تفسير القرآن، ج ٥، ص ٢۷؛ آيين رستگارى، ص ۱٣۱. رساله لبّ‌اللباب، ص ٣٩: «اگر اين گفتار بسيار در زبان‌ها و اين اضطراب و آشوب در دل‌هاى شما نبود، هرآينه مى‌ديديد آنچه را كه من مى‌بينم و مى‌شنيديد آنچه را كه من مى‌شنوم.»
    3. عنوان البصري ۱٣.

أسئلة وملاحظات ترتبط ببعض جوانب الذكر

11
  • فالولاية هي أثر من آثار الذات الحاكمة والغالبة على نفوس الأئمة عليهم السلام، ولكنّ الكلام هو في أنّ هذا الظهور إذا صار في قالب التعيّن فإنّه سيتنافى مع ذلك الإطلاق؛ لذلك فإنّ النبيّ الأكرم أيضًا رغم مقامه وعظمته التي تجعل جميع عوالم التكوين منبعثة من نفسه المباركة وتحت إرادته كان يقول حتّى نهاية عمره: «رَبِّ زِدنى فيكَ تَحَيُّرًا!» ۱ ومعنى الكلام النبويّ هذا هو: اللهمّ زد علمي بك، لأنّه ما لم يعلم الإنسان ويطّلع ويعرف موضوعًا ما، وما لم يطّلع على خصوصيّاته فلا يتحيّر، بل يتجاوز عن المسألة بنظرة عابرة. لو أعطينا قطعة من الألماس النفيس لطفل، فلأنّه خال من المعرفة يشرع باللعب بها، أمّا لو أعطينا هذه القطعة نفسها لخبير في الجواهر ومطّلع ومجرّب، فإنّه سيتحيّر. 

  • نحن لا ندرك شيئًا لنتحيّر ونقول: «رَبِّ زِدنى فيكَ تَحَيُّرًا» بل النبيّ هو الذي وصل إلى حقيقة علم الله واطّلع على الوجود الإطلاقيّ وغير المتناهي لله. فمن باب المثال يمكن أن يكون لي أنا اطّلاع على خصوص الطحين والسكّر الموجودين في هذه الحلوى، ولكنّ إنسانًا آخر ممّن له اطّلاع أكثر يمكن أن ينتهي إلى كافّة الموادّ الموجودة فيها، والآن لو أنّ النبيّ كان قد وصل إلى جميع مراتب علم الله كمن اطّلع على كافّة محتويات شيء من الأشياء، فلن يكون بعد ذلك من معنى لأن يقول كلمة «زِدنى» .٢

  • على الإنسان أن يصل إلى الأسماء والصفات الكليّة للحق الله تعالى من خلال نفس تلك الأسماء والصفات الكليّة التي يتصرّف الله في الكون بواسطتها.

  • وستكون الأسماء والصفات الكليّة مختلفة بحسب المراتب، فبالنسبة إلى المبتدئ هناك معنى، وبالنسبة إلى السالك الذي قطع شوطًا هناك معنى آخر، وبالنسبة للإنسان الذي بلغ مرتبة أعلى هناك معنى مختلف. والعبور من كلّ مرتبة يوصل الإنسان إلى مرتبة أعلى من الأسماء الكليّة ولهذه الأسماء والصفات في كافّة المراتب حكم القوّة الرافعة التي تعدّ لوصول الإنسان إلى الدرجات الأعلى من التجرّد، وفي الوقت نفسه فإنّ خصوصيّات تلك المرتبة تظهر للإنسان وتتّضح، وبناء على ذلك فلن يكون السالك مستغنيًا في وقت من الأوقات عن الذكر.٣

    1. الفتوحات المكّية، ج ۱، ص ٢۷۱ و ٢۷٢؛ ج ٢، ص ٥٤٥؛ فصوص الحكم، ص ۷٣؛ مرصاد العباد، ص ٣٢٦؛ شرح الأسماء الحسنى، ملّا هادى سبزوارى، ص ٥٣٥.
    2. مقطع من عنوان البصري ؟؟؟
    3. طبعًا ليس هناك مجال للبحث في اختلاف الأذكار بعضها عن بعض والآثار الخاصّة لكلّ ذكر واسم من أسماء الله. 

أسئلة وملاحظات ترتبط ببعض جوانب الذكر

12
  • وحيث إنّ ذات الله هي في مرتبة الإطلاق بواسطة التجرّد التامّ، وليس لها أيّ حدّ وقيد، فإنّ آثار ولوازم الذات التي هي نفس الأسماء والصفات الإلهيّة ليس لها حدّ ولا قيد.

  • فمن باب المثال، يمتلك هذا العبد القدرة على رفع إناء صغير، ولكنّي لا يمكنني بقدرتي المحدودة أن أرفع أكثر من وزن معيّن، ولكن ليس هناك أيّ حدّ وعجز في قدرة الله وسائر صفاته الأخرى من العلم والحياة والرحمة والعطف والقهر. وبالنظر إلى ذلك فهل يمكن أن نتصوّر أنّ مخلوق الله ولو كان النبيّ الأكرم يرى نفسه مستغنيًا في آن من الآنات عن الارتباط بالأسماء والصفات الإلهيّة؟

  • النبيّ الأكرم والأئمّة عليهم السلام مخلوقون لله، وما ورد في الروايات من أنّ الأئمّة مجرى فيض الله۱، لا يعني أنّهم مستغنون، بل يعني أنّ الإمام بنفسه القدسيّة والمباركة يحقّق الأسماء والصفات الإلهيّة في جميع العوالم. فالقدرة التي نحسّ بها في وجودنا فيتحدّث هذا العبد ويسمع الرفقاء هي بواسطة النفس المباركة لحضرة بقيّة الله أرواحنا فداه. فلولا الإمام سنكون نحن جميعًا عدمًا أيضًا، وسوف لن يكون لنا مثقال ذرّة من القدرة. 

  • إنّ علومنا هي بواسطة الفيض الآتي من إمام الزمان عليه السلام إلى وجودنا، ولو أنّه غفل وأمسك ثانية واحدة، فلن يكون لنا أيّ علم في وجودنا، تمامًا كالشريط الذي إذا ضغطنا مفتاحًا ما فإنّ كافّة المعلومات الموجودة فيه ستحذف وسيغدو خاليًا تمامًا. أو كالذين يفقدون ذاكرتهم بسبب صدمة واضطراب ويغدون كأنّهم طفل مولود حديثًا، ليس في ذهنه أيّ شيء. 

  • إنّ حياتنا هي بواسطة عناية النفس المقدّسة لحضرة بقيّة الله عليه السلام، والذي يجري الفيض لكلّ واحد من الموجودات بشكل خاصّ، سواء كلّ واحد من أفراد الجنّ والإنس والملك وحتّى جنود الأبالسة، فأصل وجود وقدرة كافّة هذه المخلوقات هو من الإمام عليه السلام، وهذا معنى إشراف الولاية وإجراء الفيض الإلهيّ والأسماء والصفات الكليّة في القوالب المعيّنة.

  • وبما أنّ شخص الإمام عليه السلام هو أيضًا يستفيض من الأسماء الكليّة ويبقى العلم المطلق الإلهيّ دائمًا في مرحلة الإطلاق، فلا يمكن للإمام عليه السلام أبدًا أن يصل إلى حدّ علميّ يقول فيه: لقد انتهيت إلى نهاية علمك وشبعت، وأخذت كل ما هو موجود. لا بدّ من معرفة النبيّ والإمام بشكل صحيح وأن يحافظ لهم على مقام أنّهم مخلوقون. لقد كان النبيّ الأكرم صلّى الله عليه وآله يقول إلى آخر عمره: 

    1. راجع البرهان فى تفسير القرآن، ج ٤، ص ٦۸٣.

أسئلة وملاحظات ترتبط ببعض جوانب الذكر

13
  • ربِّ زِدني فيكَ تَحَيُّرًا۱. وزيادة التحيّر هي بسبب الواردات، لأنّه إذا وصل الإنسان إلى كافّة حدود مسألة ما وأحاط بها فلا معنى للتحيّر. ومعنى كلام النبيّ هو أنّه: يا ربّي، تقدّم بي دائمًا في التعرّف على علمك وقدرتك المطلقين، ولا تجعلني أتوقّف، فكلّما ازددت فيك علمًا ازددت فيك تحيّرًا وتعجّبًا.

  • لذلك كان النبيّ يقول هذا الذكر حتّى نهاية عمره، وليس النبيّ وحده، بل إمام الزمان عليه السلام كذلك هو في هذا الوقت وفي كلّ لحظة من لحظات حياته يقول: ربِّ زِدني فيكَ تَحَيُّرًا. ويطلب من الله المزيد من العلم والإفاضة.

  • والآن يصبح من الواضح معنى كلام الإمام الصادق عليه السلام حين يقول: 

  • «لي أورادٌ فى كُلِّ ساعةٍ مِن آناءِ اللّيلِ و النّهارِ، فلا تشغَلني عن وردي» . فالإمام الصادق عليه السلام لا يقصد من قوله لا إله إلا الله ما نقصده نحن، حتّى إنّه من المحال أن نتصوّر حقيقة التوحيد التي يطلبها من الله والحجب المختلفة التي تنكشف له الواحدة تلو الأخرى.

  • فلأنّ النبيّ الأكرم صلّى الله عليه وآله وسلّم، والإمام عليه السلام والأولياء يتمسّكون بالأسماء الكليّة المطلقة لله، ويستفيدون من لانهائيّتها، فقد كانوا حتّى نهايات أعمارهم دائمًا في حالة ذكر٢، ولم يكونوا يرون أنفسهم لحظة واحدة مستغنين عن الورد وذكر الله، أفهل يمكن أن يكون الإنسان مستغنيًا؟!

  • طبعًا لا شكّ أنّ الأوراد والأذكار ومراتب التوجّه مختلفة ويمكن أن يكون ورد وذكر خاصّ مختصًّا بمرتبة معيّنة، ولكنّ استغناء النفس عن الذكر هو عين الهبوط والتوقّف والورود في الجهل وإغلاق أبواب الرحمة في وجه الاستعدادات الوجوديّة والذاتيّة للإنسان.٣

  • يحكى في سيرة كمال الملك٤ ـ صاحب اللوحات الشهيرة والذي يمكن أن يقال إنّه رسّام لا مثيل له ـ أنّه في يوم من الأيّام يهدي بضعة لوحات من لوحاته الخاصّة إلى المكتبة الوطنيّة، وعوضًا عن إحدى هذه اللوحات يقوم مسؤول المكتبة بإرسال مبلغ له، فينزعج كمال الملك من هذه الحادثة ويعيد المبلغ ويقول لهم: إن كانوا يريدون أن يدفعوا لي قيمة لوحتي فليأتوا لواحدة من لوحاتي بنظير لكي أدفع أنا المبلغ الذي تقدّر به على وجه الأرض! 

    1. الفتوحات المكّيه، ج ۱، ص ٢۷۱ و ٢۷٢؛ ج ٢، ص ٥٤٥؛ فصوص الحكم، ص ۷٣؛ مرصاد العباد، ص ٣٢٦؛ شرح الأسماء الحسنى، ملّا هادى السبزواري، ص ٥٣٥.
    2. جاء في المحاضرة ۱٩: وقد كان النبيّ حتّى آخر حياته مداومًا على ذلك، والآن أيضًا يداوم رسول الله على الذكر الإلهيّ، غاية الأمر أنّ كيفيّة الذكر بعد الوفاة تختلف عنها قبل الوفاة.
    3. مقطع من عنوان البصري ۱۸. 
    4. كمال الملك رسام إيراني اسمه محمد غفاري، ولد في سنة ۱۸٤۷ وتوفي سنة ۱٩٤۰. يعتبر أحد أشهر رسامي إيران المعاصرين، وله آثار كثيرة ومهمة في قصور ملوك إيران ومراكزها الثقافية الكبرى. (م)

أسئلة وملاحظات ترتبط ببعض جوانب الذكر

14
  • ثمّ يأتي بواحدة من تلك اللوحات ويحضر أسطوانة يبلغ طولها ستين سانتيمرًا أو سبعين كان قد صنعها من الكارتون ويقول: عندما تنظرون إلى هذه اللوحة فلا تنظروا نظرة عابرة! ضعوا هذه الأسطوانة على زوايا اللوحة وانظروا بعين واحدة لكي تدركوا مهارة الرسّام وفنّه. 

  • وعندما ينظرون إلى اللوحة بهذه الطريقة يلتفتون كم كانت هناك من الأمور الدقيقة التي لم يلتفتوا إليها في النظرة الأولى! ووحده من كان من أهل الفنّ يمكنه أن يدركها ويعرفها!

  • وهنا نلتفت لماذا يقول الإمام الصادق عليه السلام لعنوان: مَعَ ذلكَ لي أورادٌ في كُلِّ ساعَةٍ مِن آناءِ اللَيلِ و النَّهارِ. فالمعنى الذي يدركه الإمام عليه السلام من كلمة لا إله إلا الله لن يخطر أبدًا على أذهاننا، والإمام دائمًا يرى نفسه محتاجًا لاستجلاب الفيض من الله، ولو رأى نفسه مستغنيًا عن ذلك لما قال: لا إله إلا الله. ۱

  • [فـ ] سواء المبتدئون أم السلاّك الذين هم في نهاية المسير وحتّى الإمام عليه السلام والنبيّ الأكرم الذي هو أشرف الكائنات وفخر عالم الوجود ومنبع الفيض ونقطة الواحديّة ومجرى الأسماء والصفات الكليّة، محتاجون إلى التوسّل بالأسماء والصفات الكليّة الإلهيّة؛ لذلك يقول الإمام الصادق عليه السلام لعنوان البصريّ: لقد أعطيتك البرنامج، وأخبرتك بالأمر، فلا تضع وقتي أكثر من هذا، فمهما قصّرت في الذكر فإنّي محروم من ذلك الفيض.٢ 

  • تلخيص واستنتاج

  • [س۱. كيف نقوم بالذكر مع الخوض في الحياة الاجتماعيّة؟ 

  • قد يقع الإنسان في ظروف تجعله يتفرّغ للعبادة وحدها كما كان حال الإمام الكاظم عليه السلام في السجن، ولكن ليس هذا هو الحالة الأصليّة. 

  • قد يحتاج الإنسان في بعض المراتب إلى اختيار العزلة كما صنع النبيّ صلّى الله عليه وآله حين كان يذهب إلى غار حراء ولكن ذلك ليس هو الحالة الأصليّة

  • الذكر والعبادة ليسا للعاطلين وكلّ الأئمّة عليهم السلام والأعاظم كانت لهم حياة طبيعيّة ومع ذلك كانوا يقومون بالذكر، وأمّا طريق الرهبانيّة فليس طريقًا منسجمًا مع شموليّة الإسلام.

  • قيام الأئمّة والأعاظم بالذكر لم يكن على نحو الرهبانيّة، ولا على نحو تقسيم الوقت بين الذكر والأمور الأخرى فحسب، ولا بملاحظة رضا الله في الأعمال فحسب، بل بامتلاك نظرة توحيديّة آليّة إلى الأشياء كلّها بحيث لا يرون فيها إلا الله، وهذا معنى اتّخاذهم الذكر بدلاً من الدنيا وعدم انشغالهم عنه بها.

    1. مقطع من عنوان البصري ۱٦.
    2. مقطع من عنوان البصري ۱۸.

أسئلة وملاحظات ترتبط ببعض جوانب الذكر

15
  • س٢. كيف نعالج عدم الاهتمام بالعبادة؟ 

  • بإلإحساس بالألم وذلك عن طريق التفكّر والتأمّل في واقعنا وحالنا وحياتنا ومماتنا.

  • س ٣. هل يستغني الإنسان عن الذكر في مرحلة ما؟ ولماذا؟ 

  • لا يستغني أبدًا حتّى لو وصل إلى مرتبة الكمال والبقاء بعد الفناء لأنّ الذات الإلهيّة مطلقة لا حدّ لها وصفاتها وأسماؤها هي كذلك، فالذكر في تلك المرتبة سير في هذا المطلق.]