المؤلّفالهیئة العلمیة لموقع مدرسة الوحي
القسم التاريخ و الاجتماع
التوضيح
أهم محتويات المقالة:
- ثورة سيّد الشهداء عليه السلام أكثر الأمور حيويّة لتمييز الحقّ عن الباطل؛
- مجالس عزاء سيّد الشهداء قد انحرفت عن مسارها الأصيل؛
- أبعاد ثورة سيّد الشهداء عليه السلام لا تنحصر بخصوص مقارعة الظلم؛
- الاعتراض على الإمام المجتبى عليه السلام بسبب عدم قيامه ناشئ من الجهل؛
- قيمة تاريخ عاشوراء تنشأ من وجود الإمام المعصوم فيها.
هو العليم
مظلوميّة سيّد الشهداء عليه السلام
بحث منتخب من آثار الأعاظم
إعداد: الهيئة العلمية في موقع مدرسة الوحي
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
و صلّى اللهُ على محمّد و آله الطَّاهرين
و لعنة الله على أعدائهم أجمعين من الآن إلى قيام يوم الدين
و لا حول و لا قوّة إلاّ باللهِ العليّ العظيم
ثورة سيّد الشهداء عليه السلام أكثر الأمور حيويّة لتمييز الحقّ عن الباطل
إنّ قضية ثورة سيّد الشهداء عليه السلام، وشهادة هذا الرجل العظيم، قد أقيمت في الثقافة الشيعيّة بعنوانها الشعار الأبرز والأكثر حيويّة لفرز الحقّ عن الباطل وتمييزهما، وذلك في جميع المراتب والمراحل التكامليّة للإنسان، ولا مناص لأيّ شخص من الإنقياد لهذا الإمام واتّباع حركته في جميع مستوياتها وأنحائها، سواء قبل عاشوراء أم بعدها، لأنّ هذه الواقعة مع خصوصيّاتها وظروفها المحيطة بها، لهي حدثٌ استثنائيّ على امتداد تاريخ البشريّة، حيث صدرت وتحقّقت بواسطة أحد الأئمّة المعصومين عليه السلام، لا على يد أحد الأفراد العاديّين أو العلماء العاديّين.
فوجهة نظر الثقافة الشيعيّة بالنسبة إلى عاشوراء، تختلف عن جميع الرؤى الأخرى اختلافاً ماهويّاً وأساسيّاً، وعلى حدّ قول مولانا:
هر كسى از ظنّ خود شد يار من | *** | وز درون من نجست اسرار من۱ |
فمن منطلق الثقافة الشيعيّة، ليست مظلوميّة سيّد الشهداء عليه السلام كامنة في أنّ جماعة ممّن لا يمتّون إلى الله بِصِلة، أغاروا على عدّة من ذراري النبيّ وأولاده، وقضوا عليهم بحدّ السيف؛ كبارهم وصغارهم، وحتّى الطفل الرضيع لم يتركوه، ثمّ بعد استشهادهم أخذوا أهل بيت رسول الله وهم في حالة مفجعة، وطافوا بهم البلاد والشوارع أمام الملأ العام، وهم أسارى مكبّلون بالأغلال والسلاسل، وفعلوا ما أخجل صفحات التاريخ من ذكره!
بل إنّ مظلوميّة سيّد الشهداء في أنّه لم يطّلع أحدٌ على حقيقة هذه الحادثة وروحها وقلبها، فالجاهل العامّي أو العالم الخبير - جميعهم ودون استثناء - إنّما درسوا هذه الحادثة من خلال نفس معكّرة وروح غير صافية، وبيّنوها بواسطة أفكارهم الطفوليّة؛ فالعاميّ ينظر إلى هذه الحادثة على أنّها تقرح القلب وتفتّته، فيلطم على رأسه وصدره، ويقيم مأتم الأسى ويذرف الدمع لأجل هذه المصيبة. وبشكلّ عامّ، تراه يثير النكات العاطفيّة والإحساسيّة لهذه الحادثة، ويستجلب عينه وأذنه وحواسّه نحوها، إلى الحدّ الذي لا يعود هناك مجالٌ آخر للتأمّل والتفكّر في الجهة
الحيويّة والأساسيّة لهذه الواقعة، وعلى هذا الأساس لا يبقى أيّ مجال لتبلور هويّة واقعة كربلاء، وبروز أهدافها التي كانت من أجلها.
إنّ تحليل تاريخ عاشوراء ودراسته بعنوان أنّه حقبة تاريخية تحاكي واقعة عاطفيّة محزنة، ومؤلمة ألماً ظاهريّاً، بحيث يكون في هذا الجانب ابن رسول الله مع أهله وعياله الغرباء، وقليل من أصحابه وأنصاره المخلصين، ومن الجانب الآخر هناك يزيد الخبيث وجيشه المتكاثرون.. عبيد الدنيا، الغادرون الآثمون، ولم يكتفوا بمحو دين رسول الله وإطفاء مدرسة الولاية فحسب، وإنّما جاؤوا لقتل شخص الإمام وأهل بيته وسلبهم ظلماً وعدواناً، دون أيّة مسامحة ولا صفح اتجاه ذاك المعتدى عليه البريء والمنزّه عن اقتراف أيّ ذنب في كلّ وجوده.
فمهما كانت واقعة عاشوراء فظيعة، ومهما بلغت جنايتها ووقاحتها؛ فقد مضت وانصرمتْ على كلّ حال، وأيّة فائدة وأيّ نفع في إقامة المآتم والبكاء على أمرٍ قد مضى على زمن وقوعه مئات السنين، وأيّ حاجة تُبتغى جرّاء هذه المآتم؟ وهل كانت جميع هذه التأكيدات المتواترة
والأوامر الكثيرة، الصادرة من الأئمّة المعصومين عليهم السلام في إقامة مجالس العزاء وذكر مصيبة سيّد الشهداء وأميرهم، والبكاء عليه وعلى أهل بيته المظلومين، هل كان كلّ ذلك لمجرّد البكاء على أمرٍ مضى؟! أو أنّ المقصود هو شيء آخر؟
مجالس عزاء سيّد الشهداء قد انحرفت عن مسارها الأصيل
ولذا ومع كامل الأسف، نشاهد كيف جرتْ عليه العادة في هذه الأيّام من الرثاء والعزاء، وذكر مصيبة أبي عبد الله الحسين أرواحنا له الفداء، حيث أنّها خرجت عن صورتها المنطقيّة والعباديّة، وانحرفت صوبَ الأغراض الاعتباريّة والوهميّة الدنيويّة. فهدف القرّاء والنادبين وغايتهم متمركزة حول إيجاد المؤثّرات والإثارة، وإحداث البريق وجلب التوجّه الظاهريّين لهذه المصائب، وتهييج عواطف الناس وخاصّة طبقة الشباب، بأيّة وسيلة وبأيّ تعبير وبأيّ نحو من أنحاء لفت النظر واستجلاب الطرف الآخر، وكلّما كان القارئ موفّقاً في ذلك بشكل أكبر كان مرغوباً به أكثر! ولو تجرّأنا قليلاً على أنفسنا، وقارنّا بين هذه المجالس وسائر المجالس العاديّة، فينبغي أنْ نقول: إنّها أشبه بالأعمال المسرحيّة والفنونيّة! ولا تليقُ بمجالس معقودةٍ لبيان منزلة
إمامٍ معصومٍ عليه السلام، ولا تتناسب مع شأنه، فالهدف من هذه الأمور مجرّد البكاء بشكلٍ أكثر واللّطم على الرأس والصراخ والعويل بشكل أزيد.. لا غير!
وكأنّ صاحب العزاء والمصيبة محتاج إلى بكائنا وعويلنا بهذا الشكل وبهذه الكيفيّة! وكأنّنا بذلك نخرجه من غربته، ونضفي على قامته لباس العزّ والاقتدار! ونمحو مظلوميّته ونجلوها، ونعلن له أنْ: يا حسين! إنْ كنت وحيداً في كربلاء دون ناصر ولا معين يدافع عنك وعن حرمك أمام ذئاب الفلوات، فتعالَ وانظر إلى هذا الجمع من العشّاق والوالهين كيف يصرخون في عزائك ويلطمون على رؤوسهم ويذرفون الدموع وقلوبهم تحترق عزاءً لك!
فسيّد الشهداء عليه السلام بناء على هذه الرؤية، هو شخصٌ مظلومٌ ومغلوب عليه، لأنّ جيش يزيد واجهه بقسوة وشدّة، ولو قابله جيش يزيد بنحو آخر مثلاً: (كأنْ لم يمنعوه من شرب الماء العذب، ولم يرموا طفله الرضيع بالسهم ظلماً ولم يقتلوه، أو أنّه بعد شهادته لم يغيروا على حريمه وخيامه ولم يحرقوها بالنار، أو أنّهم لم يكبّلوا أهل بيته بالأغلال والسلاسل، ولم يسوقوهم في الصحاري بتلك
الصورة الفجيعة و...) فلم يكن هناك أيّ مسوّغ أو سبب لهكذا نحوٍ من العزاء والرزيّة؛ تماماً كما أنّه لا يقام هكذا عزاء لأجل بقية أئمّة الهدى عليهم السلام كالإمام الحسن المجتبى وحضرة السجّاد وغيرهما، حيث ينتهي المجلس في مناسباتهم بشكل عاديّ ولا يتعدّى التعزية العاديّة. لأجل ذلك يتّضح جليّاً أنْ كلّ هذه الحماسة والعواطف، وإبراز الغمّ والحداد على سيّد الشهداء عليه السلام إنّما هو لأجل ملاحظة كيفيّةٍ استثنائيّةٍ ترجع إلى طبيعة شهادته، دون ملاحظة أصل مراتب الإمامة، والظلم الواقع على الإمام عليه السلام من حيثيّة نفس إمامته وولايته، كسائر أئمّتنا عليهم السلام.
نعم بالطّبع، لا يمكننا تحميل هذه الحقيقة على العوامّ ومواجهتهم بها، لأنّهم غير محصّنين بالمعارف والأصول الاعتقاديّة للإسلام بشكل عميق، ومن الطبيعي أنّهم يواجهون هذه المسائل وهذه الحوادث التاريخيّة من خلال أحاسيسهم وعواطفهم المنسجمة مع رؤيتهم.
أبعاد ثورة سيّد الشهداء عليه السلام لا تنحصر بخصوص مقارعة الظلم
وفي مقابل النظرة العامّية، هناك الرؤية التنويريّة ـ حسب الاصطلاح الشائع والخاطئ ـ بالنسبة لأبي عبد الله عليه السلام، وهي وجهة النظر التي تحصر جميع استعداد الإمام عليه السلام وقابليّته وشخصيّته، وحالاته ومراتبه الكماليّة، وفعليّاته في خصوص المبارزة مع الظلم ومقارعة الجور لدى البلاط الملكيّ والإمبراطوريّ لبني أميّة، وبالخصوص يزيد الآثم؛ وعلى هذه الرؤية تتوجّه الأنظار إلى خصوص شخصيّة الإمام عليه السلام وحاله فحسب. ولو أردنا أن نقيّم هذه النظرة من جهة ملاحظة سائر جوانب الإمام عليه السلام وكمالاته، فيجب أنْ نعطي لجميع أبعاده الوجوديّة عشرة بالمائة فقط، ونترك لحيثية مبارزة الإمام ومواجهته للحكومة الأمويّة الجائرة التسعين بالمائة، وعلينا أن نتعامل مع شخصيّة هذا الإمام على أنّه شخصٌ مناضل ومكافح، ومعارض للظلم والفساد، تماماً كسائر الأفراد الذين جاؤوا وجاهدوا طوال التاريخ، مثل: كاوه آهنكر ويعقوب ليث وجاندارك وإقبال وغاندي وغيرهم.. ممّن غلب عليهم صفة الكفاح ضدّ الفساد، والنضال لقلع ظلم الحكّام واقتلاع جبابرة زمانهم.
ومن وجهة نظر هؤلاء، سوف يكون الإمام عليه السلام ـ سواء سيّد الشهداء أم أيّ إمام آخر ـ مجرّد مجاهد ضدّ النظم الجائرة لا أكثر، وعليهم أنْ يستقرئوا ويتتبّعوا مواقفه الجهاديّة
والنضاليّة، لمعرفة مواقف الإمام المشرقة، وإذا ما قصّرت صفحات التاريخ في سردها لهذا الجانب أثناء تأريخ حياة الإمام، أو أنّه لم يُصر إلى إبرازها بشكل جليّ وواضح، فسيتمحّلون لصقلها وصياغتها، ويُتعبون أنفسهم ليثبتوا للعوامّ أنّ شخصيّة الإمام شخصيّة ثوروية، وذلك كي لا يتأتّى الإشكال ولا يتوجّه الإيراد ـ لا قدّر الله ـ على أصل إمامته وولايته وزعامته فيما لو خلتْ من حيثيّة المبارزة!
بناءً على هذه النظرة، سوف يكون هناك فارقٌ شاسع بين الأئمّة عليهم السلام من هذه الجهة شدّة وضعفاً، وستختلف شخصيّة سيّد الشهداء عليه السلام مع أخيه الأكبر الإمام الحسن المجتبى عليه السلام اختلافاً ملحوظاً، ونعوذ بالله، بناء على هذا سوف يتوجّه النقص إلى سبط رسول الله الأكبر، بل من الممكن أنْ تقع إمامته تحت السؤال والاستفهام!!
وهذه النظرة كانت موجودة حتّى في زمان نفس الإمام المجتبى عليه السلام، وقد تعرّض إلى سهام الاعتراض والتعابير القبيحة والمدهشة بعد صلحه مع معاوية، وذلك من أقرب أصحابه.
لاحظوا مظلوميّة هذا الإمام! كيف أنّه كان مضطرّاً للدفاع عن هدفه ومنهجه إلى الاستعانة بالحديث النبويّ القائل: «الحسن والحسين إمامان، قاما أو قعدا! ليردّ عن نفسه، ويخلّصها من رميهم بسهام التهمة، وليبعد نفسه عن دائرة السبّ والتشنيع، وهو ما قد صدر من أصحابه وأتباعه القريبين»۱.
الاعتراض على الإمام المجتبى عليه السلام بسبب عدم قيامه ناشئ من الجهل
ولو تجاوزنا عن كلّ ذلك، فحيث أنّ هذه المسألة جارية ومنطبقه على آخر قائدٍ وإمام لنا، بقيّة الله الأعظم أرواحنا فداه، ومندرجة عليه طوال ما يزيد على الألف سنة من عدم المواجهة والمبارزة، فيجب أن يدّعى بأنّ الإشكال والاعتراض متوجّه عليه أكثر من باقي الأئمّة؛ وينبغي أنْ يقال: إنّه لم يقم ـ نعوذ بالله ـ بمهام الإمامة والقيادة طوال هذه القرون المتمادية والعصور المترامية!
هذه الرؤية نظير الرؤية الأولى ناشئة من الجهل وعدم معرفة حقيقة الإمامة، فهم ينظرون إلى أمرٍ هامّ بهذه الخطورة بالعين الحولاء والعليلة، وكأنّ الإمام شخصٌ عاديّ، فهم يقيسون الإمام على أنفسهم، وينزّلون مشاعر الإمام ومدركاته على حدّ مدركاتهم الشخصيّة ومشاعرهم... نعوذ بالله من الجهل والضلالة والبُعد والغواية.
قيمة تاريخ عاشوراء تنشأ من وجود الإمام المعصوم فيها
هؤلاء الجماعة، لا يعلمون أنّ سيّد الشهداء عليه السلام كان إماماً.. إماماً معصوماً قبل إيجاد حادثة كربلاء، وأنّ قيمة تاريخ عاشوراء إنّما تتحقّق بحضور إمامٍ معصوم فيها، دون أيّ شخص عاديّ، مهما كان بالغاً من مراتب العلم والتقوى والتقرّب، وبعبارة أخرى: هذا الإمام المعصوم هو الذي يعطي لحادثة عاشوراء عزّتها وشرفها واعتبارها وهويّتها الخاصّة بها، لا أنّ عاشوراء هي التي قد شرّفت الإمام عليه السلام، وأضافت عليه العزّة والكرامة. ولو كان في هذه الواقعة العظيمة شخصٌ آخر، مهما كانت هويّته ومهما رفعتْ شخصيّته، بحيث يكون زمام أمور هذه الواقعة بيده، وتكون إدارتها على عهدته، فسوف لن تكون عاشوراءُ عاشوراءَ، بل هي حادثة كسائر الحوادث، وواقعة كسائر أخواتها ممّا لا يحصى في التاريخ، والتي حصل فيها ظلمٌ
من جماعة ظالمة جانية، فتغلّبوا على فئةٍ أخرى مظلومة ومهزومة ومنكوبة.
من هنا، حيث نستكشف أنّه ينبغي عدم قياس حادثة عاشوراء على غيرها من الوقائع، ولا نستعمل ـ لا قدّر الله ـ التعابير التي توحي بوجود نوع من الاتحاد أو المشابهة بين واقعة عاشوراء وغيرها، ولا نتخطّى الحدود التي وضعها لنا الأئمّة المعصومون عليهم السلام.
فمع هذا التصوّر غير المناسب والمخطئ بالنسبة للساحة المقدّسة لحضرة مولى الكونين أبي عبد الله الحسين عليه السلام، فإنّ حقيقة الإمامة وشؤونها قد انمحقت ونُسيت بشكلٍ كاملٍ وبتمام معنى الكلمة، ولم يعد هناك أيّ معنى لكيفيّة رابطيّة الإمام مع المبدأ الأعلى، ووساطته بين ذات الحقّ المتعالي وسائر مخلوقاته، (من المبدعات والمجرّدات حتّى عالم الطبع والمادّة)، وتدبيره التكوينيّ في نفوس جميع الأشياء، ولكون قوام حياة الأشياء الملكيّة والملكوتيّة متقوّم بنفس هذا الإمام القدسيّة، وأنّه به يتمّ إيصال كلّ مراتب التعيّنات إلى أصلها وحقيقتها تكويناً وتشريعاً وواقعاً، فمع هذا التصوّر الخاطئ سوف يطرح كلّ ذلك في دائرة النسيان.
فالإمام عليه السلام قلب عالم الإمكان، وسرّ حقيقة تنزّل الفيض الإلهيّ في عوالم ما دون ذات الحقّ، فالمشيئة والتقدير الإلهيّين ساريان وجاريان في جميع العوالم، بواسطة نفس الإمام عليه السلام، فهو يقوم ويثور حيث تتعلّق إرادة الحقّ بالقيام والثورة، حتّى وإنْ لم يكن معه ناصر ومعين، وحيثما تتعلّق إرادة الحقّ بالسكوت والسكون فإنّه لا يبدي أيّ نظر آخر أو رأي معاكس، حتّى وإنْ كانت جميع الخلائق سائرة خلفه ومنقادة ومطيعة له؛ فهو قد تجاوز عن نفسه وذاته، واتّحد مع الحقّ، ولم يبقَ لديه أيّ رأي من نفسه، ولا أيّ فكر خاصّ، وليس هناك أيّ خطور يساوره في مخيّلته غير إرادة الحقّ ومشيئته، ففعله فعل الحقّ، ولا مجال للإعتراض أو الاستشكال على فعل الحقّ.