المؤلّفالهیئة العلمیة لموقع مدرسة الوحي
القسم العقائد
التوضيح
هو العليم
حقيقة معنى البداء
والردّ على الوقّاتين لموعد الظهور
بحث منتخب من أسرار الملكوت
إعداد: الهيئة العلمية في موقع مدرسة الوحي
أعوذ باللـه من الشيطان الرجيم
بسم اللـه الرحمن الرحيم
الحمد لله ربّ العالمين
والصلاة والسلام على سيّدنا ونبيّنا أبي القاسم محمد
وعلى آله الطيبين الطاهرين
واللعنة على أعدائهم أجمعين
لا تغيّر ولا تحوّل في عِلم حضرة الحق
هناك مسألة في غاية الأهميّة، ولإدراكها آثار مباشرة على حياة الإنسان، ومفادها أنّ مراتب حقائق الأشياء متفاوتة في سلسلة عللها الوجوديّة، وأنّ حقيقة الوجود تتشخّص وتتعيّن في مقام الظهور والبروز ضمن سلسلة من العلل الفاعليّة والصوريّة لها وذلك بواسطة اسم"المريد"، وكلّ مرتبة من مراتب الظهور لها حكم العلّة الفاعليّة للمرتبة اللاحقة وصولاً إلى مرتبة الشهادة والتعيّن المادّي حيث تصل إلى منصّة الظهور، ويصبح لها وجود عينيّ خارجيّ في عالم المادّة والصورة. هذا بلحاظ تطوّر الوجود الصرف البسيط وتحوّله في عالم الأعيان والتشخّصات الخارجيّة.
وأمّا بلحاظ علم الحقّ تعالى بهذه التطوّرات، والتحوّلات والإشراف الحضوريّ لذات الباري على الآثار واللوازم والظلال المترشّحة عن مرتبة الذات، فيجب القول: أنّه لا سبيل هناك لحصول أيّ تبدّل وتحوّل أبداً، وأنّ الحقيقة العلميّة للباري تعالى بالنسبة لجميع هذه التحوّلات والتغييرات لا يطرأ عليها أيّ تغيير أو تبدّل، وأنّ الصورة العلميّة لا تتبدّل إلى صورة علميّة أخرى بحيث تمحى الصورة العلميّة الأولى من صفحة العلم الإلهي، بل إنّ جميع الصور الموجودة في مرتبتها العينيّة الحقيقيّة ـ والتي هي عبارة عن مرتبة عليّة الوجود الخارجي في عالم الأعيان والشهادة، أو في مرتبة المبدعات والأمور المجرّدة والعقلانيّة والنورانيّة ـ هي كلّها موجودة على منوال واحد وبدرجة واحدة ومرتبة واحدة ولها ثبوت أزلي بحيث لا يتطرّأ إليها التحوّل والتغيّر أبداً، وقد عبّر عنها في الآيات القرانيّة بـ "أمّ الكتاب"، كما ورد في الآية الشريفة: {يَمْحُوا اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ}.۱
أو كما في آية أخرى، حيث يقول: {وَإنّهُ فِي أُمّ الْكِتَابِ لَدَيْنَا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ}.٢ وقد عبّر أيضاً عن ذلك بـ"اللوح المحفوظ" مقابل لوح المحو والإثبات؛ كما في الآية الشريفة: {بَلْ هُوَ قُرْآن مَجِيدٌ ، فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ}،٣ فإنّه في هذه المرتبة لا وجود لأي تغيير أو تحوّل، ولا طريق لأيّ محو أو إثبات، بل سوف تكون جميع الأشياء بصورتها العلميّة ثابتة في علم الحقّ الأزلي، وكل تغيّر وتحوّل يظهر في عالم المادّة، أو بحسب تعبير بعض الروايات من حصول البداء في إرادة الحق تعالى بالنسبة للصور العينيّة للأشياء، فهو مرتبط بعلمنا نحن، ومرهون بمحدوديّة سعتنا الوجوديّة في الإشراف على العوالم الربوبيّة والاطّلاع على سلسلة العلل الوقوعيّة للأشياء، لا أنّه مرتبط بعلم الحق تعالى وإرادته، وإلا فلازم هذا الكلام هو إثبات الجهل وعدم الاطلاع العلميّ للحقّ تعالى بالنسبة للإرادات المتعاقبة في كيفيّة الوجود الخارجي للأشياء.
البداء هو انكشاف جهلنا بالنسبة إلى مجرى تأثير سلسلة العلل في عالم الخارج
وبناءً عليه، فإذا شاهدنا في الروايات حصول البداء في مسألة معيّنة، مثل مسألة إمامة الإمام موسى بن جعفر عليهما السلام، أو في إمامة الإمام العسكريّ عليه السلام، فهذا لا يعني أنّ العلم الأزليّ للباري تعالى كان قد تعلّق أوّل أمره بإمامة غير هاذين الإمامين، ثم بعد ذلك ـ ولسبب من الأسباب ونتيجة تبيّن بعض المصالح وظهور بعض الأمور ـ غيّر الله إرادته ومشيئته فتعلّقت إرادته بإمامة هذين الإمامين؛ فهذا الاعتقاد كفر وجهل وضلال. إنّ إرادة الباري تعالى في مرحلة التكوّن ليست كإرادتنا نحن معلولة لتصوّر الموضوع ورعاية الظروف المرتبطة به، وملاحظة سائر جوانبه والمصالح المتعلّقة به، وحصول الشوق والرغبة في تحقّقه، ثمّ حصول العزم المؤكّد على الفعل، بل إنّ نفس إرادة الحقّ لفعلٍ هي مساوية لتحقّق هذا الفعل في الخارج مباشرة، ولا معنى لحصول هذه السلسلة المذكورة لعليّة الأشياء الخارجيّة في وجود الحقّ تعالى.
إنّ البداء هو بمعنى انكشاف حقيقة ما خلافاً لما كان متوقّعاً قبل ذلك؛ فبعد أنّ بيّن رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم عدد الأئمّة من بعده، وذكر أسماءهم واحداً تلو الآخر، وبيّن لأصحابه خصوصيّات كلّ واحد منهم بشكل تفصيلي .. كيف يمكن أنّ يتصوّر بعد كل ذلك أنّ يحصل البداء في حقّهم؛ بحيث أنّ النفس المقدّسة للرسول الأكرم لم تكن واقفة على حقيقة الأمر فيهم؟!
لا معنى للبداء في علم الإمام عليه السلام
إذن فالبداء معناه جهلنا نحن في كيفيّة تحقّق سلسلة العلل الفاعليّة في عالم الأعيان والخارج. وأما بالنسبة للإمام عليه السلام فلا معنى للبداء أبداً، وذلك لأن علم الإمام عليه السلام ناشئ من حقيقة الولاية، وكما ذكرنا فيما تقدّم فإنّ ولاية الإمام عليه السلام هي عين ولاية الحقّ تعالى، وهي ولاية لا تقبل التخلّف أبداً، كما أنّ ولاية الباري تعالى غير قابلة للتخلّف.
إنّ الولاية تعني سيطرة الباري تعالى وهيمنته وإعمال سلطته على جميع عالم الوجود، وعلى هذا الأساس، فلا يمكن أنّ يتعدّى هذا الإعمال وهذه الفعليّة للإرادة تلك الحقيقة العلميّة الأزليّة للباري أو يتجاوزها. ولذا فمن غير الممكن كذلك أنّ تتجاوز ولاية الإمام عليه السلام مسيرة العلم الكليّ للحقّ تعالى أو تتجاوز الممشى الأزلي له، بل إنّ الإمام عليه السلام، من خلال إعماله لولايته، يكون قد أخرج تلك الصورة العلميّة الكليّة للحق إلى منصّة الظهور الخارجيّ والمصداقي، وهذه المسألة ظريفة ودقيقة جدّاً.
ومن هنا يعلم أنّه ليس لدى الإمام عليه السلام أيّ إرادة أو شوق، غير تحقّق إرادة الباري تعالى تماماً وبدون أيّ تفاوت، ولا سبيل أبداً لأيّ شيء في وجوده حتى ولو كان قليلاً، غير المشيئة الإلهيّة والإرادة الإلهيّة. وأما سائر الأشخاص الذين يمتلكون علماً ناقصاً مقتصراً على المراحل البسيطة من العلم بسلسلة العلل والأسباب التكوينيّة لعالم الوجود، ولهم اطلاع على عالم البرزخ والمثال فقط (وهذا الاطلاع بمنظار ناقص ضعيف لا بالنظر الكامل العميق)، ويعلمون شيئاً من مراتب عالم البرزخ .. فهم يتصوّرون أنّ المسألة تنتهي عند هذا الحدّ، وأنّ كلّ ما شاهدوه في حال النوم أو في المكاشفات سوف يتحقّق قطعاً في الخارج، غافلين عن أنّ حقيقة عالم البرزخ والمثال والصورة واقع في آخر مرتبة من مراتب سلسلة العلل، فمن المحتمل أن لا تكون الصورة التي شاهدها هذا الانسان قد وصلت بعد إلى مرتبة الفعليّة التامّة والكمال الصوري من لحاظ عالم الثبوت والعليّة التامّة للنفوذ والتطبيق في عالم المادّة، وأنّها لا تزال بحاجة للوصول إلى هذه المرتبة إلى تفعيل العلل المتقدمة عليها، والحال أنّ الله وحده الذي يعلم ماذا يجري في عوالم الربوبيّة تلك، وأي تصادمات تجري بينها، وأي فعل وانفعال يحصل عندها، وأيّ تغيير وتحوّل يصير هناك نتيجة ظهور علل وأسباب وحصول مقدِّرات .. إلى أن يصل القضاء الكليّ إلى مرتبة القضاء المحتوم والمبرَم.
إخبار النبيّ عيسى عليه السلام عن موت الشابّ ودفع ذلك بالصدقة
فقد ورد في الخبر أنّ النبيّ عيسى على نبيّنا وآله وعليه السلام أخبر بوفاة أحد الشباب، وفي اليوم التالي رأى أصحابه أنّ ذاك الشاب لا يزال يتمتّع بصحّة وسلامة، وأنّه يقوم بكافّة أعماله. فجاءوا إلى النبيّ وقالوا له: يا روح الله! لقد أخبرتنا أمس بوفاة هذا الشاب، والحال أنّنا رأيناه سليماً يروح ويغدو بصحّة جيّدة. فقال لهم النبي: أحضروه! فلما جاءه قال له النبيّ: كان من المفترض أن تموت الليلة الماضية بلدغة أفعى، فما الذي جرى حتى دفع الله عنك هذا البلاء؟ فقال له: قبل أن أرجع أمس إلى المنزل عرض عليّ فقير في طريق العودة، فأنفقت عليه شيئاً وعدت بعدها إلى المنزل، وصباح هذا اليوم عندما استيقظت من نومي التفتّ إلى وجود حيّة سوداء خطيرة تحت فراشي، فقتلتها. عندها قال النبيّ: أرأيتم هذا الإنفاق وهذه الصدقة كيف دفعت الموت الحتميّ الذي كان مقرّراً أن يصيب هذا الشاب من خلال سَمّ هذه الحيّة!۱ وقد وردت روايات عديدة تحكي مثل هذه القصّة.
لا دليل حقّ يستند إليه الوقّاتون
من هنا يتّضح أنّ الأشخاص الذين يخبرون بموعد ظهور الإمام الحجّة من طريق المكاشفات والمنامات أو بواسطة إعمال بعض العلوم الغريبة، فبما أنّ لديهم جهلاً ونقصاً وجوديّاً وعلميّاً، فهم لا يستطيعون أن يصلوا إلى المراتب العالية لسلسلة العلل، لذا نرى اطلاعهم على فرض صحّته، مقتصر فقط على بعض المراتب المتدنّية من عالم المثال والمراتب التي تقبل التغيّر والتحوّل فيه. إذ من الممكن ـ نتيجة حصول سبب معيّن أو تظافر أسباب متعدّدة ـ أن يطرأ تغيير على المصاديق الخارجيّة لهذا القضاء المحتوم الذي كان من المقرّر حصوله على هذا الشخص، أو أن تحصل بعض الأمور الموجبة لتبدّل كيفيّة تحقّق هذا الأمر أو يحصل تبدّل في كمّيته، والحال أنّ هؤلاء الأشخاص لا اطلاع لديهم على هذا الاختلاف الحاصل، ولا خبر لهم به أصلاً، بل يتصوّرون أنّ هذه الصورة التي رأوها هي التي ستتحقّق في عالم الخارج، هذا إن لم نقل أنّ هذه المكاشفات والمنامات باطلة من أساسها، وأنّها تمّت نتيجة حصول بعض التخيّلات ونتيجة غلبة القوّة الواهمة والمتخيّلة عنده.
وبناءً على هذا، فأولئك الذين لديهم اطلاع كامل وإشراف حقيقيّ على مسألة الظهور ـ من قبيل أولياء الله الحقيقيّين والعرفاء الشامخين وأهل التوحيد ـ لا يظهرون شيئاً من ذلك، أو أنّهم إذا قالوا شيئاً ـ وهذا نادراً ما يصدر ـ فإنما يكون في قالب الكنايات والإشارات وضمن كلام مبهم، بحيث لا يطّلع أحد على ذلك، وأمّا أهل هذه الأمور الذين يدأبون على إظهارها وإبرازها ويدّعون معرفتهم بذلك فليس لديهم خبر أو اطلاع.
اي مرغ سحر عشق ز پروانه بياموز | *** | كان سوخته را جان شد و آواز نيامد |
اين مدّعيان در طلبش بيخبرانند | *** | و آنرا كه خبر شد خبري بازنيامد۱ |
الاعتراض على عدم صلاة المرحوم العلاّمة لصلاة الليل حال مرضه وجواب ذلك
وهنا وبمناسبة الحديث حول الإخبار عن ظهور بقية الله الأعظم أرواحنا لتراب مقدمه الفداء والكشف عن عالم البرزخ والمثال من المناسب أن نذكر مطلباً عن المرحوم الوالد رضوان الله عليه ذكره في كتابه وهو يتعلّق بمسألة الصورة المثالية والبرزخيّة لصلاة الليل حيث صرّح بأنّ أحد العلماء المحترمين حدّثه عن أهميّة صلاة الليل وفوائدها عند لقائه به في مشهد، وبما أنّ الوالد كان في ذلك الوقت مبتلى بحالة مرضيّة نتيجة تعرّضه لسكتة قلبيّة، وكان جليس سريره في المستشفى، كانت تفوته صلاة الليل في بعض الأحيان، ولهذا صدر من ذاك العالم المحترم ذلك التذكير بضرورة الإتيان بصلاة الليل.
ويذكر الحقير أنّي في تلك الأيام، وبعد سماع هذه المسألة منه قمت بتوضيح بعض جوانبها لبعض الأصدقاء، فقلت لهم: إنّ الأشخاص العاديّين وإن كانوا يمتلكون مراتب معنويّة ونورانيّة وكانوا من أهل الكرامات والرياضات والمكاشفات، لكن سعتهم العلميّة وإشرافهم الوجوديّ على الأولياء الإلهيّين والعرفاء بالله يقتصر على خصوص عالم المثال والبرزخ، بل حتى لو كانوا في مراتب أعلى فسوف يكونون في مرتبة الملكوت المرتبطة بعالم النفس. وبما أنّهم لم يصلوا بعد إلى نهاية مرحلة الرفض المطلق للأنانيّة وترك الحيثيّات البشريّة والتعلّقات النفسيّة، فإن وجودهم لن يصل إلى حالة الاتحاد بالوجود الصرف للباري تعالى ولن تحصل لهم المعيّة معه، وسوف تكون آثار الغيريّة وشوائبها مانعة لهم من الورود إلى الحريم الإطلاقي والذي لا يتناهى للحق تعالى، وسوف يكونون غريبين عن الأشخاص الذين حصل لهم توفيق التشرّف بالحضور بين يديّ السلطان، وسيكون نظرهم إلى الأمور من بعيد وبشكل مبهم ومجمل، فهؤلاء ليس لديهم حظّ من الاطلاع على ما يجري في تلك المرتبة من التجرّد والتوحيد، ولا علم لهم بأي نجوى هناك، وأيّ أسرار وخلوات يقوم بها العشّاق مع المعشوق في عالم الوحدة والاتّحاد. فالموجود في تلك المرتبة هو الحقّ فقط، وهو الذي يتجلّى بصور متفاوتة، وهو الذي يظهر في أشكال مختلفة؛ فتارة يظهر بصورة مصلّ راكع وساجد، وطوراً يظهر بصورة مريض وسقيم طريح فراشه في البيت أو في المستشفى. ففي تلك المرتبة لا يعود هناك فرق أبداً بين الأشكال المختلفة والأدوار المتباينة، وذلك لأن الذي يتجلّى في تلك المرحلة هو الباري فقط، فلا تبقى أيّ فائدة في اختلاف المظاهر ولا يعود لها أيّة قيمة في سوق المعاوضة. وفي تلك المرتبة ينتفي كلّ شيء؛ فهناك الصلاة والركوع والسجود والخلوة والعبادة وكلّ شيء هناك عبارة عن شيء واحد فقط؛ وهو تجلّي الباري تعالى.
ولكن بما أنّنا غافلون عن هذه المرتبة، وأنّنا نرى الحقيقة في الصورة والتجلّي والظهور، لا في المتجلّي وذي الصورة ونشاهد هذه الأمور فقط، فإنّنا نعتبر أنّ كل ما ينكشف لنا من تلك الصور المثاليّة في ذاك العالم هو الحقّ فقط، وننفي ما وراء ذلك ونحكم عليه بالعدم، ونشرع بتقديم الإشكالات وبالاعتراض على وجود شيء غير ما وصلنا إليه.
نعم! فتلك الأخبار التي تدلّ على مقام الأنس بالحقّ تعالى والقرب منه والتي تقول: لي مع الله حالات لا يسعها ملك مقرّب ولا نبيّ مرسل، تشير إلى ذاك المقام؛ أيّ المقام الذي لا يقبل التصوير والتشكّل، وبالتالي لا يمكن لأيّ من النفوس والملائكة التي لها اطلاع على عالم البرزخ أن تطّلع عليه. كما أنّ العالم هناك خالٍ عن الصورة والتشكل ولا مقدار له ولا كيفيّة، فكيف يمكن لمن دخل في عالم المثال أن يطّلع على تلك الحالات! إنّ هذا ممتنع بل مستحيل.
وعليه، فعلّة اعتراض ذاك العالم المحترم على المرحوم الوالد قدس الله نفسه سببها عدم مشاهدته الصورة المثاليّة لصلاة الليل في عالم البرزخ، والحقّ معه من هذه الجهة. لكن من جهة أنّه لم يكن يمتلك مراتب أعلى ولم يكن قد وصل إلى مرحلة يعرف فيها الخلوة والأنس مع المرحوم الوالد أبداً، ولم يكن على اطلاع على ذلك، لذا فقد وقف موقف الناصح والمذكّر له حول الإتيان بصلاة الليل، والحال أنّ ذلك الرجل العظيم قريب إلى ساحة الوحدة بآلاف المرات بل بملايين المرات، بل مهما وضعنا من أرقام للمقايسة تبقى المسألة ناقصة وقاصرة عن بلوغ حقيقة الأمر، حتى أنّ العقل والخيال عاجزان عن الوصول إلى تصوّر تلك المرتبة هذا هو الفرق بين العارف وغيره، وهذا هو الفرق بين أهل التوحيد وسائر الناس من كلّ طبقة وصنف.
[ملاحظة: انتخب هذا البحث من برنامج «إكسير السعادة»، كتاب أسرار الملكوت الجزء الثاني، المجلس الحادي عشر، لمؤلّفه سماحة آية الله السيّد محمّد محسن الحسينيّ الطهراني قدس سره، وتمّت مطابقته مع المتن الفارسي للكتاب من قبل الهيئة العلميّة]