هل يصحّ الاعتماد على المكاشفات و المنامات؟

الاستنباط الفقهي نموذجاً

1013
مشاهدة المتن

المؤلّفالهیئة العلمیة لموقع مدرسة الوحي

القسم الاخلاق والحکمة والعرفان


التوضيح

هل سبق لك أن تساءلت عن مدى حجية الرؤى والأحلام في فهم الدين واتخاذ القرارات الشرعية؟ هل يمكن اعتبارها مصدراً موثوقاً للمعرفة الدينية؟ وهل يمكننا أن نجعل المنام أو المكاشفة مستنداً لنا في استنباط الأحكام الشرعية؟ وما هو الدليل على ذلك؟ أسئلة مهمة يجيب عنها سماحة آية الله السيد محمد محسن الطهراني قدس سره في هذه المقالة المنتخبة من محاضرة شرح حديث عنوان البصري – الجلسة 21.
المصدر: محاضرة شرح حديث عنوان البصري – الجلسة 21، لسماحة آية الله الحاج السيّد محمّد محسن الحسينيّ الطهراني قدّس الله نفسه الزكيّة

/۳
بي دي اف بي دي اف الجوال الوورد

هل يصحّ الاعتماد على المكاشفات و المنامات؟ - الاستنباط الفقهي نموذجاً

1
  •  

  • هو العليم 

  •  

  • هل يصحّ الاعتماد على المكاشفات و المنامات؟

  •  

  • الاستنباط الفقهي نموذجاً

  •  

  • بحث منتخب من محاضرات 

  • آية الله الحاج السيّد محمّد محسن الحسينيّ الطهراني 

  • قدّس الله سرّه

  •  

  •  

هل يصحّ الاعتماد على المكاشفات و المنامات؟ - الاستنباط الفقهي نموذجاً

2
  •  

  •  

  • بسم اللـه الرحمن الرحيم

  • والصلاة والسلام على أشرف المرسلين 

  • ورسول ربّ العالمين

  • أبي القاسم المصطفى محمّد 

  • وعلى آله الطيّبين الطاهرين

  • واللعنة على أعدائهم أجمعين 

  •  

  •  

  • [مقدمة اللجنة العلمية: كثيراً ما يسمع الإنسان ويشاهد من الناس أنهم يعتمدون على المنامات أو المكاشفات، وبعضهم يتعامل معها على أنها وحي منزلٌ، ويتوهّم البعض أنّ منهج العرفان يدعو إلى ذلك، فما هو رأي العرفان من ذلك حقيقةً؟ وهل للمنامات حجية وقيمة في منهج العرفان؟ يجيب سماحة آية الله السيد محمد محسن الطهراني قدس سره على ذلك من خلال هذا المقطع من محاضرته في شرح حديث عنوان البصري – الجلسة ٢۱

  • عدم حجية المكاشفات و المنامات الصورية

  • علينا أن نقدّم أنفسنا للعالم على أنّنا أمّة عاقلة؛ تعتمد على آداب وموازين إنسانية وإسلامية، ومؤدّبة بالآداب المنطقية والعقلانية... .

  • يأتي شخص من ذلك الطرف من العالم ويقول لقد شاهدت رؤيا، ونأتي ونجعل هذه الرؤيا أساساً لحركة مجتمع كامل وأمّة بأسرها، فبدلاً من القيام بهذا العمل نقوم بعمل آخر، لماذا؟ لأجل رؤيا! إذ ربما كان صاحب الرؤيا قد تناول طعاماً ثقيلاً، أو أنّه اختلف مع شخص فشاهد هذه الرؤيا، أو أنّه كان متخماً أو جائعاً فشاهدها، أو أنها كانت عبارة عن خيال، أو أنّها خلاف الواقع أو ما شابه ذلك.. هو عبارة عن رؤيا، من خلال هذه الرؤيا نضع تمام الموازين العلمية والمنطقية جانباً. هذه هي مصيبتنا! من خلال رؤيا واحدة نتخلّى عن جميع مدركاتنا غير القابلة للتغيير! بواسطة رؤيا نقدّس فاسقاً، وبرؤيا واحدة نفسّق مقدّساً! لماذا هذا؟! 

  • هل يجوز الاعتماد على المكاشفات و المنامات في الاستنباط الفقهي؟

  • كان بإمكان النبي من أول الأمر أن يقول لنا كل من يرى رؤيا فليعمل بها، لماذا لسنا مكلّفين بالعمل بالرؤيا؟! يوجد لدينا عدّة أدلّة للاستنباط فقط، إذ الأدلّة التي نعتمد عليها في استنباط الأحكام هي العقل والكتاب والسنّة، وهي روايات النبي الأكرم، وبناء على بعض المسالك يدخل الاجماع والاتفاق في هذه الأدلّة لإثبات الحكم. 

  • يعني لو فرضنا أنّ مجتهداً يريد أن يستنبط حكماً شرعياً عليه أن يعتمد على أحد هذه الأدلّة. لماذا ليست الرؤيا منها؟! لماذا لا تعتبر المكاشفة من الأدلّة؟! كأن أرى رؤيا بأنّ الأمر الفلاني نجس، أو أنّ الأمر الفلاني طاهر، أو أنّه ينبغي الحكم في المسألة الفلانية بهذا الشكل، وغير ذلك؟! لماذا الأمر ليس كذلك؟

هل يصحّ الاعتماد على المكاشفات و المنامات؟ - الاستنباط الفقهي نموذجاً

3
  • السبب في عدم حجيّة الرؤيا والمكاشفة في الاستنباط 

  • إنّما ذلك بسبب أمرين: 

  • الأمر الأول: هو أنّ نفس الرؤيا معقّدة وغامضة لدرجة أنّ الكثير من الأشخاص الذين لديهم مراتب ومراحل عالية لا يمكنهم تعبير الرؤيا كما ينبغي. هذا أولاً، 

  • الأمر الثاني: لو فرضنا أنّ النبي جعل استنباط الأحكام وغيرها من طريق الرؤيا وأمثالها، فعند ذلك نرى ماذا سيحصل؟ سيأتي هذا ويقول لقد رأيت هذه الرؤيا، وذاك يقول رأيت هذه الرؤيا! فهذا رأى شيئاً وذاك رأى شيئاً آخر، فأي الأمرين صحيح؟ وبأيّهما تأخذ؟! مثلاً شخص يقول رأيت أنّ هذا المكان طاهر والآخر يقول رأيت رؤيا بأنّه نجس! فلو قلنا بأنّ كلاً منهما يعمل بما رآه، ففي بعض الأحيان يكون بينهما تعارض، وعندئذٍ ماذا نفعل؟!

  • لذا، نقول بشكل عام لا يمكن للمجتهد أن يرتّب أدنى أثر على هذه الأمور، إلا إذا كانت هذه الرؤيا مؤيَّدة بالموازين والأدلّة الأخرى.

  • قصة توضح المنهج الصحيح للتعامل مع المكاشفات

  • منذ مدّة أتى شخص إليّ، وقال بأنّ إمام الزمان عليه السلام قال لي..، وقبل أن ينقل لي الرؤيا وكانت حول حكم شرعي في مسألة معيّنة.. قلت له اعرض عليّ المسألة الشرعية أولاً، فعرضها عليّ! فقلت له الحكم الشرعي فيها هو كذا! ثم قلت له: تفضّل الآن واذكر لي مكاشفتك، فنقل لي مكاشفته، ثم قلت له: هل تعلم لماذا بيّنت لك الحكم الشرعي قبل أن تذكر لي الرؤيا؟ لكي أقول لك بأنّه لا ينبغي أن نعتمد على الرؤيا والمكاشفة في الفتوى واستنباط الأحكام الشرعية، لذا أجبتك أولاً، واتفاقاً لم تكن الرؤيا مخالفة للحكم الشرعي، بل كان محتوى المكاشفة موافقاً للأدلّة الشرعية!

  • أجل، لقد قلت له: لقد ذكرت لك عمداً الحكم قبل أن أسمع المكاشفة لكي تعلم بأنّه لا طريق لهذه المسائل هنا، وأنّه ينبغي تطبيق الموازين في مواردها. 

  • تماماً مثل الطبيب المتخصّص في مسألة معيّنة يكون قد درس مدّة عشرين سنة، ثم يأتي شخص ويقول له: لقد شاهدت رؤيا بأنّه ينبغي أن تعطيني هذا الدواء. 

  • [حتماً سيقول له] شاهدت رؤيا فهذا شأنك، أنا ينبغي أن أعمل طبق الموازين، إذ ممكن أن تنطبق هذه الرؤيا معها وممكن لا.. نعم المسألة هي أنّ الإنسان ينبغي أن يعتبر هذه الموارد ضمن الأمور المحتملة وعليه أن يجري تحقيقاً حولها! أما أن يرتّب الأثر عليها مباشرة فهذا مخالف أساساً لممشى الإسلام بشكل عام، وحتماً على النقيض من طريق السلوك إلى الله.۱

    1. [ملاحظة: تمّ انتخاب هذا البحث من المحاضرة رقم ٢۱ من محاضرات شرح حديث عنوان البصري، لسماحة آية الله الحاج السيّد محمّد محسن الحسينيّ الطهراني قدّس الله نفسه الزكيّة، وقد تمّت مقابلة النصوص مع النسخة الفارسيّة من قبل الهيئة العلميّة في لجنة الترجمة والتحقيق]