المؤلّفالهیئة العلمیة لموقع مدرسة الوحي
القسم التاريخ و الاجتماع
التوضيح
أهم محتويات المقالة:
- زيارة أمير المؤمنين عليه السلام لكربلاء.
هو العليم
قدوم أمير المؤمنين عليه السلام إلى كربلاء وشمّه تربتها
بحث منتخب من «معرفة المعاد»
إعداد: الهيئة العلمية في موقع مدرسة الوحي
أعوذ باللـه من الشيطان الرجيم
بسم اللـه الرحمن الرحيم
الحمد لله ربّ العالمين
والصلاة والسلام على سيّدنا ونبيّنا أبي القاسم محمد
وعلى آله الطيبين الطاهرين
واللعنة على أعدائهم أجمعين
زيارة أمير المؤمنين عليه السلام لكربلاء
يروي ابن أبي الحديد في «شرح نهج البلاغة» عن نصر، بإسناده عن هرثمة بن سليم، قال: غزونا مع عليّ عليهالسلام صفّين، فلمّا نزل بكربلاء صلّى بنا، فلمّا سلّم رفع إليه من تربتها فشمّها ثمّ قال:
وَاهاً لَكِ يَا تُرْبَةُ لَيُحْشَرَنَّ مِنْكِ قَوْمٌ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ بِغَيْرِ حِسَابٍ.
قال: فلمّا رجع هرثمة من غزاته إلى امرأته جرداء بنت سمير و كانت من شيعة عليّ عليه السلام حدّثها هرثمة فيما حدّث فقال لها: ألا أعجبك من صديقك أبي حسن؟ قال: لمّا نزلنا بكربلاء وقد أخذ حفنة من تربتها وشمّها وقال:
وَاهاً لَكِ يَا تُرْبَةُ لَيُحْشَرَنَّ مِنْكِ قَوْمٌ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ بِغَيْرِ حِسَابٍ، و ما علمه بالغيب؟
فقالت المرأة له: دعنا منك أيّها الرجل، فإنّ أمير المؤمنين لم يقل إلاّ حقَّاً.
قال: فلمّا بعث عبيد الله بن زياد البعث الذي بعثه إلى الحسين عليه السلام كنتُ في الخيل التي بعث إليهم، فلمّا انتهيتُ إلى الحسين عليه السلام و أصحابه عرفتُ المنزل الذي نزلنا فيه مع عليّ عليه السلام و البقعة التي رفع إليه من تربتها والقول الذي قاله، فكرهتُ سيري، فأقبلتُ على فرسي حتّى وقفتُ على الحسين عليه السلام فسلّمتُ عليه و حدّثته بالذي سمعت من أبيه في هذا المنزل.
فقال الحسين عليهالسلام: أمعنا أم علينا؟ فقلتُ: يا بن رسول الله لا معك و لا عليك! تركتُ ولدي و عيالي أخاف عليهم من ابن زياد.
فقال الحسين: فتولّ هرباً حتّى لا ترى مقتلنا، فو الذي نفسُ حُسين بيده لا يرى اليوم مقتلنا أحد ثمّ لا يُعيننا إلاّ دخل النار.
قال: فأقبلتُ في الأرض أشتدّ هرباً حتّى خفيَ عليّ مقتلهم.
و روى نصر عن أبي جحيفة، قال: جاء عروة البارقيّ إلى سعد بن وهب فسأله و قال: حديث حدّثتناه عن عليّ بن أبي طالب عليهالسلام؟
قال: نعم، بعثني مخنف بن سليم إلى عليّ عليهالسلام عند توجّهه إلى صفّين، فأتيته بكربلاء فوجدتُه يُشير بيده و يقول: هَا هُنَا هَا هُنَا.
فقال له رجل: و ما ذاك يا أمير المؤمنين؟
فقال: ثَقَلٌ لآلِ مُحَمَّدٍ يَنْزِلُ هَا هُنَا، فَوَيْلٌ لَهُمْ مِنْكُمْ وَ وَيْلٌ لَكُمْ مِنْهُمْ.
فقال له الرجل: ما معنى هذا الكلام يا أمير المؤمنين؟
قال: ويلٌ لهم منكم: تقتلونهم، وويلٌ لكم منهم: يدخلكم الله بقتلهم إلى النار.
قال نصر: و قد روي هذا الكلام على وجه آخر، أنّهُ عَلَيْهِ السَّلامُ قَالَ: فَوَيْلٌ لَكُمْ مِنْهُمْ وَ وَيْلٌ لَكُمْ عَلَيْهِمْ.
فقال الرجل: أمّا ويلٌ لنا منهم فقد عرفناه، فويلٌ لنا عليهم ما معناه؟
فقال: تَرَوْنَهُمْ يُقْتَلُونَ لا تَسْتَطِيعُونَ نُصْرَتَهُمْ.
وروى نصر بسنده، عن الحسن بن كثير، عن أبيه أنّ عليّاً عليه السلام أتى كربلاء فوقف بها، فقيل له: يا أمير المؤمنين هذه كربلاء.
فقال: ذَاتُ كَرْبٍ وَ بَلاءٍ. ثمّ أومأ بيده إلى مكان، فقال:
هَا هُنَا مَوْضِعُ رِحَالِهِمْ وَ مُنَاخُ رِكَابِهِمْ، ثمّ أومأ بيده إلى مكان آخر فقال: هَا هُنَا مُرَاقُ دِمَائِهِمْ، ثمّ مضى إلى سَابَاط.
أورد المجلسيّ رضوان الله عليه في «بحار الأنوار» عن «الخرائج و الجرائح» عن الإمام محمّد الباقر، عن أبيه عليهما السلام، قال:
مَرَّ عَلِيّ عَلَيْهِ السَّلامُ بِكَرْبَلا فَقَالَ لَمّا مَرّ بِهِ أصْحَابُهُ وَ قَدْ اغْرَوْرَقَتْ عَيْنَاهُ يَبْكِي وَ يَقُولُ: هَذَا مُنَاخُ رِكَابِهِمْ وَ هَذَا مُلْقَى رِحَالِهِمْ هَا هُنَا مُرَاقُ دِمَائِهِمْ، طُوبَى لَكِ مِنْ تُرْبَةٍ عَلَيْهَا دِمَاءُ الأحِبَّةِ.
و قال الإمام الباقر عليهالسلام:
خَرَجَ عَلِيّ يَسِيرُ بِالنَّاسِ، حَتَّى إ ذَا كَانَ بِكَرْبَلا عَلَى مِيْلَيْنِ أ وْ مِيلٍ تَقَدَّمَ بَيْنَ أيْدِيهِمْ حَتَّى طَافَ بِمَكَانٍ يُقَالُ لَهُ الْمِقْذَفَانِ.
فَقَالَ: قُتِلَ فِيهَا مَائِتَا نَبِيٍّ وَ مَائِتَا سِبْطٍ كُلُّهُمْ شُهَدَاءُ، وَ مَنَاخُ رِكَابٍ وَ مَصَارِعُ عُشَّاقٍ شُهَدَاء، لا يَسْبِقُهُمْ مَنْ كَانَ قَبْلَهُمْ؛ وَلا يَلْحَقُهُمْ مَنْ بَعْدَهُم.
[ملاحظة: انتخب هذا البحث من معرفة المعاد، ج٣، ص: ۱٤۱، تأليف المرحوم العلاّمة آية اللـه الحاج السيّد محمّد الحسين الحسينيّ الطهرانيّ رضوان اللـه عليه، وقد تمّ توثيقه ومقارنته مع المصدر الفارسي من قبل الهيئة العلميّة في لجنة الترجمة والتحقيق، و تجدر الإشارة إلى أنّ العبارات و الهوامش التي وقعت بين معقوفتين هي من الهيئة العلميّة]