حجج رسول الله صلى الله عليه وآله وعمراته قبل الهجرة

10131
مشاهدة المتن

المؤلّفالهیئة العلمیة لموقع مدرسة الوحي

القسم التاريخ و الاجتماع


التوضيح

أهم محتويات المقالة:
- عمرات رسول الله صلى الله عليه و آله؛
- هل‌ حجّ رسول الله‌‌ قبل‌ الهجرة‌؟؛
- كيفيّة‌ حجّ رسول‌ الله‌ صلّى‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلّم‌ قبل‌ الهجرة‌‌.

/۵
بي دي اف بي دي اف الجوال الوورد

حجج رسول الله صلى الله عليه وآله وعمراته قبل الهجرة

1
  •  

  •  

  • هو العليم

  •  

  • حجج رسول الله (صلى الله عليه وآله) قبل الهجرة وعمراته

  •  

  • بحث منتخب من «معرفة الإمام»

  • إعداد: الهيئة العلمية في موقع مدرسة الوحي

  •  

  •  

حجج رسول الله صلى الله عليه وآله وعمراته قبل الهجرة

2
  •  

  •  

  • بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ‌

  • و صلّى اللهُ على محمّد و آله الطَّاهرين‌

  • و لعنة الله على أعدائهم أجمعين من الآن إلى قيام يوم الدين

  • و لا حول و لا قوّة إلاّ باللهِ العليّ العظيم‌

  •  

  •  

  • عمرات رسول الله صلى الله عليه و آله

  • إنّ رسول الله‌‌ صلّی الله‌‌ عليه‌ وآله‌ وسلّم‌ لم‌ يحجّ بعد هجرته‌ إلی‌ المدينة‌ إلاّ مرّة‌ واحدة‌ فقط‌. وهي‌ الحجّة‌ التي كانت‌ في السنة‌ العاشرة‌ من‌ الهجرة‌. واعتمر ثلاث‌ مرّات‌ أيضاً:

  • الاُولی‌: عمرة‌ الحُدَيبيّة‌ حيث‌ أحرم‌ رسول الله‌‌ وأصحابه‌ قاصدين‌ مكّة‌، إلاّ أنّ كفّار مكّة‌ حالوا دون‌ ذلك‌ ومنعوهم‌ من‌ دخول‌ مكّة‌، فأمر صلّی الله‌‌ عليه‌ و آله‌ و سلّم‌ بحلق‌ الرؤوس‌ و نحر الإبل‌ في ذلك‌ المكان‌، فأحلّوا من‌ إحرامهم‌. وعقد معاهدة‌ مع‌ كفّار قريش‌ اشترطَ فيها أن‌ يعود المسلمون‌ إلی‌ مكّة‌ للعمرة‌ في السنة‌ القادمة‌. 

  • الثانية‌: عمرة‌ القضاء في السنة‌ التي تلت‌ عمرة‌ الحديبيّة‌ إذ أحرم‌ رسول الله‌‌ صلّی الله‌‌ عليه‌ وآله‌ وسلّم‌ مع‌ أصحابه‌ إحرام‌ العمرة‌، فدخل‌ مكّة‌ المكرّمة‌ وأدّی‌ مناسك‌ العمرة‌. 

  • الثالثة‌: العمرة‌ التي كانت‌ بعد غزوة‌ حُنَيْن‌ عندما قسّم‌ رسول الله‌‌ الغنائم‌ علی المسلمين‌، و قفل‌ راجعاً من‌ طريق‌ الطائف‌، فدخل‌ مكّة‌، و أحرم‌ من‌ الجِعْرَانَة‌ ۱ وأدّی‌ مناسك‌ العمرة‌. 

  • و لا اختلاف‌ بين‌ الشيعة‌ والسنّة‌ في هذه‌ العمرات‌ الثلاث‌؛ إلاّ أنّ كتب‌ التأريخ‌ السنيّة‌ تذكر عمرة‌ أُخری‌ لرسول الله‌‌. وهي‌ العمرة‌ التي أدّاها مع‌ حجّه‌ في السنة‌ العاشرة‌ من‌ الهجرة‌. فكان‌ حجّه‌ متزامناً مع‌ عمرته‌؛ وبهذا تصبح‌ عمراته‌ أربعاً بعد الهجرة‌٢.

  • غير أنّ أكثر الأخبار الشيعيّة‌ تردّ ذلك‌ وتثبت‌ ـ وفقاً لمصادر أهل‌ السنّة‌ أنفسهم‌ ـ أنّ رسول الله‌‌ أدّی‌ مناسك‌ الحجّ فقط‌ في حجّة‌ الوداع‌، و لم‌ يعتمر معها٣.

  • قيل‌: كانت‌ العمرات‌ الثلاث‌ كلّها في شهر ذي‌ القعدة‌ الحرام٤.

  • هل‌ حجّ رسول الله‌‌ قبل‌ الهجرة‌؟

  • ولكن‌ هل‌ حجّ رسول الله‌‌ قبل‌ الهجرة‌؟ أو قبل‌ النبوّة‌؟ إذ كان‌ الحجّ من‌ شرائع‌ إبراهيم‌ عليه‌ السلام‌. وكان‌ المشركون‌ في الجزيرة‌ العربيّة‌ يؤدّون‌ مناسك‌ الحجّ قبل‌ الإسلام‌ عملاً بسنّة‌ خليل‌ الرحمن‌ عليه‌ السلام‌ مع‌ تشويه‌ و تحريف‌ لتلك‌ المناسك‌. و علی أيّ حال‌، فإنّ حجّ رسول الله‌‌ محلّ خلاف‌. يقول‌ ابن‌ كثير: كان‌ رسول الله‌‌ يحجّ قبل‌ النبوّة‌ وبعدها، وقبل‌ الهجرة.٥

    1. الجِعْرَانَة‌ و الجِعِرَّانَة‌ بكسر الجيم‌ وسكون‌ العين‌ ، أو بكسر العين‌ وفتح‌ الراء المشدّدة‌. كلاهما صحيح‌.
    2. «البداية‌ والنهاية» الطبعة‌ الاُولی‌ بمصر سنة‌ ۱٣٥۱ هـ ، ج‌ ٥ ، ص‌ ۱۰٩ و ۱۱٤؛ و«المناقب» لابن‌ شهرآشوب‌ عن‌ الطبريّ عن‌ ابن‌ عبّاس‌ ، الطبعة‌ الحجريّة‌ ، ج‌ ۱ ، ص‌ ۱٢۱. 
    3. روی في «الكافي‌» بسنده‌ عن‌ الإمام‌ الصادق‌ عليه‌ السلام‌ أنه‌ قال‌: اعتمر رسول الله‌‌‌ صلّی الله‌‌‌ عليه‌ وآله‌ وسلَّم‌ ثلاث‌ عمر مفترقات‌: عمرة‌ في ذي‌ القعدة‌ ، أهَلَّ من‌ عَسْفان‌ وهي‌ عمرة‌ الحُدَيْبيّة‌ ، وعمرة‌ أهَلَّ من‌ الجُحفة‌ وهي‌ عمرة‌ القضاء ، وعمرة‌ أهَلَّ من‌ الجِعرانَةَ بعدما رجع‌ من‌ الطائف‌ من‌ غزوة‌ حنين‌. «الكافي‌»، طبعة‌ الآخوندي‌ ، الجزء الرابع‌ من‌ الفروع‌ ص‌ ٢٥۱ . و أمّا الرواية‌ المنقولة‌ في «بحار الأنوار» طبع‌ الكمباني‌ ، ج‌ ٦ ، ص‌ ٦٦٦ عن‌ «الخصال» للصدوق‌ ، أو «الأمالي‌‌» للطوسيّ ، عن‌ ابن‌ عبّاس‌ أنّ النبيّ صلّی الله‌‌‌ عليه‌ وآله‌ وسلّم‌ اعتمر أربع‌ عمر ، عمرة‌ الحديبيّة‌ و عمرة‌ القضاء من‌ قابل‌ ، و الثالثة‌ من‌ الجِعْرانة‌ و الرابعة‌ مع‌ حجّته‌ ؛ فهي‌ غير موثوقة‌. 
    4. «البداية‌ والنهاية» الطبعة‌ الاُولی بمصر ، ج‌ ٥ ص‌ ۱۰٩ ، عن‌ البخاريّ ، و مسلم‌ و أحمد.
    5. «البداية‌ والنهاية‌‌» ج‌ ٥ ، ص‌ ۱۰٩.

حجج رسول الله صلى الله عليه وآله وعمراته قبل الهجرة

3
  • ويقول‌ ابن‌ سعد: لم‌ يحجّ رسول الله‌‌ غيرها [حجّة‌ الإسلام‌ في السنة‌ العاشرة‌ للهجرة‌] منذ تُنُبّئ إلی‌ أن‌ توفّاه‌ الله‌‌. وكان‌ ابن‌ عبّاس‌ يكره‌ أن‌ يقال‌: حِجَّة‌ الوَدَاع‌، و يقول‌: حِجَّة‌ الإسلام‌.۱

  • و يقول‌ ابن‌ برهان‌ الحلبيّ الشافعيّ ما ملخّصه‌: لم‌ يحجّ رسول الله‌‌ غير حجّة‌ الوداع‌ منذ أن‌ هاجر إلی‌ المدينة‌. وأمّا قبل‌ الهجرة‌، فقد حجّ ثلاث‌ مرّات‌. وقيل‌: مرّتين‌. وهما اللتان‌ بايع‌ فيهما الأنصار عند العَقَبة‌. و في كلام‌ ابن‌ الأثير كان‌ يحجّ كلّ سنة‌ قبل‌ أن‌ يهاجر. و في كلام‌ ابن‌ الجوزيّ حجّ قبل‌ النبوّة‌ و بعدها حججاً لا يعلم‌ عددها إلاّ الله‌‌.٢

  • و يقول‌ ابن‌ شهرآشوب‌: [قال‌] البخاريّ: حجّ النبيّ عليه‌ السلام‌ قبل‌ النبوّة‌، وبعدها لا نعرف‌ عددها، ولم‌ يحجّ بعد الهجرة‌ إلاّ حجّة‌ الوداع‌. وعن‌ جابر الأنصاري أنه‌ حجّ ثلاث‌ حجج‌: حجّتين‌ قبل‌ الهجرة‌. وحجّة الوداع‌. 

  • العلاء بن‌ رزين‌، وعمرو بن‌ يزيد عن‌ أبي‌ عبد الله‌‌ عليه‌ السلام‌ قال‌: حجّ رسول الله‌‌ عشرين‌ حجّة‌. 

  • الطبريّ عن‌ ابن‌ عبّاس‌: اعتمر النبيّ عليه‌ السلام‌ أربع‌ عمر: الحُدَيبيّة‌ و القضاء، و الجِعْرانة‌، و التي مع‌ حجّته‌. 

  • معاوية‌ بن‌ عمّار عن‌ الصادق‌ عليه‌ السلام‌: اعتمر رسول الله‌‌ صلّی الله‌‌ عليه‌ وآله‌ وسلّم‌ ثلاث‌ عمر متفرّقات‌. ثمّ ذكر الحُدَيبيّة‌، والقَضَاء، والجِعْرَانَة‌. وأقَام‌ بالمدينة‌ عشر سنين‌، ثمّ حجّ حجّة‌ الوداع‌، ونصب‌ عليّاً إماماً يوم‌ غدير خمّ.٣ 

  • ونقل‌ الكلينيّ في «الكافي‌» بسنده‌ عن‌ الإمام‌ الصادق‌ عليه‌ السلام‌ قال‌: لم‌ يحجّ النبيّ صلّی الله‌‌ عليه‌ وآله‌ وسلّم‌ بعد قدومه‌ المدينة‌ إلاّ واحدة‌، وقد حجّ بمكّة‌ مع‌ قومه‌ حجّات.٤

  • و في «الكافي‌» أيضاً عن‌ الإمام‌ الصادق‌ عليه‌ السلام‌ قال‌: حجّ رسول الله‌‌ صلّی الله‌‌ عليه‌ وآله‌ وسلّم‌ عشرين‌ حجّة‌.٥

  • كيفيّة‌ حجّ رسول‌ الله‌ صلّى‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلّم‌ قبل‌ الهجرة‌

  • وروی الصدوق‌ في «علل‌ الشرائع» بسنده‌ عن‌ الإمام‌ الصادق‌ عليه‌السلام‌ أنّ سليمان‌ بن‌ مهران‌ قال‌: قلت‌ لجعفر بن‌ محمّد عليهما السلام‌: كم‌ حجّ رسول الله‌‌‌‌ صلّی‌ الله‌‌‌‌‌ عليه‌ وآله‌ وسلّم‌؟ 

  • فقال‌: عشرين‌ مستتراً في حجّه‌ يمرّ بالمِأزَمَينْ٦، فينزل‌ فيبول‌. 

    1. «الطبقات‌ الكبرى» ج‌ ٢ ، ص‌ ۱۷٣. طبعة‌ دار بيروت‌ ، سنة‌ ۱٤۰٥.
    2. «السيرة‌ الحلبيّة‌‌» طبعة‌ مصر ، سنة‌ ۱٣٥٣ هـ ، ج‌ ٣ ، ص‌ ٢۸٩.
    3. «المناقب» لابن‌ شهرآشوب‌ الطبعة‌ الحجريّة‌ ، ج‌ ۱ ، ص‌ ۱٢۱.
    4. «فروع‌ الكافي‌‌» طبعة‌ مطبعة‌ الحيدريّ ، ج‌ ٤ ، ص‌ ٢٤٤. و «الوفاء بأحوال‌ المصطفي» طبعة‌ مصر ، مطبعة‌ الكيلانيّ ، ج‌ ٢ ، ص‌ ٢۰٩.
    5. «فروع‌ الكافي» طبعة‌ مطبعة‌ الحيدريّ ، ج‌ ٤ ، ص‌ ٢٤٥.
    6. المِأزَم‌ هو المضيق‌ بين‌ جبلين‌ ، ولذلك‌ سمّي‌ الموضع‌ الذي بين‌ عَرَفات‌ والمشعر ، و يضيق‌ فيه‌ الطريق‌: المِأزَمَيْن‌.

حجج رسول الله صلى الله عليه وآله وعمراته قبل الهجرة

4
  • قال‌: ولِمَ كان‌ ينزل‌ هناك‌ فيبول‌؟! 

  • قال‌: لأنّه‌ أوّل‌ موضع‌ عبد فيه‌ الأصنام‌، ومنه‌ اُخذ الحجر الذي نُحت‌ منه‌ هُبَلُ الذي رمی‌ به‌ عليّ [بن‌ أبي‌ طالب‌] من‌ ظهر الكعبة‌ لمّا علا ظهر رسول الله. فأمر [رسول الله‌] بدفنه‌ عند باب‌ بني‌ شيبة‌، فصار الدخول‌ إلی‌ المسجد من‌ باب‌ بني‌ شيبة‌ سنّة‌ لأجل‌ ذلك‌...۱

  • طبيعيّاً أنّ الإشكال‌ الذي يبدو في حجّات‌ رسول الله‌ قبل‌ الهجرة‌ يتمثّل‌ في شيئين‌: 

  • الأوّل‌: من‌ حيث‌ المكان‌، وهو أنّ قريشاً كانوا لا يخرجون‌ من‌ الحرم‌ في موسم‌ الحجّ، ولا يذهبون‌ من‌ المُزدَلَفة‌ إلی‌ عرفات‌ ضمن‌ أداء المناسك‌. ويقولون‌: إنّ قريشاً وهم‌ من‌ أعاظم‌ الناس‌ ينبغي‌ أن‌ لا يخرجوا من‌ الحرم‌. ونحن‌ نعلم‌ أنّ الوقوف‌ في عرفات‌ هو أحد أعمال‌ الحجّ. 

  • تفيدنا الروايات‌ هنا أنّ رسول الله‌ كان‌ يذهب‌ إلی‌ عرفات‌ ضمن‌ حجّه‌؛ ويقف‌ مع‌ سائر الناس‌ الذين‌ يقفون‌ في عرفات‌ من‌ غير قريش‌، ثمّ يأتي‌ المشعر الحرام‌ والمُزْدَلَفة‌. 

  • الثاني‌: من‌ حيث‌ الزمان‌، كان‌ العرب‌ في الجاهليّة‌ يؤخّرون‌ زمن‌ الحجّ أيّاماً من‌ حساب‌ الشهور القمريّة‌ التي عليها الأعمال‌؛ و ذلك‌ ليقع‌ الحجّ في جوّ معتدل‌ لطيف‌ دائماً. وقد عبّر القرآن‌ عن‌ هذا العمل‌ بالنَّسِي‌ء و ذكر أنه‌ زيادة‌ في الكفر. و في ضوء ذلك‌ فقد كان‌ الحجّ في جميع‌ السنين‌ يقع‌ دائماً في غير وقته‌ المحدّد له‌. ولم‌ يقع‌ في وقته‌ المعيّن‌ إلاّ مرّة‌ واحدة‌ كلّ ثلاث‌ وثلاثين‌ سنة‌، إذ يطابق‌ زمان‌ الشهر الهلاليّ و وقته‌ المعيّن‌ في النصف‌ الأوّل‌ من‌ شهر ذي‌ الحِجّة‌ الحرام‌. و هذه‌ المطابقة‌ كانت‌ فقط‌ في السنة‌ التي أدّی‌ فيها رسول الله‌ حجّة‌ الوداع‌. وكما سنری‌، فإنّ رسول الله‌ أعاد الحجّ إلی‌ مجاريه‌ الطبيعيّة‌ وأعلن‌ وقته‌ المحدّد في خطبته‌ بترك‌ النسي‌ء في النصف‌ الأوّل‌ من‌ شهر ذي‌ الحِجَّة‌. 

  • من‌ هذا المنطلق‌، فلو كان‌ رسول الله‌ قد أراد الحجّ مع‌ الناس‌ قبل‌ سنة حِجَّة‌ الوَدَاع‌ بثلاث‌ وثلاثين‌ سنة‌، أي‌: قبل‌ نبوّته‌ بعشر سنين‌، فإنّه‌ يكون‌ قد أدّاه‌ في غير وقته‌ المعيّن‌، وشمله‌ حكم‌ التأخير والنسي‌ء. وهو ممّا لا يصدر عن‌ رسول الله‌، لاسيّما و أنّ القرآن‌ يعتبر ذلك‌ كفراً. إذاً ينبغي‌ أن‌ نقول‌: إنّه‌ صلّی الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلّم‌ كان‌ يؤدّي‌ مناسك‌ الحجّ في وقتها المقرّر. 

    1. «علل‌ الشرائع‌» طبعة‌ المطبعة‌ الحيدريّة‌ في النجف‌ ، ج‌ ٢ ، ص‌ ٤٥۰.

حجج رسول الله صلى الله عليه وآله وعمراته قبل الهجرة

5
  • وفي‌ ضوء ذلك‌، مضافاً إلی‌ الرواية‌ التي نقلناها عن‌ «علل‌ الشرائع» فإنّ ثمّة‌ روايات‌ اُخری‌ تنصّ علی أنّ رسول الله‌ صلّی الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلّم‌ كان‌ يحجّ خفية‌. وجاء ذلك‌ في «الكافي‌» عن‌ سَهْل‌، عن‌ ابن‌ فضّال‌، عن‌ عيسى الفرّاء، عن‌ ابن‌ أبي‌ يعفور عن‌ أبي‌ عبدالله‌ عليه‌ السلام‌ قال‌: حَجَّ رَسُولُ اللهِ صلّى اللهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ عِشْرِينَ حَجَّةً مُسْتَتِرَّةً كُلَّهَا، يَمُرُّ بِالْمِأزَمَيْنِ فَيَنْزِلُ فَيَبُولُ۱. و علی هذا لا يبقی‌ إشكال‌ في اختلاف‌ الموقف‌ أيضاً. 

  • [قال‌ عليّ بن‌ برهان‌ الدين‌ الحلبيّ]: الجمهور: فَرْضُ الحجّ كان‌ سنة‌ ستّ من‌ الهجرة‌. وصحّحه‌ الرافعيّ في باب‌ السِّيَر؛ وتبعه‌ النووي‌.٢ قيل‌ فُرض‌ سنة‌ تسع‌؛ وقيل‌ سنة‌ عشر ـ انتهی‌. وبه‌ قال‌ أبو حنيفة‌ ومن‌ ثمّ إنّه‌ قال‌ بوجوبه‌ علی الفور؛ وقيل‌ فُرض‌ قبل‌ الهجرة‌ واستُغرب٣.

  • وأمّا ما نستنتجه‌ من‌ بعض‌ روايات‌ الخاصّة‌ التي تدلّ علی أنّ رسول الله‌ علّم‌ المسلمين‌ أحكام‌ الدين‌ كلّها من‌ صلاة‌، صيام‌، وزكاة‌. و لم‌ يبق‌ منها إلاّ الحجّ والولاية‌ حيث‌ علّمهم‌ إيّاهما في سفره‌ هذا؛ فشرح‌ لهم‌ مناسك‌ الحجّ كلّها وكرّر عليهم‌ ذلك‌. وعرّف‌ لهم‌ أمير المؤمنين‌ عليه‌ السلام‌ في خطبه‌ بمكّة‌، وعرفات‌، ومنی‌ بشكل‌ عامّ عن‌ طريق‌ وصيّته‌ بأهل‌ البيت‌؛ ونصبه‌ في مقام‌ الولاية‌ والإمامة‌ بإذن‌ الله‌، وذلك‌ في خطبة‌ غدير خمّ بشكل‌ خاصّ عن‌ طريق‌ التعريف‌ الشخصيّ والشهوديّ والوجدانيّ. وبذلك‌ أكمل‌ دين‌ الله‌ وأتمّ نعمته‌؛ لنستفيد من‌ ذلك‌ أنّ وجوب‌ الحجّ كان‌ في السنة‌ العاشرة‌ للهجرة.

  •  

  • [هذا البحث انتخب من كتاب معرفة الإمام عليه السلام المجلد السادس لسماحة المرحوم آية الله العلامة السيد محمد الحسين الحسيني الطهراني رضوان الله عليه]

    1. «فروع‌ الكافي» طبعة‌ المطبعة‌ الحيدريّة‌ ، ج‌ ٤ ، ص‌ ٢٥۱ ، و ص‌ ٢٥٢.
    2. أيّد صاحب‌ «شذرات‌ الذهب» هذا القول‌ في كتابه‌ المذكور ، ج‌ ۱ ، طبعة‌ مصر سنة‌ ۱٣٥۰ ، ص‌ ۱۱ و ۱٣.
    3. «السيرة‌ الحلبيّة‌‌» طبعة‌ مصر سنة‌ ۱٣٥٣ هـ ، ج‌ ٣ ، ص‌ ٢۸٩. وذكره‌ ابن‌ كثير في «البداية‌ والنهاية» الطبعة‌ الاُولی بمصر ملخّصاً ، ج‌ ٥ ، ص‌ ۱۰٩.