/۵
بي دي اف بي دي اف الجوال الوورد

حجج رسول الله صلى الله عليه وآله وعمراته قبل الهجرة

1
  •  

  • هو العلیم

  •  

  • حجج رسول الله 

  • (صلى الله عليه وآله) 

  • قبل الهجرة وعمراته

حجج رسول الله صلى الله عليه وآله وعمراته قبل الهجرة

2
  •  

  •  

  • بسم الله الرّحمن الرّحيم‌

  • وصلّى االله على محمّد وآله الطاهرين‌

  • ولعنة الله على أعدائهم أجْمَعِينَ من الآن إلى قيام يوم الدين‌

  • ولا حول ولا قوّة إلاّ بالله العليّ العظيم‌

  •  

  •  

  • عمرات رسول الله صلى الله عليه و آله

  • إنّ رسول الله‌‌ صلّی الله‌‌ عليه‌ وآله‌ وسلّم‌ لم‌ يحجّ بعد هجرته‌ إلی‌ المدينة‌ إلاّ مرّة‌ واحدة‌ فقط‌ . وهي‌ الحجّة‌ التي كانت‌ في السنة‌ العاشرة‌ من‌ الهجرة‌ . واعتمر ثلاث‌ مرّات‌ أيضاً : 

  • الاُولی‌ : عمرة‌ الحُدَيبيّة‌ حيث‌ أحرم‌ رسول الله‌‌ وأصحابه‌ قاصدين‌ مكّة‌ ، إلاّ أنّ كفّار مكّة‌ حالوا دون‌ ذلك‌ ومنعوهم‌ من‌ دخول‌ مكّة‌ ، فأمر صلّی الله‌‌ عليه‌ و آله‌ و سلّم‌ بحلق‌ الرؤوس‌ و نحر الإبل‌ في ذلك‌ المكان‌ ، فأحلّوا من‌ إحرامهم‌ . وعقد معاهدة‌ مع‌ كفّار قريش‌ اشترطَ فيها أن‌ يعود المسلمون‌ إلی‌ مكّة‌ للعمرة‌ في السنة‌ القادمة‌ . 

  • الثانية‌ : عمرة‌ القضاء في السنة‌ التي تلت‌ عمرة‌ الحديبيّة‌ إذ أحرم‌ رسول الله‌‌ صلّی الله‌‌ عليه‌ وآله‌ وسلّم‌ مع‌ أصحابه‌ إحرام‌ العمرة‌ ، فدخل‌ مكّة‌ المكرّمة‌ وأدّی‌ مناسك‌ العمرة‌ . 

  • الثالثة‌ : العمرة‌ التي كانت‌ بعد غزوة‌ حُنَيْن‌ عندما قسّم‌ رسول الله‌‌ الغنائم‌ علی المسلمين‌ ، و قفل‌ راجعاً من‌ طريق‌ الطائف‌ ، فدخل‌ مكّة‌ ، و أحرم‌ من‌ الجِعْرَانَة‌ ۱ وأدّی‌ مناسك‌ العمرة‌ . 

  • و لا اختلاف‌ بين‌ الشيعة‌ والسنّة‌ في هذه‌ العمرات‌ الثلاث‌ ؛ إلاّ أنّ كتب‌ التأريخ‌ السنيّة‌ تذكر عمرة‌ أُخری‌ لرسول الله‌‌ . وهي‌ العمرة‌ التي أدّاها مع‌ حجّه‌ في السنة‌ العاشرة‌ من‌ الهجرة‌ . فكان‌ حجّه‌ متزامناً مع‌ عمرته‌ ؛ وبهذا تصبح‌ عمراته‌ أربعاً بعد الهجرة‌٢.

  • غير أنّ أكثر الأخبار الشيعيّة‌ تردّ ذلك‌ وتثبت‌ ـ وفقاً لمصادر أهل‌ السنّة‌ أنفسهم‌ ـ أنّ رسول الله‌‌ أدّی‌ مناسك‌ الحجّ فقط‌ في حجّة‌ الوداع‌ ، و لم‌ يعتمر معها٣.

  • قيل‌ : كانت‌ العمرات‌ الثلاث‌ كلّها في شهر ذي‌ القعدة‌ الحرام‌٤.

  • هل‌ حجّ رسول الله‌‌ قبل‌ الهجرة‌ ؟

  • ولكن‌ هل‌ حجّ رسول الله‌‌ قبل‌ الهجرة‌ ؟ أو قبل‌ النبوّة‌ ؟ إذ كان‌ الحجّ من‌ شرائع‌ إبراهيم‌ عليه‌ السلام‌ . وكان‌ المشركون‌ في الجزيرة‌ العربيّة‌ يؤدّون‌ مناسك‌ الحجّ قبل‌ الإسلام‌ عملاً بسنّة‌ خليل‌ الرحمن‌ عليه‌ السلام‌ مع‌ تشويه‌ و تحريف‌ لتلك‌ المناسك‌ . و علی أيّ حال‌ ، فإنّ حجّ رسول الله‌‌ محلّ خلاف‌ . يقول‌ ابن‌ كثير : كان‌ رسول الله‌‌ يحجّ قبل‌ النبوّة‌ وبعدها ، وقبل‌ الهجرة‌ .٥

    1. الجِعْرَانَة‌ و الجِعِرَّانَة‌ بكسر الجيم‌ وسكون‌ العين‌ ، أو بكسر العين‌ وفتح‌ الراء المشدّدة‌ . كلاهما صحيح‌ .
    2. “ البداية‌ والنهاية‌” الطبعة‌ الاُولی‌ بمصر سنة‌ ۱٣٥۱ هـ ، ج‌ ٥ ، ص‌ ۱۰٩ و ۱۱٤ ؛ و” المناقب‌” لابن‌ شهرآشوب‌ عن‌ الطبريّ عن‌ ابن‌ عبّاس‌ ، الطبعة‌ الحجريّة‌ ، ج‌ ۱ ، ص‌ ۱٢۱ . 
    3. روی في “ الكافي‌‌” بسنده‌ عن‌ الإمام‌ الصادق‌ عليه‌ السلام‌ أنه‌ قال‌ : اعتمر رسول الله‌‌‌ صلّی الله‌‌‌ عليه‌ وآله‌ وسلَّم‌ ثلاث‌ عمر مفترقات‌ : عمرة‌ في ذي‌ القعدة‌ ، أهَلَّ من‌ عَسْفان‌ وهي‌ عمرة‌ الحُدَيْبيّة‌ ، وعمرة‌ أهَلَّ من‌ الجُحفة‌ وهي‌ عمرة‌ القضاء ، وعمرة‌ أهَلَّ من‌ الجِعرانَةَ بعدما رجع‌ من‌ الطائف‌ من‌ غزوة‌ حنين‌ . “ الكافي‌‌” ، طبعة‌ الآخوندي‌ ، الجزء الرابع‌ من‌ الفروع‌ ص‌ ٢٥۱ . و أمّا الرواية‌ المنقولة‌ في “ بحار الأنوار‌” طبع‌ الكمباني‌ ، ج‌ ٦ ، ص‌ ٦٦٦ عن‌ “ الخصال‌‌” للصدوق‌ ، أو “ الأمالي‌‌” للطوسيّ ، عن‌ ابن‌ عبّاس‌ أنّ النبيّ صلّی الله‌‌‌ عليه‌ وآله‌ وسلّم‌ اعتمر أربع‌ عمر ، عمرة‌ الحديبيّة‌ و عمرة‌ القضاء من‌ قابل‌ ، و الثالثة‌ من‌ الجِعْرانة‌ و الرابعة‌ مع‌ حجّته‌ ؛ فهي‌ غير موثوقة‌ .
    4. “ البداية‌ والنهاية‌‌” الطبعة‌ الاُولی بمصر ، ج‌ ٥ ص‌ ۱۰٩ ، عن‌ البخاريّ ، و مسلم‌ و أحمد .
    5. “ البداية‌ والنهاية‌‌” ج‌ ٥ ، ص‌ ۱۰٩ .

حجج رسول الله صلى الله عليه وآله وعمراته قبل الهجرة

3
  • ويقول‌ ابن‌ سعد : لم‌ يحجّ رسول الله‌‌ غيرها [ حجّة‌ الإسلام‌ في السنة‌ العاشرة‌ للهجرة‌] منذ تُنُبّئ إلی‌ أن‌ توفّاه‌ الله‌‌ . وكان‌ ابن‌ عبّاس‌ يكره‌ أن‌ يقال‌ : حِجَّة‌ الوَدَاع‌ ، و يقول‌ : حِجَّة‌ الإسلام‌ .۱

  • و يقول‌ ابن‌ برهان‌ الحلبيّ الشافعيّ ما ملخّصه‌ : لم‌ يحجّ رسول الله‌‌ غير حجّة‌ الوداع‌ منذ أن‌ هاجر إلی‌ المدينة‌ . وأمّا قبل‌ الهجرة‌ ، فقد حجّ ثلاث‌ مرّات‌ . وقيل‌ : مرّتين‌ . وهما اللتان‌ بايع‌ فيهما الأنصار عند العَقَبة‌ . و في كلام‌ ابن‌ الأثير كان‌ يحجّ كلّ سنة‌ قبل‌ أن‌ يهاجر . و في كلام‌ ابن‌ الجوزيّ حجّ قبل‌ النبوّة‌ و بعدها حججاً لا يعلم‌ عددها إلاّ الله‌‌ . ٢

  • و يقول‌ ابن‌ شهرآشوب‌ : [ قال‌ ] البخاريّ : حجّ النبيّ عليه‌ السلام‌ قبل‌ النبوّة‌ ، وبعدها لا نعرف‌ عددها ، ولم‌ يحجّ بعد الهجرة‌ إلاّ حجّة‌ الوداع‌ . وعن‌ جابر الأنصاري أنه‌ حجّ ثلاث‌ حجج‌ : حجّتين‌ قبل‌ الهجرة‌ . وحجّة الوداع‌ . 

  • العلاء بن‌ رزين‌ ، وعمرو بن‌ يزيد عن‌ أبي‌ عبد الله‌‌ عليه‌ السلام‌ قال‌ : حجّ رسول الله‌‌ عشرين‌ حجّة‌ . 

  • الطبريّ عن‌ ابن‌ عبّاس‌ : اعتمر النبيّ عليه‌ السلام‌ أربع‌ عمر : الحُدَيبيّة‌ و القضاء ، و الجِعْرانة‌ ، و التي مع‌ حجّته‌ . 

  • معاوية‌ بن‌ عمّار عن‌ الصادق‌ عليه‌ السلام‌ : اعتمر رسول الله‌‌ صلّی الله‌‌ عليه‌ وآله‌ وسلّم‌ ثلاث‌ عمر متفرّقات‌ . ثمّ ذكر الحُدَيبيّة‌ ، والقَضَاء ، والجِعْرَانَة‌ . وأقَام‌ بالمدينة‌ عشر سنين‌ ، ثمّ حجّ حجّة‌ الوداع‌ ، ونصب‌ عليّاً إماماً يوم‌ غدير خمّ .٣  ونقل‌ الكلينيّ في “ الكافي‌ ‌” بسنده‌ عن‌ الإمام‌ الصادق‌ عليه‌ السلام‌ قال‌ : لم‌ يحجّ النبيّ صلّی الله‌‌ عليه‌ وآله‌ وسلّم‌ بعد قدومه‌ المدينة‌ إلاّ واحدة‌ ، وقد حجّ بمكّة‌ مع‌ قومه‌ حجّات‌ .٤

  • و في “ الكافي‌ ‌” أيضاً عن‌ الإمام‌ الصادق‌ عليه‌ السلام‌ قال‌ : حجّ رسول الله‌‌ صلّی الله‌‌ عليه‌ وآله‌ وسلّم‌ عشرين‌ حجّة‌. ٥

  • كيفيّة‌ حجّ رسول‌ الله‌ صلّى‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلّم‌ قبل‌ الهجرة‌

  • وروی الصدوق‌ في “ علل‌ الشرائع‌ ‌” بسنده‌ عن‌ الإمام‌ الصادق‌ عليه‌السلام‌ أنّ سليمان‌ بن‌ مهران‌ قال‌ : قلت‌ لجعفر بن‌ محمّد عليهما السلام‌ : كم‌ حجّ رسول الله‌‌‌‌ صلّی‌ الله‌‌‌‌‌ عليه‌ وآله‌ وسلّم‌ ؟ 

    1. “ الطبقات‌ الكبرى‌‌” ج‌ ٢ ، ص‌ ۱۷٣ . طبعة‌ دار بيروت‌ ، سنة‌ ۱٤۰٥ .
    2. “ السيرة‌ الحلبيّة‌‌” طبعة‌ مصر ، سنة‌ ۱٣٥٣ هـ ، ج‌ ٣ ، ص‌ ٢۸٩ .
    3. “ المناقب‌‌” لابن‌ شهرآشوب‌ الطبعة‌ الحجريّة‌ ، ج‌ ۱ ، ص‌ ۱٢۱ .
    4. “ فروع‌ الكافي‌‌” طبعة‌ مطبعة‌ الحيدريّ ، ج‌ ٤ ، ص‌ ٢٤٤ . و “ الوفاء بأحوال‌ المصطفي‌‌” طبعة‌ مصر ، مطبعة‌ الكيلانيّ ، ج‌ ٢ ، ص‌ ٢۰٩ .
    5. “ فروع‌ الكافي‌‌” طبعة‌ مطبعة‌ الحيدريّ ، ج‌ ٤ ، ص‌ ٢٤٥ .

حجج رسول الله صلى الله عليه وآله وعمراته قبل الهجرة

4
  • فقال‌ : عشرين‌ مستتراً في حجّه‌ يمرّ بالمِأزَمَينْ ۱، فينزل‌ فيبول‌ . 

  • قال‌ : ولِمَ كان‌ ينزل‌ هناك‌ فيبول‌ ؟! 

  • قال‌ : لأنّه‌ أوّل‌ موضع‌ عبد فيه‌ الأصنام‌ ، ومنه‌ اُخذ الحجر الذي نُحت‌ منه‌ هُبَلُ الذي رمی‌ به‌ عليّ [ بن‌ أبي‌ طالب‌ ] من‌ ظهر الكعبة‌ لمّا علا ظهر رسول الله . فأمر [ رسول الله‌ ] بدفنه‌ عند باب‌ بني‌ شيبة‌ ، فصار الدخول‌ إلی‌ المسجد من‌ باب‌ بني‌ شيبة‌ سنّة‌ لأجل‌ ذلك‌ . . .٢

  • طبيعيّاً أنّ الإشكال‌ الذي يبدو في حجّات‌ رسول الله‌ قبل‌ الهجرة‌ يتمثّل‌ في شيئين‌ : 

  • الأوّل‌ : من‌ حيث‌ المكان‌ ، وهو أنّ قريشاً كانوا لا يخرجون‌ من‌ الحرم‌ في موسم‌ الحجّ ، ولا يذهبون‌ من‌ المُزدَلَفة‌ إلی‌ عرفات‌ ضمن‌ أداء المناسك‌ . ويقولون‌ : إنّ قريشاً وهم‌ من‌ أعاظم‌ الناس‌ ينبغي‌ أن‌ لا يخرجوا من‌ الحرم‌ . ونحن‌ نعلم‌ أنّ الوقوف‌ في عرفات‌ هو أحد أعمال‌ الحجّ . 

  • تفيدنا الروايات‌ هنا أنّ رسول الله‌ كان‌ يذهب‌ إلی‌ عرفات‌ ضمن‌ حجّه‌ ؛ ويقف‌ مع‌ سائر الناس‌ الذين‌ يقفون‌ في عرفات‌ من‌ غير قريش‌ ، ثمّ يأتي‌ المشعر الحرام‌ والمُزْدَلَفة‌ . 

  • الثاني‌ : من‌ حيث‌ الزمان‌ ، كان‌ العرب‌ في الجاهليّة‌ يؤخّرون‌ زمن‌ الحجّ أيّاماً من‌ حساب‌ الشهور القمريّة‌ التي عليها الأعمال‌ ؛ و ذلك‌ ليقع‌ الحجّ في جوّ معتدل‌ لطيف‌ دائماً . وقد عبّر القرآن‌ عن‌ هذا العمل‌ بالنَّسِي‌ء و ذكر أنه‌ زيادة‌ في الكفر . و في ضوء ذلك‌ فقد كان‌ الحجّ في جميع‌ السنين‌ يقع‌ دائماً في غير وقته‌ المحدّد له‌ . ولم‌ يقع‌ في وقته‌ المعيّن‌ إلاّ مرّة‌ واحدة‌ كلّ ثلاث‌ وثلاثين‌ سنة‌ ، إذ يطابق‌ زمان‌ الشهر الهلاليّ و وقته‌ المعيّن‌ في النصف‌ الأوّل‌ من‌ شهر ذي‌ الحِجّة‌ الحرام‌ . و هذه‌ المطابقة‌ كانت‌ فقط‌ في السنة‌ التي أدّی‌ فيها رسول الله‌ حجّة‌ الوداع‌ . وكما سنری‌ ، فإنّ رسول الله‌ أعاد الحجّ إلی‌ مجاريه‌ الطبيعيّة‌ وأعلن‌ وقته‌ المحدّد في خطبته‌ بترك‌ النسي‌ء في النصف‌ الأوّل‌ من‌ شهر ذي‌ الحِجَّة‌ . 

  • من‌ هذا المنطلق‌ ، فلو كان‌ رسول الله‌ قد أراد الحجّ مع‌ الناس‌ قبل‌ سنة حِجَّة‌ الوَدَاع‌ بثلاث‌ وثلاثين‌ سنة‌ ، أي‌ : قبل‌ نبوّته‌ بعشر سنين‌ ، فإنّه‌ يكون‌ قد أدّاه‌ في غير وقته‌ المعيّن‌ ، وشمله‌ حكم‌ التأخير والنسي‌ء . وهو ممّا لا يصدر عن‌ رسول الله‌ ، لاسيّما و أنّ القرآن‌ يعتبر ذلك‌ كفراً . إذاً ينبغي‌ أن‌ نقول‌ : إنّه‌ صلّی الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلّم‌ كان‌ يؤدّي‌ مناسك‌ الحجّ في وقتها المقرّر . 

    1. المِأزَم‌ هو المضيق‌ بين‌ جبلين‌ ، ولذلك‌ سمّي‌ الموضع‌ الذي بين‌ عَرَفات‌ والمشعر ، و يضيق‌ فيه‌ الطريق‌ : المِأزَمَيْن‌ .
    2. “ علل‌ الشرائع‌” طبعة‌ المطبعة‌ الحيدريّة‌ في النجف‌ ، ج‌ ٢ ، ص‌ ٤٥۰ .

حجج رسول الله صلى الله عليه وآله وعمراته قبل الهجرة

5
  • وفي‌ ضوء ذلك‌ ، مضافاً إلی‌ الرواية‌ التي نقلناها عن‌ >علل‌ الشرائع< فإنّ ثمّة‌ روايات‌ اُخری‌ تنصّ علی أنّ رسول الله‌ صلّی الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلّم‌ كان‌ يحجّ خفية‌ . وجاء ذلك‌ في “ الكافي‌ ‌” عن‌ سَهْل‌ ، عن‌ ابن‌ فضّال‌ ، عن‌ عيسى الفرّاء ، عن‌ ابن‌ أبي‌ يعفور عن‌ أبي‌ عبدالله‌ عليه‌ السلام‌ قال‌ : حَجَّ رَسُولُ اللهِ صلّى اللهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ عِشْرِينَ حَجَّةً مُسْتَتِرَّةً كُلَّهَا ، يَمُرُّ بِالْمِأزَمَيْنِ فَيَنْزِلُ فَيَبُولُ ۱. و علی هذا لا يبقی‌ إشكال‌ في اختلاف‌ الموقف‌ أيضاً . 

  • [ قال‌ عليّ بن‌ برهان‌ الدين‌ الحلبيّ ] : الجمهور : فَرْضُ الحجّ كان‌ سنة‌ ستّ من‌ الهجرة‌ . وصحّحه‌ الرافعيّ في باب‌ السِّيَر ؛ وتبعه‌ النووي‌ . ٢ قيل‌ فُرض‌ سنة‌ تسع‌ ؛ وقيل‌ سنة‌ عشر ـ انتهی‌ . وبه‌ قال‌ أبو حنيفة‌ ومن‌ ثمّ إنّه‌ قال‌ بوجوبه‌ علی الفور ؛ وقيل‌ فُرض‌ قبل‌ الهجرة‌ واستُغرب‌ ٣.

  • وأمّا ما نستنتجه‌ من‌ بعض‌ روايات‌ الخاصّة‌ التي تدلّ علی أنّ رسول الله‌ علّم‌ المسلمين‌ أحكام‌ الدين‌ كلّها من‌ صلاة‌ ، صيام‌ ، وزكاة‌ . و لم‌ يبق‌ منها إلاّ الحجّ والولاية‌ حيث‌ علّمهم‌ إيّاهما في سفره‌ هذا ؛ فشرح‌ لهم‌ مناسك‌ الحجّ كلّها وكرّر عليهم‌ ذلك‌ . وعرّف‌ لهم‌ أمير المؤمنين‌ عليه‌ السلام‌ في خطبه‌ بمكّة‌ ، وعرفات‌ ، ومنی‌ بشكل‌ عامّ عن‌ طريق‌ وصيّته‌ بأهل‌ البيت‌ ؛ ونصبه‌ في مقام‌ الولاية‌ والإمامة‌ بإذن‌ الله‌ ، وذلك‌ في خطبة‌ غدير خمّ بشكل‌ خاصّ عن‌ طريق‌ التعريف‌ الشخصيّ والشهوديّ والوجدانيّ . وبذلك‌ أكمل‌ دين‌ الله‌ وأتمّ نعمته‌ ؛ لنستفيد من‌ ذلك‌ أنّ وجوب‌ الحجّ كان‌ في السنة‌ العاشرة‌ للهجرة‌ .٤

    1. “ فروع‌ الكافي‌‌” طبعة‌ المطبعة‌ الحيدريّة‌ ، ج‌ ٤ ، ص‌ ٢٥۱ ، و ص‌ ٢٥٢ .
    2. أيّد صاحب‌ “ شذرات‌ الذهب‌‌” هذا القول‌ في كتابه‌ المذكور ، ج‌ ۱ ، طبعة‌ مصر سنة‌ ۱٣٥۰ ، ص‌ ۱۱ و ۱٣ .
    3. “ السيرة‌ الحلبيّة‌‌” طبعة‌ مصر سنة‌ ۱٣٥٣ هـ ، ج‌ ٣ ، ص‌ ٢۸٩ . وذكره‌ ابن‌ كثير في “ البداية‌ والنهاية‌‌” الطبعة‌ الاُولی بمصر ملخّصاً ، ج‌ ٥ ، ص‌ ۱۰٩.
    4. هذا البحث انتخب من كتاب معرفة الإمام عليه السلام المجلد السادس لسماحة المرحوم آية الله العلامة السيد محمد الحسين الحسيني الطهراني رضوان الله عليه.