1

إيصال إمام الزمان الناسَ إلى حقيقة الله أكبر

النصف من شعبان لعام 1409 هـ ق.

2502
مشاهدة المتن

المؤلّفآية الله السيد محمد محسن الحسيني الطهراني

القسمالمناسبات الإسلامية

المجموعةالنصف من شعبان

التاريخ 1409/08/15

جلسات المجموعة(10 جلسة)

التوضيح

بماذا اشترك النبيّ محمّد صلّى الله عليه وآله مع سائر الأنبياء عليهم السلام وبماذا اختلف عنهم؟
ما معنى العصمة وما هي مراتبها؟ وما معنى التوحيد وما هي مراتبه؟
ما معاني كلمات سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر؟ وبماذا تختلف كلمة الله أكبر عن سائر الكلمات؟
ما هي وظيفة صاحب الزمان عليه السلام؟
ما معنى انتظار الفرج؟
تجيب هذه المحاضرة عن هذه الأسئلة مستشهدة بالعديد من الآيات والروايات والمواقف من حياة الأعاظم.
/۲۰
بي دي اف بي دي اف الجوال الوورد

إيصال إمام الزمان الناسَ إلى حقيقة الله أكبر - النصف من شعبان لعام ۱٤۰٩ هـ ق.

1
  •  

  • هو العليم

  •  

  • إيصال إمام الزمان الناسَ إلى حقيقة الله أكبر

  • النصف من شعبان لعام ۱٤۰٩ هـ ق

  •  

  • محاضرة ألقاها

  • آية الله الحاجّ السيّد محمّد محسن الحسينيّ الطهرانيّ

  • قدس الله سره

  •  

  •  

إيصال إمام الزمان الناسَ إلى حقيقة الله أكبر - النصف من شعبان لعام ۱٤۰٩ هـ ق.

2
  • أعوذُ بِالله مِنَ الشَّيطانِ الرَّجيم

  • بِسمِ الله الرّحمٰنِ الرّحيم

  • اَلحمدُ لِلّهِ ربِّ العالمين

  • و الصّلاةُ و السّلامُ علىٰ سيدنا و نبينا و حبيب قلوبنا و طبيب نفوسنا

  • أبي القاسم المصطفى محمّد و علىٰ آله الطيبين الطّاهرين المعصومين المكرّمين،

  • لاسيمّا قطبِ رَحَى الوُجودِ، مركزِ دائرةِ الشُّهود،

  • المُحاذي لِلمِرآة‌ المُصطَفَويةِ، المتحقّقِ بِالأسرارِ المُرتَضَوية،

  • سيدنا و مولانا الحُجّةِ بنِ الحسنِ العسكريّ

  • أرواحُنا و أرواحُ جميعِ العالَمين لِتُراب مَقدَمِه الفِداء،

  • و اللّعنةُ عَلىٰ أعدائِهم و مُخالِفيهم و مُبغِضيهِم و جاحِدي حُقوقِهم و فَضائلِهم و مَناقبهم من الآنَ إلىٰ قيامِ يومِ الدّين

  • قال الله تعالى في كتابِه: ﴿بَقِيَّتُ ٱللَهِ خَيۡرٞ لَّكُمۡ إِن كُنتُم مُّؤۡمِنِينَ﴾۱

  • اتّصال جميع الأنبياء بالغيب

  • جميع الأنبياء والرسل الماضين يشتركون في هذا الأمر وهو أنّ ما يطرحونه للنّاس من قوانين وأحكام هي ليست من عند أنفسهم، بل من عند الله، فنفوسهم لا دخالة لها في تقنين القوانين، بل يستفيدون من مقام الغيب ويبلّغون الناس، وهم في ذلك مشتركون. 

  • يقول الله تعالى في آية شريفة إنّه لا فرق بين الأنبياء: ﴿قُولُوٓاْ ءَامَنَّا بِٱللَهِ وَمَآ أُنزِلَ إِلَيۡنَا وَمَآ أُنزِلَ إِلَىٰٓ إِبۡرَٰهِ‍ۧمَ وَإِسۡمَٰعِيلَ وَإِسۡحَٰقَ وَيَعۡقُوبَ وَٱلۡأَسۡبَاطِ وَمَآ أُوتِيَ مُوسَىٰ وَعِيسَىٰ وَمَآ أُوتِيَ ٱلنَّبِيُّونَ مِن رَّبِّهِمۡ لَا نُفَرِّقُ بَيۡنَ أَحَدٖ مِّنۡهُمۡ وَنَحۡنُ لَهُۥ مُسۡلِمُونَ﴾٢ فما يقوله الأنبياء خارج عن حيطة البشر، إنّهم على تواصل مع الغيب، وهم ينقلون الحقائق من الغيب، فلا يستنتجون بواسطة المدركات الظاهريّة وبالحواسّ الظاهريّة، ولا يبيّنون الأمور للنّاس استنادًا إلى القياس والبراهين الظاهريّة. والارتباط بالغيب هو لهم جميعًا، وليس هناك طريق للخطأ من هذه الناحية. 

  • هل الأنبياء متساوون في معرفتهم وتوحيدهم أم متفاوتون؟

  • ولكن هل هم متساوون من حيث سعة معرفتهم بالله أم متفاوتون؟ هل هم على درجة واحدة من حيث إدراك مقامات التوحيد أم مختلفون؟ 

  • يقول في الآية الشريفة: ﴿تِلۡكَ ٱلرُّسُلُ فَضَّلۡنَا بَعۡضَهُمۡ عَلَىٰ بَعۡضٖ مِّنۡهُم مَّن كَلَّمَ ٱللَهُ وَرَفَعَ بَعۡضَهُمۡ دَرَجَٰتٖ وَءَاتَيۡنَا عِيسَى ٱبۡنَ مَرۡيَمَ ٱلۡبَيِّنَٰتِ وَأَيَّدۡنَٰهُ بِرُوحِ ٱلۡقُدُسِ﴾٣.

  • ويروي الكليني في الكافي في رواية عن الإمام الصادق عليه السلام أنّه قال: 

  • الْأَنْبِيَاءُ وَ الْمُرْسَلُونَ عَلَى أَرْبَعِ طَبَقَاتٍ:

  • فَنَبِيٌّ مُنَبَّأٌ فِي نَفْسِهِ لَا يَعْدُو غَيْرَهَا. 

    1. سورة هود (۱۱) الآية ۸٦.
    2. سورة البقرة (٢) الآية ۱٣٦.
    3. سورة البقرة (٢) الآية ٢٥٣. 

إيصال إمام الزمان الناسَ إلى حقيقة الله أكبر - النصف من شعبان لعام ۱٤۰٩ هـ ق.

3
  • وَ نَبِيٌّ يَرَى فِي النَّوْمِ وَ يَسْمَعُ الصَّوْتَ وَ لَا يُعَايِنُهُ فِي الْيَقَظَةِ وَ لَمْ يُبْعَثْ إِلَى أَحَدٍ وَ عَلَيْهِ إِمَامٌ مِثْلُ مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ عَلَى لُوطٍ عليهما السلام. 

  • وَ نَبِيٌّ يَرَى فِي مَنَامِهِ وَ يَسْمَعُ الصَّوْتَ وَ يُعَايِنُ الْمَلَكَ وَ قَدْ أُرْسِلَ إِلَى طَائِفَةٍ قَلُّوا أَوْ كَثُرُوا كَيُونُسَ قَالَ اللَّهُ لِيُونُسَ: وَ أَرْسَلْنٰاهُ إِلىٰ مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ۱ قَالَ يَزِيدُونَ ثَلَاثِينَ أَلْفاً وَ عَلَيْهِ إِمَامٌ.

  • وَ الَّذِي يَرَى فِي نَوْمِهِ وَ يَسْمَعُ الصَّوْتَ وَ يُعَايِنُ فِي الْيَقَظَةِ وَ هُوَ إِمَامٌ مِثْلُ أُولِي الْعَزْمِ وَ قَدْ كَانَ إِبْرَاهِيمُ عليه السلام نَبِيّاً وَ لَيْسَ بِإِمَامٍ حَتَّى قَالَ اللَّهُ: إِنِّي جٰاعِلُكَ لِلنّٰاسِ إِمٰاماً قٰالَ وَ مِنْ ذُرِّيَّتِي فَقَالَ اللَّهُ لٰا يَنٰالُ عَهْدِي الظّٰالِمِينَ مَنْ عَبَدَ صَنَماً أَوْ وَثَناً لَا يَكُونُ إِمَاماً.٢ 

  • فالأنبياء على أربعة طوائف: 

  • الطائفة الأولى: هم الذين تنزل على نفوسهم الإلهامات الربّانيّة ولا يتجاوزون ذلك، وليس لهم الحقّ في الحكم على الآخرين، ولم يبعثوا إلى أحد. 

  • الطائفة الثانية: الأنبياء الذين تنزل عليهم الإلهامات الربّانيّة في النوم أو في عالم المكاشفة وعلى هيئة الصور البرزخيّة والمثاليّة وعلى هيئة الفيوضات على نفوسهم، ويسمعون أصوات الملائكة أيضًا، ولكنّهم لا يرونهم في الظاهر. وهؤلاء أيضًا ليس لهم الحقّ في الحكم والقضاء وتقنين القوانين للآخرين. هم أنبياء لأنفسهم، مثل النبيّ لوط والذي كان النبيّ إبراهيم إمامًا عليه، ولكنّ النبيّ لوطًا لم يبعث. 

  • الطائفة الثالثة: الأنبياء الذين تنزل عليهم الإلهامات والوحي ويسمعون أيضًا أصوات الملائكة، كما يقول أمير المؤمنين في رواية في نهج البلاغة أنّه عندما كان النبيّ يجاور في حراء ويعبد الله قال لي عندما رافقته: إِنَّكَ تَسْمَعُ مَا أَسْمَعُ. قلت له يا رسول الله إنّي أسمع أصواتًا فقال النبيّ: إِنَّكَ تَسْمَعُ مَا أَسْمَعُ وَ تَرَى مَا أَرَى إِلَّا أَنَّكَ لَسْتَ بِنَبِيٍّ٣ يقول الإمام الصادق إنّ هذه الطائفة من الأنبياء تسمع أصوات الملائكة ومناجاتها بآذان القلوب ويرونهم أيضًا. وهذه الطائفة من الأنبياء هم المبعوثون بالرسالة إلى الناس قلّ هؤلاء الناس أم كثروا، أي سواء كانت دائرة رسالتهم عددًا يسيرًا من الناس أم كثيرًا، مثل النبيّ يونس الذي تقول فيه الآية الشريفة: ﴿وَأَرۡسَلۡنَٰهُ إِلَىٰ مِاْئَةِ أَلۡفٍ أَوۡ يَزِيدُونَ﴾ والمراد أنّهم يزيدون ثلاثين ألفًا، فقد أرسل إلى مائة وثلاثين ألفًا.

    1. سورة الصافات (٣۷) الآية ۱٤۷.
    2. الكافي (ط - الإسلامية)، ج‌۱، ص: ۱۷٥‌.
    3. نهج البلاغة (صبحي الصالح)، ص ٣۰۰ و ٣۰۱.

إيصال إمام الزمان الناسَ إلى حقيقة الله أكبر - النصف من شعبان لعام ۱٤۰٩ هـ ق.

4
  • ولكن كان هناك إمام على هؤلاء الأنبياء، أي إنّهم تحت سيطرة وإحاطة وسلطة وولاية إمام. 

  • الطائفة الرابعة: الأنبياء والرسل الذين لديهم وحي وإلهامات نفسيّة ويسمعون أصوات الملائكة ويرونهم أيضًا، وهم أولو العزم الذين هم أئمّة على غيرهم من الأنبياء، كما هو الحال في النبيّ إبراهيم على نبيّنا وآله وعليه السلام فإنّ الله بعد أن جعله رسولاً قال: ﴿إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامٗا﴾۱.٢

  • فمقام الإمامة إذن بعد مقام الرسالة وأرفع منه.

  • مراتب عصمة الأنبياء

  • ولكن ما هو المهمّ والمطروح هو أنّ شرط تبليغ الأنبياء للرسالة هو عدم الخطأ والعصمة في ثلاثة أمور: 

  • الأمر الأوّل: في تلقّي الوحي، فينبغي أن لا يقعوا في الخطأ والاشتباه في تلقّي الوحي وإلاّ بيّنوا الأمور للنّاس خطأ. 

  • الأمر الثاني: في حفظ الوحي. وهو يعني أنّه إذا ما نزل وحي أو حكم على النبيّ أو الرسول فإنّه لا يتبدّل ولا يتغيّر إلى حكم آخر مع مرور الزمان، فلو مرّت مائة سنة مثلاً فإنّ المسألة تبقى على حالها الذي كانت عليه حين نزلت على النبيّ. وهذا ما نسمّيه بعدم الخطأ وبالعصمة في حفظ الوحي. 

  • الأمر الثالث: عدمُ الاشتباهِ والخطأِ والعصمةُ في مقام بيان الوحي وتبليغه إلى الناس، فإذا أراد النبيّ أن يبلّغ الناس وحيًا وكلامًا من الله أو حكمًا فينبغي أن لا يقع في الاشتباه أو يبدّل كلمة مكان أخرى، أو يجعل مسألة مكان أخرى بحيث يتغيّر الأمر بالكامل. 

  • فإذن ما يشترط في رسالة الأنبياء هو عصمتهم في ثلاث مراحل: المرحلة الأولى التلقّي، والمرحلة الثانية الحفظ، والمرحلة الثالثة الإبلاغ.٣ 

  • عصمة جميع الأنبياء في علاقتهم مع الناس 

  • أمّا أنّهم لا يشتبهون ولا يخطئون في المقامات العليا وفي غير عالم الناسوت وفي العوالم الأخرى النفسيّة فهو محلّ تأمّل. ما يلزم نبيًّا من الأنبياء هو أنّ الأحكام الإلهيّة التي يبيّنها للنّاس ينبغي أن لا يخطئ ولا يشتبه فيها أبدًا ولا يتردّد. لأنّه لو ابتلي باشتباه فبماذا سيختلف عن الآخرين؟! ولكن هذا لا يعني أنّ حالاتهم في المقامات الأخرى هي حالات عصمة بنحو كامل، وأنّ ما يتجلّى في نفوسهم هو الواقع كما هو. بل لهم في ذلك مراتب مختلفة. 

    1. سورة البقرة (٢) الآية ۱٢٤. 
    2. الكافي، ج ۱، ص ۱۷٤ و ۱۷٥.
    3. لمزيد من الاطّلاع راجع معرفة الإمام، ج ۱، ص ۱٥.

إيصال إمام الزمان الناسَ إلى حقيقة الله أكبر - النصف من شعبان لعام ۱٤۰٩ هـ ق.

5
  • قصّة قضاء النبيّ داوود عليه السلام بين الخصمين

  • لدينا في الآية الشريفة حول النبيّ داوود: 

  • ﴿وَهَلۡ أَتَىٰكَ نَبَؤُاْ ٱلۡخَصۡمِ إِذۡ تَسَوَّرُواْ ٱلۡمِحۡرَابَ إِذۡ دَخَلُواْ عَلَىٰ دَاوُۥدَ﴾۱

  • هل تعرف قصّة ذينك الرجلين اللذين جاءا إلى النبيّ داوود واللذين دخلا عليه المحراب؟ فقد امتحن الله النبيّ داوود هنا وأراد أن يقول له إنّ الأمر ليس كما تتصوّر وهو أرفع. فقد كان داوود يصلّي في محراب العبادة ويعبد الله، فجاء الرجلان من أعلى الجدار المقابل ﴿فَفَزِعَ مِنۡهُمۡ﴾٢؛ وطبعًا ممًا يستحقّ التأمّل أنّه لماذا خاف النبيّ داوود منهم؟ 

  • ﴿قَالُواْ لَا تَخَفۡ خَصۡمَانِ بَغَىٰ بَعۡضُنَا عَلَىٰ بَعۡضٖ﴾٣

  • قالوا لا تخف نحن اثنان أو جماعتان ظلم بعضنا بعضًا. 

  • فقال داوود: ما الأمر؟

  • فتظاهر أحدهما بالمظلوميّة وقال: 

  • ﴿إِنَّ هَٰذَآ أَخِي لَهُۥ تِسۡعٞ وَتِسۡعُونَ نَعۡجَةٗ وَلِيَ نَعۡجَةٞ وَٰحِدَةٞ فَقَالَ أَكۡفِلۡنِيهَا وَعَزَّنِي فِي ٱلۡخِطَابِ﴾٤ 

  • يا له من أخ ظالم! يمتلك تسعًا وتسعين نعجة ولا يحتمل أن يرى نعجة واحدة في يد أخيه هذا ويريد أن يأخذها منه! 

  • والآن يريد داوود أن يحكم فانظروا كيف يحكم: 

  • ﴿قَالَ لَقَدۡ ظَلَمَكَ بِسُؤَالِ نَعۡجَتِكَ إِلَىٰ نِعَاجِهِۦ وَإِنَّ كَثِيرٗا مِّنَ ٱلۡخُلَطَآءِ لَيَبۡغِي بَعۡضُهُمۡ عَلَىٰ بَعۡضٍ إِلَّا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَٰتِ وَقَلِيلٞ مَّا هُمۡ﴾٥؛

  • فالذي يملك تسعًا وتسعين مستكبر ولا يحتمل أن يرى حتّى واحدة في يد أخيه! 

  • وقد أخطأ هنا خطأ كبيرًا! هكذا حكم النبيّ داوود هنا، ثمّ وفجأة التفت إلى حقيقة الأمر وسأل نفسه من أين عرفت، فربّما كانت هذه النعجة التي عند هذا للآخر فعلاً، فبأيّ دليل تقول إنّ هذه له وأنّ ذاك قد أخطأ وأنّه ظلمه؟! ففي النهاية لم يأتيا بدليل ولا بيّنة ولا أيّ شيء! ولم يكن سوى ادّعاء! هذا لديه تسع وتسعون وهذا لديه واحدة. فكثرة المال سبّبت أن يحكم النبيّ داوود بالجور، أفهل كثرة المال ذنب؟! فلو أنّ كثرة المال حصلت لإنسان أو هو حصّلها عن طريق الحلال ودفع حقوقها الشرعيّة وصرفها في مصارفها، ولو كان له مليون قنطار فلا أحد يقف أمامه! فالكثرة بنفسها لا توجب أن نحكم بالظلم والتعدّي. 

  • ﴿وَظَنَّ دَاوُۥدُ أَنَّمَا فَتَنَّـٰهُ فَٱسۡتَغۡفَرَ رَبَّهُۥ وَخَرَّ رَاكِعٗا وَأَنَابَ﴾؛٦ التفت داوود فجأة أنّا امتحنّاه واتّضحت له المسألة، فاستغفر على الفور وسجد. 

    1. سورة ص (٣۸) الآية ٢۱.
    2. سورة ص (٣۸) الآية ٢٢.
    3. سورة ص (٣۸) الآية ٢٢.
    4. سورة ص (٣۸) الآية ٢٣.
    5. سورة ص (٣۸) الآية ٢٤.
    6. سورة ص (٣۸) الآية ٢٤.

إيصال إمام الزمان الناسَ إلى حقيقة الله أكبر - النصف من شعبان لعام ۱٤۰٩ هـ ق.

6
  • والآن كلامنا هو في أنّ النبيّ داوود عندما حكم ألم يكن قد وصل إلى مرحلة الرسالة؟ من المسلّم أنّه كان قد وصل إلى الرسالة، لأنّ لدينا في الآيات الشريفة أنّا نحن آتينا داوود الحكم ووهبناه من علوم القضاء والقدر الخاصّة بنا، وكان داوود يحكم بحسب الواقع. فماذا حصل هنا؟ إن قلنا إنّه اشتبه فهذا ينافي رسالته. 

  • ثمّ لدينا هنا: ﴿إِذۡ تَسَوَّرُواْ ٱلۡمِحۡرَابَ﴾ أفهل إذا جاء اثنان إلى القاضي يأتيان من أعلى الجدار؟! إنّهما يطرقان الباب ويدخلان. فإذن المسألة لم تكن مسألة ظاهريّة، بل كانت باطنيّة وفي عالم المكاشفة، وقد حصل للنبيّ كشف كهذا. أما لو جاء إليه اثنان وجعلاه حكمًا وأراد أن يحكم فلا يمكن أن يشتبه ذلك النبيّ في حكمه! 

  • إنّ العصمة هي في عالم الظاهر وفي بيان الحقائق وإيصال الأحكام الإلهيّة والقوانين إلى الخلق فلا ينبغي أن يبتلى النبيّ بالاشتباه، ولكن لدينا أنّ «حسنات الأبرارِ سَيئاتُ المُقَرَّبين.»۱ ممّا يعني أنّه في تلك المقامات العالية يمكن أن يعدّ أمر من الأمور من غير الذنوب بحسب النظرة المتعارفة بل وحتّى في عوالم أرفع، ولكنّه بالنسبة إلى العوالم الأرفع من ذلك يعدّ ذنبًا لا يغفر ولا ينبغي أن يصدر هذا الذنب من إنسان كهذا. 

  • فالأنبياء مختلفون من هذه الناحية وسعتهم وإدراكهم بالنسبة إلى الصفات التوحيديّة لله والمعارف الإلهيّة مختلفة، وإن كانوا جميعًا مشتركون في أنّهم يدعون جميع الخلق من البدء إلى الختم إلى التوحيد والخروج من الشرك، فهم جميعًا شركاء في ذلك ولا يختلفون. ﴿لَئِنۡ أَشۡرَكۡتَ لَيَحۡبَطَنَّ عَمَلُكَ﴾؛٢

  • ما لا ينسجم مع طريق التوحيد وما لا يتلاءم مع التديّن والعبوديّة هو الشرك. لذلك لدينا: ﴿إِنَّ ٱللَهَ لَا يَغۡفِرُ أَن يُشۡرَكَ بِهِۦ وَيَغۡفِرُ مَا دُونَ ذَٰلِكَ لِمَن يَشَآءُ﴾.٣ لماذا لا يمكن أن يغفر؟ لأنّ هذا من لوازم التوحيد، فمن لوازمه نفي الغير والغيريّة، وجعل الشريك في العبادة والعبوديّة يتنافى مع التوحيد والعبوديّة، لذلك لا يمكن أن يغفر. فالصلاة التي نصلّيها مقبولة بمقدار ما فيها من توجّه وإقبال على الله، وبمقدار ما ينقص ذلك فهي ليست مقبولة. والعبادة التي نؤدّيها مقبولة بمقدار ما فيها من توجّه، وبمقدار ما ينقص ذلك منها فهي مردودة، والروايات كثيرة في هذا المجال ولا بدّ من مراجعة الكتب المتكفّلة بذلك.٤ 

    1. ليست عبارة حَسَنَاتُ الأبْرَارِ سَيِّئَاتُ المُقَرَّبِينَ مضمون رواية، على الرغم من أنّها حكم صحيح و مطلب واقعيّ و حقيقيّ. (تعليقة للمرحوم العلاّمة على رسالة السير والسلوك المنسوبة إلى بحر العلوم، ص: ۱٤۱)
    2. سورة الزمر (٣٩) الآية ٦٥.
    3. سورة النساء (٤) الآية ٤۸.
    4. راجع: تفسير العياشي، ج ٢، ص ٣٥٣؛ الكافي، ج ٢، ص ٢٩٣ ـ ٢٩۷؛ عدّة الداعي، ص ٢۱۷.

إيصال إمام الزمان الناسَ إلى حقيقة الله أكبر - النصف من شعبان لعام ۱٤۰٩ هـ ق.

7
  • الأنبياء مشتركون من حيث التوحيد، ولكنّ أهدافهم ومقدار سعتهم واستعدادهم النفسيّ في إخراج الناس من عالم النفس إلى إدراك المعارف التوحيديّة ليس على نسق واحد. فشعار لا إله إلا الله الذي كان واحدًا عند جميع الأنبياء من بداية رسالة النبيّ آدم إلى إمامة إمام زماننا عجّل الله تعالى فرجه، لم يكن على منوال واحد لديهم جميعًا وفي مراحلهم التاريخيّة المختلفة. فلا إله إلا الله تعني نفي التعيّنات في الموجودات المستقلّة ونفي الاستقلال وجعل النظرة الآليّة في جميع عالم الإمكان ومحوه في ذات الله. هذا معنى لا إله إلا الله الذي يجب قبله نفي التكثّر في الأفعال والتكثّر في الصفات والتكثّر في الأسماء. هذا المعنى تحقّق لدى جميع الأنبياء، غاية الأمر أنّه لدى كلّ واحد منهم بحسب سعته النفسيّة وبحسب إدراكه لهذه الكلمة المباركة الطيّبة. 

  • إنّ لبّ وأساس نبوّة الأنبياء ورسالة الرسل وإمامة الأئمّة هذه الكلمة المباركة: لا إله إلا الله. 

  • مراتب التوحيد الثلاث

  • ففي المرحلة الأولى لا بدّ من نفي الأفعال المتكثّرة بمعنى التوحيد الأفعالي، يعني أنّ الإنسان والمؤمن يرى جميع الأفعال التي في عالم الكون والمتحقّقة في ظرف الإمكان من المظاهر والمرائي المختلفة من الملائكة والمجرّدات وغيرها من عالم المجرّدات وعالم الناسوت، يرى جميع ذلك فعلاً واحدًا، وكلّ عمل يتحقّق في الوجود يراه عملاً لله. فهذا معنى التوحيد الأفعالي. 

  • والمرحلة الثانية: التوحيد الصفاتي بمعنى نفي أيّ صفة وأيّ قيد، واندكاك تلك الصفة وذلك القيد في صفة الباري تعالى. فالتوحيد الصفاتي يعني أنّ جميع الصفات الكماليّة التي تتحقّق في هذا العالم منشؤها هو صفات الله الجماليّة ظهرت في عالم الإمكان هذا في أوعية مختلفة بصور مختلفة. 

  • المرحلة الثالثة: والتي هي المقام الأرفع والمرتبة الأعلى ممّا وصل إليه الأنبياء والرسل السابقون وهي التوحيد الأسمائي في ذات الله. فكلمة لا إله إلا الله المباركة ليست بمعنى أنّه ليس هناك إله إلا الله، ولا بمعنى أنّه ليس هناك معبود إلا الله، ولا بمعنى أنّه لا معبود يعبد ولا خالق سوى ذاك الخالق وذاك الإله. بل بمعنى أنّ نفي التعيّن وبمعنى أنّه ليس هناك أيّ متعيّن وأيّ ذات مستقلّة وأيّ موجود مستقلّ وأيّ ذات تتّصف بالإمكان ولها استقلال سوى ذات الله! فهذا نفي للاسميّة ونفي للتعيّن الوجوديّ وإثبات لوجود واحد وتعيّن واحد. 

إيصال إمام الزمان الناسَ إلى حقيقة الله أكبر - النصف من شعبان لعام ۱٤۰٩ هـ ق.

8
  • فإذن تلك الكلمة المباركة التي نزل بها جبرائيل على النبيّ عيسى على نبيّنا وآله وعليه السلام والتي هي الأذكار التوحيديّة الخمسة: 

  • أشهَدُ أن لا إله إلّا اللهُ وَحدَهُ لا شَريك لَهُ، لَهُ المُلك و لَهُ الحَمدُ، بيدِهِ الخَيرُ و هو عَلى كلِّ شَيءٍ قَدير. أشهَدُ أن لا إلهَ إلّا اللهُ وَحدَهُ لا شَريك لَهُ، أحَدًا صَمَدًا لَم يتَّخِذ صاحِبَةً و لا وَلَدًا. أشهَدُ أن لا إلهَ إلّا اللهُ وَحدَهُ لا شَريك لَهُ، أحَدًا صَمَدًا لَم يلِد و لَم يولَد و لَم يكن لَهُ كفُوًا أحَد. أشهَدُ أن لا إلهَ إلّا اللهُ وَحدَهُ لا شَريك لَهُ، لَهُ المُلك و لَهُ الحَمدُ، يحيي و يميتُ و هو حَي لا يموتُ، بيدِهِ الخَيرُ و هو عَلى كلِّ شَيءٍ قَدير. [حَسبِي اللهُ و كفى، سَمِعَ اللهُ لِمَن دَعا، لَيسَ وَراءَ اللهِ مُنتَهى. أشهَدُ لِلَّهِ بِما دَعا و أنَّهُ بَري‌ءٌ مِمَّن تَبَرَّى و أنَّ لِلَّهِ الآخِرَةَ و الأولى].۱

  • هذه الكلمة التوحيديّة تبيّن مستوى معرفة ومستوى قدرة ذلك النبيّ النفسيّة ومستوى إدراكه، لقد كان النبيّ عيسى يوصي الحواريّين بكلمة لا إله إلا الله والتحقّق بها، أي العبوديّة المحضة والاندكاك في ذات الله واسم الله، ونفي التعيّنات وإثبات تعيّن واحد. 

  • وهذه هي عين الكلمات التي أفيضت على النبيّ موسى في عشرة ذي الحجّة التي هي أيّام مهمّة جدًّا من أيّام السنة عندما ذهب إلى جبل الطور: 

  • لا إلٰهَ إلّا اللهُ عَدَدَ اللَّيالي و الدُهور، لا إلٰهَ إلّا اللهُ عدَدَ أمواجِ البُحور، لا إلٰهَ إلّا اللهُ و رَحمَتُه خيرٌ مِمّا يجمَعون، لا إلٰهَ إلّا اللهُ عدَدَ الشَّوكِ و الشَّجَر، لا إلٰهَ إلّا اللهُ عدَدَ الشَّعرِ و الوَبَر، لا إلٰهَ إلّا اللهُ عدَدَ الحَجَرِ و المَدَر، لا إلٰهَ إلّا اللهُ عدَدَ لَمحِ العُيون، لا إلٰهَ إلّا اللهُ في اللّيلِ إذا عَسعَسَ و الصُّبحِ إذا تَنَفَّس، لا إلٰهَ إلّا اللهُ عدَدَ الرّياحِ في البَراري٢ و الصُّخور، لا إلٰهَ إلّا اللهُ مِنَ اليومِ إلى يومِ ينفَخُ في الصّور.٣

  • إنّ المرور بسذاجة على معاني هذه الكلمات المباركة وصرف النظر عن الحقائق أمر بسيط جدًّا، ولكنّ الالتفات إلى معانيها التي أفيضت من المقام الربوبيّ يستحقّ الاهتمام والتأمّل. فما معنى قوله: لا إله إلا الله عدد الليالي والدهور؟ نحن نقول لا إله إلا الله عدد الليالي والدهور هكذا ونمضي! وما معنى لا إله إلا الله عدد الشوك والشجر؟ ما معنى لا إله إلا الله عدد الشعر والوبر؟ لا إله إلا الله عدد كلّ واحدة من أشعار الأغنام والحيوانات والكائنات الحيّة! فالمرور على هذه الأمور وعدم الالتفات إلى معانيها أمر بسيط وسهل! 

    1. الإقبال، ج ٢، ص ٤٦.
    2. في نسخة: و البراري.
    3. الإقبال، ج ٢، ص ٤۷.

إيصال إمام الزمان الناسَ إلى حقيقة الله أكبر - النصف من شعبان لعام ۱٤۰٩ هـ ق.

9
  • ما معنى لا إله إلا الله؟ 

  • ما معنى لا إله إلا الله؟ معناه أنّ كلّ ما هو متحقّق في الخارج أعمّ من الجماد والنبات أعمّ من الحيوان والإنسان والملائكة، أعمّ من الملك والملكوت، وأعمّ من عالم الناسوت واللاهوت، وما يتحقّق في الإنسان، فإنّ تحقّقه ليس إلا تحقّق هذه الكلمة المباركة، فتعيّن جميع الموجودات في عالم الإمكان هو تحقّق معنى لا إله إلا الله. فعندما نقول: لا إله إلا الله فهذا يعني أنّ كلّ ما في العالم أعمّ من أوراق النبات وكلّ ورقة شجر، وأعمّ من الصوف والوبر، أعمّ من الحجر، أعمّ من الجبل والأرض والسماء والملائكة وكلّ ما يتحقّق، فإنّ تحقّقه وتعيّنه ووجوده المستقلّ هو عدم، بل هو عين وجود الله. هذا هو معنى لا إله إلا الله، وهذه هي نهاية المرحلة. 

  • والأعجب من ذلك أنّ في هذه الأذكار العشرة المباركة التي رويت عن أمير المؤمنين والتي ينقلها السيّد ابن طاووس رحمة الله عليه في الإقبال ويستحبّ قراءتها يقول الإمام: لا إله إلا الله عدد لمح العيون. فهذا عجيب جدًّا، فما نظنّه نحن مستقلاًّ من الموجودات قد نفي عنه التعيّن، ولكن ما معنى لا إله إلا الله عدد لمح العيون؟ أفهل لمح العيون أمر وجوديّ وأمر مستقلّ؟! بلى إنّ تلك الحركة التي تصدر عن ذلك الموجود هي بنفسها أيضًا وجود؛ كما أثبت في الحكمة المتعالية لصدر المتألّهين أنّ الحركة من الوجود۱، فكما أنّ سائر الموجودات لها وجود مستقلّ واستقلاليّ، فإنّ الحركة الوجوديّة هي في عرضها ومنضمّة إليها ومصاحبة لها. وبناء على هذا فإنّ الله تعالى هنا قد طبّق كلمة لا إله إلا الله المباركة على هذه الحركة التي نظنّها نحن أمرًا عدميًّا. 

  • قصص من المكاشفات التوحيديّة لمعنى لا إله إلا الله

  • قفزة الحيوان هي تجلي لا إله إلا الله

  • ينقل عن بعض العرفاء أنّه عندما كانت تعتريه حالة توحيديّة ويتجلّى في نفسه معنى لا إله إلا الله كان يقول: 

  • نظرت فرأيت أنّ الحيوان الذي يسير ليس فقط هو نفسه بمعنى لا إله إلا الله، فلم أر فقط أنّ ذلك الحيوان هو معنى لا إله إلا الله، بل رأيت أنّ تلك الحركة التي قام بها حين انتقل من مكان إلى مكان آخر كانت هي الأخرى لا إله إلا الله على لا إله إلا الله.٢

    1. راجع: الحكمة المتعالية، ج ٣، ص ٢۰ ـ ٣۷.
    2. معرفة المعاد، ج‌٦، ص: ٢۷: يقول شيخ ذو ضمير مُضاء لا يزال على قيد الحياة فعلًا: سنحت لي حال طيّبة حسنة في شهر رمضان، فشاهدتُ في إحدى الليالي نور التوحيد في جميع الموجودات، فقد كان كلّ شي‌ء لا إله إلّا الله؛ ثمّ رأيتُ في تلك الحال قطّة تقفز من جدار إلى آخر، فكانت القطّة لا إله إلّا الله، وكانت قفزتها لا إله إلّا الله.

إيصال إمام الزمان الناسَ إلى حقيقة الله أكبر - النصف من شعبان لعام ۱٤۰٩ هـ ق.

10
  • أمّا أنّه ما هي حقيقة ذلك؟ فهذا ما يبقى إلى حين الوصول إليه، فما لم تتذوّق الحلوى لن تعرف طعمها. ونحن الآن نكتفي ببيان هذه الأمور، ولكن لا تتصوّروا أنّنا نحن بأنفسنا شيء يعتدّ به، فنحن أخذنا هذه الأمور من الكتب وننقلها إليكم، ولكن المقدار المتيقّن والمسلّم هو أنّ هذه المعاني موجودة ولها واقع ولا بدّ من السعي إليها والبحث عن أهلها والتسليم لهم لكي يوصلونا، وأما دون ذلك فلا شيء لدينا وجميعنا من المرخّصين. 

  • أذكار الطيور والفراشات

  • إنّ هذه الأمور ليست بالأمور التي يتعجّب منها الذهن! فقد أخبرني أحد الأصدقاء وقال لي شخصيًّا وأنا أنقلها لزيادة الاطمئنان ﴿وَلَٰكِن لِّيَطۡمَئِنَّ قَلۡبِي﴾۱: لقد سافرت برفقة أحد الأصدقاء، وذات ليلة كنّا جالسين في إحدى القرى المحيطة بطهران وكانت السماء صافية جدًّا والطقس جميلاً جدًّا، كانت النجوم كثيفة، وكنّا جالسين، فقال صديقي فجأة: يا فلان! فقلت: ماذا؟ قال: أتدري ماذا حصل الآن؟ قلت: لا! فقد كان يخبر أحيانًا ببعض الأمور وأحيانًا لا يخبر، وكان ذاك الأمر ممّا أخبر به، قال: هذه الفراشة التي رأيتها الآن جاءت ومرّت… وكنت قد رأيت تلك الفراشة جاءت ومضت. قال: لقد رأيت الآن أنّ هذه الفراشة ذكرها هو الصلوات على محمّد وآل محمّد. فهي أثناء حركتها تقول هذا الذكر. ثمّ قال: والعصفور رأيت أنّ له ذكرًا. ولكنّه لم يخبرني ماذا كان ذكره، فقط أخبرني بذاك. وكان يقول: وقد رأيت أنّ للضفدع ذكرًا خاصًّا ورأيت أنّ للسمكة ذكرًا خاصًّا و… والحاصل أنّه كان يقول: لقد رأيت أنّ جميع الأرض والسماء مشغولة بذكر خاصّ مناسب لها. فهذه أمور قد وقعت، وليست مزاحًا. 

  • تسبيح الجدران مع أمير المؤمنين عليه السلام

  • عندما كان الإمام الحسن عائدًا من دفن أمير المؤمنين عليهما السلام مرّ عند الصباح على ذلك الرجل اليهوديّ في تلك الخرابة فقال له ذلك الرجل: منذ ليلتين أو ثلاث لم يأتني ذلك الرجل الذي كان يحضر لي الماء والخبز والطعام. وعندما سألوه عن صفاته قال: من صفاته أنّه كان إذا جاء كنت أرى الأرض والجدران تسبّح معه. فهذا ما يبيّنه اليهوديّ.٢ 

    1. سورة البقرة (٢) الآية ٢٦۰. 
    2. روضة الشّهداء، كاشفي، ص ۱۷۱.

إيصال إمام الزمان الناسَ إلى حقيقة الله أكبر - النصف من شعبان لعام ۱٤۰٩ هـ ق.

11
  • نطق آب و نطق خاك و نطق گل***هست محسوس حواس اهل دل۱
  • يقول: 

  • نطق الماء ونطق التراب ونطق الزهور *** كلّه محسوس لحواس أهل القلوب.

  • كلّ شيء يقول لا إله إلا الله

  • وسأنقل لكم قصّة أخرى أيضًا: قال لي أحدهم شخصيًّا: ذات صباح كنت قد جئت إلى مكان ما فحصلت لي حال عجيبة، فكنت أرى حركة جميع الأفراد بمعنى لا إله إلا الله. 

  • أي إنّ معنى وحقيقة التوحيد قد تجلّت في ذاته ثمّ في وجود جميع الأفراد، فلم يكن يشاهد الاستقلال. 

  • ثمّ قال: 

  • تقدّمت فرأيت أنّ الأطفال الذين يلعبون معًا يقول بعضهم لبعض لا إله إلا الله، وذاك الراعي الذي كان يسوق أغنامه كنت أسمع حركة جميع الأغنام لا إله إلا الله وكنت أرى حركتها بمعنى لا إله إلا الله. 

  • فاعلموا ماذا هناك إذن! والأمر المهمّ هو هنا، وهو عجيب إلى حدّ ما، ولكن إذا حصل أن تفقد جميع المعاني استقلالها لدى الإنسان فلن يكون هناك فرق بين شيء وشيء، فالحاصل أنّه كان يقول: 

  • في ذلك العهد السابق عهد الطاغوت، أتيت إلى مستديرة بهارستان في طهران ورأيت أنّ هناك اجتماعًا ومراسم، ولكن الأصوات التي كانت تتناهى لم أكن أرى فيها سوى لا إله إلا الله! كانوا يتحدّثون، ولكن كان ينتهي إلى سمعي لا إله إلا الله! وكان أحدهم يغنّي، ولكن كان يتناهى إلى سمعي لا إله إلا الله! ثمّ تابعت السير وأنا في هذه الحالة حتّى وصلت إلى السوق، وما إن وصلت إليه حتّى غادرتني تلك الحالة.

  • لعن الله هذا السوق! إنّه يسلب الإنسان كلّ ما لديه! أليس لدينا في الرواية أنّه إذا دخلتم السوق فاخرجوا منه سريعًا ولا تمكثوا في أجوائه؟!٢ نعم نحن قلنا هذا هنا ولكن على أيّ حال العمل والكسب عبادة إذا أراد الإنسان أن يقوم به لأجل الله ولكي لا يحتاج إلى الآخرين٣ 

  • نعم في النهاية أحيانًا لا بدّ أن تقال بعض الأشياء سواء على نحو الجدّ أو الهزل. 

  • والخلاصة أنّه كان يقول: 

  • ما إن وصلت إلى السوق فلا أدري هذا الأثر أصابني من أهل السوق ففارقتني تلك الحالة ورجعت إلى حالتي الأولى! وصرت أميّز الكلام وأميّز الأصوات وأميّز الحركات، وصرت كالإنسان المتعارف وبدأت بالعمل والتجارة. 

    1. مثنوی معنوی (آذر یزدی)، دفتر اول، ص ۱٤٦.
    2. : عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ الْبَاقِرِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، عَنْ آبَائِهِ (عَلَيْهِمُ السَّلَامُ) قَالَ:
      قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) لِجَبْرَئِيلَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): أَيُّ الْبِقَاعِ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ (تَبَارَكَ وَ تَعَالَى) قَالَ: الْمَسَاجِدُ، وَ أَحَبُّ أَهْلِهَا إِلَى اللَّهِ أَوَّلُهُمْ دُخُولًا إِلَيْهَا وَ آخِرُهُمْ خُرُوجًا مِنْهَا.
      قَالَ: فَأَيُّ الْبِقَاعِ أَبْغَضُ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى قَالَ: الْأَسْوَاقُ، وَ أَبْغَضُ أَهْلِهَا إِلَيْهِ أَوَّلُهُمْ دُخُولًا إِلَيْهَا، وَ آخِرُهُمْ خُرُوجًا مِنْهَا.
    3. راجع: من لا يحضره الفقيه، ج ٣، ص ۱٥٦ ـ ۱۸۰.

إيصال إمام الزمان الناسَ إلى حقيقة الله أكبر - النصف من شعبان لعام ۱٤۰٩ هـ ق.

12
  • أفضليّة مقام الله أكبر على مقام لا إله إلا الله

  • هذا هو معنى التوحيد الذي يتّفق عليه جميع الأنبياء والرسل السابقون وهو التوحيد في أسماء الله. ولكنّ الكلام هنا هو أنّه بماذا جاء النبيّ؟ هل اكتفى نبيّنا بهذا المقام الذي هو مقام التوحيد وأعلى مرحلة من التوحيد؟ أم لا بل تقدّم نبيّنا أكثر ووصل إلى مقام الله أكبر؟ إنّ شريعة الإسلام ليست شريعة لا إله إلا الله، وطبعًا ليس بمعنى أنّها ليست موجودة فيها، بل بمعنى أنّ شريعة الإسلام أرفع منها وأنّها شريعة "الله أكبر". فعند الصلاة نقول الله أكبر، وبعد الصلاة نقول الله أكبر. فما معنى ذلك؟ معنى الله أكبر هو أنّ الله أكبر من أن يوصف.۱

  • وسأذكر مقدّمة فأقول: يقول الله تعالى في القرآن المجيد: 

  • ﴿سُبۡحَٰنَ ٱللَهِ عَمَّا يَصِفُونَ ، إِلَّا عِبَادَ ٱللَهِ ٱلۡمُخۡلَصِينَ﴾٢؛ فالله منزّه من التوصيف ولا يمكن لأيّ فرد وأيّ موجود أن يصفه إلا عباد الله المخلصين.

  • أي إنّ ما ندركه نحن من المعارف والعلوم وما نريد أن ننسبه إلى الله هو كلّه مخلوق لأذهاننا ولازم لمدركاتنا البشريّة ولا يليق بمقام الله ومقام الله أعلى. فإذن الله منزّه عن توصيف الواصفين، إلا الذين وصلوا إلى مقام الإخلاص فليست إدراكاتهم على أساس العلوم الظاهريّة وليست مدركاتهم على أساس العلوم الكتابيّة، وقد وصلوا إلى مرحلة من حيث الاتّحاد مع المجاري التوحيديّة الأفعاليّة والصفاتيّة والأسمائيّة لله بحيث يمكنهم أن يصفوا الله كما هو حقّه؛ لأنّهم هم أنفسهم واجدون لا أنّهم يثبتون لله صفة استنادًا إلى كتاب. 

  • وقد ذكرنا ذلك سابقًا والرفقاء مطّلعون عليه، وإنّما ذكرته من باب المقدّمة وأنّه ليس لأيّ موجود قابليّة توصيف الله ولا يمكنه أن يجدها إلا من نافذة باطن الذين هم فانون في التوحيد الأفعالي والصفاتي والأسمائي لله، فهؤلاء هم المخلَصون (بفتح اللام)، أي الذين تجاوزوا من حيث الإخلاص عالم النفس، ولم يعودوا في مقام المجاهدة وكسب الكمالات، وقد عبروا هذه المرحلة، فقط هؤلاء هم الذين يملكون القابليّة لتوصيف الله حقّ التوصيف: ﴿سُبۡحَٰنَ ٱللَهِ عَمَّا يَصِفُونَ ، إِلَّا عِبَادَ ٱللَهِ ٱلۡمُخۡلَصِينَ﴾ فهؤلاء أناس متحقّقون بمعنى الكلمة الطيّبة لا إله إلا الله. 

    1. الكافي، ج ۱، ص ۱۱۷.
    2. سورة الصافات (٣۷) الآية ۱٥٩ و ۱٦۰.

إيصال إمام الزمان الناسَ إلى حقيقة الله أكبر - النصف من شعبان لعام ۱٤۰٩ هـ ق.

13
  • فجاء النبيّ وضرب على أيدي هؤلاء وقال: الله أكبر. الله أرفع من ذلك أيضًا. فقولكم لا إله إلا الله يعني: الله أكبر من أن يوصف. يعني هذا التوصيف الذي يصفه به النبيّ إبراهيم والنبيّ موسى والنبيّ عيسى والنبيّ نوح وبقيّة الأنبياء والرسل لوصولهم إلى مقام الإخلاص، وتلك الأذكار التي قالوها وهي أعلى مقام وصلوا إليه وهو التحقّق بحقيقة التوحيد، أنا أعلى منهم وقد وصلت إلى مقام الله أكبر! يعني الله أكبر من أن يوصف من قبل هؤلاء، الله أكبر من أن يصفه هؤلاء الأنبياء، لا من أن نصفه أنا وأنت، فنحن لسنا بشيء، بل من الوصف الذي يصفه الواصفون والوصف الذي يقول عنه تعالى: ﴿سُبۡحَٰنَ ٱللَهِ عَمَّا يَصِفُونَ﴾ يقول النبيّ: أنا أرفع أيضًا من توصيف هؤلاء الأنبياء الذي يصفون! 

  • الله أكبر من أن يوصف، سواء كان الوصف صحيحًا أو غير صحيح. فليست "من أن يوصف" مقيّدة بالوصف غير الصحيح. أي إنّ الله أعلى من ذلك الوصف الحقيقيّ الذي يوصف به. هذا المقام هو مقام الفناء في الذات والهوهويّة. هذا المقام هو أرفع من مقام لا إله إلا الله، هذا مقام لا هو إلا هو، لا مقام لا إله إلا الله. 

  • سؤال اليهوديّ عن معاني الكلمات الأربع سبحان الله والحمد لله…

  • هناك رواية عن الشيخ المفيد رحمة الله عليه في كتابه الشريف الاختصاص يقول فيها أنّه جَاءَ رَجُلٌ مِنَ الْيَهُودِ إِلَى النَّبِيِّ يريد أن يتشرّف بالإسلام وسأل النبيّ مسائل، ومنها أنّه قال: 

  • أَخْبِرْنِي عَنْ تَفْسِيرِ سُبْحَانَ اللَّهِ وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَ اللَّهُ أَكْبَرُ.

  • فَقَالَ النَّبِيُّ صلّى الله عليه وآله: عَلِمَ اللَّهُ أَنَّ ابْنَ آدَمَ وَ الْجِنَّ يَكْذِبُونَ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى فَقَالَ: سُبْحَانَ اللَّهِ يَعْنِي بَرِي‌ءٌ مِمَّا يَقُولُونَ. 

  • وَ أَمَّا قَوْلُهُ الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّ الْعِبَادَ لَا يُؤَدُّونَ شُكْرَ نِعْمَتِهِ فَحَمِدَ نَفْسَهُ عَزَّ وَ جَلَّ قَبْلَ أَنْ يَحْمَدَهُ الْخَلَائِقُ وَ هِيَ أَوَّلُ الْكَلَامِ. لَوْ لَا ذَلِكَ لَمَا أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَى أَحَدٍ بِالنِّعْمَةِ. 

  • وَ أَمَّا قَوْلُهُ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَ هِيَ وَحْدَانِيَّتُهُ لَا يَقْبَلُ اللَّهُ الْأَعْمَالَ إِلَّا بِهِ وَ لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ أَحَدٌ إِلَّا بِهِ وَ هِيَ كَلِمَةُ التَّقْوَى سُمِّيَتِ التَّقْوَى لِمَا تَثْقُلُ بِالْمِيزَانِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ.

إيصال إمام الزمان الناسَ إلى حقيقة الله أكبر - النصف من شعبان لعام ۱٤۰٩ هـ ق.

14
  • وَ أَمَّا قَوْلُهُ: اللَّهُ أَكْبَرُ فَهِيَ كَلِمَةٌ لَيْسَ أَعْلَاهَا كَلَامٌ، وَ أَحَبُّهَا إِلَى اللَّهِ، يَعْنِي لَيْسَ أَكْبَرُ مِنْهُ لِأَنَّهُ يُسْتَفْتَحُ الصَّلَوَاتُ بِهِ لِكَرَامَتِهِ عَلَى اللَّهِ وَ هُوَ اسْمٌ مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ الْأَكْبَرِ. 

  • فَقَالَ: صَدَقْتَ يَا مُحَمَّدُ. مَا جَزَاءُ قَائِلِهَا؟

  • قَالَ: إِذَا قَالَ الْعَبْدُ: سُبْحَانَ اللَّهِ، سَبَّحَ كُلُّ شَيْ‌ءٍ مَعَهُ مَا دُونَ الْعَرْشِ، فَيُعْطَى قَائِلُهَا عَشْرَ أَمْثَالِهَا. 

  • وَ إِذَا قَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ، أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ بِنَعِيمِ الدُّنْيَا حَتَّى يَلْقَاهُ بِنَعِيمِ الْآخِرَةِ، وَ هِيَ الْكَلِمَةُ الَّتِي يَقُولُهَا أَهْلُ الْجَنَّةِ إِذَا دَخَلُوهَا، وَ الْكَلَامُ يَنْقَطِعُ فِي الدُّنْيَا مَا خَلَا الْحَمْدَ، وَ ذَلِكَ قَوْلُهُمْ‌تَحِيَّتُهُمْ فِيها سَلامٌ وَ آخِرُ دَعْواهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ‌۱ 

  • (فإذا تجاوز أهل الجنّة عرصات القيامة وتجاوزوا بحبوحة الحساب والكتاب والميزان وأرادوا أن يدخلوا الجنّة، ما إن يرون أنّهم داخلون وانتهى أمرهم ولم يعد هناك مشكلة يقولون: ﴿ٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِ ٱلَّذِيٓ أَذۡهَبَ عَنَّا ٱلۡحَزَنَ إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٞ شَكُورٌ﴾٢؛ الحمد مختصّ بالله الذي حطّ عن عواتقنا الأوزار وأزال الغمّ والغصص والحزن عن أكتافنا. فهنا هم يحمدون الله: ﴿إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٞ شَكُورٌ﴾. فأهل الجنّة إذا أرادوا أن يدخلوا الجنّة حمدوا الله). 

  • وَ أَمَّا ثَوَابُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، فَالْجَنَّةُ وَ ذَلِكَ قَوْلُهُ‌: هَلْ جَزاءُ الْإِحْسانِ إِلَّا الْإِحْسانُ‌؟٣ 

  • وَ أَمَّا قَوْلُهُ اللَّهُ أَكْبَرُ فَهِيَ أَكْبَرُ دَرَجَاتٍ فِي الْجَنَّةِ وَ أَعْلَاهَا مَنْزِلَةً عِنْدَ اللَّهِ.٤

  • فمقام الله أكبر هذا هو جنّة في مقابل سائر الجنّات تدعى جنّة الذات. هذا المقام هو مقام لواء الحمد والمقام المحمود: ﴿وَمِنَ ٱلَّيۡلِ فَتَهَجَّدۡ بِهِۦ نَافِلَةٗ لَّكَ عَسَىٰٓ أَن يَبۡعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامٗا مَّحۡمُودٗا﴾٥. فالمقام المحمود الذي يعطى للنبيّ الأكرم يوم القيامة وله إحاطة وسيطرة على جميع الخلائق من الأنبياء والرسل الماضين هو مقام الله أكبر هذا. 

  • هل مقام الله أكبر للنبيّ وحده أم لأمّته أيضًا؟

  • أفهل التفتنا الآن أيّ توفيق حزنا إذ كنّا في أمّة النبيّ الأكرم؟! هل التفتنا الآن أيّ طريق فتح لنا النبيّ الأكرم لم يفتحه الأنبياء السابقون لأممهم؟! هم فتحوا طريق لا إله إلا الله، ولكنّ النبيّ الأكرم فتح لنا مقام الله أكبر. والله أكبر ليست للنبيّ وحده، لو كانت للنبيّ وحده فلماذا علينا نحن في الصلاة وفي السورة وفي كلّ حركة نؤدّيها أن نقول الله أكبر؟ فهذا يعني أنّك أنت أيضًا تصل إلى هذا المقام! معناه أنّك عند الصلاة التي هي قربان كلّ تقيّ٦ وآخر عبادة وآخر مرحلة اتّصال الله بعبده، من البداية حين يريد العبد أن يشرع بالصلاة عليه أن يقول في الأذان الله أكبر ستّ مرّات، وفي الإقامة أربع مرّات، وإذا أراد أن يشرع بالصلاة يكبّر سبع مرّات، وإذا أراد أن يمضي من الحمد والسورة إلى الركوع يكبّر، فعند الركوع يكبّر وإذا قام يكبّر، وإذا سجد يكبّر وإذا تشهّد يكبّر وإذا سلّم يكبّر. 

    1. سورة يونس (۱۰) الآية ۱۰.
    2. سورة فاطر (٣٥) الآية ٣٤.
    3. سورة الرحمن (٥٥)، الآية ٦۰.
    4. الاختصاص، ص ٣٤. 
    5. سورة الإسراء (۱۷) الآية ۷٩. 
    6. الكافي، ج ٣، ص ٢٦٥.

إيصال إمام الزمان الناسَ إلى حقيقة الله أكبر - النصف من شعبان لعام ۱٤۰٩ هـ ق.

15
  • هذا الشعار الله أكبر شعار جاءنا به النبيّ. شعار التوحيد كان شعارًا مشتركًا بين جميع الأنبياء، أمّا شعار الله أكبر هذا والذي هو مقام الفناء في الذات والمحو في الهويّة بنحو الإطلاق والبقاء بعد الفناء والرجوع مع إدراك جميع الكمالات، هذا المقام مختصّ بالنبيّ وأمّة النبيّ: عُلَماءُ أُمَّتي أفضَلُ مِن أنبياءِ بَني إسرائيل۱ وطبعًا لدينا حول الأئمّة أنّه نحن العلماء٢ ولكن ذلك لا ينفي العلم عن غيرهم. فهذا المقام هو أرفع مقام، والروايات هنا حول الأئمّة كثيرة جدًّا، ولا بدّ من مراجعة الكتب المدوّنة في ذلك، فلدينا هنا روايات كثيرة عن النبيّ وعن الأئمّة أنّ أمير المؤمنين عليه السلام كان حائزًا على جميع كمالات الأنبياء السابقين٣ وكان نفس النبيّ المباركة٤ حسب مفاد الآية الشريفة٥ فأمير المؤمنين إذن متحقّق بجميع المرائي التي تتجلّى فيها نفس رسول الله المباركة. فأمير المؤمنين إذن حائز على مقام ومرتبة الله أكبر الذي كان النبيّ حائزًا عليه. وهكذا صاحب لواء وعلم هذه الشريعة المباركة، فقد انتقل من أمير المؤمنين إلى الإمام الحسن والإمام الحسين والإمام السجّاد و… إلى أن يصل في زماننا هذا إلى اليد المباركة للإمام الحجّة ابن الحسن المهديّ أرواحنا وأرواح العالمين لتراب مقدمه الفداء. 

  • ما هي وظيفة صاحب الزمان عليه السلام؟

  • فإذن وظيفة إمام الزمان عليه السلام وعمله وما أخذه على عاتقه في هذا الزمان هو إيصال شيعته الخواصّ إلى معنى كلمة الله أكبر المباركة وتحقّقهم به، فهذه هي وظيفة إمام الزمان وما يتعهّد بالقيام به في هذا الزمان، لأنّ هذه الرسالة انتقلت من النبيّ إلى الأئمّة وهذه الرسالة الآن بيد ذلك الإمام المباركة. فحيث إنّنا الآن تحت تكفّل وسيطرة الولاية الكليّة المطلقة لذلك الإمام فنحن في مقام وتحت تكفّل إنسان يريد أن يوصلنا إلى مقام ليس فقط لم تكن الأمم السابقة حاصلة عليه، بل الأنبياء أيضًا لم يكونوا يمتلكونه! فالإمام متكفّل بالقيام بهذا الأمر.٦

  • ماذا علينا أن نفعل في عصر الغيبة وما هي وظيفتنا؟ 

  • فماذا علينا أن نفعل الآن وما هي وظيفتنا؟ 

  • لدينا هنا روايات كثيرة تقول إنّ أفضَل الأعمالِ انتِظارُ الفَرَج ۷ مما يعني أنّه لا بدّ أن نكون بانتظار فرج ذلك الإمام وأن نعدّ أنفسنا لظهوره، والإعداد لظهور الإمام هو إعداد ثقافيّ، أي أن يصل إدراكنا ومعرفتنا إلى حدّ يجعلنا نقبل بالإمام إذا ما ظهر، وهذا المعنى ليس باليسير ونقول بلا أيّ مجاملة إنّنا لم نقم بعد بهذا الاستعداد! فالإمام لأيّ شيء يظهر؟! الإمام لا يظهر ليشبع بطوننا، بل نحن بأنفسنا يمكن أن نشبع بطوننا. الإمام لا يأتي ليحقّق لنا الأمن، بل الأمن يحصل برصاصتين. الإمام لا يأتي ليقوّي صناعتنا وتكنولوجيّتنا، بل إنّ قوّتهما ماذا قدّما للبشريّة سوى المشقّات والآلام والقتل والمجازر؟! وكما يقول آينشتين في آخر تكريم أقيم له في أميركا في المحاضرة التي ألقاها: 

    1. راجع حول سند هذه الرواية الروح المجرّد، ص ٦۷٤.
    2. راجع بصائر الدرجات، ج ۱، ص ۸ و ٩.
    3. راجع بصائر الدرجات، ج ۱، ص ۱۱٤ ـ ۱٢۱ .
    4. تفسير فرات الكوفي، ص ۸٦.
    5. سورة آل‌ عمران (٣) الآية ٦۱: ﴿فَمَنۡ حَآجَّكَ فِيهِ مِنۢ بَعۡدِ مَا جَآءَكَ مِنَ ٱلۡعِلۡمِ فَقُلۡ تَعَالَوۡاْ نَدۡعُ أَبۡنَآءَنَا وَأَبۡنَآءَكُمۡ وَنِسَآءَنَا وَنِسَآءَكُمۡ وَأَنفُسَنَا وَأَنفُسَكُمۡ ثُمَّ نَبۡتَهِلۡ فَنَجۡعَل لَّعۡنَتَ ٱللَهِ عَلَى ٱلۡكَٰذِبِينَ﴾.
    6. لمزيد من الاطّلاع حول نهاية سير ومعرفة الأنبياء السابقين صلوات الله عليهم أجمعين إلى مقام كلمة لا إله إلا الله ووصول سالكي أمّة الرسول الأكرم صلّى الله عليه وآله وسلّم إلى مقام كلمة الله أكبر من أن يوصف راجع رسالة لبّ اللباب ص ۷۰. 
    7. راجع: كمال الدين، ج ٢، ص ٣۷۷ و ٦٤٤؛ مناقب آل أبي طالب عليهم‌ السلام، ج ٤، ص ٤٢٦.

إيصال إمام الزمان الناسَ إلى حقيقة الله أكبر - النصف من شعبان لعام ۱٤۰٩ هـ ق.

16
  • كنت أحسب أنّ ما اكتشفته من النظريّة النسبيّة والذريّة ستحقّق المنافع للبشر، ولكن الحمد لله لم أمت حتّى رأيت أنّه في حياتي قتل ٦۰۰ ألف نسمة باكتشافي هذا!۱

  • يروي أبو خالد الكابليّ عن الإمام الباقر عليه السلام أنّه قال: 

  • إذا قامَ قائِمُنا وَضَعَ يدَهُ عَلى رُءوسِ العِبادِ فَجَمَعَ اللهُ بِها عُقولَهُم و أكمَلَ بِها أحلامَهُم.٢

  • جميع هذه المشكلات والأزمات هي بسبب نقص العقل! إذا كمل العقل فلن تكون هناك مشكلة، وسيحلّ الأمن وتسود العدالة والتواصل والمؤانسة والمؤالفة و… كلّ هذه المشكلات هي بسبب أنّ عقولنا لا تزال ناقصة ولم تكتمل بعد. ما يقوم به الإمام هو تكميل العقل، ما يقوم به الإمام هو أنّه يأتينا بمعرفة الله. 

  • فماذا علينا أن نفعل الآن؟ لا بدّ أن يكون لدينا استعداد ثقافيّ. الناس الذين يصبرون أسبوعًا وينتظرون لكي يشاهدوا بعض الصور لا يليقون بالإمام! ماذا يفعل الإمام للذين بدلاً من أن يفسّروا آية أو يسمعوا حكاية عن الأعاظم وموضوعًا أخلاقيًّا، فإنّهم يجلسون من الصباح حتّى المساء ويشاهدون الصور و…؟هل يجب أن تكون لدينا هذه الثقافة؟! هل هذا هو الأنس الذي ينبغي أن يكون عند من ينتظر ظهور الإمام؟! 

  • أين نحن وأين الإمام؟! لقد تأخّرنا كثيرًا ولا زلنا نلهو! 

  • نماذج من الانتظار

  • قصّة العاشق النائم

  • إنّ حالنا كحال ذلك العاشق الذي كان يرسل على الدوام إلى معشوقه أن لماذا تبتعد عنّي؟ ولكنّ المعشوق لم يكن يجيبه، إلى أن أجابه معشوقه بعد الإصرار الشديد: سآتي في ليلة كذا إلى ذاك المكان. فذهب ذلك العاشق في تلك الليلة من العصر وجلس. جلس وجلس ولكنّ المعشوق لم يأت. صارت الساعة التاسعة فرأى أنّه لم يأت، صارت الساعة العاشرة فلم يأت، صارت الحادية عشرة فغلبه النعاس فنام، واستيقظ عند الصباح من نومه فرأى في جيبه جوزًا وقد كتب: فلتلعب في هذه المرحلة بهذا الجوز فأنت لم تبلغ بعد مرحلة العشق! أفهل ينام العاشق؟! هل يصاب العاشق بالدوار! إنّه يريد أن ينتظر فحسب! 

  • قصّة الذين كانوا ينادون يا حجّة ابن الحسن عجّل على ظهورك

    1. نور ملكوت القرآن، ج ٢، ص ٢٥۰.
    2. منتخب الأنوار، ص ٢۰۰؛ الكافي، ج ۱، ص ٢٥.

إيصال إمام الزمان الناسَ إلى حقيقة الله أكبر - النصف من شعبان لعام ۱٤۰٩ هـ ق.

17
  • ينقل أحد العلماء والوعّاظ المحترمين من أهل مشهد والذي يسكن الآن في طهران حفظه الله إن شاء الله، ويبدو أنّ القصّة ترجع إلى عهد رضا شاه لعنه الله فكم أصيب منه هو وابنه الإسلام بمصائب، وقد سمعتها منه مباشرة فكان يقول: 

  • كنت في مشهد هذه، فجاء أخي ذات يوم وقال لي وباللهجة المشهديّة: أتدري ماذا جرى؟ 

  • فقلت: لا، لا أدري. 

  • قال: تعال وانظر فقد اجتمع الناس يصرخون: يا حجّة ابن الحسن عجّل على ظهورك! ولا أدري ماذا كان قد حصل حينها، فقلت ماذا حصل؟ فلأذهب أنا أيضًا وأنظر! والحاصل أنّي وضعت العمامة على رأسي والعباءة على كتفي وذهبت. فرأيت أنّه صحيح قد اجتمع الناس وهم يصرخون: يا حجّة ابن الحسن اخرج فقد زادت الفحشاء! وزاد المنكر!

  • كان قد حصل أمر ما ومنكر ما وكان الناس يتقدّمون هكذا، وقد علّموا الأماكن التي يريدون أن يخرّبوها والأماكن التي يريدون أن يعمروها، فوصلوا إلى متجر لبيع الخمر فاقتلعوا الستارة التي عليه وكسروا الباب والزجاج ودخلوا إلى الدكّان فكان بعضهم يأخذ بالعبوات الزجاجيّة ويجعلها في جيبه ويصيح يا حجّة بن الحسن عجّل على ظهورك! وكان بعضهم ممّن لا يمتلك جيبًا يكسر العبوة والزجاجيّة ويشربها كلّها على الفور. 

  • فهذا أمر لا يمكن في النهاية! كان يقول: لقد رأيت ذلك بعيني. وكثير من هؤلاء الذين يقولون يا حجّة ابن الحسن، اليوم يقولون الموت لفلان، وغدًا يقولون: يحيا فلان. فهؤلاء لا ينفعون إمام الزمان! لا بدّ أن يكون لدينا عقل وأن يكون لدينا فهم وندرك ماذا نصنع، علينا أن لا نسلّم لأيّ إنسان، علينا أن نقيس الأمور بعقولنا، وإلا فماذا يريد الإمام أن يصنع؟ لماذا يعطّل نفسه من أجلنا؟ لقد غاب الإمام إلى الآن ألفًا ومائتي عامًا، فليغب عشرة آلاف عام أخرى. لا بدّ أن نهتزّ ونحقّق في أنفسنا تغييرًا لكي نصل إلى ذلك المقام الذي تحدّث عنه الإمام والذي هو مقام الله أكبر. 

  • قصّة الشيخ الباكي عند الإمام الصادق عليه السلام

  • في رواية عن الإمام جعفر الصادق عليه السلام أنّ مسعدة بن صدقة يقول: 

إيصال إمام الزمان الناسَ إلى حقيقة الله أكبر - النصف من شعبان لعام ۱٤۰٩ هـ ق.

18
  • كنت عند الصادق عليه السلام إذ أتاه شيخ كبير قد انحنى متّكئًا على عصاه، فسلّم فردّ أبو عبد الله عليه السلام الجواب. ثمّ قال: يا ابن رسول الله ناولني يدك أقبّلها. 

  • فأعطاه يده فقبّلها ثمّ بكى. 

  • فقال‌ أبو عبد الله: عليه السلام ما يبكيك يا شيخ؟

  • قال: جعلت فداك أقمت على قائمكم منذ مائة سنة أقول هذا الشهر و هذه السنة و قد كبرت سني و دقّ عظمي و اقترب أجلي و لا أرى ما أحبّ، أراكم معتلين مشرّدين و أرى عدوّكم يطيرون بالأجنحة فكيف لا أبكي؟! 

  • فدمعت عينا أبي عبد الله عليه السلام ثم قال: يا شيخ إن أبقاك الله حتّى ترى قائمنا، كنت معنا في السنام الأعلى، و إن حلّت بك المنيّة جئت يوم القيامة مع ثقل محمّد صلّى الله عليه وآله و نحن ثقله، فقال صلّى الله عليه وآله: إني مخلّف فيكم الثقلين فتمسّكوا بهما لن تضلّوا كتاب الله وعترتي أهل بيتي.

  • فقال الشيخ: لا أبالي بعد ما سمعت هذا الخبر.

  • قال: يا شيخ إنّ قائمنا يخرج من صلب الحسن، و الحسن يخرج من صلب عليّ، و عليّ يخرج من صلب محمّد، و محمّد يخرج‌ من صلب عليّ، و عليّ يخرج من صلب ابني هذا وأشار إلى موسى عليه السلام، و هذا خرج من صلبي. نحن اثنا عشر كلّنا معصومون مطهّرون.

  • فقال الشيخ: يا سيدي بعضكم أفضل من بعض.

  • قال: لا نحن في الفضل سواء، و لكنّ بعضنا أعلم من بعض. ثم قال: يا شيخ و الله لو لم يبق من الدنيا إلا يوم واحد لطوّل الله ذلك اليوم حتّى يخرج قائمنا أهل البيت، ألا و إنّ شيعتنا يقعون في فتنة و حيرة في غيبته هناك يثبّت على هداه المخلصين، اللهمّ أعنهم على ذلك‌۱.

  • فهذا دعاء الإمام الصادق! والفتن هي الفتن التي تذهب الإيمان وتقضي على دين الإنسان. فهذا هو مراد الإمام لا مشكلات الحياة وأمثالها. ويكفي لظهور الإمام أن أقرأ هذه الرواية وأختم، فالإمام الصادق عليه السلام بعد أن بيّن حالات ومقامات ظهور ذلك الإمام قال: 

    1. كفاية الأثر، ص ٢٦٤ ـ ٢٦٦. 

إيصال إمام الزمان الناسَ إلى حقيقة الله أكبر - النصف من شعبان لعام ۱٤۰٩ هـ ق.

19
  • لو أدركته لخدمته أيّام حياتي.۱

  • لو أدركت حضور ابني لأعنته وخدمته. فهذا ما يقوله الإمام الصادق فانظروا ماذا هناك، إذا كان الإمام الصادق يقول هذا فما هي حقيقة الأمر؟! 

  • شعر في الشوق إلى الإمام

  • يا مَن بِمُحَياهُ جَلَی الكونَ و زانَه***العالَمُ في الحَيرَة لا يدرِكُ شانَهُ
  • أخفاك ظُهورٌ لَك عَنهُم و أبانَه***ای تیر غمت را دل عشّاق نشانه‌
  • عالَم به تو مشغول و تو غائب ز میانه٢‌ 

  • إیّاك تَطَلَّبتُ و ذِكراك هَوَیتُ***مِن كلِّ حَدیثٍ بِأسانیدَ رَوَیتُ
  • إن كان إلَی الكعبةِ و البَیتِ أتَیتُ***مقصود من از كعبه و بتخانه تویی تو
  • مقصود تویی كعبه و بتخانه بهانه٣

  • إنْ فی عَرَفاتٍ و مِناها جَسَدی دار***أو مَشعَرِها ما لِسِوَاك خَلَدی دار
  • مَن مِثلیَ مَن حَجَّ إلَی الكعبَةِ و الدّار***حاجی به ره كعبه و من طالب دیدار
  • او خانه همی‌جوید و من صاحب خانه‌٤

  • قد كلَّ لِسانی صِفَةُ الدّارِ بِتَجرید***فی فَضلِ صِفاتٍ و لَقَد طالَ بِتَحمید
  • مِن مُقلَةِ قَلبي فَأرى نورَك تَوحید***چون در همه‌جا عكس رخ یار توان دید
  • دیوانه منم من كه روم خانه به خانه‌‌٥

  • لا مَطلَبَ إلّا و بِأیديك مُشَیَّد***لا مُفضِلَ إلّا و بِنُعماك مُقَیَّد
  • لا مُفضِلَ إیّاك و لا غَیرُك ذو الیَد***هر كس به زبانی صفت حمد تو گوید
  • بلبل به نوا خوانی و قمری به ترانه‌٦

  • وهذا الغزل عن الكمباني رحمة الله عليه:

  • ای شمع جهان افروز بیا***وی شاهد عالم سوز بیا
  • ای مهر سپهر قلمرو غیب***شد روز ظهور و بروز بیا
  • ای طائر أسعَد فرّخ‌رخ***امروز تویی فیروز بیا
  • روزم همه از شب تیره‌تر است***ای خود شب ما را روز بیا
  • ما دیده به راه تو دوخته‌ایم***از ما همه چشم مدوز بیا
  • عمری است گذشته به نادانی***ای علم و ادب آموز بیا
  • شد گلشن عمر خزان از غم***ای باد خوش نوروز بیا
  • من مُفتَقِر رنجور توأم***تا جان به لب است هنوز بیا
  • ای شمع جهان‌افروز بیا***وی شاهد عالم سوز بیا۷
    1. الغيبة، النعماني، ص ٢٤٥.
    2. يا من سهم حزنه مصوّب نحو العشّاق. 
      العالم مشغول بك وأنت غائب.
    3. ومرادي من الكعبة والمعبد ذاتك أنت 
      أنت المقصود وما هما إلا ذريعة
    4. فما الحاجّ إلا في طريق الكعبة أمّا أنا فطالب للقاء
      هو يطلب البيت وأنا أطلب صاحب البيت.
    5. لأنّه يمكن أن يرى وجه الحبيب في كلّ مكان
      فمجنون أنا إن ذهبت من دار إلى دار
    6. كلّ يحمد صفاتك بلسان
      البلبل بالغناء والقمريّ بشدوه.
    7. كلّيات ديوان كمپاني، ص ٢٤۰. 

إيصال إمام الزمان الناسَ إلى حقيقة الله أكبر - النصف من شعبان لعام ۱٤۰٩ هـ ق.

20
  • يقول:

  • أقبل أيّها الشمع المضيء للعالم 

  • أقبل أيّها الشاهد لاحتراق العالم

  • يا رحمة عالم الغيب أقبل فقد آن أوان الظهور

  • يا أيّها الطائر الأسعد المبارك الوجه 

  • أنت المنتصر اليوم فأقبل

  • لقد صار نهاري أشدّ ظلمة من الليل 

  • فيا من يجعل ليلنا نهارًا أقبل

  • لقد علّقنا أعيننا على طريقك أملاً 

  • فلا تمل بعينك عنّا وأقبل علينا

  • لقد مضى عمر بالجهل 

  • فأقبل يا معلّم العلم والأدب أقبل

  • لقد صارت روضة العمر خريفًا من الغمّ 

  • فيا أيّها الريح الربيعيّ اللطيف أقبل

  • أنا فقيرك المتعب فأقبل ما دام لديّ روح

  • أقبل أيّها الشمع المضيء للعالم 

  • أقبل أيّها الشاهد لاحتراق العالم

  • اللَهمّ إنّا نَرغَبُ إلَيك في دَولَةٍ كريمَةٍ تُعِزُّ بِها الإسلامَ و أهلَهُ، و تُذِلُّ بِها النِّفاقَ و أهلَهُ، و تَجعَلُنا فيها مِنَ الدُّعاةِ إلى طاعَتِك و القادَةِ في سَبيلِك، و تَرزُقُنا بِها كرامَةَ الدُّنيا و الآخِرَة.۱

  • اللهمّ اجعلنا عارفين بشأن ولاية إمام زماننا الكبرى. 

  • اللهمّ لا تفرّق بيننا وبينه في الدنيا ولا في الآخرة. 

  •  

  • اللهمّ صلّ على محمّد و آل‌محمّد 

    1. الكافي، ج ٣، ص ٤٢٤.