أهميّة المراقبة في شهر رجب

وبعض التوصيات

2642
مشاهدة المتن

المؤلّفآية الله السيد محمد محسن الحسيني الطهراني

القسم الاخلاق والحکمة والعرفان


التوضيح

تم انتخاب هذا النص من المحاضرة السابعة و العشرين من محاضرات شرح حديث عنوان البصري، و قد تعرّض سماحة آية الله السيد محمد محسن الطهراني في هذا المقطع إلى أهمية الصمت و تشديد المراقبة في شهر رجب ، مؤكّدا على الصيام فيه ، ثم قام ببيان بعض فقرات الأدعية الواردة فيه.
/۷
بي دي اف بي دي اف الجوال الوورد

أهميّة المراقبة في شهر رجب - وبعض التوصيات

1
  •  

  •  

  • هو العليم

  •  

  • أهميّة المراقبة في شهر رجب

  • وبعض التوصيات

  •  

  • مقطع من المحاضرة السابعة والعشرين من سلسلة محاضرات شرح حديث عنوان البصري

  •  

  • سـماحة آية اللـه الحاج

  • السيّد محمّد محسن الحسينيّ الطهرانيّ

  • قدس سره

  •  

أهميّة المراقبة في شهر رجب - وبعض التوصيات

2
  •  

  •  

  • أعوذُ باللـه منَ الشيطانِ الرجيم

  • بسم اللـه الرحمن الرحيم

  • وصلّى اللـه على محمّد وآله الطاهرين

  • ولعنةُ اللـه على أَعدائِهم أجمَعين

  •  

  •  

  • أهميّة الصمت وأثره في نفس الإنسان

  • شهر رجب هو الشهر الذي مهما زاد فيه الأصدقاء من المراقبة لم يفعلوا إلا القليل. التفتوا! أنا أعبّر بهذه العبارة: مهما زدتم في المراقبة، فهو أيضاً قليل.

  • إنّ التكلّم في هذا الشهر ليس من المناسب حتّى في المسائل الصحيحة. إنّ التكلم يقلّل من رصيد الإنسان. فعندما تكون لديكم حالٌ مّا، وعندما تحسّون في أنفسكم حالة من التوازن، ثمّ تتكلّمون بهذا المقدار، وتتحدثون، فإنّني لا أعلم كم هو تأثير هذا الحديث!! – ولكن بالطبع إن شاء الله فيما بعد وفي نفس هذه الفقرات من حديث عنوان البصري سيأتي الحديث حول كثرة الكلام، وهناك سوف أبيّن الأمر – أمّا الآن وبنحوٍ من الإجمال؛ فإنّ أحد أهمّ المسائل هي أنّ الأعاظم كانوا ينبّهون الأفراد على قلّة الكلام، فقلّة الكلام توجب بقاء الحالات التي تظهر للإنسان في نفسه، فلا تخرج خارجها.

  • إنّ البحث هنا لا يتعلّق بأحاديث اللغو واللعب وهذه الأمور التي لا طائل منها، فهذه الأمور لا تؤدّي فقط إلى اضمحلال الحالات وزوالها، بل هي تسلب الإنسان ما كان قد حصّله أيضاً. لا أبداً. فكلامنا أصلاً هو في الكلام الصحيح، البحث هو عن الكلام الصحيح. فعلى الإنسان أن لا يتكلّم حتّى الكلام الصحيح، وإنّما يتحدث قليلاً. 

  • إنّ السكوت عجيبٌ جدّاً. السكوت يوجد عند الإنسان حالة من التوازن، إنّ هكذا حالة من التوازن وهكذا حالة من المتانة، وهكذا حالة من الامتلاء والاكتفاء ممّا هو يتلازم مع هذه القضيّة، وهي أن تتنزّل الإفاضات الإلهية على قلب الإنسان، ولكن مع التكلّم فإنّ هذه الأمور لا تتنزّل.

  • إنّ الأفراد الذين يكثرون من الكلام، قلبهم مشوّش، فيه اضطراب. رأيتم البعض. على سبيل المثال بعض الأشخاص نحن رأيناهم، كالمرحوم العلاّمة الطباطبائي أو مثلاً الأعاظم الذين رأيناهم، أو مثلاً المرحوم السيّد الحدّاد؛ كانوا إذا جلسوا في المجلس لا يجيبون ولا يتكلّمون إلاّ إذا سألناهم. أو كالعلاّمة الطباطبائي؛ كُنّا نجلس في حضرته ساعة، وهو ينظر إلى الإنسان هكذا.

أهميّة المراقبة في شهر رجب - وبعض التوصيات

3
  • ولكن البعض يقول: أيّها السيّد! ما معنى ذلك؟ يجلس الإنسان بهذا الشكل وينظر، يبقى ساكتاً، فليتكلّم كلمة أو يتحدّث في أمر مّا: يا سيّدي الهواء حارٌ اليوم، الشارع مزدحم، أسعار البضائع أصبحت مرتفعة، فنتكلّم في أمر ما مهما يكن، فما معنى أن لا نتكلّم؟

  • هؤلاء لديهم اضطراب، يوجد في أنفسهم اضطراب، هذا الاضطراب لا يضمحل ليعيشوا في حال من السكينة. والارتباط بهؤلاء الأفراد مضرٌّ للإنسان. يجب على الإنسان أن يرتبط بالأشخاص الذين تكون هذه الحالة فيهم أقلّ، وبمن تكون حالة السكينة والسكون والهدوء عندهم أكثر. وهناك الكثير من الروايات التي تتحدّث في هذا المجال، بأنّ: الملائكة موجودون حيث السكينة، الشياطين موجودون حيث الاضطراب، وهذه النقاط سوف تأتي فيما بعد.

  • أهميّة تشديد المراقبة في شهر رجب

  • في شهر رجب؛ يجب علينا أن نزيد من مراقبتنا، وأن نعلم بأنّنا إذا لم نقم بذلك؛ فإنّ هذا الشهر سوف ينقضي، وأنّ تلك النتائج التي كانت ستترتّب علينا، لن تترتّب. الآن إذا كان هنا شخص لا يريد أن يستفيد من فضائل شهر رجب، فلا داعي لأن نربط أنفسنا به. فإذا أراد شخصٌ معيّن أن يتحرّك طبقاً لنفس طريقة سائر الأفراد العاديّين، وقد لا يكون لديه الميل للاستفادة من مواهب هذا الشهر، عندها نحن لا نستطيع أن نضحّي بأنفسنا... لا، على الإنسان أن يفهم بأنّ منزلة كل إنسان تختصّ به، وهذه المنزلة لا تأتي بعد ذلك، والآخرين لا يجيبون عن تفريطنا نحن.

  • فلهذا، «المؤمن كيِّس»، والشخص الذكي والفطن هو الذي يجني من أفضل الفرص أفضل النتائج، وهذا الشخص يُسمّى كيِّس وفطن وذكي. إذا كان المفترض أن يكون الإنسان ذكيّاً فليكن ذكيّاً في أمر آخرته.

  • وبعبارة أخرى: في يومٍ من الأيام ذهب بهلول إلى هارون، فقال له هارون: حدّثني قليلاً عن الزهد، اجعل قلبي يتألّم قليلاً.

  • فأجابه: أنت من يجب أن تحدّثني عن ذلك.

  • فقال: ولمَ؟

  • أجابه: لأنّك أزهد منّي.

  • فقال: وكيف يكون ذلك؟

  • فأجابه: أنا زاهد في الدنيا، أمّا أنت فزاهد في الآخرة، إذاً مقامك أعلى. وأين الآخرة من الدنيا، أنت زاهدٌ جدّاً؛ أنت تركت الآخرة، أمّا أنا فتركت الدنيا، إذاً أنت أزهد.

أهميّة المراقبة في شهر رجب - وبعض التوصيات

4
  • الآن، الإنسان الذكي والفَطِن عليه أن يخاطب ذلك الآدمي الذي هو نفسه: يا سيّدي لا تضِع وقت الآخرين! (هكذا يكون الرجل الذكي). مضيّع لوقت الآخرين! كيف يكون ذلك؟ هل أنا أيضاً كذلك؟ (آتي معه قدماً بقدم). لا، يا سيّدي العزيز! الآخرين لديهم حساب ومحاسبة تختصّ بهم، ونحن لنا حسابنا ومحاسبتنا، وكلّ إنسان له حسابه ومحاسبته الخاصّة... نريد أن نضيّع أوقات الآخرين إذاً نحن نخسر من رصيدنا؛ نفرّط في رصيدنا. إذاً يجب أن نفتّش عن الأعمال التي إذا عملناها عندها سنستطيع أن نستفيد أكثر وأكثر. 

  • التأكيد على الصيام في شهر رجب

  • لذا التأكيد على المراقبة في شهر رجب، والصيام في شهر رجب مؤكّد عليه في مضمون بعض الروايات إلى حدٍّ قد يكون في نظر البعض فيه نوع من المبالغة، ما ورد في صيام شهر رجب أمر عجيب جدّاً؛ الإمام الصادق عليه السلام يقول: روايته أيضاً موجودة في المفاتيح يقول لسالم: «هل صمت في الشهر شيئاً؟ قلت: لا والله يا بن رسول الله، فقال: فقد فاتك من الثواب ما لم يعلم مبلغه إلا الله -عزّ وجل-» ما ذا يعني ذلك؟ ما هو الثواب؟ فوت الثواب يعني: إنّ ما فاتك هو مقدار كبير من المواهب الإلهيّة في الارتباط بينك وبين الله، وأنّه قد فاتك الكثير من البركات التي لا يعلمها إلّا الله، فيما يتعلّق بقربك منه.

  • لذا وقدر الإمكان ما دام الإنسان لم يُصب بالضعف، فإنّ دأب ورأي الأعاظم كان كالتالي: يجب أن يصوم الإنسان من شهر رجب قدر الإمكان، وإذا ما كان الإنسان غير قادر على الصيام وكان لديه عذراً في ذلك، عليه أن يقرأ هذا الذكر مئة مرّة، وهو موجود في المفاتيح حيث الإمام عليه السلام يقول أنّ عليه أن يقوله: «سُبحانَ الإلهِ الجَليلِ، سُبحانَ مَن لا يَنبَغي التَسبيحُ إلاّ لَه، سُبحانَ اْلأعزِّ اْلأكرَم، سُبحانَ مَن لَبِسَ الْعِزَّ وهُوَ لَهُ أهلٌ»، عليه أن يقول هذا الذكر مئة مرّة، عندها سيُعطى ثواب الصيام.

  • بعض الأذكار والأدعية الواردة في شهر رجب

  • أحد المسائل التي تمّ التأكيد عليها بشدّة في هذا الشهر، وكذلك في شهر شعبان وشهر رمضان، هو الذِكر الدائم الذي يُديم ذكره الإنسان. الذِكر الدائم هو ذلك الذكر الذي لا عدد له والإنسان يمكنه أن يذكره بدون عدد معيّن. هذا الذكر، يسمّى الذكر الدائم، فهو لا يدخل ضمن الأذكار العدديّة، ولا إشكال للشخص أن يقوله. مثل ذكر «لا إله إلاّ الله». فهكذا يداوم الإنسان على ذكره. يمشي في الطريق يقول: «لا إله إلا الله». وهو جالس ...، بهدوء بدون أن يفهم أحد أنّه يذكر الله، أو مثلاً بدون أن يحرّك فكّيه. يقول: «لا إله إلّا الله». هذا مناسب جدّاً. أحد تلك الأذكار، هو ذكر اليونسيّة وهو: «لا إله إلّا أنت سبحانك إنّي كنت من الظالمين»، وهو موصّى به وبدون عدد. وإذا استطاع الإنسان أن يذكره بين الطلوعين مئة مرّة، أو إذا استطاع أحد أن يذكره مئتي مرّة. إنّ ذكر اليونسيّة هذا مهمُّ جدّاً.

أهميّة المراقبة في شهر رجب - وبعض التوصيات

5
  • إذن ليس هناك عدد معيّن، خمسين مرّة، سبعين مرّة، مئة مرّة، مئة وخمسين مرّة، كل شخص على حسب المقدار الذي لا يُتعِبه. وقد تمّ التأكيد عليه من الأعاظم كثيراً، ونفس هذا الحقير سمع من المرحوم السيّد الحداد – رضوان الله عليه بأنّه كان يقول: الكنوز في ذكر اليونسيّة مخفيّة، وإذا داوم الشخص عليها، فإنّ الله يوصل له نعماتٍ كبيرة جدّاً. هذا من الموارد التي تمّ التوصية بشأنها أيضاً في أشهر رجب وشعبان ورمضان.

  • ومن الأمور الموجودة والتي تمّ التأكيد عليها، قراءة أدعية شهر رجب، بالخصوص ذلك الدعاء المعروف الوارد من ناحية إمام الزمان عليه السلام، «اللهُمَّ إنّي أسألُكَ بِمَعاني جَميعِ ما يَدعوكَ بِهِ وُلاةُ أمرِكَ»، هذا الدعاء دعاءٌ عجيب جدّاً، نعم دعاءٌ عجيب جدّاً، وفي ليلة من الليالي شرح المرحوم العلاّمة – أنا أذكر ذلك، في مسجد القائم، في ليلة الثلاثاء شرح هذه الفقرة الأولى من الدعاء وبيّن معناها، تحدّث عن الفقرة الأولى بالإضافة إلى مسائل أخرى عجيبة. في نفس هذه القضيّة وصل إلى «لي مع الله حالاتٌ لا يسعها ملكٌ مقرّب ولا نبيٌ مرسل»، هذا الدعاء يشير إلى هذا الأمر، والعجيب هنا أنّ أدعية شهر رجب كلّها أدعية توحيديّة والجنبة التوحيديّة في هذه الأدعية ملحوظة، والأفضل للإنسان أن يقرأ هذه الأدعية في النهار؛ على فرض المثال يَقرأ أحد هذه الأدعية بعد صلاة الصبح، واحد فقط من أدعية شهر رجب – يَقرأ بعض الأدعية لا أكثر بين الظهر والعصر يَقرأ أحدها، وآخر قبل غروب الشمس، وواحد بين صلاة المغرب والعشاء، ويقرأ واحداً على سبيل المثال قبل النوم. وهذه الأدعية هي أدعية عجيبة جدّاً، حيث لها أثر عالٍ جدّاً في نفس الإنسان وفيما يتعلّق بالسكوت أيضاً كما تمّ توضيحه.

  • توضيح بعض فقرات دعاء الإمام الصادق في شهر رجب

  • أحد الأدعية الوارد قراءته في شهر رجب في كلّ يوم، دعاء الإمام الصادق عليه السلام والذي يوجد في المفاتيح وبأنّ الإمام كان يقرأ هذا الدعاء كلّ يوم: «خابَ الوافِدونَ عَلي غَيرِكَ وخَسِرَ المُتُّعَرِّضونَ إلاّ لَك». الخائب هو الشخص الذي لا يأمل الوصول إلى المطلوب، الشخص الذي يتخلّف عن القافلة يقولون عنه خائب وخاسر، عبارتين لهما مضمون متقارب في المعنى. الخائب يُطلق على الشخص الذي يضيّع الأمر من يديه، يضيّع الأمر من بين يديه، الخاسر يطلق على الشخص الذي يخسر، يعني ليس فقط يضيّع الأمر من بين يديه، بل لا يعود بإمكانه استعادته ولا يمكن له أن يصل إليه. «خاب الوافدون على غيرك» فكلّ من ورد على غيرك؛ يده خالية، هؤلاء لا مصدر لديهم يغنيهم، لأنّ كلّ شيء سواك هباء، وكلّ شيءٍ سواك عدم، كلّ شيء غيرك فقّاقيع، والأفراد الذين سعوا نحو غيرك ووضعوا أثقالهم في ساحة غير ساحتك،فذهبوا نحو المقام، أو ذهبوا نحو المال، أو ذهبوا نحو كسب الشهرة، أو ذهبوا نحو الاستفادة – الاستفادة الدنيويّة كلّ أولئك الأفراد خائبون. الأفراد الذين ذهبوا حتّى إلى جوانب غير ماديّة، ذهبوا حتّى نحو المقام المبرّز، ذهبوا حتّى نحو الإمام، ولكن ذهابهم نحو الإمام، ذلك الإمام في تعيّنه وفي حدّ الرؤية وبدون الالتفات إلى التوحيد، نظروا إليه، أولئك أيضاً «خاب الوافدون». إنّ الأفراد الذين يرون أنّ الولاية مفصولة عن التوحيد، وأنّ الولاية أقل من التوحيد برتبة، ولا ينظرون إلى الإمام بعنوان الوسيلة بل بعنوان الموضوعيّة، يختلفون عن الأفراد الذين يتوجّهون نحو ذات الله عزّ وجلّ، وكذلك الذين يعتبرون الإمام وسيلة من أجل الوصول إليه حسابهم يختلف أيضاً عن حساب هؤلاء.

أهميّة المراقبة في شهر رجب - وبعض التوصيات

6
  • «وخسر المتعرضون إلّا لك» من يتعرض لغيرك فهو خاسر، من يعتبر قدراً لغيرك ويهتمّ بأشخاص سواك، ويبني علاقاته مع غيرك فهو خاسر، يشهد الله أنّ خطوراً واحدا يمرّ في ذهن الإنسان، بحيث يكون هذا الخطور غير إلهي، بل خطور مادي ودنيوي، فإنّه سوف يُكتب ويُسجّل، خطور واحد: (فلتصاحب هذا الشخص، ولتتّخذه صديقاً فإنّه سوف ينفعك يوماً ما، وعلى الأقل لا ضرر في ذلك). فإذا قام الإنسان بناءاً على هذا الخطور حتّى بإلقاء السلام على ذلك الشخص، فما هي نتيجة عمله؟ ستكون «خسر المتعرضون إلّا لك» فكلّ من تعرّض لغيرك يا رب سيخسر، وسيأتي اليوم الذي يتركه ذلك الشخص الذي اهتمّ بأمره لغير الله وسيدير ظهره له ويتجاهله، وعندها سيعرّف الإنسان أنّه قد خسر، كيف خسر؟ وما معنى أنه خاسر؟ معناه عندما يقول الإنسان لنفسه: يا للعجب! لقد أقمت علاقة مع هذا الشخص لمدّة عامين كاملين، ثم يتركني ويذهب من أجل موضوع تافه كهذا؟!

  • لماذا يشعر الإنسان هنا بالضيق والانزعاج؟ إنّ كلّ هذا الانزعاج لم يكن لأنّ ذلك الشخص قد قطع علاقته به، وإنّما هو قد تعلّق بذلك الشخص لمدّة سنتين وجامله ودار في فلكه وأغدق عليه، راسماً في ذهنه خططاً للاستفادة منه، ولهذا فعندما تركه وذهب انزعج وتضايق بهذا الشكل، وهذا معنى (خاسر).

  • أمّا لو أنّه أقام على علاقة معه لمدة سنتين ولكن دون أن يكون متعلّقاً به ويبني الآمال عليه، ثمّ تركه هذا الشخص، فهل سينزعج؟ أبداً، ولسان حاله سيقول: إذا أراد أن يذهب فليذهب. هل سيتضايق؟ لا، إذا أراد أن يعود ويستمرّ بالعلاقة فليعد وإن أراد أن يترك ويقطع فليترك وليقطع.

  • إنّ مثل هذا الإنسان لن ينزعج ولن يتأثّر لأنّه لم يرهن قلبه لهذه العلاقة ولهذا الشخص، لقد أقام علاقة قويّة، وأودع قلبه عند شخص آخر، وبنى علاقته مع شخص آخر، وهذا الشخص الآخر لم ولن يتركه ويذهب أبداً، (وإذا تركه فعلى الإنسان أن يرفع صوته بنداء وا مصيبتاه)، ولكن كلّا وهيهات، هو لا يذهب ولا يترك الإنسان أبداً، وكلّ شيء سواه فان وكلّ علاقة مع غيره منقطعة لا محالة.

أهميّة المراقبة في شهر رجب - وبعض التوصيات

7
  • نحن بمن تعلّقنا؟ في عهد السيّد الوالد، بمن تمسّكنا؟ ومن اتّبعنا وإلى من توجّهنا؟ وأين هم الآن؟ أين هم؟ لقد ذهبوا جميعاً، وهذه كذلك نتيجة «وخسر المتعرّضون إلّا لك».

  • السيد الوالد قال لنا: لا تكونوا من المتعرّضين 

  • لم نسمع نصيحته، لقد نصحنا ولكننا لم نستمع لنصحه، لقد تصوّرنا أن الأمر مختلف وأنّه لم يكن جادّاً في كلامه. أمّا الآن فقد فهمنا أن: لا يا عزيزي!! المطلب جديّ جداً، لقد كان جادّا في كلامه، وكلّ ذلك عبرة لنا.

  • «وضاع الملمّون إلّا بك» – حيث أنّ الوقت قد انقضى فسنبيّن ما بقي من الدعاء سريعاً ونبيّن بعض النقاط المهمة... «و ضاع الملمّون إلّا بك» أي ضاع كلّ شخص ألمّ وانحنى وخضع لغيرك «وأجدب من انتجع إلا فضلك» أي أنّ كلّ من طلب من غيرك فلن يحصل إلّا على الفقر والحسرة «بابك مفتوح للراغبين» إنّ باب رحمتك مفتوح دائما لكلّ من أراد أن يستفيض من تلك الرحمة وتلك التجلّيات، «وخيرك مبذول للطالبين، وفضلك مباح للسائلين».. «ونيلك متاح للآملين» أي أنّ عطاءك وفضلك متاح وحاضر لكلّ شخص أمّل وتمنى ذلك منك، «ورزقك مبسوط لمن عصاك».. «وحلمك معترض لمن ناواك» أي أنّك تقابل الشخص الذي جاء قاصداً حربك وعداءك بالحلم والرحمة، فرحمتك شاملة حتّى لمثل هذا المعادي، «عادتك الإحسان إلى المسيئين وسبيلك الإبقاء على المعتدين» ... «اللهمّ فاهدني هدى المهتدين» هنا يصل الإمام إلى نقطة أخرى، فبهذه العبارة يصل الإمام بدعائه إلى أوجه وإلى أعلى مستوى، فيقول: أي ربِّ، حيث أنّ عندك كلّ هذه الخصوصيّات التي تقدّمت والصفات الرفيعة التي ذُكرت، فأسألك أن تهديني هدى المهتدين، لن يضرّك هذا العطاء ولن ينقص من ملكك شيئاً، يا من عطاؤه يشمل الجميع وبابه مفتوح دائماً وحلمه شاملٌ حتى لعدوّه، أرجوك أن تأخذ بيدي! «وارزقني اجتهاد المجتهدين، ولا تجعلني من الغافلين المبعدين، واغفر لي يوم الدين».